تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: المعالم الرئيسة لمنهج التغيير الشرعي

  1. #1

    افتراضي المعالم الرئيسة لمنهج التغيير الشرعي

    المعالم الرئيسة لمنهج التغيير الشرعي


    إن عدم الانتباه لسنن الله عز وجل في التغيير مع العوائق الشديدة التي تواجه الدعاة إلى الله عز وجل في طريقهم قد يؤدي ذلك كله ببعض الطيبين ـ وقد أدَّى ـ إلى اليأس والإحباط، حتى ألقى بيديه ينتظر خارقة ينصر الله به دينه، كما أدى ذلك بالبعض الآخر إلى أن يظن الحل يكمن في التنازل للأعداء، والرضا بالحلول الوسط، فدخل في تحالفات؛ ليحقق بذلك بعض المكاسب للدعوة، أو يدفع بعض المفاسد عنها.

    وفي المقابل نشأ فريق آخر يرى المواجهة واستعجال النصر ولكن قبل أوانه, كل ذلك والله أعلم نشأ من الضغوط الشديدة من العوائق الخارجية والداخلية, وإغفال سنن الله عز وجل في التغيير.

    والحل لواقعنا المرير هو المنهج الصحيح في التغيير، والذي يكمن في منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم, وباستقراء معالم هذا المنهج الكريم يتبين أن أهمها ما يلي:

    1 ـ الانطلاق في الدعوة إلى الله عز وجل من أصلين عظيمين أمر الله عز وجل نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن ينطلق بهما، وهذان الأصلان مذكوران في سورة مكية، حيث يقول الله عز وجل: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].

    فقد حددت هذه الآية الكريمة صفات الدعوة الصالحة المقبولة عند الله عز وجل، وأنها هي التي ترتكز على هذين الأصلين العظيمين وهما:

    الأصل الأول: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ}، والمراد من ذلك الدعوة إلى التوحيد بادئ ذي بدء، والموالاة والمعاداة على أساسه، والإخلاص والصدق في الدعوة، وأن المراد منها وجه الله عز وجل، وإخلاص العبادة له وتوحيده، وأنه لا يدعو إلى شيء إلا إلى الله عز وجل، لا إلى شخص، أو حزب، أو راية، أو أي غرض من أغراض الدنيا، والمراد من هذا الأصل سلامة القصد.

    الأصل الثاني: {عَلَى بَصِيرَةٍ}؛ أي أن تكون الدعوة على بصيرة وعلم ودليل واتباع لرسول الله، والمراد من هذا الأصل سلامة الفهم.

    فإذا انطلقت الدعوة إلى الله عز وجل من قصد سليم وفهم سديد؛ فهذه هي الدعوة الموفقة الموافقة لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم.

    إذًا فعلينا أن نعيد النظر في مقاصدنا وفهومنا، إذ إن نصر الله عز وجل لا ينزل إلا على قوم قد صحت مقاصدهم فأخلصوا لله دعوتهم وعبوديتهم، وصحت فهومهم بالسير على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، عقيدة وعبادة وسلوكًا، أما إذا تأخر نصر الله تعالى؛ فهذا دليل على خلل في القصد أو خلل في الفهم, وعندئذ يجب تلافي هذا الخلل والانسجام مع سنن الله عز وجل في التغيير: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].

    2 ـ إيمان بالله عز وجل وبوعده الذي لا يتخلف، وأن نصره تعالى لعباده المؤمنين آتٍ لا محالة، وأن نوقن بذلك كما نرى الشمس في رابعة النهار، وهذا ما كان يربي نبي الله عليه أصحابه وهم في حالة استضعاف وإيذاء، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لخباب بن الأرت عندما جاءه يشكو إليه أذى المشركين ويطلب نصر الله تعالى: (قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين, ويمشط بأمشاط الحديد من دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه, والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله والذئب علي غنمه، ولكنكم تستعجلون) [رواه البخاري، (6943)].

    3 ـ السعي إلى توحيد صفوف أهل السنة، ورأب الصدع، وتأليف القلوب، وتحقيق معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) [متفق عليه، رواه البخاري، (6011)، ومسلم، (6051)].

    وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا, وشبك بين أصابعه) [متفق عليه، رواه البخاري، (481)، ومسلم، (6750)]، فهل هذه المعاني العظيمة متحققة الآن بين الدعاة المؤمنين, أم أن الحاصل هو الفرقة والاختلاف؟! إن الله عز وجل قد حذرنا من التنازع والتفرق، وأخبرنا أن الفشل والهزيمة وتغلب الأعداء ثمرة حتمية للتنازع، فقال عز وجل: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]، فكيف نرجو نصرًا ونحن بهذه الحالة؟!

    إن الواجب على كل مؤمن صادق مخلص أن يسعى جاهدًا للوحدة والائتلاف، ويكره وينبذ الفرقة والاختلاف، وإن لم يستطع جمع الكلمة فلا أقل من أن يكفَّ شره ولا يفرق، فمن استطاع أن يجمع فليفعل، ومن لم يستطع فلا يفرق فهذا منه خير.

    كما يجب على الدعاة المخلصين المتبعين للسنة أن يتعاونوا بينهم، وأن يتركوا التلاوم والنقد فيما يسعه الاختلاف، وأن يقدر كل منهم الآخر، ويذكر له خيره وجهده، وأن يكمل بعضهم بعضًا، لا أن يضاد بعضهم بعضًا، ويُسفِّه بعضهم البعض الآخر، ويحتقر جهده، ويسيء الظن به، فهذا كله من الشيطان الذي لا يفتأ يسعى للتحريش والتفريق بين المؤمنين.

    4 ـ التربية الجادة للنفوس، وإحياء السلوك الإسلامي وأخلاق السلف الفاضلة, والقضاء على الرواسب والأخلاق الرديئة, وهذا يحتاج إلى صبر طويل وجهد كبير.

    5 ـ التركيز على الجانب العبادي وتكثيفه كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يربي عليه أصحابه في مكة من صلاة الليل والذكر وغيره، والتربية على الزهد في الدنيا، وإنشاء همِّ الآخرة، وانتظار موعود الله عز وجل فيها.

    6 ـ توطين النفوس على الصبر على البلاء، والنَفَس الطويل وعدم العجلة في ذلك؛ حتى يتم صقلها وتمحيصها, وأن تُربى على الانطلاق من الشريعة وقواعدها لا من ردود الفعل والعواطف الملتهبة، وهذا يحتاج إلى تربية طويلة, وصبر جميل, ودعوة هادئة مستمرة، يتم فيها إبلاغ الناس بدين الله عز وجل، وتهيئة الأوضاع للتغيير المنشود, كما هو الحال في العهد المكي الذي ظهرت فيه هذه المعاني بوضوح وجلاء.

    7 ـ توسيع نطاق الدعوة إلى الله عز وجل، والبلاغ العام لكافة الطبقات، وإقامة الحجة وتعرية الباطل باللسان والبيان.

    8 ـ إعداد النفوس للجهاد في سبيل الله عز وجل، والذي هو ذروة سنام هذا الدين، وهو ثمرة الفهم الصحيح والقصد الصحيح والصبر الطويل في التربية عليهما، فلابد من الاستعداد والإعداد له، فنحن نوقن تمام اليقين أنه لا يرفع عن المسلمين ما هم فيه من ذلة ومهانة إلا أن تحيا معاني الجهاد في نفوسهم، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلَّط الله عليكم ذلَّا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) [رواه أبو داود (3464)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (11)].

    فحياة المسلمين وعزهم وشرفهم في الجهاد في سبيل الله عز وجل، فوق أنه واجب شرعي لتبليغ دين الله عز وجل، والقضاء على الفساد في الأرض، وتعبيد الناس لربهم سبحانه، قال تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، وقال سبحانه: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251]، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق) [رواه مسلم، (1910)].

    إن المتأمل في أحوالنا اليوم، وطريقة تفكيرنا ومعيشتنا وتعاملاتنا، لَيرى عدم المصداقية الكافية عندنا في إعداد النفس للجهاد وتحديث النفس بالغزو على جميع المستويات إلا من رحم الله تعالى، فمجرد نظرة سريعة إلى اهتماماتنا، وما يشغل قلوبنا نرى أنها ليست اهتمامات مجاهدين, وأسلوب معيشتنا مما يشتمل عليه من الترف والترهل وحب الدعة والراحة والركون إلى الدنيا وكراهية الموت، كل هذا لا يتفق مع حقيقة تحديث النفس بالغزو وإعدادها للجهاد.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    63

    افتراضي رد: المعالم الرئيسة لمنهج التغيير الشرعي

    جزاكم الله خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •