الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد

فقد اعتاد كثير من متسننة الخطباء والوعاظ: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد خطبة الحاجة، وليست في شيء من روايات الحديث على تعددها، ولم يشر إليها الألباني في رسالته. ولم أجد لذلك مستندًا. اللهم إلا ما وقع في الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (1/220): "أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي قال: أنا الحسين بن إدريس قال: ثنا بن عمار قال: ثنا عبد الرحمن عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال: كان عبد الله يقول: يبدأ أحدكم فيتشهد, ثم يحمد الله ويمجده ويثنى عليه بما هو له أهل, ثم يصلى على النبي , ثم يسأل لنفسه. قال: قد أسقطت من كتابي (ثم يصلى على النبي ), ولكن حفظي هكذا شعبة الذي يشك". انتهى.
وهذا مع كونه موقوفًا، لم يثبت في روايات من رواه موقوفًا كعبد لرزاق، وابن الجارود والبيهقي. وسياقه عند عبد الرزاق (‏10146‏) من طريق معمر والثوري عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود، قال في التشهد في الحاجة: "إن الحمد لله، أستعينه، وأستغفره، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا. إلى: ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا"، ثم تكلم بحاجتك". والثوري مقدم على شعبة، كما أن شعبة قد شك في هذه الزيادة. ثم إن هذه الطريق منقطعة بين أبي عبيدة وأبيه.
وإذا تبين ذلك، فسبيل العزيمة الاقتصار على الصحيح، والوقوف عند الثابت دون ما عداه؛ فإن الزيادة على المشروع غير مشروعة، والمواظبة على الزائد ممنوعة. والله أعلم