تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: إمتاع ذوي القرب بفهم حديث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب

  1. #1

    افتراضي إمتاع ذوي القرب بفهم حديث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب


    إمتــــاع ذوي القُرُب
    بِفَهْمِ حَديثِ
    (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)

    لفضيلة الشيخ
    عبد الله بن عبد الرحيم البخاري



    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصَّلاة والسلام على نبينا محمَّدٍ وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
    فهذا هو المكتوب الثالث في سلسلة الذَّب عن سنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم، و هو يتعلَّق بردِّ شبهةٍ تُثار عَلَى فَهْمِ بَعْضِ أَحَاديث رَسُولِ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.
    والَّذي دفعني إِلَى الكتَابَةِ فِي هَذا الْمَوضُوعِ، مَا رأيتهُ مِنْ تَشْغيبٍ لِبَعْضِ النَّاسِ حَولَ هَذهِ الأحَاديث؛ ولهم في ذلك مآربُ مُخْتَلفة؛ فَمِنْهُم الْمُضَلِّلُ الدَّاعي إلى ضَلاَلِهِ لِيَسْتَحِلَّ بِذَلِكَ السَّيْف! وَمِنْهُم مَنْ هُو بُوقٌ لأُولِئَكَ، وَمِنْهُم مَن اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْحَقّ بِالبَاطِلِ فَصَار يُرَدِّدُ البَاطلَ مِنْ غَير تَمْييزٍ وَ لاَ فُرْقَان! وَ مِنْ أهْلِ الْحَقِّ مَنْ ضَعُفَ أمَامَ هَذا التَّشْغيبَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ جَوابَاً؛ إمَّا لِقِلَّة حِيْلَتِهِ أَوْ لِضَعْفِ تَحْصيلهِ أو لِغْفَلةٍ أصابتهُ أو نحو ذلك.
    وَالمتأملُ في السَّاحةِ اليومَ يَجدُ أنَّ مِنْ أَشَدِّ الفِتَنِ فِي هَذا العَصْرِ فِتْنَة الْخَوارج المارقين؛ فَقَد ذَرَّ قَرنهم وَكَثُرتْ أَبْواقُهم وَ ازْدَادَ شَرُّهم؛ فَبَثُّوا شُبَههم عَلَى النَّاسِ، وَ لبَّسوا عَلَيْهم دِيْنَهم، فقَلَبُوا الحقَّ بَاطلاً، والبَاطِل حَقَّاً، وتَمَسَّكُوا بِالْمُتَشابه وَ تَركُوا الْمُحْكَمَ؛ فَضَلُّوا و أَضَلُّوا !! ثُمَّ الويل والثُّبور لِمَنْ خَالفَ؛ فَالسَّيف مَوعِدُهُ!!.
    وَ لئنْ كَان الأمر كَذلك، فَلا تعجبْ لِلضَّعف الَّذي تراهُ يَسري في جَسدِ الأمة، والَّذي تسَبَّب - عكساً- في تَقْويةِ أَهْلِ البِدَعِ وَمِنْهُمُ الْخَوارج؛ فَإنَّ لِذَلِكَ عدَّة أَسْباب، مِنْ أَهَمِّهَا:
    قلَّة العلم السُّنِّي السَّلفي وظهور الجهل؛ فإنَّ قلَّة العلم وذهاب حملته نذير شرٍّ على الأمة، فقد أخرج البخاري في (صحيحه)(كتاب العلم/ باب رفع العلم وظهور الجهل)(1/رقم 80/187-فتح) ومسلم في (صحيحه)(كتاب العلم/ باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان)(4/رقم 2671(8)/2056) كلاهما من طريق عبدالوارث ثنا أبو التياح عن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من أشراط السَّاعة أن يُرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا).
    و أخرج الشيخان أيضاً في صحيحهما من حديث شعبة عن قتادة عن أنسٍ قال: لأحدثنكم حديثاً لا يحدثكم أحدٌ بعدي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنَّ مِنْ أشراطِ السَّاعةِ أنْ يَقلَّ العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقل الرجال حتى يكون لخمسين امرأةً القيم الواحدُ). هذا لفظ البخاري (1/رقم 81/187-فتح (وهو عند مسلم (4/ رقم 2671(9)/ 2056) وفيه (أن يرفع العلم) بدل (أن يقل).
    والشَّاهدُ مِنْ حديث أنس قوله صلى الله عليه وآله وسلم (إنَّ مِنْ أشراط السَّاعة: أنْ يُرْفَع العِلم و يظهر الجهل) فذكر أنَّ ذَلِكَ مِنْ أوائلِ عَلاماتها!! فيرفع العلم ويظهر نقيضه وهو الجهلُ، وقد بيَّن صلَّى الله عليه و آله وسلَّم كيفية رفع العلم في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه المتَّفق عليه حيث قالَ: ( إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يَقْبِضُ العِلَمَ بِقَبضِ العُلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ النَّاس رُؤساً جُهَّالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا) لفظ البخاري.
    قال العلاَّمة القرطبي في (المفهم)(6/705):" فهذا نصٌّ في أنَّ رفع العلم لا يكون بمحوه من الصَّدور بل بموت العلماء وبقاء الجهَّال الذين يتعاطون مناصب العلماء في الفتيا والتعليم، يفتون بالجهل، ويُعلِّمونه، فينتشر الجهل ويظهر".
    وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح)(1/179) شارحاً قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أنس (أن يرفع العلم) قال:" المراد برفعه موت حملته".
    ومِنَ المسَلَّم به أنَّه إذا رُفع العلمُ رُفعَ العمل به! إذْ كَيْفَ تَعْمَلُ النَّاس بالعِلْمِ الصَّحيح وقد رُفِعَ أهْلُه، وظَهَر الجهل وأهله؟! لذا قَال العلاَّمة القرطبي:" فإنَّه إذا ذهبَ العلمُ بموت العلماء، خلفهم الجهَّال، فأفتوا بالجهل، فعُملَ به، فذهب العلمُ والعمل".
    وقد أخرج الدارمي في (سننه) (رقم 247/95) بسند صحيح عن هلال بن خباب قال: سألت سعيد بن جبير، قلت: ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا هلك علماؤهم.
    و لا تعارض بين روايتي حديث أنس (أن يرفع) و( أن يقل)، فإنَّ أهل العلم قد وفَّقوا بينهما، قال الحافظ ابن حجر في (الفتح)(1/179):" فيحتمل أن يكون المراد بقلتهِ أولُّ العلامة، وبرفعه آخرها، أو أُطلقت القلَّة و أُريد بها العدم، كما يطلق العدم ويراد به القلَّة، وهذا أليق لاتحاد المخرج".
    ومن النُّكات العلمية المهمَّة الَّتي لفتَ إليها الحافظ ابن حجر - رحمه الله- في حديث أنسٍ من رواية شعبة عن قتادة، قوله:" وكأنَّ هذه الأمور الخمسة خُصَّت بالذِّكر لكونها مشعرةٌ باختلال الأمور التي يحصل بحفظها صلاح المعاش والمعاد، وهي الدينُ؛ لأنَّ رفع العلم يخلُّ به، والعقل؛ لأنَّ شرب الخمر يخلُّ به، والنسب؛ لأنَّ الزنا يخلُّ به، والنفس والمال؛ لأنَّ كثرة الفتن تخلُّ بهما".
    قال العلاَّمة الشاطبي- رحمه الله- في (الاعتصام)(2/11-12) مبيِّناً طرق الراسخين في العلم حتى نسلكها، ومحذِّراً من طرق أهل الزيغ كي نتجنبها، و ذكر أدلة في المقام منها حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-: (خطَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً خطاً..) الحديث، ثم قال:" ففي الحديث أنها خطوط متعددة غير محصورة بعددٍ، فلم يكن لنا سبيل حصر عددها من جهة النقل، و لا لنا أيضاً سبيل إلى حصرها من جهة العقل أو الاستقراء. أما العقل؛ فإنه لا يقضى بعدد دون آخر؛ لأنَّه غير راجع إلى أمر محصور، ألا ترى أن الزيغ راجعٌ إلى الجهالات! ووجوه الجهل لا تنحصرُ... وأما الاستقراء؛ فغير نافع أيضاً في هذا المطلب؛ لأنَّا لما نظرنا في طرق البدع من حين نبغت وجدناها تزداد على الأيام، و لا يأتي زمانٌ إلا وغريبةٌ من غرائب الاستنباط تحدث، إلى زماننا هذا، وإذا كان كذلك، فيمكن أن يحدث بعد زماننا استدلالاتٌ أُخر لا عهد لنا بها فيما تقدَّم، لا سيما عند كثرة الجهل، وقلَّة العلم، وبُعد النَّاظرين فيه عن درجة الاجتهاد".
    فها أنت ترى أنَّه - رحمه الله- أرجعَ الأمر في كَثْرة البدعِ إِلَى قِلَّةِ العِلْمِ وَكَثْرة الجهل، وصدَقَ رَحمه الله، فما زلنا نرى استدلالات لا عهد لهم ولا لأهل العلم قبلهم بها! كما هو حال الخوارج ومَن لفَّ لفهم من أفراخهم وإن تسموا بأسماء برَّاقة خدَّاعة، فالحقيقة واحدة!
    و من جميل ما نقله العلاَّمة الشاطبي - رحمه الله- عن بعض أهل العلم قوله عقب ذِكْرِهِ حَديثَ عبدالله بن عمرو المتِّقدمِ ذِكْرُهُ في (رفعِ العِلم) قال:" قال بعض العلماء: تدبَّروا هذا الحديث؛ فإنَّه يدلُّ على أنَّه لا يؤتى الناس قطُّ من قبل علمائهم، وإنما يؤتون من قبل أنَّه إذا مات علماؤهم أفتى مَن ليس بعالمٍ، فيؤتى الناس من قبله، وقد صُرِّف هذا المعنى تصريفاً، فقيل: ما خان أمينٌ قطُّ، ولكنه ائتمن غير أمين فخان، فقال: ونحنُ نقولُ: ما ابتدعَ عالِمٌ قطُّ، ولكنَّه استُفتي مَنْ ليس بعالمٍ، فضلَّ وأضلَّ" (الاعتصام)(3/129-ط مشهور).
    ومما تقدم يبتين أنَّه بتحصيل العلم السُّني الصَّافي ونشره بين الناس والصَّدع به، تنحسرُ- بإذن البدع- وتنكسر شوكة أهلها؛ فما علا سيفُ السُّنَّة والعلم رؤوس أهل البدع إلا و قطعها!! والتأريخ خير شاهدٍ، فانظر إن شئت إلى مناظرة ابن عباس - رضي الله عنهما- للخوارج الحرورية حيث أتاهم في معسكرهم وناظرهم وحده!! وليس معه إلا سيف العلم، وتوفيق الله سابق له، فعلا تلك الرؤوس وقطع شبهها ودحض باطلها حتى رجع من القوم نحواً من الثلث).(المستدرك) (2/150) وهي صحيحة.
    يتبع ..

  2. #2

    افتراضي رد: إمتاع ذوي القرب بفهم حديث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب


    وهذا الإمام أحمد بن حنبل قد سجن وجلد وعذب على أن يقول مقولة الكفر فأبى رضي الله عنه، وجابه ذلك كله بسيف العلم والسُّنَّة، فأنحسر الباطل وأهله بمنَّة الله وكرمه، ثم بثباته رضي الله عنه على الحقِّ.

    وهكذا الحال فيمن نظر إلى أحوال المصلحين المجدِّدين لهذه الأمة أمر دينها حتى في هذه الأزمان المتأخرة، فقد جمعوا بين سلاح التوكل على الله و الاستعانة به، وسلاح العلم الصَّحيح، فأظهرهم الله وخلَّد ذكرهم ونصر بهم دينه.

    ولعل في هذا القدر كفاية في بيانٍ سبب من أعظم أسباب ظهور البدع، وإن كانت هناك أسبابٌ أخرى لعلي أتعرض لها في مقام آخر.

    وعودٌ على بدء؛ فأقول: إنَّ من الأحاديث التي شغَّبَ بَها أهل الأهواء وفسَّروها على أهوائهم، الأحاديث الآمرة بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فجاءوا بما يدلُّ على انحراف فهمهم و جهلهم الفاضح! حيث عدُّوا ذلك من المكفِّرات التي يُبررون بها أعمالهم الإجرامية في هتك الحقوق والممتلكات والاعتداء على المعصومين! بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك ففهموا من (الأمر بإخراجهم) أَسْرهم بَل وَقتلهم!!

    و لازلت أذكر ظهور أحد رؤوس الفتنة وقد خرج في شريط كمبيوتر مُسجل أراني إياه بعض طلبتي، وهو يَصْرُخُ وَ يُهدِّدُ بأنه سَيُحَاربُ المنافقين! وسَيُطَبِّقُ - زَعَم- وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في إخراج المشركين من جزيرة العرب!! و قد جعل خلفه لوحة كبيرة كُتب عليها حديث (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)!!.

    وعلى أية حالٍ فإنني رغبت في كشف الأمر وتجليته ذبَّاً عن سنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودفاعاً عَنْ هَذا العِلْم الشَّريف مِنْ تَلويثِ هَؤلاء الجهلاء الدُّخلاء!.
    و الطريقة التي اتبعتها في هذه الكتابة المختصرة هي:

    أ/ أذكر بعض الأحاديث الواردة في الباب، وهي تكفي في الدلالة على المراد.

    ب/ أُتبع ذلك بنقولات عن بعض أهل العلم في هذا المقام، تظهر جلياً الحقَّ للمنصف الراغب في معرفته، وسمتيه ( إمتاع ذوي القُرُب بِفَهْمِ حَديثِ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)، وما توفيقي إلا بالله.
    يتبع ..

  3. #3

    افتراضي رد: إمتاع ذوي القرب بفهم حديث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب



    إنَّ من الأحاديث التي شغَّبَ بَها أهل الأهواء وفسَّروها على أهوائهم، الأحاديث الآمرة بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فجاءوا بما يدلُّ على انحراف فهمهم و جهلهم الفاضح! حيث عدُّوا ذلك من المكفِّرات التي يُبررون بها أعمالهم الإجرامية في هتك الحقوق والممتلكات والاعتداء على المعصومين! بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك ففهموا من (الأمر بإخراجهم)

    أَسْرهم بَل وَقتلهم
    !!
    و لازلت أذكر ظهور أحد رؤوس الفتنة وقد خرج في شريط كمبيوتر مُسجل أراني إياه بعض طلبتي، وهو يَصْرُخُ وَ يُهدِّدُ بأنه سَيُحَاربُ المنافقين! وسَيُطَبِّقُ - زَعَم- وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في إخراج المشركين من جزيرة العرب!! و قد جعل خلفه لوحة كبيرة كُتب عليها حديث (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)!!.

    وعلى أية حالٍ فإنني رغبت في كشف الأمر وتجليته ذبَّاً عن
    سنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودفاعاً عَنْ هَذا العِلْم الشَّريف مِنْ تَلويثِ هَؤلاء الجهلاء الدُّخلاء!.
    و الطريقة التي اتبعتها في هذه الكتابة المختصرة هي:
    أ/أذكر بعض الأحاديث الواردة في الباب، وهي تكفي في الدلالة على المراد.
    ب/أُتبع ذلك بنقولات عن بعض أهل العلم في هذا المقام، تظهر جلياً الحقَّ للمنصف الراغب في معرفته، وسمتيه ( إمتاع ذوي القُرُب بِفَهْمِ حَديثِ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)، وما توفيقي إلا بالله.

    فأقول مستعيناً بالله:
    الحديث الأول:عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله
    صلى الله عليه وسلم أوصاهم قبل موته بثلاثٍ، قال: ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم) وسكت عن الثالثة، أو قال نسيتها.

    أخرجه البخاري في (كتاب الجهاد/ باب جوائز الوفد و باب

    هو يستشفع إلى أهل الذمة؟ ومعاملتهم) و (كتاب الجزية والموادعة/ باب إخراج اليهود من جزيرة العرب) و (كتاب المغازي/ باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته) (6/ رقم 3053/170-فتح) و(6/ رقم 3168/270-فتح) و(8/ رقم 4431/132-فتح) ومسلم في (كتاب الوصية/ باب ترك الوصية لمن ليس لَه شيءٌ يوصي فيه) (3/رقم 20(1637)/1257) و أبو داود في (كتاب الخراج والإمارة والفيء) (3/رقم 423/3029) كلهم من طريق سليمان الأحول عن سعيد بن جبير به.

    جاء عند أبي داود عقبه:" قال سليمان: لا أدري أذكر سعيد الثالثة فنسيتها أو سكت عنها".

    فائدة : قال العلاَّمة الإمام الألباني - رحمه الله- عقب حديث ابن عباس :" فيه دلالة على جواز إطلاق لفظة (المشرك) على أهل الكتاب؛ فإنهم هم المعنيون بهذا الحديث، كما يدل عليه الحديث السابق، ومثله الحديث الآتي" (الصحيحة) (رقم 1133).

    الحديث الثاني:عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (لأخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً).

    أخرجه مسلم (كتاب الجهاد والسير/ باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب)(3/ رقم 63(1767)/ 1388). و أبو داود في (كتاب الخراج و الإمارة والفيء) (3/رقم 3030/424) و الترمذي في (الجامع) (كتاب السير/ باب إخراج العرب اليهود من جزيرة العرب)(4/رقم 1607/156) من طرقٍ عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله يقول: أخبر عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول..فذكره.

    الحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي:" حسنٌ صحيحٌ".
    و أخرجه أبو داود في (الكتاب والباب السابقين) (3/رقم 3031/425) والترمذي كذلك (4/رقم 1606/156) والنسائي في (الكبرى) (كتاب السير/ إجلاء أهل الكتاب) (8/ رقم 8633/58) من طريق سفيان- وهو الثوري- عن أبي الزبير عن جابر به.

    ولم يذكر أبو داود لفظه وإنما قال:" بمعناهُ، والأول أتم

    ".


    وأما لفظ الترمذي ففيه:" لئن عشتُ إن شاء الله لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب"، وأمَّا لفظ النسائي فهو بمثل لفظ ابن جريج الأول، وفيه لفظة (حتى لا يبقى) بدل (حتى لا أدع) والمعنى واحدٌ.

    الحديث الثالث:عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ يهود بني النضير و قريظة حاربوا رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؛ فأجلى رسول الله بني النضير، وأقرَّ بني قريظة ومنَّ عليهم، حتى حاربت قريظة بعد ذلك، فقتل رجالهم وقسم نساءهم و أولادهم و أموالهم بين المسلمين، إلا أنَّ بعضهم لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فآمنهم و أسلموا، وأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود المدينة كلهم؛ بني قينقاع - وهم قوم عبدالله بن سلام-، ويهود بني حارثة، وكل يهوديٍّ كان بالمدينة.
    (
    أخرجه مسلم في (كتاب الجهاد والسير/ باب إجلاء اليهود من الحجاز)(3/ رقم 62(1766)/ 1387).

    الحديث الرابع:عن أبي عبيدة بن الجرَّاح رضي الله عنه قال: آخرُ ما تكلَّم به النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ( أخرجوا يهودَ أهل الحجاز، و أهل نجران من جزيرة العرب، و اعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).

    أخرجه الإمام أحمد في (المسند)(3/ رقم 1691/221) والبخاري في (التاريخ الكبير)(4/57) و الدارمي في (السنن)(2/233) و أبو يعلى الموصلي في (المسند)(2/رقم 872/177) والبيهقي في (الكبرى)(9/208) من طرقٍ عن يحيى بن سعيد عن إبراهيم ابن ميمون ثنا سعد بن سمرة بن جندب عن أبيه به.
    وإسناده صحيحٌ، وصححه الإمام ابن عبدالبر في (التمهيد)(1/169) و العلامة الألباني في (الصحيحة) رقم (1132).

    التعليق:دلَّت هَذهِ الأَحَادِيْثُ - وما جَاءَ فِي مَعْنَاها- فِي ظَاهِرِهَا على وجُوب إِخْراجِ اليَهُودِ وَ النَّصَارى أو المشْرِكِيْنَ مِنْ جَزِيْرَةِ العَرَبِ؛ لَكَنْ تَبْقَى عِدَّة أُمُورٍ لاَ بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا كَيْ يَنْجَلي مَعْنَى هَذهِ الأَحَاديث، مِنْ ذَلك:

    مَا الْمُرادُ بِجَزيْرَةِ العَرَبِ؟ هَلْ هِيَ كُلُّ مَا يُطْلَقُ عَليهِ مُسَمَّى جَزِيرة العَربِ؟ أَمْ هُو عَامٌ مَخْصُوصٌ؟.

    هَلْ سَلِمَتْ هَذهِ الأَحَادِيْث مِنْ مُعَارضٍ لَهَا مِنْ أَحَادِيْثِ رَسُولِ الله صَلَّىَ الله عَليْهِ وَسَلَّمَ؟.

    هَل الإِذْنُ بِدُخُولِهم هُو لِكُلِّ أَحَدٍ أَمْ هُو مُخْتَصٌّ بِالإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ؟ وَ عَلَيْهِ فَهل يُخْرِجُهم كل أحدٍ أَمْ هو للوالي؟.

    هَل هُناكَ مَعْنَىً آخَر لِلإخْرَاجِ سِوَى الإِبْعَادِ وعدمِ الاسْتِيْطَان!؟ أَيْ هَلْ مِنْ مَعَانِي الإِخْرَاجِ الْمُرَادِ فِي هذهِ الأَحَاديث هُو قَتْلهم وَ ذَبْحهم؟
    !
    لِمَاذَا أَجْلَى عُمُر رَضِي الله عنْهُ يَهُودَ خَيْبَر؟

    وَ هَل الْمَنْع الوَاردِ فِي الأَحَادِيْثِ يَشْمَلُ مُرُورَهُم عَلَيْهَا أَيْضَاً أَمْ لاَ يَشْمَلُهُ؟.

    هَلْ يَدْخُل فِي الْمَنْعِ البَحْر أيضَاً أَمْ هَذَا خَاصٌّ بِالبرِّ؟.

    مَا العَمَلُ فِيْمَا إِذَا كَانُوا تُجَّارَاً يَمُرُّونَ بِتِجَارَاتِهم عَلَى الْحِجَازِ؟.


    كُلُّ هذا وغيره مما قد يرد حول هذه الأحاديث تجدُ إجابته فيما أنقله لك عن بعض أهل العلم، في هذا المقام ..

    يتبع ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •