دار محمد ابن أمية (رحمه الله) بالبشرات.

بسم الله الرحمان الرحيم. و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.

تقع القرية الصغيرة نريلة Narila بمنطقة البشرات, و تشكل جزءا من بلدة قديارCadiar. اسم هذه القرية ارتبط بمحمد ابن أمية رحمه الله (اسمه القشتالي Fernando de Valor y Cordoba ) و بحرب غرناطة (1571-1568) التي خاضها الأندلسيون ضد الدولة الإسبانية الحديثة النشأة.


لازالت نريلة تحتفظ بشجرة الزيتون التي بويع بقربها ابن أمية من طرف الأعيان الأندلسيين ملكا على الأندلس, كما تحتفظ بإحدى دوره, لكن في حالة سيئة, عكس المنزل الذي شهد مسقط رأسه ببلدة بالورValor , الذي تمّ ترميمه و تجديده.


في أواخر سبعينات القرن العشرين, اشترى هذه الدار بنريلة مواطن أمريكي يُدعى بروس ألفونسو دي بوربون Bruce Alfonso de Borbon. لقد اعتنق هذا الرجل الإسلام و تسمّى بعبد الرحمان, و شغل في نهاية الستينات منصب وزير الاتصالات باليمن. قضى عبد الرحمان فترة طويلة بهذا المنزل و تُوفي في يوليو 1992 بطنجة شمال المغرب.

بعد أشهر على وفاته, حضر أبناءه إلى نريلة و حملوا معهم ما رأوه مفيدا, كالكتب, الأثاث, الأغراض التذكارية, أمّا الدار فبقيت تعاني أشد حالات الهجران.

دار ابن أمية بنارلة.


الحالة المزرية للدار




الحالة المزرية التي وصلت لها دار آخر سلاطين الأندلس (و إن كان الأخير هو ابن عمه عبد الله ابن عبو رحمهما الله) أثارت حفيظة الأندلسيين, و من هؤلاء المنسق لمنتدى ابن أمية المنصور قشتيليو مورون Al mansur Castillo moron الذي اعتبر أن المؤسسات الحكومية سواء المركزية أو المحلية لم تحرّك أصبعا واحدا لاستعادة التراث الأندلسي أو المحافظة عليه. و تساءل: أي تاريخ, و أي تراث تريد جماعة الحزب الاشتراكي (الحاكم لإقليم أندلوسيا) توريثه لأحفادنا؟
و اعتبر أن تاريخ الأندلس لا يهم الأحزاب القومية الإسبانية. و استشهد بقول أب الهوية الأندلسية بلاس انفانتي :"سيعلم كل الأندلسيين تاريخهم الحقيقي و جوهرهم, عندما يتمكنون من الحصول على القوة اللازمة لفرض الاحترام الذي يليق بنا, لنحصل بذلك على شخصية مغايرة لتلك التي يحاولون فرضها علينا بالقوة."

فهذه الأحزاب (الحزب الاشتراكي, الحزب الشعبي...)تسعى و تطمح لجعل تاريخ ولادة الأندلس هو 2 يناير 1492, أي تاريخ سقوط غرناطة. المنصور اعتبر أن جهلهم بالتاريخ قد يكون كبيرا, لكن سوء نيتهم و رغبتهم في خلط و طمس هوية الشعب الأندلسي أعظم من ذلك الجهل.

ثم تابع المنصور رده على من يحاول طمس الهوية الأندلسية: "بإمكانهم أن يدافعوا عن الهوية الأندلسية أو لا يدافعوا, بإمكانهم أن يتفقوا مع المطالب التاريخية بأرضنا أو لا يتفقوا, لكن ما لن يستطيعوا فعله أبدا هو تحريف و تزوير التاريخ, فابن أمية كان و سيظل في كتب التاريخ و إلى الأبد جزءا من الألفية التاريخية للأندلس. فهل يا ترى سيذكر التاريخ السيد شافيز (عمدة إقليم الأندلس) في أفق 400 سنة؟ شاءت القومية الإسبانية أم لم تشأ, فابن أمية أندلسي كان له شرف القتال حتى الموت من أجل وطنه أندلوسيا, و هذا أمر لا يستطيع تغييره الملوك و لا المحاكم مهما بلغت مركزية الدولة الإسبانية. و لن يستطيع ممثلو الأحزاب المركزية الذين يحكمون المؤسسات الأندلسية (جماعة أندلوسيا, التمثيليات و البلديات) فعل ذلك لا اليوم و لا مستقبلا.

إن تراث و ذاكرة شعب ما تتركب من عدة مكونات. فلا يكفي الحفاظ على الحمراء, الخرالدة و الكاتدرائية (المسجد الجامع بقرطبة) مختزلين تاريخ أندلوسيا في بعض الأحجار, لكن يجب الاعتناء بها و رعايتها و التفكر فيما تمثله.)


الشجرة التي بويع قربها محمد ابن أمية. و تسمى "شجرة زيتون المسلم" Olivo del moro. و قد التقطت هذه الصورة سنة 1894م.



المنزل الذي شهد مسقط رأس محمد ابن امية ببلدة بالورValor.



المرجع: مقال للمنصور قشتيليو مورون, بعنوان"La casa de Aben Humeya en Narila" ""دار ابن أمية بنريلة" في ماي 2006.


مواضيع ذات صلة:
سلطان الأندلس محمد بن أمية و حرب غرناطة الكبرى سنة 1568م







كتبه أبوتاشفين هشام بن محمد زليم المغربي.