"بسم الله الرحمن الرحيم"
قاطعني أحد الأصدقاء دون سابق إعلام ,وبعد أشهر تكشف لي السر :شيء رآه عني في المنام! ففسره على طريقته الخاصة وليس هو من أهل التعبير في نقير ولا قطمير
إن هذه الحياة المنكودة التي نعيش, ليس فيها- إذا تأملت -شيء يسرّ سوى الحب!
بعد طاعة الله عز وجل وماوالاه
فمبناها على الكد والتعب والكدح والنكد والتنافس المذموم والحسد ..إلخ
ولستُ أكشف بهذا عن دفين استنبطته من طويل تجربتي القصيرة ولا عن خفيّ استبطنته من ضحل قراءاتي المتناثرة, إنما هو أمرٌ يعرفه كل من تفتحت عينه على الدنيا فبدأ يعي ما حوله
قلت لأحد النبلاء أرأيت ما فعل فلان,إنه هجرني لأجل كذا فأرسل إلي يقول : (قل له..
كلانا غنيٌ عن أخيه حياتَه...ونحن إذا متنا أشدُّ تغانيا) فهل تراه مصيبا؟؟
الذي أعرفه مما رُبِيت عليه ورأيته ماثلا في أخلاق الرعيل الأول ومن تبعهم أنك إذا نقمت على أحد شيئا فلابد أن تراجعه معاتباً أو إن شئت قل: موبخاً أما التقهقر من ميدان أخوة هي أشرف من أخوة النسب بإعلان الهجر الأبدي فما أعلم لهذا مستندا من كتاب أو سنة ولا خلق وفاء
وإذا كان الانسحاب على ضربين :شريف وغير شريف ,فأيّ الفريقين أحقُ بالوصف المنيف=
من يستفصل من أخيه معملاً قوله تعالى في صفة الأبدال "أذلة على المؤمنين" أم من هوقائم يعلن هجرانه الممدود إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟
إن الله الذي قال لنوح عليه السلام عن ولده "إنه ليس من أهلك" وقال عن بعض مساكين الصحابة مخاطبا نبيه الأجل "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي"
ليؤسس للأخوة في عقيدة التوحيد معنى صرت أشك أن كثيراً من الناس يفقهه هو أولى بوصف التقديس من رباط الزوجية
وإلا ففسر لأخيك المغموم :علامَ يتحسس أحدنا من أخيه تحسسَ ميزان الذهب من كلمة فإذا هو مضطر بعدُ, أن يروزها قبل قولها ألف مرة وقد يكون ما دفعه لقولها أصلاً إلا الحب المحض والخالص المصفى, فينقلب عليه متنكبًا للماضي الجميل ويقوّض كل معنى للحب كان قام في نفسه المرهفة
قل لي بربك ما الذي جعل أباجهل وأمثاله يأنفون عن اتباع الدين سوى ما فهموه من حقيقة التوحيد ومقتضاه ومنه أن يكون أشراف القبيلة وأراذلها معاً في الصفّ في الصلاة؟ أليس ما فهمه هؤلاء وهؤلاء من معنى رباط العقيدة والأخوة فيه وما يترتب عليه؟
قال الإمام الشافعي :أعقل الناس أعذرهم للناس وقال ليونس بن عبدالأعلى الصدفي :ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن اختلفنا في مسألة ؟! وقال :ليس بحبيب من احتجت إلى مداراته
ومواعظ هذا الرجل الكبير العقل تنصلح بها الأمة كلها لو عملت بقليل منها
لماذا نفشل في ساحة الفعل وننجح جداً في ساحة التنظير والقول؟
أهو تقديم محط نظر الناس(العقل) على محط نظر الرب (القلب)؟
وإلى هنا ينكفيء قلمي بما أصابه من غم..
رب إني جاهل فعلمني وفقير فأغنني وحيران فاهدني
وضعيفٌ فقوّني وأعنّي
وإلى الله المشتكى هو حسبي ونعم الوكيل