تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: تضعييف حديث: ( من وعده الله وعدًا ... )

  1. #1

    افتراضي تضعييف حديث: ( من وعده الله وعدًا ... )

    قال أبو يعلى في " مسنده "
    : « حدثنا هدبة حدثنا سهيل بن أبي حزم عن ثابت : عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له، ومن وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار).

    [ضعيف] هذا الحديث قد اختلف في إسناده علي المؤلف – يعني أبا يعلى -!! فرواه عنه أبو عمرو ابن حمدان - راوي هذا المسند الصغير عنه - وأبو بكر ابن المقرئ - راوي المسند الكبير - كما في المطالب [12/رقم 3010 /طبعة العاصمة]، والحافظ في (المطالب) إنما ينقل عن المؤلف من ( مسنده الكبير)، كما أشار إلى ذلك في مقدمته - كلاهما عن المؤلف عن هدبة بن خالد عن سهيل بن أبي حزم عن ثابت البناني عن أنس به ...
    وخالفهما: أبو القاسم عبيد بن إسحاق بن سهل السنجاري!! فرواه عن أبي يعلي فقال: عن هدبة بن خالد عن همام بن يحيى عن قتادة عن أنس به ....!! هكذا أخرجه ابن عساكر في تاريخه [19143-192/طبعة الفكر]، بإسنادٍ صحيح إلي أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن سوار البزاز عن أبي القاسم عبيد بن إسحاق بإسناده به ...
    وقال أبو القاسم في آخره: (يا أبا يعلي: ما سمعنا هذا الحديث منك منذ عرفناك!! فقال: ادَّخرته لهذا الوقت، ثم قضى) .قال ابن عساكر: (رواه البغوي عن هدبة بن خالد عن سهيل بن أبي حزم عن ثابت عن أنس، وهو الصواب).
    قلتُ: والقول ما قال أبو القاسم ابن هبة اللَّه الدمشقي؟!
    والوجه الأول هو المحفوظ عن المؤلف ولابد!! وأبو القاسم عبيد إسحاق بن سهل السنجاري؟! ما أدريه أصلاً!! وما وقفتُ له علي ترجمة مع طول بحثي!! فإن كان معروفًا مشهورًا بالصدق!! فلا أراه إلا وقد سلك الجادة ولزم الطريق في تلك الرواية عن المؤلف!! فإن تلك الترجمة: ( هدبة عن همام عن قتادة عن أنس ...) أشهر وأسهل علي اللسان من (هدبة عن سهيل بن أبي حزم عن ثابت البناني عن أنس!!)
    ثم إن الراوي عنه: أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن سوار؟! مستور الحال!! ترجمه ابن عساكر في تاريخه [191/43]، ولم يذكر فيه شيئًا سوي أن ساق له هذا الحديث!! فالآفة منه أو من شيخه!! لا ثالث لهما!!
    والوجه الأول في هذا الحديث: هو الصواب كما قاله ابن عساكر، وعليه توبع المؤلف، تابعه جماعة: منهم:
    1- أبو القاسم البغوي علي مثله في كتابه "حديث هدبة بن خالد" [1/ رقم 55]، كما في الصحيحة [595/5]، ومن طريقه اللالكائي في شرح الاعتقاد [2/ رقم /2032 طبعة دار البصيرة]، والآبنوسي في المشيخة [رقم 26].
    2- ومحمد بن يحيي بن الحسين القمي علي مثله عند ابن عدي في الكامل [450/3]، وقُرن معه أبو يعلي في سنده.[/color]
    3- وابن أبي عاصم علي مثله في السنة [2/ رقم /960/].4- ومعاذ بن المثني بن معاذ علي مثله عند الطبراني في الأوسط [8/ رقم 8516]، والبيهقي في البعث والنشور [رقم 48/طبعة مؤسسة الكتب الثقافية]
    .5- والحافظ البزار علي مثله في مسنده [4/ رقم /3235 /كشف الأستار].
    6-7- والحسن بن خليل العنزي وأحمد بن إسحاق كلاهما علي مثله.... وزادا: (... إن شاء عذَّب وإن شاء ترك!!) عند ابن بطة في الإبانة [2/ رقم 302/طبعة دار الراية]، والإسناد إليهما لا يثبت!! روايه عنهما مستور الحال!! وابن بطة فيه كلام!! .
    8- وعباد بن الوليد الغبري علي مثله عند الخرائطي في مكارم الأخلاق [رقم 207/طبعة الرشد].
    9- وإسماعيل القاضي علي مثله عند الكلاباذي في بحر الفوائد [ص/236/الطبعة العلمية]، لكن الراوي عنه لم أستطع تمييزه
    10- وإبراهيم بن أبي داود علي مثله عند الطحاوي في المشكل [10/243/طبعة الرسالة].
    11-12-13- وعياش بن تميم وعباس بن الفضل وهشام بن علي السيرافي ثلاثتهم علي مثله.... وزاد عباس: ( إن شاء عفا عنه؛ وإن شاء عذبه ) أخرجه البيهقي في البعث والنشور [رقم 48/طبعة مؤسسة الكتب الثقافية]، بإسناد صحيح إليهم، وقُرن معهم معاذُ بن المثني في سنده.
    وغيرهم: كلهم رووه عن هدبة بن خالد عن سهيل بن أبي حزم عن ثابت البناني عن أنس به
    قال الطبراني عقب روايته مع حديث آخر: ( لم يرو هذين الحديثين إلا سهيل [وقع بالأصل: (سهل!!)] بن أبي حزم، تفرد بهما هدبة!!).
    قلتُ: قد توبع عليه هدبة: تابعه بشر بن الوليد الكندي عند ابن بطة في الإبانة [4/ 302/طبعة دار الراية]، قال: (حدثنا أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز -هو البغوي- قال: حدثنا بشر بن الوليد الكندي قال: حدثنا سهيل بن أبي حزم ...).
    قلتُ: بشر والراوي عنه من ثقات النقلة؛ إنما الشأن في ابن بطة العكبري!! والتحقيق بشأنه: أنه إمام في السنة ضعيف في الرواية علي جلالة قدره، رغم أنف الكوثري!! وبسْطُ أحواله تجدها في (التنكيل) وذيلنا عليه المسمَّي بـ (المحارب الكفيل بتقويم أسِنَّة التنكيل).
    وقال البزار عقب روايته: (سهيل [ بالأصل: أبو سهيل!!] لا يتابع على حديثه).
    وقال البيهقي عقب روايته: ( تفرد به سهيل ، وليس بالقوي ).
    قلتُ: وبه أعله البوصيري في إتحاف الخيرة [7/388/طبعة الوطن]، فقال: " رواه أبو يَعْلَى والبزار، ومدار إسناديهما على سهيل بن أبي حزم ، وهو ضعيف.) يعني سهيلاً، وهو كما قال.
    وسهيل هذا: ضعفه أكثر النقاد فأحسنوا ! وقولهم مقدم على مطلق التوثيق النظري بلا ريب؛ وقد قال أحمد: ( روي عن ثابت أحاديث منكرة) وقال ابن حبان: (ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات).
    وقد ساق له أبو أحمد الجرجاني هذا الحديث في ترجمته من ( الكامل) ثم قال في ختامها: (ومقدار ما يروي من الحديث إفرادات ينفرد بها عن من يرويه عنه).
    قلتُ: ومثله لا تكون روايته عن مثل ثابت البناني إلا في عداد الأساطير ! اللهم إلا ما توبع عليه منها، وليس ثمة متابع له في هذا الحديث الفائدة !
    أما قول الهيثمي في المجمع [353/10]: (رواه أبو يعلي والطبراني في الأوسط، وفيه سهيل بن أبي حزم، وقد وثِّق علي ضعفه!! وبقية رجاله رجال الصحيح)!! فقد ردَّه عليه الإمام الألباني في الصحيحة [595/5]، قائلاً: ( قلتُ: لم يوثقه غير العجلي وهو ليِّن التوثيق!! وقال ابن معين في رواية: (صالح) وضعفه الجمهور كما تقدم؛ وفيهم ابن معين في الرواية الأخري عنه).
    قلتُ: لم ينفرد العجلي بتوثيقه ! بل ذكره ابن شاهين وابن خلفون في ( الثقات ) أيضًا. وقولُ من ضعَّفه هو المعتمد؛ لأن فيه زيادة علم واجبٌ قبولها.
    وبالجملة: فهذا الحديث منكر من هذا الطريق!! لكن جنح الإمام الألباني إلي تقويته بما لا ينهض ولا يكاد!!
    فقال في الصحيحة [595/5]، بعد ضعَّف سنده!!: ( قلتُ: والحديث مع ضعف سنده [ كذا قال! والصواب أن يقول: " مع نكارة سنده!! " كما عرفتَ] فهو ثابت المتن عندي!! فإن شطره الأول يشهد له آيات كثيرة في القرآن الكريم!! كقوله: {لا يخلف اللَّه وعده} وقوله: {ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون}...!!).
    قلتُ: هذا أسلوب مبتكر في تقوية الأحاديث المنكرة والتالفة الأسانيد!! وليس عليه العمل عند المتقدمين من أئمة هذا الشان!! ولا أعرف للإمام سلفًا في هذا السبيل بإطلاقه ! إنما سلفه في تصحيح معني الحديث وإن كان سنده موضوعًا!! وكم في الموضوعات والمناكير من متون حقٍ عند أهل الفن وإن كانت أسانيدها عندهم كالعدم؟!
    هذا حديث: ( طلب العلم فريضة علي كل مسلم ) ورد من طرق لا يصح منها شيء قط!! بل كلها مناكير وغرائب علي التحقيق!! فراجع الكلام عليه في الحديث الماضي [رقم 2837،2903/رحمات]، والآتي [برقم 4035]،
    ومع ضعف الحديث: إلا أن معناه صحيح ثابت ما يشك في ذلك أحد من كون كل أمر يلزم المسلم فعله أو تركه، فواجب عليه معرفته وتعلمه.
    وفي هذا يقول إسحاق بن راهويه كما في مسائل الكوسج [9/4564/ رقم 3311]: (طلب العلم واجب، لم يصح الخبر فيه، إلا أن معناه قائم...) ونقله عنه ابن عبد البر في جامع البيان العلم [/53/1 /طبعة التوعية الإسلامية]، ثم قال: ( يريد إسحاق - يعني ابن راهويه- واللَّه أعلم، أن الحديث في وجوب طلب العلم في أسانيده مقال لأهل العلم بالنقل، ولكن معناه صحيح عندهم...).
    قلتُ: فانظر كيف صحَّحوا المعني لشواهده العامة المتقررة في أصول الشريعة؛ ولم يصححوا بها ذاك الحديث بهذا اللفظ!!فكون أصل المتن ثابتًا لِما يشهد له من قواعد الإسلام وتعاليمه؛ لا يقتضي استصحاب ذلك للنهوض إلى الاستقامة بخبر تالف الإسناد؛ ليس له سِناد!! بل الذي عليه العمل عند نقاد تلك الصنعة في مثل ما نحن بصدده أن يقال: (هذا حديث ضعيف إلا أن معناه صحيح). وهذا ما يقال في حديثنا هذا بعينه!!
    وقد كان الإمام الألباني - طيَّب اللَّه ثراه - يُصرُّ علي القول بشذوذ زيادة: (إنك لا تخلف الميعاد) في حديث جابر: (اللَّهم رب هذه الدعوة التامة...) كما تراه في الإرواء [260-1261]، مع كون هذه الزيادة يشهد لها ظاهر القرآن أيضًا كما ذهب إليه جماعة ( وقالوا: إن هذا مما يُخْتَم به الدعاء، كما قال تعالي: {ربنا وآتنا ما وعدتنا علي رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد}...) راجع الشرح الممتع [74/2]، لفقيه الزمان الصالح ابن عثيمين - يرحمه اللَّه.
    فهذا أولي أن يُصحَّح به تلك الزيادة إن كان إليها من الصحة سبيل!!
    على أننا لا نرضى بهذا ولا بذاك!! وليس للشواهد والأصول العامة مدخل -بإطلاق - في تصحيح ضعاف الآثار فضلاً عن مُنْكُرها وباطلها!! بل اللازم لنا أن نقول: ( هذا معني صحيح؛ إلا أن الحديث ضعيف، أو منكر، أو باطل!!).
    والمراد بالضعف والنكارة والبطلان هنا: إنما هو تلك الأسانيد التي جاءت تحمل تلك الأخبار؛ وليس المراد متونها كما قد يُفهم!! وإلا فكيف يصح المعنى والمتن منكر؟! فانتبه.
    ثم قال الإمام الألباني: (وأما الشطر الآخر: فيشهد له حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا بلفظ: (...... ومن عبد الله ... و سمع وعصى ، فإن الله تعالى من أمره بالخيار ، إن شاء رحمه ، و إن شاء عذبه .) أخرجه أحمد وغيره بسندٍ حسن كما حققته في تخريج السنة [968]، وله طرق أخري في الصحيحين وغيرهما بنحوه...).
    قلتُ: فهذا الشطر قد نوافق الإمام علي تحسينه لشاهده المشار إليه!! وإن كانت رواية عبادة للَّفظ الماضي في تحسين سندها نظر عندي!!
    وعلي كل حال: فالحديث ضعيف بهذا السياق والتمام؛ وإن كان معناه ثابت الفحوي. والله المستعان لا رب سواه.
    انتهى بحروفه من كتاب: " رحمات الملأ الأعلى بتخريج مسند أبي يعلى " [رقم/3316 /طبعة دار الحديث].

