بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه.
فمِن مِنَن الله تعالى على هذه الأمة أن سن لها يوما في السنة تتقرب إليه فيه بإراقة الدم ، فتنال بذلك خيري الدنيا و الآخرة، فكل أضحية يضحي بها المسلم تزيده من الله تعالى زلفة و قربة، كما أن الله تعالى أباح له الانتفاع من أضحيته بأكل لحمها و حواياها ، فتجد المسلمين - و بالأخص الفقراء منهم - مغتبطين بهذه النعمة التي تفضل الله تعالى عليهم بها ، حيث يكثر أكل اللحم و طهيه بشتى الطرق و الأوصاف،فلا تنصب الموائد إلا و اللحم يتصدرها ، و في هذا المصب عزمت على جمع أحاديثَ للنبي -صلى الله عليه و سلم - ذكر فيها فضل اللحم و مزاياه، حتى أخرجها و أحقق في صحتها أو ضعفها، و معنى هذه الأحاديث لا يختص بلحم أضحية العيد فقط ، بل بمطلق اللحم ، و أسأل الله تعالى أن يعينني على ذلك .
الحديث الأول: هو قوله -صلى الله عليه و سلم- :(((إن أطيب اللحم، لحم الظهر))).
التخريج :
أخرجه الإمام أحمد في (مسنده،1/203)،و الحميدي في (مسنده،2/274)،والترمذي في (شمائله،143)، و النسائي في (الكبرى 4/154،)، و ابن ماجة في (سننه،2/1099)،و الفسوي في (المعرفة و التاريخ،1/95)، و البزار في (مسنده،6/222)،و البغوي في (شرح السنة،5/451)،و أبو الشيخ في(أخلاق النبي،3/204)، وابن البيع في ( المستدرك،4/124)، والبيهقي في (شعب الإيمان،5/89)،وأبو نعيم في (حلية الأولياء،7/225)،و الضياء في (المختارة،9/194)،و المزي في (تهذيب الكمال،25/474)، جميعهم من طرق عن مسعر قال : سمعت شيخا ، من فهم قال : سمعت عبد الله بن جعفر يقول : سمعت -رسول الله صلى الله عليه وسلم -يقول : (( إن أطيب اللحم لحم الظهر)).
قلت: و قد روي عن مسعر مع ذكر سبب رواية عبد الله بن جعفر - رضي الله عنه -للحديث،و لكني اقتصرت على إيراد لفظ الحديث فقط.
قلت:و قد تفرد يحيى القطان عن جل الرواة عن مسعر بن كدام بتعيين الرجل المبهم في السند،و لكن اخـتُلف عليه في تعيينه، فتارة يقول :"أظنه محمد بن عبد الله"(1) ،و تارة يقول:" يقال له محمد بن عبد الرحمن، و أظنه حجازيا"(2) ، و روي عنه مرة دون تعيين الرجل المبهم موافقا في ذلك لباقي الرواة.(3)
قلت: و قال البزار عقب روايته للحديث :" وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن مسعر عن شيخ من فهم،ولا نعلم أحدا سماه إلا يحيى بن سعيد".
قال أبو نعيم الأصبهاني في (الحلية،7/225): "رواه سفيان بن عيينة والناس، عن مسعر ولم يسموا الفهمي، وسماه يحيى بن سعيد القطان، عن مسعر فقال: رجل من بني فهم يقال له محمد بن عبد الرحمن كذا".
ثم قال بعد أن أورد إسناده إليه:" محمد بن عبد الرحمن مدني تفرد بالرواية، عن عبد الله بن جعفر، ولا أعلم راويا عنه غير مسعر."
قلت:و زيادةً على الاضطراب في التعيين ، فإن يحيى بن سعيد لم يجزم بالتعيين بل هو ظن ، و الظن لا يكفي في تعيين من أُبهم اسمه و شخصه، و قد أشار الحافظ المزي إلى ترجيح رواية الأكثر بعد أن أورد الاختلاف في تعيينه، فقال:( وأكثر ما يأتي في الحديث عن شيخ من فهم غير مسمى).
قلت: و هذا الصحيح فرواية الأكثر مقدمة على رواية الواحد ، و قد تابع مسعر بن كدام على روايته المسعودي و رقبة بن مصقلة،و هي كالآتي:
متابعة المسعودي:
ما أخرجه أبو داود الطيالسي في (مسنده،3/82)، و الإمام أحمد في (مسنده،1/205)عن هاشم بن القاسم،و أبو نعيم في (أخبار أصبهان،1/285)عن عبد الله بن رجاء،و من طريق الطيالسي البيهقي في (شعب الإيمان،5/89)،جميعهم عن المسعودي، قال : أخبرني من شهد عبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير ، وابن الزبير يحز لعبد الله بن جعفر اللحم ويطعمه ، فقال ابن جعفر : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (( أطيب اللحم لحم الظهر.))
قلت: هذه رواية الطيالسي بينما ذكر هاشم بن القاسم أن الراوي المبهم رجل قدم عليهم من الحجاز، و العجيب أننا نجد عبد الله بن رجاء يعين هذا الرجل المبهم ، فذكر كنيته دون اسمه ،و هي:أبو حميد و ذكر أنه من أهل الطائف، و قد رواه يزيد بن هارون عن المسعودي دون ذكر كنيته ، بل اقتصر على أنه قدم من الطائف، كما ذكره المزي في (تهذيب الكمال،25/474).
متابعة رقبة بن مصقلة(4):
أخرجها البزار في (مسنده،6/223) عن يوسف بن موسى،و الحاكم في (مستدركه،4/124) عن يحيى بن عبد الحميد ، كلاهما عن جرير ، عن رقبة بن مصقلة ، عن رجل ، من بني فهم ، عن عبد الله بن جعفر ، رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((أطيب اللحم لحم الظهر )).
قلت : و قال البزار بعد إخراجه لهذا الحديث :"وهذا الحديث لا نعلم رواه عن رقبة إلا جرير."اهـ.
و كذلك قال الدارقطني في (الغرائب و الأفراد)(5) ، عندما جزم بأن جرير تفرد به.
قلت: مما يجعلني أجزم أن جرير بن عبد الحميد وهم في هاته الرواية ، فقد ذُكِر أن حفظه ساء في آخر عمره(6).
و قد ذكره ابن الكيال الذهبي في (الكواكب النيرات،23) ، فقال :" و قال أبو حاتم : صدوق تغير قبل موته.
كذا نقل هذا الكلام البناني(كذا بالأصل ، و الصحيح النباتي) في ترجمة جرير بن عبد الحميد."اهـ.
قلت : تصحف (النباتي) إلى (البناني) في الأصل ، مما حدا بمحقق (الكواكب)(7) للترجمة لثابت البناني ، فعجبًا كيف ينقل تابعي عن أبي حاتم الرازي ؟
قلت : بل هو الإمام الحافظ النادرة الرُّحَلة أبو العباس الإشبيلي الظاهري المشهور بـ(ابن الرومية )، و بـ(النباتي) ،و كلامه هذا منقول من كتابه الحافل (الحافل في التذييل على الكامل ) لابن عدي(8).
و قد قال الحافظ في( التهذيب، 2/65) :"وذكر صاحب (الحافل) عن أبي حاتم أنه تغير قبل موته بسنة فحجبه أولاده، وهذا ليس بمستقيم، فإن هذا إنما وقع لجرير بن حازم، فكأنه اشتبه على صاحب (الحافل)".
قلت: و قد سبقه إلى هذا الدرك الحافظ الذهبي في (ميزان الاعتدال،2/119)، و الاشتباه وارد ، و لكن تلك المقولة في جرير بن حازم قالها ابن مهدي ، بينما هذه نقلها أبو العباس الظاهري عن أبي حاتم، فلعله وهم في نسبتها إلى أبي حاتم ، و الله تعالى أعلم.
قلت: و أردف ابن البيع الحاكم روايته للحديث بقوله: "قد صح الخبر بالإسنادين ولم يخرجاه".
قلت: أنى له الصحة و الركيزة التي يقوم عليها الحديث هشة ؟، إذ مداره على فهْمِيٍّ مجهول الحال و العين ، كما أن يحيى القطان عيَّنه بـ(أظن) و (أرى) و (يقال له) ، مما يوهن التعيين و يُوَّهيه ، و أضف إلى ذلك اضطرابه في ذاك التعيين المظنون .
و إن قلتُ : إن يحيى القطان وهم في تعيينه لذاك الرجل الفهمي ، فلست عن الصواب حائدا ، إذ كلام الحافظين البزار و أبي نعيم الأصبهاني يومئ إلا ذلك ، وقد وهم - رحمات ربي عليه- في حديثٍ للأعمش يرويه الأعمش عن إبرهيم عن عبيدة ، فذكر علقمة مكان عبيدة ، و قد قال إمام الأئمة أبو بكر ابن خزيمة متعقبا عليه :
" الجواد قد يعْثُرُ في بعض الأوقات، وهِم يحيى بن سعيد في إسناد خبر الأعمش مع حفظه وإتقانه، وعلمه بالأخبار، فقال : عن عبيدة عن عبد الله، وإنما هو عن علقمة"(9). اهـ.
قلت : ما أعذب هذا التعقب الذي تَحِنُّ إليه نفوس المنصفين في زمان تحجَّرت و تصلَّبت فيه أقلام المتعقبين،و مثل يحيى القطان ممن تهتز لجلالة حفظه و شدة تحرِّيه الأفئدة، إن نُعِيَ عليه خطأٌ أو وهم ، و لكن رُتبة الكمال مطلبّ لا ينال، و تبقى الإحاطة و الكمال لله تعالى.
قلت: كما أن هناك مسلك الترجيح ، و ذلك بتقديم روايته التي لم يعين فيها ذاك المجهول ، وهي موافقة لرواية الجمهور على الرواية التي ذُكِر فيها التعيين ، و لكن رواية التعيين أشهر و أكثر و أصح.
قلت: و لا نُُغْفِل الاضطراب الواقع في رواية المسعودي ، و التي تزيد الحديث وهنا على هون، و تنادي على تيك الواسطة بالجهالة و الهشاشة.
قلت: و لشيخ مشايخنا المحدث الألباني -رحمه الله - بعض الوهم في تضعيفه لهذا الحديث في (السلسلة الضعيفة، حديث رقم:2813)، وهو كالآتي:
الوهم الأول: قوله بأن مسعر بن كدام هو الذي عين الراوي المبهم،بينما الأمر ليس كذلك فالذي عين الراوي المبهم هو يحيى القطان، و العجيب أن الشيخ - رحمه الله - نقل كلام الحافظ أبي نعيم الأصبهاني من (الحلية،7/225)، و قبله بأسطر جزم أبو نعيم بأن يحيى القطان هو المتفرد بهذه الزيادة في تعيين الراوي المبهم، فأظن أن عيني الشيخ لم تقع على كلام أبي نعيم في الجزم بتفرد يحيى القطان بهذه الزيادة.و الله تعالى أعلم.
قلت : و لكن عذر الشيخ الألباني - رحمه الله - هو عدم استيعاب جميع طرق الحديث ،و كذا عدم إطالة النظر فيها، و تبقى الإحاطة لله تعالى.
الوهم الثاني : ثم قال عن محمد بن عبد الرحمن :" وهو من الرواة الذين فات المصنفين في التراجم ذكره في كتبهم".
قلت: لم يفت المصنفين ذكره ، بل عندما لم يقف الشيخ على الاضطراب في تعيين الرجل(10) ، و الاختلاف الواقع في اسم أبيه بين ( عبد الرحمان) و (عبد الله)، نقَّب عليه معتمدا في ذلك على أنه منسوب لعبد الرحمان ،فلم يظفر بشيء بسبب ظنه ،و ترجمته مسطورة في (تهذيب الكمال،25/474) -و تهذيباته- ، بنسبته إلى (عبد الله) ، و أشار المزي إلى الاختلاف في نسبته، و بالله تعالى نستعين.
قلت :و قد لخص الحافظ حال محمد بن عبد الله هذا في (التقريب،487) فقال: " مقبول"، و الصحيح أنه مجهول.
قلت:و قد تابعَ قتادةُ السدوسي هذا الرجلَ المبهمَ على روايته ،و هو:
ما أخرجه الإمام أحمد في (مسنده،1/204)، و ابن عدي في (الكامل،7/36)، عن نصر بن باب، عن حجاج، عن قتادة، عن عبد الله بن جعفر، أنه قال: إن آخر ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى إحدى يديه رطبات، وفى الأخرى قثاء، وهو يأكل من هذه ويعض من هذه، وقال: (( إن أطيب الشاة، لحم الظهر)).
قلت: لفظ ابن عدي أخصر من لفظ الإمام أحمد و لم يذكر فيه محل الشاهد، و هذه المتابعة ترد قول أبي نعيم بأن الفهمي تفرد به، كما قال الشيخ الألباني - رحمه الله - ، و لكن يَسْلَم كلام أبي نعيم من الاعتراض بسقوط هذه المتابعة ، و قد أعله الشيخ الألباني -رحمه الله- بثلاث علل هي:
الأولى : حجاج بن أرطأة مدلس.
الثانية: قتادة مدلس.
الثالث : نصر بن باب ،فهو متهم بالكذب.(11)
قلت : و تعليل الخبر بالعلتين الأوليين لا وجه له ، لأن الحديث لا يصل إلى الحجاج إلا من طريق نصر بن باب، و هو متهم بالكذب ، و قد يكون هذا السند مما عملته يداه ،و طريقة أهل الفن أن تُعصب الجناية بالجاني، و ذاك كافٍ في إسقاط الحديث، لأن النظر في المتابعات يكون فيمن هو دون المتابِع ، فلا تعصب الجناية بالمتابِع إلا إذا صح السند إليه، فحينها يبقى النظر في المتابِع،و ذاك حتى لا نلصق البلاء بالبرآء ، و رُبَّ ملوم لا ذنب له، و للأسف فهذه طريقة جل المتأخرين -و بالخصوص أهل التخريج في زماننا- يطيلون و يسهبون بذكر علل لا وجه لذكرها، إذ أن المتهمين و الوضاعين و السُّراق هم الذين ركبوا تلك الأسانيد، و بالله الاستعانة.(12)
قلت: و من الأمثلة على ذلك شاهد ابن عمر - رضي الله عنهما -،و هو :
ما أخرجه الطبراني في (الأوسط،9/181)، فقال:ثنا يعقوب بن إسحاق، ثنا يحيى الحماني، ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم،عن أبيه، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يكره من الشاة سبعا المرارة، والمثانة، والمحياة، والذكر والأنثيين، والغدة والدم، وكان أحب الشاة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقدمها، قال وأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بطعام فأقبل القوم يلقمونه اللحم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :( إن أطيب اللحم، لحم الظهر).
قلت: نقل الشيخ الألباني - رحمه الله - قول الهيثمي في تعليل الحديث، و هو قوله :" ..،رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف ".
ثم قال الشيخ الألباني :"هو متهم بسرقة الحديث ؛ كما قال الحافظ في " التقريب " ، فيخشى أن يكون سرقه من بعض الضعفاء ، فلا يستشهد أيضا بحديثه . والله أعلم .
ثم وجدت فيه علة أخرى غفل عنها الهيثمي أو تساهل ،..".
فذكر إسناد الطبراني في (الأوسط) ثم ذكر أن شيخ يحيى الحماني ، و هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم متروك، فإسقاط الحديث به أولى من يحيى الحماني، و هاته هي العلة الأخرى.
قلت: صنيع الشيخ - رحمه الله - ليس سديدا ، فالهيثمي لم يكن متساهلا و لا عن العطب غافلا، فهو يعلم أننا لا نصل إلى عبد الرحمن بن زيد إلى بالمرور على سَرَّاقٍ ضعيف، تعصيبُ الجناية به أولى و أحرى، و هو يحيى بن عبد الحميد الحماني(13)، و أجزم بأن عبد الرحمن بريءٌ مما ألصقه الشيخ به.
قلت : كما أني أتعجب من حكم الشيخ - رحمه الله - على عبد الرحمن بالترك ، و الصحيح أنه "ضعيف" كما قال الحافظ في (التقريب،340) ، بل ألفيت أبا حاتم يضاهيه بعبد الرحمن بن أبي الرجال كما نقل الحافظ في (التهذيب،6/154).
قلت: و هناك متابعة أخرى للحديث ،و هي :
ما أخرجه الطبراني في (الأوسط،7/372)،و الحاكم في (المستدرك،3/657)، من طرق عن أبي الأشعث أحمد بن المقدام ، ثنا أصرم بن حوشب، ثنا إسحاق بن واصل، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: قلنا لعبد الله بن جعفر حدثنا بما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ورأيت منه، ولا تحدثنا عن غيرك وإن كان ثقة، فذكره بطوله ، و الشاهد منه قوله: "وسمعته يقول -صلى الله عليه و سلم- : (عليكم بلحم الظهر فإنه من أطيبه)."
قلت: الحاكم لم يذكر محل الشاهد ،و هذا الإسناد تالف ،و بيان ذلك كالآتي:
فإسحاق بن واصل من الهلكى كما قال الذهبي في (الميزان،1/358)، و قال الأزدي: "متروك الحديث زائغ". (14)
و قد أنكر الأزدي عليه هذا الحديث ، إلا أنه من رواية أصرم بن حوشب عنه كما قال الذهبي، و أرى أن الحمل عليه في هذا الحديث، و هذه أقوال الأئمة فيه(15):
قال ابن معين : " كذاب خبيث".
وقال البخاري ومسلم والنسائي :"متروك الحديث".
وقال الدارقطني:" منكر الحديث".
وقال ابن حبان:" كان يضع الحديث على الثقات".
قلت : و به أعلَّ الهيثمي الحديث في (مجمع الزوائد،9/170)، و للأصرم فيه إسناد آخر ، و هو :
ما أخرجه الطبراني في (الصغير،2/205)، فقال:ثنا محمد بن عون السيرافي، بالبصرة حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، حدثنا أصرم بن حوشب، حدثنا قرة بن خالد، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، فذكره.
قلت : شيخ الطبراني محمد السيرافي قال عنه الإسماعيلي كما في (اللسان،5/332) :"ينسب إلى التفسير، ولم يكن في الحديث بذاك".
قلت : و قد خالف جمعا من الرواة عن أبي الأشعث، مما يرجح أنه وهم في إيراده لهذا السند، و إن لم يكن هذا الإسناد وهما منه ، فقد قال ابن عدي بعد أن أورد بعض ما وضعه أصرم على قرة بن خالد في (الكامل 1/404):"وهذه الأحاديث بواطيل عن قرة بن خالد كلها لا يحدث بها عنه غير أصرم هذا".
قلت: و بما تقدم تعلم أن هذا الحديث ضعيف ساقط ، لا تقوم بمثله حجة ، و قد تساهل الضياء عندما زجَّ به في (مختارته)،و ممن ضعف هذا الحديث العلامة ابن مفلح الحنبلي في (الآداب الشرعية،2/365).(16)
و من كانت له زيادة أو إفادة فلا يبخل بها مأجورا مشكورا ، و أختم الكلام بالصلاة و السلام على نبي الهدى،و على آله و صحبه الأخيار الأطهار، و الحمد الله رب العالمين .
الحديث الثاني : ((( إن للقلب فرحة عند أكل اللحم ))).
______________________________ ____________________ _____________________
1) قلت: عند ابن ماجة في (السنن،2/1099).
2) قلت : عند الإمام أحمد في (مسنده،1/203) و غيره.
3)قلت : عند النسائي في (الكبرى،4/154).
4)قلت : و بعضهم يضبطها بالسين.
5)قلت : نقلا عن (أطرافه،4/7) لابن طاهر المقدسي الظاهري ، ط: دار الكتب العلمية ، سنة: 1419هـ.
6)قاله البيهقي كما في (تهذيب التهذيب، 2/65).
7)قلت :و المحقق هو : محب الدين أبي سعيد عمر بن غلامة العمري ، ط: دار الفكر.
8)قلت: هذا الكتاب مفقود كما قال لي الشيخ العلامة المحدث محمد بوخبزة التطواني- شفاه الله- ، و هو مقيد عندي في (وشي البِزَّة بدرر من مجالس الشيخ بوخبزة) من وضْعي.
و لأبي العباس الظاهري اختصار (الكامل) لابن عدي ، يعتمد عليه تلميذه الحافظ الناقد المحقق ابن المواق المراكشي في (بغية النقاد) ، ط: أضواء السلف، ت: أستاذنا الدكتور محمد الخرشافي.
9)قلت : نقلا عن كتابه (التوحيد،1/183)، ط: مكتبة الرشد، سنة: 1414هـ، و يراجع باقي كلامه رحمه الله .
و ينظر الحديث عند البخاري في (صحيحه،6/2697) ،و مسلم في (صحيحه،4/2148)، فقد أورداه على الصواب عن الأعمش من غير رواية يحيى القطان.
10) قلت:أرجح أنه لم ينعم النظر في طرق الحديث ، فلهذا لم يقف على الاضطراب في تعيين الرجل المبهم ، و تبقى الإحاطة لله تعالى.
11)قلت : تُنظر ترجمته في (الضعفاء و المتروكين،3/158) لابن الجوزي،و (الكامل،7/35)، لابن عدي،و (ميزان الاعتدال ،7/19). و قد كان الإمام احمد حسن الرأي فيه فقد قال ابنه في (العلل،3/301):" سألت أبي عن نصر بن باب؟ فقال: إنما أنكر الناس عليه حين حدث عن إبراهيم الصائغ، وما كان به بأس، قلت له : إن أبا خيثمة قال نصر بن باب كذاب، قال: ما أجترىء على هذا أن أقوله أستغفر الله." .
قلت: و الصحيح أنه متهم بالكذب ، و قد اتهمه بالكذب يحيى بن معين، و أبو خيثمة زهير بن حرب،و البخاري، و النسائي،و السعدي، و ترك حديثه ابن المديني ،و ضعفه جمع من الأئمة.
12) قلت: نعم إذا كان مَن دون المتابِع من أهل الصدق دون الضبط ، فعندها يستأنس ببيان حال المتابِع و من فوقه ، تأكيدا و تقوية لضعف المتابعة، و كلامي هذا محصور في ضعيف المتابعات، و هذه هي طريقة المتقدمين من الحفاظ، فتجدهم يكتفون بذكر آفة الحديث دون غيرها ، و كذا أهل التحقيق من متأخري النقاد كمجدد علم العلل أبي الحسن ابن القطان الفاسي في (بيان الوهم و الإيهام،3/87) ، و تلميذه الناقد المحقق ابن المواق المراكشي في (بغية النقاد،1/414) رحمة الله عليهم أجمعين.
تنبيه : هذا الحديث مخصوص بلحم الشياه.
13)تُنظر ترجمته في (تهذيب الكمال،31/419)
14)نقلا عن (الضعفاء و المتروكين،1/105) لابن الجوزي ، و قد ذكره سبط بن العجمي في (كشف الحثيث،66).
15)تنظر ترجمته في (الضعفاء و المتروكين،1/127) لابن الجوزي ، و (الكامل،1/403) لابن عدي ، و (المجروحين،1/181) لابن حبان، و (ميزان الاعتدال،1/437) للذهبي، و (لسان الميزان،1/461) للحافظ.
16)ط: مؤسسة الرسالة ، تـ: شعيب الأرناؤوط ، سنة : 1417هـ.