أكثر ما يوعظ الناس به اليوم هو دائرا بين المباح والمكروه والمختلف فيه اختلافا شديدا لكن يأبى هؤلاء إلا أن يكون حراما وملعونا فاعله .
جاء في الموسوعة الكويتية في مادة عورة ما يلي :
هَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ : ( الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّ ةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ) إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الأَْجْنَبِيَّة َ الْكَافِرَةَ كَالرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمَةِ ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى بَدَنِهَا ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمَةِ أَنْ تَتَجَرَّدَ بَيْنَ يَدَيْهَا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنّ َ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ
أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ } (1) أَيِ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ فَلَوْ جَازَ نَظَرُ الْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ لَمَا بَقِيَ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الأَْمْرُ بِمَنْعِ الْكِتَابِيَّات ِ مِنْ دُخُول الْحَمَّامِ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ .
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَرَى الْكَافِرَةُ مِنَ الْمُسْلِمَةِ مَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْدَ الْمِهْنَةِ ، وَفِي رَأْيٍ آخَرَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَرَى مِنْهَا مَا تَرَاهُ الْمُسْلِمَةُ مِنْهَا وَذَلِكَ لاِتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالرِّجَال (2) .
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ وَلاَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فِي النَّظَرِ ، وَقَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ : لاَ تَنْظُرُ الْكَافِرَةُ إِلَى الْفَرْجِ مِنَ الْمُسْلِمَةِ وَلاَ تَكُونُ قَابِلَةً لَهَا . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّ الْمُسْلِمَةَ لاَ تَكْشِفُ قِنَاعَهَا عِنْدَ الذِّمِّيَّةِ وَلاَ تَدْخُل مَعَهَا الْحَمَّامَ (3) .
عَوْرَةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ :
5 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ عَوْرَةَ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ هِيَ كَعَوْرَةِ الرَّجُل إِلَى
الرَّجُل ، أَيْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ، وَلِذَا يَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهَا عَدَا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ ، وَذَلِكَ لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ وَانْعِدَامِ الشَّهْوَةِ غَالِبًا ، وَلَكِنْ يَحْرُمُ ذَلِكَ مَعَ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ (1) .
عَوْرَةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحَارِمِ :
الْمُرَادُ بِمَحْرَمِ الْمَرْأَةِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا عَلَى وَجْهِ التَّأْبِيدِ لِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ ( مُصَاهَرَةٍ ) أَوْ رَضَاعٍ .
قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَة ُ فِي الْمَذْهَبِ : إِنَّ عَوْرَةَ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَجُلٍ مَحْرَمٍ لَهَا هِيَ غَيْرُ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا كَشْفُ صَدْرِهَا وَثَدْيَيْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ عِنْدَهُ ، وَيَحْرُمُ عَلَى مَحَارِمِهَا كَأَبِيهَا رُؤْيَةُ هَذِهِ الأَْعْضَاءِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ وَتَلَذُّذٍ (2) .
وَذَكَرَ الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ حُكْمَ الرَّجُل مَعَ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ هُوَ كَحُكْمِ الرَّجُل مَعَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ (3) .
وَعَوْرَةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ هُوَ مَحْرَمٌ لَهَا
عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا إِلَى رُكْبَتِهَا ، وَكَذَا ظَهْرُهَا وَبَطْنُهَا (1) ، أَيْ يَحِل لِمَنْ هُوَ مَحْرَمٌ لَهَا النَّظَرُ إِلَى مَا عَدَا هَذِهِ الأَْعْضَاءَ مِنْهَا عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَخُلُوِّ نَظَرِهِ مِنَ الشَّهْوَةِ ، وَالأَْصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنّ َ أَوْ آبَائِهِنَّ } (2) وَالْمُرَادُ بِالزِّينَةِ مَوَاضِعُهَا لاَ الزِّينَةُ نَفْسُهَا لأَِنَّ النَّظَرَ إِلَى أَصْل الزِّينَةِ مُبَاحٌ مُطْلَقًا ، فَالرَّأْسُ مَوْضِعُ التَّاجِ ، وَالْوَجْهُ مَوْضِعُ الْكُحْل ، وَالْعُنُقُ وَالصَّدْرُ مَوْضِعَا الْقِلاَدَةِ وَالأُْذُنُ مَوْضِعُ الْقُرْطِ ، وَالْعَضُدُ مَوْضِعُ الدُّمْلُوجِ ، وَالسَّاعِدُ مَوْضِعُ السِّوَارِ ، وَالْكَفُّ مَوْضِعُ الْخَاتَمِ ، وَالسَّاقُ مَوْضِعُ الْخَلْخَال ، وَالْقَدَمُ مَوْضِعُ الْخِضَابِ ، بِخِلاَفِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ ؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوْضِعٍ لِلزِّينَةِ (3) ؛ وَلأَِنَّ الاِخْتِلاَطَ بَيْنَ الْمَحَارِمِ أَمْرٌ شَائِعٌ وَلاَ يُمْكِنُ مَعَهُ صِيَانَةُ مَوَاضِعِ الزِّينَةِ عَنِ الإِْظْهَارِ وَالْكَشْفِ .
وَكُل مَا جَازَ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنْهُنَّ دُونَ حَائِلٍ جَازَ لَمْسُهُ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَإِلاَّ لَمْ يَجُزْ ، وَكَذَلِكَ الأَْمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَلْوَةِ بِإِحْدَاهُنَّ
مُنْفَرِدَيْنِ تَحْتَ سَقْفٍ وَاحِدٍ (1) ، فَالرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّل فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (2) .
وَلَمْ يَجُزْ لِلرَّجُل النَّظَرُ إِلَى ظَهْرِ أَوْ بَطْنِ أَوْ فَخِذِ مَنْ هِيَ مَحْرَمٌ لَهُ فَضْلاً عَنْ حُرْمَةِ النَّظَرِ إِلَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا ، كَمَا لَمْ يَحِل لَمْسُ أَيٍّ مِنْ هَذِهِ الأَْعْضَاءِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى : { قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ } (3) ؛ وَلأَِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَل الظِّهَارَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْل وَزُورًا ، وَهُوَ - أَيِ الظِّهَارُ - تَشْبِيهُ الزَّوْجَةِ بِظَهْرِ الأُْمِّ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ النَّظَرُ إِلَى ظَهْرِ الأُْمِّ وَبَطْنِهَا أَوْ لَمْسُهَا حَرَامًا لَمْ يَكُنِ الظِّهَارُ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْل وَزُورًا .
وَكُل مَا يَحِل لِلرَّجُل مِنَ النَّظَرِ وَاللَّمْسِ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ يَحِل مِثْلُهُ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ هُوَ مَحْرَمٌ لَهَا ، وَكُل مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ يَحْرُمُ عَلَيْهَا (4) .
وَالشَّافِعِيَّ ةُ يَرَوْنَ جَوَازَ نَظَرِ الرَّجُل إِلَى مَا عَدَّا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ مَحَارِمِهِ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ صَحِيحَةٍ ، وَقِيل : يَحِل لَهُ النَّظَرُ فَقَطْ إِلَى
مَا يَظْهَرُ مِنْهَا عَادَةً فِي الْعَمَل دَاخِل الْبَيْتِ ، أَيْ إِلَى الرَّأْسِ وَالْعُنُقِ وَالْيَدِ إِلَى الْمِرْفَقِ وَالرِّجْل إِلَى الرُّكْبَةِ .
وَهُمْ يُقَرِّرُونَ هَذَيْنِ الاِتِّجَاهَيْن ِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِهَا إِلَى مَنْ هُوَ مَحْرَمٌ لَهَا (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ : الْكَافِرُ مَحْرَمٌ لِقَرِيبَتِهِ الْمُسْلِمَةِ ؛ لأَِنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى الْمَدِينَةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَدَخَل عَلَى ابْنَتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ فَطَوَتْ فِرَاشَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلاَّ يَجْلِسَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ تَحْتَجِبْ مِنْهُ وَلاَ أَمَرَهَا بِذَلِكَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2) .