الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد فهذه الأبيات قلتها حين جالت بخاطري معاني رمضان، ونفحات الرحمن فيه:
سحرَ العيونَ الناظراتِ جمالُهُ *** أسرَ القلوبَ النابضاتِ جلالُهُ
خشعتْ وخالجها السكونُ وأذعنتْ *** إذ قيلَ شهرُ الصوم لاحَ هلالُهُ
ملكَ المشاعرَ والهوى فكأنَّه *** ملِكٌ مشى وجنودُه وعيالُهُ
وقعتْ مهابتُه لدى أحبابه *** فتسابقوا يَهنيهمُ استقبالُهُ
وأفاض من كرم نداهُ عليهمُ *** شملتهمُ نفحاتُه ونوالُهُ
شُغفت نفوسهم به حباً فرَا *** وَدَهُم عليه نعيمُه وظلالُهُ
فكأنَّ أشهر عامنا الأسباطُ بل *** وكأنَّ يوسفَ حلَّه تمثالُهُ
شهرُ الصيام غذاءُ أرواح الورى *** غيثُ القلوبِ لها يُبَلُّ بلالُهُ
شهر تنَزَّلَ فيه قرآن الهدى *** والبينات فلا تسل: ما حالُهُ
أكرِمْ بجبرائيل فيه مدارساً *** آيَ الكتاب يطيب فيه وصالُهُ
ورسولنا يتلو الكتاب مطهَّراً *** وتجودُ مثلَ المرسلات خصالُهُ
والمؤمنون يفوحُ من أفواههم *** ما ليس للمسك النديِّ مثالُهُ
فهمُ على لهَجٍ بدعوةِ ضارعٍ *** ويسبِّحون اللهَ جلَّ جلالُهُ
يبكون في صلواتهم وكأنما *** ماءُ السحاب يسيل منه زلالُهُ
يعلو على صوت الأذان ترنُّمٌ *** صدحتْ بلابلُهُ وصات بلالُهُ
أما الجنانُ ففتِّحتْ أبوابُها *** لمنِ استوى عملاً وطابَ مقالُهُ
وأُعدَّ للصوَّامِ بابُ كرامةِ الرَّ *** يَّانِ يا فخراً لمن سينالُهُ
شغفي بها تلك الليالِ منيرةً *** شرفٌ لمن هجر الكرى إقبالُهُ
ولليلةٌ في الشهر أكرم ليلةٍ *** هي تاجُه وضياؤه وجمالُهُ
فيها الملائكة الكرام تنَزَّلتْ *** والروحُ حتى الفجرِ دام مآلُهُ
هذا هو الشهرُ الكريم وما بهِ *** من مكرماتٍ قد زكت أفضالُهُ
والصائمون لبالبكا لفراقه *** مثلَ الرضيع دنا عليه فصالُهُ
هذي الرياضُ يطيبُ فيها أهلُها *** يا سعدَ من في الصوم هذا حالُهُ
وفقنا الله لصيام هذا الشهر وقيامه على الوجه الذي يرضيه.. آمين