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: تضعييف حديث: ( من وعده الله وعدًا ... )

    وفقك الله.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النوراني مشاهدة المشاركة
    [ضعيف] هذا الحديث قد اختلف في إسناده علي المؤلف – يعني أبا يعلى -!! فرواه عنه أبو عمرو ابن حمدان - راوي هذا المسند الصغير عنه - وأبو بكر ابن المقرئ - راوي المسند الكبير - كما في المطالب [12/رقم 3010 /طبعة العاصمة]، والحافظ في (المطالب) إنما ينقل عن المؤلف من ( مسنده الكبير)، كما أشار إلى ذلك في مقدمته - كلاهما عن المؤلف عن هدبة بن خالد عن سهيل بن أبي حزم عن ثابت البناني عن أنس به ...
    وخالفهما: أبو القاسم عبيد بن إسحاق بن سهل السنجاري!! فرواه عن أبي يعلي فقال: عن هدبة بن خالد عن همام بن يحيى عن قتادة عن أنس به ....!! هكذا أخرجه ابن عساكر في تاريخه [19143-192/طبعة الفكر]، بإسنادٍ صحيح إلي أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن سوار البزاز عن أبي القاسم عبيد بن إسحاق بإسناده به ...
    تابع الاثنين عن أبي يعلى:
    - ابن عدي -كما ذكرتَ-،
    - وأبو الشيخ الأصبهاني، أخرجه من طريقه قوام السنة في الحجة في بيان المحجة (2/71 رقم 40).

    وتابع الجماعةَ عن هدبة بن خالد:
    محمد بن هارون بن محمد بن داهر البصري، أخرجه من طريقه أبو طاهر السلفي في مقدمةٍ له في بيان فضل أبي داود السجستاني وفضل الخطابي؛ أملاها قبل إملائه "معالم السنن"؛ طبعت في آخر "المعالم" (4/377-طبعة الطباخ).
    وقد قال ابن داهر في روايته: (حدثني هدبة بن خالد ما لا أحصي)، فذكره، لكن وقع فيه: (حزم بن أبي حزم)، وهو خطأ.
    ووقع فيه: (محمد بن هارون بن نجدة بن داهر)، والظاهر أن (نجدة) فيه تحريف، والصواب كما أثبتُّ أولاً، وهو من شيوخ الإسماعيلي في معجمه (80) -والإسماعيلي هو الذي روى عنه هذا الحديث-، وترجمه الخطيب في تاريخه (3/355)، وما ذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً.
    لفتة: كثرة تحديث هدبة بن خالد بالحديث إشارة إلى كونه مما أغرب به على أقرانه، وتفرد بروايته -كما حكم بذلك الطبراني-.

    ورواه عن أبي القاسم البغوي -سوى مَن ذُكر-: ابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (155).

    وأخرجه الدارقطني في الأفراد (707-أطرافه)، وقال: (تفرد به سهيل عن ثابت).

  3. #3

    افتراضي رد: تضعييف حديث: ( من وعده الله وعدًا ... )

    أحسن الله إليك يا شيخ محمد على تلك الزيادات والإفادات.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •