تابع:
ثم يواصل ويقول:
" ومعلوم أن داروين كان مؤمنا بها في البداية، بل كان يدرس اللاهوت المسيحي بغية أن يصبح كاهنا أو قسيسا ويكرس نفسه للعبادة والدين. ولكنه انخرط بعدئذ في خط البحث العلمي والرحلة الاستكشافية حول العالم، وكانت النتيجة التي نعرفها. وكان يعرف أن نظرية التطور التي توصل إليها سوف تدخل في صدام مباشر مع الكنيسة المسيحية واللاهوت الديني، ولكنه عندما كان يؤلف كتابه الشهير «أصل الأنواع» فإنه كان لا يزال مؤمنا بالله ومقتنعا بوجوده كمحرك أساسي للكون. والواقع أنه لم يصبح ملحدا طيلة حياته أبدا حتى بعد أن فقد إيمانه الديني على الطريقة التقليدية، كل ما في الأمر هو أنه كان يقول بأن العلم شيء والدين شيء آخر ولا ينبغي الخلط بينهما، فمجال الدين الروحي والتنزيهي الأخلاقي غير مجال العلم التجريبي. وهذا ما يقوله كبار العلماء حاليا. "
قلت تأمل التناقض والكذب! كان داروين مؤمنا "بنظرية الخلق في ستة أيام"، ولم يصبح ملحدا طيلة حياته أبدا ولكنه في نفس الوقت كان يعرف أن نظرية التطور التي توصل إليها سوف تدخل في صدام مباشر مع اللاهوت الديني!! فليت شعري إلى أي شيء تدعونا أيها الجرذ؟؟ إلى أن نؤمن كما آمن داروين – بزعمك - بأن الله موجود "كمحرك أساسي للكون"؟؟ هل تفهم معنى "الطفرة العشوائية" ومعنى "الانتخاب الطبيعي" يا هذا أصلا، وما يلزم من معناهما في حق خالقك الذي تدعي أنك مؤمن بوجوده وربوبيته؟؟؟؟ كفرت بالله العظيم ورب الكعبة لو وافقت داروين على هذا الاعتقاد!! فالله قيوم السماوات والأرض يصرف الأمر كله فيها ولا يعزب عنه مثقال ذرة، لا شيء فيها خارج عن إرادته وعلمه المسبق وخلقه وتقديره، حتى الذر الذي تحمله الرياح، يعلم ربك مستقره ومستودعه، وقد كتبه وقدره تقديرا!! فإما أنك جاهل جهلا مركبا بحقيقة الأسس التي تقوم عليها تلك النظرية – وهذا بعيد، فقد أحسن القوم اصطناعك كما هو واضح!! – وإما أنك منهم تدين بدينهم وتدعي الإسلام، والله المستعان على أمثالك بأي حال!!
من هم كبار العلماء الذين يقولون – حاليا – بأن مجال الدين روحي تنزيهي أخلاقي وحسب بخلاف مجال العلم التجريبي؟؟؟ علماء في أي علم هؤلاء؟؟ لا أهل الدين يقولون بهذا ولا أهل الإلحاد!! أما سمعت عن شيء في القرءان اسمه خبر الغيب؟؟ أما علمت أن القرءان أخبرنا بحقائق عن أصلنا ونشأتنا وعما هو غائب عنا في ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، وأن من كذَّب بها بدعوى أن العلم قد أثبت خلافها فقد كفر بالله العظيم وافترى – في ذات الوقت - على صنعة العلم نفسها كذبا وزورا؟؟ كلا والله ليس البحث في أصل الخلق ونشأة الكون بما يُسوغ لعاقل أن يستدل بما يراه الآن من أحوال الكون وآلياته على قصة يتصورها لنشأته الأولى كتصورهم لما أسموه بالانفجار الكبير وما في نحوه! فالفلسفة التي تقوم على افتراض ثبوت سائر النظم على سير واحد وحركة واحدة من أول الخلق إلى يوم الرصد الذي نحن فيه، دونما اختلاف ولا تغير، هذه محل جدال ونزاع بين الفلاسفة أصلا، ولو تأملت يا أيها المسكين المفتخر بأنك "مفكر"، لو تأملت وتفكرت بتجرد للحق لرأيت آية عدم اطرادها في تغيرات كثيرة تجري الآن في الأرض كالاحتباس الحراري وتغير مغناطيسية الأرض وما إلى ذلك من أشياء رصدنا تغيرها وتابعناه في بضعة عقود فقط (فكيف بآلاف السنين؟)، ولعلمت أن الحق المنزل من ربك في قصة الخلق لا يملك عاقل أصلا أن يختبر صحته بالنظر في مخلفات الحيوانات المتحجرة أو في طبقات الأرض المتراكمة أو في حركة النجوم السيارة كما يراها الآن من حوله يستدل بذلك على أن الكون نشأ على نحو كذا وكذا ولا بد!!
أنتم السفهاء ورب الكعبة وتحسبون أنكم على شيء، ثم يأتي الواحد منكم يقول بأن "مجال الدين" روحي أخلاقي فقط، ولا دخل للعلم به!! أولو كان ما أدخلتموه في العلم الإمبيرقي - زورا وعدوانا عليه - لا تخرجون منه إلا برد وتكذيب ما جاءكم به الوحي من رب العالمين؟؟؟ أولو كنتم ترون بسببه ضرورة مخالفة ما أجمعت قرون الأمة على أنه فهم الصحب والتابعين كما علمه إياهم سيد المرسلين؟؟؟ أي عاقل هذا الذي يقول "العلم" - هكذا - شيء و"الدين" شيء آخر إلا أن يكون تابعا ذليلا للقرد داروين لعنه الله؟؟ ما هو العلم وما حده يا هذا عندك أصلا، حتى تستقيم لنا قاعدة نتخاطب عليها إن أردنا الجدال؟؟؟
إن كنت لا ترى العلم - اصطلاحا - إلا في العلم الامبيريقي التجريبي وفقط، فأنت إذن أسفه من أن يخاطبك فلاسفة تلك البلاد أنفسهم يا مسكين، الذين وضعت دينك قربانا على مذبحهم!! وإن كنت تراه طريقا لمعرفة الغيبيات المطلقة التي نؤمن نحن بأنه لا سبيل إلى معرفتها إلا بخبر صادق عن رب العالمين، فأنت إذن مثلهم ولا فرق!
لا الدين يقف ما فيه من العلم عند حد الروحيات والاخلاقيات وفقط كما تدعي، ولا العلم الامبيريقي فيه طريق إلى معرفة الغيبيات المطلقة كما أوهمك سادتك ومعلموك، ولا تدري أنت ما العلم ولا الدين أصلا..
قاتل الله السفاهة وأهلها!
ويقول: " ويرى عالِم اللاهوت الفرنسي جاك آرنو أننا نشهد حاليا تشكل تحالف مقدس ضد داروين ونظريته، فبالإضافة إلى الأصولية البروتستانتية الأميركية، التي ينبغي تمييزها فورا عن البروتستانتية الأوروبية التقدمية المستنيرة، هناك الأصولية الإسلامية التي تشن أيضا حربا شعواء على داروين وتعتبره بمثابة الشر المطلق. ويترأس هذا التيار حاليا الكاتب التركي هارون يحيى صاحب كتاب «أطلس الخلق»، وهو من أتباع نظرية الخلق الدينية التقليدية والتفسير الحرفي للكتابات المقدسة، تماما كأعلام البروتستانتية الأميركية، بل وانضم إليهم العديد من الأصوليين اليهود الذين يرفضون أيضا نظريات العلم الحديث، ويعتقدون بالصحة الحرفية لكل ما ورد في التوراة، وبالأخص في سِفر التكوين الشهير. "
قلت تأمل أيها القارئ الكريم إلى أي مدى غرق هذا "المفكر" في نظريات الملاحدة وعقائدهم!! صار يوافقهم على نسبتهم جميع من يرد عليهم من أهل الملل إلى ما يسمى بنظرية الخلق!!! ولأنه حريص على ألا يظهر ما يبطن فإنه لم يفته أن يستدرك استدراكا ماكرا خبيثا ويقول: "نظرية الخلق الدينية التقليدية، والتفسير الحرفي"!!! الخلق كما نص عليه القرءان أصبح الآن مجرد نظرية، والذي لا يزال بعد يؤمن بها كما أخبر الله بها وكما أطبق الصحابة والمسلمون جميعا عليه، يعد عند صاحبنا هذا "مقلدا" لتلك "النظرية الدينية التقليدية" يعاني من داء التفسير الحرفي "للكتابات المقدسة"!!! أستحلفك بالله أيها القارئ العاقل، أهذا كلام مسلم موحد يشهد بأنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟؟؟؟؟
((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)) [هود : 18]
ثم يواصل فهاهته ويقول: " ويرى بعض المفكرين هنا أن لهذا التحالف المقدس لكل الاصوليات أبعادا سياسية واضحة، فالعدو المشترك لهم واحد، إنه الحداثة العلمية والفلسفية. ولذلك فإن بعض الجهات قامت بتوزيع كتاب «أطلس الخلق» مجانا على المدارس والجامعات الفرنسية عام 2007، محذرة الطلاب من نظرية داروين. ولكن بما أن فرنسا مستنيرة فإنه لا يخشى عليها من العدوى. وحدها الجاليات المغتربة قد تنخدع بمثل هذه الكتابات اللاعلمية أو الجاهلة بالعلم الحديث. "
قلت أنى لك أن تعقل ما تقول وأنت تجعل الصراع بين قسيمين أحدهما ما تسميه بالحداثة والآخر ما تسميه بالأصولية (تكرهه كما هو شأن سادتك لمجرد أنه موروث قديم يخالف هواك)؟؟؟ أليس في الحداثة باطل قط؟؟ أليس في التراث حق قط؟؟ فأي عاقل هذا الذي يضع الحداثة - بهذا الإطلاق - مع التراث في صراع، وأي "أصولي" هذا - وهو اصطلاح تالف أصلا - من أي ملة كان، الذي يتخذ من الحداثة العلمية بمطلقها عدوا يحاربه؟؟؟ والله إنك لا تعقل ما يخرج من رأسك!! الحق (والعلم) يا هذا هو ما وافق الواقع بدليل قديما كان أو حديثا، والباطل والوهم والضلال ما خالفه!!
تأمل: ما أحسن ما فعلته "فرنسا المستنيرة" التي "لا يخشى عليها من العدوى" إذ حصنت الناس هناك من أن يتركوا إلحادهم ويدخلوا في الإسلام بسبب مثل هذا الكتاب!!!
أخرج ما في نفسك يا هذا، قد فضحك الله وكشفك!!
يتبع...........