المقدمة الأولى
المبادئ الأساسية لهذا الفن
وهي المقاصد المهمة التي يبنى عليها بعض الحقائق وقد نظمها الصبان بقوله:
إِنَّ مَبَادِئَ كُلِّ فَنٍ عَشَرَه... الحدُّ والموضوعُ ثم الثَّمره
ونسبةٌ وفضلهُ والواضعْ... والاسمُ واسْتمدادُ حكمُ الشارعْ
مسائلٌ والبعضُ بالبعض اكتفى... ومَن درى الجميعَ حاز الشرفاْ
وأقول:
أ- حد الصرف: يطلق الصرف في اللغة العربية على معنى التغيير ومنه قولهم: صرف الكلام عن حقيقته أي غيَّره وبدله.
وفي الإصطلاح يطلق على ثلاثة معاني:
1. تحويل اللفظ إلى أبنية مختلفة لغرض من الأغراض المعنوية كالتصغير والتكسير واسم الفاعل واسم المفعول ونحوها، تقول في تصغير جَوْهَر: جُوَيْهِر وفي تصغير كِتَاب وحِجَاب: كُتَيِّب وحُجَيِّب وهلمَّ جراً.
كما تقول في تكسير مَسْجِد: مَسَاجِد، وفي تكسير بَقَرَة: بَقَر وفي تَكسير مِحْرَاب وكِتَاب: مَحَارِيب وكُتُب ونحوها. كما تقول في اسم الفاعل من ضَرْب: ضَارِب واسم المفعول: مَضْرُوب. وهكذا من: شُرْب: شَارِب ومَشْرُوب، ومن قَتْل: قَاتَل ومَقْتُول، وعلى ذلك فقس.
2. تغيير الكلمة عن أصل وضعها لغرض غير اختلاف المعاني كالإلحاق والتخلص من التقاء الساكنيين، ويسمى هذا التغير بالإعلال نحو: جَاه لفظ مقلوب أصله وَجْه على وزن فَعْل فيكون وزن جَاه المقلوبة هو: عَفْل، ومثاله في الإدغام نحو:لم يَمُدَّ أصله لم يَمْدُدْ ونحو ذلك.
وينحصر هذا التغير في الحذف والزيادة والإبدال والقلب والنقل والإدغام كما سيأتي إن شاء الله.
3. معرفة أبنية الكلمة وما لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال ونحو ذلك ومثاله: فَاهِم ومَضْرُوب فهما اسمان مزيدان:
الأول أصله فَهْمٌ والزيادة فيه: حرف الألف.
وأما الثاني فأصله ضَرْبٌ والزيادة فيه: حرفان هما الميم والواو.
وهذه الحروف زائدة لأنها من أحرف الزيادة المجموعة في قولهم "سألتمونيها".
ومثال الصحة:ضَرَبَ وضَرْب وشَرِبَ وشُرْب ونحوهما من الأسماء والأفعال الخالية من أحرف الزيادة.

ب- موضوعه: الألفاظ العربية الفصحى كالأفعال المنصرفة والأسماء المتمكنة، وكذلك المسائل الصرفية وما يتعلق بها من أحكام كقولهم: إذا كان الأول من المتجانسين متحركاً والثاني ساكناً بسكون أصلي امتنع الإدغام نحو: مَدَدْتُ، وكقولهم: إذا وقعت الواو طرفاً بعد كسرة فأصل الآخر منه واو نحو رَضِيَ أصله رَضَوَ لوجود الواو متطرفة بعد كسر ونحو ذلك من مسائل وقضايا هذا الفن.

د- ثمرته: معرفة أبنية وأصول الكلمات العربية لصون اللسان عن الوقوع في الخطأ مع مراعاة نظام الكتابة.
هـ- نسبته: ينسب هذا الفن إلى علوم العربية، وعددها اثنا عشر فناً وهي: علم اللغة والصرف والنحو والبيان والمعاني والبديع والعروض والقوافي والإملاء والإنشاء والخطب والمحاضرة. ولكل فن من هذه الفنون مبادئه وقواعده التي يختص بها.
و- فضله: يتمخض فضله في الحفاظ على حقائق لفظ وكتابة المفردات اللغوية، والتي بمعرفتها على أسس صحيحة نتوصل إلى فهم الشريعة وشؤونها المختلفة وكما يقال: شرف العلم بشرف المعلوم.

ز- واضعه: اختلف في أول من أَسَّسَ البنية الأولى لهذا الفن، والأظهر أن واضعه معاذ بن مسلم الهراء أحد علماء الكوفة، وقد توفي ببغداد سنة سبع وثمانين للهجرة.

ح- اسم هذا الفن: علم الصرف ويقال: علم التصريف.
ط- استمداده: من كلام الله ورسوله وكلام العرب الفصحاء.
ي- حكمه: فرض كفاية، ويتعين على كل من تصدر للفتيا في الأحكام ونحوها من الأمور الشرعية حتى يميز بين الخطأ والصواب.
ك- مسائله: قواعده المختلفة وقضاياه.