تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: محق الباطل والانتصار للأفاضل... للشيخ : حمد الجمعة.

  1. #1

    افتراضي محق الباطل والانتصار للأفاضل... للشيخ : حمد الجمعة.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    محق الباطل والانتصار للأفاضل
    الشيخ/ حمد الجمعة.


    الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وآله وصحبه والتابعين. أما بعد ..
    فقد أخرج أحمد 2/133 (6168)، وأبو داود 4/94 (4242)، ونعيم بن حماد في "الفتن" 1/57 (92) – وصححه الحاكم 4/513 (8441)، والألباني في كثير من كتبه، وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى سئل عن الفتن، فذكر فتنة الأحلاس، ثم فتنة السراء، ثم فتنة الدُّهيماء: "لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقضت؛ تمادت .. يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم؛ فانتظروا الدجال من يومه أو غده"اهـ.


    تذكرت هذا الحديث، وكأنه يحكي ما نعيشه في السنوات الأخيرة، وخاصة في هذه الأيام!! وتحديداً حينما نشرت جريدة الرياض بتاريخ 5/11/1430هـ مقالاً لوزير العدل يجوز فيه الاختلاط بين الرجال والنساء في الدراسة وغيرها من (المقاصد الحسنة، والأهداف السامية)، إذ لا فرق بين ذلك والطواف والسعي! بشرط ألا يكون في خلوة ولا احتكاك ولا نظر ولا خضوع بالقول ولا زينة أو تبرج.. كذا قال!
    ثم أخذ يخبط خبط عشواء بالأدلة ويعسفها ليستدل على مايقول. ثم صبّ جام غضبه على مصطلح (الاختلاط) وأنه لفظ دخيل مبتدع على الشريعة، وأن البعض أضفى عليه حصانة ليست له.. الخ ما ورد في مقاله.
    ثم علمت أن الشيخ الفاضل قام مشكوراً بالرد عليه برد علمي مؤصل بنقول عن أهل العلم منذ عصر التابعين حتى عصرنا؛ مدعوم بأدلة من الشرع -والمنصف يكفيه واحد منها- ولم يستقصِ. فحمدت الله ودعوت للشيخ وقلت: الحمد لله الذي كفانا مؤونة الجهاد.
    وإذا بأحدهم ممن كان يعمل في سلك القضاء –هداه الله إلى الحق- يكتب مقالة في الرد على الشيخ وينتصر لوزيره في مقال استبشر به الليبراليون، وعنونوا له بقولهم: "في ثاني ضربة موجعة للمتشددين الشيخ..... يؤصل لمسألة الاختلاط".
    فلما قرأته كله حرفاً حرفاً. قلت في نفسي: هذا أوان الفتن التي حذرنا منها النبي r، ويتعين على كل من عنده علم أن يظهره؛ فإن الله سائله، فماذا سيكون جوابه؟ فما فائدة طلب العلم وحفظ المتون وقراءة الشروح وجمع الكتب وجرد المطولات والتأليف والتحقيق والبحث يا طلبة العلم. إن لم يصرف في بيان الحق والذب عنه؟ فشرعت في الرد عليه، ثم أُخبرت أن الشيخ الفاضل/ إبراهيم الحقيل قام بالرد عليه، فحمدت الله، فاطلعت عليه، فإذا هو قد أجاد وأفاد وألقم المبطل حجراً من كلامه، ولكن لا زال المقال يحتمل الرد خاصة في الأدلة الشرعية التي يدندن حولها دعاة الاختلاط؛ فاستعنت بالله وأكملت ردي عليه.


    وقبل البدء به أسبر المقال المردود عليه ليكون القراء على علم بحاله: فهو يقع في اثنتين وعشرين صفحة –كما وصلني- ثنتي عشرة منها ليست من قلم الكاتب، بل هي قص ولصق (: خمس ورقات، ومادة "اختلاط" من الموسوعة الكويتية: ورقتان، وأصول الحوار: خمس ورقات؛ لخصها من بعض الكتب). والباقي (عشر ورقات) تضمنت المسائل التالية:
    1- الدفاع عن الوزير، ومدحه بألقاب أظنه يستحي منها؛ لمبالغتها!.
    2- محاولة الكاتب نفخ نفسه، وادعاء مفاخر ليست من ثوبه!.
    3- ازدراء المخالفين، ورميهم بأشنع الأوصاف، وتهديدهم، واستعداء السلطة عليهم بالسجن والفصل ومعاملتهم كالمجرمين، والتشكيك في نواياهم، وإقصاؤهم..الخ.
    4- تكرار ما ذكره الوزير عن مصطلح الاختلاط ومدى شرعيته، والشروط المجيزة له.
    وحتى لا أُتهم بالمبالغة والتجني على الكاتب، فإنني أنقل نص عباراته، ثم أدلف إلى بيان المسألة بالأدلة الشرعية.
    أولاً: غلوه في مدح معالي الوزير:
    1- "وقد عُرف معاليه في وسطه القضائي والعلمي بجودة مادته العلمية المتعددة الطيف في: الفقه والقضاء والتفسير واللغة وآداب العرب،وعنايته الخاصة بألفاظ الشريعة والتحذير من المواضعة على خلافها، وغيرته على أحكامها"!.
    2- "اطلعت على حديثه الثري في مادته".
    3- "وهو من المغرمين بالتقنية الحديثة في توظيفها الخيّر، المساهمين في مشاريعها العلمية ونشرها".
    4- "...لم يكن موضوع الاختلاط في أصل السياق،ولم يعقد له بحثاً خاصاً، وإنما ورد بالمناسبة، ومع ذلك لم يخل كلامه من السياق المحكم والمؤسس، فينبئ عن أن المادة المطروحة كانت في مستوى الوعي والإدراك وبعد النظر والتأصيل، يشهد بذلك قوة طرحها، وجزالة مصطلحها ونفاذ فكرتها بالرغم من كونها –كما ذكرنا- جاءت عرضاً ولم تطرح بحثاً. فكيف لو خرجت بحثاً بهذا الأسلوب الذي كان بهذا الحجم والنوعية العميقة في معانيها والبليغة في مبانيها والدقيقة في مدلولاتها"!.
    5- "فكان بياناً مختصراً عابراً، أوضح معالم مهمة، وصحح مفاهيم خاطئة، وذبّ عن مصطلحات الشريعة العبارات الدخيلة بأفق جعل الدليل مرآته فأبصر، وحكّم منطق الشرع فهدى –بحمد الله- إلى سواء السبيل، ولم يكن إزاء هذه المسؤولية الدينية والوطنية والمجتمعية إلا صادعاً بما تبرأ به ذمته، لا يلوي على مقاصد ذهبت فيها الكثير من المفاهيم، وكبت فيها الأقدام، لا لشيء إلا لسائد القول ولظنون الأوهام، والشغب على العلم وأهله بانتحاله وادعائه، والفرح باحتضان الدخيل في سياق البدع وغزو المصطلحات الشرعية"!.
    6- ".... فهناك ستة ضوابط ذكرها الوزير لم أجد أن أحداً ممن عارض قد أوردها، مما يكشف أن الوزير قد تحوط أكثر منهم، فاشترط تحقق ستة ضوابط – ثم ذكرها-" بينما مخالفيه اقتصروا على شرط أو شرطين!.
    7- "والحديث الضافي عن بدعة مصطلح (الاختلاط) صادر من شخصية علمية تعي ما تقول، وتعرف من تكون، في أصلها وتأصيلها وغيرتها وسلفيتها، وقد وضَعتْ أكواباً أُخذ منها على قدر القرائح والفهوم، وسالت أودية بقدرها"!!! قلت: الذي أسال الأودية في كلام الكاتب هو الوزير، ولكن الذي جاء في كتاب الله أن الذي أسالها هو الله –عز وجل-.
    قال الله تعالى: )أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها( ثم قال بعدها: )فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض(؛ فبطل هذا التشبيه جملة وتفصيلاً! مع ما فيه من الغلو الممقوت.
    ولعلي أكتفي بهذه النقول في هذه المسألة، وأترك الحكم عليها للقارئ.
    ثانياً: محاولة الكاتب نفخ نفسه، وادعاء مفاخر لا يستحقها:
    1- قال: "ولا بد من لإشارة إلى أنني كنت من السباقين منذ عقد من الزمان على الكتابة في مثل هذا الأمر، وما مقالاتي عن (ثريا عبيد)، والرياضة المفتوحة في مدارس النبات وغيرهما إلا دليل على أننا لا نقل غيرة عن غيرنا" اهـ.
    قلت: الجواب عن ذلك من وجوه:
    الأول: ما نشرته جريدة الوطن وقتها من ذلك أثار الريبة والتعجب الكبير، كيف تنشر هذه الجريدة تلك المقالات التي تناقض ما تدعو إليه، خاصة أننا كتبنا إليهم بكثير من المقالات ولم ينشروها؟!
    الثاني: لماذا تُذَكِّر بتلك المقالات وأنت اليوم تنقضها، فماذا تنقم على ثريا عبيد إن كنت تجيز كشف الوجه، ولا تمانع من اختلاطها بالرجال، ولا بسفرها بدون محرم..الخ.
    وكذلك الحال بالنسبة للرياضة النسائية، لو تمت بمثل الضوابط التي ذكرتها في الاختلاط. فماذا تنقم فيها إذن.
    الثالث: إن كنتَ أصبتَ بالأمس فلا يعني هذا صواب كل ما تقوله اليوم. وكتب ردوداً على الرافضة والصوفية ودافع عن الدعوة السلفية دفاعاً قوياً في آلاف الصفحات، ثم ارتد عن دين الله، وسب الله ورسوله والمؤمنين، فماذا ينفعه ماضيه؟!
    2- قال أيضاً: "شيخنا العلامة بكر أبو زيد –رحمه الله-" موهماً للقراء أنه من تلاميذه، وأنه على منهجه!
    قلت: أقسم بالله لو علم الشيخ بحالك؛ لتبرأ منك ومن فعالك! وأما لقياك بالشيخ فلا يؤهلك لأن تكون من تلاميذه، ما دام أنك لست على منهجه؛ فذو الخويصرة التميمي التقى بالنبي r ، وواصل بن عطاء المعتزلي كان ممن يحضر حلقة الحسن البصري، والطوفي معدود في تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، وداود بن جرجيس يدعي تتلمذه على الشيخ عبدالرحمن بن حسن، وغيرهم في سلسلة يطول عدها، والله الموفق للهدى والثبات عليه.
    وأما رأي الشيخ في المسألة التي تنافح عنها، فقد أبان عنه بكل صراحة ووضوح في كتابه "حراسة الفضيلة": 81-87 (ط 7)، وختمه بقوله: "ولا بد من التنبيه إلى أن دعاة الإباحية لهم بدايات تبدو خفية، وهي تحمل مكايد عظيمة، منها في وضع لبنة الاختلاط يبدؤون من رياض الأطفال، وفي برامج الإعلام وركن التعارف الصحفي بين الأطفال، وتقديم طاقات –وليس باقات- الزهور من الجنسين في الاحتفالات "الخ".
    ولا يشفع للكاتب أنه رد على أحد الليبراليين في جريدة الوطن قبل سنوات يدافع عن الشيخ بكر وكتابه الحراسة. فالعبرة بما عليه اليوم!
    3- قال الكاتب في استعراض الذين ردوا على الوزير: "ويهوّن المصاب أن منهم من قد ردّ على سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- ومنهم من نظم قائد العتب فيه؛ لينفخ في ذلك أهل الكيد والشر، فهذه عوائدهم والله موعدهم"!
    قلت: هذا القائل لا يستحي من الخلق ولا من الخالق، فهو يوهم أنه يذود عن الشيخ، وأن الذين يبينون الحق هم الذين يهاجمون الشيخ وطريقته!
    وحسبنا أن ننقل رأي الشيخ من رسالته "خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله" والمطبوعة ضمن مجموع رسائله وفتاواه 1/418 – 427، حيث قال في أولها: "أما بعد .. فإن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدي إلى الاختلاط، سواء كان ذلك على جهة التصريح أو التلويح؛ بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير جداً، له تبعاته الخطيرة، وثمراته المرة، وعواقبه الوخيمة، رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه.." الخ.
    ولكي لا يقول هذا المتهوك إن رأي الشيخ في الاختلاط في العمل دون الدراسة فأحيلك على مقاله الذي فيه رد على دعاة الاختلاط في المدارس الابتدائية (مجموع الفتاوي 4/245 – 246).
    4- قال الكاتب: "كما اطلعت على بعض الكتابات المعلقة على ذلك التصريح؛ فوجدتها مفتقرة لما يجب من الأصول والمنطلقات وآداب الحوار التي أوردها أهل العلم –كما سيأتي- حيث ينبغي استحضارها حتى يؤتي الحوار أُكله ولا ينقلب إلى جدل عقيم، أو يستحيل –كذا- سبباً في التشرذم والتفرق بدل التفاهم والتآلف". ثم شرع في سردها وشرحها.
    قلت: هذا الرجل يلبس الآن ثوب الأدب مع المتحاورين، ويوهم القراء أنه في غاية الالتزام به، وأنه محيط بأصول الحوار وآدابه، ولا ينقصه العمل بها! مع أن الذي يقرأ مقاله ويطلع على قاموسه الذي استعمله مع مخالفيه يجزم بأن كل المخالفات التي حذر منها تنطبق عليه، ولا نجد أفضل من مقاله للدلالة على النقاش المفتقد لآداب الحوار وأصوله!
    5- في مقدمة مقاله استفتح بهذه الخطبة: "الحمد لله الذي قيظ لهذا الدين من ينفي عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، في سلك ورثة النبوة، وحُرّاس الشريعة من الدخل والدخيل...".
    موهماً أنه من هؤلاء، أو من كتب المقال لأجله!!
    قلت: هذه خطبة الإمام أحمد في مقدمة كتابة في الرد على الزنادقة والجهمية، وليس للرد على أهل العلم والغيرة وحملة الشريعة، أو لتأييد العلمانيين في مطالبهم.. الذين طاروا بهذا المقال وبالذي سبقه واسبتشروا به، ونوّهوا به في منتدياتهم وصحفهم.
    ومع ذلك فعلى أهل العلم من المشايخ وطلبة العلم والقضاة والخطباء والأئمة والوعاظ ألا يأبهوا لهذا الإرجاف، بل يستجيبوا لأمر الله لهم بنفي تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
    ثالثاً: وصفه لمخالفيه بأشنع الأوصاف، وتهديدهم، وإقصاؤهم واستعداء السلطان عليهم بالسجن والفصل من وظائفهم، ومحاكمتهم، ومعاملتهم كالمجرمين؛ لمجرد أنهم أظهروا الحق الذي دلّ عليه كتاب الله وسنة رسوله r، وقاموا بما أوجب الله عليهم:
    أقول: لم أقف على من تفوه بمثل ما تفوه به هذا الكاتب عند مناظرته لخصومه، حتى عتاة العلمانيين من أمثال فرج فودة وفؤاد زكريا وحسين أحمد أمين وغيرهم لم يتلفظوا بمثل ذلك.ولقد –والله– تقززت وأنا أنقل بعض هذه العبارات! ولكن هكذا جادت بها قريحة هذا الكاتب. فأنقلها كما كتبها، وأترك الحكم للقارئ.
    1- قال: ".... وإن التأويل الباطل الذي ذهب إليه بعض الكتاب ممن يزعمون الغيرة، ويصادرون الحقوق، ويزايدون على الآخرين؛ كشف مستوى الفهم والأمانة".
    2- "وما نشر من مناكفات صدرت عن أقلام يعيبها التسرع، وضحالة المادة وضعف التركيز... وقد ذكّرنا هذا بموقف البعض من توسعة المسعى التي كشف مستوى الحجر على المقابل العلمي والمناكفات والتشويشات في حين كن من المفترض مبادرتهم بمثل ذلك لا وضع العصي في الدواليب وتأليب العامة بحماسة الجهل والطيش....".
    قلت: الذي عارض التوسعة أكثر هيئة كبار العلماء في بلادنا! بصرف النظر عن القول الراجح في هذه المسألة.
    3- "... فهوم أهل الغلو غير المبرر، وإنما المفسر برغبتهم في الظهور والشهرة والتصدر، والتهافت على الردود، واحتكار الدفاع عن الشريعة، تقدماً بين يدي أهل العلم واتهاماً لهم في سباق محموم، ومزايدة على الغيرة والنصح، وقالب ركض وشغب حتى رد بعضهم على بعض إلى حد التسفيه وكيل التهم فأوضع الطيش خلالهم، وكفانا شرهم...".
    4- "... كباب سعد الذرائع الذي وظفه الحروريون (أهل الغلو والتنطع) ليجعلوا منه باباً لسد المباحات ومصالح الأمة...".
    5- "فبعض الحروريين يزايد للنفخ الذاتي، والتمايز العلمي،جلباً للأضواء، وركضاً وراء فتن الشهرة والظهور، والانفراد برفع راية الدفاع عن حياض الأمة، مستغلاً في ذلك سذاجة الرعاع، مستثمراً حماستهم الدينية الفارغة من المادة والفكر!
    وتقلب الحروريين أسرع من الريح المرسلة لأدنى صارف، ولا غرو فقاعدتهم على شفا جرف هار، والناس شهود الله في أرضهم –كذا!- وقرائن الأحوال والسياق العام أكبر شاهد، وقد أودع الله في القلوب يقظة تعاير وتقايس وتهدي بإذن الله للطريق السوي، ولذا قال r : "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك" وليس أجهل من شخص يدعي العصمة والصواب،وينعي على غيره الرأي والاجتهاد مع اتحادهم في مصادر التلقي"اهـ.
    قلت: سأتجاوز عن كل تلك الأوصاف التي ألحقها بمخالفيه من خيار أهل العلم في زماننا. وأسأله: سَمّ لنا شخصاً واحداً ادعى العصمة، والصواب في كل ما يقول من هؤلاء الذين خلعت عليهم تلك الألقاب بلا خوف ولا حساب من الذي إليه المرجع والمآب؟!
    6- "مسلسل الانتقادات المتوالية من هذه الفئة لإعاقة التنمية"
    7- "لكننا لا نستغرب هذا التطرف الفكري، فذاكرتنا غير مخرومة، وتراكم دروس حياتنا عمن يناهضون التنمية ظاهرة للعيان، كمنع المرأة من التعليم، والبرقية، والتلفاز، وحتى الانترنت الذي ينشطون فيه اليوم كان عند بعضهم محرماً كالخمر والميسر!".
    قلت: هذا مثال للفجور في الخصومة! وإلا فهو لا يجهل حقيقة الحال!.
    8- "من الحرورية مفرخي فتنة الإرهاب وأهل الشغب والمراغمة... وهم من يدلس بمحاربة الفكر الإرهابي، والله أعلم بما يوعون!"
    قلت: وما المانع من قلب التهمة عليك، مادامت بلا أدلة ولا براهين. وإلا فماذا تريد أكثر من هؤلاء الذين أنكروا الأعمال الإرهابية وأدانوها علناً في وسائل الإعلام، حتى تقول: إنهم يتسترون بمحاربة الفكر الإرهابي!!
    9- قال الكاتب، وتهوين أدلته مع أنها قاصمة له: "كما لوحظ في بعض مناقشات حديث الوزير السرد المطول والنقل عن الكتب مع أنه ليس ذا بال في المحك العلمي ما لم يكن مليئاً بالحجج والمضامين، واستقراؤه يشعر من هم بعيدون عن الأساليب المعاصرة في جمع أقوال أهل العلم أنه إبحار عميق!، في حين أنه يمكن الوصول إليه بضغطة زر في محركات البحث والموسوعات الإلكترونية لتأتيك آلاف النتائج في ثوان معدودة، بل حصلنا على ما لم يحصلوا عليه في هذا المجال ولم نحفل به ألبتة؛ لخروجه عن المقصود جملة وتفصيلاً، ولا أعتقد أن هذا الخلط في المفاهيم إلا من عدم وجود القاعدة العلمية وفقدان أساليب التحليل العلمي وفوات فهمهم للمراد في خضم العجلة على الرد والتهافت في المسابقة عليه. والآلة العلمية هي البعد الغائب عنهم، وعدم استيعابهم لما ينقلونه فضلاً عما أغفلوه، وما هي إلا تركيب جمل وسفسطات وفيها تناقض أن المادة المتكلفة غير مفهومة لديهم ولا مراده؛ فيما يبدو أنه استعارة لبعض الكلمات في بعض الكتب، ثم انتحلت قصاً ولصقاً –وإن كان هذا لا يعيب أحياناً- لكن العيب عدم فهمها وفوات إدراك المراد منها ومدى مناسبة سياقها، فالمصطلح لا بد أن يكون سالماً من الإبطال لئلا يسقط ويعود بالنقض على صاحبه، وما أظنهم يدركون ما نرمي إليه هنا!.." الخ.
    قلت لا أدري أُجيب على أي حرف مما ذكر؟! ولكن اختصاراً أقول:
    *أ- النقل عن كتب أهل العلم وتوثيق كلامهم هو العلم، وليس الكلام بسجع الكهان، والمترادفات التي لا تغير المعنى شيئاً!.
    *ج- هبّ أن الشيخ حصل على المعلومة بضغطة زر من جهاز أو بقراءتها مجموعة في فهرس أو كتاب واحد أو أي طريقة أخرى، فماذا يعنيك في هذا.. المطلوب منك هو الجواب العلمي عن تلك النصوص، فقد ادعيت ومن قبلك من استشهدت بكلامه أن لفظة (الاختلاط) دخيلة على الشريعة ولا تعرف في مدونات أهل العلم. فنقل لك الشيخ عن سلف هذه الأمة من التابعين ومن بعدهم من صحيح البخاري (ت256هـ) حتى تفسير القاسمي (ت1332هـ) أكثر من ثلاثين نصاً تؤيده فيما ذهب إليه، وليست نقولاً مملة إذ أطولها لا يتجاوز أربعة أسطر – ولكنه طويل على من يقصمه ويدك قوله!
    وقد قال بعدها: "وما ترك من النقول أكثر مما ذكر، والنصوص التي فيها النهي صراحة بغير لفظ الاختلاط لا تحصى عداً، كالأمر بمجانبة النساء ومباعدتهن،والضر ب والتأديب على ذلك..".
    فانشغلت عن ذلك كله، ووقعت في الشيخ نفسه أن الآلة العملية غائبة عنه، وأنه يفتقد أساليب التحليل العلمي، وفوت فهمه للمراد في خضم عجلته على الرد وتهافته في المسابقة عليه..الخ ما وصفته به!
    *د- عاب على الشيخ قصه تلك النقول من بعض الكتب ثم لصقها في مقاله. قلت: ليس هذا بعيب، بل هي طريقة أهل العلم، ولكن ما حال الذي لم يجد ما يسند به كلامه إلا قصاً يلصقه في مقاله، وقصاً آخر يبلغ صفحتين من الموسوعة الفقهية الكويتية – يبدو أن الكاتب لم يفهم أكثره- ثم تلخيصاً في موضوع آداب الحوار يبلغ خمس صفحات.وهذا يعادل أكثر من نصف مقاله!.
    10- وقال أيضاً: ".. فالمشكلة ليست فيما كتبه الوزير، بل المشكلة فيمن قرأه، وحَمّله مالم يحتمل بسبب قصور في العلم والفهم أو هوى في النفس، وشهوة أو شبهة. وإلا فلو عُرض هذا المقال على أهل العلم والفحص والتدقيق والتحقيق؛ لسلّموا به وأجلّوه!".
    قلت: سمّ لنا بعض هؤلاء العلماء الذين ترتضيهم لنحتكم إليهم في فهم هذا النص المتشابه!"
    11- ثم قال: "ولكن أصبحت الرويبضة هي المتحدثة بسوء ظنها، وضلالة منهجها، القاصرة في إدراكها، المحرفة للكلام عن مواضعه؛ رغبة في شهرة وظهور لن ينفعه عند محك السؤال بين يدي الله جل وعلا!".
    قلت: والله لقد صدق هذا الكاتب فيما قال!! ودلائل الحال خير مثال.
    12- ثم قال: "والمقصود هنا بيان جهل المتنطع، وأنه زبّب قبل أن يُحَصرم، وتكلم قبل أن يتعلم. وحسبنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: "سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصدّق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة" قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: "الرجل التافه يتكلم في أمر العامة".
    قلت: وهذه أيضاً صدق فيها الكاتب!،ولكن على من تُنَزّل؟!
    13- ثم قال مساوياً أهل الغيرة والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة التي أوجبها الله = بالمجاهرين بالرذيلة، ومطالباً بمحاكمتهم وتأديبهم؟!: "وهؤلاء المناكفون لولي الأمر... لا يقلون خطراً على البلاد والعباد عن المجاهرة بالرذيلة مما يوجب النظر في محاكمتهم وتأديبهم".
    14- ثم أخذ يتهم هؤلاء المصلحين بأنهم يقصدون بإنكارهم المنكر ونصيحتهم وغيرتهم عرضاً من الدنيا: "... وهي من تصدر نفسها في كل محفل تصادر به أهل العلم، وتزاحمهم، وتستجلب مشاعر الغوغاء؛ لتكسب عرضاً زائلاً (قل متاع الدنيا قليل) والله الموعد!".
    أقول: أسأل الله تعالى ألا يحقق لك مقصودك من متاع الدنيا الذي رميت به غيرك فالنبي r يقول: "من أرضى الناس بسخط الله؛ سخط الله عليه وأسخط عليه الناس". ثم أسألك ما هي المكاسب التي يمكن أن يطمع بها أهل الغيرة؛ هل هي منصب؟ أو انتداب؟ أو بدل؟ أو ثناء عليه في الصحف الرسمية؟ أو فوق ذلك؟!
    أظن أن أهل الإصلاح هم أخسر الناس في ذلك بسبب قيامهم بما أمرهم الله به، ولكن هذا لا يضر، فالدنيا عمل قليل زائلة، وكل مصيره إلى عمله. والله الموعد حقاً لا استهزاءً.
    15- ثم طالب الكاتب بتطبيق نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية عليهم.. ثم سرد المواد القانونية التي تنص على ذلك، وكان الأولى به أن ينص على أدلة ذلك من كتاب الله وسنة رسوله r، ثم دعا إلى وجوب إبعادهم عن التأثير عن الناس قال: "خصوصاً من يشغلون وظائف رسمية تتعلق بالدعوة والإرشاد والاستشارة لدى سدة القرار في بعض المؤسسات الشرعية"!.
    قلت: هؤلاء الذين أشرت إليهم يقومون بما أمرهم الله به، ورزقهم وحفظهم على الله، والله تعالى يقول: )ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز( ويقول تعالى: )قل من يرزقكم من السماء والأرض(، فتهديدك إياهم وتوعدهم بما ذكرت لا يقدم ولا يؤخر عند الله؛ فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف! ولجوؤك لهذا الاستعداء دليل على الإفلاس حتى تسد الباب على مخالفيك ومن يرد عليك، وإلا ما علاقة النقاش العلمي بالتهديد الذي ذكرت!!
    16- ثم ختم كل هذه الطوام بهذه العبارة: "هذا ما وجب بيانه؛ إبراءً للذمة، وخروجاً من العهدة، ونصرة للحق، ونصحاً للأمة، ووضعاً للأمور في نصابها الصحيح، ورفعاً للّبس والتدليس والتضليل، وقطعاً للطريق على أهل التعالم والتكثر والشغب من متصدري حرورية العصر، مفرخي الإرهاب، وجرثومة الدجل، وأهل الحوادث والبدع، مناهضي خير البلاد والعباد، المفتونين بالشهرة والتصدر والشغب والتقدم بين يدي أهل العلم والإيمان. والله حسيب قطاع الطريق وطليبهم، وهو سبحانه الموعد!".
    هذا ما قاله بحروفه! وهو لم يدع وصفاً وقدحاً إلا وألحقه بأهل العلم الذين استنكروا على بعض المسؤولين تهاونهم في الاختلاط؛ قياماً بما أوجب الله عليهم )إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون(.
    ويقول النبي r: "من رأى منكم منكراً، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" أخرجه مسلم عن أبي سعيد.
    وقوله: (إبراءً للذمة، وخروجاً من العهدة) هل يريد بذلك أنه خشي أن الله يسأله يوم القيامة لماذا لم تبين للناس حل اختلاط الرجال بالنساء؟! أم أنه يسخر من طريقة أهل العلم في مكاتباتهم في الإنكار على بعض المسؤولين؟!
    وأما وصفه لمن حرموا الاختلاط بالتعالم والتكثر والشغب، وحرورية العصر، مفرخي الإرهاب، جرثومة الدجل، وأهل الحوادث والبدع، المفتونين بالشهرة...إلخ.
    فهذه الأوصاف تنطبق حسب كلامه على جميع العلماء الذين حرّموا الاختلاط من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين، وما عد منهم الشيخ يغني عن إعادتهم. وغني عن القول أن هذه فتاوى علمائنا الذين أخذنا عنهم العلم، ومشايخ علمائنا وعلى رأسهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله- (انظر: فتاويه 10/25 ) وتقدم قول الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين (انظر: الباب المفتوح 15/8) واللجنة الدائمة للإفتاء (مجلة البحوث الإسلامية 32/80). وغيرهم كثير، فهل هؤلاء من حرورية العصر؟ بل إن الملك عبدالعزيز –رحمه الله- أُثر عنه التشديد في ذلك أشد التشديد، حيث قال: "أقبح ما هناك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها حتى نبذن وظائفهن الأساسية" (جريدة أم القرى 3/11/1360هـ).
    "فهل هو أيضاً من حرورية العصر؟ والملك فهد –رحمه الله- أصدر في تعميمه بمنع الاختلاط في الجهات الحكومية والأهلية مهما كانت الأسباب (نسيت رقم الخطاب والتاريخ)
    هل يعتبر من حرورية العصر أيضاً؟!
    وقوله في آخر مقاله: "والله حسيب قطاع الطريق، وهو سبحانه الموعد" نعم أولئك الأخيار قطاع طريق، ولكن أي طريق يقطعونها على أصحابها؛ إنها طرق الشيطان وغوايته )ولا تتبعوا خطوات الشيطان(.
    وأنا أنصح الكاتب أن يتوب إلى الله مما تفوه به، فالتوبة تجب ما قبلها، والدنيا لا تستحق كل هذه المجازفات! والله تعالى لا يخفى عليه شيء، فهو أعلم بالإنسان من نفسه، ولن ينفع أحد أحداً إذا عرض الخلق على الله؟!
    فإن لم ينفع مع الكاتب كل ذلك فأنا أدعوه إلى المباهلة إن شاء على رؤوس الأشهاد: أن الكاذب يفضحه الله عاجلاً غير آجل، ويقصمه بما يجعله عبرة لغيره، وما ذلك على الله بعزيز!

    انتهت الحلقة الأولى من "محق الباطل والانتصار للأفاضل".

    وفي الحلقة الثانية: مناقشة شرعية مصطلح (الاختلاط) والأدلة الشرعية على تحريمه من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة والرد على شبهات المجيزين له.





  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: محق الباطل والانتصار للأفاضل... للشيخ : حمد الجمعة.

    جزاك الله خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •