نشأة الدولة العثمانية : عندما اجتاح المغول آسيا الوسطى واجهت إحدى قبائل الغوز التركية الصعاب والخوف من خطر المغول و اتجهت منسحبة من أرض خراسان والتمسوا الحماية من خوارزم شاه جلال الدين المنكبراتي فوجهها جلال الدين إلى المراعي القائمة في شمال غربي آرمينية . تم عزم سليمان على العودة إلى نجاد آسيا الوسطى بعد مقتل جلال الدين ولكن سليمان قتل عند الفرات قرب حلب فارتد أحد أبنائه و هو أرطغرل بالقسم الأصغر من القبيلة ، و هم نحو 100 أسرة إلى آسيا الصغرى ، ليقوم بالعمل مع علاء الدين السلجوقي سلطان قونية ، فرحب بهم علاء الدين و أقطعهم أرضا عند الحدود البيزنطية و شجعه على التوسع في الأراضي البيزنطية ، و استقر أرطغرل بعشيرته المتكونة من نحو 100 أسرة في أراضي المستنقعات قرب الحدود البيزنطية بالفرات الغربي في وادي ( قرة صوة ) و جبلي طومانيج طاغ ، و ترك له حرية توسيع ممتلكاته في أرض بيزنطة جيرانه في الشمال . و في عام 656 هـ / 1257 م ولد لأرطغرل ولد سماه عثمان ، و عثمان هذا نشأ بين الحروب و الغزوات و لما شب سار على قدم أبيه في محاربة البيزنطيين حتى نال شهرة عظيمة و لقب بالسلطان . السلطان عثمان 699 هـ- 822 هـ / 1299 – 1325 م في عام 699 هـ / 1299 م أعلن عثمان استقلاله و خطب باسمه في ( قرة حصار ) التي فتحها و أطلق عليها هذا الاسم و جعلها مقرا لحكمه . إلتف المجاهدون الذين وفدوا من أنحاء آسيا الصغرى حول عثمان لمؤازرته في فتوحاته ضد البيزنطيين ، و كذا جماعات الصناع و التجار و عمل جميع هؤلاء في خدمة آل عثمان و مناصرتهم . قاد عثمان جيشه الذي غذي بعناصر إسلامية من الشباب المتحمس الذي أوفدته القبائل التركية لتزيد من قوة العثمانيين ، بينما القوى الأخرى من المغول و السلاجقة منهمكين في حروبهم ، و لذلك فلم يعكروا على العثمانيين صفو حياتهم . و في عام 800 هـ – 1300 م منح السلطان العثماني ( قرة حصار ) لابنه أورخان بينما كان هو في دور الاحتضار في سكود المقر السابق للدولة العثمانية . السلطان أورخان 826 هـ - 864 هـ / 1325 – 1362 م : في عام 826 هخـ / 1325 م قام أورخان باحتلال بروسة ، و تقع على سفح الأولمبوس ، و لما توفي السلطان عثمان عام 826 هـ / 1325 م قام أورخان بدفنه في كنيسة القصوة ثم حولها إلى مسجد ، و تولى الحكم في البلاد و جعل من بروسة المدينة المقدسة لآل عثمان ، ثم شرع العثمانيون في إقامة المنشآت الضخمة في المدينة ، بعدها استولى أورخان على مدينة آزمير ثم أنشأ أول جامعة عثمانية و عهد في إدارتها إلى داوود القيصري أحد العلماء الذين تلقوا العلم في مصر . و لما حاول البيزنطيون استرداد قونية و بعثوا بجيشهم لاستعادتها خطتهم و هزمهم الجيش العثماني عام 831 هـ / 1330 م . عظمت دولة آل عثمان بعد الفتوحات التي تمت في عهد أورخان بفضل أخيه و وزيره علاء الدين ، تم تنظيم الجيش و ضربت السكة الجديدة للعثمانيين بدلا عن سكة السلاجقة كدلالة على قيام دولة جديدة لم تكن معالمها بارزة قبل أورخان . شجعت هذه الانتصارات جماعات الغزاة على التدفق على الإمارة الناشئة و زاد في قدراتها العسكرية و حملها على مواصلة الغزو لاشغال الغزاة . السلطان مراد الأول : توفي السلطان أورخان فخلفه على عرش السلطة ابنه مراد الأول الذي جعل وجهته شبه جزيرة البلقان ، فبعد أن قضى على محاولة بعض الثائرين في القرة للتخلص من الحكم العثماني ، قاد حملة عسكرية إلى البلقان تكللت بالنجاخ إذ سقطت أدرنة في يده سنة 762 هـ / 1362 م لتصبح عاصمة للدولة بعد ذلك بأربع سنوات . هذه التوسعات حركت الكنيسة و جعلت البابا « أوربانوس » يقود حملة لاسترداد أدرنة لكنه فشل في تحقيق الهدف . و لم يستطع التحالف بين الصرب و البلغاريين و معهم البشناق من الوقوف في وجه التوسعات العثمانية التي تواصلت في البلقان من دون توقف . بايزيد الأول : عرفت الدولة العثمانية بمجيء بايزيد الأول إلى الحكم نقلة نوعية إذ في عهده بدأ التفكير الجدي في إنشاء دولة مركزية لعبت شجاعته في الحروب الدور الرئيسي فيها فقد استطاع القضاء على الوجود البيزنطي في آسيا الصغرى كما أزاح عن طريقه كل الإمارات التركية المنافسة للدولة العثمانية في بلاد الأناضول و عين على رأسها ولاة خاضعين للسلطة المركزية . ففي عام 797 هـ / 1394 م بعث السلطان بايزيد الأول إلى أمير المؤمنين بمصر أن يخلع عليه لقب سلطان الروم لكي تزداد هيبته في أنحاء العالم ، و أيد السلطان برقوق طلبه فأجيب بايزيد إلى طلبه . و في تلك الفترة من نهاية القرن 08 هـ / الـ 14 م ظهر الخطر المغولي من جديد بقيادة تيمورلنك و أدرك بايزيد خطورة هذا التهديد على دولته فأخذ يستعد لمواجهته بإخضاع ما بقي من الإمارات في آسيا الصغرى في يد غيره من العائلات التركية . إلتجأت هذه العائلات المغولية إلى تيمورلنك ليحتموا به من سطوة العثمانيين و حفزوه على حربهم ، فكان لهم ذلك بعدما أقدم العثمانيون على التعرض .............................. .............................. .............................. .............................. .............................. ............أكبر أبناء بايزيد . و في عام 804 هـ /1402 م بدأ المغول هجومه على أنقرة فتصدى لهم بايزيد الأول لكنه مني بالهزيمة و وقع أسيرا في يد تيمور لنك بسبب عدم تكافؤ الجيشين 300 ألف عثماني و700 ألف مغولي . قام تيمور بعد هذا الانتصار بإعادة الأمراء الذين إلتجأوا إليه إلى إمارتهم في آسيا الصغرى و بذلك فشلت المحاولة الأولى لإنشاء دولة مركزية بقيادة بايزيد ، و لكن تيمور توجه شرقا لقيادة حملة إلى بلاد الصين كان فيها حتفه ، فاستعاد العثمانيون أنفاسهم من جديد . مرحلة الحروب الداخلية في الدولة العثمانية : لم يغادر تيمور الأناضول حتى أعاد التشكيلات السياسية التركمانية فيه مرة أخرى ، و أخضعها جميعا بما فيها إمارة آل عثمان لنفوذه المباشر و بذلك تمكن من السيطرة على معظم أنحاء الأناضول حيث انحصرت ضربته هذه حدود الدولة العثمانية في الأناضول إلى ما كانت عليه في أول عهد مراد الأول تقريبا ، و منذ ذلك الحين زادت أهمية منطقة الروميلي بالنسبة للدولة العثمانية إذ حافظت على وحدة الدولة نتيجة لجهود أمراء الحدود ، هناك صارت تلك المنطقة مركز الثقل للدولة خلال هذه المرحلة . الصراع على عرش الدولة العثمانية : استطاع الابن الأكبر لبايزيد و يدعى سليمان الاستيلاء على خزينة الدولة و أرشيفها ، متوجها صوب أدرنة التي جعلها منذ ذلك الوقت عاصمة لدولته ، و على الرغم من معرفة محمد الذي كان مستقرا في آماسيا و عيسى الموجود في بورصة بتفوق أخيهما بالمال و الرجال إلا أنهما نافساه على العرش و استطاعا أن يهزماه بمساعدة الأخ الرابع موسى ، و قضى محمدا على أخيه عيسى موطنا لحكمه على بلاد الأناضول و لم يبق له سوى موسى الذي استقر بالروميلي و إلتف حوله الغزاة بها ، لكنهم لم يستمروا على ولائهم له بل سرعان ما اتصلوا بمحمد مسقطين حكم موسى ، فاستطاع محمد بذلك أن يعيد توحيد شطري الدولة من جديد و يعقد هدنة مع دول البلقان و البيزنطيين بعدما ضم أدرنة مجددا في محاولة لإعادة بناء الدولة. لم تدم راحة محمد جلبي طويلا إذ ظهر أخ آخر يدعى مصطفى ، هدد كيان الدولة بمحاولته الاستيلاء على الروميلي غير أن سعيه تأخر لحين وفاة محمد فاضطر وريثه مراد الثاني لمواجهة عمه و منافسته على العرش ، و رغم أنه استطاع أن يهزمه إلا أنم عرش مراد الثاني بقي مهددا بغيره بصفة مستمرة . و قد ارتبطت قضية الصراع على العرش عند العثمانيين ارتباطا وثيقا بأعراف وسط آسيا التي نقر بحق كل واحد من أبناء الحاكم في الجلوس على العرش و أن تمكن أحدهم من الأمر إنما يرجع إلى القدرة الإلهية وحدها ، فإذا استطاع أحدهم الاستيلاء الفعلي على العرش يكون بذلك قد اكتسب الصفة الشرعية ، و كذلك كان شأن أبناء بايزيد و أبناء من حكم من بنيه . و كثبرا ما استخدم خصوم العثمانيين و على رأسهم الأباطرة البيزنطيين مدعى السلطة من أبناء بايزيد للضغط على الدولة مما عرض الدولة لاضطرابات سياسية كادت تطيح بالعثمانيين غير مرة . و لم يكن الخصوم وحدهم من استخدم هذه المسألة لصالحهم بل أن أمراء الحدود و قادة ( اليني جري ) ( الإنكشارية ) هم أيضا كثيرا ما تدخلوا في تغليب أحد المتنافسين أو الضغط على الأسرة الحاكمة . محمد الفاتح و بناء الدولة الحقيقة: ( 855 – 883 هـ / 1451 – 1478 م ) يعتبر المؤرخون محمدا الثاني الذي لقب بالفاتح بعد فتحه للقسطنطينية المؤسس الحقيقي للدولة العثمانية ، فهو من أقوى الشخصيات العثمانية التي حكمت الدولة فقد رباه والده تربية ناجحة تكفل بها أفضل الشخصيات ، و كان باكورة تدريبه عندما تنازل له أبوه عن الحكم و هو في سن 12 فلاقى من عنت السياسة ما لاقى و عرف عيوب التفرد بالرأي بعدما وقع في مشاكل مع من حوله من رجال الدولة فاشتكوه إلى أبيه و دفع ذلك بالإضافة إلى ظهور خطر مسيحي إلى عودة أبيه إلى الحكم من جديد ، لكن ذلك كان درسا قيما أفاد منه محمد في ولايته الثانية كثيرا . استفاد الفاتح من كامل تجاربه في سياسة دولته ، كما خدمته شجاعته و إقدامه الشديدين و ثقافته الواسعة في مختلف الفنون و معرفته للغات عصره كثيرا ، ما جعله محيطا بكل ما يعرض له من تقلبات الحكم و السياسة . بادر محمد الفاتح منذ اعتلائه العرش إلى إرساء قواعد جديدة للدولة العثمانية ، فنظم إدارتها بما ضمن للدولة مواجهة الدول و قهرها بعدما تحقق لها الاستقرار الداخلي . تفرغ الفاتح بعدما نظم شؤون الدولة الداخلية و تخصص من الشكوك في إخلاصهم لسلطانه - تفرغ – لتأمين حدود دولته و إخضاع الثورات الناشئة في أطرافها ثم عقد جملة من اتفاقيات الصلح مع جيرانه ، ثم بدأ خطته الحثيثة لفتح القسطنطينية مركزا على جميع الأصعدة كتجميع الجيوش في أدرنة و إنشاء المسابك لصناعة المدافع و غيرها من الأسلحة ، ثم أخذ في بناء حصن ( روميليا حصار ) ليكون إشرافه على المضايق تاما و بذلك أصبح العثمانيون يشرفون على جميع الطرق الشمالية المتجهة إلى القسطنطينية من دون أن يتمكن البيزنطيون من منع أي واحد من هذه الاستعدادات سواء في القسم الأوربي شمالا أو في القسم الأناضولي جنوبا . و مما ساعد العثمانيون على تجاوز المواجهة البيزنطية هو سرعة التنفيذ و السرية التامة في الأخبار ، كما كان للإشراف الشخصي الذي قام به السلطان على تنفيذ العمليات عاملا محفزا . و من جهة ثانية قام السلطان محمد الفاتح بمنع وصول أي مساعدات أو امدادات إلى بيزنطة بتوجيه أخويه إلى بلاد المررة محاصرا بعض مدنها لإلهاء أوربا عن الهدف الأم و هو القسطنطينية ، خاصة بعد إحكام القبضة على المضايق و منع عبور السفن خلالها . استطاع الفاتح بعد الاستعدادات سابقة الذكر أن يفتح القسطنطينية سنة 1453 م و بعد حصار مرير يطول تفصيل يومياته و الخطط العسكرية التي أثبتت لصاحبها عبقرية في فنون الحرب ، و بفتح اسطنبول كما أصبحت تسمى ، وصل الفاتح إلى مركز أعظم سلاطين العالم الإسلامي و إمبراطورا لبلاد الروم و كإثبات على وراثته لهذه الإمبراطورية بصفة نهائية و دائمة ، قضى على كافة أفراد الأسرة الحاكمة حتى لا يتمكن أحدها ادعاء الحق في عرش بيزنطة . استمر الفاتح بعد ذلك في فتوحاته محاولا فتح كافة أرجاء البلقان و نشر الإسلام فيها مما عرض الدولة العثمانية إلى مواجهات حامية الوطيس مع جملة من الدولة الأوربية لم يوقفها إلا إدراك الطرفين عجز أحدهما عن فهم الآخر ، بعدها انصرف إلى آسيا لمواجهة خطر جديد هدد الدولة العثمانية و ممتلكاتها فيها بقيادة أوزون حسن الذي تحالف مع البنادقة ، لكن الفاتح استطاع دحر هذا الخطر و العودة من جديد إلى أوربا لمواصلة فتوحاته و محاربة خصومه في إيطاليا ، إلى ا، وافاه الأجل في سنة 1481 م . الدولة العثمانية في عهد خلفاء محمد الفاتح : بعد وفاة محمد الفاتح قاما فرقة الإنكشارية بحركة عصيان رافقها تصارع والديه بايزيد الثاني و جم سلطان على العرش و لكن بايزيد الثاني استطاع استمالة فرق الجند إلى جانبه و التغلب على أخيه الذي احتجز عند أمير رودس ليعتلي عرش السلطنة دون منازع . و قد استطاعت الاضطرابات الكبرى التي رافقت وفاة محمد الفاتح إجبار خلفه على إتباع سياسة وفاق داخلي و خلرجي ليستقر له الحكم في أرجاء الدولة ، فأعاد توزيع الأراضي التي كانت تحت سلطة الدولة و أنهى سياسة التقشف التي اعتمدها أبوه ليواجه أعباء الفتوحات المستمرة ، و رغم أن سياسة بايزيد الثاني كانت ناجحة إلى قدر ما إلا أن وقوع أخيه ( جم سلطان ) في اسر البابوية منعه من اعتماد سياسة توسعية في أوربا عقب وفاة أخيه مباشرة سنة 1495 م كان لا مناص من قيام صراع بين الدولة العثمانية و البندقية دام من سنة 1499 م إلى 1503 م ، تجلت من خلاله القدرة العسكرية البحرية للعثمانيين ، غير أن انشغال العثمانيين في أوربا ، فسح المجال لحركات الاحتجاج التي قادتها الأسر التركمانية الحاكمة في بلاد الأناضول للتوسع ، و أخذ طابع سياسي بقيادة حركات ( القيزلباش ) خاصة عندما أصبح أحد أتباعها حاكما على إيران و هو الشاه اسماعيل الصفوي سنة 1510 م . و استطاع أحد أتباعه و هو ( شاه قولي ) أن يقود حركة احتجاج بمساعدة عسكر ( السباهية ) أو الفرسان كانت من القوة بحيث تمكنت من قتل الوزير الأعظم ( علي باشا ) الذي جاء على رأس حملة عسكرية لردع الاحتجاج ، و صادفت هذه الحركة بروز صراع عائلي جديد على السلطة قاده أبناء بايزيد الثاني الذي أعياه المرض و الشيخوخة ، و كانت الغلبة فيه ( لياروز سليم ) . السلطان سليم الأول : 918 – 927 هـ / 1511 – 1520 م استولى سليم على السلطة بعد الفتنة التي عضت بحكم والده و إجباره على التنازل له و اهتم منذ بداية عهده بتأمين الحدود الشرقية التي كانت تواجه احتمال الغزو بعد اعتلاء الصفويين للعرش الفارسي و ساعدته معرفته بالمنطقة كونه سبق و كان أميرا على طرابزون كما أعانه ابنه سليمان بجيوش تترية لمواجهة الخطر الشيعي الذي كان قد تفطن إليه حتى قبل اعتلائه العرش ، لذلك فقد استصدر من المفتي العام أو ( شيخ الإسلام ) حكما يجيز قتال الشيعة بل و يحتم ذلك ، و استنادا إلى هذه الفتوى قاما مذابح في وسط شيعة الأناضول رد عليها الصفويون بمذابح مماثلة في وسط السنة و تبعا لذلك قامت الحرب بين الدولتين استطاع سليم أن ينتصر فيها ، خاصة في معركة ( حاليدرات ) و يحتل على إثرها عاصمتهم ( تبريز ) في أوت سنة 1514 م ، و بذلك أمن خطرهم لمدة طويلة ، غير أنه إلتفت إلى دولة أخرى بالمنطقة و هي دولة المماليك الذين أقاموا الخلافة العباسية في مصر و حكموا باسمها شطرا من العالم الإسلامي و بذلك كان لهم حق السبق في حكام المسلمين بصفتهم حماة الخلافة . و رغم أن العلاقات بين العثمانيين و المماليك كانت دائما جيدة إلا أن موقف السلطان المملوكي ( قونصوى الغوري ) إزاء الصراع العثماني الصفوي الذي اتسم بالسلبية ، جعل العثمانيين يعتبرونه موقفا معاديا لهم خاصة عند ما أرسل الغور الصفويين للتحالف معهم خوفا من آل عثمان على مناطق نفوذه في الحرمين الشريفين و في آسيا الصغرى ، فكان لا بد من تحارب الطرفين و بالفعل إلتقت جيوشهما في معركة ( مرج دابق ) شمال حلب سنة 1516 م مني فيها المماليك بهزيمة نكراء أمام المدفعية العثمانية و دخل سليم الأول دمشق و منها توجه إلى مصر بعدما رفض الحاكم الجديد للمماليك بها و هو ( طومانباي ) عقد الصلح مع العثمانيين مقابل الاعتراف بسيادتهم على البلاد و في يناير 1517 م هزم سليم المماليك في موقعة ( أكريدانية ) و دخل القاهرة منتصرا في دلالة على زوال دولة المماليك . مـر حلــة الفتــــــح : عصر الفتح التركي : 920 – 950 هـ /1514 – 1544 م أي 30 سنة انطلق بابا عروج في جيش من الترك و الأهالي ، فأنقذ مدينة « تنس » ثم اتخذها مركزا لهجماته على المعاقل الإسبانية ، و منها تلمسان التي وصله طلب أهلها لتخليصهم من سلطانهم ( أبو حمو الزياني ) الذي استعان بالإسبان و توصل إلى الحكم بمعونتهم ، فهاجم بابا عروج مدينة تلمسان و هزم أبو حمو الزياني و قضى على من بقي من الزيانيين ، لكن الإسبان حاولوا استعادة تلمسان و إرجاع أبي حمو إلى الحكم فأرسلوا جيشا من وهران التي كانت تحت سيطرتهم . و أمام تأخر وصول الإمدادات إلى عروج ، اضطر إلى الخروج من تلمسان ، لكنه إلتقى بالقوات الإسبانية في الطريق فهاجمته و هزمته و استشهد في هذه المعركة التي وقعت قرب وادي المالح في سنة 1518 م . بعد وفاة عروج حكم البلاد أخوه خير الدين الذي وجد أمامه وضعا لا يحسد عليه ، ففي نفس السنة قام الملك شارلكان ( 1500 – 1558 ) ملك إسبانيا بتجهيز حملة مكونة من 40 سفينة حربية بقيادة مونكادا للقضاء نهائيا على الوجود العثماني بالجزائر و بالفعل نزلت القوات الإسبانية بسيدي فرج غرب مدينة الجزائر و إلتحمت مع القوات الجزائرية بقيادة خير الدين فانهزم الإسبان هزيمة شنعاء كما قضت على زوبعة قامت في هذه الأثناء على سفنهم ، فانسحب الإسبان يجرون أذبال الخيبة ، و اكتسب خير الدين نصرا معنويا جعله ينصرف إلى تثبيت حكمه في الداخل فنصب أحمد بن القاضي واليا على الناحية الشرقية و جعل مركزه جبل كوكو بمنطقة القبائل ، و نصب محمد بن علي واليا على الناحية الغربية ، كما داءه ولاء حاكم تلمسان بعد وصول خبر هزيمة الإسبان . هذا الاستقرار لم يعمر لخير الدين طويلا ، فسرعان ما استمال حكام تونس - الذين كانت تساورهم الأطماع في توسيع دولتهم و ضم قسنطينة و روابي بلاد القبائل – ابن القاضي و أهل فاس ابن علي و دعوهما للثورة على حكم الأتراك ، فثارا على خير الدين ، بل و استطاع ابن القاضي أن يحتل الجزائر و يطرد خير الدين إلى جزيرة جربة لمدة 07 سنوات ، استطاع بعدها خير الدين بمساعدة سكان مدينة الجزائر أن يعود إليها سنة 1527 م ، و تمكن هذه المرة من إخضاع كامل البلاد بين تلمسان و قسنطينة و طرد الإسبان سنة 1529 م من قلعة برج الفنار ( صخرة البنيون ) التي كانت تهدد مدينة الجزائر ، ثم ربط هذه القلعة الموجودة على جزيرة قريبة بالبر فشكل هذا اللسان الصخري الممتد ميناءا يحمي السفن الجزائرية الراسية من خطر العواصف ، لكن خير الدين سرعان ما استدعي في سنة 1533 من قبل الخليفة لتولي منصب .............................. ........ اندحار حملة شارلكان : جاء الإمبراطور غازيا بنفسه الجزائر على رأس عمارة بحرية تحتوي على 65 بارجة و 451 سفينة نقل تحمل 35730 مقاتلا منها 200 فارس و 13000 نوتي بحار ، كان اتصال الحملة بالجزائر يوم الخميس 23 أكتوبر 1541 م ، فأرست العمارة بضاحية حسين داي أو الحامة شرق العاصمة و ألقت بأثقالها هنالك ، عملت على محاصرة العاصمة ، نشبت الحرب بين الطرفين طوال 12 يوما ، ثارت الزوابع البحرية و هاجت العواصف الجوية و اضطربت الأمواج فهلكت فيها 12000 من الإسبان ، كما حطمت زوبعة بحرية أزيد من 250 سفينة من أسطوله مما جعل الأوربيين يعتقدون أن مدينة الجزائر تحظى بعناية إلهية خاصة . مد حسن آغا إثر هذا النصر سلطته إلى بسكرة و دخلت منطقة الزيبان تحت سلطته ، كما هزمت جيوشه في سنة 1543 م قوات مولاي عبد الله الزياني المدعوم بقوات إسبانية كبيرة مده بها الملك شارلكان ضد أخيه أحمد الذي حكم تحت حماية حسن آغا ، لكن الإسبان أعادوا الكرة في سنة 1544 م فاحتلوا تلمسان و نصبوا مولاي عبد الله ملكا من جديد ، إلا أن سكانها طردوه إلى وجدة حيث قتل ، و أعادوا مولاي أحمد ، و في هذه السنة توفي آغا فبعث السلطان بالفرمان مع حسن باشا بن خير الدين و لقب بالايلارباي . عهد البايلاربايات ( 950 – 995 هـ / 1544 – 1587 م ) أي 42 سنة يبدأ عهد البايلاربايات بإلحاق خير الدين الأيالة الجزائرية بالسلطنة العثمانية ، و إن كان عبد الرحمن الجيلالي ، يرى أن بداية عهد البايلارباي الحقيقة كانت سنة 1546 م عند تعيين حسن باشا بن خير الدين و ينتهي مع ( علج علي ) الذي توفي سنة 1587 م كما يتفقون على اعتبار هذا العصر ألمع العصور التركية في الجزائر . و من أهم إنجازات عهد البلاربايات إلحاق مدينة تلمسان بالجزائر العثمانية بعد مسجلات يطول تفصيلها مع بقايا الزيانيين المتحالفين مع الإسبان . وبعدها ترسيم الحدود الغربية مـــــــع سلطان المغرب سنة 961 هـ / 1553 م ، وبقيت هذه الحدود واضحة المعالم منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا ولم يطرأ عليها غير تحويرات طفيفة . تمكن الأتراك في هذا العهد أيضا من فتـــــــــح قسنطينة و بجاية ووهران في ولاية صالح رايس ،وقام البايلاربايات بإنقاذ أعداد لاتحصى مــن مسلمي الأندلس الذين طاردتهم الكنيسة هناك . و من الناحية التنظيمية فإلى هذا العهد يرجع تقسيم الجزائر إلى أربع مقاطعات ، سميت بايليكات و على رأس كل مقاطعة منها حاكم يسمى (بايـــا ). و إذا كان أول البايلاربايات هو خير الدين بارباروس و إليه يرجع الفضل في أغلب التنظيمات الإدارية و السياسية الت يحكمت الوجود العثماني في الجزائر فإن صالح رايس الذي حكم بعد حسن آغا هو أول بايلارباي يحمل السلطة العثمانية إلى داخل البلاد بعدما اهتم سابقوه بفرضها على المناطق الحضرية في التل الجزائري فإليه يرجع الفضل في إخضاع أجزاء واسعة من الجزائر إلى السلطة العثمانية فقد كان أول أعماله هو القضاء على الثائرين من بني جلاب و بني ورجلان في الجنوب الشرقي من البلاد ، و من إنجازاته وصوله بالجيوش التركية إلى فاس مساندة الوطاسين على السعديين ، و يرجع سبب هذه المساعدة ربما لاعتقاد العثمانيين في الجزائر أن القوة الصاعدة في مملكة فاس قد تشكل خطرا أكبر من الذي تمثله قوة الوطاسين المتهالكة . أما من ناحية الوضع الدولي للأيالة فإنه لم يخرج عن النهج العام لسياسة الأتراك إتجاه الولايات التابعة لهم و الذي يتصف بعدم التدخل في خصوصياتها و الاكتفاء بالتبعية الظاهرية خاصة في البلاد البعيدة عن السلطة المركزية مثل الجزائر ، و هو ما جعل هذه السلطة تفكر في تغيير نظام الحكم فيها بما يكفل بقائها خاضعة .............................. .... عهد الباشاوات : ( 995 – 1069 هـ / 1587 – 1659 م ) أي 72 سنة شعر الباب العالي بتحركات لدى البايلاربايات بعدما حاولوا الحد من سلطة الإنكشارية و الاستعانة عنهم بفرق جيش يشكلها جنود من بلاد القبائل ، و خاف من أن يتحول حكمهم المطلق على أيالات شمال إفريقية إلى دولة مستقلة عن الدولة العثمانية ، فقرر السلاطين العثمانيين تغيير نظام الحكم و لقب الحاكم بالجزائر ، و لذلك حددوا فترة حكم والي الجزائر بثلاث سنوات كما هو الحال في باقي أيالات الدولة العثمانية و غيروا لقبه إلى ( بــاشــا ) ، و قصروا حكمه على أيالة الجزائر دون تونس و طرابلس ، كمت كان الحال في العهد السابق . و هؤلاء الباشاوات عادة يعينون من موظفي الدولة في اسطنبول ، الذين أصبحوا يصلون إلى هذا المنصب بالرشاوي التي يجمعونها لاحقا من موارد الدولة و لذلك شجعوا عمليات القرصنة و هي أهم مورد و أسرع وسيلة لتعويض تلك المصاريف و الحصول على ثروة شخصية كبيرة . و قد ميز عهد هؤلاء الباشاوات ، إجلاء الأاندلسيين من شبه الجزيرة الإيبيرية سنة 1609 م بعدما أقنع متطرفوا الدولة الإسبانية ملكهم فيليب الثالث و بإيعاز من الكنيسة أن يطرد كل الأندلسيين الموريسكيين حتى الذين ارتدوا عن الإسلام و اعتنقوا المسيحية . و قد اختلف حول عدد هؤلاء المطرودين و لكن أعدادهم لم تقل عن 300 ألف أندلسي بتصريح الإسبان ، و قد قام الباشا رضوان بكرلي باستقبالهم و توجيههم نحو المدن الجزائرية ، حيث اندمجوا في المجتمع و في دواليب الحياة الاقتصادية بسهولة . كما بدأ في عهدهم ظهور مشكلة الكراغلة ، ففي سنة 1629 م اتحد الكراغلة مع طائفة الرياس ليزاحموا الأوجاق في الحكم و اجتمع منهم في حصن القصبة في محاولة للإطاحة بالأوجاق لكن هذه المحاولة قتلت في المهد فقد علم بها اليولداش فحاصروا الثوار قبل أن ينفذوا خطتهم و اضطروهم لتفجير أنفسهم داخل خزينة البارود مسببين مقتل ما يقارب 06 آلاف نسمة ، و بعد ذلك بقليل قام الكراغلة بمحاولة أخرى إذ اجتمع طائفة منهم في برج مولاي حسن أو برج الإمبراطور ، فعلم الأتراك بمؤامرتهم لكنهم لم يظهروا علمهم ، و احتالوا لها بمساعدة الميزابيين الذين ألبسوهم زي النساء و أرسلوهم إلى مكان تجمع الكراغلة بذلك و أذنوا لهم بالدخول و حينئذ أخرج الميزابيون سلاحهم من تحت ألبستهم و لحق بهم ........................ عهد الآغوات : 1069 -1081 هـ /1659 -1671 م أي 12 سنة علق عبد الرحمن الجيلالي على سبب الثروة على الباشاوات و التحول إلى حكم الآغوات بدلا عنهم بأن ذلك يعود إلى تحميلهم مسؤولية الإسراف في التعدي على السفن و الشواطئ الأوربية و يتهمهم بأنهم كثيرا ما كلفوا القراصنة بأن يقوموا بحملات لحسابهم الخاص ، كما أن محاولات هؤلاء الباشاوات إخضاع الإنكشارية و الاستعانة عليهم ببعض القبائل من أهل البلاد و من الكراغلة دفع هؤلاء إلى التحرك ضد الباشاوات و البحث عن ذريعة للتخلص منهم ، فكان أن قام غبراهيم باشا بسرقة المنحة التي كان السلطان يبعثها كل عام لإعانة الأسطول الجزائري ، فاتخذوا صنيعه ذريعة ، و تبعا لهذه الحجة و لغيرها أجهز الأوجاق بقيادة الديوان على النظام السائد و غيروه و استبدلوا الباشا بالآغا الذي اسندوا إليه حكم البلاد و جعلوا مدة رئاسته بشهرين بدلا من ثلاثة سنوات التي كان يحكمها سابقه ، كما أنهم حددوا من سلطاته و قيدوها بتنفيذ مقررات الديوان و مجلس الحكومة لا غير و هو في ذلك يشبه نظام مجالس الحكم الجمهوري أو هو على غرار ما تفعله اليوم أحزاب الحكومات الاشتراكية في تعيينها لرؤسائها. و قد أبقى الثائرون على حياة الباشا احتراما للسلطان الذي عينه و لكنهم جردوه من كل صلاحياته و سلطاته و لم يعد منصبه إلا شرفيا . و ما يميز عهد الآغوات هو كثرة الفتن و اغتيالات الحكام نتيجة عجز هؤلاء عن توفير الأمن و الاستقرار بل عن الانسجام فيما بينهم فقد كان التنافس على من يلي ......................... .............................. .............................. .............................. .............................. و إذا كان ذلك حال الوضع الداخلي فعلى المستوى الخارجي يعتبر هذا العهد بداية عهد الاستقلال الكامل للدولة الجزائرية ، فقد رفع الأوجاق تقريرا حول تحول النظام في الجزائر ، و طلبوا من الباب العالي المصادقة عليه ، فكان لهم ذلك بشرط التكفل بالأعباء المالية للحكومة ، و بذلك برز كيان الجزائر كشعب و كدولة و تحدد دورها الذي ستلعبه في المعترك الدولي . غير أن سلطة الآغوات لم تستطع مقاومة سلطة رياس البحر الذين كانت سفنهم تغير على الشواطئ و السفن الأوربية جالبة الغنائم إلى خزينة الدولة و الأسرى إلى خدمتها ، فكونوا بذلك مكانة و سمعة في الديوان و لدى العامة و بالمقابل فإن الآغوات لم يواكبوا هذا التطور لانشغالهم بالتنافس على رأس السلطة بل كانت الاتفاقيات التي عقدها الآغوات مع الدول الأجنبية تعد على أنها محاولة للحد من نشاط الرياس . و قد أدرك الناس بعد مرور مدة قصيرة لم تتجاوز 12 سنة أن النظام الجديد الذي أحدثوه لا يختلف عن سلبقه كثيرا بل قد يفوقه من حيث كثرة الفتن و الاغتيالات ، فقد انتهى أمر كل الآغوات إلى الاغتيال في الصراعات الت يكانت تنشب بينهم و بين الأوجاق حول فكرة التغيير التي اتفقوا عليها عند الثورة على الباشاوات لكن الآغوات لم يخضعوا لها أبدا فعمد رياس البحر الذين أصبحت قوتهم أكبر إلى إزالة الإنكشارية من هرم السلطة ، و عينوا واحدا منهم بدلا عن الآغا ، و غيروا لقب الحاكم إلى الداي فقضوا بذلك على نظام الآغوات . عهد الدايات : 1081 – 1246 هـ /1671 – 1830 أي 159 سنة. يعتبر عهد الدايات خامس عهد و آخره للوجود العثماني بالجزائر فقد انتهى بالاستعمار الفرنسي ، كما يعتبر أطول العهود على الاطلاق إذ دام أزيد من قرن و نصف القرن و هو ما يمثل نصف مدة هذا الوجود . و كان من أهم الدوافع إلى إحداث هذا النظام الجديد و القضاء على نظام الآغوات الذي سبقه هو ذلك الخطر الكبير الذي أصبح يحيط بمنصب الآغا ، فقد سبق الإشارة إلى أن كل الآغوات اغتيلوا كما أن الهجمات الكثيرة و المتتابعة التي واجهتها السواحل الجزائرية أحدثت هزات عنيفة على الوضع الداخلي للبلاد بل و على السلطة نفسها ، فقد خسرت الجزائر مجموعة لا بأس بها من السفن التجارية فتأثرت طائفة الرياس بشكل بليغ كونها مالكة أغلب قطع الأسطول البحري الجزائري ، الشيء الذي جعل هذه الطائفة تؤثر من خلال الديوان الذي لها الصوت المسموع داخله لإزاحة آخر الآغوات . و أمام عزوف عدد من الآغوات عن المناصب كونه يفضي إلى نفس المصير الذي آل إليه علي آغا آخر الآغوات و تطير الناس من هذا المنصب فتحولت حادثة الاغتيال إلى انقلاب جذري فب نظام الحكم و تدخلت طائفة الرياس لدى الديوان من جديد لإلغاء نظام الآغاوية نهائيا و تعويضه بنظام جديد أكثر استقرارا يتمثل في تعيين داي من طبقة الرياس في منصب رئاسة الحكومة . و قد حاول الرياس تجنب الأخطاء التي تسببت في تعويض النظام السابق و أهمها تحديد فترة الحكم بشهرين في عهد الآغوات و ثلاث سنوات في عهد الباشوات فأصبح الداي ينتخب لمدى الحياة و في ذلك خطأ لا يقل خطورة عن أخطاء الأنظمة السابقة ، لكن الداي إذا كان يعين في منصب الوالي مدة عمره فإنه ليس له الحق في تعيين من يخلفه بل يكون ذلك من حق مجلس الديوان . التواجد العثماني في بلاد المغرب : كان في البداية وجودا لمجموعة من المغامرين و ليس وجودا لدولة ، فبعد قيام حروب الاسترداد و ملاحقة الإسبان للمسلمين و تنازل بني الأحمر عن غرناطة مقابل الحفاظ على دينهم ، ثم قامت حركة محاكم التفتيش ، هي التي خيرت المسلمين بين التنصر أو القتل ، ففروا إلى المغرب العربي فلاحقهم الإسبان و البرتغال أمام ضعف تلك الدول ، فطمعت في استرداد المغرب ، فتزايد التهديد على السواحل و ذلك ما عرض المغرب أمام الغزو المسيحي ، فاستغل السلطان الحفصي – تونس – هؤلاء المغامرين منهم الإخوة بربروس برزوا في مساعدة الموركسيين في عملية الفرار ، و لما ذاع صيتهم كانت العاصمة لم تقع في يد الإسبان و كان هناك « برج الفنار » قلعة إسبانية و نصبت فيها حامية تهدد العاصمة ، فاضطر السكان إلى دفع ضريبة ، مما اضطرهم إلى الاستنجاد بآل بربروس ، فتنازلوا لهم عن الرئاسة ، و في المرة الثانية اشترطوا عليهم البقاء مقابل التبعية للسلطة العثمانية لسببين : 1. إذا ما هددوا داخليا أو خارجيا يمكن له مساعدة الدولة العثمانية لأنه واليها . 2. إصباغ صبغة دينية على سلطته فتقل الانتفاضة على سلطانه لأن الحكم كان لا يمكن أن يؤخذ إلا بوجود صبغات شرعية ، ذات استمداد ديني كالتقليد الأموي ، و أما بقية المرحلة فكانت توسعا أو لدفع التهديد الأجنبي و الإختلاف بين المشرق و المغرب : المغرب كان مهددا بالمسيحية في كل حين ، فكان العثمانيون مجلب خير بسبب الأرباح الكثيرة مما دفع إلى تجنب دفع الضرائب بسبب الأموال المحصل عليها خارجيا من خلال غنائم البحر ، و بهذا كانت المظالم قليلة و مقبولة ، و لم تكن الإنتفاضة إلا في النهاية مع تراجع الغنائم البحرية ، فرجعت إلى نظام الضريبة الداخلية ، فواجهها رجال الطرق الصوفية بعد محاولتها منعها من الأتاوات و نزع الأراضي الأميرية منهم كثورة الدرقاوة . التنظيم الإداري في بلاد المغرب : • تونس و ليبيا : استمر الحكم وراثيا لأحد الأسر الحاكمة العثمانية ، و في الجزائر العكس • الأوجاق : هي المجموعات العسكرية المحيطة بسلطة الداي و حكمه ......... ديوان صغير مثل الحكومة و كثيرا ما انتخب الداي منه ، و يضم آغا العسكر و الخزناجي و خوجة الخيل ( و هو متكفل بخيل الداي ) و بساتين الدولة . • و الدفتر دار : و هو الكاتب و وكيل الخراج متكفل بالبحرية . • ديوان كبير و يضم أعيان البلد . و أما طبقات المجتمع فكانت : • الأتراك : و تضم العسكر الوافدين على الجزائر سواء عثمانيين أو من الدول المجاورة كالصرب • الكراغلة : من أمهات جزائريات و آباء أتراك و هي ذات امتيازات ، و ما يمنع عنها التسمية التركية خوفا من الرئاسة . • الحضر : أي سكان المدن من أصولهم . • البرانية : سكان الأرياف الوافدين إلى المدن و غالبا ما تكون في العواصم الكبرى . • المسيحيون : و أغلبهم أسرى الغزوات و بعض القناصل . • اليهود : و هم يهود جزائريون و آخرون وافدين من عدة مناطق . و ينطبق هذا التقسيم على الريف ، و يظهر الاختلاف في وجود القبائل المتحالفة التي أقرت على العثمانيين مقابل مساعدتهم في الحروب ، و قبائل المخزن ، و قبائل الرعية التي تؤخذ منها الأتاوات و القبائل المعادية كمنطقة القبائل ، و مع نهاية العهد العثماني ظهرت ثورات بسبب الضرائب ، و قلة الموارد البحرية مثل ثورة درقاوة ، و فشلت بسبب غياب المبدأ الوطني و التنسيق الجغرافي . الوالـــــي : الباشا و إبلاغ السلطان و الإشراف على صك النقود و تعيين شيخ البلد . الديوان و السنجق : و مهمتهم .......... الإداري و هم غالبية من المماليك و أمراء المحافظات . .............................. .................... ، على اختلاف تحديد شروط الخلافة على أن الإمامة من قريش ، فهناك من الفقهاء شرط بعينه ، و بعضهم يرى أنه لا يعني به حبسا و إنما وضعا زمنيا محددا ، فالعهد لم يكن يدين إلا لقريش ، أي العصبية لهم ، و على مدار هذا الأمر فإن من تكون لهم العصبية تاريخيا هم الحكام و الخلفاء ، و هذا يتجسد في الخلافة العثمانية ، و رأي ثالث هو نظام الولاء للنظام السياسي و بهذا فهي خلافة .، و رأي رابع ،تواجد ثلاث خلافات في عهد واحد فاختلف على أنها خلافة . ..................... بعد عجز الأسلحة القديمة ، استغنت الدولة العثمانية عنهم ، فقام الولاة باغتنام ذلك ، و قلت نفقات العسكر في باقي الإمبراطورية ، و قيام حركات العصيان . التواجد العثماني في بلاد المغرب و المشرق : • العراق : كان تواجدا مميزا بحسب التقسيم الجغرافي ( شمال ، وسط ، جنوب ) ، فبغداد وقعت فيها عدة احتجاجات ، و الموصل كذلك ، أما البصرة فكان التواجد مريحا و وقفت ضد الصفويين • سوريا : الشام ، طرابلس ، حلب ، صيدا ، و هنا نظام الحكم يختلف ، فالشام و حلب نظام ( تيمار) تجنيد إجباري ، و في طرابلس و صيدا كان أقل . • مصر: إقرار بعض المماليك في إقطاعات ، فكانوا يستغلون أية نكبة تلم بالعثمانيين في أوربا أو مركز الخلافة لتظهر فيهم حركة انقلابية مثلما حدث بعد وفاة سليم الأول ، و كانت المزايا تعطى للأسر عريقة الجذور كالمتواجدة في الصعيد ، و لكن تقيد بخطوط حمراء يجب عدم تجاوزها ، كما سلط العثمانيون على المماليك في الجباية ما أثقل كاهل المصريين . • المغرب الإسلامي : تونس و ليبيا و الجزائر ، لقد كانت بداية التواجد في المنطقة كقراصنة و مغامرين تحولوا إلى حماة يساعدون الفارين من الأندلس . • تونس : نظام حكم الدايات فقط . • ليبيا : نظام حكم الدايات فقط ، كما ورثت السلطة القرمندية السلطة وراثيا في ليبيا ، و الأسرة الحسينية في تونس . • أما في الجزائر فكان الوضع الداخلي هو الذي فرض التغيير في نظام الحكم • نظام الباي : لم يحدد بزمن ، لكن الدولة خافت أن السلطة الواسعة للحاكم و بعد المسافة ما قد يسبب إنفصالا لهم عن الولاء ، ما أدى بالباب العالي إلى إتخاذ إجراءات تمثلت في تعيينها للحاكم من الأستانة و لمدة لا تزيد عن 03 سنوات ، ما أدى إلى أن المنصب أصبح يشترى ، و من بعد لا يستطيع التغيير في السلطة ، و لأن نظام العسكر كان قويا ، فقد استغلوا نظام الآغاوات و قبلت الدولة مكرهة ، فتنافسوا على المنصب و قتل 11 آغا خلال 12 عاما ، ثم نظام الدايات الذي تميز بديمقراطية في الإنتخاب ، و كان ديوان أصغر ( حكومة ) و ديوان أكبر ( أمناء الصنائع ). • مصر و تونس و ليبيا : بعد هجوم نابليون و عجز صد هجومه الذي حاول الصعود إلى الشام مع أسطوله ، و استنجد بمحمد علي مع عدة قادة بحملات دفاع ساندته جزء من البحرية الإنجليزية خوفا من نفوذ الفرنسيين بالمنطقة ، فاستقل بمصر و نظم حكومتها و صناعتها و تعليمها . • الحجاز : غالبا ما كان تابعا لمصر ، و الوضع كان بين أخذ و رد ، أما اليمن ففيها استقلال شيعي زيدي ، و جاء آل سعود مستعينين بالوهابيين و استقلوا حديثا . • في المغرب الأقصى : كانت الحرب سجالا و أتفق على ترسيم الحدود مع السعديين ، فوضع واد ملوية الحد الفاصل بين أيالة الجزائر و مملكة السعديين . حركات الاحتجاج في الأناضول و البلقان : الروم : • سكان الأناضول ( أرتودوكس ) و بقوا معروفين ككيان مستقل ، و كثيرا ما استغلت البابوية ذلك و استنجدت بهم متحالفين معه ضد العثمانيين ، و مع النمسا كذلك . الأرمن و الصرب : • تمتعوا بحرية دينية ، و كانوا يثورون على آل عثمان ، و كثير منهم مسلمون ، و اعتلوا مراكز عليا في الجيش ، و أحيانا حالة الصراع مع أوربا يرتدون عن دينهم ، و سمحوا لهم بأخذ ممتلكات آل عثمان في القرن ال 17 م ، كثيرا ما كان الأرتودوكس يشرفون على التبشير خاصة ضمن الإرساليات الفرنسية ، لكنهم لم يفقدوا حرية العقائد . اليهود : • كانوا من ( ريكيراسيستا ) ضمن محاكم التفتيش ، و فروا إلى سواحل الغرب الجزائري ، و نظرا للحرية استطاعوا النفاذ في السلطة خاصة بداية الضعف لآل عثمان في ظل الفساد . المجر : • شكلوا مشكلة لآل عثمان لأنهم بجوار النمسا و الصراع حول مناطق النفوذ ، فكانوا يكسرون الهدنات و الإتفاقيات ، فاستمر الصراع إلى 1699 م ، بعد الحصار الثاني لفيينا ، و التي باءت بالفشل لأن البابوية أصلحت الأمر و قامت بالحلق المقدس ضد العثمانيين و في إتفاقية ( كارلو فيجيا ) 1699 م ، تنازلت عن ممتلكاتها في المجر ما عدا قينسوار الأفلاق و البغدان : • ( مولدافيا – تشيكوسلوفاكيا ) يلاحظ عليها أنها كانت تابعة روحانيا إلى النمسا أو فرنسا أو روسيا ، و تابعة لآل عثمان ، فكان ذلك حرجا ، و ما ساعد على الهدوء مملكة القرم ، فتتدخل في الدفاع عنها و تبقى ولائها ، و هي ذات أهمية بحوالي 10 إلى 25 م للخزانة المركزية . القازاق : • جيش محارب ، استطاع آل عثمان تشكيلهم ضمن إمارة تابعة لهم ، و بهم بسطوا نفوذهم على أكرانيا ، و لكنهم لعدم إسلامهم قام قائدهم « غزوتشينكو» بتغيير ولائهم إلى الروس ، و لأهمية المنطقة قام آل عثمان بإرسال حملات متتالية لاسترجاعها . الكردستان و الجراسكة : • ذوي خاصة واحدة و هم أغلبية مسلمون لكنهم كانوا شيعة ، ثم انقسموا إلى الاصفويين و آل عثمان ، خاصة بعد المصاهرة بين الشاه و رأي عباس الصفوي في كردستان . • أما الشراكسة فأسلموا و وصلوا إلأى الشم أيم المماليك و تقدموا به شمالا حتى وصلوا جنوب أكرانيا و حكموا باسم الدولة العثمانية لفترة طويلة ، و لكن بزوال منطقة ( أستراخان ) زالوا وزالت الدولة العثمانية . زوال نظام التيمار و الزعمات : و هذا بعد عجز الأسلحة القديمة ، هؤلاء الفرسان كان سلاحهم السيوف ، فأصبحت الدولة في غنى عن هذا النظام و زالت هذه الامتيازات التي كانت تقدم لهم ، و أصبحت تقدم للحكام ، و عجزت الدولة في الوقوف في الجبهات ضد الدولة الصفوية و غيرها لأنها تتطلب جيوش كبيرة . أسباب السقوط : • بعد توسع الدولة ظهرت قوى جديدة في أوربا بدأت تنافس الدولة العثمانية و أخذت مجالا من هذه الدولة ، بدأت تفكر في أنماط متعددة ( صراع فكري ينظر إلى وسائل التطوير ) مع وجود مجموعة من وجوهات النظر أسسها على أنماط معينة ، ظهور توجه جديد يدعو إلى تطور أوربا ، اختلاف وجهات النظر : • التغيير يبدأ من الأمور الفكرية و الثقافية . • يترك المجتمع فكريا يتطور ، الاختلاف في هذه الحالة له صداه الداخلي . • الاختلاف في وجهات النظر هذا التغيير الطارئ نظرا لتغيير نظام الحياة الذي كان مبني على أساس ديني ، يصفون هذا التغيير بالخروج عن الدين ، و قالوا أن أسباب السقوط دخول الدين في كل صغيرة و كبيرة ، فهذا الصراع وصل إلى أشده و أن أساس التغيير ينبني على نظام مركزي في سياسة السلطان ، فكل من يعارض هذا التغيير يعارض السلطان . • لما قام السلاطين بالعمليات الإصلاحية ، تسمي أوربا طبع كل ما هو تغييري بالطابع الأوربي و أن الإنكشارية لم تبق على سابق عهدها و بتوقف الحروب انتقل الكثير من الإنكشارية لممارسة حرف عسكرية ( سيوف و مدافع ) بعدما كان يصنع من طرف الجيش الإنكشاري ، أصبح كل شيء يأتيه من الخارج ، و لما قامت الدولة باالتغييرات مركزة الجيش إلى عملية الإصلاح إعتمادا على الدول المعتمد عليها في الإصلاح . • أصبح مثلا الزي العسكري شبيها بالزي الفرنسي ، بمعنى انفصلت الحرف عن الجيش الإنكشارية ، مما عارض الإصلاحات لأن هذا التغيير قطع قوته . فالإصلاح أصبح محارب داخليا أكثر منه خارجيا ، و حتى إذا نجح فإنه تدفع فيه تكاليف باهضة ، فكل تغيير يتطلب وقتا يصعب على النفس قبوله الأسباب المباشرة : • أسباب اقتصادية ، عسكرية ، جغرافية ، بمعنى إتساع هائل للدولة العثمانية • عدم مواكبة الدولة للتغييرات الحاصلة . مثل حركة محمد علي باشا في مصر فمنعتها الدولة العثمانية و استهدفت ........................