تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 57

الموضوع: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    انهيار شرفات الاستشراق .. وسُوْسَةُ طرابيشي
    طارق منينة
    قراءات
    تاريخ النشر 22/10/2009 -



    يبدو أن الرجل استجاب أخيرا لوسوسة ناقده وهو"جورج طرابيشي" الذي أبكاه نقده -كما أخبرني من أثق به- وكان طرابيشي قد كرّس (نحوا من خمسة عشر عاماً) من عمره العلماني في كشف التناقضات داخل مشروعه، وقد برر طرابيشي طول مدة النقد بقوله إن تفكيك الألغام، لا سيما إذا كانت معرفية يقتضي مجهودا وأناة وصبرا (انظر مقدمة كتابه "العقل المستقيل في الإسلام")؛ فهو بالنسبة لطرابيشي قد وقع في مأزقين: المأزق الأول انه "تبنى لحسابه خطيئة عصر النهضة بإعلانه عن عدم أزوف ساعة الثورة اللاهوتية، وبالتالي عن ضرورة إرجائها إلى أَجَل غير مسمى" المأزق الثاني "بتغييبه بالتالي للواقعة القرآنية ... قد استبعد من حقل الوعي اللاهوتي الضرورة النهضوية لإعادة بناء المعقولية القرآنية، والحاجة التنويرية إلى تحرير "الرسالة" من عبء التاريخ" (إشكاليات العقل العربي ص69-70). ويبدو لي أن هذه الكلمات هي المحرّض الذي دفع الجابري لكتابة كتابه "المدخل إلى القرآن" وأقسامه الثلاثة وبذلك يكون قد استعجل افتتاح "المرحلة المؤجلة" من النقد اللاهوتي تحت ضغط ووسوسة ناقده "جورج"!، وهذا يذكرني باستجابة الوليد ابن المغيرة السريعة لتحريض "أبو جهل".
    ذكرتُ فيما مضى اتهام الرجل لصحابة رسول الله، بل اتهامه لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، بأنهم تأثروا بمعهود اليونان الأسطوري عن "القلم"! أما هنا –في مثالنا التالي- فنجده يتقدم خطوة أشد تهورا تُخفي حقائق التاريخ والوحي معا كما تُظهر لنا حقيقة "الجهل المطبق" الذي اخبرنا عنه ناقده والذي سنظهره هنا في مسائل ما بعد "التحريض الطرابيشي" لنقد القرآن، ومنها دعوى مُطَابَقَة المفهوم القرآني للموروث العلمي اليوناني الخاطئ.
    ففي تعليقه على قول الله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) وهي الآية (17)، التي وردت بعد العرض التفصيلي الدقيق لمراحل نمو الجنين في الرحم (12-14) وهي من سورة "المؤمنون"، قال: "ومفهوم السموات السبع يطابق معهود العرب في ذلك الوقت الذي يرجع إلى الموروث "العلمي" القديم الذي كان يتمثل في النظام الفلكي الذي شيده بطليموس (عالم يوناني عاش في الإسكندرية في القرن الثاني للميلاد) وقوامه كواكب سبعة سيارة والأرض في مركزها وهذه السبعة السيارة هي: زحل، والمشتري، والمريخ، والشمس، والزهرة، وعطارد، والقمر، وقد بقيت نظرياته مهيمنة على علم الفلك إلى القرن السادس عشر" (القسم الثاني ص259). ويبدو أن الأحكام الضالة التي تصدر بحق القرآن تتلبس كل يوم صورا جديدة، وقد رأينا فيما مضى اتهام "طيب تيزيني" بأن مصدر "وسطية القرآن" هي فلسفة أرسطو اليوناني عن "الأوساط"! وهنا يضيف المزيد، فمصدر مفهوم السموات السبع في القرآن هو نظرية بطليموس اليوناني!!! الذي تقول نظريته بثبات الأرض في مركز الكون وهو رأي الكنيسة وليس الإسلام. يقول موريس بوكاي"هذا المفهوم الذي التقى الناس عليه مع ذلك حتى عصر محمد، لم يظهر في القرآن في موضع منه مطلقا" (انظر التوراة والإنجيل والقرآن والعلم ص194). يقصد " النظام المحوري المعروف الذي ظل مقيما منذ بطليموس" (ص194)
    والمتأمل في آيات القرآن يرى لهذا الكون المخلوق سعة تزداد وأن بطليموس ضيق ماوسعه الله وثبت ماأجراه الله من أفلاك تسبح ، ومن المعلوم أن علماء الفلك من تلاميذ "محمد رسول الله" نقدوا نظرية بطليموس وبينوا الأخطاء التي سطرها في كتابه "الماجسطي" ، ولا يخفى على المطّلع على مصادرهم أن نظرة القرآن الشاملة لأفلاك الكون هي التي منحتهم التصورالكلي لنقد نظرية بطليموس وأمثالها من النظريات اليونانية الخاطئة، كما فعل "البيروني"-وغيره- العالم المسلم الموسوعي (362-440هجرية)الذي احتجّ في كتابه "الجماهر في معرفة الجواهر" بالآية التي خاطبت أهل مكة-أولا- عن مستقبل بشري له صلة بآفاق كونية" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ"(فصلت :53 وهي مكية!)، والآية " الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ" (الملك:3 وهي مكية!)، والآية "وَأَلْقَيْنَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ"(الحج ر :19 وهي مكية!). يقول المستشرق الألماني إدوارد سخاو، في مقدمة تحقيقه لكتاب البيروني "تحقيق ما للهند..." أن البيروني أكبر عقلية ظهرت في التاريخ و "إن البيروني يعتبر من وجهة نظر تاريخ العلوم أكبر ظاهرة علمية في الحضارة الإسلامية".
    أما عن السموات السبع المذكورة في الآية فليس عنده دليل من القرآن على أنها كواكب سبعة، والقارئ للآيات الكونية في القرآن يعلم كم هي ضيقة وقاصرة فكرة مركزية الارض وثباتها وعلاقة ذلك بكواكب سبعة ، والآيات المتعلقة بالسماوات السبع لابد من ربطها ببقية الآيات الكونية ، وقد أشار بوكاي إلي أن علماء العصر يتفهمون اشارة القرآن عن السموات السبع ويحاولون النفاذ الى الآفاق البعيدة ما أمكنهم (انظر ص172). ويضيف "إن هذا المفهوم الجديد للفلك لم يكن موجودا في عصر الرسول وانه كان سيتضح مع تقلب القرون" (ص194)، فالمجرة والشمس كلاهما يدور حول نفسه دورة كاملة-يقول بوكاي- "والشمس تدور حول نفسها في خمسة وعشرين يوما تقريبا...ويظهر إذن أن في القرآن تلوينا في التعبير يشير إلي حركات خاصة بالشمس والقمر تثبتها معطيات العلم الحديث. ولايمكننا أن نفهم أن رجلا في القرن السابع الميلادي، مهما كان واسع العلم في عصره، وهو ما لم يكن عليه حال محمد صلى الله عليه وسلم، بإمكانه أن يتصورها"(ص197)

    http://www.assabeel.net/ar/default.a...xy3EqxbvmJk%3d

    ومن هنا ص11
    http://www.assabeel.net/ar/DataFiles...09-12-1034.pdf

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    طارق منينة
    انهيار شرفات الاستشراق... حشو الجابري اليوناني
    تاريخ النشر : 15/11/2009 - 06:44 م


    من المعلوم أن القرآن العظيم لا يمت بصلة "لهذا المعهود اليوناني" الخاطئ الذي تسلل به الجابري الى الحقيقة القرآنية البالغة ولا يمت بصلة الى افرازات الفكر الفلكي الخاطئ والمرتبط بتصور "آلهة كوكبية"!، فقد ارتبط تصور فلاسفة اليونان للعالم بـ"فلكيات خاطئة" مثل تصور"الارض مركزا للكون"؛ كما يحكي أرسطو بنفسه "فمعظم الفلاسفة يؤكدون أنها تقع في مركز العالم... عكس هذا الرأي يذهب الفيثاغوريون فعند هؤلاء أن النار التي تشغل المركز (ارسطو من كتابه "رسالة السماء" ترجمة جان تريكون مكتبة فران الفلسفية باريس 1949، ص 101-102). ويقول ول ديورانت في كتابه (قصة الفلسفة) عن فلكيات ارسطو "ان علم الفلك الذي وضعه ارسطو ليس سوى سلسلة من الحكايات المضحكة "(ص75، مكتبة المعارف، بيروت، 1988، ط6) كذلك لا يمت القرآن العظيم بصلة "للافلاطونية المحدثة" التي دعت الى التعددية الوثنية دفاعا عن "ألوهية الكواكب" والذي يقول فيلسوفها أفلوطين (وهو غير افلاطون): "فإن لم تكن الأجرام السماوية آلهة، فأي الموجودات أجدر منها بصفة الألوهية"!! (انظر "العقل المستقيل في الإسلام" لطرابيشي ص64).
    مع ذلك نجد الجابري يحاول أن يختلق صلة بين نتائج هذا الاستدلال الخاطئ للفكراليوناني في مجالات الفلك والطب والفلسفة وبين القرآن العظيم (ومن المجرة الى النطفة)، ففي تعليقه على قول الله تعالى من سورة الأعراف "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها" يقول "والمعنى: هو الذي خلقكم –خلق كلا منكم- من نفس واحدة، هو الرجل، أي من مني الرجل، وجعل من تلك النفس، أي من ذلك المني زوجها باختلاطه مع ماء المرأة. وهذا ما يقتضيه العلم القديم الموروث عن أرسطو والذي انتشر بين الأطباء القدامى، فقد كانوا يرون أن النفس (وهي الصورة) تتكون من مني الرجل، أما المرأة فهي مجرد مادة للتغذية (!)، فالمرمر (أو الرخام) مادة وهي لا شكل لها (!)، وعندما تلبسها صورة معينة رجل أو امرأة تصبح تمثالا للرجل أو المرأة، وكذلك ماء المرأة فهو كالمرمر في هذا المثال، فعندما تلامسه صورة الرجل يكون المولود ذكرا وعندما تلامسه صورة المرأة يكون أنثى، ويبقى من يعكس الصورة؟ في الأفلاطونية المحدثة قالوا يعطيها واهب الصورة (وهو العقل السماوي العاشر مدبر ما تحت فلك القمر، ويناسب جبريل في الاصطلاح الديني)" (فهم القرآن الكريم، الجابري، القسم الأول، ص240). هنا في هذا النص يحاول الجابري إعادة إنتاج الموروث اليوناني الخاطئ في نص قرآني كما يحاول أن يشق لهذه الأمثال المضروبة بغيًا طريقاً الى القرآن ومنها مفهوم "الصورة" والمرتبط عند اليونان بأزلية العالم وانه لم يُخلق، وذلك يعني ان ما خلقه الله هو الصورة وحدها اي الشكل وليس مادة العالم، وكأن مفهوم الصورة والشكل يعاود ظهوره في المخيلة اليونانية في الإنسان كما كان في العالم بل وفي عملية التسلل الحذرة للجابري!، ففي النص اعلاه انتقل الجابري بالخيال اليوناني عن "الصورة" –بغية زرعه في القرآن- الى "ماء المرأة" ليجعل تصوير القرآن له "شكلا" (كالرخام أو المرمر) وليس (بنية داخلية) مصممة لشأن آخر غير الشأن اليوناني الأسطوري، والتي لها دور رئيسي في عملية التخلق الداخلي والتي صورها القرآن في صورة "أمشاج" في اختلاط تام، وهو ما يعني ان ذلك ليس له في هذه المرحلة صلة بتكون "نفس" او بخطأ معرفي يوناني عن تكوينها من ماء الرجل او من دم الحيض كما زعم ارسطو نفسه !! كما أنه لا واهب في المشهد العيني او الغيبي لا للصورة ولا للمادة يسمى "العقل العاشر" الذي ابتدعته المخيلة اليونانية ومنحته قدره إلهية على ما تحت فلك القمر فقالوا هذا له بزعمهم. في سبيل التشويش العلماني على حقائق القرآن يقوم الجابري بمجموعة أغاليط منها إنطاق الدليل بغير منطوقه كما فعل مع العقل العربي وكشفه هناك طرابيشي وله في كشفه مآرب أخرى وأغراض علمانية أخرى (انظر ص185).
    يقول جورج طرابيشي عن أخطاء الجابري وتلاعباته انها :"الأغاليط والمغالطات الآخذ بعضها برقاب بعض كالسلسلة... تحل المصادرة مكان البرهان، والفرض الذهني محل الواقع العيني،... تقلب أدلة الإثبات الى أدلة نفي وبالعكس، وتجري محاكماتها لا بالاستناد الى الوقائع والنصوص، بل قفزا فوق الحقائق والنصوص، وتلفيقا لها وتزييفا عند الاقتضاء" ( ص136). وفي كشفنا هنا نراه يحاول أن يوهم قارئه ان ما ذكره القرآن عن الإنسان والسموات والقلم وغير ذلك مما ياتي بيانه انما مصدره موروثات خاطئة لتراث ما قبل الإسلام ويتوسل الى ذلك بالتلفيق والتحريف لإلباس الحقيقة القرآنية -بعد الادعاء بتاريخيتها!– لباس الخرافة الأرسطية والهلينية وغيرها من خرافات الانحراف اليهودي والمسيحي والوثني كما فعل تيزيني والقمني وجعيط. والعجيب انه من جهة اخرى يجعل من هذا العقل اليوناني اللاعلمي في اغلب استنتاجاته "عقلا برهانيا" ليقيمه -مسنودا بنماذج مغربية- في المواجهة مع ما اطلق عليه "العقل البياني" و"العقل العرفاني" العربي!. وقد حصر البرهان في مذهب ارسطو، ووضع سلطة ارسطو فوق سلطة العقل كما قال طرابيشي (ص95 و388). وما بين توقيرية القراءة الجابرية لارسطو وبين رفع تلاميذه له وتعظيمه فوق الأنبياء، تتكشف لنا "المضاهاة النفسية" التي تظهر بادية على قراءة الجابري العنصرية الداعمة "للمركزية الاوروبية" باعتبارها تمثل المحتكر الوحيد للفكر العقلاني الممتد الى ارسطو كما كشف ذلك علمانيون في نقدهم للجابري (انظر كمثال محمود إسماعيل في "قراءة نقدية" ص13).


    http://www.assabeel.net/ar/default.a...eXNb7aj6GPY%3d

    وهو من هنا ص 23
    http://www.assabeel.net/ar/DataFiles...21-24-1058.pdf

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    انهيار شرفات الاستشراق... الإضمار الجابري
    طارق منينة
    تاريخ النشر : 25/11/2009 - 08:53 م


    تعليقا على قوله تعالى " وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا" (سورة نوح:17)، يقول الجابري: "كان القدماء يتمسكون بنظرية خلق الإنسان من طين على غرار نشوء الدود فيها. قالوا: يتخمر الطين بفعل اختلاط الماء والتراب فيتكون الدود فيصير كائناً حياً في أدنى درجات التكوين ثم يتطور الى ما هو أرقى الى الحيوان، ثم الى الإنسان" (القسم الثاني ص 190). وهنا أيضا لا نعدم للجابري استدعاءً محتالاً لموروثات الحضارات الوثنية البائدة، وكأنه يشير إلى أن الآية عكست أساطير القدماء عن خلق الإنسان، وقد تقدم عرض بقية أحجيته واتهاماته في ذلك، وهو يعتمد فيما أضمره هنا على فطانة القارئ، وهي حالة علمانية مستترة يوضحها خليل عبد الكريم في عرضه لمشروع محمد أحمد خلف الله الذي أرجع مصدر القَصَص القرآني إلى اعتقادات المخاطبين زمن التنزيل فيقول: "أثبت أنه باحث جريء فكرياً، طرح ما استطاع طرحه في شجاعة نادرة، وما لم يستطع فقد تركه لفطانة القارئ وذكائه ولقانته ولماحيته" (الفن القصصي في القرآن الكريم مع شرح وتعليق خليل عبد الكريم ص475، سينا للنشر، 1999، ط4)، وقال" أشرنا إلى ما أضمره المؤلف وما دسّه لا في السطور فحسب، بل ما بينها وترك فهمه وإدراكه لفطانة القارئ" (ص498).
    والجابري يقوم بذلك الدس لأنه من مستلزمات مرحلة الـ"بين بين" الجابرية، اي بين "التلميح والتصريح" ومن المعلوم أن محاولة التسلل بفكرة "تاريخية النصوص" العلمانية الى آيات القرآن، لطمس الحقائق والتشويش عليها أمر معروف عن "الصنائع" المستترة!
    نحن نفهم ان العلمانيين الذين ينكرون قصة الخلق الإلهي يرفضون تبعاً لذلك المقطع (خلق الإنسان من طين) والذي استعارته أساطير الأمم من الدعوات الربانية في الحضارات والمدن القديمة وخلطته فلاسفتها وكهنتها بتصوراتها، ومنها ما ذكره الجابري ومثله قول "سبتينو موسكاني" عن الأسطورة البابلية:"..."مردك " يأخذ التراب ويمزجه بدم الإله "كنجو"..، ويصنع منه الانسان" (الحضارات السامية القديمة، دار الرقى بيروت 1986، ص85). ومع ذلك فالعلمانية سليلة الوثنية فهي تنتج أساطير وأساطير فرويد ـ كمثال ـ عن البشرية الأولى وعن النبي موسى لا تخفى على القارئ.
    لكن لا علينا فثمة علماء غربيون آخرون أسلموا وأعلنوا أن حقائق الوحي القرآني تُناقض خرافات الأمم وأساطيرها. كما أن آيات القرآن عن خلق الإنسان من طين لا تنافي الاكتشافات العلمية فهناك تشابه واضح بين التركيب الكيميائي لكل من جسم الإنسان وتربة الأرض الزراعية" (تفسير الآيات الكونية للدكتور زغلول النجار، مكتبة الشروق الدولية "2157-158/" ط -1، 2007) وانظرالتفصيل في (2/445-446) وقد أثبت التحليل العلمي صدق هذه الحقيقة القرآنية والمرتبطة بحقائق قرآنية أخرى لها أهمية كبرى في العلم القرآني منها ما ذكرته السورة نفسها وأغفله الجابري وهي الآية "وقد خلقكم أطوارا" (نوح:14) وقد فُصّلت هذه الأطوار بدقة مدهشة في سورة المؤمنون الآية:14 (سبحان الله! الآية في سورة نوح رقم 14، وفي المؤمنون رقم 14 أيضا، إنها آية، والخلق من تراب آية، والخلق في أطوار ومراحل آية: "ومن آياته أن خلقكم من تراب "الروم:20"). ويأتي التعبير القرآني "الإنبات" ليعبر عن عمليات الخلق والتكوين والإنشاء والنمو والتجدد والرعاية الدائمة، وقد قال الله عن مريم ورعايته لها "وأنبتها نباتا حسنا".
    حاول الجابري تقديم "النقد اللاهوتي" ولكن كما قال هو "من خلال القدماء" وفي مرحلته الحالية يقوم به من خلال "انتقاء قول ورد في التفسير" لجعله يدور في فلك خطته. وكمثال فإنه يعلق على قوله عز وجل: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (سورة الحجر: 9) والذي هو وعد بحفظ القرآن، ليصير المعنى هو "حفظ الرسول من الجنون الذي يتهمونه به" (القسم الثاني ص33). ويقول "هذا ويتمسك بعض الناس برد "الحافظون" الى القرآن كدليل على أنه لم ولن يتغير" (ص34) فالوعد بعدم تغير القرآن يفسد خطته في هدم المرجعية الإلهية للقرآن، والعلماني يتمنى أن تُزال الوعود الإلهية كلها من القرآن فهي عثرة أمام مشاريعهم المادية. يقول داعماً لفكرته المسبقة "وممن قال بهذا الفرّاء وابن الانباري (ذكره الرازي)" مع أن الرازي نفسه رفض هذا القول وقال بأن القول الأول الذي عليه أغلب أهل التفسير هو الراجح قال: "إلا أن القول الأول أرجح القولين وأحسنهما مشابهة لظاهر التنزيل والله أعلم (تفسير الرازي، ج19، ص 164، دار الفكر، ط1) بل إن الجابري أخفى قول الرازي عن تحقق الوعد بحفظ القرآن "ثم إنه تعالى حقق قوله في هذه الآية" (انظر ص 164).
    ليس هذا فقط ولكنه وبعد أن جعل الآية "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" تعني حفظ الرسول من الجنون (يثبته هنا لينفي به الحفظ الأشمل!)، ذهب يفسر به آية " إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ" (سورة القصص:85 (وهي مكية!)) ليس بالعود إلى مكة منتصرا وإنما بالإعادة الى الآخرة!، قال "أما نحن فنرى (!) أن المعنى الذي يفرضه السياق هو "المعاد" بمعنى يوم الحساب والجزاء، الشيء الذي يعني أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سيجازى يوم القيامة كبقية البشر" (القسم الأول ص 338-339)، ومعلوم أن الوعد برده الى مكة صدر فى مكة في مرحلة الاستضعاف وهو ما يعني حفظ الله له في مكة الى الخروج ثم تمكينه ونصره في المعارك القادمة ثم إرجاعه الى مكة فاتحا تحقيقا للوعد القيومي.(عيد مبارك)


    http://www.assabeel.net/ar/default.a...M%2fcWrHFbQ%3d
    وبي دي اف من هنا
    http://www.assabeel.net/ar/DataFiles...21-24-1068.pdf

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    انهيار شرفات الاستشراق...ظلما الجابري
    بقلم طارق منينة
    تاريخ النشر : 05/12/2009 -


    ويعلق الجابري على الآية الخامسة من سورة ابراهيم "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ" بقوله :"أما "الظلمات" فهي الوضعية التي كان عليها بنو إسرائيل تحت استبداد فرعون وطغيانه. وأما "النور" فهو إخراجهم من تلك الوضعية والذهاب بهم الى فلسطين... يتعلق الأمر إذن بالانتقال من وضعية مادية (فقر، قهر، استبداد) الى وضعية أخرى مادية(!)...الرجوع(! ) الى "الوطن الموعود" (فهم القرآن الحكيم.... القسم الثاني ص246). وقد قدمتُ كلام الجابري تحت عنوان "محاولات بائسة" في تحريفه لحقيقة اسم "الإسلام"، وهو يفعل هنا مع "النور" ما فعله هناك مع "الإسلام". كما انه أعمل مبضعه الماركسي الحاجب للحقيقة مع الآية الأولى من السورة نفسها، سورة إبراهيم وهي قوله تعالى:"الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) وهي تتكلم عن (كتاب/تنزيل/نورالله) يقول ان "معناها يجب أن يفهم على ضوء شبيهتها "وثانيتها" (القسم الثاني ص246) يقصد آية إخراج موسى لقومه من الظلمات إلى النور، ومعناها في بطن العقل الماركسي يعني الانتقال من وضعية مادية الى اخرى (مستوى عيش!!) وهي في حالة قوم موسى الخروج من وضعية مادية (فقر وغيره) الى الأرض الموعودة، وفي حالة صحابة رسول الله "من أجل إخراجهم من وضعيتهم القاسية على مستوى العيش...الخ، الى وضعية أفضل" (القسم الثاني ص247). والوضعية المادية الأفضل لمستوى عيش أفضل تحتاج الى قتال وحشد وزعيم وصك مصطلحات "اسلام، نور، ظلمات..إلخ! (النظرة الاستشراقية تعاود نفسها في سطور جابرية!) يقول: "أقول إن التوجه إلى العرب، في إطار "لتخرج الناس من الظلمات إلى النور" هو من أجل إخراجهم من وضعيتهم القاسية على مستوى العيش...الخ، إلى وضعية أفضل، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بحشد "العرب" من خارج مكة للقضاء على استبداد الملأ من قريش بالسلطة المزدوجة التي تشبه السلطة التي كانت تمارس في مصر على الناس" (القسم الثاني ص247). مع أن الآية تتكلم عن "كتاب هادٍ" و"نور" الكتاب نفسه و"تنزيل رباني" وليس عن "وضع مادي" وإخراج هناك وحشد هنا!
    لقد غيّب الجابري حقيقة الوحي ومصدره الأصلي والأًصيل وارجعه الى جدلية ظروف مادية ووضعيات اجتماعية واقتصادية، رامياً من وراء ذلك الى انكار حقيقة دعوة الإسلام والأسماء الشرعية (الإسلام، النور..إلخ)، فقد أخرج من مسمى "النور" أصله ومنبعه ومصدره ومشكاته وذلك في عملية بتر للحقيقة استخدم فيها الماركسية كأداة تأويلية ظناً منه انها ستقوم بالدور التعجيزي للإسلام، في حين نرى أدوات الجابري تتكسر وتتصدع أمام دوي التنزيل بل يدكّها الله دكّاً برفع الحقيقة فوق رؤوس تلاميذ يهود واسرائيل، أشباه كهنة التحريف والتزوير بل هم تلاميذ اليهود والنصارى (الحداثيون) على الحقيقة لا المجاز!.. كان الجابري قد صرّح من قبل بأن الماركسية هي "اداة للعمل، مرشد للعمل يجب ان نسترشد بالنظرية العامة، بالمنهج" (التراث والحداثة، مركز دراسات الوحدة العربية، 1991، ط1، ص250)، ومن المعلوم ان كتابات الجابري الأولى تشهد على بُعد ماركسي واضح، كما ان "الثابت -يضيف محمود اسماعيل العلماني- تواجد أصداء التحليل الماركسي في كتاباته الأخيرة" (فكرة التاريخ بين الاسلام والماركسية، 1988، مكتبة مدبولي، ط1، ص95) فهنيئا لناقد العقل العربي بقصور الأداة وفساد التأويل والتلمذة على عقول ملاحدة برواسب استشراقية.
    والسؤال الذي ينبغي طرحه الآن هو: أليست هذه (العلمانية) تمارس -على يد عبيدها- استراتيجية الحجب والاستبعاد والمخاتلة والخداع والتحوير الذي تتكلم عنه قراءات المذاهب الحديثة "المقلوبة"؟ ألم يكشف القرآن هذه الإستراتيجيات، وبأدق الأوصاف والتعبيرات كأوصاف الإخفاء والكتمان والتحريف واللبس والخوض والخداع والإبرام والتبديل والمكر واللغو والليّ؟ وليُّ المعنى كما قال ابن القيم في (الرسالة التبوكية) هو "تحريفه وتأويل اللفظ على خلاف مراد المتكلم به، وَتَحْمَالُه ما لم يُرِدْه، أو يُسقط منه بعض ما أراد به، أو نحو ذلك من ليّ المعاني". وهو ما كشفه طرابيشي في نصوص الجابري المبتسرة لأقول علماء وفلاسفة، ونكشف نحن ونفضح ليّه وابتساره لحقائق القرآن وآيات الفرقان.
    يجب أن لا يغيب عن بالنا أن للنبوة في التفسير الماركسي والعلماني ارتباطات -مزيفة- بأوضاع و"وضعيات" مادية وتهيئة كهنوتية وسياسية وافرازات معرفية اسطورية زعموا انها صنعت الأنبياء وشكّلتهم وأخرجتهم، ففرعون مع كهنته عند العلماني خليل عبد الكريم صنع موسى وهيّأه للنبوة! -توفي خليل عبد الكريم عن عمر يناهز 73 عاما، وهو المحامي الذي ترافع عن نصر أبو زيد في المحكمة المصرية في قضية "مفهوم النص"، والذي أشاد جابر عصفور بمرافعته في كتابه الصادرعن الهيئة العامة للثقافة (بأموال الشعب!!) بعنوان "ضد التعصب"!- أما المسيح "فاتصل بالكهنة المصريين واغترف من علومهم الكثير ومنها الطب (إبراء الأكمه والأبرص) والسحر (إحياء الموتى)... وهكذا ثبت بالحجة القاطعة أن موسى وعيسى دخلا بوابة التصنيع" وأطوار التنشئة و"سائر خطوات الصقل والصنفرة والإعداد والتأهيل والتحضير والتدريب والتمرين والتلميع..إلخ" (فترة التكوين، الأعمال الكاملة لخليل عبد الكريم، دار مصر المحروسة، ط2، القاهرة، 2004، ص 250 و254-255). وكذلك فالرسول هو "كسابقه حذوك القذة بالقذة سار في تجربة وقطع أشواطها" (ص255)، والتجربة المزعومة بزعم هذا المفتري تمت على عين وعناية تنظيم رهباني يبدأ من خديجة وورقة وينتهي الى الغلام عداس ورهبان الجزيرة العربية ومدة التهيئة (15) عاما!!. هكذا يفعلون مع الرسول والرسالة.
    الآن وبعد ان فرغنا من اختراق الاختراق، وكشف عملية التستر الكبرى للجابري وصلة منهجه بالمناهج الغربية الاستشراقية والفلسفية، وعرضنا اهم ما حاول به إحداث مساس بالإسلام وبشيء من التلميح وبقدر لم نعهده منه من التصريح، يمكننا النظر بتؤدة الى فتوحات سورة القلم وتصويرها الخطير الشأن للنفس (الدهرية/العلمانية)، وغير ذلك من أمور تدل على علم الله اللطيف الخبير وأن القرآن كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإن حاول ذلك العلمانيون المعاصرون كما المستشرقون الحاقدون.



    http://www.assabeel.net/ar/default.a...bsitc09Jacs%3d


    والمقال هنا في الجريدة الورقية ص 23
    http://www.assabeel.net/ar/DataFiles...21-24-1074.pdf

    وفي المقال اضافات لم اذكرها في الجريدة ساضعها ان شاء الله غدا او بعد غد

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    المقال الفائت بزياداته التي لم تنشر
    اثرت وضعها هنا في سياقها من المقال لاهميتها -ولونتها لسهولة الرجوع اليها لمن قرأ المقال قبل
    -
    انهيار شرفات الاستشراق...(ظلما ت الجابري)
    ويعلق الجابري على الآية الخامسة من سورة ابراهيم "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ" بقوله :"أما "الظلمات" فهي الوضعية التي كان عليها بنو إسرائيل تحت استبداد فرعون وطغيانه. وأما "النور" فهو إخراجهم من تلك الوضعية والذهاب بهم الى فلسطين... يتعلق الأمر إذن بالإنتقال من وضعية مادية (فقر، قهر، استبداد) الى وضعية أخرى مادية(!)...الرجوع(! ) الى "الوطن الموعود" (فهم القرآن الحكيم.... القسم الثاني ص246). وقد قدمتُ كلام الجابري تحت عنوان "محاولات بائسة" في تحريفه لحقيقة اسم "الإسلام"، وهو يفعل هنا مع "النور" مافعله هناك مع "الإسلام" كما انه اعمل مبضعه الماركسي الحاجب للحقيقة مع الآية الأولي من السورة نفسها ، سورة إبراهيم وهي قوله تعالى:"الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)وهي تتكلم عن(كتاب/تنزيل/نورالله) يقول ان "معناها يجب أن يفهم على ضوء شبيهتها "وثانيتها" (القسم الثاني ص246) يقصد آية إخراج موسى لقومه من الظلمات إلي النور ومعناها في بطن العقل الماركسي يعني الانتقال من وضعية مادية الى اخرى(مستوي عيش!)! وهي في حالة قوم موسى عليه السلام الخروج من وضعية مادية (فقر وغيره) الى الأرض الموعودة وفي حالة صحابة رسول الله "من أجل إخراجهم من وضعيتهم القاسية على مستوى العيش...الخ، الى وضعية أفضل" (القسم الثاني ص247).والوضعية المادية الأفضل لمستوى عيش أفضل تحتاج الي قتال وحشد وزعيم وصك مصطلحات"اسلام،ن ر،ظلمات..إلخ!(ال ظرة الإستشراقية تعاود نفسها في سطور جابرية!) يقول "أقول إن التوجه إلي العرب ،في إطار "لتخرج الناس من الظلمات إلي النور" هو من أجل إخراجهم من وضعيتهم القاسية علي مستوي العيش...الخ،إلى وضعية أفضل، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بحشد "العرب" من خارج مكة للقضاء على استبداد الملأ من قريش بالسلطة المزدوجة التي تشبه السلطة التي كانت تمارس في مصر على الناس" (القسم الثاني ص247). مع أن الآية تتكلم عن "كتاب هادٍ" و"نور" الكتاب نفسه و"تنزيل رباني" وليس عن "وضع مادي" وإخراج هناك وحشد هنا! .
    لقد غيّب الجابري حقيقة الوحي ومصدره الأصلي والأًصيل وارجعه الى جدلية ظروف مادية ووضعيات اجتماعية واقتصادية، رامياً من وراء ذلك الى انكار حقيقة دعوة الإسلام والأسماء الشرعية (الإسلام، النور..إلخ).. فقد أخرج من مسمى "النور" أصله ومنبعه ومصدره ومشكاته وذلك في عملية بتر للحقيقة استخدم فيها الماركسية كأداة تأويلية ظناً منه انها ستقوم بالدور التعجيزي للإسلام في حين نري أدوات الجابري تتكسر وتتصدع أمام دوي التنزيل بل يدكّها الله دكّاً برفع الحقيقة فوق رؤوس تلاميذ يهود واسرائيل، أشباه كهنة التحريف والتزوير بل هم تلاميذ اليهود والنصارى (الحداثيون) على الحقيقة لا المجاز! .. كان الجابري قد صرّح من قبل بأن الماركسية هي "اداة للعمل، مرشد للعمل يجب ان نسترشد بالنظرية العامة،بالمنهج" )التراث والحداثة، مركز دراسات الوحدة العربية، 1991، ط1، ص250) ، ومن المعلوم ان كتابات الجابري الأولى تشهد عن بُعد ماركسي واضح، كما ان "الثابت -يضيف محمود اسماعيل العلماني- تواجد أصداء التحليل الماركسي في كتاباته الأخيرة" (فكرة التاريخ بين الاسلام والماركسية، 1988، مكتبة مدبولي، ط1، ص95) فهنيئا لناقد العقل العربي بقصور الأداة وفساد التأويل والتلمذة علي عقول ملاحدة برواسب استشراقية. فهو ماكان له ان يخرج من مدار ماركس الا ليدخل في مدار من بعده من الفلاسفة الجدد وذلك لانغلاقه داخل المنظومة العلمانية الدوغمائية المتسفلة بماديتها ودهريتها ومن المعلوم ان العلمانية إنما هي كما عبر عنها أحد أقطاب مابعد الحداثة وهو علي حرب "رؤية دهرية دنيوية مؤداها أن مرجع الإنسان هو ذاته وعقله وتجاربه"(الممنوع والممتنع لعلي حرب ص 26)ولشاكر النابلسي كلام مماثل .
    ان عملية الجابري الطروادية هي قلب لمفاهيم النصوص مما يؤدي في النهاية وكنتيجة الى وصفها -بعد تقدير مبيّت!- بانها ذات طبيعة ناسوتية وصفة دنيوية.
    والسؤال الذي ينبغي طرحه الآن هو: أليست هذه (العلمانية) تمارس -علي يد عبيدها- استراتيجية الحجب والإستبعاد والمخاتلة والخداع والتحوير الذي تتكلم عنه قراءات المذاهب الحديثة "المقلوبة"؟ ألم يكشف القرآن هذه الإستراتيجيات ، وبأدق الأوصاف والتعبيرات كأوصاف الإخفاء والكتمان والتحريف واللبس والخوض والخداع والإبرام والتبديل والمكر واللغو والليّ؟ وليُّ المعنى كما قال ابن القيم في (الرسالة التبوكية) هو "تحريفه وتأويل اللفظ على خلاف مراد المتكلم به، وَتَحْمَالُه ما لم يُرِدْه، أو يُسقط منه بعض ما أراد به، أو نحو ذلك من ليّ المعاني". وهو ما كشفه طرابيشي في نصوص الجابري المبتسرة لأقول علماء وفلاسفة ونكشف نحن ونفضح ليّه وابتساره لحقائق القرآن وآيات الفرقان.، فهو عند طرابيشي (العلماني)يقوم "بالتمويه والحجب من خلال إبتسار النصوص" (العقل المستقيل في الإسلام ص 389) و"الحجب التام" (ص 151)، ويبدو ان ذلك عند الجابري لا يتم الا في حالة من اللامسؤولية العلمية (بتعبير طرابيشي: وحدة العقل العربي الإسلامي ص304و 285 و277 و881) وفي تجشم من جهد "لامعرفي" (347) و"ضرب من هذاء تأويلي" (ص228).فهو يخرج النص "تماما عن دلالته بإبتتاره ...وتقطيع أوصال..إلي تحريف دلالته عمدا بالتلبيس علي القاريء)(ص339)
    ان نور التوراة التي أنزلت علي موسي عليه السلام انما هو هداية تعاليمها وشرائعها التوحيدية كما قال تعالي "واتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني اسرائيل الا تتخذوا من دوني وكيلا"(سورة الإسراء : آية 2) وقال "أنا أنزلنا التوراة فيها هدي ونور" هذا هو ماجاء به موسي لإخراج قومه اليه "وما قدروا الله حق قدره اذ قالوا ما انزل الله على بشر من شيء قل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا"(سورة الأنعام :آية 91) كما ان الآية الأولي من سورة ابراهيم تتكلم عن الكتاب وآياته المخرجة من الظلمات الي النور مثلها مثل آيات أخر تصف التنزيل وآياته "هو الذي ينزل على عبده ايات بينات ليخرجكم من الظلمات الى النور وان الله بكم لرؤوف رحيم " (سورة الحديد : آية 9 ) وهو البرهان الرباني والنور الرحماني "يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وانزلنا اليكم نورا مبينا"(سورة النساء : آية 174) وهو (الكتاب المنير) (سورة آل عمران:آية 184 ) والمبين والحكيم " تلك ايات الكتاب وقران مبين" (سورة الحجر:آية 1 ) "تلك ايات الكتاب الحكيم" (سورة يونس : آية 1) وتعلم الكتاب وفقهه هو التزكية الحضارة والإنسانية وهو الذي انتج حضارة زاهية " كما ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم اياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون " وفيه مالم يكن يعلمه الإنسان من علوم الدنيا والآخرة ، المادة والروح، السماء والأرض ، الحضارة والخلافة" وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما (سورة النساء: آية 113)ففيه علم مالم يعلمه العرب ولاغيرهم ليخرجهم به من ظلمات الوثنية واساطيرها الأممية وظلمات انحرافات يهود والنصرانية إلي نور القرآن وإعلاناته وأخلاقه وآياته وحقائقه وقيمه ومبادئه ومقاصده وشرائعه وعدله وحكمته وبياناته عن آيات الكون وتناول سننها بالملاحظة والتجريب وتسخيرها بحسب الإمكان فالإخراج هو من كل الأوضاع والأحوال المادية والعقلية والنفسية والروحية والعلمية الخاطئة المظلمة الي نقيضها من العدل والخير والنور


    يجب أن لا يغيب عن بالنا أن للنبوة في التفسير الماركسي والعلماني ارتباطات -مزيفة- بأوضاع و"وضعيات" مادية وتهيئة كهنوتية وسياسية وافرازات معرفية اسطورية زعموا انها صنعت الأنبياء وشكّلتهم وأخرجتهم، ففرعون مع كهنته عند العلماني خليل عبد الكريم صنع موسى وهيّأه للنبوة! -توفي خليل عبد الكريم عن عمر يناهز 73 عام، وهو المحامي الذي ترافع عن نصر ابو زيد في المحكمة المصرية في قضية "مفهوم النص"، والذي أشاد جابر عصفور بمرافعته في كتابه الصادرعن الهيئة العامة للثقافة(بأموال الشعب!!) بعنوان "ضد التعصب"!- ، أما المسيح "فاتصل بالكهنة المصريين واغترف من علومهم الكثير ومنها الطب (إبراء الأكمة والأبرص) والسحر (إحياء الموتي)... وهكذا ثبت بالحجة القاطعة أن موسى وعيسى دخلا بوابة التصنيع" وأطوار التنشئة و "سائر خطوات الصقل والصنفرة والإعداد والتأهيل والتحضير والتدريب والتمرين والتلميع..ألخ" (فترة التكوين، الأعمال الكاملة لخليل عبد الكريم، دار مصر المحروسة، ط2، القاهرة، 2004، ص 250 و254-255). وكذلك فالرسول هو "كسابقه حذوك القذة بالقذة سار في تجربة وقطع أشواطها" (ص255)، والتجربة المزعومة بزعم هذا المفتري تمت على عين وعناية تنظيم رهباني يبدأ من خديجة وورقة وينتهي الى الغلام عداس ورهبان الجزيرة العربية ومدة التهيئة (15) عاما!! ومن قبل هذا المفتري ادعى العلماني طيب تيزيني(عمره الآن 75عام) أن قوله تعالى: "فإن توليتم فماسألتكم من أجر إن أحري إلا علي الله وأمرت ان اكون من المسلمين" (سورة يونس:72)هو أمر قديم صدر لخديجة للزواج من محمد امرتها به مؤسسة مركزية وتنظيم عالمي تمتد حدوده من بيزنطة الى الحجاز والإسكندرية وهي تلزم اتباعها بـ"أوامر لايجوز التنكر لها وإهمالها" (مشروع رؤية جديدة للفكر العربي، مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر، نشأة وتأسيسا لطيب تيزيني، دار دمشق، ط1، 1994، ص299-300). ولأن التلفيقات في الزمن العلماني لا حد لها تجده يقول: "كان تصميم خديجة على الزواج من محمد قرارا دينيا وسياسيا جماعيا خطط له في نحو سابق (ص269)، اي أن الزواج كان مؤامرة دينية واحتواء في تنظيم دولي(غربي!!) رأسه في بيزنطة وفرعه في مكة. فمحور المسالة –يقول تيزيني –تمثل في ان "عملية ما بصيغة ما من التهيئة تمت لاحتواء محمد" (ص273) "تمت فيها عملية تأهليه الديني الثقافي اللازمة واذا، اذا أسفر الموقف عن هذه "الوضعية(!) العمومية" لما لا تكون خديجة بنت عم ورقة قد هيئت هي بدورها للقيام بمهمة الزوجة لمحمد" (ص274). وكأن هذا الماركسي يحكي عن تنظيم ماركسي ثوري في المنطقة له علاقة اجبارية مبنية علي اواصر الطاعة او القتل! وبما ان الرغبة والحب شيء غير "عيني/مادي" فقد اخرجته الماركسية مع الغيب والوحي ومحمد الرسول وفؤاد أم المؤمنين من العالم وقلبته الى تموضوعات مؤامراتية وثورات كهنوتية! ، ولا تنسى ان طيب تيزيني –هو الداعي الأكبر للجدلية المادية التاريخية في بلاد العرب وتتفرد مؤلفاته كما يقول العلماني هادي العلوي بأنها "مادية غير مستورة" (الأعمال الكبرى لعلوي، 6، ص22) وهو يذهب الى هذا السيناريو كواحد من اكتشافاته المزعومة للوضعيات والتاثيرات (والبنيات الداخلية) المصنعة للنبوة (انظر كتابه "من يهوه الى الله (1)دار دمشق-ط-(1) لسنة 1985ص19-43--45) وكذلك محاولة الجابري فهي تدور في فلك الأوضاع والوضعيات ومسار الكون والتكوين العلماني.
    هكذا يفعلون مع الرسول والرسالة.
    الآن وبعد ان فرغنا من اختراق الإختراق، وكشف عملية التستر الكبرى للجابري وصلة منهجه بالمناهج الغربية استشراقية وفلسفية، وعرضنا اهم ما حاول به إحداث مساس بالإسلام وبشيء من التلميح وبقدر لم نعهده منه من التصريح، يمكننا النظر بتؤدة الى فتوحات سورة القلم وتصويرها الخطير الشأن للنفس (الدهرية/العلمانية)، وغير ذلك من أمور تدل على علم الله اللطيف الخبير وان القرآن كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وان حاول ذلك العلمانيون المعاصرون كما المستشرقون الحاقدون.



  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    انهيار شرفات الاستشراق.... «فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ»

    طارق منينة
    تاريخ النشر : 14/12/2009 - 06:54 م


    " ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ(١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ(٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ(٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(٤) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ(٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ(٦)". أقسم الله تعالى بالقلم في بداية سورة (ن) كما أقسم بما يُسطر من قدره وعلمه، مما تسطره ملائكته، على :(عظمة الأخلاق الجليلة لمحمد النبي وفيه دليل على ان من هذا شأنه لا يكذب على الله ولايحتال على الناس فهو الصادق الأمين كما وصفته قريته وزوجته.. ولذلك استحق شرف و"نعمة" النبوة / أنه ليس فيه عيب نفسي أو عقلي /أن رسوله محمد "سيبصر" قبل موته نصر الله لدعوته وهو دليل كفالة مسطور وهو ايضا دليل نبوة مقروء والمغزى (أنه محفوظ) (وباعتراف المستشرق فلهاوزن: "فهو لم يمت كما يموت شهيد مضطهد، بل هو مات وهو في أوج النجاح" (في تاريخ الدولة العربية، نقله عن الألمانية محمد أبو ريدة، نشر لجنة التأليف والترجمة والنشر المصرية، 1968، ص22) كما "ستبصر" قريش الكافرة هزيمة "فتنتها"وطيشها . والإقسام وقع بمسطور الأقدار الربانية الحق. كما انه وقع بكل مسطور حق وعلم وعدل.
    والملفت في هذه الآيات أنها تختصر التاريخ في كلمات فاصلات حاكمات، وتطوي صفحاته ومراحله وتعرض مبصراته ووقائعه ومشاهده قبل عينية الأحداث وظهور آثارها ونتائجها بقوله سبحانه "فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ "فلننظر في التاريخ لنرى حقيقة هذا الوعد ونتائج النبوة وانتصاراتها وآثارها الحضارية التي أنارت حتى جوانب من عالم الغرب بنتائج علوم واكتشافات وصناعات المسلمين المادية بل والعقلية، فقد كان من آثار هذه النعمة الشاملة قيام حضارة علمية إسلامية انبثقت من شرائع القرآن فضلا عن تحرير شعوب كثيرة أسلمت لله، ويكفي إطالة النظر في فعل التحرير الإسلامي للغرب من ربقة عصوره الوسطى ومده بالنور المنبعث من آيات القرآن نفسها، والمنبعث من مراكز العلم الإسلامي القريبة في الأندلس وقرطبة وصقلية ما حرض العقل الأوروبي علي محاربة أساطير الكنسية وطلب العلم المادي والعقلي والحضاري عند المسلمين، الا ان الفلسفة الغربية ساقت الحضارة الى وجهة أخرى وأمن العلمانيون العرب على فتنتها!
    ان القَسَم الذي بدأت به السورة أُريدَ به تحقيق المقسم عليه أي أنه قسم وعد كما انه قسم علم بالنبي وخُلُقِهِ وهو هنا وعد بإتمام نعمة النبوة فهي رحمة للعالمين، وكذلك وعد للنبي نفسه بأنه سيشهد نهاية الفتنة الكافرة في مكة وتوابعها في الجزيرة العربية، وقد تحقق ذلك فعلا وصدقا وعدلا لا في عالم الخيالات والأوهام والتهويلات والمدهشات العجيبة والساحر الباطل الخلاب، كما يرمي محمد أركون فعل القرآن مستخدما الفاظ نحتها علمانيون غربيون!، وانما في عالم المحسوس المنظور والمبصر المشاهد، الملموس والمعاين الذي أخبر عنه القرآن بألفاظ لا تقبل الجدل، ولقد كان المسلمون يتلون الآيات يقينا وإيمانا الى أن رأوا تحققها عيانا بيانا، كما وعدهم الله تعالى وقد أشار الى المشاهد المستقبلية بإشارات حسية كما في "فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ" (سورة القلم : آية 5)، " وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ" (سورة الصافات : آية 175)، "وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ" (سورة الصافات : آية 179)، وكلها تشير الى قرب التوقيت وزمن المشاهدة المنتظر وطريقة المعاينة وأنها حسية في أعلى الواجهة الإنسانية!.. فأين هي ساحة التصورات الوهمية والنفسية والخيالية والاسطورية التي يدعيها أركون عن القرآن؟ أوليست الإحاطة الغيبية الربانية التي أحاطت بالتاريخ والناس "سبقت" -ما أسماه أركون- "المحيط الفيزيائي – المادي والاجتماعي" (القرآن من التفسير الموروث، ص114) مع الاعتراض على تزييف أركون لذلك المحيط الاجتماعي وقلب معطياته ووقائعه فالمحيط الفيزيائي خضع في النهاية لكلمات الله وقوة وصحة الإيمان!
    ان كلام الله وعلمه وقسمه سبق الواقع والمادة والحدث ومكر السيئات" وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا ..."(سورة الصافات:171) وهذا من البراهين القاطعة على صحة رسالة محمد رسول الله، قال ابن القيم: "وقد أقام البرهين القطعية على ثبوت ما أقسم عليه فأبى الظالمون الا حجودا وتكذيبا"( التبيان في إيمان القرآن لابن القيم، اشراف بكر أبو زيد، دار عالم الفوائد، ص23).
    فالقضاء الإلهي حقق في تاريخ السمع والبصر المادي وعوده فلم يكن هو بالخيال الوهمي الكاذب أو الاسطورة الخيالية الباطلة او الفعل المخلوق المتخلف عن التحقق.. إن هذا المستوى الغيبي الحقيقي والواقعي المتحقق لاحقا لا يريد ان يراه أصحاب الضلالة من المستشرقين والعلمانيين بل يكتمونه او يزيفونه، رغم ان آيات القرآن واضحة في المعنى واللفظ والسياق. ولقد ألّف نصر حامد أبو زيد كتابه إشكاليات القراءة وآليات التاويل (انظر طبعة 2، المركز الثقافي العربي، 1992، ص44-49) وكتابه"النص السلطة الحقيقة،المركز الثقافي العربي ط1 لسنة1995 انظر ص 96-115) وكتابه(مفهوم النص، نفس دار النشر،ط3 لسنة1996 انظر ص 24-27و67) ليحجب هذه الحقيقة بتأويل مادي راهن / معاصر لنظرية تفسير مادية من نظريات المادية الملحدة –نظرية الهرمنيوطيقا المادية كما عرضها هو في "إشكاليات.."- ترمي النص القرآني بأن له مستوى لغويا رمزيا سطحيا مزيفا يحوي داخله من "مستويات المعنى الباطن"، ما يزيله ويكشفه وذلك بتفسيره تفسيرا ماديا كأي "ظاهرة مادية" ينفي الغيب الحق كما نفى الخلق الحق، إنها "الباطنية العلمانية" التي تحشر تفسيراتها داخل النصوص فتخفي وتعزل حقائق لا يمكن انكارها، حقائق مادية وتاريخية وغيبية ونصية مسطورة ومكتوبة، لقد أتقن العلمانيون إخفاء المصدر ولو أظهروه لتغير التاريخ!
    بيد أن آيات القرآن تفضح أدواتهم المادية ومنها قوله عز وجل (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦)) فهي إشارة مليئة بالحقائق التاريخية المبصرة ..سيأتي بعدها من الآيات الأخر ما هو أشد وقعا وأكثر تفصيلا حتى إنك لترى وأنت تتلو الآيات السابقة لتلك الأحداث، جموع أهل الفتنة في بدر تولي منهزمة وهي تبصر ماهي عليه من نتائج فتنتها كما أبصرت هزيمتها الأخيرة في فتح مكة الذي فتح أبواب الحضارة الإسلامية علي مصراعيها، ولقد جاءت الآيات في السورة بهذه الصياغة العامة، لكنها بكلم محدودة معلومة تطلق البصر في اتجاه النهاية المستقبلية للكفر وفتنته وفي زمن رسول الله وزمن قريش الكافرة.. ذلك يتلى على صحابة الرسول وهم في غاية الضعف والقلة بيد ان غاية الآيات هي التربية العقائدية كما ان خبرها المقسم عليه يصنع اليقين وهو وعد رباني صادق بحفظ النبي والنبوة، فهي صيغة خبرية، غيبية صادقة، تمنح الثقة والأمل ويكفي انهم فهموا وأيقنوا انهم سيبصرون مع الرسول نهاية فتنة الوثنية العرجاء، وقد تلتها في التنزيل المكي الآيات التي انتقلت بالمؤمنين من يقين الى يقين، ومن إجمال الى تفصيل ومن تصوير الى تصوير.. ماجعل الشوق يتوق الي مزيد ومزيد.. مزيد من معرفة الله وسننه في الناس والتاريخ ومزيد من التفصيل عن انزياح الكفر وتحقق الوعد.


    http://www.assabeel.net/ar/default.a...VXsYbrN37EE%3d

    وهو في الصحيفة الورقية بي دي اف ص 23
    http://www.assabeel.net/ar/DataFiles...21-24-1083.pdf

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    انهيار شرفات الاستشراق... «الأساس النفسي للافتراء»
    بقلم طارق منينة-جريدة السبيل الاردنية
    تاريخ النشر : 25/12/2009 - 10:30 م


    كيف تحولت قريش من وصف النبي قبل البعثة بالصادق الأمين إلى ما يمكن تسميته بحالة طائشة من الانقلاب على شخصه الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك لمّا دعاها إلى الله وعدله ورحمته وشريعته؟ طعنت فيه بعد نبوته وعابته بمجموعة متناقضة من الاتهامات، فرمته بالجنون والافتراء والكهانة والسحر والكذب وأنه يُعَلمه غلام/حداد/أعجمي، وأن ما جاء به ما هو إلا أساطير الأولين! بينما هم يعلمون في أعماق نفوسهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن جهولا ولا كاذبا، وأن الغلام الذي زعموه لا يُعَلم قرآنا ولا يحمل علما، وأن الرسول قد كان كما عهدوه، منذ شبابه حتى بعثته، عاقلا صادقا أمينا؛ حتى إن أحد شياطينهم وهو النضر بن الحارث قال لقريش أن يبحثوا عن "حيلة جديدة" (يحاولها العلمانيون اليوم!) غير قولهم ساحر-كاهن- شاعر: "يامعشر قريش إنه قد أتاكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد، قد كان محمد فيكم غلاما حدثا أَرْضَاكُمْ فِيكُمْ، وَأَصْدَقَكُمْ حَدِيثًا، وَأَعْظَمَكُمْ أَمَانَةً..." (السيرة النبوية، دار الصحابة، ط1، 1995، ص377). وقد قال شبيهه -وهو"ابو جهل"- بعد أن دعا عليه رسول الله لسبب أذيته للرسول في جمع قرشي عند البيت الحرام: "انصرف يا أبا القاسم فوالله ما كنت جهولا" (انظر السيرة النبوية لابن هشام،ط1، دار الصحابة، 1995، ج1، ص364). والحوار المشهور بين سيد من سادات قريش وهو "أبو سفيان" وبين هرقل عظيم الروم يكشف جانبا من هذه الحقيقة (وكان في سفر تجارة مع رهط من قريش فاستدعاه هرقل عظيم الروم (الذي كان في إيلياء بعد انتصاره على الفرس) ليسأله عن النبي، وقد حددت بعض الروايات الموضع الذي كانوا فيه بأنه غزة كما في رواية ابن اسحاق في المغازي، وفيها "فوالله إني وأصحابي بغزة") فسأله عظيم الروم: "... فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، قلت: لا.. وكان رد هرقل عليه:... وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال.. فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله، (وقد استفتح البخاري صحيحه بهذا الحديث فصار رقم 7 منه، انظر فتح الباري لابن حجر تعليق العلامة عبد الرحمن البراك، 1/73). فهم كانوا يعرفون أنه رؤوف رحيم، عاقل كريم، ولكنه التمحل والتقلب والطغيان والاستغناء والمصالح المضلة، وإنه ليبدو لي أن الانقلاب القرشي الدعائي على أمينهم وصادقهم إنما سببه طغيان المال وتسيّد الظلم والقهر، وسيادة الجهل والأفكار الدهرية والوثنية، وانتشار الفواحش، والترف المهلك، والحسد والتعصب البغيض والغلّ وكراهية ظهور الحق على يد المخالف. وكلنا يعرف واقعة اليهود مع سيدهم عبد الله بن سلام وكيف انقلبوا عليه ولما انقلبوا؟ وكيف كشف الرسول تقلبات نفوسهم بمثال واقعي! إذ سألهم عن سيدهم عبد الله بن سلام، فقالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، ثم فاجأهم بسيدهم نفسه، وإعلانه الإسلام! فانقلبوا عليه في نفس اللحظة التي مدحوه فيها، وهو ما زال معهم، لم يراوح مكانه! فعكسوا صفاته وقلبوا أخلاقه وتنكروا لشخصه ومكانته ونزاهته، وكأنهم يتكلمون عن شخص آخر! فقالوا شرنا وابن شرنا! وهكذا فعلت قريش مع النبي في مكة، مع أنها في كواليسها الخاصة يذكر بعضها لبعض صدق النبي، إلا أن الأمر هو "عداوته ما بقيت" كما نطق أحدهم. وقد يرتاب بعض القراء-ممن تأثر بالكتابات العلمانية- من صحة هذه الواقعة التي أوردتها كتب السيرة، ولذلك فليقرأ شبيهتها العصرية معنا لعل الشاهد يدله على الغائب!! وهو من كتب العلمانيين أنفسهم ومن مجالسهم الخاصة!
    يقول المفكر العلماني الكبير هادي العلوي "قال لي كُتُبِيٌّ -هكذا قال العلوي- مرموق من أهل دمشق أن كتاب التعذيب -يقصد كتاب العلوي "تاريخ التعذيب في الإسلام"- سيجلب علي سخط السلفيين والماركسيين معا. فقلت له: سخط السلفيين معروف، فما شأن الماركسيين؟ فقال: "لأنك بيّنت موقف الفقهاء ضد التعذيب، وهو جانب مشرق من الإسلام لا يعجبهم إظهاره" (الأعمال الكاملة لهادي العلوي، 124/)"...جانب فما بالك بجوانب!!
    إنها الغفلة عن الآخرة.. وحجب جوانب الحق والنبوة المشرقة!! فالظلم والاستغناء وهوى النفس يؤدي الى جحود الحق والاشمئزاز منه، والعجز الواضح في الفكر والإرادة؛ هذا هو "الأصل" والمصدر والدافع والمحرك للنفس الجاحدة المنكرة، وذلك هو "الكشف النفسي" القرآني الذي ينبغي تقديمه بين يدي الأساطير (الدهرية/ العلمانية/ الاستشراقية) قديمها وحديثها تجاه النبي والنبوة. والآيات القرآنية التالية تعرض حقيقة هذا الأصل وتكشف عن "المصدر الداخلي" لتلك النفسية، وتفضح إرادتها وبنيتها النفسية/العقلية، وتكشف منبع قراراتها وظلماتها وسبب رفضها للوحي، ومصدر حنقها على الموحى إليه. قال سبحانه وتعالى " قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ " (سورة الأنعام: آية 33)وقال سبحانه "أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ"( سورة سبأ : آية 8)، وقال "... فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُون َ" (سورة النحل: آية 22)، وقال " ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" (سورة النحل: آية 107)، "بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ" (سورة النمل: آية 66)، "كلا بل لا يخافون الاخرة" (سورة المدثر: آية 53)، "وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ" (المؤمنون: 71) ، فالعيب ليس في المرسَل بالوحي الإلهي، وإنما في طائفة ظالمة تشابهت أصولها النفسية على مر العصور، تقول كارين آرمسترونج -وهي مستشرقة معاصرة خرجت من حفرة الرهبنة فوقعت في حفرة العلمنة!- تقول مبطلة لفاعلية صياغة الأساطير الغربية القديمة عن الرسول محمد، وكاشفة عن وحدة النفسية الغربية تجاه النبي والمصدر القديم الذي انطلقوا منه في رسم سيناريوهاتهم وأساطيرهم الطائشة :"إن هذه الأساطير تكشف عن اضطراب غير صحي، وعن مرض في النفسية الغربية" (الإسلام في مرآة الغرب، محاولة جديدة في فهم الإسلام، لكارين آرمسترونج، ترجمة محمد الجورا، دار الحصاد، دمشق ط2، 2002، ص30). وتعلل كارين في صيغة أخرى بأنه "الحقد القديم" (ص33)، ويقول مونتجمري وات: "إن تشويه صورة الإسلام كان أمرا ضروريا للأوروبيين لكي يعوضوا عن هذا الشعور بالنقص" (أثر الحضارة الإسلامية على أوروبا، ص160). والغريب أن "وات" و"كارين" مع "مكسيم رودنسون" ذهب ثلاثتهم إلى أفكار مادية وحداثية في تفسير الوحي وتاريخ النبي، ولم يكن عندهم مانع من استخدام اتهامات قديمة، بل وكأغلب المستشرقين فإنهم قالوا القول ونقيضه -وسيأتي الكلام على هذا في موضعه...


    http://www.assabeel.net/ar/default.a...ZaEK29%2btg%3d


    وفي الجريدة الورقية -بي دي اف ص 11
    http://www.assabeel.net/ar/DataFiles...09-12-1094.pdf

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    يقول المفكر العلماني الكبير هادي العلوي "قال لي كُتُبِيٌّ -هكذا قال العلوي- مرموق من أهل دمشق أن كتاب التعذيب -يقصد كتاب العلوي "تاريخ التعذيب في الإسلام"- سيجلب علي سخط السلفيين والماركسيين معا. فقلت له: سخط السلفيين معروف، فما شأن الماركسيين؟ فقال: "لأنك بيّنت موقف الفقهاء ضد التعذيب، وهو جانب مشرق من الإسلام لا يعجبهم إظهاره" (الأعمال الكاملة لهادي العلوي، 124/)"...
    -
    والتصحيح
    الأعمال الكاملة للعلوي (1) خلاصة في السياسة والفكر السياسي في الإسلام ص24
    او
    الأعمال الكاملة للعلوي(1/24)
    أسف علي الخطأ الي منه ماهو مطبعي ومنه ماهو طبعي_ابتسامة

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    انهيار شرفات الاستشراق... المفتون التاريخي!
    بقلم طارق منينة
    تاريخ النشر : 06/01/2010 - 07:13 م


    لا يعني إبطال الوليد بن المغيرة (وهو قائد وثني وسيد قرشي) لإتهامات قريش السابقة -ومنها "تهمة الجنون" التي أطلقوها كبداية لإعاقة الدعوة- انه كان يحاول أن يبطل "أصل" الفرية و"مادة" الإتهام الموجه للرسول بنكران وطغيان، فهو على كل حال كان معادياً للرسول كبقية قادة قريش الكافرة وصناديدها النافرة، ولولا أن فريته الجديدة تحظى من قومه بالإهتمام والقبول "تهمة السحر" لما أطلقها، بل هم اطلقوها أولا وهو قبلها بعد رفضه لها ما أعطاها دعم من أصحاب السلطان والمال، ما يعني أنه قَبِل بهواه ما كان عقله قد نقضه ونفاه: "...قَالُوا: فَنَقُولُ: سَاحِرٌ؛ قَالَ: مَا هُوَ بِسَاحِرِ، لَقَدْ رَأَيْنَا السُّحَّارَ وَسِحْرَهُمْ...و مَا أَنْتُمْ بِقَائِلِينَ مِنْ هَذَا شَيْئًا إلَّا عُرِفَ أَنَّهُ بَاطِلٌ، وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ فِيهِ لَأَنْ تَقُولُوا سَاحِرٌ". ان سهولة قبول الإتهام الجديد وتمريره في الأوساط القرشية والتلبيس به على الناس في عملية وثنية مُلبسة للخلط بين الساحر والنبي، والكاهن والنبي، والشاعر والنبي، فتح المجال لإتهامات مماثلة تم ترويجها وقبولها فيما بعد على مستوى واسع، اقليميا ودوليا ،تمت صياغتها في سيناريوهات راحت تُرقع أساطيرها بنِتف تلك الإتهامات القرشية. وفيما كانت وعود الإسلام تتحقق ويكتسح الإنقاذ الإسلامي المدن العريقة للحضارات القديمة ويحرر فيها الأمم والشعوب ويسطر حضارة علمية عظيمة بمداد العلماء وبتجارب علمية معملية لفقهاء الكون ممن يسطرون قواعد المنهاج العلمي وهم يصلون ويذكرون الله كثيرا ، كانت تلك الأساطير تحرق نفوس أهلها في دوائرها المتبرصة البعيدة (الكنيسة الغربية)، والقريبة (الكنيسة الشرقية) التي خلطت في أدبياتها بين الكاهن المسيحي المتمرد او الهرطوقي والنبي المرسل، وبين الدجال –الساحر- والمحتال والنبي المختار، كما رأيناه في اساطير وأدبيات بيزنطة (الصورة الأوروبية الوسيطة للإسلام)، حتى عميت عن حقيقة رسالة النبي مع أنها كانت تشاهد آثارها العلمية والعقلية والمدنية والدينية في مدن اوروبية كقرطبة وصقلية ومدن الأندلس عموما وغيرها من المدن الإسلامية. ولإنحطاط إهتماماتها لم تلتفت الا الى الحطّ من شخصية محمد رسول الله ورحمته للعالمين، حتى ان "مونتحمري وات" قال في ذلك "ليس هناك شخصية كبيرة في التاريخ حُط من قدرها في الغرب كمحمد" كذلك نجد حديثا ومع ظهور نتائج حضارة الإسلام وإفادة الغرب منها أيما إفادة- ان سيناريوهات الإتهامات العلمانية العصرية لشخص الرسول محمد مازالت تراوح مكان الإتهامات القديمة وإن شانَتها بمفاتن المذاهب الحديثة. وفيما نراها تحاول فضح اساطير البهتان القديمة نجدها تزرع اساطير جديدة تتذرع بالموضوعية وتتشدق بالعلمية والتاريخية ... وقد حولت "الجنون" القرشي كما عند "غوتاف لوبون" الى ما اطلق هو عليه "الهوس"! وله في العصر الاوروبي الوسيط مصطلحات اخر.. كما تحول المحتوى النفسي لمن كله شر (هكذا وصف رسول الله قديما)الي المحتوى المقتبس من اليهود والنصارى الي تهمة "محتوى اللاشعور الجمعي" (بل اليها كلها مجتمعة!!)التهمة التي أطلقها "مونتجمري وات" (انظر الإسلام والمسيحية في العالم المعاصر لمونتجمري وات،ترجمة عبد الرحمن الشيخ، الهيئة العامة للكتاب، 1998، ص209) وهي التهمة الساقطة المستفادة من علياء فلسفة "يونج" "النفسية" وخياله المفرط والذي نقضه مفكرون اوروبيون كما نقد هو استاذه فرويد. وقد اشار "وات"الي انه استفاد تهمته من "يونج" كما في المرجع السابق ص206-208- كما يقول: "والى عمل هذا اللاشعور الجمعي يعزى كثير من الأساطير الدينية بل وكثير من المعتقدات الجامدة" (ص207)، وتبعه في ذلك "مكسيم رودنسون" -الذي قلده في حججه ومنها زعمه ان القرآن صادر عن منطقة اللاوعي عند محمد!- وكذلك ذهبت "كارين آرمسترونج" التي قالت ايضا : "إنني مدينة -تحديدا- للمجلدين اللذين كتبهما مونتغمري واط محمد في مكة ومحمد في المدينة" ("الإسلام في مرآة الغرب" لكارين ص 18)
    ويمكن القول بأن الإفتراءات العلمانية لم تتعدى حدود الإتهامات القرشية إلا أنها جاءت بصيغ السيناريوهات العلمانية الجديدة المحلاة بالمذاهب الإجتماعية والنفسية وإنشغالاتها المادية الضيقة والمنغلقة في آن ؛ وهذه الإتهامات تكاد تنحصر في انها اما اتهامات نفسية "ترتيب نفسي أو خطة داخلية قام بها محمد (زعموا) أو التهمة المونتجمرية باللاشعور الداخلي الجمعي(تراث جمعي في نفس!!)! او التهمة بالشعور بالإحباط والضياع واليتم الذي -زعم نصر ابو زيد- انها صاغت في شخص محمد ألفاظ "القرآن"(انظر مفهوم النص ص 67)، واما نقلية "نقل عن غلام أو بشر" ، واما اسطورية "نقل عن أساطير!" اساطير حضارية او وثنية او مسيحية او يهودية او هندية او يونانية ، حتى ان "شبرنغر" قال انه صلى الله عليه وسلم نقل عن كتاب يسمى "اساطير الأولين" مستخدماً لفظة النضر ابن الحارث في نسج تهمة جديدة للرسول بأن ماجاء به ماهو إلا أساطير الأولين وقد سخّف نولدكه مقولة "شبرنغر" (انظر تاريخ القرآن لنولدكه، ص15-16)، فأبطل بذلك فرية النقل الكتابي (أي عن كتاب)التي افتراها "شبرنغر" وغيره وذلك ليثبت نولدكه شيئا آخر وهو النقل الشفاهي!! يقول "إستنادا إلى ما تقدم لابد لنا من أن ننفي إمكانية إستعمال محمد مصادر مكتوبة، فهو تقبل أهم أجزاء تعليمه من اليهود والمسيحيين على الأرجح"( ص 16) ومما يدخل في هذا السياق إبطال خليل عبد الكريم لفرضية سيد القمني عن سعي الرسول لإقامة مجد قبيلته الهاشمية تحت دعوى النبوة! (التهمة النفسية والخطة الداخلية!،وهنا تنتقل التهمة في هذه الجزئية من نقل"علم"إلي نقل"حلم")، فقال خليل: لا، الامر ليس كذلك بل الفرضية هي: حلم أجداد بإقامة مجد امبراطورية قرشية لقبائل قريش وليس للفرع الهاشمي!-ويعرفنا "علي حرب" العلماني بخليل عبد الكريم فيقول انه "من أبرز أعلام النهضة والحداثة "(هرطقات عن الديمقراطية والعلمانية والحداثة..لعلي حرب ص76). مما يدخل في السياق ايضا نقد "هشام جعيط" -المفكر التونسي الذي أشاد مكسيم ورودنسون بإفتراءاته- لسيناريو "تور اندري" السويدي الذي زعم ان المسيحية السورية المشخصة في فكر الكاهن "إفرائيم" ذهبت الى اسواق العرب ومنها تعلم الرسول ما دعاه اندري "القرآن الأولي" أي معارفه الأولية!، فقال جعيط: لا ليس الأمر كذلك بل ذهب محمد الى المسيحية السورية ليتعلم منها على فترات دراسية مدعوما بلغات يونانية وغيرها فلم ينقض جعيط أصل الإتهام، ولكن صورته والأصل فاسد والصورة ملفقة ليس عليها أي دليل ومع ان جعيط ألف كتابا ليدشن هذه الفرية الملفقة من بعض ماقاله اندري وغيره الا انه قال فيه "التأثير المباشر السوري ايضا يدخل في مجال التخمينات والإفتراضات وليس لنا أي شاهد علي ذلك"( تاريخية الدعوة المحمدية لجعيط،دار الطليعة ،بيروت، ط1،2007،ص 174)، ومع ان هشام جعيط اعترف بفقدان الدليل وضلال التخمين الا انه قال بلا ارتجاف ضمير: "ونحن نلحظ أن عالما مثل تور أندري يحلل عن كثب القرابة بين إفرائيم وبين القرآن الأولي، لكن لا يجسر(!) أن يقر بتأثير واضح مباشر من المسيحية الشرقية على القرآن. بالنسبة للمؤرخ الموضوعي(!)، لا يمكن الإفلات من إقرار هذا التأثير، وهو ليس بالتأثير السطحي ولكن العميق والمستبطن بقوة، وإلا عاد محمد غير ممكن في بلده وفي زمانه، أو وجب على المؤرخ الإذعان والإقرار بألوهية القرآن مبدئيا ونهائيا والتوقف عن كل بحث" (ص164). ألم يقل جعيط (لا دليل..) فكيف يكون الدليل "عميقا" و"بقوة"!!؟وكأنه الوليد بن المغيرة يقتنع بما ليس معه عليه دليل بل ويعترف في نفس الوقت بعدم الدليل لكنه يقسم بالعلمانية علي نقيضه! يذكرني هذا ايضا بالمواقف المتناقضة التي اتخذها حسن حنفي عن النبوة والوحي والحضارة الإسلامية، حتى طرابيشي يقول في كتابه "المثقفون العرب والتراث" ص 105-128: "ان حنفي لا يصنع قضية إلا لينفيها، ولايقول رأيا إلا ليقول عكسه"(ص105) اذن، عاد وحي القرآن فوق الزمان والمكان ولله الحمد والمنة وثبتت نعمة النبوة وصار المفتون الذي دعتنا السورة الى فحصه وتأمله والنظر اليه في مسيرة التاريخ هو النمط الوثني والعلماني والإستشراقي ومن العجيب ان يكون الواحد من هؤلاء حامل لفكرتين متناقضتين في آن، فخليل عبد الكريم صنع كتابه "فترة التكوين" ليثبت ان الرسول كان ساذجا وانه استُغل من تنظيم يبدأ من خديجة وينتهي بعداس، وتحت هذا التأثير وحده انفعل شعوره الداخلي فأعلن النبوة!، اما في كتابه "قريش من القبيلة الى الدولة المركزية" فقد سطر فيه خليل عبد الكريم دعواه ان النبي رتب كل شيء في نفسه بدون معونة خارجية لإقامة إمبراطورية قرشية وفي الحقيقة فانا لم أجد أي وجود في هذا الكتاب لفرية خليل الأخرى المسطورة في كتابه "فترة التكوين"، وكأن الكاتب مختلف والمخترع له قلبين في جوفه!، لقد عرفنا العلمانيون بباطل العلمانيين!، فطرابيشي العلماني يكذب حنفي العلماني وخليل العلماني ينقض القمني العلماني بل يتناقض خليل مع خليل نفسه..ويكذب بعضهم بعضا في الإفتراءات المتصنعة.
    قال سبحانه منعما على رسوله بعلوم عن افراد وجماعات وتخرصات واختلافات في التاريخ المسطور ضد النبوة : "بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في امر مريج" (سورة ق: آية 5) كما قال سبحانه لزعماء الإفك والضلال "إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك قتل الخراصون" (الذاريات:8-10)



    وهو من هنا
    http://www.assabeel.net/ar/default.a...kw9ap12rXSo%3d
    وفي الجريدة الورقية-بي دي اف
    من هنا ص23
    http://www.assabeel.net/ar/DataFiles...21-24-1106.pdf

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    الحمد لله ...الحمد لله.. الحمد لله كثيرا طيبا
    واصل ايها الأستاذ الحبيب المكرم زادك الله خبرة بباطلهم و جنبك و ايانا من الاغترار بزيفهم و هداني الله و اياك و اياهم

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    ياسلام يااخي ابن الرومية
    كنت اشتاق لتعليقاتك مرة اخري بل مرات ومرات ومرات وحضورك هنا للمساندة المعنوية كما يقولون وللاطمئنان ايضا -خصوصا وانا اكتب من بلاد الفرنجة ولاصلة لي تقريبا باحد الا عملي يعني ابو ذر مصري ههه-كما انتظرت تعليقا من الشيخ الخراشي والاخوة من كل الاتجاهات حتي اعرف موقف الاتجاهات لو صح التعبير من الموضوع او مدى اهتمامهم بالقضية التي نحن بصدد التعليق عليها

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    بالنسبة لي سيدي فأنا أرى أنك على الطريق المستقيم حتى الآن..فالكثير ممن رد على الحداثيين لشدة حماسه كان يريد ان يحرز النصر عليهم لوحده فوقع في فخ العجلة ما جعله رده غير محيط بمقاصد القوم و في كثير من الأحيان يكون رده سطحيا ...و غفل عن أنها ليست محاولات فردية بل جيوش منظمة صار لها أكثر من سبعمائة عام من العمل الدؤوب و التخطيط و أكثر من مائة عام من الغزو و الكر و الفر...فمواجهة فرد واحد لها وحده على جميع المستويات هو كمواجهة فارس لجيوش وحده...فقد يحسن النكاية فيهم الا انها تبقى نكاية سطحية ... فينتج عن هذا ان كثيرا من الردود لا تضرب في العمق الذي يضربه الخصوم ...فضلا عن ان عدم فهم الخصوم يؤدي بهم كثيرا الى انكار ما عندهم من الحق و هو عندنا ايضا ...فيخرج الرد ضعيفا سطحيا و يظهر للمتابعين ان كلام الحداثيين اعمق ...بينما هؤلاء يبتغون الضرب في العمق المعرفي للأمة الاسلامية و الذي ينتج لها القوة التي تحتاجها للاستمرار على قيد الحياة كما صرح به كبار قادتهم كتوني بلير في خطابه الشهير..فيجب على الأقل ان نحاول النجاح في تنظيم الصفوف رجالا و نساءا..فيتكلف البعض بتحليل الأقوال و تصنيفها و فهم المقاصد و البعض الآخر يتكلف بالبحث عن مصادرهم و مشاربهم و البعض الآخر الى تحليل اصطلاحاتهم و مقارنتها بموازين الوحي بهدوء و صبر علمي الخ...الى ان يأتي شخص او اشخاص ممن لديهم القدرة على استيعاب كل هذه المجالات و لديهم الذكاء الكافي لادارة مفاتيح الصراع في الحروب الفكرية فيجد وسائل التحليل و التقييم و التصنيف أسلحة تامة..فيقود جميع هذه الجهود و الكر بقوة لقلب موازين القوى في الهيمنة الفكرية..كما تجسد ذلك في اجتماع كافة الجهود السلفية في معرفة مصادر و اقوال الجهمية و تحليلها لكي تتوج بجهود الامام احمد بن حنبل و التي اصابت المنطق الجهمي في العمق...و تجسد في اجتماع جهود المصنفين في المقالات و الملل و النقد حتى توجت بجهود الامام احمد ابن تيمية في نقد الفلاسفة فأصابتهم في مقتل ...لهذا حمدت الله انك توجهت الى التحليل و التفكيك دون التسرع في الرد مباشرة و القيام بمهمة انقاذ الأمة لوحدك..مع نجاج جيد في وضع نفسك مكانهم و فهم طريقة تفكيرهم..ما كثرت معه فائدة ما تكتب و من نفسي فقد افادني كثيرا في مجالي الذي ابحث فيه..و ان كنت اظن نفسي عارفا بالجابري على وجه الخصوص في مجالي فقد نورتني بأشياء لم تكن لي على بال..و ان شاء الله لو تابعت هكذا في الزام نفسك بمنهجية أكاديمية صارمة و وضع اهداف ممكنة و عملية لبحوثك ...فان مشروعك في نظري لن يتأخر عن ان يكون مصدر الهام لي و لغيري بالتنظيم و التخصص و العمل و التحرك في جماعة..و بالتالي الرفع من سرعة البناء الفكري الرصين المتوازن داخل الأمة بارتفاع سرعة الاستفادة و تنقل المعلومات بين أفراد هذا البناء..و ان كان عدد الأكاديميين ذوي الأهداف الواضحة قليلين و لكن ان احسنا التنظيم و في نفس الوقت حافظ كل منا على ان يكون الهاجس الأممي اقوى من هاجس المجد الشخصي (ذلك ان حظ النفس مستحيل ان يختفي بالكلية فكلنا بشر نحب المديح ) فقد نتمكن على المدى القصير ان نجعل الفئة القليلة تصمد اكثر امام الفئة الكبيرة ..و على المدى الطويل ان تزداد فرص الهيمنة التامة و تصبح ممكنة ان كان مقدرا لنا ان يرتقي الوعي الاجتماعي عندنا في المستقبل القريب..
    أما عزلتك فيبدو لي انها من لطف الله بك أستاذي فهؤلاء القوم فلاسفة و ادراك مقاصدهم يحتاج الى نوع خيال فلسفي واسع توفره العزلة و يتعذر تحصيله بكثرة المشاغل و العوارض...وقاني الله و اياك من شرور انفسنا و اعاننا على ما فيه رضاه

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    مااحلاه من تعليق اسأل الله أن يذيقني حلاوته للإندفاع الهادئ والدؤوب والمتماسك والموزون والمخلص في تكملة المشروع وبدون غرور فالثناء الحسن نافع ان شاء الله في التربية النفسية للانسان عموما في كل مراحل حياته ولذلك دعا النبي صلي الله عليه وسلم اليه
    وايضا فكما قلت انت فالعزلة بركة من ناحية ان استخدمها الانسان بصورة جيدة من قراءات مستفيضة وامعان نظر في الاقوال والنظريات والنظرات والمقارنات والفرضيات مع مراجعة مستمرة لكتب العلماء والفضلاء وقراءة القرآن فهنا تاتي العزلة الايجابية-باذن الله- بثمار طيبة وانا في الحقيقة احاول -وارجو الا تكون محاولة يائسة -ابتسامة-ان اقوم بما قام به شيخ الاسلام في كتابه نقض المنطق ولكن في حالتنا في نقد المنطق العلماني(هي محاولة على كل ) وكما قلت انت بحق على ان لا- الا- اشغل نفسي كثيرا بالردود المطولة التي قد تحجب العملية (الخطة)الضرورية الملحة وهي عمليتنا في "المقارنة العاصفة" بالعلمانيين "مرة واحدة" وبضربة لازب والردود المطولة لايستفيد منها مباشرة الجمهور لان الاطلاع عليها صعب ولاوقت للناس ولاصبر لهم عليه ولذلك فالحرب الفكرية العاصفة والمتسارعة خطواتها كما اظن اني افعلها تاتي بمفعول يقلب-ان شاء الله-السحر العلماني علي الساحر العلماني ..اما الردود المطولة كما في حالة الجواب الصحيح لابن تيمية او منهاج السنة له او الرد علي تأسيس الرازي -مثلا-قد ياتي موعدها ان شاء الله او ان يقوم بها من هو اهل لها ممن الم بجهات الموضوع وجوانبه وجوامعه وتوفرت له الرؤية المتكاملة والمهيمنة من فوق كما كانت حالة الامام احمد وابن القيم-معا- في الرد علي الجهمية-وكما في حالة ابن تيمية في الرد علي كل الفرق والفلاسفة والمتفلسفة واليونان والنصارى واليهود والصوفية المنحرفة والشيعة وحتى جمود فقهاء من اهل السنة بل حتي علماء ممن استفاد منهم مثل ابن الجوزي في التفسير وغيره
    وهذه يستفاد منها لاشك باعظم مما يستفاد من غيرها من اردود السريعة المختلفة في خطتها وجمهورها سواء لكن في كل خير

    ونلاحظ-تاكيدا لكلامك من وجه- ان ابن تيمية كان له موقف قديم من ابن عربي -اخبر عنه ابن تيمية نفسه من انه كان يحسن الظن به في بداية طلبه-فلما قرأ فكره كاملا وقارنه بالمؤثرات والخلفيات اصدر مشروعه المطول المفصل عنه في موقف جديد بعد استيعاب للمفاهيم والمصطلحات والابعاد

    واود هنا ان اقول شيء قد يكون خارج الموضوع وقد يكون داخله لكن علي كل دعني اقوله الا وهو انني فرحت فرحا عجيبا بكشف الشيخ الخراشي لفكر العلماني شاكر النابلسي وكنت اظن انه لم ينقده احد ومع ان كتب ومقالات ظهرت للنابلسي بعد رد الشيخ سليمان علي شاكر النابلسي الا ان رده كاف ككشف اولي او بالاحري الفضيحة والضربة الكاشفة الاولي والعاصفة وهي لاشك ثمينة خصوصا ان شاكر النابلسي يلعب في ملعب الجزيرة -السعودية -وبحرص بالغ يمدح فيه أمراء !! في مقالات ليفتح الطريق بهكذا طريقة الي "ضربات تصنع ثغرات" والان في جريدة الوطن بدأ يعاود الضربات-اربع مقالات الي الان بعد انتهاءه من المدح وخلافه--ل"فتح ثقوب" كما هو تعبير العلماني عبد الرازق عيد في كتابه "سدنة هياكل الوهم" في الرد في الحقيقة الكتاب ليس ردا اسلاميا او فقهيا من نواحي اخطاء معينة وانما علمانيا كما رد نصر ابو زيد علي محمد عبده من نفس الناحية وقد بينت هذه الاخيرة في الجزء الاول من اقطاب العلمانية ومر عليها الشيخ الخراشي بذكاء ولم تصنع له اعاقة في تقييم الكتاب لانه فهم الاشارة الي موضوع واشكالية "نصر ابو زيد-محمد عبده"
    واخيرا ، فتنظيم الصفوف والمتابعة ومحاولة الرد والانشغال به بصورة معتدلة يكون امرا جيدا ومفيدا نظرا لقوة ونشاط القوى العلمانية ومحاولاتها السيطرة بصورة اكثر عمقا ودهاءا علي سلطة الوعي والثقافة في بلاد الاسلام خصوصا في الروايات والافلام التي تعكس مفاهيم علمانية وتدخل كل بيت مثل افلام المخرج الجديد والشاب خالد يوسف تلميذ يوسف شاهين
    بارك الله فيك واكرمنا بحضورك دائما هنا

  14. #34

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    رفع الله قدرك وبارك الله فيك .

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    زين العابدين الأثري لاتحرمنا من وجودكم هنا ورفع الله مقامكم في الدنيا والآخرة وجمعنا واياكم في روضات الجنات والفردوس العاليات

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    انهيار شرفات الاستشراق.. تعليق وسيناريوهات
    تاريخ النشر : 20/01/2010 - 06:45 م
    بقلم طارق منينة


    عَلقّت الدكتورة حنان فاروق على مقالي السابق "المفتون التاريخي" في المساحة المتاحة للقراء بقولها: "فَنَّد القرآن ادعاءات المدعين قبل حتى أن ينطقوا بها.. قال إنهم سيفترون على الله الكذب وفعلوا، قال إنهم سيتهمون النبي بـ"الجنون" و"السحر" و"النقل" و"الادعاء" و"الهوس" و"المس" و"الشعر" وفعلوا.. والغريب أنهم مازالوا يفعلون، وهم يرون اتهاماتهم مفندة أمامهم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً... مؤلم ما تفعل البشرية بنفسها.. وأكثر إيلاماً إصرارها على الغرق". وقد كان عنوان المقال يشير إلى قوله تعالى من سورة القلم "فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون".
    وهي السورة التي نكتشف من خلال آياتها العميقة الدلالة، فضيحة الأخلاق اللاعقلانية والطائشة لمعارضي النبوة، ومنهم من هم جاثمون على صدورنا اليوم بحجة أنهم أعلام النهضة والتنوير والإبداع، أمثال: خليل عبد الكريم، وهشام جعيط، والجابري، وطيب تيزيني، ونصر، والعشماوي، وغيرهم، والذين كتب جابر عصفور "ضد التعصب" و"هوامش على دفتر التنوير" دفاعا عنهم وعن حريتهم في التلفيق والخداع، وقد أردتُ بالإشارة-العنوان، أن أثبت الواقع التاريخي لأهل الفتنة على مختلف أديانهم ومذاهبهم -من الدهريين والمستشرقين البيزنطيين، وممن أتى بعدهم من اليهود والمسيحيين والعلمانيين-، وأن الفتنة ليست في أو من جهة النبوة، فهي سبب السعادة والحضارة والعلم والخير والمصلحة لمن فقهها وعلم حقائقها وانتفع بمبادئها وشرائعها، وإنما الفتنة في جهة من وقف للنبوة والنبي بالمرصاد والشطط والبهتان، وقد رأينا عند أهلها من الهوى والتلاعبات الواعية ما يثير الشفقة عليهم، وكما قالت الدكتورة إنه مؤلم أن هؤلاء يصرون على الغرق -ويحاولون بكل وسيلة وخديعة إغراق الأمة معهم- وطوق النجاة وافر وآمن.
    فخليل عبد الكريم كمثال على الفتنة الواعية والتلاعبات العابثة اللاهية، اتخذ من الحقيقة التاريخية لأمية الرسول صلى الله عليه وسلم وسيلة لدعم سخريته وحيلته التي سطرها في كتابه "فترة التكوين" ضد الرسول، وهي فرضية عبثية مخترعة لا دليل عليها إلا أنه نسجها بدهاء، ومع محاولة تعسفية غاية في التصنع والتهكم، وكان مسارها على النحو التالي: بما أن النبي كان أميا، وبما أنه جاء بـ"الكم الغفير من المعلومات" (الأعمال الكاملة-3، فترة التكوين، دار مصر المحروسة، ط2، 2003، انظر ص 17)، وهي التي لا يمكن أن تصدر عن رجل أمي فإنه لا بد أن يكون تعلم على يد خديجة وورقة ابن نوفل بالدراسة الشفهية ليلا ونهارا، لمدة خمسة عشر عاما قبل نبوته، ورسمت "خيوط" تكاملت حلقاتها لإنجاح اختيارها وتجربتها الكبرى (انظر ص36) وأنها هي من اختارته وليس الله: "أنه موضوع التجربة الخطيرة المقدمة عليها، وأيضا لاختيار صلاحيته للنكاح؛ لأن الأمرين مقترنان متشابكان" (ص42، وانظرص169)، وكان الزواج "بدوره المدخل لغمسه في التجربة الكبرى" (ص47) ويضيف "لأنه من الحتم اللازم أن تنكح محمدا؛ أي تتخذه زوجا؛ أي تصير هي بعله؛ لأنها من جانب تطيع أمرا صارما صدر لها من سنوات" (ص72). ويزعم أنها كانت تجربة سرية في الظلام :"هذا الملحظ البالغ الأهمية.. غاب عن فطانة كل من زَبَرَ (نسخ) سطورا في السيرة... فالتجربة لها كنه مستقل، وقوام فذ، وكينونة مفردة، فهي والكتمان صنوان والسر توأمان والخفاء شقيقان، يصلح لها الظلام(!) وتنفعها العتمة، ويقويها التواري -عن الأعين- ويعينها الصمم، وإن شئت الدقة، وتحريّت الصحة، وابتغيت الصواب، قلت: التصامم" (ص238) وفي ص85 :"والتي لولاها-يقصد خديجة رضي الله عنها- لما أكمل التجربة حتى نهايتها" (وسيأتي زعم هشام جعيط أنه لولا المسيحية السورية ما كان محمد!!).
    فالإسلام عنده هو مؤامرة -يجب تجاوزه كما سيأتي من كلامه-تمت "بليل" لتدريب شاب أمي على حفظ المعلومات الدينية لتحويله لنبي أسطوري!، يقول "وفي ليالي مكة الطويلة استمرت هذه الجلسات حتى ينفجر نور الصباح فهي جزء عضوي(!!) في الإعداد والتأهيل والتهيئة" (ص129)، لكنه من ناحية أخرى يعترف بـ"ندرة أخبار التجربة.. ولذا أصابنا الجهد والإعياء(!) ونحن نلهث وراءها (أخبار التجربة المجيدة)... ومع ذلك فقد اضطررنا اضطرارا(!) للجوء لبعض الفروض التي تتناغم مع السياق(!) كيما تكتمل الصورة، وتسد الثغرات، وتملأ الفجوات" (فترة التكوين ص239)، ويتراجع عن لفظ "الندرة" إلى ألفاظ "النضوب" والخلو من وقائع تاريخية على أكاذيبه، فيقول "سنوات التجربة.. ناضبة من الأخبار، وشلة من النوازل، مليطة من الوقائع، معراة من الحوادث" (ص236) ولذلك وصفها بـ"العقبة الكؤود -بالنسبة للتجربة- ندرة الأخبار والوقائع" (ص235)، ومع ذلك يقول جازما متيقنا "إن هذا الكتاب من أهم أغراضه الكشف عما فات القدامى والمحدثين" (ص44) ويقول وهو على غير يقين مما سطره "ونحن لا نزعم أن غاية الكتاب هو الحقيقة المطلقة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، إنما هي جهد متواضع لفتح مغلاق(!)" (ص 19)، والسؤال الآن: إذا لم تدون كتب التاريخ أي وقائع لهذا التدريب الليلي المزعوم، فكيف يؤكد-العلماني- أنه حدث وكل ليلة -ومن الليل حتى الفجر- ولمدة 15 سنة؟ وهل تُلغى النبوة بهذه الظنون والتلفيقات والتناقضات؟ ومعلوم أن الروايات التاريخية تكذب سيناريو تعليم الثقافة المسيحية-المزعومة- من خديجة رضي الله عنها لمحمد كل ليلة حتى الفجر، ففضلا عن أنه لم يحاجج النبي أحد من المشركين في مكة -وهم أعرف الناس به وبأهله- بأن ما جاء به تعلمه في جلسات مطولة مستمرة وليلية من خديجة رضي الله عنها وورقة ابن عمها، كذلك فإن سؤال خديجة رضي الله عنها لورقة بن نوفل يوم مجيء الوحي للنبي عن (من هو جبريل أو ما هو؟) ينسف هذا السيناريو تماما، فكيف تقوم بتعليم الرسول هذه العلوم الدينية الكثيفة ليل نهار طيلة هذه السنوات ثم لا تعرف -وهي المعلمة-من هو جبريل؟ خصوصاً وهو القائل "فهي من باب اليقين قد استوعبت الأسفار... من التوراة والإنجيل" (فترة التكوين ص 13) وكيف يعرفه ورقة ويجيب على سؤال ما هو جبريل، وهي المشاركة له كما يزعم خليل ولا تعرف هي ذلك، بل تسأله بعد خبرة 15 عاما من التعليم والأستذة؟، إن سؤالها في الحقيقة دليل براءتها من افتراءات العلمانيين والمستشرقين، وقد أورد خليل قول خديحة وسؤالها في أكثر من موضع من كتابه، ليس كدليل على براءتها، وإنما كدليل على أنها كانت حلقة وصل (الحلقة الكتابية الخارجية"ص128") في تعليم محمد فهل تغيب هذه المعلومة طول هذه الفترة عن الوسيط والمعلم الذي له-بزعم خليل عبد الكريم-صلة بقساوسة الجزيرة العربية، صلة تنظيمية، وهو الذي قال "المؤكد(!) أنها جالستهم ونشبت بينها وبينهم محاورات قوامها العلم الكتابي، مما يزيد ثقافتها الدينية علما.. وإلا لما(!) نجحت في إنجاز التجربة الفذة" (ص128)؟! ويزعم فيما يتهم وهو يستعمل المذهب المادي، فيقول عن ما زعمه من إعداد دقيق للتجربة المزعومة :"ولولا هذا الخلط البارع... لما قدر(!) لها "التجربة" الفلج الذي ملأ الدنيا وشغل الناس منذ أربعة عشر قرنا، وما زال يشغلهم حتى الآن ما لم تتبدل(!!) أحوالهم الاجتماعية والإقتصادية والثقافية(!) وما لم يتحلحل حراس الإسطير المخيم، وحلاس التراث المبارك عن أماكنهم الميمونة"!!!(ص84). كما أن زواج خديجة قبل النبوة مرتين، ولها أولاد ممن توفاهم الله قبل زواجها بالنبي، ينسف المحور الآخر الذي بنى عليه خليل عبد الكريم أركان فضيحته: وهو أن خديجة رضي الله عنها كانت تراقبه منذ الصغر لتتزوجه "لأنه المرشح الأوحد للنكاح وتوابعه شديدة الخطر"(ص48) لتدخله وتغمسه في تجربة دينية ارتبطت في خيال خليل عبد الكريم بجلسات مطولة، إذا كان كذلك فلِما تزوجت لا مرة واحدة ولكن مرتين، فقد تزوجت مرة ثانية بعد موت زوجها الأول؟.. فهذان برهانان ناسفان لطائشة خليل عبد الكريم ولله الحمد والمنة. ويكفي استدعاء كلام له في الرد على من زعم أن الرسول تعلم القرآن من "حدّاد" في مكة يسمى بلعام لنقيمه دليلا عليه، انظر إليه يقول: "المدة التي كان يمكثها محمد مع بلعام أو يسار أو جبر -حتى ولو كان هؤلاء يجيدون الحديث باللغة العربية - لا تتيح لهم أن يمدوه بهذا الفيض الزاخر من المعارف، ولم تقل لنا إحدى الروايات أو كلتاهما أن محمدا كان دائم اللباث عندهم، أو كان كثير اللزام لهم أو كان طويل المكث لديهم، يقضي معهم الليالي الطوال، أو يعقد معهم الجلسات المادّة" (ص17) والسؤال الآن: هل قالت الروايات أن الرسول كان يقضي مع خديجة وورقة الجلسات الطوال، كل يوم، عاما بعد عام إلى 15 عاما ليمدوه بهذا "الفيض الزاخر من المعارف"؟ وقد قال خليل عبد الكريم نفسه كما تقدم أنه لا حوادث ولا وقائع ولا نوازل على جلسات التهيئة المزعومة، الجلسات الطوال! والتي عند خليل تمثل "الجزء العضوي" من أسطورته الفاشلة، لقد قال خليل عن اتهام قريش للرسول بأن حدّادا مدّه بالعلوم القرآنية، قال "سبق صناديد مكة أولئك المستشرقين الذين ذكرناهم بفكرة لا تقل ركا، وتنافسها في السخف، وتباريها في الضعف، وهي أن محمدا تعلم القرآن من.. "حداد" لمكة" (16) فهل يمكن أن نقول في فريته نفس الكلمات (سخف-ضعف-ركا-تمحل-تكلف-اصطناع) (انظر ص16) خصوصا أنه نفى تهمة تعليم الغلام-الحدّاد للرسول لا لوجه الله - كما قلنا إنه أثبت أمية الرسول أيضا لا لوجه الله -ولكن ليجعل بدلا عنها فرية :"تعليم خديجة وقساوسة لمحمد" في مؤامرة مسيحية خضع لها تماما ونتجت عنها دعوته!!!..
    إن الزعم بوجود الدليل ثم قول نقيضه، والاعتراف بخلو الحوادث منه في نفس الوقت الذي يتم فيه رسم سيناريو آخر نقيض، وهو سيناريو حلم الإمبراطورية القرشية، ليدل على أن الأمر لم يكن غرضه طلب الحق وإنما المخادعة والتلاعب بالنصوص؛ من أجل إلحاق مساس ما بالإسلام. وهو دليل إضافي على المرض والحقد والغل التي أشارت إليه كارين آرمسترونج وقد انتقل من بيزنطة القديمة والحديثة إلى العلمانيين العرب. كما أن الزعم بالرأي الجديد "رؤية جديدة نزعم أنها غير مسبوقة"! (ص18) مفضوح؛ لأنه أخذ معظم افتراءاته من سيناريو لطيب تيزيني عن تعليم خديجة للنبي وتهيئته بمتابعة أوامر تنظيم - الذي أخذ بدوره كثيرا من نتف أسطورته الطائشة عن مستشرقين- لكن تيزيني جعله تنظيما دوليا غربيا! أما خليل فقد أغلق دائرة التنظيم داخل حدود الجزيرة! فيما انفتح جعيط على الشام!. إن كلا من هؤلاء يختار فرية ثم يفكر ويقدر ويقلب فيها.. ثم يبني عليها سيناريو أسطوريا كاذبا. وهو ما يسمونه "التنوير" ظلما وبهتانا.


    http://www.assabeel.net/ar/default.a...aciBNK0RdOw%3d

    وفي الجريدة الورقية بي دي اف ص 23
    http://www.assabeel.net/ar/DataFiles...21-24-1120.pdf

  17. #37

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    الأستاذ الفاضل /طارق منينة
    وفقكم الله وسددكم ونفع بكم!
    قرأت هذه السلسلة المفيدة خلا المشاركتين الأخيرتين ،وقد استفدت منها استفادة كبيرة ، ورأيت من المتحتم علي أن أقدم لك الشكر على مجهودك.

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية


    انهيار شرفات الاستشراق.. صبيانية علمانية
    بقلم طارق منينة
    (مقال غدا من جريدة السبيل الاردنية)

    تاريخ النشر : 09/02/2010 - 07:16 م


    زيادة على مزاعم المستشرقين المسيحيين واليهود من تأثير ورقة ابن نوفل وغيره على الرسول، وتحت المفهوم العلماني المادي "جدلية الداخل والخارج، الفكر والواقع" أضاف طيب تيزيني سيناريو أبعد في الضلال مما رسمه المستشرقون الغربيون، بل وأبعد مما رسمته الأساطير البيزنطية القديمة والساذجة في آن، مستخدما في التلفيق والتنسيق والتعديل جهازه المفاهيمي المعرفي (اللامعرفي بالأحرى!) للمادية التاريخية كما وصفه بنفسه (انظر مشروع رؤية جديدة للفكر العربي، مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر، دار دمشق، ط1، 1994، ص36، 41، 176) مغيباً لحقائق، وزارعاً لأغاليط وأساطير، وناسجاً لمؤامرة "تنظيم مسيحي معارض" استدرج النبي واحتواه وصنعه بزعمه! ومستخدماً لدعم تفسيره المادي والأسطوري أفكار مكسيم رودنسون اليهودي وغيره مثل "هنري ماسيه" و"ديلاسي أوليري" و"تور أندري" (انظر ص 177، 370)، و"رودنسون" كما هو معروف صاحب تفسير مادي للسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي. كما استخدم تيزيني أفكار وتحليلات بندلي صليبا الجوزي (انظر 188)، ومعلوم أن بندلي اعتمد على دراسات نولدكه ولامانس وفلهاوزن وجولدتسيهر وغيرهم، كما اعتمد التفسير الاقتصادي المادي للتاريخ، ولذلك أُعجب به تيزيني، ونهل منه، كما أن لـ"بندلي" قولا يصب في أسطورة تيزيني بدرجة ما، وهو أن النبي انتُدب ليكون مُصلحا لبلاده!!، وكذلك اعتمد طيب تيزيني على الرواية الخيالية التي كتبها طه حسين "على هامش السيرة" وبعض مشاهدها التي نسجها طه حسين من محض خياله، ومكر حباله، وسيأتي في الحلقة القادمة اعتماد تيزيني في شأن زعمه بوجود تنظيم دولي سعى إلى تهيئة من يحمل أحلامه وأساطيره الدينية، على خيال طه حسين الذي هو محض افتراء. فأقام تيزيني أمر التنظيم -وهو يعلم- على جُرفٍ هارٍ من رمال طه حسين المتحركة، الذاهبة بالدين والدنيا معا، فالتقى الخيال العلماني القديم على تلفيق وأمر قد حُفر وسُطر ودُبّر. كذلك اعتمد تيزيني على أفكار ومنهج مونتجمري وات (انظر ص195)، وهذا الأخير كان قد قال إنه بمجيء محمد كان هناك "مشروع قرشي" اقتصادي مادي للتغيير(!) ناهَضَهُ "مشروع محمدي" مادي للتغيير أيضا! فقال تيزيني: لا، بل هما مشروع مادي واحد هو مشروع قريش، وقد أتمه محمد وانتهى إليه ونفذه، وهو الإستراتيجية-المزعومة طبعا- القرشية الكبرى! (انظر ص 195). والمدهش أن التنظيم الدولي اختفى من مخيلة تيزيني وهو يلفق المشروع القرشي المزعوم، على الرغم من أن غرض أسطورته هو إثبات مشروع "خارجي غربي مسيحي" معارض للإمبراطورية الرومانية!.. وتنتهي الأسطورة إلى نتيجة وهي أن محمدا رسول الله كان ينفذ أجندة خارجية بحيلة زوجة!. ولقد ورث خليل عبد الكريم من طيب تيزيني عملية الاحتيال والتناقض الآنف الذكر معا، مع زيادة تلبيس وتحوير وادعاء، فصنع للمشروع القرشي أكثر من كتاب يؤكد فيه اتهام تيزيني بدون الإشارة إلى مصدره، وبادعاء الكشف التاريخي! كما صنع لمشروع التنظيم كتابه "فترة التكوين" إلا أنه قَصَر حدود التنظيم على الجزيرة العربية، بخلاف تيزيني الذي كان قد جعل روما مصدر التنظيم مع مستعمراتها، ففي أسطورته التي صنع لها كتابه "مقدمات أولية..." لإعادة تركيب التاريخ الإسلامي كما يحلو لماركسي أن يفعل، ادعى تيزيني أن المشروع الإستراتيجي المُصَنّع لمحمد (رسول الله) هو بيزنطي-مسيحي- غربي، مُخطط له، جاء من "الخارج!" -وليس من"الداخل!" لتحقيق حلم المعارضة المسيحية البيزنطية، وهو حلم -بحسب طيب تيزيني- جاء من روما، وتوغل في مستعمراتها حتى سيطر في نهاية المطاف على مكة. ومن ثم على خديجة التي أُرغمت -بزعم تيزيني- على الزواج من محمد، الذي استُدرج بالأمر البيزنطي الصارم! وهو ما يعني أن الإسلام -والرسول- ما هو إلا نتاج اختراق ومؤامرة "المعارضة المسيحية في الإمبراطورية البيزنطية"!! (وبلفظ طيب تيزيني :"أنه كان مخترقا من الخارج البيزنطي"(انظر ص 242)) وهنا أيضا وفي هذا السيناريو لا نرى أثرا للحلم القرشي المزعوم الذي زعم تيزيني أن محمدا نفذه وتبناه!، فالنصرانية بزعم تيزيني كمنت وراء ظهور الإسلام، وقامت بتحفيز محمد (رسول الله) عن طريق استدراج امرأة له -وهنا أشم رائحة الأساطير البيزنطية المتراكمة المتعفنة تاريخيا!- ليتزوجها ليدخل في دائرة الرصد والتصنيع التنظيمي الخارجي، وكأنه تنظيم ماركسي في عقل تيزيني!
    لم يشعر تيزيني بتعارض فكرة الحلم أو المشروع القرشي مع الحلم أو المشروع البيزنطي، لكنه شعر بتناقضه في جعل "دعوة محمد صلى الله عليه وسلم" تحقيقا لدعوة خصومه من قريش، فحاول سد الثغرة بقوله بأنها "وإن بدت لفترة ما مناوئة لذلك المشروع فإنها خضعت له في نهاية المطاف بمثابته المشروع الإستراتيجي الكبير"!!!(ص 196)، مع أن الذي خضع في النهاية هو قريش، وقد آمنت بالإسلام الذي هدم تطلعاتها المادية، وتصوراتها العصبية، والتي انتقل أفضل رجالاتها وقادتها من النقيض إلى النقيض، من الكفر إلى الإيمان، بعد أن حاربت الإسلام لعقود أو لسنوات، واضطهدت المؤمنين وطاردتهم، وقد سجل القرآن وقائع الحرب على الإسلام بما لا يدع لأحد مجالا للشك في اختلاف دعوة القرآن عن أهداف قريش والقبائل المحاربة للرسول، لكن يبدو أن عقل تيزيني، وهو يشتغل غلاًّ وحقداً بالتلفيقات، لا يبالي بكمّ التناقضات والغرائب التي تلفها.. لا يعنيه تناقضها الداخلي بقدر عنايته بصب زيت الأهواء الثقيلة في أتون المحرقات المادية الجدلية التي رأيناها أخيرا -فلسفة وواقعا- تحطم نفسها، وتأكل ذاتها بعد سقوط أساطيرها الأصلية الماركسية، وفي التعديلات الفاضحة عليها، بل والمناقضة لفكر رجالاتها الأوائل!
    هنا يمكننا فتح قوسين فنقول: هل سرق خليل عبد الكريم أفكار طيب تيزيني وعدّل فيها، سواء أكانت فكرة خضوع خديجة لأوامر خارجية للزواج من محمد، أو تطويعه لتنظيم أو لمشروع!؟
    دعوني أقول إن إلهام خليل في أساطيره عن النبي كان تيزينياً، وأما في سخريته من النبي فكان كتاب "ذهنية التحريم" لصادق جلال العظم، وتحريضه.
    لاشك أن عملية التبني والاستلهام للأكاذيب العلمانية والاستشراقية عن الرسول والقرآن (تحوير -تعديل- دمج- تلوين) تجري اليوم بصورة شديدة المكر، وفي غفلة من أغلب القراء، وهي تجري على قدم وساق في البيئة العلمانية العربية المقلدة حتى النخاع والأذقان والأمخاخ، وبمشروعنا هنا نعمل على تفكيكها وفضحها؛ لأنها كما قال منير شفيق في كتابه في "الحداثة والخطاب الحداثي" (المركز العربي الثقافي، ط1، 1999، ص29) هي الوجه الفكري للاستعمار، فإن ما جرى في المجالات الاقتصادية السياسية والعسكرية "حدث مثله تماما في المجال الحضاري والثقافي والإيديولوجي كذلك"
    وقد رأينا هنا كيف عدّل تيزيني فكرة مونتجري وات -صاحب التفسير الاقتصادي المادي للإسلام- عن المشروعين الملفقين، ليصيرا عند تيزيني مشروعا ماديا واحدا (داخل التفسير المادي الجدلي!)، فما أرادته قريش وحلمت به حققه محمد-صلى الله عليه وسلم- بزعمه!، كما رأينا كذلك تعديل هشام جعيط لمسار أسطورة تور أندري (القس السويدي!!).. مع ملاحظة أن (العلماني هنا انطلق من خيال قسيس! فهي دائرة مغلقة من الأهواء) فجعيط انطلق من تور أندري لا من وقائع تاريخية، بدليل اعتراف جعيط نفسه، بل وزيادة على ذلك أقول: إن جعيط لم يقرأ تور أندري أولا، إلا من خلال أطروحة "طيب تيزيني" الخاطئة الكاذبة -والأمر شبيه بقراءة خليل عبد الكريم لتيزيني عن مشروع وتنظيم المؤامرة، فلولا تيزيني ما ظهر خليل هذا الظهور، ولولا تور أندري وإشارة تيزيني ما ظهر مشروع جعيط للسيرة !- ويمكن القول إن هشام جعيط سرق زعم طيب تيزيني القديم (فتوقيت وزمن أطروحة تيزيني كان 1994) عن تأثير المسيحية السورية على "القرآن" الأولي، واحتجاج تيزيني في ذلك بفكرة تور أندري كما أشار (فالتأثير يمر من أندري إلى تيزيني هذه المرة!) (انظر مقدمات أولية ص 370)، فتلقفها جعيط بعد أن أعجبته الفكرة وزعم الاقتباس والتأثير، وصنع منها بحثا ضخما هو كتابه (تاريخية الدعوة المحمدية في مكة، 2007 ) وأراد أن ينفرد به، وكأنه مبدع في الاتهام مع اعترافه بفراغ اليد من الدليل!! ومع أن تيزيني أفرد للفكرة (المقتبسة بدورها من تور أندري!) صفحة واحدة فقط، إلا أن جعيط حوّر في أسطورة أندري، وحوّل مسار التأثير، فنسب للرسول ما لم ينسبه أندري نفسه، وذلك في كتاب ضخم يفتخر به العلمانيون والمسيحيون في مواقع الإنترنت، مع أنها معتمدة كلها على الخيال والأهواء!
    إن أصل افتراءات خليل عبد الكريم وهشام جعيط أُخذت "مُصَغّرة" من طيب تيزيني، ثم نُفخ فيها وكُبرت وحُورت، وادعى أصحابها أنهم لم يُسبقوا إليها!.. وهذا يشبه من وجه تعديل العشماوي وسيد القمني بعد اقتباس لأسطورة فرويد عن النبي موسى، وقد شرحتُ ذلك في كتابي أقطاب العلمانية (2) وهكذا فإننا نرى المشهد مثيرا للغثيان، فالمصدر المخترع لـ"مسارات" الافتراءات "علماني غربي" تمتد نتفه وعروقه إلى تاريخ الحقد البيزنطي، والتعديل والتلوين والتقليد والسرقة والانتحال "عربي طفولي ساذج" بل الطفل بريء بخلاف سارق ألاعيب الاستشراق وتضابيره وأضاليله.
    إن أهم سقطة وقع فيها طيب تيزيني هو نسجه أسطورته من تلاعبات طه حسين الروائية الأسطورية. فلننظر كيف تم حبك السيناريو، لنرى على أي أساس اعتمد فيلسوف المادية التاريخية العربي والكاتب في جريدة الاتحاد الإماراتية، والبالغ الآن من العمر أرذله!؟


    http://www.assabeel.net/ar/default.aspx?xyz=U6Qq7k%2bcOd8 7MDI46m9rUxJEpMO%2bi1s7H98hkzA B%2fZMhT9JtqggvtTwexZz8lc53S5X F6Ay17QKxbOqY6IhYFmdc%2fHaXeJq gnAXAhG5QSP%2f5ib6rmIpl7gIkzFY CtWT7zJGG0mDcd1g%3d


  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    وهذا هو رابط المقال الفائت-وهو مقال اليوم الاربعاء- بي دي اف وهو ص 23
    http://www.assabeel.net/ar/DataFiles...21-24-1140.pdf

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    759

    افتراضي رد: سلسلة:انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية

    انهيار شرفات الاستشراق
    علمانيون على هامش السيرة
    بقلم طارق منينة




    نسج طه حسين في روايته «على هامش السيرة» الجزء الثاني منها، من قصة «سلمان» الفارسي، شخصية خيالية وهمية سماها «كليكراتيس» الرومي وجعله فيلسوفا الا انه كان يلقبه بألقاب أخرى مثل «الفتى» (ص57)! و»الشاب» (ص52) و»فتى روميا» و»الكهل الرومي» (ص123) ومرة بـ»الغلام» ومرة بـ»الفيلسوف الشاب»(ص78) و»الفيلسوف الفتى» (ص 58) ومرة بـ»الوثني» ومرة ينادى بـ»يا بني» (ص52) ما يدل على انها شخصية وهمية اخترعها طه حسين إختراعا.
    وقد احتل تصوير حوارت تمثيلية قصصية لهذه الشخصية الخيالية مساحة ثلاثة أرباع الجزء الثاني (136 صفحة). وبدل أن كان سلمان الفارسي في القصة «الحقيقية» و»الأصلية» من «فارس» ومن قوم يعبدون «النار» رأى الرسول وآمن به ومات على حبه وطاعته، فقد جعل طه حسين من «كليكراتس» فيلسوفا روميا وثنيا في القصة التمثيلية المستنسخة عن قصة سلمان بتغيير كبير وتعارض واضح ما بين شخصية سلمان الفارسي وعقله وايمانه، والشخصية المخترعة للحاجة العلمانية المتسترة في رواية. فقد جعل فيلسوفه معارضا لقصر روما وللمسيحية ايضا، وإرادته أن يزول «عن ملك قيصر كله».. وفي طريقه للهجرة قابل «الشيخ الراهب» الذي دله على «بحيرا» الراهب وقد صنع طه حسين حوارات مختلفة بين «الفيلسوف الحائر»، ورجالات في السلطة القيصرية وضع فيها على لسان الفيلسوف ما اراد طه حسين نفسه قوله لمعارضيه في موقفه من الوحي والعقائد! وعلى كل فهو قد اقتنع «اقتناعا عاطفيا» -بحسب طه حسين- بما أخبره به «الشيخ الراهب» عن قرب ظهور نبي في بلاد العرب، يقول طه حسين: «فما زال الفتى... بعدما سمع من صديقه الشيخ... ما زال الفتى بعد هذا كله وبرغم هذا كله، حائرا مضطربا، موله النفس يكاد يمزقه الصراع بين قلبه وعقله(!)» (ص85)، وعن الآيات التي سمعها من بحيرا الراهب والشيخ الراهب يقول طه حسين: «فمال اليها قلبه، واستراح إليها ضميره! ولكن عقله ما زال لها منكرا،...لأنه عقل فيلسوف»! (ص86).
    لم يُرِد طه حسين بروايته ان تكون رواية عن السيرة تقليدية او اسلامية تماما فهو لم يكن ينسج هذه «السيرة الخيالية التمثيلية» المعتمدة على بعض الوقائع التاريخية لتكون خالية من مضمرات وتصورات و»آمال» الخيال العلماني- الاستشراقي، وما يحاولون زرعه في العقل المسلم من فرضيات علمانية عصرية عن الدين وما يحشرونه بين السطور من مرموز ومدسوس، ومنها -كمثال- محاولة زرع فلسفة التفرقة بين ما يزعمونه «ميل العاطفة» الى ما لا يقبله العقل ولا يقره العلم لكن يريحها، وهو عندهم الدين والغيبيات الواردة في القرآن والسيرة والقصص القرآني، وبين حكم العقل والتفكير العلمي (العلماني في الحقيقة وليس العلمي!!) وقد تقدم كيف وضع طه حسين هذه المقوله العلمانية التي صارت -بعد مرور عقود على وفاة طه حسين- شعارا لمذاهب ما بعد الحداثة مؤيدا بنظريات غربية جديدة! شارحا بها موقف شخصيته الوهمية (الفيلسوف الرومي) من الآيات والمعجزات والأخبار عن النبي محمد والتي وردت في التوراة والإنجيل، فأصبحت الفكرة العلمانية لما بعد الحداثة هي: لا جناح على المرء، وان كان فيلسوفا، من تقضية وقت الفراع في سماع هذه الأحاديث -أو الإيمان العاطفي بها - طالما هو لا يستمع اليها على انها حقائق تاريخية أو علمية! وهو ما يريد كثير من العلمانيين اليوم ان يكون اسلامنا العصري عليه! فهو للعاطفة ولمداعبة الخيال لا حرج، لا كحقائق فهذا هو الحرج عندهم! وإنما للحاجة الى شيء من الباطل المفيد للخيال كما يقول هاشم صالح واركون وغيرهما.
    فالإنسان ميّال الى الإسطورة، والإسلام عندهم هو من الاسطورة والباطل المفيد احيانا هكذا يقولون، وسيأتي في موضعه من هذه السلسلة بيان ذلك موثقا من كلامهم. وهو ايضا ما لمّح به طه حسين في مقدمة روايته فقال عن السيرة وأخبارها: «ان هذه الأخبار والأحاديث إذا لم يطمئن إليها العقل، ولم يرضها المنطق، ولم تستقم لها أساليب التفكيرالعلمي، فإن في قلوب الناس وشعورهم من ميل إلى السذاجة، واستراحتهم إليها من جهد الحياة وعنائها، ما يحبب إليهم هذه الأخبار ويرغبهم فيها... وفرق عظيم بين من يتحدث بهذه الأخبار إلى العقل على أنها حقائق يقرّها العلم وتستقيم لها مناهج البحث، ومن يقدمها إلى القلب والشعور»!!(المقد ة).
    كذلك فقد ركّب طه حسين صوره الروائية من خليط جمع فيه بين امور تاريخية حقيقية عرضها في صورة تمثيلية مع اضافة «شخوص مخترعة» منها قصة «الفيلسوف الرومي»، وشخصية خيالية أخرى أخطر هي شخصية الرومي «نسطاس» وكذلك «الشيخ الراهب» وغيره. وقد كشف طه حسين من خلال شحصية «نسطاس»عن موقفه من الوحي ومصدره بصورة مركزة ومفهومة فيها من التلميح الشيء الكثير ما حفز طيب تيزيني الى الاستعانة في تحليله المادي بالرواية وشخوصها الدخلاء على السيرة الحقيقية وأوحى لقرائه انها شخصيات تاريخية عاشت أحداثا تاريخية حقيقية وشاركت في تكوين البنية المعرفية للرسول أو لمن أثر عليه بزعمهم! ..
    خلط طه حسين ذلك بتصورات وتخرصات أخرى «متسللة» و»منسابة» داخل الإطار الروائي لتمثيليته، وهي اصلا من انتاج خيالات الأساطير الاستشراقية القديمة.. حَبَك صورها وصاغ تمثيلها بلطف ودهاء وبراعة ولغة رائقة وتقدير وتركيز، مع زعمه انه لم يفكر ويقدّرها تقديرا: «ولا قدّرته تقديرا ولا تعمّدت تأليفه وتصنيفه كما يتعمد المؤلفون وإنما دُفعت إليه دفعا(!)، وأُكرهتُ عليه إكراها(!)» (مقدمة الكتاب)
    خلط في «تمثيليته» وروايته بين أقوال المستشرقين من تواجد «غرباء» من كل صنف ولون في مكة، وبين ما تقدم مما أشرنا الى أنه دسه بين السطور وما وضعه على لسان شخصياته، وقد زعموا ان اولئك «الغرباء» كان لهم تأثير على محمد ونبوته والقرآن الذي أُنزل عليه، وانهم كانوا جزءا من «مصادر» معلومات محمد وثقافته القرآنية وتكوينه المعرفي! (وهذا الجزء استغله طيب تيزيني –وغيره- بصورة مغرضة، وبنى عليه فرضيته الماركسية واستخرج منها اسطورته الكاذبة).
    بيد ان طه حسين اكتفى هنا في مشاهد قصة الفيلسوف الوثني المعارض لقصر روما وهجرته من بلاده بربطه ببحيرى الراهب والشيخ الراهب بدل القساوسة في قصة سلمان الفارسي الذين دلّوه على مكان هجرة النبي القادم، لم يذهب في خياله الى أكثر من ذلك (على الأقل في هذه الحبكة التمثيلية التي استغرقت منه 163 صفحة من الجزء الثاني!، لم يستطع على طولها أن يفعل الشيء الكثير من الترميز والإضمار تجاه النبوة ومصدر الوحي غير ثورة الفيلسوف النقدية وعلاقة عقله وعاطفته بالأخبار والمعجزات وهو لا شك شيء خطير وكبير الا أن هذه نتيجة لما سيضعه في الجزء الثالث على لسان «نسطاس الرومي» وعمرو بن هشام (أبو جهل) و»ورقة بن نوفل»!
    هذا فيما رأينا طيب تيزيني -وهو من جيل ما بعد طه حسين- يعتمد ويحتج على زعمه بالتأثير والاختراق البيزنطي وغيره فكرا وتنظيما واستدراجا لخديجة ومحمد (رسول الله) وتشكيلا لمادة الوحي وعلوم القرآن، يعتمد في تلفيق هذه التهمة على رواية طه حسين كمصدر له في هذا الاتهام الطائش!! وكنتيجة لذلك ينتهي الى القول بتأثير «الأجانب-الغرباء» على أهل مكة ومن ثم على «الحركة المحمدية» (نشأة وتأسيسا) كما هو عنوان كتابه! –ومن هؤلاء «الغرباء» فيلسوف طه حسين «المخترع ذهنيا» -وسيأتي بيان اعتماده أيضا على شخصية «نسطاس» ليقيم بها حجته المادية المضاهية للحجج البيزنطيه وسيناريوهاتها الباطلة.
    لنر الآن كيف يمكن للعلماني المعاصر ان يلفق اسطورة عن النبي محمد ويستل منها نتيجة في محاولة طفولية لإطفاء نور الله.
    يقول طيب تيزيني: «يتعين على الباحث في مرحلة التمهيد (!) للحركة المحمدية (!) على نحو خاص، أن يضع في اعتباره أن البنية الطبقية والفئوية لطبقة الرقيق وشرائح المتسولين والخلعاء والمطاردين والصعاليك كانت تنطوي على اختراقات ثقافية كثيرة ومتنوعة... (وكان من هؤلاء احيانا من تميز بصفته مثقفا أو مفكرا أو فيلسوفا)...إن ذلك أسهم (!) في بلورة الموقف الايديولوجي والثقافي...» الحركة المحمدية كانت في إحدى محفزاتها الكبرى -تعبيرا عما تمخضت عنه عملية الإحتكاك الواسعة بالمعنى الحضاري التاريخي، بين الحجاز من طرف وبيزنطة وفارس من طرف اخر أولا» (ص241-242).
    وفي الهامش يقول تعليقا على كلامه من ان من هؤلاء من تميز بصفته فيلسوفا: «انظر ما ذكره حول ذلك، على سبيل المثال طه حسين في: «على هامش السيرة»، الجزء الثاني، دار المعارف، بمصر 1963، خصوصا الفصل المعنون «الفيلسوف الحائر»... في الجزء الثاني –يقصد من رواية طه حسين- يجري الحديث عن علاقة وثيقة بين زيد بن عمرو بن نفيل وفيلسوف «أو حكيم» رومي هو «كليكراتيس» الذي وصل الى الحجاز مسترقا»).
    أرأيت كيف يستغفل قارئه بقلب «خيال» طه حسين الحديث الى «واقع تاريخي» ويحاجج النبوة بما «قدر في ذهن» علماني عصري مثله من خيال؟!
    ذلك انه فيما تشير رواية طه حسين الى ان هذا الفيلسوف، كان يبحث عن النبي ليؤمن به نرى طيب تيزيني يقلب الأحداث الخيالية -اصلا!- التي اخترعها طه حسين وقال عنها –اي طه حسين- نفسه وبصراحة وهو يخترعها «وأحب أن يعلم الناس أيضا أني وسعت على نفسي في القصص ومنحتها من الحرية في رواية الأخبار واختراع الحديث ما لم أجد به بأسا» (مقدمة كتابه «على هامش السيرة»)، نجد طيب تيزيني يجعل هذا الفيلسوف –المصطنع في مصانع المخيلة العلمانية العصرية الواسعة الخيال والصورة والحيلة والمكر- من أهم «مصادر» التأثير البيزنطي على الحركة المحمديةّ في كتاب عنونه بـ»مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر(!)، نشأة وتأسيسا»!

    http://www.assabeel.net/ar/default.a...i5DomkxuoCA%3d

    والمقال بي دي اف من هنا ص 23
    http://www.assabeel.net/ar/DataFiles...21-24-1153.pdf

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •