تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 16 الأولىالأولى 123456789101112 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 310

الموضوع: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (21)
    صــــــــــ 157 الى صـــــــــــ166

    [باب سجود التلاوة والشكر]
    وقد ترجم سجود القرآن في اختلاف علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - وفي اختلاف الحديث وفي اختلاف مالك والشافعي رحمهما الله تعالى مرتين.أما الأول ففيه أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي - رضي الله عنه - قال: عزائم السجود {الم - تنزيل} [السجدة: 1 - 2] {والنجم} [النجم: 1] ، و {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق: 1] ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول في القرآن عدد سجود مثل هذه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي - رضي الله عنه - قال كان يسجد في الحج سجدتين وبهذا نقول وهذا قول العامة قبلنا: ويروى عن عمر وابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج وهذا الحديث عن علي - رضي الله عنه -
    يخالفونه أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي
    قال:
    أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا - رضي الله عنه - لما رمى بالمجدح خر ساجدا ونحن نقول: لا بأس بسجدة الشكر ونستحبها ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجدها، وعن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - وهم ينكرونها يكرهونها ونحن نقول لا بأس بالسجدة لله تعالى في الشكر
    وأما الثاني: وهو الذي في اختلاف الحديث ففيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ بالنجم فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين قال أراد الشهرة» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن يزيد عن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار عن «زيد بن ثابت أنه قرأ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنجم فلم يسجد فيها» .
    (قال الشافعي)
    :
    وفي هذين الحديثين دليل على أن سجود القرآن ليس بحتم ولكنا نحب أن لا يترك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في النجم وترك.
    (قال الشافعي)
    :
    وفي النجم سجدة ولا أحب أن يدع شيئا من سجود القرآن وإن تركه كرهته له، وليس عليه قضاؤه؛ لأنه ليس بفرض فإن قال قائل: ما دل على أنه ليس بفرض؟ قيل: السجود صلاة قال الله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: 103] فكان الموقوت يحتمل مؤقتا بالعدد ومؤقتا بالوقت فأبان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أن الله عز وجل فرض خمس صلوات فقال رجل يا رسول الله هل علي غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع» فلما كان سجود القرآن خارجا من الصلوات المكتوبات كانت سنة اختيار فأحب إلينا أن لا يدعه ومن تركه ترك فضلا لا فرضا وإنما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النجم؛ لأن فيها سجودا في حديث أبي هريرة وفي سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - في النجم دليل على ما وصفت؛ لأن الناس سجدوا معه إلا رجلين، والرجلان لا يدعان الفرض إن شاء الله ولو تركاه أمرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإعادته.
    (قال الشافعي)
    :
    وأما حديث «زيد أنه قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد» فهو والله أعلم أن زيدا لم يسجد وهو القارئ فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن عليه فرضا فيأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - به.أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار «أن رجلا قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - السجدة فسجد. فسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت عندك السجدة فلم تسجد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كنت إماما فلو سجدت سجدت معك» .
    (قال الشافعي)
    :
    إني لأحسبه زيد بن ثابت؛ لأنه يحكى أنه قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد وإنما روى الحديثين معا عطاء بن يسار.
    (قال الشافعي) :
    فأحب أن يبدأ الذي يقرأ السجدة فيسجد وأن يسجد من سمعه فإن قال قائل فلعل أحد هذين الحديثين نسخ الآخر قيل فلا يدعي أحد أن السجود في النجم منسوخ إلا جاز لأحد أن يدعي أن ترك السجود منسوخ والسجود ناسخ، ثم يكون، أولى؛ لأن السنة السجود لقول الله عز وجل {فاسجدوا لله واعبدوا} [النجم: 62] ولا يقال لواحد من هذا ناسخ ولا منسوخ، ولكن يقال هذا اختلاف من جهة المباح.وأما الثالث: وهو الذي في اختلاف الحديث مالك والشافعي - رضي الله عنهما - ففيه سألت الشافعي عن السجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] قال فيها سجدة فقلت له وما الحجة أن فيها سجدة فقال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن «أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قرأ لهم {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها» أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ " والنجم إذا هوى " فسجد فيها، ثم قام فقرأ سورة أخرى أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا بعض أصحابنا عن مالك أن عمر بن عبد العزيز أمر محمد بن مسلم أن يأمر القراء أن يسجدوا في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] أخبرنا الربيع سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في سورة الحج سجدتين، أخبرنا مالك عن نافع عن رجل من أهل مصر أن عمر سجد في الحج سجدتين، ثم قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين فقلت للشافعي فإنا نقول اجتمع الناس على أن سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء فقال الشافعي: إنه يجب عليكم أن لا تقولوا اجتمع الناس إلا لما إذا لقي أهل العلم فقيل لهم اجتمع الناس على ما قلتم إنهم اجتمعوا عليه قالوا: نعم وكان أقل أقوالهم لك أن يقولوا لا نعلم من أهل العلم له مخالفا فيما قلتم اجتمع الناس عليه وأما أن تقولوا: اجتمع الناس وأهل العلم معكم يقولون: ما اجتمع الناس على ما زعمتم أنهم اجتمعوا عليه فأمران أسأتم بهما النظر لأنفسكم في التحفظ في الحديث وأن تجعلوا السبيل لمن سمع قولكم اجتمع الناس إلى رد قولكم ولا سيما إذا كنتم إنما أنتم مقصورون على علم مالك رحمنا الله وإياه وكنتم تروون عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها وأنتم قد تجعلون قول عمر بن عبد العزيز أصلا من أصول العلم فتقولون: كان لا يحلف الرجل المدعى عليه إلا أن يكون بينهما مخالطة فتركتم بها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه؛ لقول عمر، ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] ومعه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأي أبي هريرة ولم تسموا أحدا خالف هذا وهذا عندكم العمل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمانه، ثم أبو هريرة في الصحابة، ثم عمر بن عبد العزيز في التابعين والعمل يكون عندكم بقول عمر وحده وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال كيف زعمتم أن أبا هريرة سجد في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وأن عمر أمر بالسجود فيها وأن عمر بن الخطاب سجد في النجم، ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل وهذا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    وهذا من علماء التابعين فقال:
    قولكم اجتمع الناس لما حكوا فيه غير ما قلتم بين في قولكم أن ليس كما قلتم، ثم رويتم عن عمر بن الخطاب أنه سجد في النجم، ثم لا تروون عن غيره خلافه، ثم رويتم عن عمر وابن عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة، ثم تقولون أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون مأخوذا عليه فيه لما فيه مما لا يخفى عن أحد يعقل إذا سمعه أرأيتم إذا قيل لكم أي الناس اجتمع على أن لا سجود في المفصل وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم مثلهم خلافهم أليس أن تقولوا أجمع الناس أن في المفصل سجودا، أولى بكم من أن تقولوا اجتمع الناس على أن لا سجود في المفصل فإن قلتم لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول اجتمعوا فقد قلتم اجتمعوا ولم ترووا عن أحد من الأئمة قولكم ولا أدري من الناس عندكم أخلقا كانوا فما اسم واحد منهم وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم، ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه أخبرنا كذا كذا ولا تدعوا الإجماع فدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد يتثبت على علم أقبح من هذا.
    (قلت)

    للشافعي أفرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعني من رضيت من أهل المدينة وإن كانوا مختلفين؟ فقال الشافعي أرأيتم إن قال من يخالفكم ويذهب إلى قول من يخالفكم قول من أخذت بقوله اجتمع الناس أيكون صادقا؟ فإن كان صادقا وكان بالمدينة قول ثالث يخالفكما اجتمع الناس على قوله فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة.قلت هذا هو الصدق المحض فلا تفارقه ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف وهو لا يوجد بالمدينة إلا ويوجد بجميع البلدان عند أهل العلم متفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا فيما اختلف فيه أهل المدينة بينهم.
    (وقال لي الشافعي)

    واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك لا على ما سواه إذا أردت أن تقول أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فقله وإن كانوا اختلفوا فلا تقله فإن الصدق في غيره.
    (وترجم مرة أخرى في سجود القرآن)

    وفيها سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال: فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك فقال: أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين، ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين.
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة ابن صفية أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية فقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين.
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في سورة الحج سجدتين فقلت للشافعي فإنا لا نسجد فيها إلا سجدة واحدة فقال الشافعي فقد خالفتم ما رويتم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر معا إلى غير قول أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عامة فكيف تتخذون قول ابن عمر وحده حجة وقول عمر حجة وحده حتى تردوا بكل واحد منهما السنة، وتبتنون عليها عددا من الفقه، ثم تخرجون من قولهما لرأي أنفسكم هل تعلمونه مستدركا على أحد قولا العورة فيه أبين منها فيما وصفنا من أقاويلكم.
    [باب صلاة التطوع] وليس في التراجم وفيه نصوص وكلام منثور فمن ذلك اختلاف علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي دبر كل صلاة ركعتين إلا العصر والصبح» .
    (قال الشافعي)
    :
    وهذا يخالف الحديث الأول يعني الذي رواه قبل هذا عن علي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة» وسنذكر هذا بتمامه في باب الساعات التي تكره فيها الصلاة، ومن ذلك في اختلاف علي وابن مسعود أيضا في سنة الجمعة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال ابن مهدي عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - قال: من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات، ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول يصلي أربعا ومن ذلك في اختلاف مالك والشافعي - رضي الله عنهما - في باب القراءة في العيدين والجمعة ردا على من قال لا نبالي بأي سورة قرأ.
    (قال الشافعي)
    :
    أورأيتم إذا استحببنا ركعتي الفجر والوتر وركعتين بعد المغرب لو قال قائل لا أبالي أن لا أفعل من هذا شيئا هل الحجة عليه إلا أن يقول: قولكم: لا أبالي جهالة وترك للسنة ينبغي أن تستحبوا ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكل حال.
    [باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة]
    ومن ذلك فيما يتعلق بالوتر، وقد ذكره في أبواب منها في اختلاف مالك والشافعي. باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي عن الوتر أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء فقال: نعم، والذي أختار أن صل عشر ركعات ثم أوتر بواحدة فقلت للشافعي فما الحجة في أن الوتر يجوز بواحدة؟ فقال: الحجة فيه السنة والآثار أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» أخبرنا مالك عن أبي شهاب عن عروة عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة» أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص كان يوتر بركعة أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يسلم من الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته.
    (قال الشافعي)
    وكان عثمان يحيي الليل بركعة وهي وتره، وأوتر معاوية بواحدة فقال ابن عباس أصاب فقلت للشافعي فإنا نقول لا نحب لأحد أن يوتر بأقل من ثلاث ويسلم من الركعتين،
    والركعة من الوتر فقال الشافعي:
    لست أعرف لما تقولون وجها، والله المستعان إن كنتم ذهبتم إلى أنكم تكرهون أن يصلي ركعة منفردة فأنتم إذا صلى ركعتين قبلها، ثم سلم تأمرونه بإفراد الركعة؛ لأن من سلم من صلاة فقد فصلها عما بعدها ألا ترى أن الرجل يصلي النافلة بركعات يسلم في كل ركعتين فيكون كل ركعتين يسلم بينهما منقطعتين من الركعتين اللتين قبلهما وبعدهما وأن السلام أفضل للفصل ألا ترى أن رجلا لو فاتته صلوات فقضاهن في مقام يفصل بينهن بسلام كانت كل صلاة غير الصلاة التي قبلها وبعدها؛ لخروجه من كل صلاة بالسلام، وإن كان إنما أردتم أنكم كرهتم أن يصلي واحدة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر منها وإنما يستحب أن يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، وإن كان أراد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال صلاة الليل مثنى مثنى فأقل مثنى مثنى أربع فصاعدا وواحدة غير مثنى وقد، أوتر بواحدة في الوتر كما أمر بمثنى وقد أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن» ، فقلت للشافعي فما معنى هذا؟ فقال هذه نافلة تسع أن يوتر بواحدة وأكثر ونختار ما وصفت من غير أن نضيف غيره وقولكم: والله يغفر لنا ولكم لا يوافق سنة ولا أثرا ولا قياسا ولا معقولا قولكم خارج من كل شيء من هذا وأقاويل الناس إما أن تقولوا لا يوتر إلا بثلاث كما قال بعض الشرقيين ولا يسلم في واحدة منهن كي لا يكون الوتر واحدة وإما أن لا تكرهوا الوتر بواحدة وكيف تكرهون الوتر بواحدة وأنتم تأمرون بالسلام فيها؟ وإذا أمرتم به فهي واحدة وإن قلتم كرهناه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوتر بواحدة ليس قبلها شيء فلم يوتر النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ليس فيهن شيء فقد استحسنتم أن توتروا بثلاث، ومنها في اختلاف مالك والشافعي.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (22)
    صــــــــــ 166 الى صـــــــــــ175

    باب في الوتر.
    أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن نافع قال: كنت مع ابن عمر ليلة والسماء متغيمة فخشي ابن عمر الصبح فأوتر بواحدة، ثم تكشف الغيم فرأى عليه ليلا فشفع بواحدة،
    قال لي الشافعي:
    وأنتم تخالفون ابن عمر من هذا في موضوعين فتقولون لا: يوتر بواحدة ومن،
    أوتر بواحدة لم يشفع وتره قال: ولا أعلمكم تحفظون عن أحد أنه قال: لا يشفع وتره فقلت للشافعي: فما تقول أنت في هذا فقال بقول ابن عمر: إنه كان يوتر بركعة قال: أفتقول يشفع بوتره فقلت لا: فقال فما حجتك فيه فقلت: روينا عن ابن عباس أنه كره لابن عمر أن يشفع وتره وقال: إذا أوترت من أول الليل فاشفع من آخره ولا تعد وترا ولا تشفعه وأنتم زعمتم أنكم لا تقبلون إلا حديث صاحبكم وليس من حديث صاحبكم خلاف ابن عمر ومنها في اختلاف علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - في باب الوتر والقنوت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الرحيم عن زاذان أن عليا - رضي الله عنه - كان يوتر بثلاث يقرأ في كل ركعة بتسع سور من المفصل وهم يقولون نقرأ بسبح اسم ربك الأعلى.والثانية {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون: 1] ، والثالثة نقرأ فاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1] وأما نحن فنقول يقرأ فيها ب " قل هو الله أحد " و " قل أعوذ برب الفلق "، و " قل أعوذ برب الناس "، ويفصل بين الركعتين والركعة بالتسليم ومنها في اختلاف الحديث في باب الوتر.
    (قال الشافعي) :
    وقد سمعت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتر أول الليل وآخره في حديث يثبت مثله وحديث دونه وذلك فيما وصفت من المباح له أن يوتر في الليل كله ونحن نبيح له في المكتوبة أن يصلي في أول الوقت وآخره وهذا في الوتر، أوسع منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا أبو يعفور عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت: «من كل الليل قد، أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانتهى وتره إلى السحر» .وفي مختصر المزني في باب صلاة التطوع
    (قال الشافعي) ::
    التطوع وجهان أحدهما صلاة جماعة مؤكدة فلا أجيز تركها لمن قدر عليها وهي صلاة العيدين وخسوف الشمس والقمر والاستسقاء وصلاة منفرد وبعضها، أوكد من بعض فآكد من ذلك الوتر ويشبه أن يكون صلاة التهجد، ثم ركعتا الفجر، قال ولا أرخص لمسلم في ترك واحدة منهما وإن، أوجبهما ومن ترك واحدة منهما أسوأ حالا ممن ترك جميع النوافل فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلي منه ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين، وأحب إلي عشرون؛ لأنه روي عن عمر وكذلك يقومون بمكة ويوترون بثلاث.
    (قال المزني)
    ولا أعلم الشافعي ذكر موضع القنوت من الوتر ويشبه قوله بعد الركوع كما قال في قنوت الصبح ولما كان قول من رفع رأسه بعد الركوع سمع الله لمن حمده وهو دعاء كان هذا الموضع للقنوت الذي هو دعاء أشبه ولأن من قال يقنت قبل الركوع يأمره يكبر قائما، ثم يدعو وإنما حكم من يكبر بعد القيام إنما هو للركوع فهذه تكبيرة زائدة في الصلاة لم تثبت بأصل ولا قياس.
    وفي كتاب اختلاف علي وعبد الله بن مسعود أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال: قال هشيم عن عطاء بن السائب: إن عليا كان يقنت في الوتر بعد الركوع وهم لا يأخذون بهذا يقولون: يقنت قبل الركوع وإن لم يقنت قبل الركوع لم يقنت بعده وعليه سجدتا السهو.
    (قال الشافعي)
    :
    وآخر الليل أحب إلي من أوله إن جزأ الليل أثلاثا فالأوسط أحب إلي أن يقومه فإن فاته الوتر حتى يصلي الصبح لم يقض قال ابن مسعود الوتر ما بين العشاء والفجر وإن فاتت ركعتا الفجر حتى تقام الظهر لم يقض؛ لأن أبا هريرة قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وفي اختلاف علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن أبي هارون الغنوي عن خطاب بن عبد الله قال قال علي - رضي الله عنه - الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر، ثم إن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة ويصلي ركعتين ركعتين حتى يصبح، وإن شاء أوتر آخر الليل.وهم يكرهون أن ينقض الرجل وتره ويقولون إذا، أوتر صلى مثنى مثنى أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال يزيد بن هارون عن حماد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - حين ثوب المؤذن فقال أين السائل عن الوتر نعم ساعة الوتر هذه، ثم قرأ {والليل إذا عسعس - والصبح إذا تنفس} [التكوير: 17 - 18] وهم لا يأخذون بهذا ويقولون ليست هذه من ساعات الوتر.
    (قال الشافعي)

    هشيم عن حصين قال حدثنا ابن ظبيان قال: كان علي - رضي الله عنه - يخرج إلينا ونحن ننظر إلى تباشير الصبح فيقول: الصلاة الصلاة فإذا قام الناس قال نعم ساعة الوتر هذه فإذا طلع الفجر صلى ركعتين فأقيمت الصلاة وفي البويطي يقرأ في ركعتي الفجر {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون: 1] و " قل هو الله أحد " أحب إلي وإن قرأ غير هذا مع أم القرآن أجزأه.وفيه في آخر ترجمة طهارة الأرض ومن دخل مسجدا فليركع فيه قبل أن يجلس فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك وقال: «تحية المسجد ركعتان»
    [باب الساعات التي تكره فيها الصلاة]
    وهو مذكور في اختلاف الحديث أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس» ،
    أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها» ، أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن الصنابحي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها فإذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت إلى الغروب قارنها فإذا غربت فارقها ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في تلك الساعات» .
    (قال الشافعي) :
    وروي عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نام عن الصبح فصلاها بعد أن طلعت الشمس، ثم قال: من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول {وأقم الصلاة لذكري} [طه: 14] » أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلم في سفر فعرس فقال: ألا رجل صالح يكلؤنا الليلة لا نرقد عن الصلاة؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله قال فاستند بلال إلى راحلته واستقبل الفجر قال فلم يفزعوا إلا بحر الشمس في وجوههم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا بلال، فقال بلال: يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك قال فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صلى ركعتي الفجر، ثم اقتادوا رواحلهم شيئا، ثم صلى الفجر» .
    (قال الشافعي)

    وهذا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - متصلا من حديث أنس وعمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويزيد أحدهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «من نسي الصلاة، أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها» ويزيد الآخر أي حين ما كانت أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «يا: بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل، أو نهار» ، أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، أو مثل معناه لا يخالفه وزاد عطاء: يا بني عبد المطلب يا بني هاشم، أو يا بني عبد مناف أخبرنا الربيع قال: أخبرنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد قال: سمعت أبا سلمة قال «قدم معاوية المدينة قال فبينا هو على المنبر إذ قال: يا كثير بن الصلت اذهب إلى عائشة فسلها عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الركعتين بعد العصر قال أبو سلمة: فذهبت معه وبعث ابن عباس عبد الله بن الحارث بن نوفل معنا قال اذهب فاسمع ما تقول أم المؤمنين قال فجاءها فسألها فقالت له عائشة لا علم لي ولكن اذهب إلى أم سلمة فسلها قال فذهبنا معه إلى أم سلمة فقالت دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه يصليهما فقلت يا رسول الله لقد صليت صلاة لم أكن أراك تصليها قال: إني كنت أصلي ركعتين بعد الظهر، وإنه قدم علي وفد بني تميم، أو صدقة فشغلوني عنهما فهما هاتان الركعتان» ، أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن قيس عن محمد بن إبراهيم التيمي عن جده قيس قال: «رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أصلي ركعتين بعد الصبح فقال: ما هاتان الركعتان يا قيس؟ فقلت لم أكن صليت ركعتي الفجر فسكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -» .(قال الشافعي) : وليس بعد هذا اختلاف في الحديث بل بعض هذه الأحاديث يدل على بعض فجماع نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعدما تبدو حتى تبرز عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد مغيب بعضها حتى يغيب كلها وعن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة ليس على كل صلاة لزمت المصلي بوجه من الوجوه، أو تكون الصلاة مؤكدة فآمر بها وإن لم تكن فرضا، أو صلاة كان الرجل يصليها فأغفلها، وإذا كانت واحدة من هذه الصلوات صليت في هذه الأوقات بالدلالة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم إجماع الناس في الصلاة على الجنائز بعد الصبح والعصر.
    (قال الشافعي) :
    فإن قال قائل: فأين الدلالة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل في قوله «من نسي صلاة، أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها» فإن الله عز وجل يقول {وأقم الصلاة لذكري} [طه: 14] وأمره أن لا يمنع أحد طاف بالبيت وصلى أي ساعة شاء وصلى المسلمون على جنائزهم بعد الصبح والعصر.
    (قال الشافعي)
    :
    وفيما روت أم سلمة من «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في بيتها ركعتين بعد العصر كان يصليهما بعد الظهر فشغل عنهما بالوفد فصلاهما بعد العصر؛ لأنه كان يصليهما بعد الظهر فشغل عنهما» قال: وروى «قيس جد يحيى بن سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآه يصلي ركعتين بعد الصبح فسأله، فأخبره بأنهما ركعتا الفجر فأقره» ؛ لأن ركعتي الفجر مؤكدتان مأمور بهما فلا يجوز إلا أن يكون نهيه عن الصلاة في الساعات التي نهى عنها على ما وصفت من كل صلاة لا تلزم فأما كل صلاة كان يصليها صاحبها فأغفلها، أو شغل عنها وكل صلاة أكدت وإن لم تكن فرضا كركعتي الفجر والكسوف فيكون نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما سوى هذا ثابتا.(قال الشافعي) : والنهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر ونصف النهار مثله إذا غاب حاجب الشمس وبرز لا اختلاف فيه؛ لأنه نهي واحد وهذا مثل نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة؛ لأن من شأن الناس التهجير للجمعة والصلاة إلى خروج الإمام.(قال) : وهذا مثل الحديث في «نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيام اليوم قبل شهر رمضان إلا أن يوافق ذلك صوم رجل كان يصومه» .باب الخلاف في هذا البابحدثنا الربيع قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: فخالفنا بعض أهل ناحيتنا وغيره فقال: يصلى على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح ما لم تقارب الشمس أن تطلع وما لم تتغير الشمس واحتج في ذلك بشيء رواه عن ابن عمر يشبه بعض ما قال.
    (قال الشافعي) ::
    وابن عمر إنما سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي أن يتحرى أحد فيصلي عند طلوع الشمس وعند غروبها ولم أعلمه روي عنه النهي عن الصلاة بعد العصر ولا بعد الصبح فذهب ابن عمر إلى أن النهي مطلق على كل شيء فنهى عن الصلاة على الجنائز؛ لأنها صلاة في هذين الوقتين وصلى عليها بعد الصبح وبعد العصر؛ لأنا لم نعلمه روى النهي عن الصلاة في هذه الساعات.
    (قال الشافعي)
    :
    فمن علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح والعصر كما نهى عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها لزمه أن يعلم ما قلنا من أنه إنما نهى عنها فيما لا يلزم ومن روى يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بعد العصر ركعتين كان يصليهما بعد الظهر شغل عنهما وأقر قيسا على ركعتين بعد الصبح لزمه أن يقول نهى عنها فيما لا يلزم ولم ينه الرجل عنه فيما اعتاد من صلاة النافلة وفيما تؤكد منها عليه ومن ذهب هذا عليه وعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس فلا يجوز له أن يقول إلا بما قلنا به، أو ينهى عن الصلاة على الجنائز بعد الصبح والعصر بكل حال.
    (قال الشافعي)
    :
    وذهب أيضا إلى أن لا يصلي أحد للطواف بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس واحتج بأن عمر بن الخطاب طاف بعد الصبح، ثم نظر فلم ير الشمس طلعت فركب حتى أناخ بذي طوى فصلى.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (23)
    صــــــــــ 176 الى صـــــــــــ183

