تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أسماء بلدة أسدود تأصيل وتحليل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    الدولة
    غزة- فلسطين
    المشاركات
    4

    افتراضي أسماء بلدة أسدود تأصيل وتحليل

    أسماء بلدة أسدود
    تأصيل وتحليل
    بقلم
    أ.د. صادق عبدالله أبو سليمان
    أستاذ اللغويات/ جامعة الأزهر بغزة
    وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة

    نودُّ أنْ نُوضِّحَ بدايةً أننا من اللغويين الذين يؤمنون بأنَّ هناكَ علاقةً دلاليةً بين الاسمِ والمُسَمّى؛ لذا فقد رأينا أن نحللَ كلمةَ( أسدود) لُغَوِيّاً؛ فهذهِ الكلمةُ لفظٌ دالٌّ على اسمِ بلدةٍ فلسطينيةٍ عريقةٍ في قَدامتها؛ ولا شكَّ أن لها معانيَ دالةً على خصائصِ الشخصيةِ الأسدودية؛ الأمرُ الذي قد يقدِّمُ للدارسين فوائدَ في الربطِ بينها وبينَ ما يقفون عليهِ من أفعالٍ ومواقفَ وسلوكياتٍ لأهالي أسدود، قد تتكفلُ الأيامُ بتقديمِنا مقالةً تكشفُ عن ملامحِ الشخصيةِ الأسدوديةِ بوصفها جزءاً أصيلاً لا يتجزأ من الشخصيةِ الفلسطينيةِ العربية.
    كلمة أسدود مبنىً ومعنى:
    ترتد كلمةُ( أَسدود) إلى الجذر اللغوي( س.د.د)؛ فقد قيل في المعجمات نقلاً عن كلامِ العرب: سَدَّ يَسدُّ سَدّاً وسَداداً وسُدوداً، والسَّدُّ والسُّدُّ بالفتح والضم: الجَبَلُ والحاجز والرَّدْم، وقرئت كلمةُ( السّدَّين) في قولِهِ تعالى:( حتى إِذا بلغ بين السّدَّين)([1]) بفتح السينِ المُضَعَّفَةِ وضمِّها، والجمع أَسِدٌّ وسُدودٌ، فأَما سُدودٌ فعلى الغالب، وأَما أََسِدَّة فشاذ.
    و( سُدود) على وزنِ( فُعول)، وقد جاء في معجم( تاج العَروسِ) للزَّبيدي:" وسُدُودُ بالضّمِّ، كأَنَّه جمعُ سَدٍّ: قريةٌ بفلسطين، وأخرى بمصر، في المُنُوفِيَّةِ، ويقال في الأَخيرة: أُسْدُودُ أَيضاً"([2]).
    وكما هو معلومٌ فإنَّ النّاسَ في فلسطينَ قد درجوا في أحاديثهم الدّارِجةِ على تسكين صوتِ السينِ فقالوا:( اسْدود)، كما في:( اجْدود واقْبور واعْلوم([3]) وَاحْصون) التي جاء نُطقُها في اللغةِ الفصحى:( جُدود وقُبور وعُلوم وحُصون...إلخ).
    وكما هو ملحوظٌ فإنَّ النطقَ الدارجَ لهذهِ الكلماتِ وأمثالِها يُسَكِّنُ الحرفَ الأولَ من الكلمةِ؛ الأمرُ الذي يتطلبُ سبقَها بهمزةِ الوصلِ- أو ألفِ الوصلِ- في تسميةٍ أخرى؛ وذلك لتيسيرِ النطقِ بالساكن؛ فيقال:( اِعْلوم) و( اُعْلوم) بكسرِ ألفِ الوصلِ وَضَمِّها؛ وهو الحالُ نفسُهُ الذي- نراهُ- ينطبقُ على نطقِ كلمة( اسْدود) التي تُنطَقُ- كما سمعتُ من أفواهِ أهلِ البلد-( اِسْدود) و( اُسْدود) بالكَسْرِ والضَّمِّ.
    ولعلَّ ما يؤيدُ هذا التحليلَ اللغويَّ تحليلَنا لكلمة( أُخدود) التي وردت في القرآنِ الكريمِ بضمِّ الهمزة، وجمعها( أخاديد)، قال تعالى في سورة البُروج:( قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ)(4)، والأُخدودُ على وزنِ( أُفعول)، ؛ قالت العرب- كما ورد في مادة-(خ.د.د):" خدَّ يَخُدُّ خَدّاً، والخَدُّ والخُدة الأُخدود شقانِ في الأَرض غامضان مستطيلان، وشَقٌّ في الأرضِ مستطيل، والحفرة تحفرها في الأَرض مستطيلة"([4])، وجاء في ديوان الأدب للفارابي ، أو هو من آثارِ السِّكَّةِ([5]) في الأرض([6]).
    وكما هو واضحٌ فإنَّ الألفَ في كلمتي( أُسدود) و( أُخدود) وأمثالِهما ليست أصلية، فهي- في الأصلِ- همزةُ وصلٍ، ولكنْ- كما هو معروف- فإنَّ هناكَ قاعدةً لغويةً تنصُّ على أنَّ همزةَ الوصلِ تتحولُ إلى همزةِ قطعٍ حينَ يَتَسَمّى بالكلمةِ التي تتصدَّرُ بها إلى اسم؛ لأنها تصيرُ جزءاً من الاسمِ فلا يجوزُ نطقُ الاسمِ بدونِها؛ فكلماتٌ مثل:( ابتسمَ ابتسامَاً- اعتمدَ اعتمادَاً- ازدهرَ ازدهارَاً- انشرح انشراحاً...إلخ) تبدأ بهمزة وصل، ولكنْ حين تتحول هذهِ المصادرُ إلى أسماءِ محضةٍ دالةٍ على أعلامٍ تَصيرُ الهمزةُ حرفاً أصيلاً من الكلمةِ لا يمكن الاستغناءُ عنه؛ فََتُنْطَقُ وتُكتَبُ على هذا النحو:( إبتسام- إعتماد- إزدهار- إنشراح) وهلمَّ جَرّاً.
    وإذا كنّا قد وقفنا- بدايةً- عند تحليلِ هذا الاسمِ الذي اشتَهَرت به هذه البلدةُ الفلسطينيةُ الكنعانيةُ الموغلةُ في القَدامة فإننا سنقف عند الأسماءِ الأخرى لها، وذلك على النحو التالي:
    1- أشدود:
    يرجعُ تاريخُ هذهِ التسميةِ إلى قبيلةِ العناقيين- إحدى القبائل الكنعانية- التي جاءت إلى فلسطين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وتعني هذهِ الكلمةُ( الحِصْنَ المنيع).
    وهكذا فإنَّ كلمةَ( أشدود) تحملُ معانيَ القوة والمنعَةِ والقدرةِ على الصَّد، وكثيرةٌ هي المواقعُ التي أُبدِلت فيها الشينُ سيناً في اللغة العربية، كما في قول بعضنا اليوم:( سجرة) بدلاً من( شجرة)؛ الأمرُ الذي يفسِّرُ لنا نُطقَ كلمةِ( أسدود) بالسينِ المهمَلةِ، والشينِ المعْجَمة، دون ابتعادٍ عن المعنى الأصليِّ للكلمة، وهو المتركّزُ في الدلالةِ على القوةِ.
    وكذلك أُبدلت السينُ زاياً في نُطقِ اسمِ هذهِ البلدة، فقد أشار إليها ابنُ خُرْداذِبَة([7]) في كتابه المسالك والممالك( ت. 280هـ = 912هـ) والمقدسيُّ([8]) باسم( أزدود).
    وهذا الإبدالُ معروفٌ أمرُهُ في اللغةِ العربيةِ قديماً وحديثاً، فقديماً قالت العربُ:( صقرٌ وسقْرٌ وزقْرٌ)، وقُرئ الفعلُ( يُصْدِرُ) في قولهِ تعالى:( حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ) من الآية: 23سورة القَصص" بزايٍ خالصةٍ لتجانس الدال"([9])، ويقال بالعاميةِ اليوم:( ازْقيه) بدلاً من( اسقِهِ) الفصيحة، و( فُزْدُق) بدلاً من( فُستُق).
    نخلُصُ مما سبقَ إلى أنَّ تسميَةَ هذه البلدةِ قد جاءت بهذهِ النُّطوق:
    *** ( أََشْدود):
    وهو الاسم الذي يطلقه الإسرائيليون عليها، وقد انقرضَ هذا النُّطقُ من الألسنةِ العربية.
    *** ( سُدود):
    بضمِّ السين، ولم أسمع أَحداً ينطقُ به دلالةً على اسمِ هذه البلدة.
    *** ( أَسدود):
    بفتحِ الهمزة، و( أُسدود) بضمِّها، و( إِسدود) بكسرها: وهي نُطوقٌ تتداولُها الألسنةُ حتى هذا اليوم، وإنْ كان فتحُ الهمزةِ نادرَ السماع.
    *** ( ازْدود):
    وهو النطقُ الدارجُ على الألسنةِ في الأحاديثِ العاميةِ.
    2- أزوكْس:
    وهو الاسم الذي عُرِفت به في العهدين اليونانيِّ والروماني، وعُرِفت أيضاً باسمِ( أزوتس)" Azotus "، ويَذكر المؤرخون أنَّ هذا الاسمَ قد أُطلِقَ عليها في عهدِ الإسكندرِ المقدوني؛ إذ وقعت هذه البلدةُ تحت الحكمِ اليونانيِّ في القرنِ الرابعِ قبل الميلاد.
    3- مدينة سوريا الكبرى:
    كانت أسدود- كما جاء في الكتاب المقدس([10])- من أكبر خمسِ بلدانٍ عمرها الفلسطينيون بعد مجيئهم إلى ِفلسطين، وهي: غزة وأسدود وعسقلان وجت- عراق المنشية- وعاقِر.
    ولأهميتها أطلقَ عليها المؤرخُ اليونانيُّ الشهيرُ هيرودوتس هذا الاسم؛ فقد كانت هذه البلدةُ مركزاً لعبادةِ الإله( داجون) إله البحر، وميناءً بحريَّاً، وممراً رئيساً للقوافل، وقد ذكر ابنُ خرداذبة أنها كانت" إحدى محطات البريد بينالرملة وغزة".
    **** **** ****




    [1]([1]) قال تعالى في سورة الكهف:"( حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا(93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا(94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا(95). صدق الله العظيم.

    ([2]) الزَّبيدي، محمد بن محمد: تاج العروس من جواهر القاموس: مادة( س.د.د).

    ([3]) اِعْلوم: بمعنى أخبار أو معلومات يقال:( مَعندوش اعْلوم) أي؛ ليس عنده خبر.

    ([4]) الأخدود غير النفق؛ فالنَّفَقُ- كما جاء في لسان العرب-:" سَرَبٌ في الأَرض مشتق إلى موضع آخر، وفي التهذيب: له مَخْلَصٌ إلى مكانٍ آخَر"، والجمع( أنفاق).

    ([5]) السِّكّةُ هي الحديدةُ التي يُحْرَثُ بها، وهي- كما جاء في الصحاح:-" المِخَدَّةُ أيضاً: حَديدةٌ تُخَدُّ بها الأرض، أي تُشَقّ" ومن هذا المعنى أُخذَ التركيبُ اللغويُّ الجديد:( السِّكَّة الحديد)، وجاء في تعريف- المعجم الوسيط- له:" وهي القضبان التي يسير عليها القطار. طريق مُعَبَّدٌ عليه قضيبان من الحديد متوازيان تسير عليهما القطر الآلية( محدثة)"أ.هـ.

    ([6]) أبو إبراهيم إسحق بن إبراهيم الفارابي: ديوان الأدب، تحقيق د.أحمد مختار عمر ومراجعة: د. إبراهيم أنيس، مؤسسة دار الشعب للصحافة والطباعة والنشر، منشورات مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ج3/ ص49.

    ([7]) ابن خُرْداذِبَة: أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله، المسالك والممالك، مكتبة المثنى- بغداد، 1966م، ص 219.

    ([8]) المقدسي شمس الدين: أبو عبد الله محمد بن أحمد أبي بكر، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، مكتبة المثنى- بغداد، 1985م، ص65.

    ([9]) مكي بن أبي طالب القيسي: الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة، تحقيق: د.أحمد حسن فرحات، توزيع: دار الكتب العربية، 1393هـ-1973م، ص192.

    ([10]) الكتاب المقدس: منشورات دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، الإصحاح الثالث عشر ص: 358.

  2. #2

    افتراضي رد: أسماء بلدة أسدود تأصيل وتحليل

    جزاك الله خيرا على هذا البحث الطيب
    وأهلا بك وسهلا في مجالس الألوكة
    وفي انتظار ما تتحفنا به من بحوث مفيدة
    حفظك الله ورعاك

    تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ ... عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    515

    افتراضي رد: أسماء بلدة أسدود تأصيل وتحليل

    السلام عليكم دكتور
    اسمح لي أن أضيف أن:
    (أَفعول) بفتح الهمزة هو من صيغ النسب في اللغة اليمنية القديمة(العربية الجنوبية)، ويكون للجمع فمثلا
    حميري جمعه أحمور، وحبشي جمعه أحبوش، وهكذا وللاستزادة بإمكانك الاطلاع على كتاب قواعد النقوش العربية الجنوبية
    وهو موجود في مكتبة المصطفى، وترجمة د. رفعت هزيم
    وفي اليمن مناطق كثيرة على نفس الوزن مثل (أهنوم - أحيوق - أحكوم - أشمور..)
    فمن المؤكد أنها إن لم يصل إليها حكم اليمن قديما فقد سميت بصيغة يمنية قديمة
    وكما تعلم فإن أي علم على وزن الفعل المضارع هو يمني الأصل ومن أسماء المناطق (تنوخ في سوريا) التي ينسب إليها المعري
    و (يترب) المذكورة في مواعيد عرقوب أخاه، وحتى الاسم القديم لمدينة رسول الله (يثرب)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •