الفقه المقارن إعـــداد: محمد مرباح الجزائري تمهيد: التعاقد مع الآخرين وليد الحاجة إلى التعامل. و التعامل ضرورة اجتماعية ، فالإنسان مدني بطبعه لا غنى له عن العيش المشترك مع الجماعة لتأمين حاجياته ، و لا يتم ذلك إلا بالتبادل و التعاون مع الآخرين ، و المبادلات صور متعددة تخضع لما يعرف بالعقد الذي ينظم حركة النشاط الإقتصادي ، و تضبط أصول التعامل و لا تخلوا الحياة اليومية للإنسان من إبرام عقد من العقود ، و وضع الفقهاء نظاما لكل عقد ( تعريف ، أركان ، شروط و أحكام ) . تعريف العقد : لغة : معناه الربط ( الإحكام و الإبرام بين أطراف الشيء ، سواء كان الربط ربطا حسيا أو معنويا ، من جانب واحد أو من جانبين ) عقد الحبل ( عقد حسي ) عقد النية ، عقد اليمين ، عقد البيع ، عقد الزواج . و العقد عند الفقهاء له معنيان ( عام و خاص ) : العقد العام : هو أقرب إلى المعنى اللغوي و هو الشائع أيضا عند فقهاء الشافعية و المالكية و الحنابلة ، فهو كل عزم من المرء على فعله سواء صدر هذا العزم بإرادة منفردة كالوقف و الطلاق و اليمين أو إحتاج إلى إرادتين في إنشائه كالبيع و الإيجار و الرهن . فهذا المعنى يتناول الإلتزام مطلقا سواء من شخص واحد أو من شخصين ، و هو يشمل ما يسمى تصرف و إلتزاما . و العقد بالمعنى العام ينظم جميع الإلتزامات الشرعية و هو بهذا المعنى يرادف كلمة الإلتزام . العقد الخاص : إرتباط إيجاب و قبول على وجه مشروع يثبت أثره في محله أو تعلق كلام أحد العاقدين بالآخر شرعا على وجه يظهر أثره في المحل . الإيجاب و القبول : هو الفعل أو القول الدال على الرضى بالتعاقد و التقييد و لكونه على وجه مشروع لإخراج الإرتباط على وجه غير مشروع كالإتفاق على قتل أو إتلاف ممتلكات أو على سرقة أو الزواج بالمحارم . العقد قانونا : هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني من إنشاء إلتزام أو نقل أو تعديل أو إنهاء . هذ التعريف و إن كان واضحا سهلا إلا أن تعريف الفقهاء في نظر الشرعيين أدق لأن العقد ليس إتفاق بين إرادتين ، و إنما هو ارتباط يقره الشرع ، فقد يحدث الإتفاق و يكون العقد باطلا ، فالتعريف القانوني يشمل العقود الباطلة . العقد و التصرف : التصرف هو كل ما صدر عن الشخص بإرادته من قول أو فعل رتب عليه الشرع أثرا من الآاثر سواء أكان في صالح ذلك الشخص أم لغير صالحه ، فيشمل الأقوال الصادرة عن الشخص كالبيع و الهبة و الوقف و الإقرار بحق ، و الأفعال كالإنتفاع بالمباحات و الاستهلاك سواء أكان القول أو الفعل لصالح الشخص كالبيع و الاصطياد أو لغير صالحه كالوقف ، السرقة ، الوصية ، القتل ، و به يتبين أن التصرف نوعان ( فعلي و قولي ) . فالفعلي : هو الواقعة المادية الصادرة عن الشخص كالغصب و الإتلاف و قبض الدين ، و تسليم المبيع . أما القولي : فهو نوعان : ( عقدي و غير عقدي ) أما العقدي : فهو إتفاق إرادتين كالشراكة و البيع و غير العقدي : كالوقف و الطلاق . و على هذا الأساس فإن التصرف أعم من العقد و الإلتزام ، إذ أنه يشمل الأقوال و الأفعال . خلاصة القول : التصرف أعم من العقد و الإلتزام ، و العقد و الألتزام مترادفان ملتزمان ، لكن الإلتزام أعم منه و العقد أخص من كلمة تصرف . انشاء العقد و تكوينه : يأخذ فقهاء القانون الحديث بمبدأ سلطان الإرادة العقدية أي أن الإرادة حرة في انشاء العقود و اشتراط الشروط لتحديد إلتزامات التعاقد و آثاره المترتبة عليه و لكن في حدود النظام العام و هي الحدود التي يضعها التشريع وفق مصالح الفرد و المجتمع ( سياسة ، اقتصاد ) . فلا يصح مثلا استئجار شخص على ارتكاب جريمة أو فعل يتنافى مع الآداب العامة أو يخل بنظام اقتصادي أو سياسي . و يعتبر القانونيون عن حرية الاشتراط و تحديد إلتزامات التعاقد بقاعدة مشهورة العقد شريعة المتعاقدين أي أنه ملزم من الطرفين فيما تنص به بنوده و شروطه و هذا يعني أن السلطان المطلق في إنشاء العقد و آثاره المترتبة عليه هي إرادة المتعاقدين دون النظر إلى فكرة التعادل في الغنم أو الغرم ( الربح أو الخسارة ) . حرية التعاقد و رضائيته : اتفقت الاجتهادات الإسلامية على أن الرضا أساس العقد لقوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا لا تاكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم » . و قوله سبحانه فيعدم استحقاق أخذ شيء من حقوق الزوجات : « فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا » . و قال – صلى الله عليه و سلم - : « إنما البيع عن تراض » . و بناء على هذا فإن مجرد التراضي يولد العقد و إلتزاماته لممارسة شكلية معينة إلا عقد الزواج لخطورته فإنه يخضع لشكلية الإعلان و الإشهاد . الإرادة حرة في إبرام العقد دون خضوع لأي نوع من أنواع الإكراه سواء في المعاملات المالية أو عقود الزواج إلا ما توجبه المصلحة و العدالة ( هناك عقود يتدخل فيها الإكراه نظرا للمصلحة ) . اختلف المجتهدون على رأيين في مبدأ حرية انشاء العقد الظاهرية : أتباع داوود الظاهري و ابن حزم : و هم ا لمضيقون الذين يقولون الأصل في العقود المنع حتى يقوم دليل على إباحته أي أن كل عقد أو شرط لم يثبت جوازه بنص شرعي أو إجماع فهو باطل . • أن الشريعة شاملة لكل شيء : و قد تكلفت ببيان ما يحقق مصالح الأمة ومنها العقود و ليس من العدل ترك أمر الناس له في حاجة و هي العقود . • حديث الرسول – صلى الله عليه و سلم - « كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد » . • حديث الرسول – صلى الله عليه و سلم -« ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل و إن كان مائة شرط » . الحنابلة و بقية الفقهاء ( الجمهور ): و هم الموسعون ، الأصل في العقود الإباحة و ما يتصل بها من شروط ما لم يمنعها الشرع أو تخالف نصوصه . و دليلهم : الآيات القرآنية و الأحاديث السابقة ، فهذه النصوص لم تشترط إلا الرضا ، و كذلك آية قرآنية أخرى أوجبت الوفاء بكل عقد دون استثناء و هي قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود » . اشترطت العقود دون استثناء فهي عامة بشرط الوفاء . موضع الشرط من العقد : حرية الاشتراط و ترتيب آثار العقود : • اتفق الفقهاء على أن العقد المستكمل لأركانه و شروطه يتمتع بالقوة الملزمة ، أي كل عقد باشره الإنسان بإرادته الحرة « دون إكراه أو تهديد » فهو ملزم بالنتائج كلها و مقيد لإرادته ، لقوله تعالى : « يا أيها الذن آمنوا أوفوا بالعقود » . و قوله أيضا: « و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا » . • اتفق الفقهاء على أن ترتيب آثار العقود هي في الأصل من عمل المشرع لا من عمل المتعاقدين ، فإرادة المتعاقدين تنشأ العقد و لكن الشريعة هي التي ترتب ما لكل عقد من حكم و آثار . هذه ضوابط جعلها الشارع حتى لا يبغ بعض الناس على بعض بما يشترطون من شروط فإرادة الإنسان مقصورة على انشاء العقد فقط و أما ما يترتب على العقد من آثار تنقل الملكية المبيع إلى المشتري و استحقاق الثمن فمتروك للشرع . بيان مذهب الحنفية و الحنابلة في الشروط المقترنة بالعقد : أما مذهب الشافعية فقريب من مذهب الحنفية و مذهب المالكية قريب من مذهب الحنابلة . مذهب الحنفية في الشرط : قسم الحنفية الشرط إلى ثلاثة أنواع : الشرط الصحيح ، الشرط الفاسد ، الشرط الباطل . الشرط الصحيح : هو ما كان موافقا لمقتضى العقد مؤكدا له أو جاء به الشرع أو جرى به العرف مثال الشرط الذي يقتضيه العقد : اشترط البائع تسليم الثمن أو حبس المبيع حتى أداء جميع الثمن . اشترطت الزوجة على زوجها أن ينفق عليها . فهذه شروط تبين مقتضى العقد لأن مضمونها واجب التحقق شرعا و لو لم يشترطها أحد المتعاقدين مثال المؤكد لمقتضاه . الشروط الجعلية للنكاح : الحنفية : اشتراط أحد الزوجين شرطا ، إما أن يكون الشرط مقارنا للعقد أو أن يكون الشرط معلقا على الشرط . 1. أن يكون الشرط مقارنا للعقد و فيه وجهان : o أن يكون من مقتضى العقد كأن يقول لها تزوجتك على أن تكوني زوجة للغير فهو ناقد بطبيعته . o أن لا يكون مقتضى العقد كأن يقول لها تزوجتك على أن أحلك لمطلقك فإن الشرط يلغى و يصح العقد . 2 . أن يكون العقد معلقا على الشرط : و فيه وجهان : o أن يكون الشرط ماضيا و العقد في هذه الحالة صحيح ، ماضيا ( وقع و انتهى ، مثل تزوجتك إن التحقت بالوظيفة ). o أن يكون مستقبلا ، و هو إما أن يكون محقق الوقوع فيصح العقد ، أو غير محقق فلا يصح . المالكية : الشرط عند المالكية 04 أنواع : 1. التعليق على الشرط : و هو لا يضر و إن يكن محققا لعدم اشتراطهم الفور في النكاح. 2. الشرط المقارن للعقد المفسد له : كاشتراط الخيار للزوج ، و منها أن يشترط شرطا يناقض العقد كعدم التسوية في القسم أو حرمانها من نفقة ، فإن وقع فسخ العقد قبل الدخول ، أما بعده فيثبت و يلغى الشرط . 3. شروط لا تناقض العقد : كأن يشترط ألا يتزوج عليها أو لا يخرجها من بلدها و هذه الشروط يندب الوفاء بها . 4. شروط يجب الوفاء بها : و يكون لهما بها خيار فسخ العقد كاشتراط السلامة من العيوب أو البكارة « إن وجد الزوج عكس ما كان يطلب ، فله حق فسخ العقد . الشافعية : و الشروط عندهم قسمين : 1. العقد المعلق على شرط و هو فاسد . 2. الشرط المقارن للعقد و فيه وجهان : • شروط فاسدة يقتضيها العقد و هي تفسد العقد ، كأن يشترط كونها معتد و حبلى . • شروط صحيحة لا تفسد العقد و هي كل اشتراط وصف لا يمنع صحة النكاح ( الجمال و البكارة و للزوجين بها الخيار . الحنابلة : الشروط عندهم ثلاثة أقسام : 1. شروط صحيحة : كأن تشترط المرأة أن لا يتزوج عليها أو أن لا يخرجها من دارها ، أو أن لا يفرق بينها و بين أولادها ( شروط لازمة يجب الوفاء بها ). 2. شروط فاسدة تفسد العقد : كأن يشترط تحليلها لمطلقها الأول ، أو أن يعلق العقد على شرط المستقبل أو التوقيت بوقت فهي فاسدة تفسد العقد . 3. شروط فاسدة لا تفسد العقد بل تبطل دونه : كأن يشترط أ، لا يعطيها مهر أو أن يميز عليها ضرتها أو شرط له الخيار ، هذه الشروط ملغاة لا قيمة لها و العقد صحيح ، و الشرط فاسد . دراسة تطبيقية للشروط الجعلية في النكاح : 1. زواج التحليل : هو أن يتزوج المطلقة ثلاثا بعد انقضاء عدتها و يدخل بها ثم يطلقها ليحلها للزوج الأول ، هذا النكاح ينهى عنه ، قال – صلى الله عليه و سلم - : « لعن الله المحلل و المحلل له ». حكمه : النصوص صريحة في بطلان هذا الزواج لأن العقد لا يكون إلا على أمر غير جائز قصد التحليل قائما عند العقد ، ذهب إلى ذلك مالك و أحمد أما الشافعية فقالوا : المحلل الذي يفسد نكاحها هو حتى يتزوجها ليحلها ثم يطلقها ، أما من لم يشترط ذلك في عقد النكاح فعقده صحيح ، و يصح العقد مع الكراهة عند الحنفية لأن النكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة ، و تحل للزوج الأول بعد طلاقها أو موته و انقضاء عدتها . 2. نكاح المتعة : و يسمى الزواج المؤقت و هو أن يعقد الرجل على المرأة أسبوعا أو شهرا ، و قد أجمع الفقهاء على تحريمه و خالف في ذلك الشيعة ، و اشتهر كذلك القول بجوازه ، عن ابن عباس – رضي الله عنهما - « و الحق أنه ما سلك هذا المسلك بالقول بجوازه إلا عند الحاجة و الضرورة ، و من أدلة المنع قوله – صلى الله عليه و سلم - :« يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع ألا و أن الله قد حرمها إلى يوم القيامة » . و قد اختلف الفقهاء في إضمار الزوج نية التوقيت ، حيث قال المالكية و الحنفية بصحة العقد و خالف في ذلك الحنابلة . حكمه : يفسخ هذا النكاح قبل الدخول و بعده و يجب للمرأة بعد الدخول مهر المثل . 3. نكاح الشغار : هو أن يقول زوجني ابنتك على أن أزوجك ابنتي مثلا . • عند المالكية : الشغار عندهم ثلاثة أقسام : • شغار صريح : و هو أن يقول له زوجني أختك مثلا على أن أزوجك أختي بحيث لا يكون لإحداهما مهر بل بضعها في نظير بضع الأخرى . • وجه الشغار : و يسمى فيه الصداق مع اشتراط زواج إحداهما في نظير الأخرى ، و معنى ذلك أن الصداق مسمى . • المركب منهما : و هو أن يسمى لواحدة منهما مهرا دون الأخرى مع اشتراط زواج إحداهما في نظير الأخرى ، مثال : أن يقول له زوجني ابنتك على أن أزوجك ابنتي مع الفرق 100 دج لواحدة فقط . 1. حكم الشغار الصريح : البطلان ، فيفسخ العقد قبل الدخول و بعد و لها مهر المثل بالدخول . 2. وجه الشغار : يفسخ قبل العقد لا بعده . 3. المركب منهما : فحكم المسمى لها الفسخ قبل الدخول لا بعده العبرة بالظواهر لا بالنوايا • عند الشافية : قالوا إن الشغار هو أن يقول له زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك و بضع كل منهما صداق الأخرى ، و كذلك لو سمى لكليهما صداقا ، فلو لم يذكر البضع كأن يقول زوجتك ابنتي بـ 100 دج على أن تزوجني ابنتك بـ 100 دج صح العقد ، و نكاح الشغار عندهم فاسد يوجب مهر المثل بالتساوي . • الحنفية : وافقوا الشافعية في مسمى الشغار و خالفوا في حكمه حيث يصح عندهم مع وجوب مهر الإثنتين ، و أجابوا عن المعترضين بأن المنهي عنه حصول حقيقة الشغار ، و هي غير نافذة لوجوب مهر المثل . و حمل النهي على الكراهة لا الفساد • رأي الحنابلة : في زواج الشغار هو أن يزوج الرجل ابنته أو وليته على أن يزوج الأخر ابنته أو وليته ، و لا صداق بينهما و لا يشترط أن يقول و بضع إحداهما صداق الأخرى . بيـــــــــع المرابـــــــــ ـــــــــــــــ ــحة : أجمع العلماء على أن بيع المرابحة صنفان : ( مساومة و مرابحة ) . المرابحة : هي بيع السلعة بثمنها الذي قامت به ربح بشرائط خاصة مفصلة في الذهب . الحنفية : قالوا يصح بيع المرابحة أي بالثمن الأول مع الربح بشرطين : 1.أن يكون المبيع عرضا ، فلا يصح بيع النقدين مرابحة . - الثمن مثليا كالدينار و الدراهم و كذلك المكيلات و الموزونات ، فإذا اشترى ثوبا بـ 100 دج فإنه يصح أن يبيعه بثمنه مع ربح معين ، و كذلك إذا اشتراه بـ 10 كلغ من القمح ، و إذا كان الثمن غير مثلي بل قيمي أي يباع بالتقويم لا بالمكيل ، و نحوه كالحيوان أو الثوب ، فإنه يصح البيع به بالمرابحة بشرطين : 1. أن يكون ذلك الثمن نفسه الذي بيعت به السلعة أولا . 2. أن يكون الربح معلوما كأن يقول له بعتك هذا الثوب بثمن الشاة التي اشتريتها به مع ربح 10 دنانير ، أما إذا كان الربح غير معين ، لم يصح البيع ، و للبائع أن ينظر إلى أصل الثمن الكلي الذي أنفقته على السلعة مما جرت به عادة التجارة ، .............................. ................ سواء كان مؤثرا في عين السلعة كالخياطة و الصبغ أو غير مؤثر كأجرة الخزن و الحمل . المالكية : بيع المرابحة عندهم على وجهين : - أن يساومه على أن يعطيه ربحا عند كل مائة ، عشرة ، مثلا ، و أن يبيع السلعة بربح معين على جملة الثمن ، و في كلتا الحالتين فإما أن يكون البائع قد اشترى السلعة بثمن معين و لم ينفق عليها شيئا ، زيادة على ذلك و أن يكون قد أنفق عليها . ففي الحالة الأولى الأمر ظاهرا ، على المشتري أن يدفع الثمن مضافا إليه الربح بالحساب الذي تم الاتفاق عليه و إما أن يكون قد أنفق عليها زيادة على ثمنها الذي اشتراها به ، و تقع هذه النفقة على ثلاثة أقسام : - قسم يحسبه في رأس المال و يجعل له حظا من الربح : و هو ما لا يؤثر في عين السلعة كالخياطة و الصبغ . - قسم يحسب في رأس المال و لا يجعل له حظا من الربح و هو ما لا يؤثر في عين السلعة فلا يمكن للبائع أن يتولاه لنفسه ، كحمل المتاع إلى بلد و كراء المخازن . - قسم لا يحتسب فيه الأمرين جميعا : و هو لا يؤثر في عين السلعة مما يمكن أن يتولاه صاحبها بنفسه كالطين . و من هنا يتضح لنا أن تسمية الثمن و تسمية ما أنفق على السلعة بأقسامه الثلاث شرط على أي حال و إلا وقع البيع فاسدا . الشافعية : يصح بيع المرابحة عند الشافعية و لم يشترطوا بيان الثمن و ما أنفق زيادة عليه ، إن علمه المشتري، أما إن لم يعلمه فإنه لا يدخل شيئا من النفقات الزائدة ما لم يتم بيانها و كذلك الثمن إذا كان عرضا و لم يعلم به المشتري ، وجب على البائع أن يبينه . مسألة : إذا باع شيئا مرابحة ثم ظهر كذبه في بيان الثمن ، و حكم ذلك على تفصيل : الحنفية : - قالوا إذا ظهر كذبه ببرهان أو إقرار و وكلوا اليمين ، فإن للمشتري الحق في إمساك المبيع بثمنه الذي أخذه به أو رده و له أن ينقص ما زيد عليه في أصل الثمن و ما يقابله في الربح . مثل : اشترى رجل ثوبا بـ 100 دج مع ربح بـ10 دج ، ثم تبين له أن الثمن الحقيقي للثوب هو 80 دج ، فله في هذه الحالة أن يرد المبيع أو يمسكه مع إنقاص ما زيد عليه في أصل الثمن ، و ما يقابله في نسبة الربح 10 1 ـــــــــ = ــــــــ 100 10 قيمة الثوب التي يدفعها المشتري = القيمة الحقيقة للثوب + نسبة الربح × القيمة الحقيقة . 1 = 80 + (ــــــــ × 80 ) = 88 دج . 10 يعيد البائع للمشتري 22 دج أي 110 ـ 88 . المالكية : قالوا البائع في المرابحة إن لم يكن صادقا فهو إما أن يكون كاذبا أو غاشا أو مدلسا - أما الغاشي: فهو الذي يظهر في السلعة صفة مرغوبة ليس فيها و العكس على أن لا ينقص ذلك من القيمة ، و للمشتري في هذه الحالة الخيار بين الرد و الإمساك . - أما الكاذب هو الذي يخبر بخلاف الواقع فيزيد في الثمن للمشتري ، و في هذه الحالة أن يسقط ما زاده البائع عليه من الثمن و ما يقابله من الربح أن يرضى البائع فيكون مجبرا و هو مخير بين الرد و الإمساك . - أما المدلس : فهو الذي يعلم أن بالسلعة عيب و يكتمه و المشتري في هذه الحالة مخير بين الرد و الإمساك . الحنابلة : إذا ظهر كذب البائع في الثمن فالمشتري له الحق في إسقاط ما زاده البائع من الثمن و ما يقابله من الربح و لا خيار له في إمساك السلعة أو ردها . الشافعية : لهم قولان : تقول بالتخيير و قول باللزوم ( الحط أو الإنقاص ). بيـــــــــع الخيـــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــار : أنواعـــــــه : 1. خيار المجلس : و هو أن يكون لكل من العاقدين حق فسخ العقد ما دام في مجلس العقد ، لم يتفرقا بأبدانهما أو يخير أحدهما للأخر فيختار لزوم العقد ( يكونان في مجلس العقد ). الشافعية و الحنابلة : المثبتون لخيار المجلس إذا انعقد العقد بتلاقي الإيجاب و القبول ، يقع العقد جائزا أي غير لازم ما دام المتعاقدين في مجلس العقد حتى يتفرقا و يحدد طبيعة التفرق ، العرف الشائع بين الناس في التعامل ، حجتهم في ذلك ، قوله – صلى الله عليه و سلم – « البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، أو يقول أحدهم لصاحبه اختر » رواه البخاري . المالكية و الحنفية : خالفا في ذلك و دليل الفريق : • أن وقت التفرق غير معلوم فهو أشبه ببيوع الغرر . و قيل الحديث خبر آحاد و هو مخالف لعمل أهل المدينة و الحديث أقوى لتواتره ، و عمل الفريق الثاني الحنفية معنى التفرق على على التفرق بالأقوال أي أن للموجب الرجوع في إيجابه قبل قبول الأخر ، و للأخر الخيار ، إن شاء قبله و إن شاء رده ، و هذا تحصيل حاصل لا معنى له لأن يأتي النص بتشريعه . إلا أن الفرق بين الحنفية و المالكية في هذه المسألة أن الحنفية يثبتونه بالشرط بخلاف المالكية . 2. خيار الشرط : هو أن يشترط البائع و المشتري أو أحدهما بالخيار إلى مدة و قد يكون الخيار الواحد لمنهما أو لكليهما أو لأجنبي يعينه واحد منهما ، و اختلف الفقهاء في إعطاء الخيار للأجنبي . حيث ذهب : • المالكية و الشافعية إلى أنه من شرط الخيار لأجنبي سقط خياره . • الحنفية اعتبر الأجنبي شريكا للمتعاقد صاحب الحق في الخيار . • الحنابلة أجازوا ذلك ما لم يخرج صاحب الخيار نفسه . و دليل ثبوت هذا النوع من الخيار حديث حبان بن منقذ الذي كان يخدع في البيوع فقال له – صلى الله عليه و سلم – من بعت فقل لا خلا..... ( لا خديعة ) ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليالي » . مدة خيار الشرط : اتفق جمهور الفقهاء غير المالكية على أن مدة خيار الشرط ينبغي أن تكون معلومة ، فإن كانت مطلقة أو مجهولة لم يصح العقد ، و قال الإمام مالك ( يجوز الخيار المطلق على أن يتولى الحاكم تحديد مدة لها كمدة خيار مثله ، و يفسد العقد عندهم باشتراط مدة تزيد على المعتاد بكثير أو مدة مجهولة ، اختلف الفقهاء في : مقدار مدة الخيار على 03 أقوال : • الشافعية و الحنابلة : 03 أيام ( حديث حبان ) . • مالك : تتفاوت بمدة المبيع ، الدار مثلا شهر . • الحنابلة : لا يشترطوا مدة معلومة غير محددة في وقت معين . • الشافعية و الحنفية : ذهب إلى أنها يجب ألا تزيد عن 03 أيام عملا بمقتضى الحديث المثبت لمشروعية الخيار . • الحنابلة : قالوا بأن لا حد لها إلا أنهم اشترطوا أن تكون معلومة ، فإن كانت مجهولة صح البيع و ألغي الشرط . • المالكية : تختلف المدة عند المالكية باختلاف المبيعات فمنها ما يحتاج إلى اليوم و اليومين كالثوب و منها ما يتطلب شهرا كالدار. خيار العيب : للمشتري الخيار في إلغاء عقد البيع إذا وجد في المبيع عيب و لو لم يشترط ذلك أو إمساكه مع التعويض عن قيمة النقص و هي الفرق بين قيمة المبيع صحيحا و قيمته منسوبا إلى ثمنه . مثال : اشترى رجلا سيارة بـ 40.000 دج ، قيمتها في السوق سليمة من العيب 60.000 دج ، و وجد بها عيبا ، ينقص قيمتها 10.000 دج . قيمتها معيبة = قيمتها صحيحة ــ قيمة العيب . لحساب قيمة النقص = 60.000 ــ 10.000 = 50.000 دج . و للرد بالعيب شروط لا بد من مراعاتها : • أن يكون المبيع مما تنقص به قيمة المبيع أو يفوت به على المشتري غرض صحيح . • أن يكون العيب موجودا في المبيع و هو عند البائع سواء كان بفعل البائع نفسه أو آفة . • أن لا يزول العيب قبل رد السلعة . • أن يشترط البائع البراءة من العيب على تفصيل في المذاهب : الحنفية : • البراءة لنفسه ، لا يصح الرد بالعيب . • البراءة للمبيع ( يصح الرد ) معناه ، قال له لا عيب في المبيع 1. خاصا ( لا يصح الرد ) 2. عاما يرد المبيع بالعيب القديم . الانتفاع بالمرهون : مفهوم الرهن : الرهن في اللغة معناه الثبوت و الدوام ، يقال ماء راهن أي راكد ، و نعمة راهنة أي دائمة ، و قال بعضهم أن معناه في اللغــة : الحبس ، لقوله تعالى : « كل نفس بما كسبت رهينة » أي محبوسة ، بما قدمت ، و المعنى الثاني لازم للأول لأن الحبس يستلزم الثبوت للمكان . في الشرع : هو جعل عين لها قيمة مالية في نظر الشرع وثيقة بدين بحيث يمكن أخذ الدين أو أخذ بعضه من تلك العين ، و يقال لمالك العين الراهن و لصاحب الدين المرتهن . حكمه و دليله : الراهن جائز بالكتاب و السنة ، لقوله تعالى : « و إن كنتم على سفر و لم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة » ، و أما من السنة ، ما ثبت في الصحيحين أنه – صلى الله عليه و سلم – اشترى من يهودي طعاما و رهنه درعه . الانتفاع بالمرهون : ثمرة المرهون و ما ينتج عنه ، سواء كان أرضا زراعية أو دارا يمكن استغلالها أو حيوانا ، هل تكون للراهن أو المرتهن في ذلك تفصيل للمذاهب : المالكية : • ثمرة المرهون و ما ينتج منه من حقوق الراهن ، و لا تكون للمرتهن إلا بشروط : 1- أن يكون الدين بسبب البيع ، لا بسبب القرض ، و ذلك إذا باع شخص لآخر عقارا بثمن مؤجل ، ثم ارتهن به عينا مقابل دين . 2- أن يشترط المرتهن أن تكون المنفعة له . 3- أن تكون مدة المنفعة التي يشترطها محددة ، فإذا كانت مجهولة لم يصح ، أما إذا كان الدين بسبب القرض ، فإنه لا يصح له أن يأخذ المنفعة على أي حال ، سواء اشترطها أو لم يشترطها ، و ذلك لأنه يكون قرضا جر نفعا ، و هو عين الربا ، و لا يلزم من كون المنفعة للراهن أن يتصرف في المرهون أو يكون المرهون تحت يده ، كلا فإن الرهن يكون تحت يد المرتهن ، و يعطي منفعته للراهن . الشافعية : الراهن هو صاحب الحق في منفعة المرهون ، على أن المرهون يكون تحت المرتهن ، و يجوز للراهن أن ينتفع بكل ما لا ينقص العين المرهونة ، كسكنى الدار ، و ركوب الدابة بدون إذن المرتهن ، أما التصرف الذي ينقص قيمة المرهون ، فإنه لا يصح إلا بإذن المرتهن ، فلا يصح مثلا أن يؤجر الراهن المرهون مدة تزيد على مدة الرهن إلا بإذن المرتهن ، أما إذا اشترط على الراهن و قيل أن الذي يفسد هو الشرط ،و العقد صحيح ، و على كل حال لا يحل للمرتهن الانتفاع بالعين المرهونة إذا اشترطها في العقد . الحنفية : لا يجوز للراهن أن ينتفع بالمرهون إلا بإذن المرتهن ، فلا يصح أن يركب دابة ، أو يسكن دارا إلا بإذن المرتهن ما دامت مرهونة ، لا فرق يف ذلك بين أن يكون الانتفاع منقصا للقيمة أو لا . فسكنى الدار تجوز عندهم حتى و إن لم تكن بإذن صاحبها ، على أن منافع المرهون وثمرته الناشئة من حقوق الراهن ، أما المرتهن في جواز انتفاعه بالمرهون بإذن الراهن خلاف ، فبعضهم يقول : لا يحل الانتفاع بالمرهون ، و لو أذنه الراهن ، سواء كان بسبب الدين ، بيعا أو قرضا ، و لكن الأكثر يرى على أنه يجوز الانتفاع إذا أذنه الراهن دون أن يشترط ذلك في العقد . الحنابلة : إذا كان الرهن حيوان مما يحلب ، أو يركب ، جاز للمرتهن الانتفاع به نظير النفقة ، لقوله – صلى الله عليه وسلم – « لبن الدر يحلب لنفقته إذا كان مرهونا و الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا و على الذي يركب و يحلب النفقة » ، و في حال الراهن لم ينفق على الحيوان ، لا يجوز الانتفاع بها دون إذن الراهن . علة تحريم الربا في الإسلام : الربا في اللغة الزيادة و المقصود به هنا الزيادة على رأس المال ، قلت أو كثرت . و الربا قسمان : 1- ربا النسيئة : و هو الزيادة التي يأخذها الدائن من المدين نظير التأجيل . 2- ربا الفضل : و هو بيع أحد الجنسين بمثله مع الزيادة دون تأخير في القضاء ، و الأصل في تحريمه سد الذرائع لأنهم إذا باعوا درهما بدرهمين ، و لا يفعل هذا عند إتحاد الجنسين إلا التفاوت الذي بين النوعين ، تدرجوا بالربح المعجل فيها إلى الربح المؤخر و قد لا يكون سبب التحريم سد الذرائع ، إنما رفع الغبن عن الناس كما في بيع كثير رديء بقليل جيد كما في ذلك من غير علم أيهم أغبن و قد ثبت من السنة نهيه – صلى الله عليه و سلم – بيع الذهب بالذهب ، و الفضة بالفضة و البر بالبر و الشعير بالشعير و التمر بالتمر ، مثلا بمثل سواء بسواء . الحنفية : العلة في تحريم الزيادة هي الكيل و الوزن ، و حددوا القدر الذي يتحقق فيه الربا في الطعام ، بنصف صاع أي 1350 غ ، أما ما لا يباع بالكيل و لا الوزن ، لا يدخله ربا الفضل ، و الضابط في ذلك أن المبيع إذا كان متحدا مع الثمن في الجنس ، و كان يباع بالكيل أو الوزن ، فإنه لا يصح أن يكون في أحد العوضين زيادة ، سواء كانت لأجل أو لا ، أما إذا وجد الكيل و الوزن دون إتحاد الجنسين جاز التفاضل . المالكية : علة تحريم الربا عندهم في الذهب و الفضة ، هي النقدية أي الثمينة ، أما في الطعام فإنها تختلف بين النسيئة و الفضل . 1- ربا النسيئة : و العلة فيه مجرد المطعومية على وجه التداول ، سواء كان للاقتتات أو الإدخار أو لم يوجد واحد منهما . 2- ربا الفضل : العلة في تحريمه الاقتتات و الادخار ، معنى الاقتتات أن يقتات الإنسان غالبا ، بحيث تقوم عليه بنيته ، و يدخل في معناه إصلاح القوت كالملح و نحوه ، أما الادخار أن لا يفسد بتأخيره لمدة من الزمن ، و دليلهم في ذلك هو أنه لما كانت حكمة التحريم لا يغبن بعض الناس بعضا ، و أن تحفظ أموالهم ، فيجب أن يكون في أصول المعاش . الشافعية : ربا النسيئة : العلة في الذهب و الفضة هي النقدية أو الثمينة في كونها أثمانا للأشياء ، أما العلة في الأصناف الباقية الطعمية ، و هي تشمل ما قصد للطعم و القوت ما قصد به التفكه أن يقصد به إصلاح الطعام و البدن ( و يدخل في ذلك التوابل و الأعشاب الطبية ) ، هذا في ربا النسيئة . أما ربا الفضل : فعلة منعه زيادة على الطعم ، إتحاد الجنس ، و دليلهم في ذلك أن الحكم إذا علق باسم مشتق دل على أن المعنى الذي اشتق منه الاسم ، هو علة الحكم كآية السرقة ، و قد جاء في الحديث « الطعام بالطعام مثلا بمثل » فثبت أن الطعم هو علة الحكم . الحنابلة : لهم آراء و أوجه أشهرها : 1. قالوا كمذهب الحنفية ، علة التحريم الكيل و الوزن مع إتحاد الجنس ، إلا أنهم قالوا محرم ربا الفضل في كل مكيل أو موزون بجنسه و لو كان قليلا . 2. كمذهب الشافعية علة تحريم المطعومية . 3. كمذهب الحنابلة ، العلة فيما عدا الذهب و الفضة ، كونه مطعوما إذا كان مكيلا أو موزونا الحجـــــــــــ ـــــــــر على السفيه : أحكام تصرفات السفيه بالنسبة للحنفية : • تصرفات تحتمل الفسخ و يبطلها الهزل. 1. تصرفات ضارة ضررا محضا ( باطلة ) . 2. تصرفات نافعة كأن يوهب إليه هبة (جائزة ) . 3. تصرفات دائرة بين النفع و الضرر ( موقوفة ) . • تصرفات لا تحتمل الفسخ و لا يبطلها الهزل ( الإعتاق ، النكاح ) عند الحنفية : جائزة . عند المالكية : فرقوا بين الذكر و الأنثى • الذكر : السفيه الذكر ، يعرض له السفه في الصغر و قد يستمر معه حتى البلوغ ، و يكون له أب أو وصي .( هناك المرجع في تصرفاته ، الولي ) . إذا بلغ سفيها و لم يكن له ولي أو وصي ( السفيه المهمل ) ، علة المنع هي الحجر لأن الحكم يدور مع العلة وجودا و عدما ( من بلغ سفيها تصرفاته باطلة ) . • الأنثى : المرأة عند المالكية في حجر أبيها و لا يفك عنها الحجر حتى تتزوج أو يرشدها أبوها . و إذا لم يكن لها أب و لها وصي ، لا تطلق إلا بفك الحجر ( أن يقول الوصي لشاهدين عدلين قد رفعت الحجر عنها ) . مفهوم الحجر : لغة : المنع ، لذلك سمي العقل حجر لأنه يحجر صاحبه و يمنعه من الفعل القبيح ، قال تعالى : « هل في ذلك قسم لذي حجر ». شرعا : و اختلفت تعريفاته عند الفقهاء : الحنفية : • عرفه الحنفية أنه منع مخصوص متعلق بشخص ، عن تصرف مخصوص أو عن نفاذ ذلك التصرف . المالكية : • الحجر صفة حكمية ( يحكم بها الشرع ) توجب منع موصوفها من نفوذ تصرفه فيما زاد على قوته ، كما يوجب منعه من نفوذ تصرفه في تبرعه بما زاد على الثلث في ماله ، و قريب من ذلك قال الشافعية و الحنابلة أن أسباب الحجر ثلاثة : ( الصغر و الجنون و السفه ) . تعريف السفيه : السفيه هو المبذر لماله ، إما لإنفاقه لشهوته ، و إما لعدم معرفته لمصالحه ، و يحجر على السفيه عند الحنفية و الحنابلة بحكم الحاكم سواء كان السفه مستمرا معه قبل البلوغ و بعده ، أو عارض له بعد البلوغ بخلاف المالكية و الشافعية الذين يرون أن من عرض له السفه صغيرا ، أو استمر بعد البلوغ لم يحتج في الحجر عليه إلى حكم الحاكم ، و أضاف المالكية إلى هذه الحالة ، من بلغ رشيدا ثم عرض له السفه بعد البلوغ بزمن قليل ( أقل من عام ) . أحكام تصرفات السفيه : عند الحنفية : تصرفات السفيه تقع على ضربين : 1- تصرفات تحتمل الفسخ و يبطلها الهزل و هي ثلاثة أقسام : • تصرفات ضارة و هي لا تنعقد أصلا . • تصرفات نافعة تنعقد و لو بإجازة الولي. • تصرفات دائرة بين النفع و الضرر ، كالبيع و الشراء و هي موقوفة . 2- تصرفات لا تحتمل الفسخ و لا يبطلها الهزل ، كالطلاق و النكاح و العتق . فإن تصرفات السفيه البالغ تنفذ فيها ، فإذا تزوج انعقد زواجه ، ثم إذا سمى مهرا كثيرا ، فإنه لا يلزم إلا بمهر المثل ، و يبطل ما زاد عليه ، و إن طلق ينفذ طلاقه ، و كذلك تجب عليه العبادات المالية من زكاة و حج . و لا يصح أن يوصي السفيه من ماله بـ : الثلث إلا إذا كانت وصيته فيما لا ينفع . المالكية: السفيه عندهم إما أن يكون ذكرا أو أنثى . تصرفات السفيه الذكر ، و هي تشمل أمورا : 1. أن يكون السفه قد عرض له قبل البلوغ ثم استمر بعده و له أب أو وصي ، فإن الحجر عليه ، و يكون المرجع في تصرفه لوليه . 2. أن يعرض له السفه و هو سفيه ثم يبلغ و هو سفيها ، و كان يتيما و لم يقم له قيما ( السفيه المهمل ) و حكم هذا أن تصرفه بعد البلوغ و قبل ، الحجر يكون نافذا لأن العلة في عدم نفاذ التصرف هي الحجر . 3. أن يعرض له السفه بعد الحجر : فإن تصرفه قبل الحجر نفذ تصرفه بخلاف ما إذا كان تصرفه بعد الحجر . تصرفات السفيه الأنثى ، و تنقسم إلى ثلاثة أقسام : 1. ذات الأب : إذا بلغت ، فتبقى في حجر أبيها ؛تى تتزوج و يدخل بها زوجها و تبقى مدة بعد الدخول ، و إذا اختلف في تقديرها و قيل لا تنطلق حتى يرشدها أبوها ، و للأب أن يرشد ابنته بعد البلوغ مطلق ، سواء قبل الدخول أو بعده . 2. ذات الوصي : ( يتيمة الأب ) و هي لا تطلق من الحجر إلا بفكه ، و صورة فك الحجر ، أن يقول الوصي لعدلين أو أكثر ، اشهدوا أني فككت الحجر عن فلانة و أطلقت لها التصرف ، و ملكت لها أمرها لما قام عندي من رشدها و حفظه لمالها . 3. السفيهة المهملة : قيل أن تصرفاتها تنفذ كالسفيه المهمل ، و قال بعضهم لا تنفذ حتى تتزوج و يدخل بها زوجها أو تعنس . و في المجمل فإن تصرفات السفيه البالغ المحجور عليه ، إما أن تكون عقود معاوضة أو ليست كذلك ، فإن كانت عقود معاوضة توقف نفاذها على إجازة الولي ، و إن لم تكن كذلك وقعت باطلة بلا خلاف . الشافعية : قالوا تصرفات السفيه تصرفات معاوضة كالبيع و الشراء و تأتي على ضربين : 1. .............................. .............................. .............................. ..................... 2. .............................. .............................. .............................. ..................... أو هبة فإن تصرفه يقع باطلا ، و يصح طلاقه و مراجعته كما يصح خلعه ، و حكمه في العبادات المالية كالرشيد ( الزكاة و الحج ) و يصح النكاح إذا .............................. ...................... .............................. .............................. .............................. ........................... الحنابلة : تصرفات السفيه بعد الحجر عندهم تكون باطلة إلا أمورا ، كالطلاق و الخلع و الظهار و اللعان ، و الإقرار بالنسب و الوصية و لوليه أن يأذنه في بعض التصرفات ، كالزواج إلا إذا كان السفيه بحاجة إليه فإن له أن يباشره بنفسه دون إذن وليه ن و نجب عليه العبادات المالية . ملاحظة : خالف في الحجر على السفيه الإمام أبو حنيفة ، حيث ذهب إلى أن الحر العاقل متى بلغ 25 سنة ، لا حجر عليه سواء كان مبذرا أو لا . الشفعــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــة : لغة : مأخوذة من الشفع ، بمعنى الضم أو الزيادة و التقوية ، تقول شفعت الشيء أي ضممته ، سميت شفعة لأن الشفيع يضم ما يتملكه بهذا الحق إلى نصيبه أو ملكه ، فيزيده و يتقوى به. و في الإصطلاح الفقهي : عند الحنفية : • هي تملك العقار المبيع جبرا عن المشتري بما قام عليه من ثمن و تكاليف ، لدفع ضرر الشريك الدخيل أو الجوار . و عرفها الجمهور غير الحنفية : بأنها حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحالي فيما ملك بعوض . دليلها و حكم مشروعيتها : الشفعة مشروعة بالسنة و الإجماع . عن جابر – رضي الله عنه - ، قال : « قضى رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بالشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود ، و صرفت الطرق فلا شفعة » . حكمتها : • دفع ضرر الدخيل الأجنبي ، و قيل دفع ضرر مؤنة القسمة . • استئذان الشريك في البيع ، يجب على الشريك أن يستأذتن شريكه قبل البيع ، فإن باع و لم يؤذنه فهو أحق به . أركانها : لها أربعة أركان: 1. آخذ : و يسمى الشافع . 2. مأخوذ منه : و هو المشفوع عليه . 3. مشفوع فيه . 4. الصيغة . بذلك قال المالكية و وافقهم الشافعية و الحنابلة إلا أنهم لم يعدوا الصيغة ركنا . شروطها : من شروط الشفعة ما يتعلق بالأركان ، و منها ما ليس كذلك . الشروط المتعلقة بالشافع : ذهب مالك و الشافعي و أحمد إلى أن لا شفعة إلا للشريك ، ما لم يقاسم . و قال الحنفية : الشفعة مرتبة ، فأولى الناس بها الشريك الذي لم يقاسم ، ثم الشريك المقاسم ، إذا بقيت في الطرق أو الصحن ، الشركة ثم الجار الملاصق. • عدم رضى الشفيع بالبيع : فإن ظهر منه ما يدل على الرضى ، سقط حقه إلا أن يكون هناك تدليس أو خديعة للشفيع لإسقاط الشفعة عن طريق المشتري أو الثمن أو قدر المبيع نفسه . • ملك الشفيع المشفوع به وقت البيع . • أن يدفع الشفيع للمشتري قدر الثمن الذي وقع عليه العقد ، فإن عجز عن ذلك سقطت الشفعة . • أن يأخذ الشفيع جميع الصفقة ، و إلا بطلت الشفعة . الشروط المتعلقة بالمشفوع فيه : ( العقار و المراد بيعه) . قررت المذاهب الأربعة ألا شفعة في الحيوان و الثياب و العروض للحديث السابق ، قضى رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بالشفعة في ضيعة أو أرض أو حائط ، بخلاف العقارات . اشترط الجمهور غير الحنفية و في المشهور عند المالكية ، و ظاهر مذهب الحنابلة و الأصح عند الشافعية ، أن يكون العقار قابلا للقسمة استدلالا بدليل الخطاب في حديث جابر « الشفعة فيما لم يقسم » . أما الزرع و الثمر و الشجر ، فلا شفعة فيه ، إلا إذا بيع تبعا لأصله بخلاف المالكية الذين قالوا بالشفعة في الثمار و الشجر . شخصين يمتلكان أرضا زراعية و الثمار أثمرت .............................. ........................ .............................. .............................. .............................. ............................. أن يكون المشفوع فيه في الإشاعة ، لم يقسم ، و من الشروط الأخرى . 1. أن يكون العقد عقد معاوضة ( بيع ، شراء ) لا يثبت الحق في الشفعة إلا إذا خرج العقار عن ملك صاحبه بعقد معاوضة ، و هو البيع أو في ما معناه ، و اختلفوا في التمليك بعوض غير مالي ، قال الحنفية و المالكية : يشترط أن يكون عقد المعاوضة مال بمال ، و قال المالكية و الشافعية : يكفي أن يكون العقد عقد معاوضة سواء كانت مالا ، كأن تكون مهرا أو عوضا عن الخلع أو الصلح عن الدم .. 2. أن يكون العقد صحيحا . 3. خروج العقد عن ملك صاحبه خروجا باتا ، يجب أن يزول ملك البائع عن العقار المبيع عن طريق البيع البات النهائي الذي لا خيار فيه ، و اختلفوا في البيع المشتمل على خيار المشتري. قال الحنفية و الشافعية: تجب في هذه الشفعة ، و خالفهم المالكية و الحنابلة . 4. الفور : و اشترطه الحنفية و هو الراجع عن مذهب الشافعي ، و إحدى الروايات ، عن أحمد و مالك يكون الشفيع غائبا ، و قال مالك لا تجب على الفور و وقت وجوبها متسع قدر بالسنة . تعدد الشفعاء : • الجمهور : يأخذ كل واحد بسهمه . • الأحناف : ترشح بعدد الرؤوس . الشفعة بين الشفعاء : عند الجمهور : • إذا كانت الشفعة بين أكثر من شفيع و هم أصحاب سهام متفاوتة ، فإن كل واحد منهم يأخذ من المبيع بقدر سهمه عند الأحناف : • إنها على عدد الرؤوس لاستوائهم جميعا في سبب استحقاقها . مسقطات الشفعة : • بيع الشفيع ما يشفع به من عقار قبل أن يقضي له بالشفعة لزوال السبب الذي استحق به الشفعة • تسليم الشفعة أو الرغبة عنها ( التنازل ) . • الصلح عن الشفعة : إذا صالح عن حقه في الشفعة كان عمله باطلا و مسقطا لحقه في الشفعة و عليه رد العوض ، عند الشافعية و الحنفية ،و عند الإمام أحمد يجوز له ذلك ، و له أن يتملك ما بذله له المشتري . وراثة الشفعة : 1. يرى مالك و الشافعي أن الشفعة تورث و لا تبطل بالموت . 2. و قال أحمد :" لا تورث إلا أن يكون الميت طالب بها . 3. و قال الأحناف : إن هذا الحق لا يورث ، كما أنه لا يباع ، و إن كان الميت طالب بهذا ، إلا إذا حكم له بها الحاكم قبل أن يموت . الإجـــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــارة : الحنفية : هي عقد تمليك منفعة معلومة مقصودة من العين المستأجرة بعوض . المالكية : أنها عقد يفيد تمليك منافع شيء مباح مدة معلومة بعوض غير ناشئ عن المنفعة مثل المضاربة . الشافعية و الحنابلة : عرفوا تعريفا يقارب التعريفين السابقين . أركانها : عند الحنفية : ركن الإجارة الإيجاب و القبول . عند الجمهور : ثلاثة : 1. العاقدان : المؤجر و المستأجر . 2. المعقود عليه . 3. الصيغة : و هي اللفظ الذي يدل على تمليك المنفعة . أقسامها : عند الحنفية و الحنابلة ، قسمين : 1. قسم يرد على منافع الأعيان كاستئجار الأراضي و الدور . 2. قسم يرد على نفس العمل : على منافع الآدمي ، كاستئجار أرباب المهن على الأعمال التي يقومون بها . المالكية : فصلوا في الإجارة على العمل فقالوا : إنه إما أن يكون أجيرا أو صانعا أو خادما . و الفرق بين الأجير و الصانع ، أن الأجير هو الذي يعمل دون أن يكون شيء مما يعمل في حيازته ، كالبناء ،أما الصانع فهو الذي يعمل فيما تحت يده كالخياط و الحداد . الشافعية : فقد قسموها إلى إجارة عين و إجارة ذمة . إجارة عين : و هي العقد الوارد على منفعة متعلقة بشيء معين معلوم للمستأجر ، و ذلك كأن يستأجر عقارا معينا مدة مخصوصة بأجرة معينة . إجارة الذمة : هي عبارة عن العقد على منفعة متعلقة بشيء غير معين بل موصوف في الذمة المنفعة فيها دين في الذمة ) ، كأن يقول شخص لآخر أجرتك سيارة صفتها كذا لتحملك إلى بلد كذا ، و يشترط فيها تسليم الأجرة في المجلس كرأس مال السلم . شروط الإجارة : الحنفية : قسموها إلى 04 أقسام : 1-شروط الانعقاد : و هي العقل و رضا المتعاقدين . • القدرة على تسليم الشيء المستأجر ، • ألا يكون العمل المستأجر له فرضا و لا واجبا فلا تصح الإجارة في الصلاة و الحج . • أن تكون المنفعة المستأجر عليها لها قيمة معتبرة . • أن تكون الأجرة معلومة دفعا للتنازع . 2-شروط الصحة : • أن لا تكون الأجرة منفعة من جنس المعقود عليه ، فلا تصح إجارة سكنى دار بسكنى دار أخرى . • خلو العقد عن الشروط التي لا يقتضيها . • أن تكون المنفعة معلومة علما . • يمنع المنازعة . • بيان محل المنفعة ، أن يحدد له المنفعة مثلا العقار أو الأرض . 3-شروط اللزوم : • صحة العقد . • خلو المعقود عليه من العيب. • خلو العاقدين من الأعذار كالبلوغ و السفر. 4-تسليم المستأجر ما استأجر له: • النفاذ : و هي الملك و الولاية ، فلا إجارة لفضولي إلا بإجازة المالك ، شريطة أن تكون الإجارة قبل انتهاء المنفعة . • مثال : أجر شخص دار شخص آخر ، متى تصح هذه الإجارة ؟ المالكية و الشافعية : قسموا الشروط حسب الأركان شروط العاقدين : التمييز و التكليف و قال الشافعية أهلية التصرف . شروط المعقود عليه : • الأجر : يجب أن يكون معلوما قدرا و جنسا و صفة ، مقدور على تسليمه . • المنفعة :  يجب أن تكون لها قيمة معتبرة شرعا .  و أن يكون مقدورا على تسليمها حسا و شرعا .  أن يمكن استيفاء المنفعة دون استهلاك شيء منها .  أن يكون العمل و المنفعة معلومين .  ألا يكون العمل المتعلق به المنفعة واجبا على الأجير على كالصلاة . ما يفسخ به عقد الإجارة : عند المالكية : • تلف العين التي تتعلق بها المنفعة المطلوبة . • زوال الحاجة إلى تلك المنفعة أو حصول ما يمنع من استيفائها كاغتصاب الدار • المستأجرة أو حمل المرضع ، بلوغ الصبي