النص منتج إلهي من خالق خلق البشر وهو يعرف ما يصلحهم ، والثاني منتج من مخلوق لم يدر كيف خلق ولا يعرف متى يفارق الحياة . ...
هذه العبارة من الالفاظ الموهمة، وتحتمل معنى سيئا يتوافق مع عقيدة خلق القرآن، وقد حذر علماء السلف وبشدة من استعمال الألفاظ الموهمة وبخاصة في حق الله تعالى،
يقول ابن تيمية في رده على الرازي بشأن بعض الألفاظ الموهمة في حق الله والتي نسبها ظلما وافتراء للحنابلة :
((بل خصومه في هذا الباب جميع الأنبياء والمرسلين وجميع أئمة الدين من الأولين جمع الأنبياء والمرسلين والتابعين بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية ، والآخرين وجميع المؤمنين الباقين على الفطرة الصحيحةن دع ما قد تنازع فيه من ذلك فإنهم لا يطلقون على الله هذا الإطلاق الذي ذكره، وإن كان فيهم وفي سائر الطوائف من نص بالصفات التي يطلق عليها هو وأمثاله أنها أجزاء وأبعاض لكنهم لا يطلقون الألفاظ الموهمة المحتملة إلا إذا نص الشرع فأما ما لم يرد به الشرع فلا يطلقونه إلا إذا تبين معناه الصحيح الموافق للشرع ونفي المعنى الباطل كالفظ الأجزاء والأبعاض كما سنذكره إنشاء الله وما علمت أحدا من الحنابلة من يطلقه من غير بيان بل كتبهم مصرحة بنفي ذلك المعنى الباطل ومنهم من لا يتكلم في ذلك بنفي ولا إثبات)) (بيان تلبيس الجهمية ج 1ص 22)
وقوله: (النص منتج إلهي) من هذا الباب إذ لفظ منتج (قد يفيد الصنع أو الخلق) .
لأن نتج في اللغة: مصدر ميمي لنتج ونتج كما في اللسان لابن منظور: (اسم يجمع وضع جميع البهائم)
كذلك قوله عن الله: وهو يعرف ما يصلحهم ، فالله تعالى يوصف ويخبر عنه بالعلم لا بالمعرفة لأن المعرفة انكشاف بعد خفاء أو جهل.
يقول العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- في حلية طالب العلم:
((بقي أن يقال : إن المشهور عند أهل العلم أن الله تعالى لايوصف بأنه عارف. يقال عالم ولايقال عارف
وفرقوا بين العلم والمعرفة بأن المعرفة تكون بالعلم اليقيني والظني وأنها-أي معرفة- انكشاف بعد خفاء. وأما العلم فليس كذلك .))
وفي شرح الأربعين النووية أو رياض الصالحين قال كلاما مفاده أنه يخبر عن الله بيعرف في المعرفة الخاصة لا العامة المعرفة التي بمعنى معية التأييد والنصرة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)
وهذا نقل آخر للشيخ صالح آل الشيخ في شرح الأصول الثلاثة:
((المعرفة ترادف العلم في حق المخلوق في أكثر المواضع أمّا في حق الله عزوجل فإن الله يوصف بالعلم ولا يوصف بالمعرفة و التعبير بالعلم أوجه من التعبير بالمعرفة ذلك لأن المعرفة وردت في غالب النصوص مذمومة و لأن المعرفة يسبقها جهل.))