تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: التكبير الجماعي والفردي أيام العشر والعيدين ج 1

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي التكبير الجماعي والفردي أيام العشر والعيدين ج 1

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
    فقد ظهر في زمننا هذا من يزعم أن التكبير المقيد بأدبار الصلوات من أيام العيد بدعة ضلالة، والعجب أن هذا المذكور نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية اتفاق العلماء على مشروعية هذا التكبير المقيد، ثم تعقبه عمدا فقال: إن دعوى الإتفاق لا دليل عليها"، ثم لم يأت لقوله المحدث بمخالف من السلف لينقض الإتفاق الذي نقله شيخ الإسلام وغيره، فاغتر به بعض المفتونين بالتبديع المهلوسين، المخالفين لسبيل المؤمنين، من الصحابة والتابعين، وأئمة السلف والفقه في الدين، وقد جمعوا من كل تبديع غثه، ومن كل كلام رثه، فاستعنت الله تعالى على جمع تلكم الإجماعات، مع كلام السلف في هذا الباب نصرة لله ولرسوله ولمنهج السلف وأئمتهم وعلمائهم، ليهلك من هلك عن بينة، ويرجع إلى الحق من حيي عن بينة، وليُعلم أي الفريقين أولى بمذهب السلف، وقد قسمت هذا المبحث إلى ثلاثة فصول:
    الفصل الأول: في التكبير أيام ذي الحجة والعيد، وفيه عدة أبواب، والفصل الثاني في التكبير ليلة عيد الفطر، وفيه أبواب.
    والفصل الثالث: في أدلة التكبير الجماعي،
    والفصل الرابع في التكبيير على المنبر، فأقول:

    الفصل الأول: في التكبير في أيام ذي الحجة ويوم عرفة والعيد وأيام التشريق: وفيه أبواب:

    الباب الأول: الذكر والتكبير المطلق أيام العشر من ذي الحجة وعرفة: ومعنى المطلق هو الذي لا يكون فيه تخصيص التكبير بدبر الصلوات، بل هو مطلق في سائر الأوقات، كما قال البخاري في الصحيح: بَاب فَضْلِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ" أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَ ا"، وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ"، ثم خرج من حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ، قَال: وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ"، وللترمذي بلفظ:"مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"،قال ابن حجر:" وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ اِبْنِ عُمَرَ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي آخِرِهِ " فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ" وقال ابن حجر أيضا:" إنَّعَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ إِنَّمَا شُرِّفَ لِوُقُوعِ أَعْمَالِ الْحَجِّ فِيهِ , وَبَقِيَّةُ أَعْمَالِ الْحَجِّ تَقَعُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَالرَّمْيِوَالطَّوَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَتِمَّاتِهِ فَصَارَتْ مُشْتَرِكَةً مَعَهَافِي أَصْلِ الْفَضْلِ , وَلِذَلِكَ اِشْتَرَكَتْ مَعَهَا فِي مَشْرُوعِيَّةِالتَّكْبِيرِ فِي كُلٍّ مِنْهَا"، وخرج الْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ" فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ" وفي الباب عن عبد الله بن عمر، خرج روايته الفاكهي في أخبار مكة، قال: باب ذكر التكبير بمكة في أيام العشر وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر، وتفسير ذلك، حدثنا أبو هشام الرفاعي ثنا ابن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:« ما من أيام العمل فيهن أفضل من عشر ذي الحجة»، ثم قال: حدثنا عبد الله بن هاشم ثنا ابن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، وزاد فيه:" فأكثروا فيه التحميد والتهليل والتكبير"، وقال أبو بكر باب في التكبير أيام التشريق، حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد عن مجاهد عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما من أيام أحب إلى الله فيهن العمل من هذه الايام أيام العشر، فأكثروا فيهن التكبير والتهليل والتحميد". يزيد فيه ضعف، ولحديثه شاهد صالح متصل به يتقوى الحديث:
    قال البيهقي في فضائل الأوقات أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ حدثنا عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري حدثنا العباس بن الوليد الرملي حدثنا يحيى بن عيسى الرملي حدثنا يحيى بن أيوب البجلي عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« ما من أيام أفضل عند الله ولا العمل فيهن أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير، فإنها أيام التهليل والتكبير وذكر الله، وإن صيام يوم منها يعدل صيام سنة ، والعمل فيهن يضاعف ست مائة ضعف »، أبو علي هو الحافظ المشهور، والدينورى هو الحافظ الرحال، أثنى عليه ابن عدي وقال:"كان يعرف ويحفظ"، ثم قال: سمعت عمر بن سهل يعرف بابن كدو يرميه بالكذب ويصرح به"، وعمر بن سهل هذا أظنه ابن اسماعيل الحافظ أحد من تلاميذ الدينوري وإنما اتهمه بالكذب لأن كان يدلس تدليس التسوية، كما قال ابن عدي: سمعت أحمد بن محمد بن سعيد يقول:" كتب إلي ابن وهب جزأين من غرائب الثوري فلم أعرف منها إلا حديثين وكان قد سواها عامتها على شيوخه الشاميين ويذكره عنهم عن الثوري ليخفي مكان تلك الأحاديث وكنت أتهمه بتلك الأحاديث أنه سواها على الشاميين"، لكن أحمد بن سعيد نفسه متهم وهو رافضي كبير فلا يلتفت إلى طعنه، وقد كان طعانا في الصحابة رضي الله عنهم، وقال أبو عبد الرحمن السلمي سألت الدارقطني عن ابن وهب الدينوري فقال: كان يضع الحديث"، والسلمي نفسه متكلم فيه ولا يقبل نقله، لكن روى البرقاني وابن أبي الفوارس عن الدارقطني متروك، ولست أدري سبب وتفسير جرح هذا الحافظ إلا ما أورده الخطيب عن أبي جعفر الصفار قال:" ابن وهب يتكلم في الناس وله في نفسه من الشغل ما لا يتفرغ لغيره"، وقد وصف الدينوري عدة أئمة بالحفظ والصدق، منهم ابن عدي حيث قال: وعبد الله بن حمدان قد قبله قوم وصدقوه والله أعلم". وقال الإسماعيلي:" كان صدوقاً إلا أن البغداديين تكلموا فيه وحملوا عليه"، وقال أبو عبد الله الحاكم: سألت أبا علي الحافظ عنه؟ فقال:"كان صاحب حديث حافظا، ثم قال أبو علي: بلغني أن أبا زرعة كان يعجز عن مذاكرته في زمانه"، وقال الصفدي: هو الحافظ الكبير، طوف الأقاليم وسمع، كان أبو زرعة يعجز عن مذاكرته"، وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ والسيوطي في طبقات الحفاظ، فأقل أحواله أن يكون صدوقا والله أعلم، والعباس بن الوليد هوابن مزيد البيروتي ثقة، ويحيى بن عيسى صدوق يخطئ، ويحى بن أيوب صدوق، وعدي بن ثابت ثقة، فحسن الحديث.

    وقد جاء التكبير في هذه العشر عن عامة السلف، فقال البخاري في الصحيح: بَاب فَضْلِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ" أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَ ا وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ"، وهذه الآثار ظاهرة في التكبير الجماعي، وقد وصل أثر أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما الفاكهي في أخبار مكة بلفظ أصرح فقال: باب ذكر التكبير بمكة في أيام العشر وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر، حدثني إبراهيم بن يعقوب عن عفان بن مسلم ثنا سلام بن سليمان أبو المنذر القارئ ثنا حميد الأعرج عن مجاهد قال:« كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما يخرجان أيام العشر إلى السوق فيكبران ، فيكبر الناس معهما، لا يأتيان السوق إلا لذلك », وهذا نص في المعية وتوحد التكبير، وجاء توحيد التكبير عن عامة الصحابة فقال أبوبكر: باب في التكبير أيام التشريق، حدثنا أبو أسامة عن مسكين أبي هريرة قال : سمعت مجاهدا وكبر رجل أيام العشر فقال مجاهد : أفلا رفع صوته فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر في المسجد فيرتج بها أهل المسجد ، ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي حتى يبلغ الابطح فيرتج بها أهل الابطح"، وإنما أصلها من رجل واحد"، والرجة هي المبالغة في اجتماع الأصوات كما قال ابن حجر.
    وقد جاء نحو ذلك عن صحابة آخرين وتابعين، وهل الناس يومئذ إلا هم، دليل ذلك ما قاله الفاكهي من باب ذكر التكبير بمكة في أيام العشر وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر، حدثنا أبو بشر ثنا بشر بن عمر عن حماد بن سلمة عن ثابت قال:« كان الناس يكبرون أيام العشر حتى نهاهم الحجاج»، قال:" والأمر بمكة على ذلك إلى اليوم، يكبر الناس في الأسواق في العشر",
    وقال ابن رجب الحنبلي في الفتح:" وروى المروزي عن ميمون بن مهران قال: أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير".
    وجاء التكبير عن التابعين، أهل الفقه في الدين، فقال الفريابي في أحكام العيدين: ثنا إسحاق بن راهويه أنا جرير عن يزيد بن أبي زياد قال: رأيت سعيد بن جبير ومجاهدا وعبد الرحمن بن أبي ليلى أو اثنين من هؤلاء الثلاثة، ومن رأينا من فقهاء الناس يقولون في أيام العشر: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد",
    وقد خالف الجماهير في أصل التكبير من أيام العشر:الحكم وحماد فلم يعرفاه، قال أبو بكر(3/250) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة قال: سألت الحكم وحمادا عن التكبير أيام العشر فقالا: محدث"، كذا قال عنهما ابن مهدي، وخالفه بشر بن عمر فقال عنهما:" لم يعرفاه"، قال الفاكهي حدثنا أبو بشر ثنا بشر بن عمر عن شعبة قال:« سألت الحكم وحمادا عن التكبير أيام العشر؟ فلم يعرفاه» قال ابن رجب: لم تبلغهما الأخبار"، والعبرة بالصحابة ثم التابعين.
    أما عن التكبير في يوم عرفة فلا يعرف عن أحد من السلف إنكاره، وقد قال البيهقي: باب سنة التكبير للرجال والنساء والمقيمين والمسافرين والذي يصلي سنة منفردا وفي جماعة ويصلي نافلة لقول الله جل ثناؤه (واذكروا الله في ايام معدودات) فعم ولم يخص، وقال (فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو اشد ذكرا), وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ايام التشريق ايام اكل وشرب وذكر الله وانه صلى الله عليه وسلم كبر على الصفا وكان مسافرا, وروينا عن ابن عمر وانس بن مالك في تكبيرهم يوم عرفة عند الغدو من منى إلى عرفة وكانوا مسافرين, وعن ام عطية في الحيض يخرجن يوم العيد فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس وكانت ميمونة رضي الله عنها تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف ابان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد, وكان الشعبي وابراهيم النخعي يقولان هذا القول وكان أبو جعفر محمد بن علي يكبر بمنى ايام التشريق خلف النوافل.
    وقال ابن حاتم في تفسيره حَدَّثَنَا أَبِي ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الْمَسْجِدِ:"وَا ذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" يَوْمُ الصَّدَرِ، بَعْدَ مَا صَدَرَ يُكَبِّرُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَذْكُرُ".
    وخرجا في الصحيح من طريق محمد بن أبي بكر الثقفي انه سأل انس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة, كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:" كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه", ولمسلم عن ابن عمر قال:" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهلل, فاما نحن فنكبر, قال: قلت: والله لعجب منكم كيف لم تقولوا له ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع", وقد استدل بهما البيهقي على التكبير المقيد يوم عرفة كما سيأتي.

    الباب الثاني: الذكر والتكبير المطلق أيام التشريق: وهي أيام العيد،
    خرج المروزي عن الزهري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أيام التشريق كلها" وهو مرسل، وخرج مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر بمنى حين ارتفع النهار شيئاً، فكبرَّ، وكبرَّ الناس بتكبيره، ثم خرج الثانية في يومه ذلك بعد ارتفاع النهار، فكبرَّ، وكبرَّ الناس بتكبيره حتى بلغ تكبيرهم البيت، ثم خرج الثالثة من يومه ذلك حين زاغت الشمس فكبرَّ، وكبرَّ الناس بتكبيره"، وقال البخاري في الصحيح:" بَاب التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ, وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا", وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الْأَيَّامَ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا,
    أما أثر عمر فقد وصله ابن المنذر في الأوسط قال: حدثنا سهل بن عمار ثنا محمد بن عبيد الله ثنا طلحة عن عبيد بن عمير قال:« كان عمر يكبر في قبته بمنى فيكبر أهل المسجد، فيكبر بتكبيرهم أهل منى، ويكبر بتكبيرهم أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا»، والرجة هي المبالغة في اجتماع الأصوات، كما في متابعة عطاء لعبيد:
    قال البيهقي في السنن(3/312): اخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن اسحق قال قال أبو عبيد فحدثني يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى فيسمعه اهل المسجد فيكبرون فيسمعه اهل السوق فيكبرون حتى ترتج منى تكبيرا واحدا".وهي صريحة في توحد التكبير، وقد توبع عبيد بن عمير:
    قال ابن المنذر حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا حماد عن عمرو بن دينار عن أبي نجيح أن عمر كان يكبر في الدار أيام التشريق, فيسمع أهل المسجد تكبيره فيكبرون، حتى يكبر أهل السوق ، حتى يكبر أهل الجمار، حتى يكبر من بين الجبلين، حتى يكبر الناس أهل الطواف»،
    أما أثر ابن عمر فوصله ابن المنذر في الأوسط قال: حدثنا موسى بن هارون ثنا أبي ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج أخبرني نافع أن ابن عمر كان يكبر بمني تلك الأيام خلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، وفي ممشائه تلك الأيام جميعا ».
    وقال ابن حاتم في تفسيره حَدَّثَنَا أَبِي ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الْمَسْجِدِ:"وَا ذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" يَوْمُ الصَّدَرِ، بَعْدَ مَا صَدَرَ يُكَبِّرُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَذْكُرُ"، وكذلك رواه سفيان عن عمرو:
    قال البيهقي في سننه(3/313): اخبرنا الشريف أبو الفتح انبأ أبو الحسن بن فراس ثنا أبو جعفر الدبيلي ثنا أبو عبد الله المخزومي ثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال سمعت ابن عباس يكبر يوم الصدر ويأمر من حوله ان يكبروا، فلا ادري تأول قول الله عزوجل (واذكرا الله في ايام معدودات) أو قوله (فإذا قضيتم مناسككم)".

    الباب الثالث: التكبير المقيد بأدبار الصلوات: فقد روى عبد الله بن محمد بن ابي بكر بن عمرو بن حزم قال: رأيت الائمة رضى الله عنهم يكبرون أيام التشريق بعد الصلاة ثلاثا"، وعن الحسن مثله.
    وفي هذا الباب مطالب:
    المطلب الأول: ذكر الأدلة والإجماع على مشروعية التكبير المقيد: قد ذكرنا آنفا أن التكبير في عيد الأضحى مطلق في أيام ذي الحجة، ومقيد بدبر الصلوات من أيام التشريق ويوم عرفة، وأيام التشريق كلها أيام ذكر وتكبير لله تبارك تعالى، كما قال تعالى في كتابه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}, وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعثَ عبد الله بن حُذافة يطوف في منى:"لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل"، وفي الباب عن عائشة وعقبة وعلي ونبيشة وغيرهم، وقال ابن المنذر حدثنا يحيى بن منصور ثنا سويد ثنا عبد الله عن الفزاري عن الأوزاعي قال:« بلغني في قوله: واذكروا الله في أيام معدودات الآية هو التكبير في دبر الصلوات في أيام التشريق".
    وعلى هذا سار السلف والخلف والمسلمون كافة لم يخالف منهم أحد، والله المستعان من تعمد مخالفة سبيل المؤمنين، وإليكم الأقوال:
    ذكر أقوال المفسرين: قال أبو جعفر الطبري: يعني جَلّ ذكره: أذكروا الله بالتوحيد والتعظيم في أيام مُحصَيات، وهي أيام رَمي الجمار. أمر عباده يومئذ بالتكبير أدبارَ الصلوات، وعند الرمي مع كل حصاة من حَصى الجمار يرمي بها جَمرةً من الجمار, قال: وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل",
    وقال ابن كثير:" ويتعلق به أيضًا الذكر المؤقت خلف الصلوات، والمطلق في سائر الأحوال, وفي وقته أقوال للعلماء، وأشهرها الذي عليه العمل أنَّه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وهو آخر النَّفْر الآخِر. وقد جاء فيه حديث رواه الدارقطني، ولكن لا يصح مرفوعا والله أعلم. وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يكبر في قبته، فيكبر أهل السوق",
    وقال البغوي: قوله تعالى{وَاذْكُرُ ا اللَّهَ} يعني التكبيرات أدبار الصلاة وعند الجمرات يكبر مع كل حصاة وغيرها من الأوقات {فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الأيام المعدودات: هي أيام التشريق، وهي أيام منى ورمي", قال البغوي: والتكبير أدبار الصلاة مشروع في هذه الأيام في حق الحاج وغير الحاج عند عامة العلماء",
    وقال ابن الجوزي: وهل يختص هذا التكبير عقيب الفرائض بكونها في جماعة أم لا؟ فيه عن أحمد روايتان, إحداهما: يختص بمن صلاها في جماعة، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله. والثانية:يختص بالفريضة وإن صلاها وحده وهو قول الشافعي.
    وقال البيضاوي:"واذكروا الله فِي أَيَّامٍ معدودات" كبروه في أدبار الصلاة وعند ذبح القرابين ورمي الجمار وغيرها",
    وقال الثعالبي:أَمَرَ اللَّه سبحانه بذكْره في الاْيام المعدوداتِ، وهي الثلاثة الَّتي بعد يَوْم النحر، ومن جملة الذكْر التكبيرُ في إِثْر الصَّلواتِ".
    وقال النسفي: هي أيام التشريق وذكر الله فيها التكبير في أدبار الصلوات وعند الجمار", وبه قال النحاس والواحدي.
    وقال ابن العربي: لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ هَاهُنَا التَّكْبِير, وأَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَالْمَشَاهِيرُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّكْبِيرُ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَخُصُوصًا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ؛ فَيُكَبِّرُ عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ صَلَاةٍ، كَانَ الْمُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ أَوْ وَحْدَهُ يُكَبِّرُ تَكْبِيرًا ظَاهِرًا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ .
    وقال القرطبي: ولا خلاف أن المخاطب بهذا الذكر هو الحاج، خوطب بالتكبير عند رمي الجمار، وعلى ما رزق من بهيمة الانعام في الأيام المعلومات وعند أدبار الصلوات دون تلبية، وهل يدخل غير الحاج في هذا أم لا؟ فالذي عليه فقهاء الامصار والمشاهير من الصحابة والتابعين على أن المراد بالتكبير كل أحد, وخصوصا في أوقات الصلوات, فيكبر عند انقضاء كل صلاة, كان المصلى وحده أو في جماعة, تكبيرا ظاهرا في هذه الأيام، اقتداءا بالسلف رضى الله عنهم, وفى المختصر: ولا يكبر النساء دبر الصلوات, والاول أشهر، لأنه يلزمها حكم الاحرام كالرجل، قاله في المدونة.
    وقال السعدي: ويدخل في ذكر الله فيها، ذكره عند رمي الجمار، وعند الذبح، والذكر المقيد عقب الفرائض،بل قال بعض العلماء: إنه يستحب فيها التكبير المطلق، كالعشر، وليس ببعيد".
    ذكر من نقل الإجماع من الفقهاء والمحدثين: قال ابن قدامة في المغني:" وأما المقيد فهو التكبير في أدبار الصلوات ولا خلاف بين العلماء في مشروعية التكبير في عيد النحر, وإنما اختلفوا في مدتة"، وقال ابن رجب الحنبلي في شرح البخاري: اتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة، وليس فيهِ حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيهِ آثار عن الصحابة ومن بعدهم، وعمل المسلمين عليهِ", نعوذ بالله من مخالفة الصحابة والمسلمين، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (2/370) :"وَأَمَّا التَّكْبِيرُ فِي النَّحْرِ فَهُوَ أَوْكَدُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُشْرَعُ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ وَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ عِيدَ النَّحْرِ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ وَعِيدَ النَّحْرِ أَفْضَلُ مِنْ عِيدِ الْفِطْرِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْعِبَادَةُ فِيهِ النَّحْرَ مَعَ الصَّلَاةِ"، وقال البيهقي:"باب من قال يكبر في الاضحى خلف صلاة الظهر من يوم النحر إلى ان يكبر خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع استدلالا بأن أهل الامصار تبع لأهل منى والحاج ذكره التلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر ثم يكون ذكره التكبير",
    المطلب الثاني: ذكر الخلاف في زمن بدإ وانتهاء التكبير المقيد:
    روي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا التكبير المقيد يبدأ من ظهر يوم العيد إلى آخر أيام التشريق، ثم اختلفوا متى يقطع؟ من غير أن يبدع أحد منهم قول الآخر أو ينكره،
    فقالت طائفة: يقطع بعد تكبير صلاة الصبح، قال البيهقي: باب من قال يكبر في الاضحى خلف صلاة الظهر من يوم النحر إلى ان يكبر خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع استدلالا بأن أهل الامصار تبع لأهل منى والحاج ذكره التلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر ثم يكون ذكره التكبير",
    قال البيهقي:واخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن اسحق الفقيه انبأ عبد الله بن محمد عن أبي عبد الله المروزي يعني محمد بن نصر ثنا يحيى بن يحيى عن وكيع عن العمري عن نافع عن ابن عمر انه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من آخر ايام التشريق"، العمري هو عبد الله وفيه ضعف, قال أبو بكر بن المنذر: وقد روينا هذا القول عن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا حماد عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق», وكذلك خرجه الدارقطني عن عَبْد اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بلفظ:" أَنَّهُمْ كَانُوا يُكَبِّرُونَ فِى صَلاَةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلاَةِ الظُّهْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُكَبِّرُونَ فِى الصُّبْحِ وَلاَ يُكَبِّرُونَ فِى الظُّهْرِ"، مدار كل هذه الآثار العمري وهو ضعيف قد توبع، فروى عبد الرزاق أخبرنا ابن أبي رواد عن نافع عن بن عمر أنه كان يكبر ثلاثا وراء الصلوات بمنى ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"،
    وقد جاء ما يشهد لهذا، فقال ابن المنذر حدثنا محمد بن يحيى ثنا أحمد بن حنبل ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحمن عن زيد بن أبي أنيسة عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر أنه كان إذا صلى وحده في أيام التشريق لم يكبر», وقال الحسن بن عرفة حدثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر وعبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان في أيام التشريق إذا لم يصل في الجماعة لم يكبر أيام التشريق »، ويفهم منه أنه إذا كان في جماعة كبر معهم، وهو قول الإمام مالك وقد صرح في موطئه من باب التكبير أيام التشريق بالمعية وتوحيد التكبير، فقال: "الأمر عندنا ان التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات، وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع التكبير، قال مالك:" والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء من كان في جماعة أو وحده بمنى أو بالآفاق كلها واجب، وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج وبالناس بمنى لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل فأما من لم يكن حاجا فإنه لا يأتم بهم الا في تكبير أيام التشريق"، وهو نص صريح في المطلوب.
    وقال آخرون: يقطع بعد العصر وبه قال مالك وأصحابه، قال البيهقي (3/313):اخبرنا أبو عبد الله ثنا أبو بكر ثنا عبد الله عن ابي عبد الله قال ثنا احمد بن عمرو النيسابوري عن وكيع عن شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس انه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر ايام التشريق"، خصيف ضعيف وقد خولف في وصله، قال ابن حاتم في تفسيره حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيّ ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ثنا الْحَكَمُ بْنُ إِبَّانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ:"وَاذْك ُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" قَالَ: التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ". والأصح عن ابن عباس البدء من يوم عرفة كما سيأتي، وقال البيهقي: وروى عبد الحميد بن ابي رباح عن رجل من اهل الشام عن زيد بن ثابت انه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق", واليوم ينتهي بعد العصر، وقد وصله أبوبكر (1/489)قال: حدثنا زيد بن الحباب نا أبو عوانة عن عبد الحميد بن رباح الشامي عن رجل من أهل الشام عن زيد بن ثابت أنه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق يكبر في العصر"، ولم يصح.
    وقال البيهقي: وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال:" إن الائمة كانوا يكبرون من صلاة الظهر يوم النحر يبتدئون بالتكبير كذلك إلى آخر ايام التشريق"، وصله الفاكهي عن ابن جريج قال عطاء:« كان الأئمة يكبرون خلف الصلوات بمنى أيام منى كلها قبل أن يقوم الإمام بمنى ، فأما بمكة فلا ».
    ومن الأدلة على ذلك ما خرجه الطبراني في الكبير(7/312) ثَنَا أَحْمَدُ بن عَبْدِ الْكَرِيمِ الزَّعْفَرَانِي ُّ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بن حَفْصٍ الشَّيْبَانِيُّ ثَنَا سُلَيْمَانُ بن دَاوُدَ السَّعْدِيُّ أَبُو دَاود ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بن عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِي ثَنَا شَرْقِيُّ بن قَطَامِيٍّ عَنْ عَمْرِو بن قَيْسٍ عَنْ مُحِلِّ بن وَدَاعَةَ عَنْ شُرَيْحِ بن أَبْرَهَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مِنًى، يُكَبِّرُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ"، توبع العسكري،
    فقال ابن قانع في الصحابة من ترجمة أبرهة: حدثنا الحسين بن بهار العسكري نا عمر بن حفص الدمشقي نا سليمان بن داود السعدي نا عبد الواحد بن عبد الله النصري نا شرقي بن قطامي عن عمرو بن قيس عن علي بن وداعة عن شريح بن أبرهة قال:« رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أيام التشريق حين يخرج إلى منى يكبر في دبر كل صلاة مكتوبة»، توبع عمر بن حفص :
    فقال الطبراني في الأوسط(7/205)حدثنا محمد بن نصير ثنا سليمان بن داود الشاذكوني ثنا عبد الواحد بن عبد الله الأنصاري نا شرقي بن القطامي به، قال الهيثمي من باب التكبير وأيام منى:" رواه الطبراني في الكبير والاوسط بنحوه وفيه شرقي بن القطامى وهو ضعيف"، وقد ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان، ولحديثه شاهد مرسل:
    فقال أبو بكر: حدثنا يزيد بن هارون انا ابن أبي ذئب عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر من صلاة الظهر يو عرفة إلى صلاة العصر من اخر أيام التشريق.

    بينما ذهب أكثر أهل العلم إلى أن هذا التكبير المقيد بدبر الصلاة إنما يبدأ من صبح يوم عرفة, ثم اختلفوا متى ينتهي، فقالت طائفة ينتهي بعد عصر آخر يوم وهو قول الأكثرين، وقال آخرون إلى عصر يوم النحر، وبه قال ابن مسعود،
    أما القول الأول فقد نقل عن الإمام أحمد رحمه الله أنه سئل: أي حديث تذهب إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ قال: بالإجماع", قال ابن قدامة في المغني(2/245):" ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم"، وإنما نقلا الإجماع على ذلك لأن من قال ببدإ التكبير من يوم الأضحى لم ينكر هذا القول ولا زعم أنه بدعة، وإنما الإختلاف في الأفضل، وكذا قال شيخ الاسلام ابن تيمية في المجموع (24/222):" وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي فِي السُّنَنِ وَقَدْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ:" يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ مِنًى عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ"، قال: وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ أَهْلَ الْأَمْصَارِ يُكَبِّرُونَ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِحَدِيثٍ آخَرَ رَوَاهُ الدارقطني عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وَلِأَنَّهُ إجْمَاعٌ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ"، ونقله عن الأئمة الأربعة، وبه قال أصحاب أبي حنيفة والشافعي، قال النووي في الأذكار:"وأما عيد الأضحى فيكبر فيه من بعد صلاة الصبح من يوم عرفة إلى أن يصلي العصر من آخر أيام التشريق، ويكبر خلف هذه العصر ثم يقطع، هذا هو الأصح الذي عليه العمل، وفيه خلاف مشهور في مذهبنا ولغيرنا، ولكن الصحيح ما ذكرناه"، وقال ابن كثير في التفسير:"ويتعلق به أيضًا الذكر المؤقت خلف الصلوات، والمطلق في سائر الأحوال, وفي وقته أقوال للعلماء، وأشهرها الذي عليه العمل أنَّه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وهو آخر النَّفْر الآخِر. وقد جاء فيه حديث رواه الدارقطني، ولكن لا يصح مرفوعا والله أعلم. وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يكبر في قبته، فيكبر أهل السوق",
    وقال ابن المنذر: قالت طائفة: يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، يكبر في العصر ثم يقطع التكبير، هكذا قال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس والزهري ومكحول، وبه قال سفيان الثوري وأحمد بن حنبل وأبو ثور ويعقوب ومحمد"، قال ابن المنذر: وفيه قول ثان وهو أن يبدأ التكبير من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم المنى، هذا قول عبد الله بن مسعود، وبه قال علقمة والنخعي وعثمان. وقد روينا عن عبدالله بن مسعود أنه قال غير ذلك، روينا عنه أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة ويقطع في الظهر من يوم النحر"، وقال الحاكم: فأما من فعل عمر وعلي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود فصحيح عنهم التكبير من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق"، وقال البيهقي: وقد روى في ذلك عن عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم".
    أما أثر أمير المؤمنين عمر فقد خرجه أبو بكر في المصنف(1/488) قال: حدثنا أبو أسامة عن أبي عوانة عن حجاج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر أنه كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة الظهر من اخر أيام التشريق"،
    وقال ابن المنذر: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا شعبة عن الحجاج عن عطاء عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب كان يكبر من يوم عرفة من صلاة الصبح إلى آخر أيام التشريق، ثم يمسك صلاة العصر»,
    قال ابن المنذر: حدثنا محمد بن الصباح ثنا عبد الرزاق عن ابن التيمي عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير أن عمر كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق يكبر في العصر يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد»,
    وقال الحاكم: فأما من فعل عمر وعلي وعبد الله بن عباس وعبدالله بن مسعود فصحيح عنهم التكبير من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق، فأما الرواية فيه عن عمر فأخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحجاج سمعت عطاء يحدث عن عبيد بن عمير قال:" كان عمر بن الخطاب يكبر بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق», ومن طريقه خرجه البيهقي ثم قال: كذا رواه الحجاج بن ارطاة عن عطاء, وكان يحيى بن سعيد القطان ينكره, قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ذاكرت به يحيى بن سعيد فانكره وقال هذا وهم من الحجاج وانما الاسناد عن عمر انه كان يكبر في قبته بمنى". قال البيهقي: والمشهور عن عطاء بن ابي رباح انه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر ايام التشريق ولو كان عند عطاء عن عمر هذا الذي رواه عنه الحجاج لما استجاز لنفسه خلاف عمر والله اعلم", في هذه الطرق الحجاج بن أرطاة وقد صرح بالتحديث لكنه مختلف في توثيقه وإنما عيب عليه كثرة التدليس، فقال حماد بن زيد: ما رأيت كوفيا أحفظ من الحجاج بن أرطاة، وقال ابن معين: صدوق ليس بالقويّ. وقال أبو حاتم: إذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب في صدقه وحفظه إذا بين السماع، وقال أبو زرعة: صدوق مدلّسٌ، وقال ابن خزيمة: لا احتج به إلا فيما قال أنا وسمعت، و وقال البزار: كان حافظا مدلسا وكان معجبا بنفسه وكان شعبة يثني عليه، وذكره السيوطي في طبقات الحفاظ ونقل عن أحمد بن حنبل قوله: كان من الحفاظ، وقال ابن خراش: كان حافظاً للحديث. وقال الخطيب: كان أحد العلماء بالحديث والحفاظ له،.. ووثقه ابن ماكولا، بينما ضعفه آخرون، وقد روى عنه هذا الحديث شعبة وهو ممن ينتقي من حديثه، وقد أطلق الحافظ ابن حجر أن شعبة كان لا يروي عن شيوخه المدلسين إلا ما سمعوه، فيكون الخبر حسنا، ولأجل ذلك صححه الحاكم والله أعلم، كما أن الحجاج كان راوية عن عطاء، فقد وثقه العجلي وقال: كان حجاج راويا عن عطاء سمع منه"، ولحديثه شاهد يقويه:
    قال أبو بكر: حدثنا يزيد بن هارون ثنا شريك قال: قلت لابي إسحاق: كيف كان يكبر علي وعبد الله؟ قال: كانا يقولان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، وروى أبو يوسف القاضي في الآثار: ثنا مطرف بن طريف عن ابي اسحق قال: اجتمع عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم على التكبير في دبر صلاة الغداة من يوم عرفة, فأما أصحاب ابن مسعود فالى صلاة العصر من يوم النحر, وأما عمر وعلي رضي الله عنهما فإلى صلاة العصر من آخر ايام التشريق",
    أما أثر أمير المؤمنين علي فصحيح عنه، قال أبو بكر من باب التكبير من أي يوم هو إلى أي ساعة(1/488): حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن شقيق عن علي وعن علي بن عبد الاعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من اخر أيام التشريق ويكبر بعد العصر"، وهذا رواه زائدة عن عن عاصم عن شقيق به، ورواه زائدة عن عبد الأعلى الثعلبي عن أبي عبد الرحمن، ومن طريق أبي بكر خرجه ابن المنذر في الأوسط قال: حدثنا موسى ثنا أبو بكر ثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن شقيق عن علي، وعبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي قال:« يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق, يكبر بعد العصر»، وقال ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وهناد: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَلِي أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ بَعْدَ الْعَصْرِ"، وقال ابن المنذر: حدثنا إبراهيم بن الحارث ومحمد بن إسماعيل قالا: ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا زائدة عن عبد الأعلى الثعلبي عن أبي عبد الرحمن عن علي أنه كان يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، ويكبر بعد العصر ويقطع», وقال الحاكم حدثناه أبو بكر بن إسحاق أنا عبد الله بن محمد ثنا هناد ثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن شقيق قال:" كان علي يكبر بعد صلاة الفجر غداة عرفة ، ثم لا يقطع حتى يصلي الإمام من آخر أيام التشريق، ثم يكبر بعد العصر»، صححه الحاكم، وقال البيهقي: واما الرواية الموصولة فيه عن علي رضي الله عنه فاخبرناه أبو عبد الله الحافظ فذكره ثم قال: وكذلك رواه أبو جناب عن عمير بن سعيد عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه"، وهذا خرجه أبو بكر قال: حدثنا وكيع عن أبي حباب عن عمير بن سعيد عن علي أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق"، وله طريق أخرى، قال ابن المنذر: حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا حماد عن حجاج عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي أن عليا كان يكبر يوم عرفة صلاة الفجر إلى العصر من آخر أيام التشريق يقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، وكذلك رواه إبراهيم، خرج روايته محمد وأبو يوسف في الآثار عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يكبر في صلاة الغداة من يوم عرفة إلى بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق"، قال محمد: وبه نأخذ،
    أما أثر ابن مسعود وأصحابه فمتواتر عنهم، خرجه أبو بكر من باب كيف يكبر يوم عرفة(1/490)قال: حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال: كانوا يكبرون يوم عرفة وأحدهم مستقبل القبلة في دبر الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، وقال البيهقي: أما مذهب عبد الله بن مسعود في ذلك فقد رواه الثوري عن أبي إسحق عن الاسود عن عبد الله موصولا ورواه جماعة عن ابن مسعود، فقال البيهقي(3/314) أخبرنا أبو حازم الحافظ ثنا أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ ثنا أبو العباس أحمد بن جعفر البلخي ببغداد ثنا علي بن مسلم الطوسي ثنا أبو يوسف يعني القاضي ثنا مطرف بن طريف عن أبي إسحاق قال: اجتمع عمر وعلي وبن مسعود رضي الله عنهم على التكبير في دبر صلاة الغداة من يوم عرفة فأما أصحاب بن مسعود فإلى صلاة العصر من يوم النحر وأما عمر وعلي رضي الله عنهما فإلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق"، قال: أما مذهب عبد الله بن مسعود في ذلك فقد رواه الثوري عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله موصولا ورواه جماعة عن بن مسعود"، وقال الطبراني في الكبير(9/307) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن النَّضْرِ الأَزْدِي ثَنَا مُعَاوِيَةُ بن عَمْرٍو َنَا زُهَيْر َثَنَا أَبُو إِسْحَاق عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ"َنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ صَلاةَ الْغَدَاةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَقْطَعُ صَلاةَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، يُكَبِّرُ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ"، قَالَ:"وَكَانَ يُكَبِّرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ"، قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا إسحاق لم يسم من حدثه"، وقد سمى بعض من حدثه، فروى ابن مهدي عن سفيان عن أبى إسحق عن الاسود أن عبد الله كان يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر"،
    وقال أبو بكر: حدثنا وكيع عن حسن ين صالح عن أبي إسحاق عن أبي الاحوص عن عبد الله أنه كان يكبر أيام التشريق الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد". قال أبو بكر: حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن الاسود عن عبد الله أنه كان يكبر من صلاة القجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر مثل حديث وكيع"، وقال ابن المنذر: حدثنا علي بن الحسن ثنا عبد الله بن الوليد عن سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله بن مسعود أنه كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر يقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد».
    وقد توبع أبو إسحاق، فقال أبو بكر(1/488): حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن غيلان بن جابر عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عبد الله أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر"، وكذلك رواه إبراهيم، فقال الطبراني حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ ثَنَا حَجَّاجُ بن الْمِنْهَالِ َنَا شُعْبَةُ َنِي الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ: "التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى بَعْدِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ"، مراسيل إبراهيم عن عبد الله صحاح، وقد كان يروي عن الثقات من أصحابه عنه، وخرج أبو يوسف في الآثار عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن أبي الأحوص عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في التكبير أيام التشريق:«من دبر صلاة الفجر يوم عرفة إلى دبر صلاة العصر من يوم النحر..",
    أما الرواية التي فيها الجمع بين رواية علي وابن مسعود، فخرجها أبو بكر: حدثنا يزيد بن هارون ثنا شريك قال: قلت لأبي إسحاق: كيف كان يكبر علي وعبد الله؟ قال: كانا يقولان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد".
    كما جمع أبو إسحاق بين الصحابة الثلاث: قال البيهقي:اخبرنا أبو حازم الحافظ ثنا أبو احمد محمد بن محمد الحافظ ثنا أبو العباس احمد بن جعفر البلخي ببغداد ثنا علي بن مسلم الطوسي ثنا أبو يوسف يعني القاضي ثنا مطرف بن طريف عن ابي اسحق قال: اجتمع عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم على التكبير في دبر صلاة الغداة من يوم عرفة, فأما أصحاب ابن مسعود فالى صلاة العصر من يوم النحر, وأما عمر وعلي رضي الله عنهما فإلى صلاة العصر من آخر ايام التشريق",
    وقد روى أبوجناب عن ابن مسعود مثلما روى الناس عن عمر وعلي وابن عباس، فقال الحاكم أخبرناه أبو يحيى أحمد بن محمد السمرقندي ثنا محمد بن نصر ثنا يحيى بن يحيى أنبأ هشيم عن أبي جناب عن عمير بن سعيد قال:" قدم علينا ابن مسعود فكان يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد » صححه الحاكم وله شاهد، فقال أبو بكر: حدثنا وكيع عن حسن ين صالح عن أبي إسحاق عن أبي الاحوص عن عبد الله أنه كان يكبر أيام التشريق الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، وروى عبد الرزاق نا الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي، وعن أبي إسحاق عن الأسود عن ابن مسعود أنهما كانا يكبران من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق".
    أما أثر ابن عباس فهو صحيح عنه مشهور، قال أبو بكر بن أبي شيبة (1/489) ثنا يحيى بن سعيد عن أبي بكار (هو الحكم بن فروخ) عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، ولا يكبر في المغرب: الله أكبر الله أكبر كبيرا، الله أكبر تكبيرا، الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد", وكذلك رواه مسدد وأحمد بن حنبل واسحق بن ابراهيم ومحمد بن رافع وبندار كلهم عن يحيى بن سعيد القطان عن الحكم بن فروخ عن عكرمة به وروايته أصح، وخالفه خصيف وهو ضعيف, فجعل التكبير من بعد ظهر عرفة:
    قال ابن المنذر: حدثنا محمد بن علي ثنا سعيد ثنا عتاب بن بشير عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال:« يكبر الناس في الأمصار يوم عرفة عند الظهر إلى بعد العصر من آخر أيام التشريق » وهو منكر، ويروى عن غير ابن عباس:
    فقال البيهقي: ورواه الواقدي عنه وعن جابر بن عبد الله وبه قال الحسن بن ابي الحسن البصري، وقال الحاكم حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ العباس بن الوليد بن مزيد ثنا أبي قال: سمعت الأوزاعي وسئل عن التكبير يوم عرفة، فقال:« يكبر من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق كما كبر علي وعبد الله ».
    ذكر الأدلة لهذا القول: قال البيهقي: باب من استحب ان يبتدئ بالتكبير خلف صلاة الصبح من يوم عرفة استدلالا بما اخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثم ذكر الحديث الذي في الصحيحين من طريق محمد بن ابي بكر الثقفي انه سأل انس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة, كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:" كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه", ثم استدل بما في صحيح مسلم عن ابن عمر قال:" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهلل, فاما نحن فنكبر, قال: قلت: والله لعجب منكم كيف لم تقولوا له ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع",
    ومنها ما خرجه أبوداود والترمذي وصححه من حديث عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ"، فأخبر عليه السلام أن عرفة من جملة أيام العيبد، وقد مضى عن شيخ الإسلام أنه استدل به على بداية التكبير من يوم عرفة.
    وهناك طائفة أخرى من الأدلة لهذا القول:
    فقال الدارقطني(2/49): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمُحَارِبِىُّ بِالْكُوفَةِ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ ثَنِى عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْهَرُ فِى الْمَكْتُوبَاتِ بِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِى فَاتِحَةِ الْقُرْآنِ وَيَقْنُتُ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ وَالْوِتْر, وَيُكَبِّرُ فِى دُبُرِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ مِنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ غَدَاةَ عَرَفَةَ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَوْمَ دَفْعَةِ النَّاسِ الْعُظْمَى"، وهذا حديث ضعيف بسبب عمرو وجابر، قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام:"... لَا يَنْبَغِي تعصيب الْجِنَايَة فِي هَذَا الحَدِيث بِرَأْس جَابر الْجعْفِيّ ، فَإِن عَمْرو بن شمر مَا فِي الْمُسلمين من يقبل حَدِيثه، وَسَعِيد بن عُثْمَان الرَّاوِي لهَذَا الحَدِيث عَنهُ لَا أعرفهُ ، وَفِي طبقته من يتسمى هَكَذَا من يشبه أَن يكونه، وَلَا أحققه"، وسعيد بن عثمان هو الحزاز والله أعلم.
    وقد روى هذا الحديث عمرو بن شمر، ومع شدة ضعفه فقد اختلف عليه فيه، فرواه سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ وأَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ ثَنَا عَمْرُو بْنُ شَمِر عن جابر به، ورواه مُصْعَبُ بْنُ سَلاَّمٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حِينَ يُسَلِّمُ مِنَ الْمَكْتُوبَاتِ "، ورواه مَحْفُوظُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِىُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَقَطَعَ فِى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ".
    ورواه نَائِلُ بْنُ نَجِيحٍ وهو مجهول عَنْ عَمْرِو بْنِ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ يُقْبِلُ عَلَى أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ« عَلَى مَكَانِكُمْ»، وَيَقُولُ:« اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، فَيُكَبِّرُ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ"، قال البيهقي: تابعه عبد الرحمن بن مسهر عن عمرو بن شمر دون ذكر أبي جعفر مختصرا، وقد رواه عبد الرحمن بن مسهر عن عمرو بن شمر عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر يوم عرفة من صلاة الغداة إلى صلاة العصر آخر ايام التشريق", قال البيهقي: عمرو بن شمر وجابر الجعفي لا يحتج بهما, وقد رواه نائل بن نجيح عن عمرو عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط وابي جعفر عن جابر وفي رواية الثقات كفاية",
    وقد توبع عمرو بن شمر إن لم يكن الخراز قد وهم في الحديث: قال الحاكم في مستدركه أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني ثنا إبراهيم بن أبي العنبس القاضي ثنا سعيد بن عثمان الخراز ثنا عبد الرحمن بن سعيد المؤذن ثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي وعمار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان يقنت في صلاة الفجر، وكان يكبر من يوم عرفة صلاة الغداة، ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق»، قال الحاكم« هذا حديث صحيح الإسناد، ولا أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح»، وتعقبه الذهبي فقال: هذا خبر واه كأنه موضوع، لأن عبد الرحمن ضعفه ابن معين، وسعيد إن كان الكريزي فهو ضعيف وإلا فهو مجهول، قال البيهقي:إسناده ضعيف إلا أنه أمثل من طريق جابر الجعفي"، وسعيد بن عثمان الخزار كوفي لم أجد من ترجمه، وقد وثقه ضمنيا الحاكم، لكن اختلف عليه في الحديث:
    فقال الدارقطني: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمُحَارِبِىُّ بِالْكُوفَةِ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ ثَنِى عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِر بالحديث كما مضى فرجع إلى الطريق الأولى والله أعلم.ٍ
    وخرج الديلمي في مسند الفردوس مرفوعا:" يا علي كبر في دبر صلاة الفجر من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق صلاة العصر"، وقد حكم عليه الألباني بالوضع.
    وفي الباب أقوال أخرى، قال ابن المنذر:... وفيه قول رابع قاله يحيى الأنصاري قال: السنة عندنا في التكبير في أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق يكبر الظهر ثم يمسك...، وفيه قول خامس قاله الزهري قال: مضت السنة أن يكبر الإمام في الأمصار دبر صلاة الظهر من يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق"، وروي ذلك عن عطاء .
    الفصل الثاني: في التكبير ليلة عيد الفطر:
    الباب الأول: في التكبير الجماعي والفردي ليلة الفطر، .............. يتبع
    كتبه أبو عيسى الزياني الجزائري

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي رد: التكبير الجماعي والفردي أيام العشر والعيدين ج 1

    الفصل الثاني: في التكبير ليلة عيد الفطر وكذلك ليلة النحر :
    المطلب الأول: في التكبير الجماعي والفردي ليلة الفطر والنحر : قال ابن حزم في المحلى (5/89): "والتكبير ليلة عيد الفطر فرض، وهو في ليلة عيد الاضحى حسن ، قال تعالى وقد ذكر صوم رمضان: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) فبإكمال عدة صوم رمضان وجب التكبير، ويجزئ من ذلك تكبيرة، وأما ليلة الأضحى ويومه ويوم الفطر فلم يأت به أمر، لكن التكبير فعل خير وأجر"، وقال البيهقي في الصغير: باب السنة في العيدين، قال الله عز وجل( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) قيل: أراد به صلاة الفطر، وقال( فصل لربك وانحر) قيل: أراد به صلاة النحر، وقيل غير ذلك، وقال (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم)
    قال الشافعي رحمه الله: فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: "ولتكملوا عدة شهر رمضان ولتكبروا الله عند إكماله على ما هداكم وإكماله مغيب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان فإذا رأوا هلال شهر شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى وأحب أن يكبر الناس خلف صلاة المغرب والعشاء والصبح وبين ذلك وغاديا حتى ينتهي إلى المصلى..."،
    وما نقله الشافعي من تكبير جماعي نقله كذلك ابن عيينة والفاكهي، فقال الفاكهي في أخبار مكة (3/9) حدثنا محمد بن أبي عمر ثنا سفيان في قوله تعالى:( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) قال:" نرجوا أن يكون التكبير ليلة الفطر، وزعم المكيون أنهم رأوا مشايخهم يكبرون ليلة الفطر إلى خروج الإمام يوم العيد ويظهرون التكبير ويرونه سنة"، قال: وهم على ذلك اليوم
    الأثر الأول : وورد التكبير ليلة الفطر عن عبد الله بن عمر، فقال البيهقي في السنن(3/278) أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه الأصبهاني أنبأ أبو محمد بن حيان ثنا ابن أبي عاصم ثنا ابن مصفى حدثني يحيى بن سعيد العطار ثقة عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه كان يكبر ليلة الفطر حتى يغدو إلى المصلى"، قال البيهقي:"ذكر الليلة فيه غريب"، ورجاله ثقات.
    المطلب الثاني: التكبير في الطريق إلى المصلى للعيدين : لعموم قوله تعالى:" ولتكبروا الله على ما هداكم"، وغير ذلك من العمومات التي استدل بها السلف الطيب كما مضى وسيأتي،
    دليل أول :
    قال ابن خزيمة (2/343) باب التكبير والتهليل في الغدو إلى المصلى في العيدين إن صح الخبر فإن في القلب من هذا الخبر، وأحسب الحمل فيه على عبد الله بن عمر العمري إن لم يكن الغلط من ابن أخي ابن وهب، نا أحمد بن علي بن وهب ثنا عمي ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس وعبد الله بن عباس والعباس وعلي وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة وأيمن بن أم أيمن رافعا صوته بالتهليل والتكبير فيأخذ طريق الحدادين حتى يأتي المصلى فإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتي منزله"،
    وقال البيهقي (3/279) وقد روى من وجهين ضعيفين مرفوعا أما أمثلهما فاخبرناه أبو حازم الحافظ (أحمد محمد بن محمد) انبأ أبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة ثنا احمد بن عبد الرحمن بن وهب ثنا عمي ثنا عبد الله بن عمر فذكره. والمتفرد به هو العمري، قال عنه ابن القطان الفاسي:" قد وَثَّقَهُ قوم وأثنوا عَلَيْهِ ، وَضَعفه آخَرُونَ من أجل حفظه ، لَا من أجل صدقه وأمانته"، وقد توبع:
    قال البيهقي: وأما أضعفهما فاخبرناه أبو عبد الله الحافظ انبأ أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي ثنا عبد الله بن محمد بن خنيس الدمشقي ثنا موسى بن محمد بن عطاء ثنا الوليد بن محمد ثنا الزهري اخبرني سالم بن عبد الله ان عبد الله بن عمر اخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى", قال البيهقي: موسى بن محمد بن عطاء منكر الحديث ضعيف والوليد بن محمد المقري ضعيف لا يحتج برواية امثالهما والحديث المحفوظ عن ابن عمر من قوله,
    وقال الدارقطني في سننه: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأُبُلِّىُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُنَيْسٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى يَأْتِىَ الْمُصَلَّى"، ولم يصح، وله متابعات أخرى :
    وقد جاء التكبير في الطريق عن الصحابة رضي الله عنهم:
    الدليل الثاني: قال ابن المنذر: حدثنا موسى ثنا محمد بن عامر ثنا الحوطي ثنا يحيى بن سعيد العطار عن عتبة بن المنذر عن الحرب بن المنذر قال : رأيت أبا أمامة الباهلي وأبا رهم ، وناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكبرون يوم الفطر إذا خرجوا إلى الصلاة"، وقال الأوزاعي : كان الناس إذا خرجوا يوم الفطر إلى مخرجهم كبروا حتى يفرغوا من الصلاة ثم نسكوا".
    الثالث : وقال الدارقطني حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَشْوَعَ عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ قَالَ:" رَأَيْتُ عَلِيًّا يَوْمَ أَضْحًى لَمْ يَزَلْ يُكَبِّرُ حَتَّى أَتَى الْجَبَّانَةَ".
    الرابع : قال الدارقطني حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَحَفْصُ بْنُ عَمْرٍو قَالاَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ لِلْعِيدَيْنِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِىَ الْمُصَلَّى وَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِىَ الإِمَامُ"،
    وقال الدارقطني حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَدَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى يَأْتِىَ الْمُصَلَّى ثُمَّ يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِىَ الإِمَامُ"،
    وقال الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد ني عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس، فيكبر حتى يأتي المصلى يوم العيد، ثم يكبر بالمصلى، حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير»،
    الخامس: وقال الفريابي في أحكام العيدين: ثنا أبو همام حدثني ابن وهب ني عبدالله بن عمر وأسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر أنه كان يجهر بالتكبير يوم الفطر إذا غدا إلى المصلى حتى يخرج الإمام فيكبر بتكبيره»، وجاء مثل ذلك عن التابعين،
    الأثر السادس وما بعده : قال الفريابي ثنا أبو همام ثني ابن وهب ني عبد الله بن الشيخ عن عثيم بن نسطاس قال:« كان سعيد بن المسيب يفعل ذلك»،
    قال الفريابي ثنا أبو همام حدثني ابن وهب أخبرني إبراهيم بن نشيط قال:« رأيت بكير بن الأشج يفعل ذلك »،
    الثامن: وقال الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد ني يزيد بن الهاد أنه سمع نافع بن جبير يجهر بالتكبير حين يغدو إلى المصلى يوم العيد"،
    وقال أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن رافع، يقول: كنت مع أحمد وإسحاق عند عبد الرزاق، فجاءنا يوم الفطر، فخرجنا مع عبد الرزاق إلى المصلى، ومعنا ناس كثير، فلما رجعنا، دعانا عبد الرزاق إلى الغداء، ثم قال لأحمد وإسحاق: رأيت اليوم منكما عجبا، لم تكبرا، فقال أحمد وإسحاق: يا أبا بكر، كنا ننتظر هل تكبر، فنكبر، فلما رأيناك لم تكبر أمسكنا، قال: وأنا كنت أنظر إليكما، هل تكبران فأكبر"، فتأمل كيف كان كل واحد منهم كان ينتظر الآخر حتى يكبر فيكبر الآخرون معه, احتراما لبعضهم، وما ذاك إلا لشهرة التكبير الجماعي بينهم والله المستعان.
    الفصل الثالث: ذكر ما جاء في مشروعية التكبير الجماعي في أيام العيد :
    المطلب الأول: وقت التكبير الجماعي والفردي في عيد الفطر : وهذا يبدأ من حين رؤية الهلال حتى ينصرف الإمام، دليل ذلك عموم قوله تعالى: "ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم"، الدليل الأول مع الثاني والثالث : آيتان وأثر: من الأدلة على ذلك عموم قوله تعالى:" واذكروا الله في أيام معدودات"، وقوله أيضا:" ولتكملوا العدة ولتكبروا الله الآية"،
    قال الطبري حدثني يونس نا ابن وهب قال: قال ابن زيد: كان ابن عباس يقول: حقٌّ على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبرِّوا الله حتى يفرغوا من عيدهم، لأن الله تعالى ذكره يقول :"ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم".
    الأثر الرابع: وهو من تفسير السلف لكلام الله ، قال الطبري حدثني المثني ثنا سويد بن نصر أنا ابن المبارك عن داود بن قيس سمعت زيد بن أسلم يقول :"ولتكبروا الله على ما هداكم"، قال: إذا رأى الهلال، فالتكبير من حين يَرى الهلال حتى ينصرف الإمام، في الطريق والمسجد، إلا أنه إذا حضر الإمامُ كفّ فلا يكبرِّ إلا بتكبيره "،
    وقال ابن زيد: يَنبغي لهم إذا غَدوا إلى المصلَّى كبروا، فإذا جلسوا كبروا، فإذا جاء الإمام صَمتوا، فإذا كبر الإمام كبروا، ولا يكبرون إذا جاء الإمام إلا بتكبيره، حتى إذا فرغ وانقضت الصلاة فقد انقضى العيد.
    قال يونس: قال ابن وهب: قال عبد الرحمن بن زيد: والجماعةُ عندنا على أن يغدوا بالتكبير إلى المصلَّى",
    وقال ابن المنذر في الأوسط: وقد روينا عن زيد بن أسلم روايتين في معنى قوله: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) الآية، إحداهما: أن التكبير من حين يرى الهلال حتى ينصرف الإمام في الطريق والمسجد، إلا أنه إذا حضر الإمام كف، فلا يكبر إلا بتكبيره ، والرواية الأخرى عن زيد أنه قال في هذه الآية: بلغنا أنه التكبير يوم الفطر"، قال: فأما سائر الأخبار عن الأوائل فدالة على أنهم كانوا يكبرون يوم الفطر إذا غدوا إلى الصلاة..."،
    المطلب الثاني: أدلة التكبير الجماعي للعيدين :
    المسألة الأولى : ذكر الأدلة من السنن والآثار :
    الدليل الخامس: قال الطبراني في الاوسط (7/11) حدثنا محمد بن الحسن ثنا حبان بن هلال ثنا مطيع بن ميمون العنبري عن صفية بنت عصمة وهي أمه عن عائشة قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن خروج العواتق في العيدين؟ فقال:« يخرجن»، قيل: يا رسول الله إن لم يكن لها ثوب؟ قال:« تلبس ثوب صاحبتها، ألم تسمعي أن الله يقول: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم)»،
    يؤيد المعية في ذلك ما مضى من رواية :" فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِم"، الباء فغي لغة العرب للاستعانة والمصاحبة معا فكأن النساء يستعن على التكبير بتكبيرهن مع الرجال ، يؤيد صحة ذلك ويوضحه رواية مسلم وأبي داود عن أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ:" كُنَّا نُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْمُخَبَّأَة ُ وَالْبِكْرُ، قَالَتْ: الْحُيَّضُ يَخْرُجْنَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ يُكَبِّرْنَ مَعَ النَّاسِ"، وهل هناك نص أوضح من هذا في المعية والموافقة في التكبير.
    دليل أو الدليل السادس والسابع : خرجه الطبراني في الكبير والصغير(1/357) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن وُهَيْبٍ الْغَزِّيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بن أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلانِيّ ُ َنَا بَقِيَّةُ بن الْوَلِيدِ ثَنَا عُمَرُ بن رَاشِدٍ الْيَمَامِيُّ ثَنَا أَبُو كَثِيرٍ يَزِيدُ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:"زَيِّ نُوا أَعْيَادَكُمْ بِالتَّكْبِيرِ" قال: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي كَثِير إِلا عُمَرُ، وَعَنْ عُمَرَ إِلا بَقِيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي السَّرِيّ"، قال الهيثمي من باب التكبير في العيدين:"رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه عمر بن راشد ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وقال العجلي لا بأس بهِ"،
    وقال أبو نعيم في الحلية (2/288) حدثنا محمد بن المظفر ثنا أبو رافع أسامة بن علي بن سعيد ثنا عبد الرحمن بن خالد بن نجيح ثنا علي بن الحسن ثنا سفيان الثورى عن أيوب بن أبي تميمة عن أبي قلابة، وسفيان عن حميد وعاصم الاحول عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" زينوا العيدين بالتهليل والتقديس والتحميد والتكبير "، قال:غريب من حديث الثوري وأبي قلابة وأيوب لم نكتبه إلا من حذيث علي بن الحسن وهو الشامي نزيل مصر تفرد به وبغيره عن الثوري"، والشامي هذا ضعيف جدا لا يحتج به.
    دليل ثامن : ومن الشواهد على إظهار التكبير ما خرجه الحاكم(4/256) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح حدثني الليث بن سعد عن إسحاق بن بزرج عن زيد بن الحسن بن علي عن أبيه رضي الله عنهما قال :« أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد ، وأن نضحي بأسمن ما نجد ، البقرة عن سبعة والجزور عن عشرة، وأن نظهر التكبير وعلينا السكينة والوقار»، قال الحاكم:« لولا جهالة إسحاق بن بزرج لحكمت للحديث بالصحة» ومع جهالته فقد اختلف عنه، فرواه مطلب بن شعيب والفسوي وفهد بن سليمان ويحيى بن عثمان والبخاري في التاريخ عن عبد الله بن صالح عن إسحاق فجعله من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه، وابن بزرج لم يوثقه غير ابن حبان.
    الدليل التاسع : ومن الأدلة على التكبير الجماعي ما خرجا في الصحيح من طريق محمد بن ابي بكر الثقفي انه سأل انس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة, كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:" كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه", ولمسلم عن ابن عمر قال:" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهلل, فاما نحن فنكبر, قال: قلت: والله لعجب منكم كيف لم تقولوا له ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع",
    فافترق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرقتين، فرقة منهم تهلل، والأخرى تكبر الله بهيأة واحدة وهي هيأة تكبير النبي صلى الله عليه وسلم، والكل مشروع، يزيد ذلك بيانا ما :
    العاشر: خرجه ابن عبد البر في التمهيد (13/73) أخبرنا خلف بن سعيد قراءة مني عليه أن عبدالله بن محمد حدثهم قال: حدثنا أحمد بن خالد حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا القعنبي حدثنا يحيى بن عمير أن عمر بن عبد العزيز قال لعبيد الله بن عبد الله بن عمر: سألت أباك عن اختلاف الناس في التلبية ؟ فقال: أخبرني أبي أنه غدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى غداة عرفة حين صلى الصبح قال فلم تكن لي همة إلا أن أرمق الذي أراه يصنع فسمعته يهلل ويكبر، والناس كهيأته يهللون ويكبرون ويلبون ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع ذلك كله فلم أره ينهى عن شيء من ذلك كله ولزم التهليل والتكبير"، وهو حديث حسن صريح في اتحاد الهيئة ، فقد خرج ابن عبد البر بهذا الإسناد شيئا كثيرا من مسند الحافظ علي بن عبد العزيز البغوي ويحتج به، وقد أثنى على شيخه خلف بن سعيد، وقال عنه ابن بشكوال في الصلة: روى عنه أبو عمر بن عبد البر وأثنى عليه، وقال عياض:" خلف بن سعيد بن أحمد بن محمد الأزدي أبو القاسم إشبيلي. كان رجلاً صالحاً من الفضلاء الزهداء في الدنيا، منقبضاً قديم الخير، له رحلة حجّ فيها وتنسك وتقشّف، وكان فقيهاً مفتياً"، وقال الحميدي: كان من فقهاء إشبيلية وعبادها، قال: روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الحافظ وأثنى عليه"، وعبد الله بن محمد هو ابن علي الباجي، قال عنه الحميدي: وهو فقيه محدث مكثر جليل"، وهو راوي مسند علي بن عبد العزيز الحافظ، فقد قال الحميدي في المقتبس من ترجمته: أخبرنا الفقيه أبو عمر بن عبد البر، قال: أخبرنا خلف بن سعيد بن أحمد بمسند علي بن عبد العزيز، المنتخب عن أبي محمد الباجي، عن أحمد بن خالد، عن علي بن عبد العزيز"، أما عن إسناد البغوي فهو حسن فإن يحيى بن عمير صدوق، فقد وثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال الذهبي: صدوق، وقد أدرك نافعا وسالما وهشام بن عروة وهذه الطبقة، فاتصل الحديث، وهو صريح في التكبير الجماعي بهيأة موحدة، وعلى هذا سار الصحابة والتابعون :
    الحادي عشر : وقد مضى وسيأتي الأثر الصحيح عن عبيد بن عمير عن عمر رضي الله عنه:" أنه كان يكبر في قبته بمنى فيسمعه اهل المسجد فيكبرون فيسمعه اهل السوق فيكبرون حتى ترتج منى تكبيرا واحدا". وهي صريحة في توحيد رجة التكبير والمعية فيه ،
    وقد قال البخاري في الصحيح:" بَاب التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ, وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا", وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الْأَيَّامَ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا", ووجه الدلالة من شيئين، أحدهما في قوله:" حتى ترتج منى تكبيرا"، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:" وقوله:" ترتج بتثقيل الجيم أي تضطرب وتتحرك، وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات"، وكذا قرر المقولة الشوكاني في النيل (3/388)، يؤيد ما قالاه ما خرجه البيهقي والشافعي في الأم بإسناد صحيح عن عطاء قال:" أدركت مئتين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين سمعت لهم رجة بآمين"، وهل تكون الرجة بآمين إلا باجتماع الأصوات، واتصال التكبير معا فكذلك الأولى كما قال الحافظ, ويؤيده أيضا:
    الوجه الثاني: وهو في قوله:" فيسمعه الناس فيكبرون"، وقد خرج نحو هذا اللفظ ابن المنذر فقال في الأوسط حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا حماد عن عمرو بن دينار عن أبي نجيح أن عمر كان يكبر في الدار أيام التشريق, فيسمع أهل المسجد تكبيره فيكبرون، حتى يكبر أهل السوق ، حتى يكبر أهل الجمار، حتى يكبر من بين الجبلين، حتى يكبر الناس أهل الطواف"، وهو صريح في المطلوب، وأنهم كانوا يكبرون بتكبير عمر حتى يتصل التكبير ويتحد، يؤيد ذلك ما خرجه مالك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ شَيْئًا فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ ثُمَّ خَرَجَ الثَّانِيَةَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ ثُمَّ خَرَجَ الثَّالِثَةَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ حَتَّى يَتَّصِلَ التَّكْبِيرُ وَيَبْلُغَ الْبَيْتَ فَيُعْلَمَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ خَرَجَ يَرْمِي"، فبدأ التكبير من رجل واحد وهو الفاروق، ثم كبر من حوله بتكبيره حتى اتصل التكبير إلى الآفاق واتحد،
    وقد وصل هذا الأثر ابن المنذر فقال في الأوسط قال: حدثنا سهل بن عمار ثنا محمد بن عبيد الله ثنا طلحة عن عبيد بن عمير قال:« كان عمر يكبر في قبته بمنى فيكبر أهل المسجد، فيكبر بتكبيرهم أهل منى، ويكبر بتكبيرهم أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا»،
    وقال الفاكهي في أخبار مكة الفاكهي (4/258) حدثنا محمد بن أبي عمر ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن عبيد بن عمير قال إن عمر بن الخطاب بن رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى فيكبر أهل السوق بتكبيرة حتى ترتج منى تكبيرا"، والباء في لغة العرب تكون للاستعانة، كما تكون للمصاحبة، فكأنهم كانوا يكبرون مستعينين بتكبير عمر، مصاحبين له في التكبير معا ، حتى صار تكبيرهم تكبيرا واحدا يزيد ذلك بيانا ما :
    خرجه البيهقي في السنن (3/312): اخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن اسحق قال قال أبو عبيد فحدثني يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى فيسمعه اهل المسجد فيكبرون فيسمعه اهل السوق فيكبرون حتى ترتج منى تكبيرا واحدا"، وقد خرجه أبو عبيد نفسه كما قال الحافظ ابن حجر، وهو أثر صريح غاية في الصحة لاتفاق الحفاظ على أن رواية ابن جريج عن عطاء موصولة، وقد أخبر ابن جريج عن نفسه أنه لا يدلس عن عطاء، كما أن ابن جريج أروى الناس عن عطاء وأوثقهم فيه، وهي أصرح رواية في التكبير الموحد وذلك في قوله:" حتى ترتج منى تكبيرا واحدا"، وهي تؤيد ما فسر به الحافظ ابن حجر معنى ترتج كما سبق، وقد أشار ابن حجر إلى هذه الرواية فقال في الفتح:" قوله وكان عمر يكبر في قبته بمنى الخ... ووصله أبو عبيد من وجه آخر بلفظ التعليق ومن طريقه البيهقي"، وقد كان هذا التكبير الموحد بحضرة الصحابة جميعا لم ينكره أحد منهم، فكان إجماعا صريحا لا تحل مخالفته.
    الثاني عشر : خرجه أبو بكر: حدثنا أبو أسامة عن مسكين أبي هريرة قال: سمعت مجاهدا وكبر رجل أيام العشر فقال مجاهد: أفلا رفع صوته فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر في المسجد فيرتج بها أهل المسجد ، ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي حتى يبلغ الابطح فيرتج بها أهل الابطح، وإنما أصلها من رجل واحد"، والرجة هي المبالغة في اجتماع الأصوات والمعية فيها كصوت رجل واحد كما سيأتي،

    الثالث عشر: يؤيد ذلك ما مضى صحيحا من خبر مجاهد قال: «كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما يخرجان أيام العشر إلى السوق فيكبران ، فيكبر الناس معهما، لا يأتيان السوق إلا لذلك », وهذا نص في المعية وتوحد التكبير .
    وقد جاء نحو ذلك عن صحابة آخرين وتابعين، وهل الناس يومئذ إلا هم، دليل ذلك ما :
    الرابع عشر: كما جاء هذا التكبير الجماعي عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما بحضرة الناس، وهل الناس يومئذ إلا أصحاب رسول الله والتابعين وهم أفضل القرون، وقد تقدم عن ابن عمر أنه كان يكبر بتكبير الإمام، قال البخاري في الصحيح: باب فضل العمل في أيام التشريق، وقال بن عباس:" واذكروا الله في أيام معلومات"، أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق"، وكان بن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما"، الباء في لغة العرب للاستعانة فكأن الناس كانوا مستعينين في التكبير بتكبيرهما مصاحبين لهما فيه، يؤيد صحة ذلك ما:
    خرجه الفاكهي في أخبار مكة(3/9) من باب ذكر التكبير بمكة في أيام العشر وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر، حدثني إبراهيم بن يعقوب عن عفان بن مسلم ثنا سلام بن سليمان أبو المنذر القارئ ثنا حميد الأعرج عن مجاهد قال: «كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما يخرجان أيام العشر إلى السوق فيكبران ، فيكبر الناس معهما، لا يأتيان السوق إلا لذلك », هذا أثر حسن كل رجاله ثقات، وسلام قد وثقه ابن حبان وجعله من أهل الصدق ابن معين وأبوداود وأبوحاتم، أما الذي قال فيه ابن معين لا شئء فهو رجل آخر كما قال الذهبي في الميزان والخطيب في التاريخ، وحميد بن قيس وثقه الأئمة وكذا ابن الجزري وابن حجر في اللسان، ولهذا الحديث متابعة ستأتي، وفي قوله:"فيكبر الناس معهما" لدليل واضح صريح لمن له أدنى مسكة من عقل وفهم لكلام العرب، لوضوح دلالة المعية والتوحد في التكبير، حتى يصيرون على صوت رجل واحد،
    الخامس عشر: قال أبو بكر باب في التكبير أيام التشريق حدثنا أبو أسامة عن مسكين أبي هريرة قال: سمعت مجاهدا وكبر رجل أيام العشر فقال مجاهد : أفلا رفع صوته فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر في المسجد فيرتج بها أهل المسجد, ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي حتى يبلغ الأبطح فيرتج بها أهل الأبطح"، وإنما أصلها من رجل واحد"، وإنما أدرك مجاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكى عنهم ذلك.
    السادس عشر :قاله الفاكهي من باب ذكر التكبير بمكة في أيام العشر وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر، حدثنا أبو بشر ثنا بشر بن عمر عن حماد بن سلمة عن ثابت قال:« كان الناس يكبرون أيام العشر حتى نهاهم الحجاج»، قال:" والأمر بمكة على ذلك إلى اليوم، يكبر الناس في الأسواق في العشر،
    السابع عشر : وقد جاء نحو ذلك عن عبد الله بن الزبير: فقال الطحاوي:وجدنا أبا أمية قد حدثنا قال:ثنا جعفر بن عون المخزومي ثم العمري أنا الأعمش عن تميم بن سلمة قال: خرج ابن الزبير يوم العيد ، فلم يرهم يكبرون، فقال:« ما لهم لا يكبرون؟ أما والله لئن فعلوا ذلك، لقد رأيتنا في عسكر ما يرى طرفاه ، فيكبر الرجل، ويكبر الذي يليه حتى يرتج العسكر، وإن بينكم وبينهم كما بين الأرض السفلى إلى السماء الدنيا»،
    وقال البيهقي في السنن(3/279) والمعرفة: اخبرنا أبو زكريا بن ابى اسحاق انبأ أبو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عبد الوهاب انبأ جعفر بن عون ثنا الاعمش عن تميم بن سلمة قال:" خرج ابن الزبير يوم النحر فلم يرهم يكبرون فقال ما لهم لا يكبرون اما والله فعلوا ذلك فقد رأيتنا في العسكر ما يرى طرفاه فيكبر الرجل فيكبر الذي يليه حتى يرتج العسكر تكبيرا، وإن بينكم وبينهم كما بين الارض السفلى إلى السماء العليا"، وجاء نحو ذلك عن صحابة آخرين:
    الثامن عشر : قال ابن المنذر: حدثنا موسى ثنا محمد بن عامر ثنا الحوطي ثنا يحيى بن سعيد العطار عن عتبة بن المنذر عن الحرب بن المنذر قال: رأيت أبا أمامة الباهلي وأبا رهم وناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكبرون يوم الفطر إذا خرجوا إلى الصلاة"، وقال الأوزاعي: كان الناس إذا خرجوا يوم الفطر إلى مخرجهم كبروا حتى يفرغوا من الصلاة ثم نسكوا ".
    التاسع عشر : مضى عن عبد الله بن محمد بن ابي بكر بن عمرو بن حزم قال:" رأيت الائمة رضى الله عنهم يكبرون أيام التشريق بعد الصلاة ثلاثا"، وعن الحسن مثله".
    العشرون : وقال البيهقي في سننه (3/279) اخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن اسحاق الصغانى ثنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن ابي عبد الرحمن السلمي قال:" كانوا في التكبير في الفطر اشد منهم في الاضحى"، خرجه الحاكم في مستدركه والدارقطني في سننه قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ قَالَ: "كَانُوا فِى التَّكْبِيرِ فِى الْفِطْرِ أَشَدَّ مِنْهُمْ فِى الأَضْحَى"، هذا أثر حسن لسماع سفيان من عطاء قبل الإختلاط،
    وقال البيهقي:" وروى الشافعي باسناده عن جماعة من التابعين انهم كانوا يكبرون ليلة الفطر في المسجد يجهرون به، وعن جماعة منهم جهرهم به عند الغدو إلى المصلى"،
    الحادي والعشرون : قال الفريابي في كتابه أحكام العيدين باب من يكبر يوم العيد إذا غدا إلى المصلى في طريقه ، وإلى أن يوافي الإمام,.. ثنا تميم بن المنتصر أنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن الزهري قال:« كان الناس يكبرون من حين يخرجون من بيوتهم حتى يأتوا المصلى، حتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام سكتوا، فإذا كبر كبروا»،
    الثاني أو ثاني وعشرون : قال البخاري في التاريخ من ترجمة باب بن عمير الحنفي، وقال حبان عن أبان بن يزيد قال ثنا يحيى بن ابى كثير عن زيد بن اسلم عن باب بن عمير قال النبي صلى الله عليه وسلم:" كبروا بتكبير امرائكم" وهذا حديث صحيح إن كان باب بن عمير صحابي، وإلا فهو مرسل، فإن باب بن عمير ذكره العسكري في صغار الصحابة، بينما قال ابن حجر في الصحابة: باب فيمن ذكر في كتب الصحابة غلطا، وذكر منهم باب بن عمير ثم قال:" ذكره العسكري في فضل من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا"، قال ـ ابن حجرـ: وليست له رواية عن أحد من الصحابة وإنما روايته عند أبي داود عن بعض التابعين"، لكن هذا الذي ذكره ابن حجر متأخر في الطبقة جدا، وذاك متقدم وثقه ابن حبان وذكر في الثقات أنه يروي عن أنس بن مالك، روى عنه يحيى بن أبى كثير والأوزاعي"، ومما يؤكد أنهما رجلين متغايرين قول ابن حبان بعد ذلك:" وليس هو بجد عمرو بن عبيد"، هذا أمر، والأمر الثاني أن باب بن عمير الذي ذكره ابن حجر متأخر في الطبقة كما مر، يروي عن التابعين وأتباعهم، ويروي عنه يحيى بن أبي كثير مباشرة، أما هذا فقد روى عنه يحيى بواسطة زيد بن أسلم، ثم إن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب متقدم جدا إذ هو من كبار التابعين وعامة ما يرويه عن الصحابة رضي الله عنهم، وقد مات سنة ست وثلاثين ومئة، وباب هذا قبل زيد بن أسلم لأنه شيخه في الحديث، فإما أن يكون من كبار التابعين وقد وثقه ابن حبان، وإما أن يكون من صغار الصحابة الذين أدخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم صبية غير مميزين كما قال العسكري والله أعلم، وعليه يكون هذا الحديث قويا جدا والله أعلم، خاصة مع شواهده الآنفة.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي رد: التكبير الجماعي والفردي أيام العشر والعيدين ج 1

    الأخير : ثم إن هذا التكبير الجماعي استمر عليه العمل حتى ولي السفاك المبير الحجاج مكة فمنع الناس من التكبير، فلما انتهت ولايته رجع التكبير إلى ما كان عليه والحمد لله، دليل ذلك ما خرجه الفاكهي من باب ذكر التكبير بمكة في أيام العشر وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر، قال: حدثنا أبو بشر ثنا بشر بن عمر عن حماد بن سلمة عن ثابت قال:« كان الناس يكبرون أيام العشر حتى نهاهم الحجاج"، قال الفاكهي: والأمر بمكة على ذلك إلى اليوم، يكبر الناس في الأسواق في العشر", فمن ذا يترك الإقتداء بالسلف الأخيار، والصحابة الأبرار، ليكون سلفه الحجاج المبير الجبار، إلا كل خاسر مفتون، متهم في دينه غير مأبون، نسأل الله تعالى أن يميتنا على مذهب السلف، وهذه طائفة أخرى من أقوالهم:
    المسألة الثانية : ذكر الأدلة من كلام التابعين ومن بعدهم :

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي رد: التكبير الجماعي والفردي أيام العشر والعيدين ج 1


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •