من نصائح الأئمة:
قبل أن تكون حَاكِمًا في المسائل الفقهية ...
1. ينبغي لمن كتب في مسائل الفقه أن يكون عالما بأقوال من قبله.
قال الإمام أحمد بن حنبل:
"ينبغي لمن أفتى أن يكون عالمًا بقول من تقدَّم، وإلاّ فلا يفتي".
وقال الإمام سحنون:
إنِّي لأحفَظ مسائل منها ما فيه ثمانية أقوال، من ثمانية أئمة من العلماء، فكيف ينبغي أن أعجَل بالجواب قبل الخبَر؟.
2. إياك والجزم في المسائل التّي جرى فيها خِلاف بين الأئمة.
قال الإمام بن سحنون بن سعيد:
"أجسَر النّاس على الفُتيا أقلُّهم عِلمًا، يكون عند الرجل الباب الواحد من العلم يظنّ أنَّ الحقَّ كلَّه فيه".
وروى الإمام ابن القاسم عن الإمام مالك رضي الله عنه:
أنّه كان يُكثِر أن يقول: إنْ نَظُنُّ إلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِي نَ .
3. تَورَّع، ولا تجزم بإطلاق لفظ الحِلِّ أو الحرمة في الحوادث حتىّ يتبين القطع.
قال ابن وهب: سمعت مالكا يقول: "لم يكن من أمر النّاس ولا من مضى من سلفِنا، ولا أدركت أحدًا أقتَدِي به يقول في شيءٍ:
هذا حلال، وهذا حرام، وما كانوا يجترِئون على ذلك، وإنّما كانوا يقولون:
نكره كذا، ونرى هذا حَسنًا؛ فينبَغي هذا، ولا نرى هذا.
4. فرِّق بين قول الشّيخ الذّي تقتدي به، وبين حُكمِ الله عزَّ وجلّ، فإنّ بينهما فارق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
حضرت مجلسًا فيه القُضاة وغيرهم، فجَرَت حكومة حكم فيها أحدهم بقول زُفَر، فقلت له: ما هذه الحكومة ؟. فقال: هذا حُكم الله !.
فقلت له:
صار قول زُفَر هو حكم الله الذّي حكم به وأَلزم به الأُمة ؟
قُل: هذا حكم زفر!، ولا تقُل هذا حكم الله.
5. أحسِن الظنّ فيمن كتب قبلك، فإنّك عَيَال عليه.
أَتَى رجل إلى سفيان الثوري، وتكلّم عنده بكلام في أبي حنيفة، فسكت سفيان طويلاً، ثمّ قال كلمات ما بقي أحد في المجلس إلاّ كتبها:
"نسمع الشديد من الحديث فنخافُه، ونسمع الليِّن فنرجوه، ولا نحاسب الأحياء، ولا نقضي على الأموات، نسلِّم ما سمعنا، ونكِل ما لم نعلمه إلى عالمه، ونَتهِم رأينا لرأيهم".
نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.