تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: لا ينبغي مناظرة أهل البدع في القنوات الفضائية

  1. #1

    Post لا ينبغي مناظرة أهل البدع في القنوات الفضائية

    لا ينبغي مناظرة أهل البدع في القنوات الفضائية

    إلا لمن كان ذو قدم راسخة في العلم
    لاشك أن بيان الحق واجب على كل من استطاع إلى ذلك سبيلا ( ولكن كل على حسب قدرته).
    فعلى طالب العلم أن يحرص على تعلم ما ينفعه، وأن لا يضع وقته ونفسه في تعلم ما لا ينفعه، بل يضره، ويضر غيره، كما جاء في سير أعلام النبلاء{14 /59} في ترجمة ابن الرّيوندي الملحد، قال: << وكان يلازم الرافضة والملاحدة، فإذا عوتب، قال: إنما أريد أن أعرف أقوالهم>> إلى أن صار ملحدا، وحطّ على دين الملة، ومثله في السير أيضا {19/447} قي ترجمة ابن عقيل الحنبلي( وما أدرك من هو ابن عقيل)، حيث نقل عنه قوله:<< كان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علما نافعا>>، فعلق عليه الذهبي بقوله:<< كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة ويأبى، حتى وقع في حبالهم، وتجسر على تأويل النصوص نسأل الله السلامة>> فلا تغتر يأخي بكثرة علمك وصدق نيتك.
    فهؤلاء كانوا علماء، واغتروا بعلمهم، فانظر إلى ما حدث لهم وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه: << السعيد من وعظ بغيره >>.
    فالشبه كالجرب لا يكاد يبرأ منها واحد حتى يمرض بها آخر.
    جاء في سير أعلام النبلاء(7/261): << عن سفيان الثوري أنه قال:
    من سمع ببدعة فلا يحكيها لجلسائه، لا يلقيها بينهم{ذكره البغوي في شرح السنة1/227} وعقب عليه الإمام الذهبي بقوله:
    أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أنّ القلوب ضعيفة والشبه خطاّفة).
    ولهذا فإنّ مناظرة أهل البدع لمن له القدرة على دحضها واجب، لكن ليس أمام الملأ، لا يكون ذلك أمام عامة الناس، لأن سبيل أهل البدع قائم على التلبيس والتدليس.
    فالبدع سموم، ونشرها أمام عامة الناس طاعون، قد لا ينجوا منها إلا خاصة الخاصة.
    وكما هو معلوم في علم الأصول << أن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة >>.
    ولهذا كان لزاما على كل من أراد أن يدعوا إلى الله، أن يراعي المفسدة والمصلحة في ذلك.
    قال الإمام أبو عثمان الصابوني في(عقيدة السلف أصحاب الحديث ص100):
    << ويرون(أي أهل الحديث)صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرّت بالأذان وقعت في القلوب، ضرّت وجرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرّت>>.
    ولأن المناظر(طالب الحق) يكون قصده بيان الحق واتباعه، فيكفيه دليل واحد. بخلاف أهل البدع، فإنه لا يكفيهم ألف دليل لأن قصدهم خبيث.
    فهم يصطادون في المياه العكرة، فتراهم يتربصون بالناس ينصبون لهم الفخاخ (خاصة ممن اشتهر من طلبة العلم في بعض القنوات).
    فينبغي الحذر لأن مناقشة هؤلاء أمام الملأ بلية، و قد تزيد الطينة بلة ( كأن يصبح المناظر منهم، أو أن يصيبه سهم من سهامهم).
    قال الإمام ابن بطة رحمه الله في (الإبانة 2/ 470):
    << لا يحملنّ أحدا منكم حسن ظنه بنفسه، وما عهدت من معرفته بصحة مذهبه، على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء، فيقول أداخله لأناظره، أو لأستخرج منه مذهبه، فإنهم أشد فتنة من الدجال، وكلامهم ألصق من الجرب و أحرق من اللهب>>.
    فالصحيح الذي لا غبار علية: أنه لا ينبغي مناظرة أهل البدع لصغار طلبة العلم( فإننا لا نشك في غيرتهم على الدين وحرصهم على بيانه ونشره، و لكن كما قال الشاعر: خلي عنك العناء ........... واعط القوس باريها ) الذين بضاعتهم في العلم قليلة، كما فعل بعض المغرورين بمناظرات تلو مناظرات في الإذاعات و القنوات التلفزيونية، أقحم نفسه فيما هو بعيد عنه، فتغيرت بسببه الموازين.
    فبعد أن كان يريد نصرة الحق أصبح سببا في قهره.
    نهيك عن التشهير بالبدعة وأهلها، فبعد أن كانت في مهدها لا يعلمها إلا القليل، أصبحت عالمية دخل فيها كثير من الناس.
    ولأن أهل البدع غاية دليلهم و مدلولهم هو اتباع الهوى، وهو سهل يسير مذاقه على عامة الناس.
    أما استنباط الأدلة و الأحكام فإنه قد يخفى على بعض طلبة العلم، فضلا عن غيرهم من العامة، (ففهم وتدبر!!).
    كان ذلك أعظم دليل على عدم جواز مناظرة أهل البدع و الأهواء، أمام الناس. ورضي الله عن أمير المؤمنين علي لمّا قال: << حدثوا الناس حسب عقولهم أتريدون أن يكذّب الله و رسوله>>.
    فعدم إقحام الناس في ما هم أغنياء عنه هو سبيل سلامتهم.
    وبالمقابل فإنّ تعليمهم يكون بالتصفية والتربية (التصفية: تصفية الدين مما دخل فيه من البدع والشبهات، والتربية: تربية الناس على هذا الدين الصافي)هو السبيل الوحيد لحمايتهم من أهل البدع والأهواء.
    لقد كان السلف رضي الله عنهم يتركون مناظرة أهل البدع، حتى يموتوا غيظا، و حتى لا يكون ذلك سببا في نشر بدعتهم.
    قال اللالكائي رحمه الله في (شرح أصول الإعتقاد 1/19):
    << فما جنى المسلمين جناية أعظم من مناظرة المبتدعة، ولم يكن لهم قهر و لا ذلّ أعظم مما تركهم السلف على تلك الجملة_}ْيقصد بالجملة: ما روي عن سعيد بن عامر قال: سمعت جدتي أسماء تحدث قالت: دخل رجلان على محمد ابن سرين من أهل الأهواء، فقالا يا أبا بكر نحدثك بحديث؟
    قال: لا، قالا: فنقرأ عليك أية من كتاب الله؟
    قال: لا، لتقومان عني أو لأقومن{رواه الدارمي 1/109)}_ يموتون غيظا، كمدا و دردا، ولا يجدون إلى إظهار بدعتهم سبيلا.
    حتى جاء المغرورون، ففتحوا لهم إليها طريقا، وصاروا لهم إلى هلاك الإسلام دليلا، حتى كثرت بينهم المشاجرة، وظهرت دعوتهم بالمناظرة، وطرقت أسماع من لم يكن عرفها من الخاصة والعامة، حتى تقابلت الشبه في الحجج، وبلغوا من التدقيق في اللجج، فصاروا أقرانا وأخدانا، وعلى المداهنة خلانا وإخوانا، بعد أن كانوا في دين الله أعداءا وأضدادا، وفي الهجرة أعوانا: يكفرونهم في وجوههم عيانا ويلعنونهم جهارا، وشتانا ما بين المنزلتين، وهيهات ما بين المقامين).
    فكما أن الرد في بعض الأحيان أفضل من السكوت، فأيضا السكوت في بعض الأحيان أفضل من الكلام( على حسب المصلحة والمفسدة ) ينبغي يا طالب الحق أن تعلم أنّ_<< البدعة إذا كانت مقموعة خافتة، والمبتدع إذا كان منقمعا مكسور النفس (بكبت بدعته)، فلا يحرّك النفوس بتحريك المبتدع وبدعته، فإنها إذا حّركت نمت وظهرت، وهذا أمر جبلت عليه النفوس، ومنه في الخير: أنّ النفوس تتحرك إلى الحج إذا ذكرت المشاعر، وفي الشرّ إذا ذكرت النساء والتغزل والتّشبيب بهن، تحرّك النفوس إلى الفواحش.
    وهذا الكتمان والإعراض من باب المجاهدة والجهاد، فكما يكون الحق في الكلام، فإنه يكون في السكوت والإعراض أيضا، فتنزّل كل حالة منزلتها والله أعلم (هجر المبتدع ص50)>>.
    وكلامنا هذا لا يعني البتة عدم الرد عليهم (أي على أهل البدع) لمن له القدرة على كشف زيوفهم، ونقض شبههم، وإبطال تلبيساتهم وتدليساتهم، ممن توسعت مداركه ورسخ في العلم قدمه << لأنّ الرد على أهل البدع جهاد>>.
    ولكن من المصلحة و الله أعلم أن لا يكون ذلك أمام عامة الناس، لأن الشبه خطافة، ورب وقاية خير من ألف علاج.
    هذا ما تم لي جمعه وكتابته، فأرجوا من إخواننا طلبة العلم الكرام أن لا يبخلوا علينا بالنصح و الرشاد، ومن المشايخ الأفاضل التنبيه والتوجيه، والله هو الهادي للتوفيق والصواب.
    سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك و أتوب إليه.

  2. #2

    افتراضي رد: لا ينبغي مناظرة أهل البدع في القنوات الفضائية

    بارك الله فيكم للرفع.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    115

    افتراضي رد: لا ينبغي مناظرة أهل البدع في القنوات الفضائية

    جزاك الله خيرا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: لا ينبغي مناظرة أهل البدع في القنوات الفضائية

    .........
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان البخاري مشاهدة المشاركة
    ورود الشُّبهة على قلب أوسمع الرَّاسخين في الإيمان والاعتقاد تمنعهم من العجلة في الافتنان بها، مهما كان قوَّة زخرفتها وتلوِّنها.
    فيتمسَّك بالمحكم الذي قد رسخ في قلبه، ممَّا قد دلَّت عليه تواتر الأدلَّة وتظافرها، بل إجماع السَّلف وأتباعهم عليه.
    إذ مِن أولى الرَّاسخات اعتقاد أنَّ الحق لا يخرج عمَّا كان عليه الأوائل -إن ثبَت أنَّه كذلك-، كما في بيت الشَّاعر (النَّاظم):
    وكلُّ خيرٍ في اتِّباع مَن سَلَف وكلُّ شرٍّ في ابتداع مَن خلف

    ومن اللَّطائف أنَّ البيت عينه من خواتيم منظومة الجوهرة الأشعريَّة؟! التي يردِّد أصحابها قضية (أسلم - وأحكم - وأعلم)!
    فيستمسك الرَّاسخ في الإيمان بمدلول وصيَّة الرحمن المضمَّن في خبره: ((والرَّاسخون في العِلم يقولون: (آمنَّا به كلٌّ من عند ربِّنا) وما يتذكر إلَّا أولو الألباب)).
    ولئن أخبر الله بموقف أولئك الرَّاسخين فيما قد يعرض في شيءٍ من آيات كتابه فقال: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ وأُخر متشابهات)، أيات كتابه السَّالمة من التناقض والخطأ والقصور في الإهام وغير ذلك من آفات الخطاب البشري = فكيف بتخليطات ووساوس فاسدي الأفكار من البشر، وزبالة المقالات التي تطفح الفينة والأخرى، من أناسٍ منطلق تفكيرهم الشك، والشك في كلِّ شيءٍ! وتوهُّم التناقض في كلِّ شيءٍ.
    إنَّ الحذر من الانخداع -بَلْهَ التأثُّر بها- أولى، والرُّجوع للحصن الحصين، والخندق المنيع لصدِّ هذه الشُّبهات أحرى.
    والتأثُّر بهذه الشُّبهات حتى يسري الشَّكُّ في القلوب هو اتبِّاعٌ لمنهج الزَّائغة قلوبهم الذين (يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)، وشرُّ النَّاس من تشرَّف للفتنة، ومن أعظم أبواب الفتن فتن الشُّبهات.
    بل الفتن كلُّ الفتن هذا شأنها وحالها أنَّها: (إذا أقبلت شبَّهَت وإذا أدْبَرَت بيَّنَت).
    وقد قال أبوعبدالله البخاري رحمه الله في صحيحه: باب الفتنة التي تموج كموج البحر، وقال ابن عيينة عن خَلَف بن حَوْشب: كانوا يستحبُّون أن يتمثَّلُوا بهذه الأبيات عند الفتن:
    قال امرؤ القيس:
    الحرب أول ما تكون فتيَّةً تسْعَى بزِينتها لكلِّ جَهُولِ
    حتى إذا اشتعلت وشبَّ ضِرامها ولَّت عجوزًا غير ذات حليلِ
    شمطاء يُنْكَر لونها وتغيَّرت مكروهةً للشَّمِّ والتَّقبيلِ
    إذا تبيَّن هذا، وأنَّ كلَّ صاحب شُبهةٍ يزيِّن شبهته ويبهرج (فتنته) فإيَّاكم والانخداع بالفِتَن! ثمَّ الاستعجال في الرَّدِّ عليها.
    إذ التأنِّي في معالجة الرَّدِّ على الشُّبهات الجديدة عند من يسمعها -للمتأهِّل لها- شرطٌ للوقاية في الخطأ.
    فكم سمعنا من الأفاضل من أنكر شيئًا أو أبطل صحَّته لعجلة وارتجال ردِّه قبل نضج الفكرة في ذهنه، والتأخُّر في الرَّدِّ لم كان هذا حاله ولو كان على الهواء مباشرةً! خيرٌ من العجلة الموقعة فيما لا يُحمد.
    وليس المشروع في الرد مجرَّد الرَّد! فلن يكشف خبث الحديد إلاَّ بعد عرضه وامتحانه من أهله.
    سبكناهُ ونحسبهُ لُجينًا فأبدى الكير عن خبث الحديد

  5. #5

    افتراضي رد: لا ينبغي مناظرة أهل البدع في القنوات الفضائية

    جزاكم الله خيرا ، وبارك فيكم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •