السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بالإحسان إلى يوم الدين..
بدون إطالة
إليكم القصة
أسدل الليل ستاره ..وساد صمت رهيب .. أويت إلى فراشي..فإذا بالنوم يخاصمني..أحسست بحنين جارف إلى الماضي وأحداثه ..شعرت بنيران الشوق إليه (الماضي) تلفحني .. تناولت مذكرتي ورجعت بذاكرتي إلى الوراء..أجترّ بعضا من الذكريات الجميلة ..وأقلّب صفحاتها التي تفوح بعبق الصداقة والمحبة ..بألوانها الزكية البهية ..وسطور الوفاء والإخلاص الذهبية..هنا كلمات لأعز صديقاتي (أ.م) وهنا ملاحظة لأستاذ العلوم ..هذه نصائح من أستاذة اللغة العربية ..وتلك كلمات تشجيعية من أستاذ التربية الإسلامية ..وهذي ..تلك.. وتلك.. وغيرها عبارات من صديقات وأخوات وزميلات سطّرن فيها أروع المعاني وأسمى المشاعر ..آآه آآه ما أجملها من ذكريات ..انفضّ الجميع إلى حال سبيلهم ..منهن من لا زلت في تواصل معهن.. والبعض منهن أتتبع أحوالهن من بعيد ..وأخريات لم أعد أسمع عنهن أخبارا ..افترقنا ..وما عادت تجمعنا غير هذه الوريقات..وعبارا ت من مداد .. لا تزيدني إلا شوقا واشتياقا .
فجأة..وأنا أسرح بخيالي.. انسلّ إلى أذني صوت خفيف أشبه بأنين طفل بريء .. لفت انتباهي وسلبني جولة خيالي ..جُلت بناظريّ المكان من حولي.. فلم أجد غيري..أعدت الكرّة وأنا أتتبع مصدر الصوت..إنه قادم من مكتبي ..اقتربت أحث الخطى ..فإذا بالأنين يزداد ويزداد..أمعنت النظر في مجموعة كتب أمامي..لا شيء غريب..صرفت نظري إلى الجهة الأخرى من المكتب.. أهّا أنت إذن .. إنه القلم .. أصبت بالذهول ..قلم يبكي؟!؟ !..مددت يدي إليه لأحمله ..فانفلت من بين أصابعي ..عجبت لأمره وصدمة ..ويتحرك أيضا !؟!؟
سألته : ما قصتك ؟
القلم : قصتي كمثل قصتك بل لنقل جزء منها ..فأنا أحنّ إلى صديقتي ولكنها لا تحن إليّ.. لست أقوى على فراقها وهي تهجرتني ..لنقل حاضر معها غائب عن بالها ..
أمة الله :ومن تكون صديقتك ؟
القلم :أنت ..
أمة الله : أنا ؟؟
القلم : (وهو يجهش بالبكاء ) أجل أنت ..أتذكرين ؟ لم أفارقك يوما ..طالما كنت نائبا عن لسانك.. طالما كنت ترجمان أفكارك وآرائك..كم تفانيت في خدمتك .. سخرت دم عروقي لتكتبي على أوراقك..انقصم عودي بين أناملك ..أفنيت حياتي لتنوري فكرك وتطوري حياتك..أ هذا هو جزائي ؟؟
أمة الله : ( متأثرة نادمة ) معذرة ..والله ما قصدت ذالك .. هي الظروف و المشاغل ..
القلم : (بابتسامة ساخرة ) ظروف !!مشاغل !!
أمة الله : (مقاطعة كلامه ) لا أخفيك أني أتذكرك أحيانا.. لكني أحس بشيء يصرفني عنك كلما اقتربت منك .. ووالله لست أدري ما السبب .
أمة الله :سامحني ..و أعدك من اليوم فصاعدا لن أفارقك ولن أبتعد عنك أبدا
القلم : تأخرتي كثيرا .. الآن تطلبين السّماح بعدما كاد يجفّ مدادي وكادت تكسر عظامي ..الآن تذكرتني بعدما أتلف الغبار بهائي وأفقدني لمعاني..!!
أمة الله : (مقاطعة كلامه ) أرجوك لا تكمل ..أستحلفك بالله سامحني ..لن أكررها أبدا ؟
القلم : لا أصدقك ..لا أصدقك .. فأنت من خنتي وفائي وإخلاصي .. أنت من أهملني بعد ما نلت مرادك .. فماذا تريدين مني ؟؟
أمة الله : أريد أن تعود صداقتنا كما كانت ..بل أفضل مما كانت ؟ أريدك أن تكون صديقي في وحدتي.. وأنيسي في وحشتي ..أجدد عهدي بك ووفائي لك ..
القلم :محال محال .. بل مستحيل
أمة الله :لا شيء مستحيل ..فقط أعطني فرصة ..وسأثبت لك حسن نيتي ..وصدق قولي ..
أمة الله :(مسترسلة في الحديث ) أريد أن أخبرك بما يحصل معي في يومي .. أريد أن أحدثك عن قصتي مع ملتقى الشباب ..أريد أن أطلعك عمّا يجول في خاطري ..أشاركك أفراحي وأحزاني..أقاسمك آلامي وآمالي وطموحاتي ..
القلم : (ودموع الفرح تسابق شفتيه ) سامحتك...سامحتك ......
وقفز القلم إلى يدي يتململ بين أصابعي.. يستشعر الدفء والأمان ..بعدما كادت برودة الزمان تكسر عظامه وتحقن دمائه ..طامعا في صحبتي راجيا حسن عشرتي ...فهو الوحيد الذي ظل معي يوم تركني الجميع ..بل ظل معي رغم أني تركته ونفرت منه ..حفظ سري بعدما أفشاه غيره ..احتواني بعدما فرط فيّ الآخرون .. أفلا يستحق صداقتي وإخلاصي وكل وفائي..؟؟
هذا هو حال أمة الله ..دائما في صراع مع القلم ..يتمرد بين أناملها أحيانا يتمنع ..ويأبى أن يترجم أفكارها ــ ولست ألومه ــ لعلّه يخجل من تخطيط أفكارها البالية الساذجة والغير منتظمة ..ولكنه أحيانا أخرى يتساهل معها ويستسلم ــ كما هو الحال اليوم ــ مانحا إياها فرصة لتنمي قدراتها ..وتصقل مواهبها ..فهل يا ترى ستخيب آماله كعادتها ؟؟
تقبلوا جهد المقلة المبتدئة