    (قال الشافعي) :
    فإن كان عمر كره الصلاة في تلك الساعة فهو مثل مذهب ابن عمر وذلك أن يكون علم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر فرأى نهيه مطلقا فترك الصلاة في تلك الساعة حتى طلعت الشمس ويلزم من قال هذا أن يقول: لا صلاة في جميع الساعات التي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فيها لطواف ولا على جنازة وكذلك يلزمه أن لا يصلي فيها صلاة فائتة وذلك من حين يصلي الصبح إلى أن تبرز الشمس وحين يصلي العصر إلى أن يتتام مغيبها ونصف النهار إلى أن تزول الشمس.
    (قال الشافعي)
    :
    وفي هذا المعنى «أن أبا أيوب الأنصاري سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن تستقبل القبلة، أو بيت المقدس لحاجة الإنسان» قال أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد صنعت فننحرف ونستغفر الله وعجب ابن عمر ممن يقول لا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس لحاجة الإنسان وقال «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته» .
    (قال الشافعي)
    :
    علم أبو أيوب النهي فرآه مطلقا، وعلم ابن عمر استقبال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته ولم يعلم النهي ومن علمهما معا قال النهي عن استقبال القبلة وبيت المقدس في الصحراء التي لا ضرورة على ذاهب فيها ولا ستر فيها لذاهب؛ لأن الصحراء ساحة يستقبله المصلي، أو يستدبره فترى عورته إن كان مقبلا، أو مدبرا وقال: لا بأس بذلك في البيوت لضيقها وحاجة الإنسان إلى المرفق فيها وسترها وإن أحدا لا يرى من كان فيها إلا أن يدخل، أو يشرف عليه.
    (قال الشافعي) :
    وفي هذا المعنى أن أسيد بن حضير وجابر بن عبد الله صليا مريضين قاعدين بقوم أصحاء فأمراهم بالقعود معهما وذلك أنهما والله أعلم علما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأمرهم بالجلوس فأخذا به وكان الحق عليهما ولا أشك أن قد عزب عنهما «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا وأبو بكر إلى جنبه قائما والناس من ورائه قياما» فنسخ هذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجلوس وراءه إذا صلى شاكيا وجالسا وواجب على كل من علم الأمرين معا أن يصير إلى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الآخر إذا كان ناسخا للأول، أو إلى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الدال بعضه على بعض.
    (قال الشافعي)

    وفي مثل هذا المعنى «أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - خطب الناس وعثمان بن عفان محصور فأخبرهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث» وكان يقول به؛ لأنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن واقد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهما فلما روت عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه عند الدافة، ثم قال كلوا وتزودوا وادخروا وتصدقوا» وروى جابر بن عبد الله عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن لحوم الضحايا بعد ثلاث، ثم قال كلوا وتزودوا وتصدقوا» كان يجب على من علم الأمرين معا أن يقول نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه لمعنى، وإذا كان مثله فهو منهي عنه وإذا لم يكن مثله لم يكن منهيا عنه، أو يقول نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقت، ثم أرخص فيه من بعد والآخر من أمره ناسخ للأول.
    (قال الشافعي)
    :
    وكل قال بما سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أنه قاله على معنى دون معنى، أو نسخه فعلم الأول ولم يعلم غيره فلو علم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه صار إليه إن شاء الله
    (قال الشافعي)
    :
    ولهذا أشباه غيره في الأحاديث وإنما وضعت هذه الجملة عليه لتدل على أمور غلط فيها بعض من نظر في العلم ليعلم من علمه أن من متقدمي الصحبة وأهل الفضل والدين والأمانة من يعزب عنه من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء علمه غيره ممن لعله لا يقاربه في تقدم صحبته وعلمه ويعلم أن علم خاص السنن إنما هو علم خاص لمن فتح الله عز وجل له علمه لا أنه عام مشهور شهرة الصلاة وجمل الفرائض التي كلفتها العامة ولو كان مشهورا شهرة جمل الفرائض ما كان الأمر فيما وصفت من هذا وأشباهه كما وصفت ويعلم أن الحديث إذا رواه الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذلك ثبوته وأن لا نعول على حديث ليثبت أن وافقه بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يرد؛ لأن عمل بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عملا خالفه؛ لأن لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين كلهم حاجة إلى أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليهم اتباعه لا أن شيئا من أقاويلهم تبع ما روي عنه ووافقه يزيد قوله: شدة ولا شيئا خالفه من أقاويلهم يوهن ما روى عنه الثقة؛ لأن قوله المفروض اتباعه عليهم وعلى الناس وليس هكذا قول بشر غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    (قال الشافعي) :
    فإن قال قائل صح الحديث المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خالفه بعض أصحابه جاز له أن يتهم عن بعض أصحابه لخلافه؛ لأن كلا روى خاصة ومعا وإن بينهما مما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يصار إليه ومن قال منهم قولا لم يروه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجز لأحد أن يقول إنما قاله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما وصفت من أنه يعزب عن بعضهم بعض قوله ولم يجز أن نذكره عنه إلا رأيا له ما لم يقله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن كان هكذا لم يجز أن يعارض بقول أحد قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو قال قائل: لا يجوز أن يكون إلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحل له خلاف من وضعه هذا الموضع وليس من الناس أحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد أخذ من قوله وترك لقول غيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يجوز في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرد لقول أحد غيره فإن قال قائل فاذكر لي في هذا ما يدل على ما وصفت فيه قيل له: ما وصفت في هذا الباب وغيره متفرقا وجملة ومنه أن عمر بن الخطاب إمام المسلمين والمقدم في المنزلة والفضل وقدم الصحبة والورع والثقة والثبت والمبتدئ بالعلم قبل أن يسأله والكاشف عنه؛ لأن قوله حكم يلزم حتى كان يقضي بين المهاجرين والأنصار أن الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره، أو كتب إليه «الضحاك بن سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها» فرجع إليه عمر وترك قوله وكان عمر يقضي أن في الإبهام خمس عشرة والوسطى والمسبحة عشرا عشرا وفي التي تلي الخنصر تسعا وفي الخنصر ستا حتى وجد كتابا عند آل عمرو بن حزم الذي كتبه له النبي - صلى الله عليه وسلم - «وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل» فترك الناس قول عمر وصاروا إلى كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ففعلوا في ترك أمر عمر لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل عمر في فعل نفسه في أنه ترك فعل نفسه لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك الذي، أوجب الله عز وجل عليه وعليهم وعلى جميع خلقه.
    (قال الشافعي)
    :
    وفي هذا دلالة على أن حاكمهم كان يحكم برأيه فيما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه سنة لم يعلمها ولم يعلمها أكثرهم وذلك يدل على أن علم خاص الأحكام خاص كما وصفت لا عام كعام جمل الفرائض.
    (قال الشافعي) :
    وقسم أبو بكر حتى لقي الله عز وجل فسوى بين الحر والعبد ولم يفضل بين أحد بسابقة ولا نسب، ثم قسم عمر فألغى العبيد وفضل بالنسب والسابقة، ثم قسم علي فألغى العبيد وسوى بين الناس وهذا أعظم ما يلي الخلفاء وأعمه وأولاه أن لا يختلفوا فيه وإنما جعل الله عز وجل في المال ثلاثة أقسام: قسم الفيء، وقسم الغنيمة، وقسم الصدقة فاختلف الأئمة فيها ولم يمتنع أحد من أخذ ما أعطاه أبو بكر ولا عمر ولا علي وفي هذا دلالة على أنهم يسلمون لحاكمهم، وإن كان رأيهم خلاف رأيه، وإن كان حاكمهم قد يحكم بخلاف آرائهم لا أن جميع أحكامهم من جهة الإجماع منهم وعلى أن من ادعى أن حكم حاكمهم إذا كان بين أظهرهم ولم يردوه عليه فلا يكون إلا وقد رأوا رأيه قيل: إنهم لو رأوا رأيه فيه لم يخالفوه بعده فإن قال قائل قد رأوه في حياته، ثم خلافه بعده قيل له: فيدخل عليك في هذا إن كان كما قلت أن إجماعهم لا يكون حجة عندهم إذا كان لهم أن يجمعوا على قسم أبي بكر، ثم يجمعوا على قسم عمر، ثم يجمعوا على قسم علي.وكل واحد منهم يخالف صاحبه فإجماعهم إذا ليس بحجة عندهم أولا ولا آخرا وكذلك لا يجوز إذا لم يكن عندهم حجة أن يكون على من بعدهم حجة فإن قال قائل: فكيف تقول قلت: لا يقال لشيء من هذا إجماع ولكن ينسب كل شيء منه إلى فاعله فينسب إلى أبي بكر فعله، وإلى عمر فعله، وإلى علي فعله، ولا يقال لغيرهم ممن أخذ منهم موافقة لهم ولا مخالفة ولا ينسب إلى ساكت قول قائل ولا عمل عامل إنما ينسب إلى كل قوله وعمله، وفي هذا ما يدل على أن ادعاء الإجماع في كثير من خاص الأحكام ليس كما يقول من يدعيه فإن قال قائل أفتجد مثل هذا؟ قلنا: إنما بدأنا به؛ لأنه أشهر ما صنع الأئمة وأولى أن لا يختلفوا فيه وأن لا يجهله العامة ونحن نجد كثيرا من ذلك أن أبا بكر جعل الجد أبا، ثم طرح الإخوة معه، ثم خالفه فيه عمر وعثمان وعلي.ومن ذلك أن أبا بكر رأى على بعض أهل الردة فداء وسبيا وحبسهم لذلك فأطلقهم عمر وقال: لا سبي ولا فداء مع غير هذا مما سكتنا عنه ونكتفي بهذا منه أخبرنا الربيع: قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه أن يحيى بن حاطب حدثه قال: توفي حاطب فأعتق من صلى من رقيقه وصام وكانت له أمة نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه فلم ترعه إلا بحملها وكانت ثيبا فذهب إلى عمر فحدثه فقال له عمر: لأنت الرجل لا يأتي بخير، فأفزعه ذلك فأرسل إليها عمر فقال: أحبلت؟ فقالت: نعم من مرعوش بدرهمين وإذا هي تستهل بذلك ولا تكتمه قال وصادف عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف فقال أشيروا علي قال: وكان عثمان جالسا فاضطجع فقال: علي وعبد الرحمن قد وقع عليها الحد فقال أشر علي يا عثمان فقال: قد أشار عليك أخواك فقال أشر أنت علي قال أراها تستهل به كأنها لا تعلمه وليس الحد إلا على من علمه فقال عمر: صدقت صدقت والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه فجلدها عمر مائة وغربها عاما.
    (قال الشافعي)
    :
    فخالف عليا وعبد الرحمن فلم يحدها حدها عندهما وهو الرجم قال: وخالف عثمان أن لا يحدها بحال وجلدها مائة وغربها عاما فلم يرو عن أحد منهم من خلافه بعد حده إياها حرف ولم يعلم خلافهم له إلا بقولهم المتقدم قبل فعله.
    (قال)
    :
    وقال بعض من يقول ما لا ينبغي له إذ قبل حد عمر مولاة حاطب كذا لم يكن عمر ليحدها إلا بإجماع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جهالة بالعلم وجرأة على قول ما لا يعلم فمن اجترأ على أن يقول: إن قول رجل، أو عمله في خاص الأحكام ما لم يحك عنه وعنهم قال عندنا ما لم يعلم.
    (قال الشافعي) :
    وقضى عمر بن الخطاب في أن لا تباع أمهات الأولاد وخالفه علي وقضى عمر في الضرس بجمل وخالفه غيره فجعل الضرس سنا فيها خمس من الإبل وقال عمر وعلي وابن مسعود وأبو موسى الأشعري وغيرهم: للرجل على امرأته الرجعة حتى تطهر من الحيضة الثالثة وخالفهم غيرهم فقال: إذا طعنت في الدم من الحيضة الثالثة فقد انقطعت رجعته عنها مع أشياء كثيرة أكثر مما وصفت فدل ذلك على أن قائل السلف يقول برأيه ويخالفه غيره ويقول برأيه ولا يروى عن غيره فيما قال به شيء فلا ينسب الذي لم يرو عنه شيء إلى خلافه ولا موافقته؛ لأنه إذا لم يقل لم يعلم قوله ولو جاز أن ينسب إلى موافقته جاز أن ينسب إلى خلافه ولكن كلا كذب إذا لم يعرف قوله ولا الصدق فيه إلا أن يقال ما يعرف إذا لم يقل قولا وفي هذا دليل على أن بعضهم لا يرى قول بعض حجة تلزمه إذا رأى خلافها، وأنهم لا يرون اللازم إلا الكتاب، أو السنة وأنهم لم يذهبوا قط إن شاء الله إلى أن يكون خاص الأحكام كلها إجماعا كإجماعهم على الكتاب والسنة وجمل الفرائض وأنهم كانوا إذا وجدوا كتابا، أو سنة اتبعوا كل واحد منهما وإذا تأولوا ما يحتمل فقد يختلفون ولذلك إذا قالوا فيما لم يعلموا فيه سنة اختلفوا.
    (قال الشافعي)
    :
    وهي حجة على أن دعوى الاجتماع في كل الأحكام ليس كما ادعى من ادعى ما وصفت من هذا ونظائر له أكثر منه وجملته أنه لم يدع، الإجماع فيما سوى جمل الفرائض التي كلفتها العامة أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا التابعين ولا القرن الذين من بعدهم، ولا القرن الذين يلونهم، ولا عالم علمته على ظهر الأرض ولا أحد نسبته العامة إلى علم إلا حديثا من الزمان فإن قائلا قال فيه بمعنى لم أعلم أحدا من أهل العلم عرفه وقد حفظت عن عدد منهم إبطاله.
    (قال الشافعي) :
    ومتى كانت عامة من أهل العلم في دهر بالبلدان على شيء، أو عامة قبلهم قيل يحفظ عن فلان وفلان كذا ولم نعلم لهم مخالفا ونأخذ به ولا نزعم أنه قول الناس كلهم؛ لأنا لا نعرف من قاله من الناس إلا من سمعناه منه، أو عنه قال وما وصفت من هذا قول من حفظت عنه من أهل العلم نصا واستدلالا.
    (قال الشافعي)
    ::
    والعلم من وجهين اتباع، أو استنباط والاتباع اتباع كتاب فإن لم يكن فسنة فإن لم تكن فقول عامة من سلفنا لا نعلم له مخالفا، فإن لم يكن فقياس على كتاب الله عز وجل، فإن لم يكن فقياس على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن لم يكن فقياس على قول عامة من سلف لا مخالف له ولا يجوز القول إلا بالقياس وإذا قاس من له القياس فاختلفوا وسع كلا أن يقول بمبلغ اجتهاده ولم يسعه اتباع غيره فيما أدى إليه اجتهاده بخلافه، والله أعلم
    [صلاة الجماعة]
    أخبرنا الربيع بن سليمان قال:
    أخبرنا الشافعي محمد بن إدريس المطلبي قال: ذكر الله تبارك اسمه الأذان بالصلاة فقال عز وجل {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا} [المائدة: 58] وقال {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} [الجمعة: 9] فأوجب الله - والله أعلم - إتيان الجمعة وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان للصلوات المكتوبات فاحتمل أن يكون، أوجب إتيان صلاة الجماعة في غير الجمعة كما أمر بإتيان الجمعة وترك البيع واحتمل أن يكون أذن بها لتصلى لوقتها وقد جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسافرا ومقيما خائفا وغير خائف وقال الله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} [النساء: 102] الآية والتي بعدها
    (قال الشافعي) :
    وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أتى الصلاة أن يأتيها وعليه السكينة ورخص في ترك إتيان الجماعة في العذر بما سأذكره إن شاء الله تعالى في موضعه، وأشبه ما وصفت من الكتاب والسنة أن لا يحل ترك أن يصلي كل مكتوبة في جماعة حتى لا يخلوا جماعة مقيمون ولا مسافرون من أن يصلى فيهم صلاة جماعة أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال:
    «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال يتأخرون فأحرق عليهم بيوتهم فوالذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء» أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن حرملة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال:
    بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح لا يستطيعونهما»
    أو نحو هذا.
    (قال الشافعي) :

    فيشبه ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من همه أن يحرق على قوم بيوتهم أن يكون قاله في قوم تخلفوا عن صلاة العشاء لنفاق والله تعالى أعلم فلا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر وإن تخلف أحد صلاها منفردا لم يكن عليه إعادتها صلاها قبل صلاة الإمام، أو بعدها إلا صلاة الجمعة، فإن على من صلاها ظهرا قبل صلاة الإمام إعادتها؛ لأن إتيانها فرض عين والله - تعالى - أعلم.وكل جماعة صلى فيها رجل في بيته، أو في مسجد صغير، أو كبير قليل الجماعة، أو كثيرها أجزأت عنه والمسجد الأعظم وحيث كثرت الجماعة أحب إلي، وإن كان لرجل مسجد يجمع فيه ففاتته فيه الصلاة فإن أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلي، وإن لم يأته وصلى في مسجد منفردا فحسن وإذا كان للمسجد إمام راتب ففاتت رجلا، أو رجالا فيه الصلاة صلوا فرادى ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه وإنما كرهت ذلك لهم؛ لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم
    (قال الشافعي) :
    وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرق الكلمة وأن يرغب رجل عن الصلاة خلف إمام جماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة فإذا قضيت دخلوا فجمعوا فيكون في هذا اختلاف وتفرق كلمة وفيهما المكروه.وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن، فأما مسجد بني على ظهر الطريق، أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب ولا يكون له إمام معلوم ويصلي فيه المارة ويستظلون فلا أكره ذلك فيه؛ لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إماما غيره وإن صلى جماعة في مسجد له إمام، ثم صلى فيه آخرون في جماعة بعدهم كرهت ذلك لهم لما وصفت وأجزأتهم صلاتهم.
    [فضل الجماعة والصلاة معهم]
    (قال الشافعي) :
    - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال:
    «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال:«صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا»
    (قال الشافعي) :
    والثلاثة فصاعدا إذا أمهم أحدهم جماعة، وأرجو أن يكون الاثنان يؤم أحدهما الآخر جماعة، ولا أحب لأحد ترك الجماعة ولو صلاها بنسائه، أو رقيقه، أو أمه، أو بعض ولده في بيته وإنما منعني أن أقول صلاة الرجل لا تجوز وحده وهو يقدر على جماعة بحال تفضيل النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ولم يقل لا تجزئ المنفرد صلاته وإنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا معه الصلاة فصلوا بعلمه منفردين وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاءوا المسجد فصلى كل واحد منهم متفردا وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في مسجد مرتين ولا بأس أن يخرجوا إلى موضع فيجمعوا فيه وإنما صلاة الجماعة بأن يأتم المصلون برجل فإذا ائتم واحد برجل فهي صلاة جماعة وكلما كثرت الجماعة مع الإمام كان أحب إلي وأقرب إن شاء الله تعالى من الفضل.
    [العذر في ترك الجماعة]
    (قال الشافعي) :
    - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أذن في ليلة ذات برد وريح فقال: ألا صلوا في الرحال،
    ثم قال:
    إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول ألا صلوا في الرحال أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مناديه في الليلة المطيرة والليلة الباردة ذات ريح ألا صلوا في رحالكم» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم أنه كان يؤم أصحابه يوما فذهب لحاجته،
    ثم رجع فقال:
    سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الثقة عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم أنه خرج إلى مكة فصحبه قوم فكان يؤمهم فأقام الصلاة وقدم رجلا وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الغائط فليبدأ بالغائط»
    (قال الشافعي) :
    وإذا حضر الرجل - إماما كان، أو غير إمام - وضوء بدأ بالوضوء ولم أحب له أن يصلي وهو يجد من الوضوء لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبدأ بالوضوء وما أمر به من الخشوع في الصلاة وإكمالها وإن من شغل بحاجته إلى وضوء أشبه أن لا يبلغ من الإكمال للصلاة والخشوع فيها ما يبلغ من لا شغل له وإذا حضر عشاء الصائم، أو المفطر، أو طعامه وبه إليه حاجة أرخصت له في ترك إتيان الجماعة وأن يبدأ بطعامه إذا كانت نفسه شديدة التوقان إليه وإن لم تكن نفسه شديدة التوقان إليه ترك العشاء وإتيان الصلاة أحب إلي.وأرخص له في ترك الجماعة بالمرض لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرض فترك أن يصلي بالناس أياما كثيرة، وبالخوف وبالسفر وبمرض وبموت من يقوم بأمره، وبإصلاح ما يخاف فوت إصلاحه من ماله، ومن يقوم بأمره، ولا أرخص له في ترك الجماعة إلا من عذر والعذر ما وصفت من هذا وما أشبه، أو غلبة نوم، أو حضور مال إن غاب عنه خاف ضيعته، أو ذهاب في طلب ضالة يطمع في إدراكها ويخاف فوتها في غيبته.
    [الصلاة بغير أمر الوالي]
    أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلي بالناس فأقيم الصلاة قال نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس في الصلاة - فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، ثم استأخر أبو بكر وتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بالناس فلما انصرف قال: يا: أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لي أراكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء» .
    (قال الشافعي)
    :
    ويجزئ رجلا أن يقدم رجلا، أو يتقدم فيصلي بقوم بغير أمر الوالي الذي يلي الصلاة أي صلاة حضرت من جمعة، أو مكتوبة، أو نافلة إن لم يكن في أهل البلد وال، وكذلك إن كان للوالي شغل، أو مرض، أو نام، أو أبطأ عن الصلاة فقد ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلح بين بني عمرو بن عوف فجاء المؤذن إلى أبي بكر فتقدم للصلاة وذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك لحاجته فتقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم ركعة من الصبح وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدرك معه الركعة الثانية فصلاها خلف عبد الرحمن بن عوف، ثم قضى ما فاته ففزع الناس لذلك فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أحسنتم، يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها قال: يعني أول وقتها إلى هنا
    (قال الشافعي)
    :
    وأحب في هذا كله إن كان الإمام قريبا أن يستأمر وأحب للإمام أن يوكل من يصلي بالناس إذا أبطأ هو عن الصلاة وسواء في هذا كله أن يكون الزمان زمان فتنة، أو غير زمان فتنة إلا أنهم إذا خافوا في هذا شيئا من السلطان أحببت أن لا يعجلوا أمر السلطان حتى يخافوا ذهاب الوقت فإذا خافوا ذهابه لم يسعهم إلا الصلاة جماعة، أو فرادى وسواء في هذا الجمعة والأعياد وغيرها قد صلى علي بالناس العيد وعثمان محصور رحمة الله عليهما.إذا اجتمع القوم وفيهم الوالي
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    إذا دخل الوالي البلد يليه فاجتمع وغيره في ولايته فالوالي أحق بالإمامة ولا يتقدم أحد ذا سلطان في سلطانه في مكتوبة ولا نافلة ولا عيد ويروى أن ذا السلطان أحق بالصلاة في سلطانه فإن قدم الوالي رجلا فلا بأس وإنما يؤم حينئذ بأمر الوالي والوالي المطلق الولاية في كل من مر به ذو سلطان حيث مر وإن دخل الخليفة بلدا لا يليه وبالبلد وال غيره فالخليفة، أولى بالصلاة لأن واليه إنما ولي بسببه وكذلك إن دخل بلدا تغلب عليه رجل فالخليفة، أولى فإن لم يكن خليفة فالوالي بالبلد، أولى بالصلاة فيه فإن جاوز إلى بلد غيره لا ولاية له به فهو وغيره سواء.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (24)
    صــــــــــ 183 الى صـــــــــــ191

