السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أساتذتي وإخوتي الفضلاء
لتتسع صدوركم لكلماتي التي لم أكتبها إلا لأنعش فؤادي برؤاكم الوقادة ، وليتحملني من لم ترق له كلماتي ، وليوجهني من يشعر بألمي وغصتي فيما سطرت ، وما أنا إلا بشر ، قد أخطئ في أحايين كثيرة ، وقد أصيب في حين لاغير.
إخوتي...
الخلاف بين الأديان والعقائد العالمية بات من الأمور المشتهرة بين الأنام ، ونحن اليوم أكثر التصاقا بما ينشر عن هذه الموضوعات عما في السابق ، إذ يستطيع الواحد منا التنقل لقراءة تلك الحوارات الساخنة في أصقاع الدنيا وهو متكئ على أريكته في داره، وذلك نتيجة للخطوات الهائلة التي حققتها وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة.
من جهة أخرى فالخلاف والفرقة بين فرق المسلمين ليست وليدة اليوم أو الأمس ، ومما تجدر الإشارة إليه أن العالم الإسلامي انطلقت به شرارة هذه القلاقل منذ خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وحربه ضد المرتدين ، ولم تزل شرارة تلك القلاقل باتساع حتى أصبحت نارا ملتهبة في جسد العالم الإسلامي وماتلاها من قتل خليفتين من خلفاء رسول الله صلى الله عليه ، ثم كثرت معاول الهدم لتحيط بالمسلمين من كل جانب ،فهذا خليفة عباسي في بغداد ...وذاك خليفة عبيدي ( فاطمي) في القاهرة ، وتلك فرقة من القرامطة تسيطر على جزيرة العرب وتنهب الحجر الأسود ربع قرن من الزمان ، وتنتنشر غيرهم دويلات ومجتمعات هنا وهناك ، كلهم في آن واحد.
ورغم كل هذا ، فاتساع رقعة الإسلام يتقدم على مضض .
أما في العصور المتأخرة ، فسيرة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ليست ببعيدة ، ومن يطلع عليها يتضح له الظلام الدامس والشرك العريض في جزيرة العرب التي هي نواة المسلمين ، فكيف بغيرها من ديار الإسلام.
وأعني بما تقدم تباكي البعض على حال الإسلام وكأنه في أفضل حالاته على مر العصور ولم يجرح إلا في عصرنا ، وليس الأمر كذلك ! وصحف التأريخ والسير تنبئ من جهل.
ويضاف إلى ماتقدم أن الفرق والأحزاب في توالد وتكاثر ، لايعقم لها رحما وليس بها على بعضها أدنى صلة رحم ! كل حزب يزعم أن الحق في جانبه.
هذا رأي أكتبه وأنا واحد من عامة المسلمين ، أحب الخير لأمتي أمة أهل السنة والجماعة ، أمة أحمد بن حنبل وابن تيمية وتلاميذهم إلى الألباني وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله أجمعين .
نعيب زماننا والعيب فينا *** وما لزماننا عيب سوانا
في هذا العصر ، لنا أصدقاء ومعارف وإخوة وأبناء درسوا وتغربوا في بلاد غير المسلمين ، فجاءوا بأفكار لاتمت إلى الإسلام بصلة ، ومنهم من درس الفكر الإسلامي من منظور غربي بحت ، بني على أسس منطقية وعقلية ليس للنقل فيها مدخل ، وتشبع بمسألة تخلف المسلمين وفق المنظور الغربي التجاري والعلمي فأصبح هذا الأمر لديه من الحقائق المسلمة ،فاجتمعت تلك الجموع والتأمت بوساطة وسائل الاتصال الحديثة ولم يعد البعد مانعا بين هذه الجموع المتباعدة أجسادا ، المتقاربة أفكارا .
وهذه معضلة ليس لها في الغابرين مثل ،وفي رأيي المتواضع أن هذه تحديات جديدة
تحتاج إلى دعاة على قدر كاف من الدراية وإلى سلاح علمي لايشق له غبار ، تماما كاليد العليا مع السفلى لا العكس!
بعض الدعاة – فيما أحسب- يتحرج من التطرق لمثل هذه المسائل ،وقد يعذر في ذلك ، وهذه المستجدات التي أشرتُ إليها آتية لامحالة ،وأصبحت واقعا ملموسا نشعر بمزاحمته لنا بين الفينة والأخرى ، ولم يبق أمام الأيدي إلا افتكاك العنق ، وإلا حصل ما لايحمد عقباه ، وإن صحت تسمية هذا الجيل الذي عاصر الأنترنت بالجيل المخضرم ، فإن الجيل القادم المكون من أبنائنا ومابعدهم لفي حاجة ماسة منا لتعبيد الطريق أمامهم ، لأن أوقاتهم صرف الكثير منها في مصارف بعيدة عن مصارف العلم والتنشئة الحقة ، أعني بالمصارف البعيدة مصارف القنوات الهابطة وسوء استعمال الانترنت والرياضة ومايطلق عليه الفن بكل أشكاله والتبرج إلخ...
والسؤال المطروح : هل أدى الدعاة والعلماء واجبهم في هذه الناحية ، أم أن زحمة الحياة أشغلتهم ولم يعد بمقدورهم رتق هذا الخلل؟
هذا ما لا أعلمه!
والله الموفق وعليه التكلان