حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال أخبرنا جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب
بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فناداه عمر أية ساعة هذه قال إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد أن توضأت فقال والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل
قال في فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله : ( إذ جاء رجل )
في رواية المستملي والأصيلي وكريمة " إذ دخل " .
قوله : ( من المهاجرين الأولين )
قيل في تعريفهم من صلى إلى القبلتين , وقيل من شهد بدرا , وقيل من شهد بيعة الرضوان . ولا شك أنها مراتب نسبية والأول أولى في التعريف لسبقه , فمن هاجر بعد تحويل القبلة وقبل وقعة بدر هو آخر بالنسبة إلى من هاجر قبل التحويل , وقد سمى ابن وهب وابن القاسم في روايتهما عن مالك في الموطأ الرجل المذكور عثمان بن عفان , وكذا سماه معمر في روايته عن الزهري عند الشافعي وغيره , وكذا وقع في رواية ابن وهب عن أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر , قال ابن عبد البر : لا أعلم خلافا في ذلك ,
قوله : ( فناداه )
أي قال له يا فلان .
قوله : ( إني شغلت )
بضم أوله , وقد بين جهة شغله في رواية عبد الرحمن بن مهدي حيث قال " انقلبت من السوق فسمعت النداء " والمراد به الأذان بين يدي الخطيب كما سيأتي بعد أبواب .
قوله : ( فلم أزد على أن توضأت )
لم أشتغل بشيء بعد أن سمعت النداء إلا بالوضوء , وهذا يدل على أنه دخل المسجد في ابتداء شروع عمر في الخطبة .
قوله : ( كان يأمر بالغسل )
كذا في جميع الروايات لم يذكر المأمور , إلا أن في رواية جويرية عن نافع بلفظ " كنا نؤمر " وفي حديث ابن عباس عند الطحاوي في هذه القصة " أن عمر قال له : لقد علم أنا أمرنا بالغسل . قلت : أنتم المهاجرون الأولون أم الناس جميعا ؟ قال : لا أدري " رواته ثقات , إلا أنه معلول . وقد وقع في رواية أبي هريرة في هذه القصة " أن عمر قال : ألم تسمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل " كذا هو في الصحيحين وغيرهما , وهو ظاهر في عدم التخصيص بالمهاجرين الأولين
. وفي هذا الحديث من الفوائد :
القيام في الخطبة وعلى المنبر , وتفقد الإمام رعيته , وأمره لهم بمصالح دينهم ,
وإنكاره على من أخل بالفضل وإن كان عظيم المحل , ومواجهته بالإنكار ليرتدع من هو دونه بذلك ,
وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أثناء الخطبة لا يفسدها ,
وسقوط منع الكلام عن المخاطب بذلك .
وفيه الاعتذار إلى ولاة الأمر