تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: حديث منكر، وهو صحيح الإسناد !؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    99

    افتراضي حديث منكر، وهو صحيح الإسناد !؟

    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

    جاء في (علل الحديث) لابن أبي حاتم قوله: سألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ على النساء حين بايعهن: أن لا ينحن. فقلن: إن نساءً أسعدننا في الجاهلية، أفنسعدهن في الإسلام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا إسعاد في الإسلام، ولا شِغار في الإسلام، ولا عَقْرَ في الإسلام، ولا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ومَن انتهب فليس منا». قال أبي: (هذا حديث منكر جدًّا).
    فما وجه قول أبي حاتم عن هذا الحديث (منكر جدًّا )، مع أنه مروي بإسناد جيد؟

    فأقول: قد اشترط علماء الحديث رحمهم الله لصحة الحديث شروطًا خمسة، نظمها الإمام السيوطي رحمه الله في ألفية الحديث بقوله:
    (حَدُّ الصَّحِيحِ: مُسْنَدٌ بِوَصْلِهِ *** بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِطٍ عَنْ مِثْلِهِ
    وَلَمْ يَكُنْ شَاذًّا وَلَا مُعَلَّلا *** ..................)

    وكون الحديث جاء بإسناد جيد أو حسن أو صحيح، فمعناه أننا تحققنا من ثلاثة شروط فقط من شروط الصحة، وهي اتصال السند، وضبط الرواة، وعدالتهم، وأما باقي الشروط، وهي ألَّا يكون الحديث شاذًّا ولا معلولًا، فهي لا تتحقق إلا بجمع طرق الحديث ورواياته، وقد تتابعت أقوال أهل العلم على أهمية جمع طرق الحديث:
    قال الإمام ابن المبارك: (إذا أردت أن يصح لك الحديث، فاضرب بعضه ببعض).
    وقال الإمام ابن المديني: (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه).
    وقال الإمام أبو بكر الخطيب: (السبيل إلى معرفة علة الحديث، أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنزلتهم في الاتقان والضبط). انظر: الجامع للخطيب (2/212)، والتقييد والإيضاح (1/117)، والشذا الفيَّاح (1/203)، وتدريب الراوي (1/253).

    فلا إشكال أصلًا أن يحكم أئمة الحديث على حديث بالنكارة أو الشذوذ أو حتى الوضع، مع أنه صحيح الإسناد في الظاهر!
    وهذا كثير في كلامهم؛ يتضح لمن تصفح كتب العلل، ككتاب العلل لابن أبي حاتم، وغيره.

    وبالنظر إلى هذا الحديث فقد أخرجه عبد الرزاق (6690)، ومن طريقه: أحمد (13032)، والبزار (6917، 6918)، وابن حبان (3146)، والضياء (2/331- 332) (1785- 1787)، عن معمر، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء حين بايعهن... فذكره مطولًا كما في السؤال.
    وأخرجه الترمذي في العلل الكبير (296)، وابن ماجه (1885)، ويحيى بن معين في جزئه (134)، وابن حبان (4154)، وأبو عوانة في مستخرجه (3277، 3278)، والبيهقي (7/200) من طريق عبد الرزاق به، مختصرًا: «لا شِغار في الإسلام». وعند الترمذي بلفظ: «لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ولا شِغار في الإسلام، ومَن انتهب فليس منا» بدون القصة.
    وأخرجه أبو عوانة في مستخرجه (3279) من طريقين عن عبد الرزاق به، بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشِّغار.
    وأخرجه أحمد (12686) عن عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن ثابت وأبان وغير واحد، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا شِغار في الإسلام».
    وهو في المصنف لعبد الرزاق (10434) عن معمر، عن ثابت وأبان، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شِغار في الإسلام». والشِّغار: أن يبدل الرجلُ الرجلَ أخته بأخته بغير صداق، ولا إسعاد في الإسلام، ولا جَلَبَ في الإسلام، ولا جَنَبَ.
    وأخرجه عبد الرزاق (10438) عن معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: الشِّغار أن يبدل الرجلُ الرجلَ أخته بأخته بغير صداق. ولم يذكر المرفوع.

    وهذا الإسناد: (عبد الرزاق بن همام الصنعاني، عن معمر بن راشد البصري، عن ثابت بن أَسْلم البُنَاني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه) مخرَّج في مسند أحمد، والكتب الستة سوى البخاري، وقد أخرج البخاري تعليقًا حديثًا واحدًا من رواية معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه.
    وهو إسناد حسن في الجملة، ومعمر بن راشد من الثقات الحفاظ، ولذلك صححه أو حسنه كثير من المتأخرين جريًا على ظاهر إسناده.
    وقد لخص الحافظ ابن حجر كلام النقاد في معمر بقوله: (ثقة ثبت فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئًا، وكذا فيما حدَّث به بالبصرة).

    وفي شرح علل الترمذي لابن رجب (ص259-262)، وقد ذكر أصحاب ثابت، فقال: (هم ثلاث طبقات...). وعدَّ معمر بن راشد من الطبقة الأولى الثقات.
    ولكنه غير مقدم في ثابت، فأثبت أصحاب ثابت على الإطلاق: حماد بن سلمة، كما قال أحمد وابن معين وابن المديني وغيرهم، حتى حكى الإمام مسلم في كتاب التمييز إجماع أهل المعرفة على أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت.
    وأما معمر، فقال ابن المديني: (في أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة. وذكر أنها أحاديث أبان بن أبي عياش).
    وقال العقيلي : (أنكرهم رواية عن ثابت: معمر).
    وذكر ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين قال: (حديث معمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام). انتهى.
    وقد أنكر الإمام أحمد وأبو حاتم وغيرهما الحديث على معمر، وأن الحديث حديث أبان وأدخله معمر على ثابت، إما تدليسًا وإما خطأً.
    أما كونه تدليسًا؛ فقد نصَّ عليه غير واحد، وأما كونه خطأً؛ فقد نصُّوا أن معمر بن راشد إذا روى في اليمن فهو جيد، وأما ما رواه في البصرة -وثابت بصري- ففيه أخطاء.

    ويتضح ذلك من كلام النقاد الآتي:
    قال أبو عوانة: (في هذا الحديث نظر).
    وقال الترمذي: (سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال : لا أعرف هذا الحديث، إلا من حديث عبد الرزاق، لا أعلم أحدًا رواه عن ثابت غير معمر، وربما قال عبد الرزاق في هذا الحديث: عن معمر، عن ثابت وأبان، عن أنس).
    وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي (ص461): (وقد كان بعض المدلسين يسمع الحديث من ضعيف، فيرويه عنه ويدلسه معه عن ثقة لم يسمعه منه، فيُظنَّ أنه سمعه منهما، كما روى معمر عن ثابت وأبان وغير واحد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الشِّغار.
    قال أحمد : هذا عمل أبان -يعني: أنه حديث أبان- وإنما معمر، يعني لعله دلس . ذكره الخلال عن هلال بن العلاء الرقي عن أحمد). انتهى.
    وفي العلل لأحمد رواية المرُّوذي (1/113) (266): (وسألته عن حديث معمر عن ثابت عن أنس، أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن الشِّغار؟ فقال: هذا حديث منكر من حديث ثابت).
    وقال الحافظ في التلخيص الحبير (2/358-359): (وهو من أفراد عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عنه. قاله البخاري والبزار وغيرهما. وقد قيل: إن حديث معمر عن غير الزهري فيه لين، وقد أعله البخاري والترمذي).
    وقال الشيخ طارق عوض الله في كتابه الماتع الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات (1/251-252): (روى عبد الرزاق عن معمر، عن ثابت وأبان، عن أنس بن مالك، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شِغار في الإسلام». والشِّغار أن يبدل الرجلُ الرجلَ بأخته بغير صداق، ولا إسعاد في الإسلام، ولا جَلَبَ في الإسلام، ولا جَنَبَ.
    وقد أنكر الإمام أحمد وأبو حاتم الرازي وغيرهما هذا الحديث عن ثابت، وأنه إنما هو من حديث أبان فقط، لا شأن لثابت به.
    والظاهر أن ثابتًا إنما روى عن أنس تفسير الشِّغار فقط، من قوله ليس مرفوعًا، وأما الحديث ؛ فإنما يرويه أبان، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأخطأ عبد الرزاق -أو معمر-، حيث حمل رواية ثابت على رواية أبان وساقهما على الاتفاق، مدرجًا الموقوف الذي رواه ثابت بالمرفوع الذي جاء به أبان.
    ومما يقوي ذلك: أن عبد الرزاق روى تفسير الشِّغار، عن معمر، عن ثابت، عن أنس، من قوله بعده بأحاديث، من غير ذكر القدر المرفوع في روايته). انتهى.
    ومن هنا يتضح معنى كلام أبي حاتم عن هذا الحديث من رواية معمر عن ثابت: (منكر جدًّا). وكذا إنكار الإمام أحمد وغيره.
    وبالنظر إلى كلام ابن المديني وغيره وأن معمر بن راشد في أحاديثه عن ثابت غرائب ومناكير، وأنها أحاديث أبان بن أبي عياش، يعني دلَّسها معمر، وأسقط أبان ورواها عن ثابت يتضح ذلك أكثر، ومنه تعرف فضل الأئمة المتقدمين، والله أعلم.
    وأما النهي عن الشغار فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
    والشِّغار أن يزوِّج الرجلُ ابنتَهُ على أن يزوِّجَهُ الآخرُ ابنتَهُ ليس بينهما صداق.
    و(لا إسعاد) هو أن تساعد المرأة جارتها في النياحة على الميت. (ولا عَقَرَ) هو عقرهم الإبل على القبور يزعمون أن الميت يكافأ بذلك عن عقره للأضياف في حياته. (ولا جَلَبَ) أي: لا ينزل الساعي موضعًا ويرسل مَن يجلب له مال الزكاة من أماكنه، أو أراد: لا يتبع فرسه في المسابقة شخصًا يزجره ويجلب عليه. (ولا جَنَبَ) أي: أن يجنب في السباق فرسًا لفرسه الذي يسابق عليه فإذا فتر المركوب تحول للمجنوب. (ومَن انتهب) من الغنيمة أو من مال الناس. وانظر: التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي.
    http://www.islamtoday.net/bohooth/artshow-34-120586.htm
    *****************
    حديث صحيح السند منكر المتن، هل يمكن هذا؟؟
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11148

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    100

    افتراضي رد: حديث منكر، وهو صحيح الإسناد !؟

    السلام عليكم
    قد يظن من ينظر إلى العنوان ولم يتمعن في الشرح الذي ذكرته أنه يوجد حديث منكر وهو صحيح في إسناده ، ولذا أفضل أن يعدّل العنوان إلى : حديث منكر ظاهره الصحة ، أو نحو ذلك .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    99

    افتراضي رد: حديث منكر، وهو صحيح الإسناد !؟

    للمباحثة:
    وأيضًا فإن معمر بن راشد روى عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا شغار في الإسلام".
    أخرجه مسلم (1415): حدثني محمد بن رافع: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر به.
    وهو في الصحيحين من طريق مالك عن نافع به.
    فلعل الحديث عند معمر عن ابن عمر بإسناده، ولما أراد أن يروي حديث أنس الموقوف أدخل على ثابت المرفوع، خطأ منه، أو تدليسًا، وهو عنده عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما. على أن الآئمة نصوا على تفرد معمر أيضًا به عن أيوب. قاله الطبراني في الأوسط.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صالح غيث مشاهدة المشاركة
    قد يظن من ينظر إلى العنوان ولم يتمعن في الشرح الذي ذكرته أنه يوجد حديث منكر وهو صحيح في إسناده ، ولذا أفضل أن يعدّل العنوان إلى : حديث منكر ظاهره الصحة ، أو نحو ذلك .
    شكرا لك، وهذا يحتاج نظر.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •