يرقص لقرد السوء في زمانه .
قال السحاوي في المقاصد الحسنة (1/540 ) : " قال منصور بن الأزهر : أتيت باب المأمون فإذا ابن أبي خميصة قد خرج واللواء بين يديه فثنى رجله على معرفة دابته وأنشأ يقول :
كم من رفيع القدر قد وضع *** الدهر وكم ذي مهانة رفعه
قد يجمع المال غير آكله *** ويأكل المال غير من جمعه
فارضَ من الدهر ما أتاك به *** من قَرَّ عيناً بعيشه نفعه

قال منصور : فلما كان في خلافة المنتصر ولي أيضاً فوافقته في ذلك الموضع ففعل فعله الأول وأنشد :
وقائد يحف في أعــوانه *** مثل خفيف الهيف في أجفانه
فان تلقاك بعدوانـــه *** وخفت منه الجور في أوانه
فاسجد لقرد السوء في زمانه *** وداره ما دام في سلطانه
انتهى .
وقد كانت للقرود حقيقة دولة ، فحكى المقريزي أن محمد بن إسحاق بن محمد قاضي مدينة لامو غربي مقدشوه ووصفه بالعلم مع العبادة والنسك وأنه لقيه بمكة في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة قال له : إن القردة غلبت على مقدشوه من نحو سنة ثمانمائة بحيث ضايقت الناس في مساكنهم وأسواقهم وصارت تأخذ الطعام من الأواني وغيرها ، وتهجم على الناس في الدور ، وتأخذ ما تجده من آنية ، حتى أن صاحب تلك الدار يتبع القرد ويتلطف به في رد الإناء فيرده بعد أكل ما فيه وإذا ، وجد امرأة منفردة وطئها ، ومن عادة ملكها أن أرباب دولته يقفون تحت قصره فإذا تكاملوا فتحت طاقة بأعلاه فيقبلون الأرض ثم يرفعون رؤسهم فيجدون الملك قد أشرف عليهم من تلك الطاقة فيأمر وينهي فلما كان في بعض الأيام كان المشرف عليهم قردا ، قال : وتمر القردة طوائف طوائف كل طائفة لها كبير يقدمها وهي تابعة له بتؤة وترتيب ، قال : فيرون ذلك عقوبة من الله لهم . انتهى . والله أعلم بصحة ذلك " .