تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: هل كون الخلاف في المسألة (أبدعة هي أم لا)يسوغ قبولها والعمل بها

  1. #1

    Post هل كون الخلاف في المسألة (أبدعة هي أم لا)يسوغ قبولها والعمل بها

    هل كون الخلاف في المسألة (أبدعة هي أم لا)،
    يسوغ قبولهاوالعمل بها
    كثير من الناس، يجعل من الخلاف في المسائل (المختلف فيها بين أهل العلم، كأن يقول بعضهم بالمنع {بأنها بدعة مثلا}، والبعض الآخر بالجواز) سببا في جوازها و قبولها والعمل بها.
    فهو لا يأخد بالأرجح والصواب، وإنما يجعل الخلاف سببا للجواز،لأنه موافق لهواه.
    قال الإمام الشاطبي رحمه الله في(الموافقات 4/141):
    << ووقع فيما تقدم و تأخر من الزمان، الاعتماد في جواز الفعل على كونه مختلفا فيه بين أهل العلم، لا بمعنى مراعاة الخلاف، فإن له نظرت آخر، بل في غير ذلك، فربما وقع الإفتاء في المسألة بالمنع فيقال: لما تمنع والمسألة مختلف فيها؟
    فيجعل الخلاف حجة في الجواز، لمجرد كونها مختلف فيها، لا دليل يدل على صحة مذهب الجواز، ولا لتقليد من هو أولى بالتقليد من القائل بالمنع، وهو عين الخطإ على الشريعة، حيث جعل ما ليس بمعتمد معتمدا، وما ليس بحجة حجة >>.
    كما يفعل كثير في زماننا هذا ممن أدخل المصالح الشخصية أو الحزبية أو حتى القومية في الدين، فتراه يفعل كل ما بوسعه لتكثير سواد الناس عليه، ولو كان ذلك على حساب الدين.
    فيجعل القول المرجوح هو الراجح لا لشيء، إلا لأنه هو الأقرب إلى إرضاء الناس.
    ولو علم المسكين أنّ إرضاء الناس غاية لا تدرك، وأنّ ما كان لله على وارتفع، وأنّ ما كان لغيره وقع ( ولو بعد حين).
    بل بعضهم يحارب القول المخالف له، بلا حجة و لا برهان، وإنما حجته أن القول المخالف فيه حرج، أو أنّ الإختلاف رحمة، أو أنه يكفي أنّ فلان(وما أدرك ما فلان) قد قال به.
    فهو يتبع الرخص ما أمكن، و كما قال بعض السلف<< من تتبع رخص العلماء هلك>>.
    كل هذا، أملا منه أن يصبح ذلك جائزا، فهو يلوي الأدلة حتى توافق مراده وهواه.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في(مجموع الفتاوى 2/ 202 ـ 203):
    << وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص و الإجماع، و دليل مستنبط من ذلك، تقرّر مقدماته بالأدلة الشرعية، لا بأقوال بعض العلماء، فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية، ومن تربّى على مذهب قد تعوده واعتقد ما فيه، وهو لا يحسن الأدلة الشرعية وتنازع العلماء لا يفرق بين ما جاء عن الرسول و تلقته الأمة بالقبول بحيث يجب الإيمان به، وبين ما قاله بعض العلماء وتعسر أو يتعذر إقامة الحجة عليه >>.
    والصحيح أنّ دليلهم هو اتباع الهوى، فما وافق مذهبهم اخذوا به، وما خالفهم تركوه ولو كان هو الحق والصواب.
    ولو كان الحق مرادهم لكفاهم دليل واحد(لأنهم ليس معهم دليل)، ولكن لما كان قصدهم هو إتباع الهوى فلن يكفيهم ألف دليل.
    قال الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العجاب(الموافقا 4/141، عقب كلام للإمام الخطابي فيمن يجعل الخلاف حجة في الجواز):
    << والقائل بهذا راجع إلى أن يتبع ما يشتهيه، ويجعل القول الموافق حجة له، ويدرأ بها عن نفسه، فهو قد أخذ القول وسيلة إلى اتباع هواه، لا وسيلة إلى تقواه، وذلك أبعد له من أن يكون ممتثلا لأمر الشرع، وأقرب إلى أن يكون ممن اتخذ إله هواه.
    ومن هذا أيضا جعل بعض الناس الإختلاف رحمة للتوسع في الأقوال و عدم التحجير على قول واحد، ويحتج في ذلك بما روي (أنّ الإختلاف رحمة {01} )، أو بما صرح صاحب هذا القول بالتشنيع على من لازم القول المشهور أو الموافق للدليل أو الراجح عند أهل النظر والذي عليه أكثر المسلمين، ويقول له : لقد حجرت واسعا، وملت بالناس إلى الحرج، وما في الدين من حرج وما أشبه من ذلك >>.
    فالصادق في طلبه لا يجعل الخلاف وسيلة يتقرب بها إلى ربه، ولكن يتحرى الراجح والصواب ما أمكن، لأن الخلاف مهما كان صغيرا أو كبيرا فهو شر، ولا يكون (الخلاف) رحمة أبدا، فكيف يجعله سببا إلى تجويز ما يريد(والله المستعان).
    {01}: قال الشيخ الألباني رحمه الله في( السلسلة الضعيفة1/86، بعد أن قال في اللاتي قبلها أن: حديث { اختلاف أمتي رحمة} باطل مكذوب):
    << وإن من آثار هذا الحديث السيئة، أنّ كثير من المسلمين يقرون بسببه الإختلاف الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة، ولا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب والسنة الصحيحة، كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم.........وبذلك فقد نسبوا إلى الشريعة التناقض، وهو وحده دليل على أنه ليس من الله عزّوجل، لو كانوا يتأملون قوله تعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلاقا كثيرا}، فالآية صريحة أن الاختلاف ليس من الله، فكيف يصح أذن جعله شريعة متبعة ورحمة منزلة.
    وبسبب هذا الحديث و نحوه ظل المسلمون بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية والعملية، ولو أنهم يرون الخلاف شر كما قال ابن مسعود وغيره رضي الله عنهم، و دلت الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الكثيرة، لسعو إلى الاتفاق، ولأمكنهم ذلك في أكثر المسائل، بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من الخطإ، والحق من الباطل، ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه (طبعا بعد التعذر بالقطع بوجه الحق في مسائل الخلاف) ........(إلى أن قال):.....وجملة القول: أنّ الاختلاف مذموم في الشريعة، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن، لأنه من أسباب ضعف الأمة قال تعالى {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} أما الرضى به، وتسميته رحمة، فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه، ولا مستند له إلا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عنه وسلم...>>.
    فانظر يا رعاك الله نظرة العلماء إلى الخلاف، ونظرة أهل البدع إليه.
    فأما العلماء فقالوا ينبغي القضاء عليه ما أمكن لأنه من أسباب ضعف الأمة ( كيف لا، وهو يفرق شملها وينخر عظمها)، والآخرون جعلوه رحمة، لأنه يبلغهم مقصدهم وهو تغير دين الله.
    قال ابن حزم رحمه الله في ( أحكام في أصول الأحكام 5/64) بعد إشارته إلى الحديث المذكور{اختلاف أمتي رحمة} أنه ليس بحديث:
    << وهذا من أفسد قول يكون، لأنه لو كان الاختلاف رحمة، لكان الاتفاق سخطا، وهذا ما لا يقوله مسلم، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف، وليس إلا رحمة أو سخط >>.
    فهل بعد كل هذا يقول قائل أنّ الاختلاف رحمة، أو يجعل منه وسيلة لرد الحق.
    وكيف يرضى مسلم أن يعبد الله بعبادة مختلف فيها، ويترك الدين الواضح وضوح الشمس.
    أخشى أن يكون لمثل هؤلاء حضّ من قوله تعالى: << وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا >> الفرقان(23)، أو قوله عزّوجل << قل هل ننبئكم بالأخسرين أعملا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحبون أنهم يحنون صنعا >>. الكهف (99).
    فالمؤمن الصادق هو الذي يفر من البدع والشبهات، ولا يأخذ دينه على أيّ كان (ورحم الله الإمام ابن سرين لمّا قال:<< إنّ هذا العلم دين، فانظروا على من تأخذوا دينكم >>، وإنما يبني دينه على أقوال العلماء، ورثة الأنبياء (العلماء الربانيون)، لا على أقوال السفهاء، فيبني دينه على شفا جرف هار، فينهار به في نار جهنم والعياذ بالله.
    وأخيرا:
    أقول(هذا السجع) لمن همه إتباع الهوى والمصالح الدنيوية:
    **لقد أبيت إلا إتباع الهوى طريق كل غدار**
    **وبنيت منهاجك على شفا جرف هار**
    **فارجع عن غيك بإتباع العلماء الكبار**
    يكن لك حظ وافر من تركة الأنبياء الأخيار**
    **إيه والله لقد أريتك طريقا إن سلكته أمنت العذار**
    **وإلا: إصطادك الشيطان كما يصطاد الفار**
    << ورحم الله امرأ انتهى إلى ما سمع >>.

  2. #2

    افتراضي رد: هل كون الخلاف في المسألة (أبدعة هي أم لا)يسوغ قبولها والعمل بها

    للرفع والمناقشة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •