منهج الإمام المنذري في «مختصر صحيح مسلم»
اختار الإمام المنذري رحمه الله منهجًا في الاختصار رأى أنه الأولى في كتابه، ولذا لم يتقيد بأصل الصحيح، وإنما تحرى ما يصل إلى هدفه الذي حدده في مختصره، وهو أن يكون «اختصارًا يسهله على حافظيه، ويقرّبه للناظر فيه، ورتبه ترتيبًا يسرع بالطالب إلى وجود مطلبه في مظنته».
ولعل أبرز ما تصرف فيه المنذري رحمه الله في مختصره على غير سياقة أصله ما يلي:
1- لم يتعرض الإمام المنذري رحمه الله لمقدمة «صحيح مسلم»، وإنما ابتدأ اختصاره من كتاب الإيمان، خلافًا لما صنعه أبو العباس القرطبي (ت 656هـ) في كتابه «تلخيص كتاب مسلم» فإنه لخص المقدمة تلخيصًا حسنًا، ولعل المنذري لحظ أن المقدمة مدخل للكتاب وليست أصلًا فيه، كما أن أحاديثها ليست في الغالب على شرط الصحيح، ولذا تجاوزها في اختصاره، إلا أحاديث قليلة ذكرها في ثنايا الكتاب، كما في رقم (1860، 1861).
2- ذكر الإمام المنذري أنه اختصر كتابه من «صحيح مسلم»، وأنه قد ضمنه جلَّ الأصل، وهذا صريح في أنّه قد حذف أشياء من أصل الصحيح، وهذا ظاهر من استعراض الكتاب، فأول حديث في «صحيح مسلم»، وهو حديث عمر ا في مجيء جبريل عليه السلام مما اختصره، كما أن عدد أحاديث المختصر بلغ (2177) حديثًا، بينما عدد أحاديث «صحيح مسلم» (3033) حديثًا، حسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي.
3- تصرف المنذري في ترتيب أحاديث «صحيح مسلم»، فقدّم وأخّر حسب اجتهاده، وما رأى أنه أولى به. وقد اختلف ترتيبه عن ترتيب أصله في مواضع منه، ويتضح ذلك بمقارنة ترتيب أحاديثه مع ترتيب الصحيح، كما في الجدول التالي على سبيل المثال:
رقم الحديث في مختصر المنذري*** رقم الحديث في صحيح مسلم
76 * * * * * * * * * * 3016
204 * * * * * * * * * *82
2135 * * * * * * * * * *158
2137 * * * * * * * * * *3028
2163 * * * * * * * * * *1808
2164 * * * * * * * * * *119
2170 * * * * * * * * * *449
2174 * * * * * * * * * *824
وانظر للشيخ الألباني /كلامًا أوسع عن ذلك في مقدمة تحقيقه (ص 26-27).