المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عُبيد السعيد
بارك الله فيك أخي أبا بكر
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال لكي تتضح الصورة أكثر .. وهو :
ألا يمكن قبول أساليب وتراكيب جديدة ذات معنى لغوي صحيح في العربية
من باب تطوّر اللغة واتّساعها .. وإذا كان هذا غير ممكن فما هي أسباب المنع أو الترك ؟
.
وفيك بارك الله أخي الفاضل،
الأساليب والتراكيب الجديدة ليست وليدة اليوم، بل هي قديمة ومنها مثلاً تعبير الفقهاء: "من حيث كونُه كذا" فإنه لم يكن مستعملاً لدى القدماء. وكذلك القصة المشهورة التي يرويها ابن خلدون في مقدمته وحاصلها أن أبا العباس بن شعيب-وكان بصيرًا بالعربية- أُلقي عليه بيت شعر لابن النحوي ولم ينسب له
لم أدر حين وقفت بالأطلال ***** ما الفرق بين جديدها والبالي
فقال على البديهة: هذا شعر فقيه! فسئل كيف عرف ذلك؟ فقال من قوله : ما الفرق، إذ هي من عبارات الفقهاء وليست من أساليب كلام العرب.
ثم انظر- أخي الكريم- إلى هذه العبارة اليوم فإننا لا نجد بدًّا من استعمالها.
وأما العبارات المستوردة من لغات الأعاجم أو من العامية، فالكلام فيها يطول وهي محل اختلاف بين المجوزين والمانعين.
فالمحافظون الذين يتنقون أفصح الكلمات للغتنا يمنعون هذه الاستعارات سواء في التراكيب أو في المفردات، والتعميميون لا يتحرجون من التقاط ذلك ويسمونه تفتحاً وتحرراً. ومن يقرأ الروايات العربية والصحف يذهله هذا الكم الهائل من الاستعارات. والمشكلة أنها أحياناً لا تستعمل في اللغة الأصلية كما فهمها الناقل.
وعلى سبيل المثال ما كتبه نجيب محفوظ في روايته "الشيطان يعظ"
قال: "وهو يغادر الدار، شعر بالندم بل بالغضب. ربما ضرب مثلاً للحماقة والسخرية. الفتى الذي طمح إلى السيادة عمِل خاطبة أو قواداً ذاقرنين"
فقوله "ذا قرنين" مستعار من الفرنسية، إلا أنه استعمل في غير محله، فإنه يطلق على الرجل الذي خانته زوجته الزانية وليس على الذي ينسق بين الرجال والنساء كما في هذا النص.
والله أعلم.