تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الحسن بن سفيان وطلب العلم

  1. #1

    افتراضي الحسن بن سفيان وطلب العلم

    قال ابن عساكر: أخبرنا أبو سعد هبة الله بن القاسم بن عطاء بن عطاء المهراني إجازة فيما أري أنا أبو نعيم المغفلي حدثني الفقيه أبو نصر أحمد بن جعفر الإسفرايني بها نا الفقيه أبو الحسن الصفار قال كنا عند الشيخ الإمام الزاهد الحسن بن سفيان النسفي وقد اجتمع لديه طائفة من أهل الفضل ارتحلوا إليه من أطباق الأرض والبلاد البعيدة مختلفين إلى مجلسه لاقتباس العلم وكتبة الحديث فخرج يوما إلى مجلسه الذي كان يملي فيه الحديث وقال اسمعوا ما أقول لكم قبل أن نشرع في الإملاء قد علمنا أنكم طائفة من أبناء النعم وأهل الفضل هجرتم أوطانكم وفارقتم دياركم وأصحابكم في طلب العلم واستفادة الحديث فلا يخطرن ببالكم أنكم قضيتم بهذا التجشم للعلم حقا وأديتم بما تحملتم من الكلف والمشاق من فروضه فرضا فإني أحدثكم ببعض ما تحملته في طلب العلم من المشقة والجهد وما كشف الله سبحانه وتعالى عني وعن أصحاب ببركة العلم وصفوة العقيدة من الضيق والضنك اعلموا أني كنت في عنفوان شبابي ارتحلت من وطني لطلب العلم واستملاء الحديث فاتفق حصولي بأقصى المغرب وحلولي بمصر في تسعة نفر من أصحابي طلبة للعلم وسامعي الحديث وكنا نختلف إلى شيخ كان أرفع أهل عصره في العلم منزلة وأدراهم للحديث وأعلاهم إسنادا وأصحهم رواية وكان يملي علينا كل يوم مقدارا يسيرا من الحديث حتى طالت المدة وخفت النفقة ودفعتنا الضرورة إلى بيع ما صحبنا من ثوب وخرقة الآن لم يبق لنا ما كنا نرجو حصول قوت يوم منه وطوينا ثلاثة أيام بلياليها جوعا وسوء حال ولم يذق أحد منا فيها شيئا وأصبحنا بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد من جملتنا من الجوع وضعف الأطراف وأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال فلم تسمح أنفسنا بذلك ولم تطب قلوبنا به وأنف كل واحد منا عن ذلك والضرورة تحوج إلى السؤال على كل حال فوقع اختيار الجماعة على كتبة رقاع بأسامي كل واحد منا وإرسالها قرعة فمن ارتفع اسمه عن الرقاع كان هو القائم بالسؤال واستماحة القوت لنفسه ولجميع أصحابه فارتفعت الرقعة التي اشتملت على اسمي فتحيرت ودهشت ولم تسامحني نفسي بالمسألة واحتمال المذلة فعدلت إلى زاوية من المسجد أصلي ركعتين طويلتين قد اقترن الاعتقاد فيهما بالإخلاص أدعو الله سبحانه بأسمائه العظام وكلماته الرفيعة لكشف الضر وسياقة الفرج فلم أفرغ بعد عن إتمام الصلاة حتى دخل المسجد شاب حسن الوجه نظيف الثوب طيب الرائحة يتبعه خادم في يده منديل فقال من منكم الحسن بن سفيان فرفعت رأسي من السجدة فقلت أنا الحسن بن سفيان فما الحاجة فقال إن الأمير بن طولون صاحبي يقرئكم السلام والتحية ويعتذر إليكم في الفضلة عن تفقد أحوالكم والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم وقد بعث بما يكفي نفقة الوقت وهو زائركم غدا بنفسه ويعتذر بلفظه إليكم ووضع بين يدي كل واحد مناصرة فيها مائة دينار فتعجبنا من ذلك وقلنا للشاب ما القصة في هذا فقال أنا أحد خدم الأمير بن طولون المختصين به والمتصلين بإقرائه وخواص أصحابه دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلما في جملة أصحابي فقال لي وللقوم أنا أحب أن أخلو يومي هذا فانصرفوا أنتم إلى منازلكم فانصرفت أنا والقوم فلما عدت إلى منزلي لم ينسق قعودي حتى أتاني رسول الأمير مسرعا مستعجلا يطلبني حثيثا فأجبته مسرعا فوجدته منفردا في بيت واضعا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل جسده فقال لي أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه فقلت لا فقال أقصد المحلة الفلانية والمسجد الفلاني واحمل هذه الصرر وسلمها في الحين إليه وإلي أصحابه فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع بحالة صعبة ومهد عذري لديهم وعرفهم أني صبيحة الغد زائرهم ومعتذر شفاها إليهم فقال الشاب سألته عن السبب الذي دعاه إلى هذا فقال دخلت هذا البيت منفردا علي أن أستريح ساعة فلما هدأت عيني رأيت في المنام فارسا في الهواء متمكنا تمكن من يمشي على بساط الأرض وبيده رمح فقضيت العجب من ذلك وكنت أنظر إليه متعجبا حتى نزل إلى باب هذا البيت ووضع سافلة رمحه على خاصرتي فقال قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه قم وأدركهم قم وأدركهم قم وأدركهم فإنهم منذ ثلاثة جياع في المسجد الفلاني فقلت له من أنت فقال أنا رضوان صاحب الجنة ومنذ أصاب سافلة رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد لا حراك بي له فعجل إيصال هذا المال ليزول هذا الوجع عني فقال الحسن فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله سبحانه وتعالى وأصلحنا أمورنا ولم تطب أنفسنا بالمقام حتى لا يزورنا الأمير ولا يطلع الناس على أسرارنا فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط جاه ويتصل ذلك بنوع من الرياء والسمعة وخرجنا تلك الليلة من مصر وأصبح كل واحد منا واحد عصره وفريد دهره في العلم والفضل فلما أصبح الأمير ابن طولون أتى المسجد لزيارتنا وطلبنا وأحس بخروجنا أمر بابتياع تلك المحلة بأسرها ووقفها على ذلك المسجد وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل الفضل وطلبة العلم نفقة لهم حتى لا تختل أمورهم ولا يصيبهم من الخلل ما أصابنا و ذلك كله بقوة الدين وصفوة الاعتقاد والله سبحانه ولي التوفيق
    _________
    تاريخ دمشق 13/103 والخبر بطوله نقله ابن العديم 5 / 2370 - 2372 وباختصار في سير الأعلام 14 / 161 - 162 وفيه : الأمير طولون
    تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ ... عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي رد: الحسن بن سفيان وطلب العلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حاتم بن عاشور مشاهدة المشاركة
    قال ابن عساكر: أخبرنا أبو سعد هبة الله بن القاسم بن عطاء بن عطاء المهراني إجازة فيما أري أنا أبو نعيم المغفلي حدثني الفقيه أبو نصر أحمد بن جعفر الإسفرايني بها نا الفقيه أبو الحسن الصفار قال كنا عند الشيخ الإمام الزاهد الحسن بن سفيان النسفي وقد اجتمع لديه طائفة من أهل الفضل ارتحلوا إليه من أطباق الأرض والبلاد البعيدة مختلفين إلى مجلسه لاقتباس العلم وكتبة الحديث فخرج يوما إلى مجلسه الذي كان يملي فيه الحديث وقال اسمعوا ما أقول لكم قبل أن نشرع في الإملاء قد علمنا أنكم طائفة من أبناء النعم وأهل الفضل هجرتم أوطانكم وفارقتم دياركم وأصحابكم في طلب العلم واستفادة الحديث فلا يخطرن ببالكم أنكم قضيتم بهذا التجشم للعلم حقا وأديتم بما تحملتم من الكلف والمشاق من فروضه فرضا فإني أحدثكم ببعض ما تحملته في طلب العلم من المشقة والجهد وما كشف الله سبحانه وتعالى عني وعن أصحاب ببركة العلم وصفوة العقيدة من الضيق والضنك اعلموا أني كنت في عنفوان شبابي ارتحلت من وطني لطلب العلم واستملاء الحديث فاتفق حصولي بأقصى المغرب وحلولي بمصر في تسعة نفر من أصحابي طلبة للعلم وسامعي الحديث وكنا نختلف إلى شيخ كان أرفع أهل عصره في العلم منزلة وأدراهم للحديث وأعلاهم إسنادا وأصحهم رواية وكان يملي علينا كل يوم مقدارا يسيرا من الحديث حتى طالت المدة وخفت النفقة ودفعتنا الضرورة إلى بيع ما صحبنا من ثوب وخرقة الآن لم يبق لنا ما كنا نرجو حصول قوت يوم منه وطوينا ثلاثة أيام بلياليها جوعا وسوء حال ولم يذق أحد منا فيها شيئا وأصبحنا بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد من جملتنا من الجوع وضعف الأطراف وأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال فلم تسمح أنفسنا بذلك ولم تطب قلوبنا به وأنف كل واحد منا عن ذلك والضرورة تحوج إلى السؤال على كل حال فوقع اختيار الجماعة على كتبة رقاع بأسامي كل واحد منا وإرسالها قرعة فمن ارتفع اسمه عن الرقاع كان هو القائم بالسؤال واستماحة القوت لنفسه ولجميع أصحابه فارتفعت الرقعة التي اشتملت على اسمي فتحيرت ودهشت ولم تسامحني نفسي بالمسألة واحتمال المذلة فعدلت إلى زاوية من المسجد أصلي ركعتين طويلتين قد اقترن الاعتقاد فيهما بالإخلاص أدعو الله سبحانه بأسمائه العظام وكلماته الرفيعة لكشف الضر وسياقة الفرج فلم أفرغ بعد عن إتمام الصلاة حتى دخل المسجد شاب حسن الوجه نظيف الثوب طيب الرائحة يتبعه خادم في يده منديل فقال من منكم الحسن بن سفيان فرفعت رأسي من السجدة فقلت أنا الحسن بن سفيان فما الحاجة فقال إن الأمير بن طولون صاحبي يقرئكم السلام والتحية ويعتذر إليكم في الفضلة عن تفقد أحوالكم والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم وقد بعث بما يكفي نفقة الوقت وهو زائركم غدا بنفسه ويعتذر بلفظه إليكم ووضع بين يدي كل واحد مناصرة فيها مائة دينار فتعجبنا من ذلك وقلنا للشاب ما القصة في هذا فقال أنا أحد خدم الأمير بن طولون المختصين به والمتصلين بإقرائه وخواص أصحابه دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلما في جملة أصحابي فقال لي وللقوم أنا أحب أن أخلو يومي هذا فانصرفوا أنتم إلى منازلكم فانصرفت أنا والقوم فلما عدت إلى منزلي لم ينسق قعودي حتى أتاني رسول الأمير مسرعا مستعجلا يطلبني حثيثا فأجبته مسرعا فوجدته منفردا في بيت واضعا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل جسده فقال لي أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه فقلت لا فقال أقصد المحلة الفلانية والمسجد الفلاني واحمل هذه الصرر وسلمها في الحين إليه وإلي أصحابه فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع بحالة صعبة ومهد عذري لديهم وعرفهم أني صبيحة الغد زائرهم ومعتذر شفاها إليهم فقال الشاب سألته عن السبب الذي دعاه إلى هذا فقال دخلت هذا البيت منفردا علي أن أستريح ساعة فلما هدأت عيني رأيت في المنام فارسا في الهواء متمكنا تمكن من يمشي على بساط الأرض وبيده رمح فقضيت العجب من ذلك وكنت أنظر إليه متعجبا حتى نزل إلى باب هذا البيت ووضع سافلة رمحه على خاصرتي فقال قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه قم وأدركهم قم وأدركهم قم وأدركهم فإنهم منذ ثلاثة جياع في المسجد الفلاني فقلت له من أنت فقال أنا رضوان صاحب الجنة ومنذ أصاب سافلة رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد لا حراك بي له فعجل إيصال هذا المال ليزول هذا الوجع عني فقال الحسن فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله سبحانه وتعالى وأصلحنا أمورنا ولم تطب أنفسنا بالمقام حتى لا يزورنا الأمير ولا يطلع الناس على أسرارنا فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط جاه ويتصل ذلك بنوع من الرياء والسمعة وخرجنا تلك الليلة من مصر وأصبح كل واحد منا واحد عصره وفريد دهره في العلم والفضل فلما أصبح الأمير ابن طولون أتى المسجد لزيارتنا وطلبنا وأحس بخروجنا أمر بابتياع تلك المحلة بأسرها ووقفها على ذلك المسجد وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل الفضل وطلبة العلم نفقة لهم حتى لا تختل أمورهم ولا يصيبهم من الخلل ما أصابنا و ذلك كله بقوة الدين وصفوة الاعتقاد والله سبحانه ولي التوفيق
    _________
    تاريخ دمشق 13/103 والخبر بطوله نقله ابن العديم 5 / 2370 - 2372 وباختصار في سير الأعلام 14 / 161 - 162 وفيه : الأمير طولون
    بارك الله فيك أخي الكريم على هذه الفوائد، ورحمة الله على هذا الإمام.
    نسبة الحسن بن سفيان إلى نسا والنسبة إليها نسوي أو نسائي. ولعل الخطأ من الكتاب الذي نقلت عنه، أو هو سبق بنان منك.
    والله أعلم.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: الحسن بن سفيان وطلب العلم

    جزاك الله خيراً يا شيخ أبا حاتم
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •