تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: تخريج حديث ( من تعلم علما مما يبتغى به الله ..)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    518

    افتراضي تخريج حديث ( من تعلم علما مما يبتغى به الله ..)

    بسم الله الرحمن الرحيم :



    الحمدالله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه :



    أما بعد:



    هذا جزء خرجت فيه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : (من تعلم علما مما يبتغى به الله ، لا يتعلمه إلا ليصيب عرضا من الدنيا ، لم يجد عرف الجنة)،مع بيان درجته ،وقد سبق لي جمع طرق إسناده ،ولكن ضاعت مني الطروس التي رقمت فيها البحث ،وأعدت رقمه من جديد ، مستعينا بالله تعالى.



    الحديث مداره على فليح بن سليمان ، وهو يرويه عن أبي طُوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة -رضي الله عنه- به.

    وقد ورد عن فليح من رواية عبد الله بن وهب ، و رواية سعيد بن منصور ، و سريج بن النعمان ، و يونس بن محمد و بشر بن الوليد .



    أما رواية عبد الله بن وهب :



    فقد اخرجها ابن حبان في (صحيحه،1/152) ، من طريق أبي الطاهر بن السرح و سليمان بن داود، و الحاكم في (مستدركه ،1/277)، من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، و من طريقه البيهقي في (المدخل إلى السنن، 1/378) ،جميعهم عن عبدالله بن وهب أخبرني فليح بن سليمان عن أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا ،لم يجد عرف الجنة يوم القيامة »، يعني ريحها.



    قلت : وقد رواه ابن عبد البر في (جامع بيان العلم ،2/313) من طريق سَحنون-ويجوز الضم - عن ابن وهب، ولكنه جعل بين ابن وهب و فليح بن سليمان عبدالله بن لهيعة ، فقد قال: حدثنا عبد الرحمن ، نا علي ، نا أحمد ، نا سحنون عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن ابن سليمان الخزاعي به.



    قلت :مما يجعلنا نقطع بأنه خطأ من سحنون ، فقد تكلم فيه بعض الأئمة في الرواية ،



    فقد قال ابن حجر في ( لسانه ،3/8 ) :" تكلم فيه أبو يعلى الخليلي ، فقال : لم يرض أهل الحديث حفظه ، واثنى عليه أبو العرب كثيرا ، فقال : انتشرت إمامته وسلم له أهل عصره واجمعوا على فضله وتقدمه واجتمعت فيه خلال قلما اجتمعت في غيره."



    قلت: و لا تعارض بين ما قاله أبو يعلى ، و ثناء أبي العرب عليه ، فعدالة و فضل و علم سحنون لا يشك فيه شاك ، و أما روايته و ضبطه و حفظه فيبقى محل نظر ، و كلام مثل أبي العرب لا يعارَض به كلام الحافظ أبي يعلى ، فهو على علمه ليس من أئمة هذا الشأن ، و قد ألف في مناقب سحنون كتابا مفردا[1]، و قد صرح بضعف سحنون شيخنا العلامة المحدث محمد بوخبزة – حفظه الله – فقال عن أثر من روايته : ( فيه سحنون ، و هو ضعيف ،..).[2]



    قلت: و يمكن الجمع بأن ابن وهب سمعه من كليهما، وإن كان مستبعدا.





    رواية سعيد بن منصور :



    أخرجها ابن ماجة في (سننه ،1/306) و ابن أبي حاتم في (العلل2/437)، و العقيلي في (الضعفاء7/240) ، و الحاكم في (المستدرك1/277)،ومن طريقه البيهقي في (شعب الإيمان 2/282)،و أبو نعيم في (تسمية ما رواه سعيد بن منصور1/31) ، و الخطيب في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/19) ،و ابن عبد البر في (جامع بيان العلم،2/313)،وابن قتيبة الدينوري في (المجالسة وجواهر العلم ،214)،وابن الشجري في (أماليه1/32) جميعهم من طرق عن سعيد بن منصور ثنا فليح بن سليمان عن أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه، إلا ليصيب به عرضا من الدنيا ،لم يجد عرف الجنة يوم القيامة » ،يعني ريحها .



    قلت: وزيادة (يعني: ريحها) ، هي من كلام فليح بن سليمان كما هو مصرح به عند الحاكم.


    رواية سريج بن النعمان :



    عنه الإمام احمد ، في (مسنده2/338) .


    و عنه أبو بكر ابن أبي شيبة في (مصنفه،5/285) ، و من طريقه أبو داود في (سننه2/346) ، وكذا ابن ماجة في (سننه1/306) ،و من طريق أبي داود ابن عبدالبر في (جامع بيان العلم2/313) و كذا القاضي عياض في (الإلماع،55).



    و السهمي في (تاريخ جرجان،165) من طريق عبدالله بن عمر ، والبيهقي في (المدخل،1/378) من طريق القاسم بن نصر البزار، و الخطيب في (اقتضاء العلم العمل،ص:65) من طريق أحمد بن زياد البزار، جميعهم عن سريج بن النعمان ثنا فليح بن سليمان،عن أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر ، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ».


    رواية يونس بن محمد :



    اخرجها عنه الإمام أحمد في (مسنده2/338) ،و عنه أبو بكر ابن أبي شيبة عند ابن ماجة في (سننه1/306) ، عن فليح به.



    رواية بشر بن الوليد :



    أخرجها أبويعلى في (مسنده11/260)، و من طريقه أبو الفضل المقرئ في (أحاديث ذم الكلام وأهله ، 1/158) ،و ابن المقرئ في (معجمه1/57) ، و الآجري في (أخلاق العلماء،45)، وفي ( أخلاق حملة القرآن،62)، والخطيب من طريق ابن المقرئ في (تاريخ بغداد ،5/346)، و من طريق الآجري في (الفقيه والمتفقه ،2/409)، وعن غيرهما في (الجامع لأخلاق الراوي و آداب السامع،19 )، جميعهم من طرق عن بشر بن الوليد أنا فليح بن سليمان به.




    فحْصُ سندِ الحديث :


    قلت : الحديث مداره على فليح بن سليمان[3] كما هو ظاهر ،وأقوال أهل العلم فيه كالآتي :


    قال يحيى بن معين : (ضعيف ما أقربه من أبي أويس.)،


    وقال أبو حاتم :( سمعت معاوية بن صالح ، سمعت يحيى بن معين يقول : فليح بن سليمان ليس بثقة ولا ابنه . ثم قال أبو حاتم : كان ابن معين يحمل على محمد بن فليح.). [4]


    وقال أبو حاتم : (ليس بالقوي.).


    قال النسائي : (ليس بالقوي.). [5]


    وقال الساجي : ( هو من أهل الصدق ويهم.).


    وقال الدارقطني : (يختلفون فيه وليس به بأس.).


    وقال أبو عبدالله الحاكم :( اتفاق الشيخين عليه يقوي أمره.).


    قلت : وذكره ابن حبان في الثقات .


    وقال ابن عدي -ملخصا حاله- : (لفليح أحاديث صالحة ،يروي عن الشيوخ من أهل المدينة أحاديث مستقيمة وغرائب، وقد اعتمده البخاري في صحيحه، وروى عنه الكثير، وهو عندي لا بأس به.).



    و لخص ابن حجر حاله قائلا : (صدوق كثير الخطأ.). [6]



    قلت : فهو صويلح لا يسقط عن درجة الاعتبار ،وكنت رأيت أن حديثه هذا يحتمل التحسين خاصة، لرواية خمسة ثقات عنه ،دون أن يختلفوا عليه في سند ومتن الحديث ،مما يجعلنا نأمن من وهمه وخطئه ، ولكن قال الحافظ ابن أبي حاتم الرازي –رحمه الله - :



    (وسمعت أبا زرعة وذكر حديثا حدثنا به عن سعيد بن منصور ، عن فليح بن سليمان ، عن أبي طوالة ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : (من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا ، لم يجد عرف الجنة يعني : ريحها.)
    فسمعت أبا زرعة يقول : هكذا رواه.
    ورواه زائدة ،عن أبي طوالة ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن رهط من أهل العراق ،عن أبي ذر، موقوفا ولم يرفعه.) [7].



    قلت : وحديث زائدة بن قدامة أخرجه ابن المبارك في (الزهد،15) ، و من طريقه الحافظ ابن عبد البر في (جامع بيان فضل العلم ،2/300)، عن ابن المبارك أخبرنا زائدة فذكره .

    و في كتاب (العلل9/11) للحافظ الدارقطني :( ..،سئل عن حديث سعيد بن يسار أبي الحباب عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تعلم علما يبتغي به وجه الله - عز وجل - لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة ".



    فقال: يرويه أبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، واختلف عنه، فرواه فليح بن سليمان أبو يحيى عن أبي طوالة عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.



    وخالفه محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم الحزمي، فرواه عن أبي طوالة عن رجل من بني سالم مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    والمرسل أشبه بالصواب.).



    قلت : رواية محمد بن عمارة أخرجها الدارمي في (سننه1/92) دون ذكر الرجل من بني سالم ،فقد قال: أخبرنا أبو عاصم حدثنا محمد بن عمارة بن حزم قال حدثنى عبد الله بن عبد الرحمن قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« لا يطلب هذا العلم أحد لا يريد به إلا الدنيا إلا حرم الله عليه عرف الجنة يوم القيامة».



    كما أنني وقفت على رواية أخرى عن أبي طُوالة عبدالله بن عبد الرحمن ، فقد قال ابن حجر في ترجمة معمرالأنصاري في (الإصابة6/376 ) :" معمر الأنصاري:

    ذكره بن شاهين في الصحابة، وهو وهْمٌ فاخرج من طريق روح عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الرحمن عن معمر الأنصاري عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:(من تعلم علما مما ينفع الله به في الآخرة لا يتعلمه إلا للدنيا حرم الله عليه أن يجد عرف الجنة).

    قال أبو موسى [8]:"أظنه عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، فلعله تصحف".

    قلت: وهو كما ظن لأن هذا المتن معروف من رواية أبي طوالة واسمه عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر رواه عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة ،أخرجه أبو داود والنسائي من طريق فليح بن سليمان عنه، وأخرجه الخطيب في كتاب اقتضاء العلم العمل من هذا، فلعل عبد العزيز أرسله ،وتصحف (بن معمر) فصار (عن معمر)، فنشأ اسم صحابي لا وجود له، والله المستعان".



    قلت : و رواية زائدة بن قدامة الثقفي مقدمة على باقي الروايات .


    فقد لخص الحافظ حال ابن قدامة فقال :" ثقة ثبت صاحب سنة"[9]


    ولخص حال محمد بن عمارة بن حزم فقال:" صدوق يخطئ." [10]



    ولخص حال عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون فقال:" ثقة فقيه مصنف." [11]


    فرواية زائدة مقدمة على غيرها، و يتبين منها أن رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهْمٌ من فُليح بن سليمان ، والصحيح أنه من كلام أبي ذر رضي الله عنه ، فرحم الله أئمتنا النقاد وألحقنا بهم .


    فيسقط هذا الحديث من حيث الإسناد ،إلا أن معناه صحيح ، تشهد له بعض الأحاديث المخرجة في الصحيح ، و عمومات ظواهر النصوص الشرعية ،كما سأوضح –إن شاء الله- ذلك .



    وقبل أن أورد من حسن أو صحح الحديث من بعض أئمتنا الحفاظ ،أذكر بعض الأحاديث التي تقرب من لفظ حديث الباب ،والتي تعد شاهدة له ، مع بيان درجتها ،حتى يتضح انها لا تصلح لتقوية حديث فليح بن سليمان .



    أولها :حديث عبدالله بن عمر :



    رواه النسائي في (سننه الكبرى3/357) ،والترمذي في (سننه 10/160)،و ابن ماجة في (سننه1/306) ،و ابن عدي في (الكامل 5/181) ، و الآجري في (أخلاق العلماء،45) ، جميعهم من طرق عن محمد بن عباد الهناء حدثنا علي بن المبارك عن أيوب السختياني عن خالد بن دريك عن ابن عمر-رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : « من تعلم علما لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار.».



    قال الحافظ ابن عدي : " وهذا الحديث لا أعلم رواه الا علي بن المبارك وعن علي محمد بن عباد".[12]


    وقال الحافظ الترمذي: " هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أيوب إلا من هذا الوجه".

    و قال الدارقطني في ( الغرائب و الأفراد) :" تفرد به علي بن المبارك عن أيوب السختياني ، ولم يروه عنه غير محمد بن عباد الهنائي." [13]


    قلت : خالد بن دريك لم يدرك ابن عمر[14] ،فروايته عنه مرسلة .



    و علي بن المبارك ثقة و لكنه تفرد به عن أيوب السختياني ،و محمد بن عباد قال عنه أبوحاتم:"صدوق"[15]،و قد تفرد به عن علي ، و تفرد عليٍّ به يوهنه و يضعفه.



    ثانيها : حديث عبدالله بن عمرو بن العاص:



    أخرجه الخطيب البغدادي في (الجامع لأخلاق الراوي،18)،قال: أنا أبو سعيد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي ، بنيسابور ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، نا إبراهيم بن منقد الخولاني ، بمصر ، قال : حدثني إدريس بن يحيى ، عن ابن عياش القتباني ، عن خالد بن يزيد ، عن المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من تعلم علما ينتفع به في الأخرة يريد به عرض شيء من الدنيا لم يرح رائحة الجنة »


    قلت : المثنى بن الصباح[16] ، ضعفه جمع من الأئمة :


    قال عنه الإمام أحمد : "لا يساوي حديثه شيئا مضطرب الحديث".


    وقال بن معين: " ضعيف" ،وقال مرة :" ضعيف ،يكتب حديثه ،ولا يترك".


    وقال بن أبي حاتم سألت أبي و أبا زرعة عنه فقالا : "لين الحديث ،قال أبي: يروي عن عطاء ما لم يرو عنه أحد ،وهو ضعيف الحديث ."


    وقال الجوزجاني :"لا يقنع بحديثه ".


    وقال الترمذي :"يضعف في الحديث ".


    وقال النسائي:" ليس بثقة" ، وقال مرة:" آخر متروك الحديث".


    وقال بن عدي :"له حديث صالح عن عمرو بن شعيب، وقد ضعفه الأئمة المتقدمون، والضعف على حديثه بين ".



    قال بن سعد:" له أحاديث، وهو ضعيف".



    وقال الدارقطني : "مثنى بن الصباح ،عن عمرو بن شعيب ، وعنه : يحيى بن أيوب ، ضعيف ." [17]



    قلت : فحديثه ضعيف جدا.



    وقريب منه حديث أنس بن مالك :



    فقد أخرجه الخطيب في (الجامع لأخلاق الراوي،20) فقال : أنا أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد الفقيه[18] ، أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح المالكي[19] ، نا محمد بن سهل بن بيداذ ، بالأبلة ، نا شيبان بن فروخ ، قال : نا نافع أبو هرمز ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال» : من طلب الحديث أو العلم ، يريد به الدنيا لم يجد حرث الآخرة «.


    قلت : وهذا حديث واهٍ لوهاء أبي هرمز[20] ،و أقوال الأئمة النقاد فيه كالآتي:


    قال أبو حاتم:" متروك ذاهب الحديث".


    قال عنه يحيى بن معين عنه: " ليس بشئ". ، ومرة قال :"ضعيف". ، واخرى قال: "ليس بثقة كذاب ".



    وقال النسائي:" ليس بثقة".



    وقال أبو حاتم البستي:" كان ممن يروى عن أنس ما ليس من حديثه كأنه أنس آخر، ولا أعلم له سماعا، لا يجوز الاحتجاج به ولا كناية-كذا بالأصل ولعلها حكاية- حديثه إلا على سبيل الاعتبار."



    قلت : فهو حديث ساقط واه، وبالله الاستعانة.


    ولقد حسن وصحح جماعة من الحفاظ هذا الحديث فمنهم:



    الحافظ ابن حبان -رحمه الله- فقد أورده في (صحيحه) ،و كذا الحافظ أبو عبدالله الحاكم -رحمه الله- في (المستدرك)، فقد قال: "هذا حديث صحيح سنده ، ثقات رواته على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقد أسنده و وصله عن فليح جماعة غير ابن وهب ".



    قلت : لو سَلِم فليح بن سليمان من مخالفة من هو أوثق منه ،لاحتمل حديثه التحسين ،و لكن من كلام الحافظ أبي زرعة –وغيره- يتضح خلاف ذلك ،فقد وهم فليح في إسناده و وَصْلِه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.



    وقال أيضا -بعد أن أورده من طريق أخرى- : "وقد روي هذا الحديث بإسنادين صحيحين ، عن جابر بن عبد الله وكعب بن مالك رضي الله عنهم ."، ثم أوردهما.



    قلت :وحديث كعب بن مالك و جابر –رضي الله عنهما- ، كالآتي :



    عن كعب بن مالك-رضي الله عنه-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « من ابتغى العلم ليباهي به العلماء ، أو يماري به السفهاء ، أو يقبل إفادة الناس إليه فإلى النار ».



    و عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء أو تماروا به السفهاء، ولا لتحيزوا به المجلس ، فمن فعل ذلك فالنار النار ».[21]



    قلت :فمعناهما يشهدان للحديث ، وإن اختلفاعنه في اللفظ ، ولكنهما ساقطين عن درجة الاستشهاد ،كما سأبينه في ذيل هذه الرسالة، فيسقط بذلك استشهاد واعتماد الحافظ أبي عبد الله ابن البيع رحمه الله .



    و إنما جعلناهما شاهدين لحديث فليح بن سليمان على فرض أن الحديث صح مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وإلا فالأمر خلاف ذلك.



    وقد صححه أيضا حافظ المغرب الإمام الأشم ابن حزم –رحمات ربي عليه- في رسالة (التلخيص لوجوه التخليص) [22] .



    وكذا صححه الإمام النووي -رحمه الله- فقال: ( رواه أبو داود بإسناد صحيح.). [23]



    و قال الحافظ العراقي -رحمه الله-:" أخرجه أبو داود وابن ماجه بإسناد جيد ." [24]، و صححه المنذري -رحمه الله- تبعا للحاكم[25]، و أورده الحافظ ابن كثير[26] و الحافظ ابن رجب[27] -رحمهما الله- ، و غيرهم في معرض الاحتجاج ،و كذا صححه شيخ مشايخنا العلامة الإمام الألباني –رحمه الله-، وقد تبين لك بأن الأمر خلاف ذلك ، فلله الحمد من قبل و من بعد.



    و من الأئمة الذين ضعفوه:



    الحافظ العقيلي -رحمه الله- ،فقد أورده في ترجمة فليح بن سليمان فقال:" الرواية في هذا الباب لينة".



    قلت :الأمر كما قال ، فإنه لا يصح في هذا الباب شيء.



    و قال الحافظ الذهبي -رحمه الله- أن هذا الحديث من غرائبه التي تفرد بها[28] ،وكذا أشار إلى ضعفه الحافظ ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله- و لم يصرح [29] .



    وقد تم ما رميت إليه بعون الله و توفيقه ، و لا أدعي فيه الكمال ، فالحمدالله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على خير مرسلين و على آله و صحبه أجمعين .



    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] ينظر ( الديباج المذهب ، 2/25).

    [2] ( الطرر الأثرية على مطابقة الاختراعات العصرية ) ، جمع استاذنا طارق الحمودي - حفظه الله-.

    [3] فلتنظر ترجمته في (تهذيب التهذيب3/403)،ط:مؤسسة الرسالة ،باعتناء إبراهيم الزيبق و عادل المرشد.و (ميزان الاعتدال،6/301)ط:دارالكتب العلمية ، سنة 1416هـ.

    [4] (تهذيب التهذيب ،3/677).

    [5] وهناك أ قوال أخرى في تضعيفه فلتنظر في (تهذيب التهذيب3/403و 404).

    [6] انظر (تقريب التهذيب 2/16)،ط:دار الكتب العلمية ،سنة 1415هـ.

    [7] انظر (العلل 2/437).

    [8]قلت: هو الإمام الحافظ أبو موسى محمد بن عمر الأصبهاني المديني المتوفى سنة 581هـ،صاحب التصانيف الرائقة و البديعة ،منها (معرفة الصحابة) الذي استدرك به على أبي نعيم الحافظ وغيرها ،تنظر ترجمته في (تذكرة الحفاظ ،4/86)ط:دار الكتب العلمية ،سنة:1419هـ.

    [9]ينظر (تقريب التهذيب،1/307).

    [10]ينظر (تقريب التهذيب،2/116).

    [11]ينظر (تقريب التهذيب،1/605).

    [12] (الكامل في الضعفاء ،6/310) ط:دار الكتب العلمية،تـ: علي معوض و غيره.

    [13] قلت : نقلته عن ( أطراف الغرائب و الأفراد، 3/355) ، لابن القيسراني.

    [14] فلتنظر ترجمته في (تهذيب التهذيب1/517).

    [15] فلتنظر ترجمته في (تهذيب التهذيب3/601).

    [16] فلتنظر ترجمته في (تهذيب التهذيب4/22).

    [17] فلتنظر ثلاثة رسائل في علم الجرح والتعديل(ص:238)،ت: امر حسن صبري ، دار البشائر 1425هـ.

    [18] وثقه الخطيب كما في (تاريخ بغداد5/146).

    [19] هو الفقيه المالكي المشهور بأبي بكر الأبهري ،فلتنظرترجمته في (تاريخ بغداد1/428).

    [20]و هذه الأقوال نقلتها من بعض الكتب التي ترجمة له وهي كالآتي: (الجرح و التعديل 9/456) لابن أبي حاتم ،تاريخ ابن معين من رواية الدوري(2/143)،،ومن رواية الدارمي(، 32)، و(الضعفاء4/286) للعقيلي،و (الضعفاء و المتروكين ،254) للنسائي،و (المجروحين،3/57) لابن حبان ، و (ميزان الاعتدال4/243) للذهبي، و (لسان الميزان 3/63) للحافظ.

    [21] انظر تخريجهما في الشق الثاني من الرسالة.

    [22] انظر (رسائل ابن حزم ،ج3ص:169)،تحقيق إحسان عباس.

    [23] انظر(رياض الصالحين ،ص: 281).

    [24] (تخريج الإحياء ،119).

    [25] ينظر (الترغيب و الترهيب،1/65).

    [26] ينظر (تفسير ه ،1/244).

    [27] ينظر (جامع العلوم و الحكم،ص:18).

    [28] ذكر ذلك عندما ترجمه في (سير أعلام النبلاء ،7/354).

    [29] من كتابه (الآداب الشرعية ،2/105).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    518

    افتراضي رد: تخريج حديث ( من تعلم علما مما يبتغى به الله ..)

    للفائدة..،

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    الجزائر المحروسة
    المشاركات
    1,455

    افتراضي رد: تخريج حديث ( من تعلم علما مما يبتغى به الله ..)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحُميدي مشاهدة المشاركة
    قلت :مما يجعلنا نقطع بأنه خطأ من سحنون ، فقد تكلم فيه بعض الأئمة في الرواية ،



    فقد قال ابن حجر في ( لسانه ،3/8 ) :" تكلم فيه أبو يعلى الخليلي ، فقال : لم يرض أهل الحديث حفظه ، واثنى عليه أبو العرب كثيرا ، فقال : انتشرت إمامته وسلم له أهل عصره واجمعوا على فضله وتقدمه واجتمعت فيه خلال قلما اجتمعت في غيره."

    قلت: و لا تعارض بين ما قاله أبو يعلى ، و ثناء أبي العرب عليه ، فعدالة و فضل و علم سحنون لا يشك فيه شاك ، و أما روايته و ضبطه و حفظه فيبقى محل نظر ، و كلام مثل أبي العرب لا يعارَض به كلام الحافظ أبي يعلى ، فهو على علمه ليس من أئمة هذا الشأن ، و قد ألف في مناقب سحنون كتابا مفردا[1]، و قد صرح بضعف سحنون شيخنا العلامة المحدث محمد بوخبزة – حفظه الله – فقال عن أثر من روايته : ( فيه سحنون ، و هو ضعيف ،..).[2]
    - أبو العرب وثّق سحنوناً بصريح العبارة ونص التوثيق -وهو عارف بألفاظ هذا العلم وله فيه تأليف مشهور -:
    قال كما نقله عنه القاضي عياض في "ترتيب المدارك" 4/48
    " قال محمد بن أحمد بن تميم في كتابه: كان سحنون ثقةً، حافظاً للعلم .." اهـ
    ونقله عنه أيضا ابن فرحون في "الديباج المذهب"
    وهذا النص المنقول عن أبي العرب موجود بنحوه في كتابه: "طبقات علماء إفريقية" ص 101 وما بعدها ..
    لكن ليس فيه لفظة " ثقة" فالظاهر أن سببه يعود الى اختلاف النسخ ، أو أن عياض وقف على توثيقه له من كتابه الآخر الذي لم يصلنا: "ثقات المحدثين وضعافهم"
    إنْ كنتَ لم تقفْ على هذا التوثيق النصي من أبي العرب .. ووقفتَ فقط على ثناء أبي العرب الذي نقله الحافظ تبعا لشيخه العراقي في ذيله على الميزان ..
    فقلتَ: لا يلزمُ من الثناء عليه فقهاً وعلماً وفضلا و إمامة وزهدا وسماحةً ..أن يكون حافظا ضابطا لروايته= ثقةً في الحديث ..فإني أوافقك، ولا تعارض بين كلام أبي يعلى وأبي العرب حينئذ.
    وليتك وقفتَ عند الجمع بين كلامي هذين الحافظين بمثل ما جمعتَ بينهما ..لكنك زدتَ فقلتَ:
    "و كلام مثل أبي العرب لا يعارَض به كلام الحافظ أبي يعلى ، فهو على علمه ليس من أئمة هذا الشأن "
    فمن قال أن أبا العرب ليس من أئمة هذا الشأن ؟؟

  4. #4

    افتراضي رد: تخريج حديث ( من تعلم علما مما يبتغى به الله ..)

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله خيرا أخي الحميدي وبارك في علمكم وعملكم
    وكان الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف رحمه الله تعالى يضعف ما في هذا الباب أيضا.
    فجزاك الله خيرا ونفع بك ، واصل بمثل هذه الأبحاث النافعة، وصلك الله تعالى.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    518

    افتراضي رد: تخريج حديث ( من تعلم علما مما يبتغى به الله ..)

    شكر الله لك أخي الفاضل أبا عبد الإله المسعودي، وقد صححت تلك العبارة في النسخة عندي، فقلت :

    فهو على علمه و حفظه لا يُضاهي أبا يعلى الخليليَّ في هذا الشأن،
    فهي أسلم وأقوم في نظري.

    أخي الفاضل عمرو بن عباس السروجي شكر الله لك وبارك فيك، فممن ضعف أحاديث الباب من المعاصرين بالإضافة إلى العلامة محمد عمرو بن عبد اللطيف - رحمه الله -، الشيخ الدكتور بشار عواد معروف - حفظه الله تعالى - في تحقيقه لـ(سنن ابن ماجة).
    قال الإمام الأشم نادرة الأزمان أبو محمد ابن حزم الظاهري - رحمه الله و رضي عنه- :
    (((و الإنصاف في الناس قليل )))
    نقلا عن " التقريب لحد المنطق،329" ، تـ: إحسان عباس رحمه الله .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    الجزائر المحروسة
    المشاركات
    1,455

    افتراضي رد: تخريج حديث ( من تعلم علما مما يبتغى به الله ..)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحُميدي مشاهدة المشاركة
    شكر الله لك أخي الفاضل أبا عبد الإله المسعودي، وقد صححت تلك العبارة في النسخة عندي، فقلت :
    فهو على علمه و حفظه لا يُضاهي أبا يعلى الخليليَّ في هذا الشأن،
    فهي أسلم وأقوم في نظري.
    ليست المشكلة في تصحيح العبارة
    أنا أريدك أن تصحح حكمك على هذا الراوي بعد أن أوقفتك على توثيقه
    لأن في هذه الحالة سيتعارض توثيق أبي العرب -وليس ثناؤه فقط- مع كلام أبي يعلى فيه
    ولا يبقى لقولك :
    قلت: و لا تعارض بين ما قاله أبو يعلى ، و ثناء أبي العرب عليه ، فعدالة و فضل و علم سحنون لا يشك فيه شاك ، و أما روايته و ضبطه و حفظه فيبقى محل نظر.
    =معنى ..
    لأن الثقة في اصطلاحهم لا يقال إن في روايته و ضبطه و حفظه نظر.
    وحل هذه المشكلة سهل إن شاء الله..ليس فيه حط من شأن أبي العرب ولا تعرض لعلمه ونقده ومعرفته بهذا الشأن
    تجدة بفضل الله وحسن عونه هنا
    http://majles.alukah.net/showpost.ph...66&postcount=8

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    518

    افتراضي رد: تخريج حديث ( من تعلم علما مما يبتغى به الله ..)

    جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبا عبد الإله، والمسألة تبقى محل أخذ ورد.
    قال الإمام الأشم نادرة الأزمان أبو محمد ابن حزم الظاهري - رحمه الله و رضي عنه- :
    (((و الإنصاف في الناس قليل )))
    نقلا عن " التقريب لحد المنطق،329" ، تـ: إحسان عباس رحمه الله .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    الجزائر المحروسة
    المشاركات
    1,455

    افتراضي رد: تخريج حديث ( من تعلم علما مما يبتغى به الله ..)

    بارك الله فيك أخي الحميدي
    ولعلك تسأل لي شيخكم بوخبزة -حفظه الله- عن مُستنده في تضعيف سحنون
    وتبلغه اعتراضي ..ثم تكتبُ لنا بما يجيبك.. لنستفيد من علمه ويستفيد الجميع
    بارك الله فيك.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    518

    افتراضي رد: تخريج حديث ( من تعلم علما مما يبتغى به الله ..)

    لعلي أفعل إن شاء الله تعالى، وفيك بارك الله أخي الفاضل.
    قال الإمام الأشم نادرة الأزمان أبو محمد ابن حزم الظاهري - رحمه الله و رضي عنه- :
    (((و الإنصاف في الناس قليل )))
    نقلا عن " التقريب لحد المنطق،329" ، تـ: إحسان عباس رحمه الله .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •