من نفائس فضيلة الشيخ العلامة محمد فركوس الجزائري - حفظه الله تعالى - ، أنقل لكم هذه الفتوى المعلقة على من ادّعى استحباب الصلاة على النبي جهرا عقيب الأذان ، قال السائل :
ذكر سيِّدسابق-رحمه الله- في «فقه السنة» أنه يستحبُّ الصلاة على النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عَقِبَ الأذان بإحدى الصيغ الواردة ثمَّ يَسأل اللهَ له الوسيلةَ، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِذَا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الوَسِيلَةَ فَإنّها مَنْزِلَةٌ في الجنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجوُ أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ اللهَ لِيَ الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي»(١)، لكني سمعت أشرطة الشيخ الألباني -رحمه الله- أنه يقول ببدعية الصلاة على الرسول صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عقب الأذان، ولم أجد تعقيبًا منه عليه، أي: على سيِّد سابق في «تمام المنة»، فاحترت أهو سُنَّة أو بدعة؟ أرجو التوجيه والإنارة.
فأجابه شيخنا - أعزّه الله تعالى - :
يوجد فَرْقٌ بين الصلاة على النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عَقِبَ الأذان كأصلٍ مشروعٍ بنصِّ الحديث المذكورِ في السؤال، وبين جهر المؤذِّن بالصلاة على النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عَقِبَ الأذان، وهو ما يَرفع به المؤذِّنُ صوتَه بعد انتهائه من الأذان بالصلاة على النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، فأمَّا الأوَّلُّ فمشروعٌ ومستحبٌّ لغير المؤذِّن مِمَّنْ يجيب المؤذِّنَ، كما يُشرع للمؤذِّن أن يصلي على النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بخفض صوته من غير أن يرفعه كالأذان، وأمَّا الثاني و هو الجهر بالصلاة على النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عقِب الأذان على وجه يُوهِمُ أنه من الأذان، فهذا الذي أنكره أهل العلم، وهو بدعة إضافية، سواء كان الجهر به عقب الأذان أو قبيل الإقامة، حيث إنه لم يُعلم في الشريعة المحمَّدية الزيادة على الأذان بعد كلمة : «لا إله إلا الله»، ولم يفعلها السلف، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ عَمِلَ عَمِلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٢).
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ
١- أخرجه مسلم كتاب «الصلاة»: (1/180)، رقم: (384)، وأبو داود كتاب «الصلاة»، باب ما يقول إذا سمع المؤذن: (1/256)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.

٢- أخرجه مسلم كتاب «الأقضية»: (2/822)، رقم: (1718)، من حديث عائشة رضي الله عنها، واتفق الشيخان على إخراجه
بلفظ «من أحدث من أمرنا ما ليس منه فهو رد».