    [إمامة القوم لا سلطان فيهم]
    (قال الشافعي) :
    - رحمه الله تعالى - أخبرنا إبراهيم قال: أخبرني معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود قال: من السنة أن لا يؤمهم إلا صاحب البيت
    (قال الشافعي)
    :
    وروي أن نفرا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا في بيت رجل منهم فحضرت الصلاة فقدم صاحب البيت رجلا منهم فقال تقدم فأنت أحق بالإمامة في منزلك فتقدم
    (قال الشافعي) :
    وأكره أن يؤم أحد غير ذي سلطان أحدا في منزله إلا أن يأذن له الرجل فإن أذن له فإنما أم بأمره فلا بأس إن شاء الله تعالى وإنما أكره أن يؤمه في منزله بغير أمره فأما بأمره فذلك ترك منه لحقه في الإمامة ولا يجوز لذي سلطان ولا صاحب منزل أن يؤم حتى يكون يحسن يقرأ ما تجزيه به الصلاة، فإن لم يكن يقرأ ما تجزيه به الصلاة لم يكن له أن يؤم وإن أم فصلاته تامة وصلاة من خلفه ممن يحسن هذا فاسدة وهكذا إذا كان السلطان، أو صاحب المنزل ممن ليس يحسن يقرأ لم تجزئ من ائتم به الصلاة.وإذا تقدم أحد ذا سلطان وذا بيت في بيته بغير إذن واحد منهما كرهته له ولم يكن عليه ولا على من صلى خلفه إعادة؛ لأن الفعل في التقدم إذا كان خطأ فالصلاة نفسها مؤداة كما تجزئ وسواء إمامة الرجل في بيته العبد والحر إلا أن يكون سيده حاضرا فالبيت بيت السيد ويكون، أولى بالإمامة وإذا كان السلطان في بيت رجل كان السلطان، أولى بالإمامة لأن بيته من سلطانه.وإذا كان مصر جامع له مسجد جامع لا سلطان به فأيهم أمهم من أهل الفقه والقرآن لم أكرهه أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع أن صاحب المقصورة جاء إلى ابن عمر.
    [اجتماع القوم في منزلهم للصلاة]
    اجتماع القوم في منزلهم سواء
    (قال الشافعي) :
    - رحمه الله تعالى - أخبرنا الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال: حدثنا أبو اليمان مالك بن الحويرث قال: قال: لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «صلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم»
    (قال الشافعي) :
    هؤلاء قوم قدموا معا فأشبهوا أن تكون قراءتهم وتفقههم سواء فأمروا أن يؤمهم أكبرهم وبذلك آمرهم وبهذا نأخذ فنأمر القوم إذا اجتمعوا في الموضع ليس فيهم وال وليسوا في منزل أحد أن يقدموا أقرأهم وأفقههم، وأسنهم فإن لم يجتمع ذلك في واحد فإن قدموا أفقههم إذا كان يقرأ القرآن فقرأ منه ما يكتفي به في صلاته فحسن وإن قدموا أقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في الصلاة فحسن.ويقدموا هذين معا على من هو أسن منهما وإنما قيل - والله تعالى أعلم - أن يؤمهم أقرؤهم أن من مضى من الأئمة كانوا يسلمون كبارا فيتفقهون قبل أن يقرءوا القرآن ومن بعدهم كانوا يقرءون القرآن صغارا قبل أن يتفقهوا فأشبه أن يكون من كان فقيها إذا قرأ من القرآن شيئا، أولى بالإمامة لأنه قد ينوبه في الصلاة ما يعقل كيف يفعل فيه بالفقه ولا يعلمه من لا فقه له وإذا استووا في الفقه والقراءة أمهم أسنهم وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤمهم أسنهم فيما أرى - والله تعالى أعلم - أنهم كانوا مشتبهي الحال في القراءة والعلم فأمر أن يؤمهم أكبرهم سنا ولو كان فيهم ذو نسب فقدموا غير ذي النسب أجزأهم وإن قدموا ذا النسب اشتبهت حالهم في القراءة والفقه كان حسنا؛ لأن الإمامة منزلة فضل وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «قدموا قريشا ولا تقدموها» فأحب أن يقدم من حضر منهم اتباعا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان فيه لذلك موضع.
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن عطاء قال: كان يقال يؤمهم أفقههم فإن كانوا في الفقه سواء فأقرؤهم فإن كانوا في الفقه والقراءة سواء فأسنهم، ثم عاودته بعد ذلك في العبد يؤم فقلت يؤمهم العبد إذا كان أفقههم؟ قال: نعم
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال: أخبرني نافع قال: أقيمت الصلاة في مسجد بطائفة من المدينة ولابن عمر قريبا من ذلك المسجد أرض يعملها وإمام ذلك المسجد مولى له ومسكن ذلك المولى وأصحابه، ثم فلما سمعهم عبد الله بن عمر جاء ليشهد معهم الصلاة فقال له المولى صاحب المسجد تقدم فصل فقال له عبد الله أنت أحق أن تصلي في مسجدك مني فصلى المولى صاحب المسجد.
    (قال الشافعي) :
    وصاحب المسجد كصاحب المنزل فأكره أن يتقدمه أحد إلا السلطان ومن أم من الرجال ممن كرهت إمامته فأقام الصلاة أجزأت إمامته والاختيار ما وصفت من تقديم أهل الفقه والقرآن والسن والنسب وإن أم أعرابي مهاجرا، أو بدوي قرويا فلا بأس - إن شاء الله تعالى - إلا أني أحب أن يتقدم أهل الفضل في كل حال في الإمامة ومن صلى صلاة من بالغ مسلم يقيم الصلاة أجزأته ومن خلفه صلاتهم، وإن كان غير محمود الحال في دينه أي غاية بلغ يخالف الحمد في الدين.وقد صلى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف من لا يحمدون فعاله من السلطان وغيره
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن نافع أن عبد الله بن عمر اعتزل بمنى في قتال ابن الزبير والحجاج بمنى فصلى مع الحجاج أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه أن الحسن والحسين - رضي الله تعالى عنهما - كانا يصليان خلف مروان قال فقال: أما كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما؟ فقال: لا والله ما كانا يزيدان على صلاة الأئمة.
    [صلاة الرجل بصلاة الرجل لم يؤمه]
    أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي - رحمه الله تعالى - وإذا افتتح الرجل الصلاة لنفسه لا ينوي أن يؤم أحدا فجاءت جماعة، أو واحد فصلوا بصلاته فصلاته مجزئة عنهم وهو لهم إمام ولا فرق بينه وبين الرجل ينوي أن يصلي لهم ولو لم يجز هذا لرجل لم يجز أن ينوي إمامة رجل، أو نفر قليل بأعيانهم لا ينوي إمامة غيرهم ويأتي قوم كثيرون فيصلون معهم، ولكن كل هذا جائز - إن شاء الله تعالى -، وأسأل الله - تعالى - التوفيق.
    [كراهية الإمامة]
    (قال الشافعي) :
    - رحمه الله تعالى - روى صفوان بن سليم عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يأتي قوم فيصلون لكم فإن أتموا كان لهم ولكم وإن نقصوا كان عليهم ولكم»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم فأرشد الأئمة واغفر للمؤذنين»
    (قال الشافعي) :
    فيشبه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى أعلم - إن أتموا فصلوا في أول الوقت وجاءوا بكمال الصلاة في إطالة القراءة والخشوع والتسبيح في الركوع والسجود وإكمال التشهد والذكر فيها؛ لأن هذه غاية التمام وإن أجزأ أقل منه فلهم ولكم ولا فعليهم ترك الاختيار بعمد تركه ولكم ما نويتم منه فتركتموه لاتباعه بما أمرتم باتباعهم في الصلاة فيما يجزئكم وإن كان غيره أفضل منه فعليهم التقصير في تأخير الصلاة عن أول الوقت والإتيان بأقل ما يكفيهم من قراءة وركوع وسجود دون أكمل ما يكون منها وإنما عليكم اتباعهم فيما أجزأ عنكم وعليهم التقصير من غاية الإتمام والكمال ويحتمل ضمناء لما غابوا عليه من المخافتة بالقراءة والذكر فأما أن يتركوا ظاهرا أكثر الصلاة حتى يذهب الوقت، أو لم يأتوا في الصلاة بما تكون منه الصلاة مجزئة فلا يحل لأحد اتباعهم ولا ترك الصلاة حتى يمضي وقتها ولا صلاتها بما لا يجزئ فيها.وعلى الناس أن يصلوا لأنفسهم، أو جماعة مع غير من يصنع هذا ممن يصلي لهم فإن قال قائل: ما دليل ما وصفت قيل: قال الله تبارك وتعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء: 59] ويقال نزلت في أمراء السرايا وأمروا إذا تنازعوا في شيء وذلك اختلافهم فيه أن يردوه إلى حكم الله عز وجل، ثم حكم الرسول فحكم الله ثم رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤتى بالصلاة في الوقت وبما تجزئ به وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من أمركم من الولاية بغير طاعة الله فلا تطيعوه» فإذا أخروا الصلاة حتى يخرج وقتها، أو لم يأتوا فيها بما تكون به مجزئة عن المصلي فهذا من عظيم معاصي الله الذي أمر الله عز وجل أن ترد إلى الله والرسول وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يطاع وال فيها وأحب الأذان لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغفر للمؤذنين» ، وأكره الإمامة للضمان وما على الإمام فيها وإذا أم رجل انبغى له أن يتقي الله عز ذكره ويؤدي ما عليه في الإمامة فإذا فعل رجوت أن يكون خيرا حالا من غيره.
    [ما على الإمام]
    (قال الشافعي) :
    - رحمه الله تعالى - وروي من وجه عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يصلي الإمام بقوم فيخص نفسه بدعوة دونهم» ، ويروى عن عطاء بن أبي رباح مثله، وكذلك أحب للإمام فإن لم يفعل وأدى الصلاة في الوقت أجزأه وأجزأهم وعليه نقص في أن خص نفسه دونهم، أو يدع المحافظة على الصلاة في أول الوقت بكمال الركوع والسجود.
    [أم قوما وهم له كارهون]
    من أم قوما وهم له كارهون
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    يقال: لا تقبل صلاة من أم قوما وهم له كارهون، ولا صلاة امرأة وزوجها غائب عنها ولا عبد آبق حتى يرجع ولم أحفظ من وجه يثبت أهل العلم بالحديث مثله وإنما عني به والله تعالى أعلم الرجل غير الوالي يؤم جماعة يكرهونه فأكره ذلك للإمام ولا بأس به على المأموم يعني في هذا الحال؛ لأن المأموم لم يحدث شيئا كره له وصلاة المأموم في هذه الحال مجزئة ولا أعلم على الإمام إعادة؛ لأن إساءته في التقدم لا تمنعه من أداء الصلاة، وإن خفت عليه في التقدم وكذلك المرأة يغيب عنها زوجها وكذلك العبد يأبق أخاف عليهم في أفعالهم وليست على واحد منهم إعادة صلاة صلاها في تلك الحال وكذلك الرجل يخرج يقطع الطريق ويشرب الخمر، ويخرج في المعصية أخاف عليه في عمله وإذا صلى صلاة ففعلها في وقتها لم أوجب عليه أن يعيدها، ولو تطوع بإعادتها إذا ترك ما كان فيه ما كرهت ذلك له وأكره للرجل أن يتولى قوما وهم له كارهون وإن وليهم والأكثر منهم لا يكرهونه والأقل منهم يكرهونه لم أكره ذلك له إلا من وجه كراهية الولاية جملة، وذلك أنه لا يخلو أحد ولي قليلا أو كثيرا أن يكون فيهم من يكرهه وإنما النظر في هذا إلى العام الأكثر لا إلى الخاص الأقل وجملة هذا أني أكره الولاية بكل حال.فإن ولي رجل قوما فليس له أن يقبل ولايتهم حتى يكون محتملا لنفسه للولاية بكل حال آمنا عنده على من وليه أن يحابيه، وعدوه أن يحمل غير الحق عليه متيقظا، لا يخدع عفيفا عما صار إليه من أموالهم وأحكامهم مؤديا للحق عليه فإن نقص واحدة من هذا لم يحل له أن يلي ولا لأحد عرفه أن يوليه وأحب مع هذا أن يكون حليما على الناس وإن لم يكن فكان لا يبلغ به غيظه أن يجاوز حقا ولا يتناول باطلا لم يضره؛ لأن هذا طباع لا يملكه من نفسه ومتى ولي وهو كما أحب له فتغير وجب على الوالي عزله وعليه أن لا يلي له.ولو تولى رجل أمر قوم أكثرهم له كارهون لم يكن عليه في ذلك مأثم إن شاء الله تعالى إلا أن يكون ترك الولاية خيرا له أحبوه، أو كرهوه.
    [ما على الإمام من التخفيف]
    أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان أحدكم يصلي بالناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف فإذا كان يصلي لنفسه فليطل ما شاء»
    (قال الشافعي) :
    وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان أخف الناس صلاة على الناس وأطول الناس صلاة لنفسه»
    (قال الشافعي)
    :
    روى شريك بن عبد الله بن أبي نمر وعمرو بن أبي عمرو عن العلاء بن عبد الرحمن عن «أنس بن مالك قال: ما صليت خلف أحد قط أخف ولا أتم صلاة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»
    (قال الشافعي) :
    وأحب للإمام أن يخفف الصلاة ويكملها كما وصف أنس ومن حدث معه وتخفيفها وإكمالها مكتوب في كتاب قراءة الإمام في غير هذا الموضع وإن عجل الإمام عما أحببت من تمام الإكمال من التثقيل كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا على من خلفه إذا جاء بأقل ما عليه في الصلاة.
    [باب صفة الأئمة]
    وليس في التراجم وفيه ما يتعلق بتقديم قريش، وفضل الأنصار، والإشارة إلى الإمامة العظمى أخبرنا الربيع قال: أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال: حدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قدموا قريشا ولا تقدموها وتعلموا منها ولا تعالموها، أو تعلموها» الشك من ابن أبي فديك
    (قال الشافعي) :
    - رحمه الله تعالى - أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن حكيم بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز وابن شهاب يقولان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أهان قريشا أهانه الله» أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله عز جل»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش أنتم، أولى الناس بهذا الأمر ما كنتم مع الحق إلا أن تعدلوا فتلحون كما تلحى هذه الجريدة» يشير إلى جريدة في يده
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا يحيى بن سليم بن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة الأنصاري عن أبيه عن جده رفاعة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نادى: «أيها الناس إن قريشا أهل إمامة من بغاها العواثير أكبه الله لمنخريه» يقولها ثلاث مرات حدثنا الشافعي قال: أخبرني عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن قتادة بن النعمان وقع بقريش فكأنه نال منهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مهلا يا قتادة، لا تشتم قريشا فإنك لعلك ترى منها رجالا، أو يأتي منها رجال تحتقر عملك مع أعمالهم وفعلك مع أفعالهم وتغبطهم إذا رأيتهم لولا أن تطغى قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله»
    (قال الشافعي) :
    أخبرني مسلم بن خالد عن ابن أبي ذئب بإسناد لا أحفظه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في قريش شيئا من الخير لا أحفظه وقال «شرار قريش خيار شرار الناس» أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « تجدون الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة " قال «أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية» حدثنا الشافعي قال: حدثني عمي محمد بن العباس عن الحسن بن القاسم الأزرقي قال «وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثنية تبوك فقال ما ها هنا شام وأشار بيده إلى جهة الشام وما ها هنا يمن وأشار بيده إلى جهة المدينة» ، حدثنا الشافعي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: «جاء الطفيل بن عمرو والدوسي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن دوسا قد عصت وأبت فادع الله عليها فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة ورفع يديه فقال الناس: هلكت دوس فقال: اللهم اهد دوسا وأت بهم» حدثنا الشافعي قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو أن الناس سلكوا واديا، أو شعبا لسلكت وادي الأنصار، أو شعبهم» حدثنا الشافعي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني قال: حدثني ابن الغسيل عن رجل سماه عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في مرضه فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الأنصار قد قضوا الذي عليهم وبقي الذي عليكم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» وقال غيره عن الحسن " ما لم يكن فيه حد " وقال الجرجاني في حديثه إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار» وقال في حديثه «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خرج بهش إليه النساء والصبيان من الأنصار فرق لهم، ثم خطب» وقال هذه المقالة
    (قال الشافعي) :
    وحدثني بعض أهل العلم أن أبا بكر قال: ما وجدت أنا لهذا الحي من الأنصار مثلا إلا ما قال الطفيل الغنوي:أبوا أن يملونا ولو أن أمنا ... تلاقي الذي يلقون منا لملتهم خلطونا بالنفوس وألجئوا ... إلى حجرات أدفأت وأظلتجزى الله عنا جعفرا حين أزلقت ... بنا بعلنا في الواطئين وزلت
    قال الربيع:
    هذا البيت الأخير ليس في الحديث حدثنا الشافعي قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن أنه قال: ما من المهاجرين أحد إلا وللأنصار عليه منة ألم يوسعوا في الديار ويشاطروا في الثمار وآثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة،
    أخبرنا الشافعي قال:
    حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال:
    بينا أنا أنزع على بئر أستقي»

    (قال الشافعي) :
    يعني في النوم ورؤيا الأنبياء وحي قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «فجاء ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا، أو ذنوبين وفيهما ضعف والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فنزع حتى استحالت في يده غربا فضرب الناس بعطن فلم أر عبقريا يفري فريه» وزاد مسلم بن خالد «فأروى الظمأة وضرب الناس بعطن»
    (قال: الشافعي) :
    قوله وفي نزعه ضعف يعني قصر مدته وعجلة موته وشغله بالحرب لأهل الردة عن الافتتاح والتزيد الذي بلغه عمر في طول مدته وقوله في عمر " فاستحالت في يده غربا " والغرب الدلو العظيم الذي إنما تنزعه الدابة أو الزرنوق ولا ينزعه الرجل بيده لطول مدته وتزيده في الإسلام لم يزل يعظم أمره ومناصحته للمسلمين كما يمتح الدلو العظيم، أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه «أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن شيء فأمرها أن ترجع فقالت: يا رسول الله إن رجعت لم أجدك كأنها تعني الموت قال: فأتي أبا بكر» ،
    أخبرنا الشافعي قال:
    حدثنا يحيى بن سليم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: ولينا أبو بكر خير خليفة الله، أرحمه وأحناه عليه.
    [صلاة المسافر يؤم المقيمين]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر» ،
    أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب مثله
    (قال: الشافعي) :
    وهكذا أحب للإمام أن يصلي مسافرا، أو مقيما ولا يوكل غيره ويأمر من وراءه من المقيمين أن يتموا إلا أن يكونوا قد فقهوا فيكتفي بفقههم - إن شاء الله تعالى -.وإذا اجتمع مسافرون ومقيمون فإن كان الوالي من أحد الفريقين صلى بهم مسافرا كان، أو مقيما وإن كان مقيما فأقام غيره فصلى بهم فأحب إلي إلى أن يأمر مقيما ولا يولي الإمامة إلا من ليس له أن يقصر فإن أمر مسافرا كرهت ذلك له إذا كان يصلي خلفه مقيم ويبني المقيم على صلاة المسافر ولا إعادة عليه فإن لم يكن فيهم وال فأحب إلي أن يؤمهم المقيم لتكون صلاتهم كلها بإمام ويؤخر المسافرون عن الجماعة وإكمال عدد الصلاة.فإن قدموا مسافرا فأمهم أجزأ عنهم وبنى المقيمون على صلاة المسافر إذا قصر وإن أتم أجزأتهم صلاتهم وإن أم المسافر المقيمين فأتم الصلاة أجزأته وأجزأت من خلفه من المقيمين والمسافرين صلاتهم.
    [صلاة الرجل بالقوم لا يعرفونه]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ولو أن قوما في سفر، أو حضر، أو غيره ائتموا برجل لا يعرفونه فأقام الصلاة أجزأت عنهم صلاتهم ولو شكوا أمسلم هو، أو غير مسلم؟ أجزأتهم صلاتهم وهو إذا أقام الصلاة إمام مسلم في الظاهر حتى يعلموا أنه ليس بمسلم، ولو عرفوه بغير الإسلام وكانوا ممن يعرفونه المعرفة الذي الأغلب عليهم أن إسلامه لا يخفى عليهم ولو أسلم فصلى فصلوا وراءه في مسجد جماعة، أو صحراء لم تجزئهم صلاتهم معه إلا أن يسألوه فيقول: أسلمت قبل الصلاة، أو يعلمهم من يصدقون أنه مسلم قبل الصلاة.وإذا أعلمهم أنه أسلم قبل الصلاة فصلاتهم مجزئة عنهم، ولو صلوا معه على علمهم بشركه ولم يعلموا إسلامه قبل الصلاة ثم أعلمهم بعد الصلاة أنه أسلم قبلها لم تجزهم صلاتهم؛ لأنهم لم يكن لهم الائتمام به على معرفتهم بكفره وإن لم يعلموا إسلامه قبل ائتمامهم به وإذا صلوا مع رجل صلاة كثيرة ثم أعلمهم أنه غير مسلم، أو علموا من غيره أعادوا كل صلاة صلوها خلفه، وكذلك لو أسلم، ثم ارتد عن الإسلام وصلوا معه في ردته قبل أن يرجع إلى الإسلام أعادوا كل صلاة صلوها معه
    [إمامة المرأة للرجال]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة؛ لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن، أولياء وغير ذلك ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبدا وهكذا لو كان ممن صلى مع المرأة خنثى مشكل لم تجزه صلاته معها ولو صلى معها خنثى مشكل ولم يقض صلاته حتى بان أنه امرأة أحببت له أن يعيد الصلاة وحسبت أنه لا تجزئه صلاته؛ لأنه لم يكن حين صلى معها ممن يجوز له أن يأتم بها.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (25)
    صــــــــــ 191 الى صـــــــــــ200


    [إمامة المرأة وموقفها في الإمامة]
    (قال الشافعي)
    :
    - رحمه الله تعالى - أخبرنا سفيان عن عمار الدهني عن امرأة من قومه يقال لها حجيرة أن أم سلمة أمتهن فقامت وسطا.
    (قال الشافعي)
    :
    روى الليث عن عطاء عن عائشة أنها صلت بنسوة العصر فقامت في وسطهن أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم عن صفوان قال: إن «من السنة أن تصلي المرأة بالنساء تقوم في وسطهن»
    (قال الشافعي)
    :
    وكان علي بن الحسين يأمر جارية له تقوم بأهله في شهر رمضان وكانت عمرة تأمر المرأة أن تقوم للنساء في شهر رمضان.
    (قال: الشافعي)
    :
    وتؤم المرأة النساء في المكتوبة وغيرها وآمرها أن تقوم في وسط الصف وإن كان معها نساء كثير أمرت أن يقوم الصف الثاني خلف صفها وكذلك الصفوف وتصفهن صفوف الرجال إذا كثرن لا يخالفن الرجال في شيء من صفوفهن إلا أن تقوم المرأة وسطا وتخفض صوتها بالتكبير والذكر الذي يجهر به في الصلاة من القرآن وغيره فإن قامت المرأة أمام النساء فصلاتها وصلاة من خلفها مجزئة عنهن وأحب إلي أن لا يؤم النساء منهن إلا حرة؛ لأنها تصلي متقنعة فإن أمت أمة متقنعة، أو مكشوفة الرأس حرائر فصلاتها وصلاتهن مجزئة؛ لأن هذا فرضها وهذا فرضهن.وإمامة القاعد والناس خلفه قيام أكثر من إمامة أمة مكشوفة الرأس وحرائر متقنعات.
    [إمامة الأعمى]
    (قال الشافعي) :
    - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع «أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى وأنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنها تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى قال: فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أين تحب أن نصلي؟ فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى.
    (قال الشافعي) :
    وسمعت عددا من أهل العلم يذكرون «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يستخلف ابن أم مكتوم وهو أعمى فيصلي بالناس في عدد غزوات له»
    (قال: الشافعي) :
    وأحب إمامة الأعمى والأعمى إذا سدد إلى القبلة إلي كان أحرى أن لا يلهو بشيء تراه عيناه ومن أم صحيحا كان أو أعمى فأقام الصلوات أجزأت صلاته ولا أختار إمامة الأعمى على الصحيح؛ لأن أكثر من جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إماما بصيرا، ولا إمامة الصحيح على الأعمى؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجد عددا من الأصحاء يأمرهم بالإمامة أكثر من عدد من أمر بها من العمي.
    [إمامة العبد]
    (قال الشافعي) :
    - رحمه الله تعالى - أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أنهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادي هو وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة وأبو عمرو غلامها حينئذ لم يعتق قال: وكان إمام بني محمد بن أبي بكر وعروة.
    (قال: الشافعي) :
    والاختيار أن يقدم أهل الفضل في الإمامة على ما وصفت وأن يقدم الأحرار على المماليك وليس بضيق أن يتقدم المملوك الأحرار إماما في مسجد جماعة ولا في طريق ولا في منزل ولا في جمعة ولا عيد ولا غيره من الصلوات.فإن قال: قائل كيف يؤم في الجمعة وليست عليه؟ قيل ليست عليه على معنى ما ذهبت إليه إنما ليست عليه بضيق عليه أن يتخلف عنها كما ليس بضيق على خائف ولا مسافر، وأي هؤلاء صلى الجمعة أجزأت عنه وبين أن كل واحد من هؤلاء إذا كان إذا حضر أجزأت عنه وهي ركعتا الظهر التي هي أربع فصلاها بأهلها أجزأت عنه وعنهم.
    [إمامة الأعجمي]
    أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال:
    أخبرنا عطاء قال: سمعت عبيد بن عمير يقول اجتمعت جماعة فيما حول مكة قال: حسبت أنه قال في أعلى الوادي ها هنا وفي الحج قال: فحانت الصلاة فتقدم رجل من آل أبي السائب أعجمي اللسان قال: فأخره المسور بن مخرمة وقدم غيره فبلغ عمر بن الخطاب فلم يعرفه بشيء حتى جاء المدينة فلما جاء المدينة عرفه بذلك فقال المسور: أنظرني يا أمير المؤمنين، إن الرجل كان أعجمي اللسان وكان في الحج فخشيت أن يسمع بعض الحاج قراءته فيأخذ بعجمته فقال هنالك ذهبت بها فقلت: نعم فقال: قد أصبت
    (قال الشافعي) :
    وأحب ما صنع المسور وأقر له عمر من تأخير رجل أراد أن يؤم وليس بوال وتقديم غيره إذا كان الإمام أعجميا.وكذلك إذا كان غير رضي في دينه ولا عالم بموضع الصلاة وأحب أن لا يتقدم أحد حتى يكون حافظا لما يقرأ فصيحا به وأكره إمامة من يلحن؛ لأنه قد يحيل باللحن المعنى فإن أم أعجمي، أو لحان فأفصح بأم القرآن، أو لحن فيها لحنا لا يحيل معنى شيء منها أجزأته وأجزأتهم، وإن لحن فيها لحنا يحيل معنى شيء منها لم تجز من خلفه صلاتهم وأجزأته إذا لم يحسن غيره كما يجزيه أن يصلي بلا قراءة إذا لم يحسن القراءة.ومثل هذا إن لفظ منها بشيء بالأعجمية وهو لا يحسن غيره أجزأته صلاته ولم تجز من خلفه قرءوا معه، أو لم يقرءوا وإذا ائتموا به فإن أقاما معا أم القرآن، أو لحنا، أو نطق أحدهما بالأعجمية، أو لسان أعجمي في شيء من القرآن غيرها أجزأته ومن خلفه صلاتهم إذا كان أراد القراءة لما نطق به من عجمة ولحن، فإن أراد به كلاما غير القراءة فسدت صلاته، فإن ائتموا به فسدت صلاتهم وإن خرجوا من صلاته حين فسدت فقدموا غيره، أو صلوا لأنفسهم فرادى أجزأتهم صلاتهم.
    [إمامة ولد الزنا]
    أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلا كان يؤم ناسا بالعقيق فنهاه عمر بن عبد العزيز وإنما نهاه؛ لأنه كان لا يعرف أبوه
    (قال: الشافعي) :
    وأكره أن ينصب من لا يعرف أبوه إماما؛ لأن الإمامة موضع فضل وتجزي من صلى خلفه صلاتهم، وتجزيه إن فعل وكذلك أكره إمامة الفاسق والمظهر البدع ومن صلى خلف واحد منهم أجزأته صلاته ولم تكن عليه إعادة إذا أقام الصلاة.
    [إمامة الصبي لم يبلغ]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    إذا أم الغلام الذي لم يبلغ الذي يعقل الصلاة ويقرأ، الرجال البالغين فإذا أقام الصلاة أجزأتهم إمامته والاختيار أن لا يؤم إلا بالغ وأن يكون الإمام البالغ عالما بما لعله يعرض له في الصلاة.
    [إمامة من لا يحسن القراءة]
    إمامة من لا يحسن يقرأ ويزيد في القرآن قال وإذا أم الأمي، أو من لا يحسن أم القرآن وإن أحسن غيرها من القرآن ولم يحسن أم القرآن لم يجز الذي يحسن أم القرآن صلاته معه وإن أم من لا يحسن أن يقرأ أجزأت من لا يحسن يقرأ صلاته معه.وإن كان الإمام لا يحسن أم القرآن ويحسن سبع آيات، أو ثمان آيات ومن خلفه لا يحسن أم القرآن ويحسن من القرآن شيئا أكثر مما يحسن الإمام أجزأتهم صلاتهم معه؛ لأن كلا لا يحسن أم القرآن والإمام يحسن ما يجزيه في صلاته إذا لم يحسن أم القرآن وإن أم رجل قوما يقرءون فلا يدرون أيحسن يقرأ أم لا فإذا هو لا يحسن يقرأ أم القرآن ويتكلم بسجاعة في القرآن لم تجزئهم صلاتهم وابتدءوا الصلاة وعليهم إذا سجع ما ليس من القرآن أن يخرجوا من الصلاة خلفه وإنما جعلت ذلك عليهم وأن يبتدئوا صلاتهم أنه ليس يحسن القرآن وإن سجاعته كالدليل الظاهر على أنه لا يحسن يقرأ فلم يكن لهم أن يكونوا في شيء من الصلاة معه ولو علموا أنه يحسن يقرأ فابتدءوا الصلاة معه، ثم سجع أحببت لهم أن يخرجوا من إمامته ويبتدئوا الصلاة.فإن لم يفعلوا، أو خرجوا حين سجع من صلاته فصلوا لأنفسهم، أو قدموا غيره أجزأت عنهم كما تجزئ عنهم لو صلوا خلف من يحسن يقرأ فأفسد صلاته بكلام عمد، أو عمل ولا تفسد صلاتهم بإفساد صلاته إذا كان لهم على الابتداء أن يصلوا معه وإذا صلى لهم من لا يدرون يحسن يقرأ أم لا صلاة لا يجهر فيها أحببت لهم أن يعيدوا الصلاة احتياطا، ولا يجب ذلك عليهم عندي؛ لأن الظاهر أن أحدا من المسلمين لا يتقدم قوما في صلاة إلا محسنا لما تجزئه به الصلاة إن شاء الله تعالى وإذا أمهم في صلاة يجهر فيها فلم يقرأ أعادوا الصلاة بترك القراءة ولو قال: قد قرأت في نفسي فإن كانوا لا يعلمونه يحسن القراءة أحببت لهم أن يعيدوا الصلاة؛ لأنهم لم يعلموا أنه يحسن يقرأ ولم يقرأ قراءة يسمعونها.
    [إمامة الجنب]
    أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك بن أنس عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة من الصلوات، ثم أشار أن امكثوا، ثم رجع وعلى جلده أثر الماء» أخبرنا الثقة عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معناه أخبرنا الثقة عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وقال «إني كنت جنبا فنسيت» أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه
    (قال: الشافعي)
    :
    وبهذا نأخذ وهذا يشبه أحكام الإسلام؛ لأن الناس إنما كلفوا في غيرهم الأغلب فيما يظهر لهم وأن مسلما لا يصلي إلا على طهارة فمن صلى خلف رجل، ثم علم أن إمامه كان جنبا، أو على غير وضوء وإن كانت امرأة أمت نساء، ثم علمن أنها كانت حائضا أجزأت المأمومين من الرجال والنساء صلاتهم وأعاد الإمام صلاته.ولو علم المأمومون من قبل أن يدخلوا في صلاته أنه على غير وضوء، ثم صلوا معه لم تجزهم صلاتهم؛ لأنهم صلوا بصلاة من لا تجوز له الصلاة عالمين ولو دخلوا معه في الصلاة غير عالمين أنه على غير طهارة وعلموا قبل أن يكملوا الصلاة أنه على غير طهارة كان عليهم أن يتموا لأنفسهم وينوون الخروج من إمامته مع علمهم فتجوز صلاتهم فإن لم يفعلوا فأقاموا مؤتمين به بعد العلم، أو غير ناوين الخروج من إمامته فسدت صلاتهم وكان عليهم استئنافها لأنهم قد ائتموا بصلاة من لا تجوز لهم الصلاة خلفه عالمين وإذا اختلف علمهم فعلمت طائفة وطائفة لم تعلم فصلاة الذين لم يعلموا أنه على غير طهارة جائزة وصلاة الذين علموا أنه على غير طهارة فأقاموا مؤتمين به غير جائرة ولو افتتح الإمام طاهرا، ثم انتقضت طهارته فمضى على صلاته عامدا، أو ناسيا كان هكذا وعمد الإمام ونسيانه سواء إلا أنه يأثم بالعمد ولا يأثم بالنسيان إن شاء الله تعالى.
    [إمامة الكافر]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ولو أن رجلا كافرا أم قوما مسلمين ولم يعلموا كفره، أو يعلموا لم تجزهم صلاتهم ولم تكن صلاته إسلاما له إذا لم يكن تكلم بالإسلام قبل الصلاة ويعزر الكافر وقد أساء من صلى وراءه وهو يعلم أنه كافر ولو صلى رجل غريب بقوم، ثم شكوا في صلاتهم فلم يدروا أكان كافرا، أو مسلما لم تكن عليهم إعادة حتى يعلموا أنه كافر؛ لأن الظاهر أن صلاته صلاة المسلمين لا تكون إلا من مسلم وليس من أم فعلم كفره مثل مسلم لم يعلم أنه غير طاهر؛ لأن الكافر لا يكون إماما في حال والمؤمن يكون إماما في الأحوال كلها إلا أنه ليس له أن يصلي إلا طاهرا وهكذا لو كان رجل مسلم فارتد، ثم أم وهو مرتد لم تجز من خلفه صلاته حتى يظهر التوبة بالكلام قبل إمامتهم فإذا أظهر التوبة بالكلام قبل إمامتهم أجزأتهم صلاتهم معه ولو كانت له حالان حال كان فيها مرتدا وحال كان فيها مسلما فأمهم فلم يدروا في أي الحالين أمهم أحببت أن يعيدوا ولا يجب ذلك عليهم حتى يعلموا أنه أمهم مرتدا ولو أن كافرا أسلم، ثم أم قوما، ثم جحد أن يكون أسلم فمن ائتم به بعد إسلامه وقبل جحده فصلاته جائزة ومن ائتم بعد جحده أن يكون أسلم لم تجزه صلاته حتى يجدد إسلامه، ثم يؤمهم بعده.
    [إمامة من لا يعقل الصلاة]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    وإذا أم الرجل المسلم المجنون القوم فإن كان يجن ويفيق فأمهم في إفاقته فصلاته وصلاتهم مجزئة وإن أمهم وهو مغلوب على عقله لم يجزهم ولا إياه صلاتهم ولو أمهم وهو يعقل وعرض له أمر أذهب عقله فخرجوا من إمامته مكانهم صلوا لأنفسهم أجزأتهم صلاتهم.وإن بنوا على الائتمام شيئا قل، أو كثر معه بعد ما علموا أنه قد ذهب عقله لم تجزهم صلاتهم خلفه وإن أم سكران لا يعقل فمثل المجنون، وإن أم شارب يعقل أجزأته الصلاة وأجزأت من صلى خلفه فإن أمهم وهو يعقل، ثم غلب بسكر فمثل ما وصفت من المجنون لا يخالفه.
    [موقف الإمام]
    أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن «أنس قال صليت أنا ويتيم لنا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتنا وأم سليم خلفنا»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي حازم بن دينار قال: سألوا سهل بن سعد من أي شيء منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: أما بقي من الناس أحد أعلم به مني من أثل الغابة عمله له فلان مولى فلانة ولقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صعد عليه استقبل القبلة فكبر، ثم ركع ثم نزل القهقرى فسجد، ثم صعد فقرأ، ثم ركع ثم نزل القهقرى، ثم سجد أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عن «ابن عباس أنه أخبره أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين وهي خالته قال فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهله في طولها فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس يمسح وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي قال: ابن عباس فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى ففتلها فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح» .
    (قال الشافعي)
    :
    فما حكيت من هذه الأحاديث يدل على أن الإمامة في النافلة ليلا ونهارا جائزة وأنها كالإمامة في المكتوبة لا يختلفان ويدل على أن موقف الإمام أمام المأمومين منفردا والمأمومان فأكثر خلفه وإذا أم رجل برجلين فقام منفردا أمامهما وقاما صفا خلفه وإن كان موضع المأمومين رجال ونساء وخناثى مشكلون وقف الرجال يلون الإمام والخناثى خلف الرجال، والنساء خلف الخناثى وكذلك لو لم يكن معه إلا خنثى مشكل واحد وإذا أم رجل رجلا واحدا أقام الإمام المأموم عن يمينه وإذا أم خنثى مشكلا، أو امرأة قام كل واحد منهما خلفه لا بحذائه وإذا أم رجل رجلا فوقف المأموم عن يسار الإمام، أو خلفه كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما وأجزأت صلاته وكذلك إن أم اثنين فوقفا عن يمينه ويساره، أو عن يساره معا، أو يمينه، أو وقف أحدهما عن جنبه والآخر خلفه، أو وقفا معا خلفه منفردين كل واحد منهما خلف الآخر كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما ولا سجود للسهو وإنما أجزت هذا؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم ابن عباس فوقف إلى جنبه فإذا جاز أن يكون المأموم الواحد إلى جنب الإمام لم يفسد أن يكون إلى جنبه اثنان ولا جماعة ولا يفسد أن يكونوا عن يساره؛ لأن كل ذلك إلى جنبه وإنما أجزأت صلاة المنفرد وحده خلف الإمام؛ لأن العجوز صلت منفردة خلف أنس وآخر معه وهما خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمامهما «قال: أبو محمد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه واقف على موضع مرتفع فوقفت خلفه وهو يصلي قائما فوقفت خلفه لأصلي معه فأخذني بيده فأوقفني عن يمينه فنظرت خلف ظهره الخاتم بين كتفيه يشبه الحاجب المقوس ونقط سواد في طرف الخاتم ونقط سواد في طرفه الآخر فقمت إليه فقبلت الخاتم» .ولو وقف بعض المأمومين أمام الإمام يأتم به أجزأت الإمام ومن صلى إلى جنبه، أو خلفه صلاتهم ولم يجز ذلك من وقف أمام الإمام صلاته لأن السنة أن يكون الإمام أمام لمأموم، أو حذاءه لا خلفه وسواء قرب ذلك، أو بعد من الإمام إذا كان المأموم أمام الإمام وكذلك لو صلى خلف الإمام صف في غير مكة فتعوج الصف حتى صار بعضهم أقرب إلى حد القبلة، أو السترة ما كانت السترة من الإمام لم تجز الذي هو أقرب إلى القبلة منه صلاته وإن كان يرى صلاة الإمام ولو شك المأموم أهو أقرب إلى القبلة، أو الإمام أحببت له أن يعيد ولا يتبين لي أن يعيد حتى يستيقن أنه كان أقرب إلى القبلة من الإمام ولو أم إمام بمكة وهم يصلون بها صفوفا مستديرة يستقبل كلهم إلى الكعبة من جهته كان عليهم - والله تعالى أعلم - عندي أن يصنعوا كما يصنعون في الإمام وأن يجتهدوا حتى يتأخروا من كل جهة عن البيت تأخرا يكون فيه الإمام أقرب إلى البيت منهم وليس يبين لمن زال عن حد الإمام وقربه من البيت عن الإمام إذا لم يتباين ذلك تباين الذين يصلون صفا واحدا مستقبلي جهة واحدة فيتحرون ذلك كما وصفت ولا يكون على واحد منهم إعادة صلاة حتى يعلم الذين يستقبلون وجه القبلة مع الإمام أن قد تقدموا الإمام وكانوا أقرب إلى البيت منه فإذا علموا أعادوا فأما الذين يستقبلون الكعبة كلها من غير جهتها فيجتهدون كما يصلون أن يكونوا أنأى عن البيت من الإمام فإن لم يفعلوا وعلموا، أو بعضهم أنه أقرب إلى البيت من الإمام فلا إعادة عليه من قبل أنه والإمام.وإن اجتمعا أن يكون واحد منهما يستقبل البيت بجهته وكل واحد منهما في غير جهة صاحبه فإذا عقل المأموم صلاة الإمام أجزأته صلاته
    (قال) :
    ولم يزل الناس يصلون مستدبري الكعبة والإمام في وجهها ولم أعلمهم يتحفظون ولا أمروا بالتحفظ من أن يكون كل واحد منهم جهته من الكعبة غير جهة الإمام، أو يكون أقرب إلى البيت منه وقلما يضبط هذا حول البيت إلا بالشيء المتباين جدا وهكذا لو صلى الإمام بالناس فوقف في ظهر الكعبة، أو أحد جهتها غير وجهها لم يجز للذين يصلون من جهته إلا أن يكونوا خلفه فإن لم يعلموا أعادوا وأجزأ من صلى من غير جهته وإن صلى وهو أقرب إلى الكعبة منه والاختيار لهم أن يتحروا أن يكونوا خلفه ولو أن رجلا أم رجالا ونساء فقام النساء خلف الإمام والرجال خلفهن، أو قام النساء حذاء الإمام فائتممن به والرجال إلى جنبهن كرهت ذلك للنساء والرجال والإمام ولم تفسد على واحد منهم صلاته وإنما قلت هذا؛ لأن ابن عيينة أخبرنا عن الزهري عن عروة عن «عائشة قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا ابن عيينة عن مالك بن مغول عن عون بن جحيفة عن أبيه قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأبطح وخرج بلال بالعنزة فركزها فصلى إليها والكلب والمرأة والحمار يمرون بين يديه»
    (قال: الشافعي) :
    وإذا لم تفسد المرأة على الرجل المصلي أن تكون بين يديه فهي إذا كانت عن يمينه، أو عن يساره أحرى أن لا تفسد عليه والخصي المجبوب أو غير المجبوب رجل يقف موقف الرجال في الصلاة ويؤم وتجوز شهادته ويرث ويورث ويثبت له سهم في القتال وعطاء في الفيء وإذا كان الخنثى مشكلا فصلى مع إمام وحده وقف خلفه وإن صلى مع جماعة وقف خلف صفوف الرجال وحده وأمام صفوف النساء.
    [صلاة الإمام قاعدا]
    أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد وصلينا وراءه قعودا فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين»
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا يحيى بن حسان عن محمد بن مطر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
    (قال الشافعي) :
    وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس ومن حدث معه في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه صلى بهم جالسا ومن خلفه جلوسا» - منسوخ بحديث عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم في مرضه الذي مات فيه جالسا وصلوا خلفه قياما»فهذا مع أنه سنة ناسخة معقولا ألا ترى أن الإمام إذا لم يطق القيام صلى جالسا وكان ذلك فرضه وصلاة المأمومين غيره قياما إذا أطاقوه وعلى كل واحد منهم فرضه فكان الإمام يصلي فرضه قائما إذا أطاق وجالسا إذا لم يطق وكذلك يصلي مضطجعا وموميا إن لم يطق الركوع والسجود ويصلي المأمومون كما يطيقون فيصلي كل فرضه فتجزي كلا صلاته ولو صلى إمام مكتوبة بقوم جالسا وهو يطيق القيام ومن خلفه قياما كان الإمام مسيئا ولا تجزئه صلاته وأجزأت من خلفه؛ لأنهم لم يكلفوا أن يعلموا أنه يطيق القيام وكذلك لو كان يرى صحة بادية وجلدا ظاهرا؛ لأن الرجل قد يجد ما يخفى على الناس ولو علم بعضهم أنه يصلي جالسا من غير علة فصلى وراءه قائما أعاد لأنه صلى خلف من يعلم أن صلاته لا تجزي عنه ولو صلى أحد يطيق القيام خلف إمام قاعد فقعد معه لم تجز صلاته وكانت عليه الإعادة ولو صلى الإمام بعض الصلاة قاعدا، ثم أطاق القيام كان عليه حين أطاق القيام أن يقوم في موضع القيام ولا يجزئه غير ذلك وإن لم يفعل فعليه أن يعيد تلك الصلاة وصلاة من خلفه تامة.ولو افتتح الإمام الصلاة قائما، ثم مرض حتى لا يطيق القيام كان له أن يجلس ليتم ما بقي من صلاته جالسا والمرأة تؤم النساء والرجل يؤم الرجال والنساء في هذا سواء.وإن أمت أمة نساء فصلت مكشوفة الرأس أجزأتها وإياهن صلاتهن فإن عتقت فعليها أن تقنع فيما بقي من صلاتها ولو لم تفعل وهي عالمة أن قد عتقت وغير عالمة أعادت صلاتها تلك وكل صلاة صلتها مكشوفة الرأس.
    [مقام الإمام ارتفعا والمأموم مرتفع]
    ومقام الإمام بينه وبين الناس مقصورة وغيرهاأخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة عن أبي حازم قال: سألوا سهل بن سعد عن منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أي شيء هو وذكر الحديث أخبرنا ابن عيينة قال: أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن همام قال:: صلى بنا حذيفة على دكان مرتفع فسجد عليه فجبذه أبو مسعود فتابعه حذيفة فلما قضى الصلاة قال: أبو مسعود أليس قد نهي عن هذا؟ قال: حذيفة ألم ترني قد تابعتك؟
    (قال: الشافعي) :
    وأختار للإمام الذي يعلم من خلفه أن يصلي على الشيء المرتفع ليراه من وراءه فيقتدون بركوعه وسجوده فإذا كان ما يصلي عليه منه متضايقا عنه إذا سجد، أو متعاديا عليه كتضايق المنبر وتعاديه بارتفاع بعض درجه على بعض أن يرجع القهقرى حتى يصير إلى الاستواء، ثم يسجد ثم يعود إلى مقامه وإن كان متضايقا، أو متعاديا، أو كان يمكنه أن يرجع القهقرى، أو يتقدم فليتقدم أحب إلي؛ لأن التقدم من شأن المصلين فإن استأخر فلا بأس وإن كان موضعه الذي يصلي عليه لا يتضايق إذا سجد ولا يتعادى سجد عليه ولا أحب أن يتقدم ولا يتأخر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما رجع للسجود - والله تعالى أعلم - لتضايق المنبر وتعاديه وإن رجع القهقرى، أو تقدم، أو مشى مشيا غير منحرف إلى القبلة متباينا، أو مشى يسيرا من غير حاجة إلى ذلك كرهته له ولا تفسد صلاته ولا توجب عليه سجود سهو إذا لم يكن ذلك كثيرا متباعدا فإن كان كثيرا متباعدا فسدت صلاته وإن كان الإمام قد علم الناس مرة أحببت أن يصلي مستويا مع المأمومين؛ لأنه لم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على المنبر إلا مرة واحدة وكان مقامه فيها سواها بالأرض مع المأمومين فالاختيار أن يكون مساويا للناس ولو كان أرفع منهم، أو أخفض لم تفسد صلاته ولا صلاتهم ولا بأس أن يصلي المأموم من فوق المسجد بصلاة الإمام في المسجد إذا كان يسمع صوته، أو يرى بعض من خلفه فقد رأيت بعض المؤذنين يصلي على ظهر المسجد الحرام بصلاة الإمام فما علمت أن أحدا من أهل العلم عاب عليه ذلك وإن كنت قد علمت أن بعضهم أحب ذلك لهم لو أنهم هبطوا إلى المسجد
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرنا صالح مولى التوأمة أنه رأى أبا هريرة يصلي فوق ظهر المسجد الحرام بصلاة الإمام في المسجد.
    (قال الشافعي) :
    وموقف المرأة إذا أمت النساء تقوم وسطهن فإن قامت متقدمة النساء لم تفسد صلاتها ولا صلاتهن جميعا وهي فيما يفسد صلاتهن ولا يفسدها ويجوز لهن من المواقف ولا يجوز كالرجال لا يختلفن هن ولا هم.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (26)
    صــــــــــ 200 الى صـــــــــــ205


    [اختلاف نية الإمام والمأموم]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا سفيان أنه سمع عمرو بن دينار يقول سمعت جابر بن عبد الله يقول «كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، أو العتمة،
    ثم يرجع فيصليها بقومه في بني سلمة قال:
    فأخر النبي - صلى الله عليه وسلم -
    العشاء ذات ليلة قال فصلى معه معاذ قال:
    فرجع فأم قومه فقرأ بسورة البقرة فتنحى رجل من خلفه فصلى وحده فقالوا له أنافقت؟
    قال: لا ولكني آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه فقال يا رسول الله إنك أخرت العشاء وإن معاذا صلى معك، ثم رجع فأمنا فافتتح بسورة البقرة فلما رأيت ذلك تأخرت وصليت وإنما نحن أصحاب نواضح نعمل بأيدينا فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على معاذ فقال أفتان أنت يا معاذ أفتان أنت يا معاذ؟ اقرأ بسورة كذا وسورة كذا»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا أبو الزبير عن جابر مثله وزاد فيه أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اقرأ ب {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] {والليل إذا يغشى} [الليل: 1] {والسماء والطارق} [الطارق: 1] ونحوها» قال سفيان فقلت لعمرو إن أبا الزبير يقول قال: له اقرأ ب: {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] {والليل إذا يغشى} [الليل: 1] {والسماء والطارق} [الطارق: 1] ، فقال عمرو هو هذا،
    أو نحوه أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد قال: أخبرني ابن جريج عن عمرو عن جابر قال: «كان معاذ يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم ينطلق إلى قومه فيصليها لهم هي له تطوع وهي لهم مكتوبة» أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله «أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصلي لهم العشاء وهي له نافلة» ، أخبرنا الثقة ابن علية، أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر بن عبد الله «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخل فصلى بطائفة ركعتين، ثم سلم، ثم جاءت طائفة أخرى فصلى لهم ركعتين، ثم سلم» (قال: الشافعي) : والآخرة من هاتين للنبي - صلى الله عليه وسلم -
    نافلة وللآخرين فريضة أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء قال: وإن أدركت العصر بعد ذلك ولم تصل الظهر فاجعل التي أدركت مع الإمام الظهر وصل العصر بعد ذلك قال ابن جريج قال عطاء بعد ذلك وهو يخبر ذلك وقد كان يقال ذلك إذا أدركت العصر ولم تصل الظهر فاجعل الذي أدركت مع الإمام
    الظهر أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج أن عطاء كانت تفوته العتمة فيأتي والناس في القيام فيصلي معهم ركعتين ويبني عليها ركعتين وأنه رآه يفعل ذلك ويعتد به من العتمة
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: قال عطاء من نسي العصر فذكر أنه لم يصلها وهو في المغرب فليجعلها العصر فإن ذكرها بعد أن صلى المغرب فليصل العصر وروي عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وعن رجل آخر من الأنصار مثل هذا المعنى ويروى عن أبي الدرداء وابن عباس قريبا منه وكان وهب بن منبه والحسن وأبو رجاء العطاردي يقولون جاء قوم إلى أبي رجاء العطاردي يريدون أن يصلوا الظهر فوجدوه صلى فقالوا ما جئنا إلا لنصلي معك فقال لا أخيبكم،
    ثم قام فصلى بهم ذكر ذلك أبو قطن عن أبي خلدة عن أبي رجاء العطاردي أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: قال إنسان لطاوس وجدت الناس في القيام فجعلتها العشاء الآخرة قال: أصبت
    (قال: الشافعي) :
    وكل هذا جائز بالسنة وما ذكرنا، ثم القياس ونية كل مصل نية نفسه لا يفسدها عليه أن يخالفها نية غيره وإن أمه ألا ترى أن الإمام يكون مسافرا ينوي ركعتين فيجوز أن يصلي وراءه مقيم بنيته وفرضه أربع، أو لا ترى أن الإمام يسبق الرجل بثلاث ركعات ويكون في الآخرة فيجزي الرجل أن يصليها معه وهي أول صلاته أو لا ترى أن الإمام ينوي المكتوبة فإذا نوى من خلفه أن يصلي نافلة، أو نذرا عليه ولم ينو المكتوبة يجزي عنه أو لا ترى أن الرجل بفلاة يصلي فيصلى بصلاته فتجزئه صلاته ولا يدري لعل المصلي صلى نافلة أو لا ترى أنا نفسد صلاة الإمام ونتم صلاة من خلفه ونفسد صلاة من خلفه ونتم صلاته وإذا لم تفسد صلاة المأموم بفساد صلاة الإمام كانت نية الإمام إذا خالفت نية المأموم أولى أن لا تفسد عليه، وإن فيما وصفت من ثبوت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكفاية من كل ما ذكرت وإذا صلى الإمام نافلة فائتم به رجل في وقت يجوز له فيه أن يصلي على الانفراد فريضة ونوى الفريضة فهي له فريضة كما إذا صلى الإمام فريضة ونوى المأموم نافلة كانت للمأموم نافلة لا يختلف ذلك وهكذا إن أدرك الإمام في العصر وقد فاتته الظهر فنوى بصلاته الظهر كانت له ظهرا ويصلي بعدها العصر وأحب إلي من هذا كله أن لا يأتم رجل إلا في صلاة مفروضة يبتدئانها معا وتكون نيتهما في صلاة واحدة

    [خروج الرجل من صلاة الإمام]

    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    وإذا ائتم الرجل بإمام فصلى معه ركعة، أو افتتح معه ولم يكمل الإمام الركعة، أو صلى أكثر من ركعة فلم يكمل الإمام صلاته حتى فسدت عليه استأنف صلاته وإن كان مسافرا والإمام مقيما فعليه أن يقضي صلاة مقيم؛ لأن عدد صلاة الإمام لزمه وإن صلى به الإمام شيئا من الصلاة، ثم خرج المأموم من صلاة الإمام بغير قطع من الإمام للصلاة ولا عذر للمأموم كرهت ذلك له وأحببت أن يستأنف احتياطا فإن بنى على صلاة لنفسه منفردا لم يبن لي أن يعيد الصلاة من قبل أن الرجل خرج من صلاته مع معاذ بعد ما افتتح الصلاة معه صلى لنفسه فلم نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بالإعادة.
    [الصلاة بإمامين أحدهما بعد الآخر]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلي للناس؟
    فقال: نعم فصلى أبو بكر وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يده فحمد الله على ما أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، ثم استأخر أبو بكر وتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    فصلى بالناس فلما انصرف قال:
    يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟
    فقال أبو بكر:
    ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    ثم قال:
    رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء»
    .
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار عن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار بيده أن امكثوا، ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى جلده أثر الماء» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الثقة عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل معناه
    (قال: الشافعي) :
    والاختيار إذا أحدث الإمام حدثا لا يجوز له معه الصلاة من رعاف، أو انتقاض وضوء، أو غيره فإن كان مضى من صلاة الإمام شيء ركعة، أو أكثر أن يصلي القوم فرادى لا يقدمون أحدا وإن قدموا، أو قدم إمام رجلا فأتم لهم ما بقي من الصلاة أجزأتهم صلاتهم وكذلك لو أحدث الإمام الثاني والثالث والرابع وكذلك لو قدم الإمام الثاني، أو الثالث بعض من في الصلاة، أو تقدم بنفسه ولم يقدمه الإمام فسواء وتجزيهم صلاتهم في ذلك كله؛ لأن أبا بكر قد افتتح للناس الصلاة ثم استأخر فتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصار أبو بكر مأموما بعد أن كان إماما وصار الناس يصلون مع أبي بكر بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد افتتحوا بصلاة أبي بكر وهكذا لو استأخر الإمام من غير حدث وتقدم غيره أجزأت من خلفه صلاتهم، وأختار أن لا يفعل هذا الإمام وليس أحد في هذا كرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن فعله وصلى من خلفه بصلاته فصلاتهم جائزة مجزية عنهم وأحب إذا جاء الإمام وقد افتتح الصلاة غيره أن يصلي خلف المتقدم إن تقدم بأمره، أو لم يتقدم قد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف عبد الرحمن بن عوف في سفره إلى تبوك فإن قيل فهل يخالف هذا استئخار أبي بكر وتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قيل هذا مباح وللإمام أن يفعل أي هذا شاء والاختيار أن يأتم الإمام بالذي يفتتح الصلاة ولو أن إماما كبر وقرأ، أو لم يقرأ إلا أنه لم يركع حتى ذكر أنه على غير طهارة كان مخرجه، أو وضوءه، أو غسله قريبا فلا بأس أن يقف الناس في صلاتهم حتى يتوضأ ويرجع ويستأنف ويتمون هم لأنفسهم كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر أنه جنب فانتظره القوم فاستأنف لنفسه لأنه لا يعتد بتكبيره وهو جنب ويتمون لأنفسهم؛ لأنهم لو خرجوا من صلاته صلوا لأنفسهم بذلك التكبير فإن كان خروجه متباعدا وطهارته تثقل صلوا لأنفسهم بذلك التكبير لو أشار إليهم أن ينتظروه وكلمهم بذلك كلاما فخالفوه وصلوا لأنفسهم، أو قدموا غيره أجزأتهم صلاتهم والاختيار عندي والله تعالى أعلم للمأمومين إذا فسدت على الإمام صلاته أن يتموا فرادى ولو أن إماما صلى ركعة، ثم ذكر أنه جنب فخرج فاغتسل وانتظره القوم فرجع فبنى على الركعة فسدت عليهم صلاتهم؛ لأنهم يأتمون به وهم عالمون أن صلاته فاسدة؛ لأنه ليس له أن يبني على صلاة صلاها جنبا ولو علم ذلك بعضهم ولم يعلمه بعض فسدت صلاة من علم ولم تفسد صلاة من لم يعلم
    (قال: الشافعي) :
    وإذا أم الرجل القوم فذكر أنه على غير طهر أو انتقضت طهارته فانصرف فقدم آخر، أو لم يقدمه فقدمه بعض المصلين خلفه، أو تقدم هو متطوعا بنى على صلاة الإمام وإن اختلف من خلف الإمام فقدم بعضهم رجلا وقدم آخرون غيره فأيهما تقدم أجزأهم أن يصلوا خلفه، وكذلك إن تقدم غيرهما ولو أن إماما صلى ركعة ثم أحدث فقدم رجلا قد فاتته تلك الركعة مع الإمام، أو أكثر فإن كان المتقدم كبر مع الإمام قبل أن يحدث الإمام مؤتما بالإمام فصلى الركعة التي بقيت على الإمام وجلس في مثنى الإمام، ثم صلى الركعتين الباقيتين على الإمام وتشهد فإذا أراد السلام قدم رجلا لم يفته شيء من صلاة الإمام فسلم بهم وإن لم يفعل سلموا هم لأنفسهم آخرا وقام هو فقضى الركعة التي بقيت عليه ولو سلم هو بهم ساهيا وسلموا لأنفسهم أجزأتهم صلاتهم وبنى هو لنفسه وسجد للسهو.وإن سلم عامدا ذاكرا؛ لأنه لم يكمل الصلاة فسدت صلاته وقدموا هم رجلا فسلم بهم، أو سلموا لأنفسهم أي ذلك فعلوا أجزأتهم صلاتهم ولو قام بهم فقاموا وراءه ساهين، ثم ذكروا قبل أن يركعوا كان عليهم أن يرجعوا فيتشهدوا، ثم يسلموا لأنفسهم، أو يسلم بهم غيره، ولو اتبعوه فذكروا رجعوا جلوسا ولم يسجدوا وكذلك لو سجدوا إحدى السجدتين ولم يسجدوا الأخرى، أو ذكروا وهم سجود قطعوا السجود على أي حال ذكروا أنهم زائدون على الصلاة وهم فيها فارقوا تلك الحال إلى التشهد، ثم سجدوا للسهو وسلموا، ولو فعل هذا بعضهم وهو ذاكر لصلاته عالم بأنه لم يكمل عددها فسدت عليه صلاته؛ لأنه عمد الخروج من فريضة إلى صلاة نافلة قبل التسليم من الفريضة ولا خروج من صلاة إلا بسلام " قال: أبو يعقوب البويطي " ومن أحرم جنبا بقوم، ثم ذكر فخرج فتوضأ ورجع لم يجز له أن يؤمهم؛ لأن الإمام حينئذ إنما يكبر للافتتاح وقد تقدم ذلك إحرام القوم وكل مأموم أحرم قبل إمامه فصلاته باطلة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «فإذا كبر فكبروا» وليس كالمأموم يكبر خلف الإمام في آخر صلاة الإمام وقد كبر قوم خلف الإمام في أول صلاة الإمام فيحدث الإمام فيقدم الذي أحرم معه في آخر صلاته وقد تقدم إحرامه إحرام من أدرك أول صلاة الإمام من هذا بسبيل
    (قال: الشافعي) :
    من أحرم قبل الإمام فصلاته باطلة.
    [الائتمام بإمامين معا]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    ولو أن رجلين وقفا ليكون كل واحد منهما إماما لمن خلفه ولا يأتم واحد منهما بصاحبه كان أحدهما إمام الآخر، أو بحذائه قريبا، أو بعيدا منه فصلى خلفهما ناس يأتمون بهما معا لا بأحدهما دون الآخر كانت صلاة من صلى خلفهما معا فاسدة؛ لأنهم لم يفردوا النية في الائتمام بأحدهما دون الآخر، ألا ترى أن أحدهما لو ركع قبل الآخر فركعوا بركوعه كانوا خارجين بالفعل دون النية من إمامة الآخر إلى غير صلاة أنفسهم ولا إمام أحدثوه لم يكن لهم إماما قبل إحداثهم ولو أن الذي أخر الركوع الأول قدم الركوع الثاني فائتموا به كانوا قد خرجوا بالفعل دون النية من إمامته أولا ومن إمامة الذي قدم الركوع الأول بعده ولو ائتموا بهما معا ثم لم ينووا الخروج من إمامتهما معا والصلاة لأنفسهم لم تجزهم صلاتهم؛ لأنهم افتتحوا الصلاة بإمامين في وقت واحد وليس ذلك لهم فإن قيل فقد ائتم أبو بكر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والناس بأبي بكر قيل الإمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر مأموم علم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جالسا ضعيف الصوت وكان أبو بكر قائما يرى ويسمع ولو ائتم رجل برجل وائتم الناس بالمأموم لم تجزهم صلاتهم؛ لأنه لا يصلح أن يكون إماما مأموما إنما الإمام الذي يركع ويسجد بركوع نفسه وسجوده لا بركوع غيره وسجوده ولو أن رجلا رأى رجلين معا واقفين معا فنوى أن يأتم بأحدهما لا بعينه فصليا صلاة واحدة لم تجزه صلاته؛ لأنه لم ينو ائتماما بأحدهما بعينه وكذلك لو صليا منفردين فائتم بأحدهما لم تجزه صلاته؛ لأنه لم ينو الائتمام بالذي صلى بصلاته بعينه ولم تجزئه صلاة خلف إمام حتى يفرد النية في إمام واحد فإذا أفردها في إمام واحد أجزأته وإن لم يعرفه بعينه ولم يره إذا لم تكن نيته مشتركة بين إمامين، أو مشكوكا فيها في أحد الإمامين.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (27)
    صــــــــــ 205 الى صـــــــــــ210


    [ائتمام الرجلين أحدهما بالآخر وشكهما]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    ولو أن رجلين صليا معا فائتم أحدهما بالآخر كانت صلاتهما مجزئة، ولو صليا معا وعلما أن أحدهما ائتم بالآخر وشكا معا فلم يدريا أيهما كان إمام صاحبه كان عليهما معا أن يعيدا الصلاة؛ لأن على المأموم غير ما على الإمام في الصلاة وكذلك على الإمام غير ما على المأموم، ولو شك أحدهما ولم يشك الآخر أعاد الذي شك وأجزأ الذي لم يشك صلاته، ولو صدق الذي شك الذي لم يشك كانت عليه الإعادة، وكل ما كلف عمله في نفسه من عدد الصلاة لم يجزه فيه إلا علم نفسه لا علم غيره، ولو شك فذكره رجل فذكر ذلك على نفسه لم تكن عليه إعادة؛ لأنه يدع الإعادة الآن بعلم نفسه لا بعلم غيره.ولو كانوا ثلاثة، أو أكثر فعلموا أن قد صلوا بصلاة أحدهم وشك كل واحد منهم، أكان الإمام، أو المأموم، أعادوا معا، ولو شك بعضهم ولم يشك بعضهم أعاد الذين شكوا ولم يعد الذين لم يشكوا وكانت كالمسألة قبلها، وكذلك لو كثر عددهم.
    [باب المسبوق]
    وليس في التراجم وفيه نصوص، فمنها في باب القول في الركوع الذي سبق في تراجم الصلاة وهو قوله - رضي الله عنه -: ولو أن رجلا أدرك الإمام راكعا فركع قبل أن يرفع الإمام ظهره من الركوع اعتد بتلك الركعة، ولو لم يركع حتى رفع الإمام ظهره من الركوع لم يعتد بتلك الركعة ولا يعتد بها حتى يصير راكعا والإمام راكع بحاله، ولو ركع الإمام فاطمأن راكعا، ثم رفع رأسه من الركوع فاستوى قائما، أو لم يستو إلا أنه قد زايل الركوع إلى حال لا يكون فيها تام الركوع، ثم عاد فركع ليسبح فأدركه رجل في هذه الحال راكعا فركع معه لم يعتد بهذه الركعة؛ لأن الإمام قد أكمل الركوع أولا وهذا ركوع لا يعتد به من الصلاة (قال: الربيع) : وفيه قول آخر أنه إذا ركع ولم يسبح، ثم رفع رأسه، ثم عاد فركع ليسبح فقد بطلت صلاته؛ لأن ركوعه الأول كان تاما وإن لم يسبح فلما عاد فركع ركعة أخرى ليسبح فيها كان قد زاد في الصلاة ركعة عامدا فبطلت صلاته بهذا المعنى.ومن النصوص في المسبوق ما ذكره في باب الصلاة من اختلاف العراقيين وإذا أدرك الإمام وهو راكع فكبر معه، ثم لم يركع حتى رفع الإمام رأسه من الركوع فإن أبا حنيفة كان يقول يسجد معه ولا يعتد بتلك الركعة أخبرنا بذلك عن الحسن عن الحكم عن إبراهيم وبه يأخذ يعني أبا يوسف وكان ابن أبي ليلى يقول يركع ويسجد ويحتسب بذلك من صلاته (قال: الشافعي) : ومن أدرك الإمام راكعا فكبر ولم يركع حتى رفع الإمام رأسه سجد مع الإمام ولم يعتد بذلك السجود لأنه لم يدرك ركوعه ولو ركع بعد رفع الإمام رأسه لم يعتد بتلك الركعة؛ لأنه لم يدركها مع الإمام ولم يقرأ لها فيكون صلى لنفسه بقراءة ولا صلى مع الإمام فيما أدرك مع الإمام.ومنها في مختصر البويطي في باب الرجل يسبقه الإمام ببعض الصلاة
    (قال: الشافعي) :
    ومن سبقه الإمام بشيء من الصلاة لم يقم لقضاء ما عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين هذا نصه في البويطي، وفي جمع الجوامع في باب من سبقه الإمام بشيء حكي هذا الكلام أولا ولم ينسبه للبويطي ثم نقل عن الشافعي - رضي الله عنه -
    أنه قال:
    وأحب لو مكث قليلا قدر ما يعلم أنه لو كان عليه سهو سجد فسجد معه ومن دخل المسجد فوجد الإمام جالسا في الركعة الآخرة فليحرم قائما وليجلس معه فإذا سلم قام بلا تكبير فقضى صلاته وإذا أدرك الإمام في الركعة فليقم إذا فرغ الإمام من صلاته بغير تكبير فإن أدركه في الثنتين فليجلس معه فإذا أراد أن يقوم بعد فراغ الإمام من الركعتين الآخرتين لقضاء ما عليه فليقم بتكبير ومن كان خلف الإمام قد سبقه بركعة فسمع نغمة فظن أن الإمام قد سلم فقضى الركعة التي بقيت عليه وجلس فسمع سلام الإمام فهذا سهو تحمله الإمام عنه ولا يعتد بها ويقضي الركعة التي عليه ولا يشبه هذا الذي خرج من صلاة فعاد فقضى لنفسه فإن سلم الإمام وهو راكع،
    أو ساجد ألغى جميع ما عمل قبل سلام الإمام وابتدأ ركعة ثانية بقراءتها وركوعها وسجودها بعد سلام الإمام قال:
    في رواية البويطي وابن أبي الجارود وأحب لمن خلف الإمام أن لا يسبقه بركوع ولا سجود ولا عمل فإن كان فعل فركع الإمام وهو راكع، أو ساجد فذلك مجزئ عنه وإن سبقه فركع، أو سجد، ثم رفع قبله فقال بعض الناس يعود فيركع بعد ركوعه وسجوده حتى يكون إما راكعا وإما ساجدا معه وإما متبعا لا يجزئه إذا ائتم به في عمل الصلاة إلا ذلك وقال في كتاب " استقبال القبلة " وإن رفع رأسه قبل الإمام فأحب إلي أن يعود فإن لم يفعل كرهته واعتد بتلك الركعة وقال في الإملاء وإذا ترك أن يركع ويسجد مع الإمام فإن كان وراءه يعتد بتلك الركعة إذا ائتم به وإن سبقه الإمام بذلك فلا بأس أن يضع رأسه ساجدا ويقيم راكعا بعد ما سبقه الإمام إذا كان في واحدة منهما مع الإمام وإن قام قبله عاد حتى يقعد بقدر ما سبقه الإمام بالقيام فإن لم يفعل وقد جلس وكان في بعض السجود والركوع معه فهو كمن ركع وسجد، ثم رفع قبله فذلك يجزئ عنه وقد أساء في ذلك كله وإذا دخل مع الإمام وقد سبقه بركعة فصلى الإمام خمسا ساهيا واتبعه هو ولا يدري أنه سها أجزأت المأموم صلاته؛ لأنه قد صلى أربعا وإن سبقه وهو يعلم أنه قد سها بطلت صلاته.وما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته لا يجوز لأحد أن يقول عندي خلاف ذلك وإن فاتته مع الإمام ركعتان من الظهر وأدرك الركعتين الأخيرتين صلاهما مع الإمام فقرأ بأم القرآن وسورة إن أمكنه ذلك، وإن لم يمكنه قرأ ما أمكنه، وإذا قام قضى ركعتين فقرأ في كل واحدة منها بأم القرآن وسورة وإن اقتصر على أم القرآن أجزأه وإن فاتته ركعة من المغرب وصلى ركعتين قضى ركعة بأم القرآن وسورة ولم يجهر وإن أدرك منها ركعة قام فجهر في الثانية وهي الأولى من قضائه ولم يجهر في الثالثة وقرأ فيها بأم القرآن وسورة هذا آخر ما نقله في جمع الجوامع من النصوص وظاهر هذا النص أن من أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة أتى بالثانية بعد سلام الإمام جهرا كما في الصبح وهكذا في العيد والاستسقاء وخسوف القمر وإنما يتوقف في الجواب في الجمعة بذلك؛ لأنها لا تسوغ للمنفرد وهذا قد صار منفردا بخلاف الصبح ونحوها، ولم تشرع للمنفرد وهذا التوقف ليس بمعتبر من أن حكم الجمعة ثابت له وانفراده بهذه الحالة لا يصيرها ظهرا وقد نص في الأم في صلاة الخوف في ترجمة تقدم الإمام في صلاة الخوف على شيء يدل على أن المسبوق يجهر في الركعة الثانية فقال في أواخر الترجمة المذكورة وإن كان خوف يوم الجمعة وكان محروسا إذا خطب بطائفة وحضرت معه طائفة الخطبة، ثم صلى بالطائفة التي حضرت الخطبة ركعة وثبت قائما فأتموا لأنفسهم بقراءة يجهرون فيها، ثم وقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة التي لم تصل فصلت معه الركعة التي بقيت عليه من الجمعة وثبت جالسا فأتموا لأنفسهم،
    ثم سلم بهم فقد صرح الشافعي بأن الطائفة الأولى تتم لأنفسها الركعة الباقية بقراءة يجهرون فيها وقد صرح بذلك القاضي أبو الطيب في تعليقه فقال:
    يصلون لأنفسهم ركعة يجهرون فيها بالقراءة لأن حكم المنفرد في الصلاة التي يجهر فيها بالقراءة كحكم الإمام في الركعة الثانية ولم يتعرض الشافعي لجهر الفرقة الثانية في الركعة الثانية؛
    لأنها في حكم القدوة ومن كان مفتديا فإنه يسر وبذلك صرح القاضي أبو الطيب وغيره فإن قيل:
    إنما جهرت الفرقة الأولى من الركعة الثانية لبقاء حكم الجمعة بالنسبة إلى الإمام بخلاف المسبوق قلنا هذا تخيل له وجه ولكن الأرجح أنه لا فرق لأنهم منفردون في هذه الحالة كالمسبوق.وقد نقل هذا النص عن الأم الشيخ أبو حامد وغيره ولم يتعرضوا للجهر الذي ذكرناه وتعرض له ابن الصباغ في الشامل بعد نقل النص المذكور، وفي اختلاف العراقيين في أول باب الصلاة وإذا أتى الرجل إلى الإمام في أيام التشريق وقد سبقه بركعة فسلم الإمام عند فراغه فإن أبا حنيفة كان يقول يقوم الرجل فيقضي ولا يكبر معه؛ لأن التكبير ليس من الصلاة إنما هو بعدها وبه يأخذ
    (يعني أبا يوسف) :
    وكان ابن أبي ليلى يقول يكبر ثم يقوم فيقضي.
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا سبق الرجل بشيء من الصلاة في أيام التشريق فسلم الإمام فكبر لم يكبر المسبوق بشيء من الصلاة وقضى الذي عليه فإذا سلم كبر، وذلك أن التكبير أيام التشريق ليس من الصلاة إنما هو ذكر بعدها وإنما يتبع الإمام فيما كان من الصلاة وهذا ليس من الصلاة.
    [باب صلاة المسافر]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    قال: الله عز وجل {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} [النساء: 101] الآية،
    قال:
    فكان بينا في كتاب الله تعالى أن قصر الصلاة في الضرب في الأرض والخوف تخفيف من الله عز وجل عن خلقه لا أن فرضا عليهم أن يقصروا كما كان قوله {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} [البقرة: 236] رخصة لا أن حتما عليهم أن يطلقوهن في هذه الحال وكما كان قوله {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} [البقرة: 198] يريد والله تعالى أعلم أن تتجروا في الحج لا أن حتما عليهم أن يتجروا وكما كان قوله {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} [النور: 60] وكما كان قوله {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا} [النور: 61] الآية لا أن حتما عليهم أن يأكلوا من بيوتهم ولا بيوت غيرهم.
    (قال: الشافعي) :
    والقصر في الخوف والسفر بالكتاب،
    ثم بالسنة والقصر في السفر بلا خوف سنة والكتاب يدل على أن القصر في السفر بلا خوف رخصة من الله عز وجل لا أن حتما عليهم أن يقصروا كما كان ذلك في الخوف والسفر أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج قال:
    أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن باباه عن يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب إنما قال: الله عز وجل {أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} [النساء: 101] فقد أمن الناس فقال عمر عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فقال «صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» أخبرنا إبراهيم بن محمد عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن عائشة قالت كل ذلك «قد فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصر الصلاة في السفر وأتم» أخبرنا إبراهيم عن ابن حرملة عن ابن المسيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة وأفطروا،
    أو قال:
    لم يصوموا»

    (قال) :
    فالاختيار والذي أفعل مسافرا وأحب أن يفعل قصر الصلاة في الخوف والسفر وفي السفر بلا خوف ومن أتم الصلاة فيهما لم تفسد عليه صلاته جلس في مثنى قدر التشهد، أو لم يجلس وأكره ترك القصر وأنهى عنه إذا كان رغبة عن السنة فيه وأكره ترك المسح على الخفين رغبة عن السنة فيه ومن ترك المسح على الخفين غير رغبة عن السنة لم أكره له ذلك.
    (قال)
    :
    ولا اختلاف أن القصر إنما هو في ثلاث صلوات: الظهر، والعصر،
    والعشاء وذلك أنهن أربع فيصليهن ركعتين ولا قصر في المغرب ولا الصبح ومن سعة لسان العرب أن يكون أريد بالقصر بعض الصلاة دون بعض وإن كان مخرج الكلام فيها عاما فإن قال: قائل: قد كره بعض الناس أن أتم بعض أمرائهم بمنى قيل الكراهية وجهان فإن كانوا كرهوا ذلك اختيارا للقصر؛ لأنه السنة فكذلك نقول ونختار السنة في القصر وإن كرهوا ذلك أن قاصرا قصر؛ لأنه لا يرى القصر إلا في خوف وقد قصر النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير خوف فهكذا قلنا نكره ترك شيء من السنن رغبة عنها ولا يجوز أن يكون أحد ممن مضى - والله تعالى أعلم -
    كره ذلك إلا أن يترك رغبة عنه فإن قيل:
    فما دل على ذلك؟
    قيل:
    صلاتهم مع من أتم أربعا وإذا صلوا وحدانا صلوا ركعتين وأن ابن مسعود ذكر إتمام الصلاة بمنى في منزله وعابه،
    ثم قام فصلى أربعا فقيل له في ذلك فقال:
    الخلاف شر ولو كان فرض الصلاة في السفر ركعتين لم يتمها إن - شاء الله تعالى -
    منهم أحد ولم يتمها ابن مسعود في منزله ولكنه كما وصفت ولم يجز أن يتمها مسافر مع مقيم فإن قال:
    فقد قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها -
    فرضت الصلاة ركعتين قيل له:
    قد أتمت عائشة في السفر بعد ما كانت تقصر فإن قال قائل: فما وجه قولها؟ قيل له تقول فرضت لمن أراد من المسافرين وقد ذهب بعض أهل هذا الكلام إلى غير هذا المعنى فقال: إذا فرضت ركعتين في السفر وأذن الله تعالى بالقصر في الخوف فصلاة الخوف ركعة فإن قال: فما الحجة عليهم وعلى أحد إن تأول قولها غير ما قلت؟ قلنا ما لا حجة في شيء معه بما ذكرنا من الكتاب ثم السنة، ثم إجماع العامة على أن صلاة المسافرين أربع مع الإمام المقيم ولو كان فرض صلاتهم ركعتين ما جاز لهم أن يصلوها أربعا مع مقيم ولا غيره.
    [جماع تفريع صلاة المسافر]
    أخبرنا الربيع قال:
    قال الشافعي: لا تختلف صلاة المكتوبة في الحضر والسفر إلا في الأذان والوقت والقصر فأما ما سوى ذلك فهما سواء ما يجهر، أو يخافت في السفر فيما يجهر فيه ويخافت في الحضر ويكمل في السفر كما يكمل في الحضر فأما التخفيف فإذا جاء بأقل ما عليه في السفر والحضر أجزأه لا أرى أن يخفف في السفر عن صلاة الحضر إلا من عذر ويأتي بما يجزيه والإمامة في السفر والحضر سواء ولا أحب ترك الأذان في السفر وتركه فيه أخف من تركه في الحضر وأختار الاجتماع للصلاة في السفر وإن صلت كل رفقة على حدتها أجزأها ذلك إن شاء الله تعالى وإن اجتمع مسافرون ومقيمون فإمامة المقيمين أحب إلي ولا بأس أن يؤم المسافرون المقيمين.ولا يقصر الذي يريد السفر حتى يخرج من بيوت القرية التي سافر منها كلها فإذا دخل أدنى بيوت القرية التي يريد المقام بها أتم أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن «أنس بن مالك قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعا وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين» أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر أنه سمع أنس بن مالك يقول مثل ذلك إلا أنه قال: بذي الحليفة أخبرنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس مثل ذلك قال وفي هذا دليل أن الرجل لا يقصر بنية السفر دون العمل في السفر فلو أن رجلا نوى أن يسافر فلم يثبت به سفره لم يكن له أن يقصر قال ولو أثبت به سفره، ثم نوى أن يقيم أتم الصلاة ونية المقام مقام؛ لأنه مقيم وتجتمع فيه النية وأنه مقيم.ولا تكون نية السفر سفرا لأن النية تكون منفردة ولا سفر معها إذا كان مقيما والنية لا يكون لها حكم إلا بشيء معها فلو أن رجلا خرج مسافرا يقصر الصلاة افتتح الظهر ينوي أن يجمع بينها وبين العصر، ثم نوى المقام في الظهر قبل أن ينصرف من ركعتين كان عليه أن يبني حتى يتم أربعا ولم يكن عليه أن يستأنف؛ لأنه في فرض الظهر لا في غيرها لأنه كان له أن يقصر إن شاء ولم يحدث نية في المقام وكذلك إذا فرغ من الركعتين ما لم يسلم فإذا سلم، ثم نوى أن يقيم أتم فيما يستقبل ولم يكن عليه أن يعيد ما مضى ولو كان نوى في صلاة الظهر المقام، ثم سلم من الركعتين استأنف الظهر أربعا ولو لم ينو المقام فافتتح ينوي أن يقصر، ثم بدا له أن يتم قبل أن يمضي من صلاته شيء، أو بعد كان ذلك له ولم تفسد عليه صلاته؛ لأنه لم يزد في صلاته شيئا ليس منها إنما ترك القصر الذي كان مباحا له وكان التمام غير محظور عليه ولو صلى مسافر بمسافرين ومقيمين ونوى أن يصلي ركعتين فلم يكمل الصلاة حتى نوى أن يتم الصلاة بغير مقام أو ترك الرخصة في القصر كان على المسافرين والمقيمين التمام ولم تفسد على واحد من الفريقين صلاته وكانوا كمن صلى خلف مقيم ولو فسدت على مسافر منهم صلاته وقد دخل معه كان عليه أن يصلي أربعا وكان كمسافر دخل في صلاة مقيم ففسدت عليه صلاته فعليه أن يصلي أربعا لأنه وجب عليه عدد صلاة مقيم في الصلاة التي دخل معه فيها قال ولو صلى مسافر خلف مسافر ففسدت عليه صلاته فانصرف ليتوضأ فعلم أن المسافر صلى ركعتين لم يكن عليه إلا ركعتان وإن علم أن المسافر صلى أربعا، أو لم يعلم صلى أربعا، أو اثنتين صلى أربعا لا يجزيه غير ذلك ولو صلى مسافر خلف رجل لا يعلم مسافر هو، أو مقيم ركعة، ثم انصرف الإمام من صلاته، أو فسدت على المسافر صلاته، أو انتقض وضوءه كان عليه أن يصلي أربعا لا يجزيه غير ذلك ولو أن مسافرا صلى بمسافرين ومقيمين فرعف فقدم مقيما كان على المسافرين والمقيمين والإمام الراعف أن يصلوا أربعا؛ لأنه لم يكمل لواحد من القوم الصلاة حتى كان فيها في صلاة مقيم ولو صلى مسافر بمسافرين ومقيمين ركعتين أتم المقيمون وقصر المسافرون إن شاءوا فإن نووا، أو واحد منهم أن يصلوا أربعا كانوا كالمقيمين يتمون بالنية وإنما يلزمهم التمام بالنية إذا نووا مع الدخول في الصلاة، أو بعده وقبل الخروج منها الإتمام فأما من قام من المسافرين إلى الصلاة ينوي أربعا فلم يكبر حتى نوى اثنتين، أو نوى أربعا بعد تسليمه من اثنتين فليس عليه أن يصلي أربعا ولو أن مسافرا أم مسافرين ومقيمين فكانت نيته اثنتين فصلى أربعا ساهيا فعليه سجود السهو وإن كان معه مقيمون صلوا بصلاته وهم ينوون بها فريضتهم فهي عنهم مجزئة؛ لأنه قد كان له أن يتم وتكون صلاتهم خلفه تامة وإن كان من خلفه من المسافرين نووا إتمام الصلاة لأنفسهم فصلاتهم تامة وإن كانوا لم ينووا إتمام الصلاة لأنفسهم إلا بأنهم رأوا أنه أتم لنفسه لا سهوا فصلاتهم مجزئة؛ لأنه قد كان لزمهم أن يصلوا أربعا خلف من صلى أربعا وإن كانوا صلوا الركعتين معه على غير شيء من هذه النية وعلى أنه عندهم ساه فاتبعوه ولم يريدوا الإتمام لأنفسهم فعليهم إعادة الصلاة، ولا أحسبهم يمكنهم أن يعلموا سهوه؛ لأن له أن يقصر ويتم فإذا أتم فعلى من خلفه اتباعه مسافرين كانوا، أو مقيمين فأي مسافر صلى مع مسافر، أو مقيم وهو لا يعرف أمسافر إمامه أم مقيم فعليه أن يصلي أربعا إلا أن يعلم أن المسافر لم يصل إلا ركعتين فيكون له أن يصلي ركعتين وإن خفي ذلك عليه كان عليه أن يصلي أربعا لا يجزيه غير ذلك؛ لأنه لا يدري لعل المسافر كان ممن يتم صلاته تلك، أو لا وإذا افتتح المسافر الصلاة بنية القصر ثم ذهب عليه أنوى عند افتتاحها الإتمام أو القصر؟ فعليه الإتمام فإذا ذكر أنه افتتحها ينوي القصر بعد نسيانه فعليه الإتمام؛ لأنه كان فيها في حال عليه أن يتم ولا يكون له أن يقصر عنها بحال ولو أفسدها صلاها تماما لا يجزيه غير ذلك ولو افتتح الظهر ينويها لا ينوي بها قصرا ولا إتماما كان عليه الإتمام ولا يكون له القصر.إلا أن تكون نيته مع الدخول في الصلاة لا تقدم نية الدخول ولا الدخول نية القصر فإذا كان هذا فله أن يقصر وإذا لم يكن هكذا فعليه أن يتم ولو افتتحها ونيته لقصر ثم نوى أن يتم، أو شك في نيته في القصر أتم في كل حال ولو جهل أن يكون له القصر في السفر فأتم كانت صلاته تامة ولو جهل رجل يقصر وهو يرى أن ليس له أن يقصر أعاد كل صلاة قصرها ولم يعد شيئا مما لم يقصر من الصلاة ولو كان رجل في سفر تقصر فيه الصلاة فأتم بعض الصلوات وقصر بعضها كان ذلك له كما لو وجب عليه الوضوء فمسح على الخفين صلاة ونزع وتوضأ وغسل رجليه صلاة كان ذلك له وكما لو صام يوما من شهر رمضان مسافرا وأفطر آخر كان له ذلك وإذا رقد رجل عن صلاة في سفر، أو نسيها فذكرها في الحضر صلاها صلاة حضر ولا تجزيه عندي إلا هي؛ لأنه إنما كان له القصر في حال فزالت تلك الحال فصار يبتدئ صلاتها في حال ليس له فيها القصر ولو نسي صلاة ظهر لا يدري أصلاة حضر أو سفر؟ لزمه أن يصليها صلاة حضر إن صلاها مسافرا، أو مقيما، ولو نسي ظهرا في حضر فذكرها بعد فوتها في السفر صلاها صلاة حضر لا يجزيه غير ذلك ولو ذكرها وقد بقي عليه من وقت الظهر شيء كان له أن يصليها صلاة سفر.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (28)
    صــــــــــ 211 الى صـــــــــــ215

    [السفر الذي تقصر في مثله الصلاة بلا خوف]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    «قصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفره إلى مكة وهي تسع، أو عشر» فدل قصره - صلى الله عليه وسلم - على أن يقصر في مثل ما قصر فيه وأكثر منه ولم يجز القياس على قصره إلا بواحدة من اثنتين أن لا يقصر إلا في مثل ما قصر فيه وفوقه فلما لم أعلم مخالفا في أن يقصر في أقل من سفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قصر فيه لم يجز أن نقيس على هذا الوجه كان الوجه الثاني أن يكون إذا قصر في سفر ولم يحفظ عنه أن لا يقصر فيما دونه أن يقصر فيما يقع عليه اسم سفر كما يتيمم، ويصلي النافلة على الدابة حيث توجهت فيما وقع عليه اسم سفر ولم يبلغنا أن يقصر فيما دون يومين إلا أن عامة من حفظنا عنه لا يختلف في أن لا يقصر فيما دونهما فللمرء عندي أن يقصر فيما كان مسيرة ليلتين قاصدتين وذلك ستة وأربعون ميلا بالهاشمي، ولا يقصر فيما دونها، وأما أنا فأحب أن لا أقصر في أقل من ثلاث احتياطا على نفسي،
    وإن ترك القصر مباح لي فإن قال قائل:
    فهل في أن يقصر في يومين حجة بخبر متقدم؟
    قيل:
    نعم عن ابن عباس وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه سئل أنقصر إلى عرفة فقال؟ :
    لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف قال وأقرب هذا من مكة ستة وأربعون ميلا بالأميال الهاشمية وهي مسيرة ليلتين قاصدتين دبيب الأقدام وسير الثقل أخبرنا مالك عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة أخبرنا مالك عن نافع عن سالم أن ابن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيرة ذلك قال مالك وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه ركب إلى رئم فقصر الصلاة في مسيرة ذلك قال: مالك وذلك نحو من أربعة برد
    (قال: الشافعي) :
    وإذا أراد الرجل أقل سفر تقصر فيه الصلاة لم يقصر حتى يخرج من منزله الذي يسافر منه وسواء كان المنزل قرية، أو صحراء فإن كانت قرية لم يكن له أن يقصر حتى يجاوز بيوتها ولا يكون بين يديه منها بيت منفردا ولا متصلا وإن كان في صحراء لم يقصر حتى يجاوز البقعة التي فيها منزله فإن كان في عرض واد فحتى يقطع عرضه وإن كان في طول واد فحتى يبين عن موضع منزله وإن كان في حاضر مجتمع فحتى يجاوز مطال الحاضر ولو كان في حاضر مفترق فحتى يجاوز ما قارب منزله من الحاضر وإن قصر فلم يجاوز ما وصفت أعاد الصلاة التي قصرها في موضعه ذلك فإن خرج فقصد سفرا تقصر فيه الصلاة ليقيم فيه أربعا ثم يسافر إلى غيره قصر الصلاة إلى أن يبلغ الموضع الذي نوى المقام فيه فإن بلغه وأحدث نية في أن يجعله موضع اجتياز لا مقام أتم فيه فإذا خرج منه مسافرا قصر ويتم بنية المقام؛ لأن المقام يكون بنية ولا يقصر بنية السفر حتى يثبت به السير.ولو خرج يريد بلدا يقيم فيها أربعا ثم بلدا بعده فإن لم يكن البلد الذي نوى أن يأتيه أولا مما تقصر إليه الصلاة لم يقصرها إليه وإذا خرج منه فإن كان الذي يريد مما تقصر إليه الصلاة قصر من موضع مخرجه من البلد الذي نوى أن يقيم به أربعا قصر وإلا لم يقصر فإن رجع من البلد الثاني يريد بلده قاصدا وهو مما تقصر إليه الصلاة قصر ولو كانت المسألة بحالها فكانت نيته أن يجعل طريقه على بلد لا يعرجه عن الطريق ولا يريد به مقاما كان له أن يقصر إذا كانت غاية سفره إلى بلد تقصر إليه الصلاة؛ لأنه لم ينو بالبلد دونه مقاما ولا حاجة وإنما هو طريق وإنما لا يقصر إذا قصد في حاجة فيه وهو مما لا تقصر إليه الصلاة وإذا أراد بلدا تقصر إليه الصلاة فأثبت به سفره ثم بدا له قبل أن يبلغ البلد، أو موضعا تقصر إليه الصلاة الرجوع إلى بلده أتم، وإذا أتم فإن بدا له أن يمضي بوجهه أتم بحاله إلا أن يكون الغاية من سفره مما تقصر إليه الصلاة من موضعه الذي أتم إليه وإذا أراد رجل بلدا له طريقان القاصد منهما إذا سلك لم يكن بينه وبينه ما تقصر إليه الصلاة والآخر إذا سلك كان بينه وبينه ما تقصر إليه الصلاة فأي الطريقين سلك فليس له عندي قصر الصلاة إنما يكون له قصر الصلاة إذا لم يكن إليها طريق إلا مسافة قدر ما تقصر إليها الصلاة إلا من عدو يتخوف في الطريق القاصد، أو حزونة، أو مرفق له في الطريق الأبعد فإذا كان هكذا كان له أن يقصر إذا كانت مسافة طريقه ما يقصر إليه الصلاة
    (قال الشافعي) :
    وسواء في القصر المريض والصحيح والعبد والحر والأنثى والذكر إذا سافروا معا في غير معصية الله تعالى فأما من سافر باغيا على مسلم، أو معاهد، أو يقطع طريقا، أو يفسد في الأرض أو العبد يخرج آبقا من سيده، أو الرجل هاربا ليمنع حقا لزمه، أو ما في مثل هذا المعنى، أو غيره من المعصية فليس له أن يقصر فإن قصر أعاد كل صلاة صلاها؛ لأن القصر رخصة وإنما جعلت الرخصة لمن لم يكن عاصيا ألا ترى إلى قوله تعالى {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} [البقرة: 173] وهكذا لا يمسح على الخفين ولا يجمع الصلاة مسافر في معصية وهكذا لا يصلي إلى غير القبلة نافلة ولا يخفف عمن كان سفره في معصية الله تعالى ومن كان من أهل مكة فحج أتم الصلاة بمنى وعرفة وكذلك أهل عرفة ومنى ومن قارب مكة ممن لا يكون سفره إلى عرفة مما تقصر فيه الصلاة وسواء فيما تقصر فيه الصلاة السفر المتعب والمتراخي، والخوف في السفر بطلب أو هرب، والأمن لأن القصر إنما هو في غاية لا في تعب ولا في رفاهية ولو جاز أن يكون بالتعب لم يقصر في السفر البعيد في المحامل وقصد السير، وقصر في السفر القاصد على القدمين والدابة في التعب والخوف فإذا حج القريب الذي بلده من مكة بحيث تقصر الصلاة فأزمع بمكة مقام أربع أتم وإذا خرج إلى عرفة وهو يريد قضاء نسكه لا يريد مقام أربع إذا رجع إلى مكة قصر؛ لأنه يقصر مقامه بسفر ويصلي بينه وبين بلده وإن كان يريد إذا قضى نسكه مقام أربع بمكة أتم بمنى وعرفة ومكة حتى يخرج من مكة مسافرا فيقصر وإذا ولى مسافر مكة بالحج قصر حتى ينتهي إلى مكة، ثم أتم بها وبعرفة وبمنى؛ لأنه انتهى إلى البلد الذي بها مقامه ما لم يعزل، وكذلك مكة وسواء في ذلك أمير الحاج والسوقة لا يختلفون وهكذا لو عزل أمير مكة فأراد السفر أتم حتى يخرج من مكة وكان كرجل أراد سفرا ولم يسافر.
    [تطوع المسافر]
    قال وللمسافر أن يتطوع ليلا ونهارا قصر، أو لم يقصر وثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتنفل ليلا وهو يقصر وروي عنه أنه كان يصلي قبل الظهر مسافرا ركعتين وقبل العصر أربعا وثابت عنه أنه تنفل عام الفتح بثمان ركعات ضحى وقد قصر عام الفتح.
    [باب المقام الذي يتم بمثله الصلاة]
    أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن حميد قال:
    سأل عمر بن عبد العزيز جلساءه: ما سمعتم في مقام المهاجرين بمكة؟
    قال السائب بن يزيد:
    حدثني العلاء بن الحضرمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال:
    «يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا» فبهذا قلنا إذا أزمع المسافر أن يقيم بموضع أربعة أيام ولياليهن ليس فيهن يوم كان فيه مسافرا فدخل في بعضه ولا يوم يخرج في بعضه أتم الصلاة واستدلالا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا» وإنما يقضي نسكه في اليوم الذي يدخل فيه والمسافر لا يكون دهره سائرا ولا يكون مقيما ولكنه يكون مقيما مقام سفر وسائرا قال فأشبه ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مقام المهاجر ثلاثا حد مقام السفر وما جاوزه كان مقام الإقامة» وليس يحسب اليوم الذي كان فيه سائرا، ثم قدم ولا اليوم الذي كان فيه مقيما، ثم سار وأجلى عمر - رضي الله تعالى عنه - أهل الذمة من الحجاز وضرب لمن يقدم منهم تاجرا مقام ثلاث فأشبه ما وصفت من السنة وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى ثلاثا يقصر وقدم في حجته فأقام ثلاثا قبل مسيره إلى عرفة يقصر ولم يحسب اليوم الذي قدم فيه مكة؛ لأنه كان فيه سائرا ولا يوم التروية لأنه خارج فيه فلما لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - مقيما في سفر قصر فيه الصلاة أكثر من ثلاث لم يجز أن يكون الرجل مقيما يقصر الصلاة إلا مقام مسافر؛ لأن المعقول أن المسافر الذي لا يقيم فكان غاية مقام المسافر ما وصفت استدلالا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومقامه فإن قصر المجمع مقام أربع فعليه إعادة كل صلاة صلاها مقصورة وإذا قدم بلدا لا يجمع المقام به أربعا فأقام ببلد لحاجة، أو علة من مرض وهو عازم على الخروج إذا أفاق، أو فرغ ولا غاية لفراغه يعرفها قد يرى فراغه في ساعة ولا يدري لعله أن لا يكون أياما فكل ما كان في هذا غير مقام حرب ولا خوف حرب قصر فإذا جاوز مقام أربع أحببت أن يتم وإن لم يتم أعاد ما صلى بالقصر بعد أربع ولو قيل الحرب وغير الحرب في هذا سواء كان مذهبا ومن قصر كما يقصر في خوف الحرب لم يبن لي أن عليه الإعادة، وإن اخترت ما وصفت وإن كان مقامه لحرب أو خوف حرب فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام عام الفتح لحرب هوازن سبع عشرة، أو ثمان عشرة يقصر ولم يجز في المقام للخوف إلا واحد من قولين إما أن يكون ما جاوز مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا العدد أتم فيه المقيم الصلاة وإما أن يكون له القصر أما كانت هذه، أو يقضي الحرب فلم أعلم في مذاهب العامة المذهب الآخر وإذا لم يكن مذهبا المذهب الآخر فالأول، أولى المذهبين وإذا أقام الرجل ببلد أثناءه ليس ببلد مقامه لحرب، أو خوف، أو تأهب لحرب قصر ما بينه وبين ثمان عشرة ليلة فإذا جاوزها أتم الصلاة حتى يفارق البلد تاركا للمقام به آخذا في سفره وهكذا إن كان محاربا، أو خائفا مقيما في موضع سفر قصر ثماني عشرة فإذا جاوزها أتم وإن كان غير خائف قصر أربعا فإذا جاوزها أتم فإذا أجمع في واحدة من الحالين مقام أربع أتم خائفا كان، أو غير خائف ولو سافر رجل فمر ببلد في سفره فأقام به يوما وقال إن لقيت فلانا أقمت أربعا، أو أكثر من أربع قصر حتى يلقى فلانا فإذا لقي فلانا أتم وإن لقي فلانا فبدا له أن لا يقيم أربعا أتم؛ لأنه قد نوى المقام بلقائه ولقيه والمقام يكون بالنية مع المقام لاجتماع النية والمقام.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (29)
    صــــــــــ 216 الى صـــــــــــ220

    وَنِيَّةُ السَّفَرِ لَا يَكُونُ لَهُ بِهَا الْقَصْرُ حَتَّى يَكُونَ مَعَهَا سَفَرٌ فَتَجْتَمِعُ النِّيَّةُ وَالسَّفَرُ وَلَوْ قَدِمَ الْبَلَدَ فَقَالَ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَقَمْت فَانْتَظَرَهُ أَرْبَعًا أَتَمَّ بَعْدَهَا فِي الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَرْت وَإِنْ لَمْ يَقْدُمْ فُلَانٌ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَرْيَةِ قَصَرَ وَإِنْ سَافَرَ رَجُلٌ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ وَلَهُ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مَالٌ، أَوْ أَمْوَالٌ، أَوْ مَاشِيَةٌ، أَوْ مَوَاشٍ فَنَزَلَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ مَا لَمْ يَجْمَعْ الْمُقَامَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَرْبَعًا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا ذُو قَرَابَةٍ، أَوْ أَصْهَارٌ، أَوْ زَوْجَةٌ وَلَمْ يَنْوِ الْمُقَامَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ أَرْبَعًا قَصَرَ إنْ شَاءَ قَدْ قَصَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ عَامَ الْفَتْحِ وَفِي حَجَّتِهِ وَفِي حَجَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَلِعَدَدٍ مِنْهُمْ بِمَكَّةَ دَارٌ، أَوْ أَكْثَرُ وَقَرَابَاتٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ لَهُ بِمَكَّةَ دَارٌ وَقَرَابَةٌ وَعُمَرُ لَهُ بِمَكَّةَ دُورٌ كَثِيرَةٌ وَعُثْمَانُ لَهُ بِمَكَّةَ دَارٌ وَقَرَابَةٌ فَلَمْ أَعْلَمْ مِنْهُمْ أَحَدًا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِتْمَامِ وَلَا أَتَمَّ وَلَا أَتَمُّوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قُدُومِهِمْ مَكَّةَ بَلْ حُفِظَ عَمَّنْ حَفِظَ عَنْهُ مِنْهُمْ الْقَصْرُ بِهَا وَلَوْ خَرَجَ رَجُلٌ يُرِيدُ لِقَاءَ رَجُلٍ، أَوْ أَخْذَ عَبْدٍ لَهُ، أَوْ ضَالَّةٍ بِبَلَدٍ مَسِيرَةَ أَقَلِّ مَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ،
    أَوْ أَكْثَرَ فَقَالَ إنْ:
    لَقِيت الْحَاجَةَ دُونَ الْبَلَدِ رَجَعْت لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ حَتَّى تَكُونَ نِيَّتُهُ بُلُوغَ الْبَلَدِ الَّذِي تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي الرُّجُوعِ دُونَهُ بِحَالٍ
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
    وَلَوْ خَرَجَ يُرِيدُ بَلَدًا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ بِلَا نِيَّةٍ أَنْ يَبْلُغَهُ بِكُلِّ حَالٍ وَقَالَ لَعَلِيِّ أَبْلُغَهُ، أَوْ أَرْجِعَ عَنْهُ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يَنْوِيَ بِكُلِّ حَالَةٍ بُلُوغَهُ وَلَوْ خَرَجَ يَنْوِي بُلُوغَهُ لِحَاجَةٍ لَا يَنْوِي إنْ قَضَاهَا دُونَهُ الرُّجُوعَ كَانَ لَهُ الْقَصْرُ فَمَتَى لَقِيَ الْحَاجَةَ دُونَهُ، أَوْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِلَا قَضَاءِ الْحَاجَةِ - وَكَانَ مَوْضِعُهُ الَّذِي بَلَغَ مِمَّا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ - أَتَمَّ فِي رُجُوعِهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُهُ الَّذِي بَلَغَ مِمَّا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَوْ ابْتَدَأَ إلَيْهِ السَّفَرَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ مِنْهُ قَصَرَ الصَّلَاةَ وَلَوْ بَدَا لَهُ الْمُقَامُ بِهِ أَتَمَّ حَتَّى يُسَافِرَ مِنْهُ ثُمَّ يَقْصُرَ إذَا سَافَرَ وَلَوْ خَرَجَ رَجُلٌ يُرِيدُ بَلَدًا، ثُمَّ بَلَدًا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ الْأَدْنَى مِمَّا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَهَا وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَمْ يَقْصُرْهَا، فَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَلَدِ الَّذِي يُرِيدُ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يَقْصُرْ لِأَنِّي أَجْعَلُهُ حِينَئِذٍ مِثْلَ مُبْتَدِئِ سَفَرِهِ كَابْتِدَائِهِ مِنْ أَهْلِهِ.وَإِذا رَجَعَ مِنْ الْبَلَدِ الْأَقْصَى فَإِنْ أَرَادَ بَلَدَهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَا يُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَقْصُرُ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِهِ ثُمَّ بَلَدِهِ لَمْ يَقْصُرْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ إيَّاهَا طَرِيقًا فَيَقْصُرُ، وَإِذَا خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ قَصَرَ فَإِنْ خَافَ فِي طَرِيقِهِ وَهُوَ بِعُسْفَانَ فَأَرَادَ الْمُقَامَ بِهِ، أَوْ الْخُرُوجَ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ الْمَدِينَةِ لِيُقِيمَ، أَوْ يَرْتَادَ الْخَيْرَ بِهِ جَعَلْته إذَا تَرَكَ النِّيَّةَ الْأُولَى مِنْ سَفَرِهِ إلَى الْمَدِينَةِ مُبْتَدِئًا السَّفَرَ مِنْ عُسْفَانَ فَإِنْ كَانَ السَّفَرُ الَّذِي يُرِيدُهُ مِنْ عُسْفَانَ عَلَى مَا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَمْ يَقْصُرْ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ، وَكَذَلِكَ إذَا رَجَعَ مِنْهُ يُرِيدُ مَكَّةَ أَوْ بَلَدًا سِوَاهُ جَعَلْته مُبْتَدِئًا سَفَرًا مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ حَيْثُ يُرِيدُ مَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَمْ يَقْصُرْ وَالْمُسَافِرُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ يُعْتَبَرُ بِسَيْرِ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ بِسَيْرِ الْبَرِّ وَلَا الْخَيْلِ وَلَا نُجُبِ الرِّكَابِ وَلَا زَحْفَ الْمُقْعَدِ وَلَا دَبِيبَ الزَّمِنِ وَلَا سَيْرَ الْأَحْمَالِ الثِّقَالِ، وَلَكِنْ إذَا سَافَرَ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ مَسِيرَةً يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي الْبَرِّ قُصِرَتْ فِيهَا الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ كَانَ فِي شَكٍّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَقْصُرُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِأَنَّهَا مَسِيرَةُ مَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ.
    وَالْمقام فِي الْمَرَاسِي وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي يُقَامُ فِيهَا فِي الْأَنْهَارِ كَالْمُقَامِ فِي الْبِرِّ، لَا يَخْتَلِفُ فَإِذَا أَزْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فِي مَوْضِعٍ أَتَمَّ وَإِذَا لَمْ يُزْمِعْ مُقَامَ أَرْبَعٍ قَصَرَ وَإِذَا حَبَسَهُ الرِّيحُ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ يُزْمِعْ مُقَامًا إلَّا لِيَجِدَ السَّبِيلَ إلَى الْخُرُوجِ بِالرِّيحِ قَصَرَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْبَعٍ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعٌ أَتَمَّ كَمَا وَصَفْت فِي الِاخْتِيَارِ فَإِذَا أَثْبَتَ بِهِ مَسِيرَةً قَصَرَ فَإِنْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ قَصَرَ حَتَّى يَجْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَيُتِمَّ حِينَ يَجْمَعُ بِالنِّيَّةِ مُقَامَ أَرْبَعٍ، أَوْ يُقِيمُ أَرْبَعًا إنْ لَمْ يُزْمِعْ مُقَامًا، فَيُتِمُّ بِمُقَامِ أَرْبَعٍ فِي الِاخْتِيَارِ، وَإِذا كَانَ الرَّجُلُ مَالِكًا لِلسَّفِينَةِ وَكَانَ فِيهَا مَنْزِلُهُ وَكَانَ مَعَهُ فِيهَا أَهْلُهُ، أَوْ لَا أَهْلَ لَهُ مَعَهُ فِيهَا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُتِمَّ وَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ إذَا سَافَرَ وَعَلَيْهِ حَيْثُ أَرَادَ مُقَامًا غَيْرَ مُقَامِ سَفَرٍ أَنْ يُتِمَّ وَهُوَ فِيهَا كَالْغَرِيبِ يَتَكَارَاهَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِيمَا لَهُ غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّ لَهُ أَنْ يُتِمَّ، وَهَكَذَا أُجَرَاؤُهُ وَرُكْبَانُ مَرْكَبِهِ.
    وَإِذا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَدَارُهُ حَيْثُ أَرَادَ الْمُقَامَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا دَارَ يَصِيرُ إلَيْهَا وَكَانَ سَيَّارَةً يَتَّبِعُ أَبَدًا مَوَاقِعَ الْقَطْرِ حَلَّ بِمَوْضِعٍ، ثُمَّ شَامَ بَرْقًا فَانْتَجَعَهُ فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ بِبَلَدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ شَكَّ لَمْ يَقْصُرْ، وَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ بِبَلَدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ وَكَانَتْ نِيَّتُهُ إنْ مَرَّ بِمَوْضِعٍ مُخْصِبٍ أَوْ مُوَافِقٍ لَهُ فِي الْمَنْزِلِ دُونَهُ أَنْ يَنْزِلَ لَمْ يَقْصُرْ أَبَدًا مَا كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَنْزِلَ حَيْثُ حَمِدَ مِنْ الْأَرْضِ.وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ أَبَدًا حَتَّى يَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ يُرِيدُ سَفَرًا لَا عُرْجَةَ لَهُ عَنْهُ إلَّا عُرْجَةَ الْمَنْزِلِ وَيَبْلُغُ وَيَكُونُ السَّفَرُ مِمَّا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَلَوْ خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ بَلَدٍ يُرِيدُونَ بَلَدًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَنِيَّتُهُمْ إذَا مَرُّوا بِمَوْضِعٍ مُخْصِبٍ أَنْ يَرْتَعُوا فِيهِ مَا احْتَمَلَهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَقْصُرُوا فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُمْ أَنْ يَرْتَعُوا فِيهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَا يَبْلُغُوا أَنْ يَنْوُوا فِي مُقَامِ أَرْبَعٍ فَلَهُمْ أَنْ يَقْصُرُوا، وَإِذَا مَرُّوا بِمَوْضِعٍ فَأَرَادُوا فِيهِ مُقَامَ أَرْبَعٍ أَتَمُّوا فَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا مُقَامَ أَرْبَعٍ وَأَقَامُوا أَرْبَعًا أَتَمُّوا بَعْدَ مُقَامِ الْأَرْبَعِ فِي الِاخْتِيَارِ.
    [إيجَابُ الْجُمُعَةِ]ِ
    أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةُ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3]
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
    أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ " قَالَ: «شَاهِدٌ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَمَشْهُودٌ يَوْمُ عَرَفَةَ» أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
    مِثْلَهُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ:

    أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَدَلَّتْ السُّنَّةُ مِنْ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَحْنُ الْآخَرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ»
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: بَائِدَ أَنَّهُمْ
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
    قَالَ:
    «نَحْنُ الْآخَرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ،
    ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمْ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ يَعْنِي الْجُمُعَةَ:
    فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ السَّبْتُ وَالْأَحَدُ»

    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَالتَّنْزِيلُ، ثُمَّ السُّنَّةُ يَدُلَّانِ عَلَى إيجَابِ الْجُمُعَةِ وَعُلِمَ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْيَوْمُ الَّذِي بَيْنَ الْخَمِيسِ وَالسَّبْتِ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي يَعْلَمُهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْجَمَاعَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَمَاعَةٍ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَمَا نَقَلُوا الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَكَانَتْ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ "
    عُرُوبَةٌ " قَالَ الشَّاعِرُ:
    نَفْسِي الْفِدَاءُ لِأَقْوَامٍ هُمُو خَلَطُوا ... يَوْمَ الْعُرُوبَةِ أَزْوَادًا بِأَزْوَادٍ
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخِطْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ
    أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا مِنْ بَنِي وَائِلٍ يَقُولُ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إلَّا امْرَأَةً، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ مَمْلُوكًا»
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِبَلَدٍ تَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ مِنْ بَالِغٍ حُرٍّ لَا عُذْرَ لَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ،
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَالْعُذْرُ الْمَرَضُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى شُهُودِ الْجُمُعَةِ إلَّا بِأَنْ يَزِيدَ فِي مَرَضِهِ، أَوْ يَبْلُغَ بِهِ مَشَقَّةً غَيْرَ مُحْتَمَلَةٍ، أَوْ يَحْبِسَهُ السُّلْطَانُ، أَوْ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ بِالْغَلَبَةِ، أَوْ يَمُوتَ بَعْضُ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِ مِنْ قَرَابَةٍ، أَوْ ذِي آصِرَةٍ مِنْ صِهْرٍ، أَوْ مَوَدَّةٍ، أَوْ مَنْ يَحْتَسِبُ فِي وِلَايَةِ أَمْرِهِ الْأَجْرَ فَإِنْ كَانَ هَذَا فَلَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَإِنْ مَرِضَ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ وَالِدٌ فَرَآهُ مَنْزُولًا بِهِ وَخَافَ فَوْتَ نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِهِ وَكَانَ ضَائِعًا لَا قَيِّمَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ لَهُ قَيِّمٌ غَيْرُهُ لَهُ شُغْلٌ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ عَنْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ،
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
    أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ دُعِيَ وَهُوَ يَسْتَحِمُّ لِلْجُمَعَةِ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَهُوَ يَمُوتُ فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ،
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَإِنْ أَصَابَهُ غَرَقٌ، أَوْ حَرْقٌ، أَوْ سُرِقَ وَكَانَ يَرْجُو فِي تَخَلُّفِهِ عَنْ الْجُمُعَةِ دَفْعَ ذَلِكَ، أَوْ تَدَارُكَ شَيْءٍ فَلَتَ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ إنْ ضَلَّ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ مَالٌ مِنْ رَقِيقٍ، أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَجَا فِي تَخَلُّفِهِ تَدَارُكَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ.
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    فَإِنْ كَانَ خَائِفًا إذَا خَرَجَ إلَى الْجُمُعَةِ أَنْ يَحْبِسَهُ السُّلْطَانُ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَحْبِسُهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فِي دَمٍ، أَوْ حَدٍّ لَمْ يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَا الْهَرَبُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ مِنْ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَرْجُو أَنْ يَدْفَعَ الْحَدَّ بِعَفْوٍ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ بِصُلْحٍ فَأَرْجُو أَنْ يَسَعَهُ ذَلِكَ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَإِنْ كَانَ تَغَيُّبُهُ عَنْ غَرِيمٍ لِعُسْرَةٍ وَسِعَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ لَمْ يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ خَوْفَ الْحَبْسِ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ سَفَرًا لَمْ أُحِبَّ لَهُ فِي الِاخْتِيَارِ أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ قَبْلَ الْفَجْرِ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا قَدْ أَجْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَمِثْلُ الْمُقِيمِ وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَلَا يُحْرَجُ عِنْدِي بِالتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَهُ أَنْ يَسِيرَ وَلَا يَحْضُرَ الْجُمُعَةَ
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
    أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ أَبْصَرَ رَجُلًا عَلَيْهِ هَيْئَةُ السَّفَرِ وَهُوَ يَقُولُ لَوْلَا أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لَخَرَجْت فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَاخْرُجْ فَإِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ عَنْ سَفَرٍ.
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَلَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَمُرَّ بِبَلَدٍ جَمَعَهُ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ فِيهِ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَتَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَتْ فِي مُقَامِهِ وَإِذَا لَزِمَتْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَجْمَعَ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِينَ وَلَا عَلَى النِّسَاءِ وَلَا عَلَى الْعَبِيدِ جُمُعَةٌ وَأُحِبُّ لِلْعَبِيدِ إذَا أُذِنَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا وَلِلْعَجَائِزِ إذَا أُذِنَ لَهُمْ وَلِلْغِلْمَانِ وَلَا أَعْلَمُ مِنْهُمْ أَحَدًا يُحْرَجُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ بِحَالٍ.
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَسَائِرُ الْعَبِيدِ فِي هَذَا سَوَاءٌ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَإِذَا أُعْتِقَ بَعْضُ الْعَبْدِ فَكَانَتْ الْجُمُعَةُ فِي يَوْمِهِ الَّذِي يُتْرَكُ فِيهِ لِنَفْسِهِ لَمْ أُرَخِّصْ لَهُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ تَرَكَهَا لَمْ أَقُلْ لَهُ إنَّهُ يُحْرَجُ كَمَا يُحْرَجُ الْحُرُّ لَوْ تَرَكَهَا؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْحُرِّ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهَذَا قَدْ يَأْتِي عَلَيْهِ أَحْوَالٌ لَا تَلْزَمُهُ فِيهَا لِلرِّقِّ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَمَنْ قُلْت لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْرَارِ لِلْعُذْرِ بِالْحَبْسِ، أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرِ الْبَالِغِينَ وَالْمَمَالِيكِ فَإِذَا شَهِدَ الْجُمُعَةَ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَأَجْزَأَتْهُ عَنْ الْجُمُعَةِ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَإِنَّمَا قِيلَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - لَا يُحْرَجُونَ بِتَرْكِهَا كَمَا يَكُونُ الْمَرْءُ فَقِيرًا لَا يَجِدُ مَرْكَبًا وَزَادًا فَيَتَكَلَّفُ الْمَشْيَ وَالتَّوَصُّلَ بِالْعَمَلِ فِي الطَّرِيقِ وَالْمَسْأَلَةِ فَيَحُجُّ فَيَجْزِي عَنْهُ، أَوْ يَكُونُ كَبِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوبِ فَيَتَحَامَلُ عَلَى أَنْ يَرْبِطَ عَلَى دَابَّةٍ فَيَكُونُ لَهُ حَجٌّ وَيَكُونُ الرَّجُلُ مُسَافِرًا، أَوْ مَرِيضًا مَعْذُورًا بِتَرْكِ الصَّوْمِ فَيَصُومُ فَيَجْزِي عَنْهُ لَيْسَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ مَا عَمِلَ مِنْ هَذَا فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْرَجُ بِتَرْكِهِ،
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَلَا أُحِبُّ لِوَاحِدٍ مِمَّنْ لَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ مِنْ الْأَحْرَارِ لِلْعُذْرِ وَلَا مِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرِ الْبَالِغِينَ وَالْعَبِيدِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ حَتَّى يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ، أَوْ يَتَوَخَّى انْصِرَافَهُ بِأَنْ يَحْتَاطَ حَتَّى يَرَى أَنَّهُ قَدْ انْصَرَفَ؛ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِ الْجُمُعَةِ فَيَكُونُ إتْيَانُهَا خَيْرًا لَهُ وَلَا أَكْرَهُ إذَا انْصَرَفَ الْإِمَامُ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً حَيْثُ كَانُوا إذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ رَغْبَةٍ عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَإِنْ صَلُّوا جَمَاعَةً، أَوْ فُرَادَى بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَإِنْ صَلُّوا جَمَاعَةً، أَوْ فُرَادَى فَأَدْرَكُوا الْجُمُعَةَ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّوْهَا وَهِيَ لَهُمْ نَافِلَةٌ.
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    فَأَمَّا مَنْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِمَّنْ لَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ صَلَّاهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا إذَا انْصَرَفَ الْإِمَامُ ظُهْرًا أَرْبَعًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَكَانَ عَلَيْهِ إتْيَانُ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا فَاتَتْهُ صَلَّاهَا قَضَاءً وَكَانَ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حَتَّى فَاتَهُ وَقْتُهَا وَيُصَلِّيَهَا قَضَاءً وَيَجْمَعَهَا وَلَا أَكْرَهُ جَمْعَهَا إلَّا أَنْ يَجْمَعَهَا اسْتِخْفَافًا بِالْجُمُعَةِ، أَوْ رَغْبَةً عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَآمُرُ أَهْلَ السِّجْنِ وَأَهْلَ الصِّنَاعَاتِ عَنْ الْعَبِيدِ بِأَنْ يَجْمَعُوا وَإِخْفَاؤُهُمْ الْجَمْعَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ إعْلَانِهِ خَوْفًا أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ أَنَّهُمْ جَمَعُوا رَغْبَةً عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْأَئِمَّةِ.
    [الْعَدَدُ الَّذِينَ إذَا كَانُوا فِي قَرْيَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ]ُ
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) :
    لَمَّا كَانَتْ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةً وَاحْتَمَلَتْ أَنْ تَكُونَ تَجِبُ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ بِلَا وَقْتِ عَدَدِ مُصَلِّينَ وَأَيْنَ كَانَ الْمُصَلِّي مِنْ مَنْزِلِ مُقَامٍ وَظَعْنٍ فَلَمْ نَعْلَمْ خِلَافًا فِي أَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ إلَّا فِي دَارِ مُقَامٍ وَلَمْ أَحْفَظْ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَقَدْ قَالَ: غَيْرُنَا لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى أَهْلِ مِصْرٍ جَامِعٍ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَسَمِعْت عَدَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى أَهْلِ دَارِ مُقَامٍ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَكَانُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ فَقُلْنَا بِهِ وَكَانَ أَقَلُّ مَا عَلِمْنَاهُ قِيلَ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ عِنْدِي أَنْ أَدَّعِ الْقَوْلَ بِهِ وَلَيْسَ خَبَرٌ لَازِمٌ يُخَالِفُهُ وَقَدْ يُرْوَى مِنْ حَيْثُ لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِأَرْبَعِينَ رَجُلًا وَرُوِيَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَهْلِ قُرَى عُرَيْنَةَ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ.
    وَرُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَيْنِ بِأَهْلِ نَجران
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كُلُّ قَرْيَةٍ فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَعَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ فِيمَا بَيْنَ الشَّامِ إلَى مَكَّةَ جَمَعُوا إذَا بَلَغْتُمْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
    فَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا وَالْقَرْيَةُ الْبِنَاءُ وَالْحِجَارَةُ وَاللَّبِنُ وَالسُّقُفُ وَالْجَرَائِدُ وَالشَّجَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا بِنَاءٌ كُلُّهُ وَتَكُونُ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً وَيَكُونُ أَهْلُهَا لَا يَظْعَنُونَ عَنْهَا شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا ظَعْنَ حَاجَةٍ مِثْلَ ظَعْنِ أَهْلِ الْقُرَى وَتَكُونُ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً اجْتِمَاعَ بُيُوتِ الْقُرَى، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُجْتَمِعَةً فَلَيْسُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ وَلَا يَجْمَعُونَ وَيُتِمُّونَ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا فَإِذَا كَانُوا هَكَذَا رَأَيْت - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنَّ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةَ فَإِذَا صَلُّوا الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُمْ.
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
    وَإِذَا بَلَغُوا هَذَا الْعَدَدَ وَلَمْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ كُلُّهُمْ رَأَيْت أَنْ يُصَلُّوهَا ظُهْرًا وَإِنْ كَانُوا هَذَا الْعَدَدَ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي غَيْرِ قَرْيَةٍ كَمَا وَصَفْت لَمْ يَجْمَعُوا وَإِنْ كَانُوا فِي مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهَا مُشْرِكُونَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَوْ مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَنِسَائِهِمْ وَلَمْ يَبْلُغْ الْأَحْرَارُ الْمُسْلِمُونَ الْبَالِغُونَ فِيهَا أَرْبَعِينَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَجْمَعُوا وَلَوْ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ مَارِّينَ بِهَا وَأَهْلُهَا لَا يَبْلُغُونَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَجْمَعُوا
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
    وَلَوْ كَانَتْ قَرْيَةٌ فِيهَا هَذَا الْعَدَدُ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ، أَوْ غَابُوا، أَوْ انْتَقَلَ مِنْهُمْ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا وَلَوْ كَثُرَ مَنْ يَمُرُّ بِهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُسَافِرًا، أَوْ تَاجِرًا غَيْرَ سَاكِنٍ لَمْ يُجْمَعْ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ.
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
    وَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةً كَمَا وَصَفْت فَتَهَدَّمَتْ مَنَازِلُهَا، أَوْ تَهَدَّمَ مِنْ مَنَازِلِهَا وَبَقِيَ فِي الْبَاقِي مِنْهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَإِنْ كَانَ أَهْلُهَا لَازِمِينَ لَهَا لِيُصْلِحُوهَا جَمَعُوا كَانُوا فِي مَظَالَّ، أَوْ غَيْرِ مَظَالَّ
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَإِذَا كَانَ أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ، أَوْ أَكْثَرَ فَمَرِضَ عَامَّتُهُمْ حَتَّى لَمْ يُوَافِ الْمَسْجِدَ مِنْهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا صَلُّوا الظُّهْرَ،
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَلَوْ كَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ قَوْمٍ مَارِّينَ، أَوْ تُجَّارٍ لَا يَسْكُنُونَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُقِيمِينَ بِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَلَوْ كَانَ أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا وَأَكْثَرَ وَمِنْهُمْ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ وَلَيْسَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا صَحِيحًا بَالِغًا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ كُلُّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا فَخَطَبَهُمْ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَانْفَضَّ عَنْهُ بَعْضُهُمْ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَا يَبْقَى مَعَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَإِنْ ثَابُوا قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ حَتَّى يَكُونُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا صَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حَتَّى يُكَبِّرَ لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَصَلُّوهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا.
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَلَوْ انْفَضُّوا عَنْهُ فَانْتَظَرَهُمْ بَعْدَ الْخُطْبَةِ حَتَّى يَعُودُوا أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُعِيدَ خُطْبَةً أُخْرَى إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ مُهْلَةٌ ثُمَّ يُصَلِّيَهَا جُمُعَةً، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ فَصْلٌ يَتَبَاعَدُ
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
    وَإِنْ خَطَبَ بِهِمْ وَهُمْ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، ثُمَّ ثَابَ الْأَرْبَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلَا أَرَاهَا تُجْزِئُ عَنْهُ حَتَّى يَخْطُبَ بِأَرْبَعِينَ فَيَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ بِهِمْ إذَا كَبَّرَ
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَلَا أُحِبُّ فِي الْأَرْبَعِينَ إلَّا مَنْ وَصَفْت عَلَيْهِ فَرْضَ الْجُمُعَةِ مِنْ رَجُلٍ حُرٍّ بَالِغٍ غَيْرِ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ مُقِيمٍ لَا مُسَافِرٍ
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    فَإِنْ خَطَبَ بِأَرْبَعِينَ، ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ،
    ثُمَّ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ:
    أَحَدُهُمَا: إنْ بَقِيَ مَعَهُ اثْنَانِ حَتَّى تَكُونَ صَلَاتُهُ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ تَامَّةٍ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيهَا وَهِيَ مُجْزِئَةٌ عَنْهُمْ وَلَوْ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا أَجْزَأَتْهُ،
    وَالْقَوْلُ الْآخَرُ:
    أَنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ بِحَالٍ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ أَرْبَعُونَ حِينَ يَدْخُلُ وَيُكْمِلُ الصَّلَاةَ وَلَكِنْ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلَّا عَبْدَانِ، أَوْ عَبْدٌ وَحُرٌّ، أَوْ مُسَافِرَانِ، أَوْ مُسَافِرٌ وَمُقِيمٌ صَلَّاهَا ظُهْرًا
    (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) :
    وَإِنْ بَقِيَ مَعَهُ مِنْهُمْ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ اثْنَانِ، أَوْ أَكْثَرُ فَصَلَّاهَا جُمُعَةً، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّ الِاثْنَيْنِ، أَوْ أَحَدَهُمَا مُسَافِرٌ، أَوْ عَبْدٌ، أَوْ امْرَأَةٌ أَعَادَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا.
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَلَمْ يُجْزِئُهُ جُمُعَةٌ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ حَتَّى يُكْمِلَ مَعَهُ الصَّلَاةَ اثْنَانِ مِمَّنْ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ فَإِنْ صَلَّى وَلَيْسَ وَرَاءَهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مِمَّنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجُمُعَةِ كَانَتْ عَلَيْهِمْ ظُهْرًا أَرْبَعًا،
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ)
    :
    وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَقَدَّمَ رَجُلًا مِمَّنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَخَلْفَهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا صَلُّوهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا لَا يُجْزِئُهُمْ وَلَا الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ إلَّا ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ إمَامَتَهُ زَالَتْ وَابْتَدَلَتْ بِإِمَامَةِ رَجُلٍ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُبْتَدِئًا فِي حَالِهِ تِلْكَ لَمْ يُجْزِئْهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا ظُهْرًا أَرْبَعًا
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
    وَإِذَا افْتَتَحَ الْإِمَامُ جُمُعَةً ثُمَّ أَمَرْته أَنْ يَجْعَلَهَا ظُهْرًا أَجْزَأَهُ مَا صَلَّى مِنْهَا وَهُوَ يَنْوِي الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ هِيَ الظُّهْرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ لَهُ قَصْرُهَا فَلَمَّا حَدَثَ حَالٌ لَيْسَ لَهُ فِيهَا قَصْرُهَا أَتَمَّهَا كَمَا يَبْتَدِئُ الْمُسَافِرُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَنْوِي الْمُقَامَ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الرَّكْعَتَيْنِ فَيُتِمَّ الصَّلَاةَ أَرْبَعًا وَلَا يَسْتَأْنِفَهَا .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (30)
    صــــــــــ 221 الى صـــــــــــ225

    [مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ بِمَسْكَنِهِ]ِ
    (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -)
    :
    قَالَ: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]
    (قال: الشافعي) :
    وإذا كان قوم ببلد يجمع أهلها وجبت الجمعة على من يسمع النداء من ساكني المصر، أو قريبا منه بدلالة الآية
    (قال: الشافعي) :
    وتجب الجمعة عندنا على جميع أهل المصر وإن كثر أهلها حتى لا يسمع أكثرهم النداء؛ لأن الجمعة تجب بالمصر والعدد، وليس أحد منهم، أولى بأن تجب عليه الجمعة من غيره إلا من عذر
    (قال: الشافعي) :
    وقولي: سمع النداء إذا كان المنادي صيتا وكان هو مستمعا، والأصوات هادئة فأما إذا كان المنادي غير صيت والرجل غافل والأصوات ظاهرة فقل من يسمع النداء.
    (قال: الشافعي)
    :
    ولست أعلم في هذا أقوى مما وصفت وقد كان سعيد بن زيد وأبو هريرة يكونان بالشجرة على أقل من ستة أميال فيشهدان الجمعة ويدعانها وقد كان يروى أن أحدهما كان يكون بالعقيق فيترك الجمعة ويشهدها ويروى أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان على ميلين من الطائف فيشهد الجمعة ويدعها
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني عبد الله بن زيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: تجب الجمعة على من يسمع النداء
    (قال الشافعي) :
    وإذا كانت قرية جامعة وكان لها قرى حولها متصلة الأموال بها وكانت أكثر سوق تلك القرى في القرية الجامعة لم أرخص لأحد منهم في ترك الجمعة، وكذلك لا أرخص لمن على الميل والميلين وما أشبه هذا، ولا يتبين عندي أن يحرج بترك الجمعة إلا من سمع النداء ويشبه أن يحرج أهل المصر، وإن عظم بترك الجمعة
    [من يصلى خلفه الجمعة]
    والجمعة خلف كل إمام صلاها من أمير ومأمور ومتغلب على بلدة وغير أمير مجزئة كما تجزئ الصلاة خلف كل من سلف
    (قال الشافعي)
    : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال:
    شهدنا العيد مع علي - رضي الله عنه - وعثمان محصور.
    (قال: الشافعي) :
    وتجزئ الجمعة خلف العبد والمسافر كما تجزئ الصلاة غيرها خلفهما فإن قيل ليس فرض الجمعة عليهما، قيل ليس يأثمان بتركها وهما يؤجران على أدائها وتجزئ عنهما كما تجزئ عن المقيم وكلاهما عليه فرض الصلاة بكمالها ولا أرى أن الجمعة تجزئ خلف غلام لم يحتلم، والله تعالى أعلم.ولا تجمع امرأة بنساء؛ لأن الجمعة إمامة جماعة كاملة وليست المرأة ممن لها أن تكون إمام جماعة كاملة.
    [الصلاة في مسجدين فأكثر]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ولا يجمع في مصر وإن عظم أهله وكثر عامله ومساجده إلا في موضع المسجد الأعظم وإن كانت له مساجد عظام لم يجمع فيها إلا في واحد وأيها جمع فيه أولا بعد الزوال فهي الجمعة، وإن جمع في آخر سواه يعده لم يعتد الذين جمعوا بعده بالجمعة، وكان عليهم أن يعيدوا ظهرا أربعا
    (قال الشافعي) :
    وسواء الذي جمع أولا الوالي، أو مأمور، أو رجل، أو تطوع، أو تغلب، أو عزل فامتنع من العزل بمن جمع معه أجزأت عنه الجمعة، ومن جمع مع الذي بعده لم تجزه الجمعة وإن كان واليا وكانت عليه إعادة الظهر
    (قال) :
    وهكذا إن جمع من المصر في مواضع فالجمعة الأولى، وما سواها لا تجزئ إلا ظهرا.
    (قال: الشافعي)
    :
    وإن أشكل على الذين جمعوا أيهم جمع أولا أعادوا كلهم ظهرا أربعا
    (قال: الشافعي) :
    ولو أشكل ذلك عليهم فعادوا فجمعت منهم طائفة ثانية في وقت الجمعة أجزأهم ذلك؛ لأن جمعتهم الأولى لم تجز عنهم وهم أولا حين جمعوا أفسدوا، ثم عادوا فجمعوا في وقت الجمعة
    (قال: الربيع) :
    وفيه قول آخر أن يصلوا ظهرا لأن العلم يحيط أن إحدى الطائفتين قد صلت قبل الأخرى فكما جازت الصلاة للذين صلوا أولا وإن لم يعرفوها لم يجز لأحد أن يصلي الجمعة بعد تمام جمعة قد تمت.
    الأرض تكون بها المساجد أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال وإذا اتسعت البلد وكثرت عمارتها فبنيت فيها مساجد كثيرة عظام وصغار لم يجز عندي أن يصلي الجمعة فيها إلا في مسجد واحد وكذلك إذا اتصلت بالبلد الأعظم منها قريات صغار لم أحب أن يصلي إلا في المسجد الأعظم وإن صلى في مسجد منها غيره صليت الظهر أربعا، وإن صليت الجمعة أعاد من صلاها فيها
    (قال) :
    وتصلى الجمعة في المسجد الأعظم فإن صلاها الإمام في مسجد من مساجدها أصغر منه كرهت ذلك له وهي مجزئة عنه
    (قال)
    :
    وإن صلى غير إمام في مسجدها الأعظم والإمام في مسجد أصغر فجمعة الإمام ومن معه مجزئة ويعيد الآخرون الجمعة.
    (قال الشافعي) :
    وإن وكل الإمام من يصلي فصلى وكيل الإمام في المسجد الأعظم، أو الأصغر قبل الإمام وصلى الإمام في مسجد غيره فجمعة الذين صلوا في المسجد الأعظم، أو الأصغر قبل الإمام مجزئة ويعيد الآخرون ظهرا
    (قال: الشافعي)
    :
    وهكذا إذا وكل الإمام رجلين يصلي أيهما أدرك فأيهما صلى الجمعة أولا أجزأه وإن صلى الآخر بعده فهي ظهر وإن كان وال يصلي في مسجد صغير وجاء وال غيره فصلى في مسجد عظيم فأيهما صلى أولا فهي الجمعة وإذا قلت: أيهما صلى أولا فهي الجمعة فلم يدر أيهما صلى أولا، فأعاد أحدهما الجمعة في الوقت أجزأت وإن ذهب الوقت أعادا معا فصليا معا أربعا أربعا
    (قال: الربيع) :
    يريد يعيد الظهر
    (قال: الشافعي) :
    والأعياد مخالفة الجمعة الرجل يصلي العيد منفردا ومسافرا وتصليه الجماعة لا يكون عليها جمعة؛ لأنها لا تحيل فرضا ولا أرى بأسا إذا خرج الإمام إلى مصلاه في العيدين، أو الاستسقاء أن يأمر من يصلي بضعفة الناس العيد في موضع من المصر، أو مواضع،
    (قال) :
    وإذا كانت صلاة الرجل منفردا مجزئة فهي أقل من صلاة جماعة بأمر وال وإن لم يأمر الوالي فقدموا واحدا أجزأ عنهم.
    (قال: الشافعي)
    :
    وهكذا لو قدموا في صلاة الخسوف في مساجدهم لم أكره من هذا شيئا بل أحبه ولا أكرهه في حال إلا أن يكون من تخلف عن الجماعة العظمى أقوياء على حضورها فأكره ذلك لهم أشد الكراهية ولا إعادة عليهم فأما أهل العذر بالضعف فأحب لهم ذلك قال: الشافعي) : والجمعة مخالفة لهذا كله
    (قال) :
    وإذا صلوا جماعة، أو منفردين صلوا كما يصلي الإمام لا يخالفونه في وقت ولا صلاة ولا بأس أن يتكلم متكلمهم بخطبة إذا كان بأمر الوالي فإن لم يكن بأمر الوالي كرهت له ذلك كراهية الفرقة في الخطبة ولا أكره ذلك في الصلاة كما لا أكرهه في المكتوبات غير الجمعة.
    [وقت الجمعة]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ووقت الجمعة ما بين أن تزول الشمس إلى أن يكون آخر وقت الظهر قبل أن يخرج الإمام من صلاة الجمعة، فمن صلاها بعد الزوال إلى أن يكون سلامه منها قبل آخر وقت الظهر فقد صلاها في وقتها وهي له جمعة إلا أن يكون في بلد قد جمع فيه قبله.
    (قال: الشافعي) :
    ومن لم يسلم من الجمعة حتى يخرج آخر وقت الظهر تجزه الجمعة وهي له ظهر وعليه أن يصليها أربعا أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الجمعة إذا فاء الفيء قدر ذراع، أو نحوه» ،
    أخبرنا الربيع قال:
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يوسف بن ماهك قال قدم معاذ بن جبل على أهل مكة وهم يصلون الجمعة والفيء في الحجر فقال لا تصلوا حتى تفيء الكعبة من وجهها.
    (قال: الشافعي)
    :
    ووجهها الباب
    (قال: الشافعي)
    :
    يعني معاذا حتى تزول الشمس،
    (قال: الشافعي) :
    ولا اختلاف عند أحد لقيته أن لا تصلى الجمعة حتى تزول الشمس،
    (قال: الشافعي)
    :
    ولا يجوز أن يبتدئ خطبة الجمعة حتى يتبين زوال الشمس
    (قال: الشافعي)
    :
    فإن ابتدأ رجل خطبة الجمعة قبل أن تزول الشمس ثم زالت الشمس فأعاد خطبته أجزأت عنه الجمعة وإن لم يعد خطبتين بعد الزوال لم تجز الجمعة عنه وكان عليه أن يصليها ظهرا أربعا، وإن صلى الجمعة في حال لا تجزي عنه فيه، ثم أعاد الخطبة والصلاة في الوقت أجزأت عنه وإلا صلاها ظهرا والوقت الذي تجوز فيه الجمعة ما بين أن تزول الشمس إلى أن يدخل وقت العصر.
    (قال الشافعي)
    :
    ولا تجزئ جمعة حتى يخطب الإمام خطبتين ويكمل السلام منها قبل دخول وقت العصر.
    (قال: الشافعي)
    :
    فإن دخل أول وقت العصر قبل أن يسلم منها فعليه أن يتم الجمعة ظهرا أربعا فإن لم يفعل حتى خرج منها فعليه أن يستأنفها ظهرا أربعا
    (قال: الشافعي) :
    ولو أغفل الجمعة حتى يعلم أنه خطب أقل من خطبتين وصلى أخف من ركعتين لم يخرج من الصلاة حتى يدخل وقت العصر كان عليه أن يصلي ظهرا أربعا ولا يخطب
    (قال: الشافعي) :
    وإن رأى أنه يخطب أخف خطبتين ويصلي أخف ركعتين إذا كانتا مجزئتين عنه قبل دخول أول وقت العصر لم يجز له إلا أن يفعل فإن خرج من الصلاة قبل دخول العصر فهي مجزئة عنه، وإن لم يخرج منها حتى يدخل أول وقت العصر أتمها ظهرا أربعا فإن لم يفعل وسلم استأنف ظهرا أربعا لا يجزيه غير ذلك فإن خرج من الصلاة وهو يشك ومن معه، أدخل وقت العصر أم لا؟ فصلاتهم وصلاته مجزئة عنهم؛ لأنهم على يقين من الدخول في الوقت وفي شك من أن الجمعة لا تجزئهم، فهم كمن استيقن بوضوء وشك في انتفاضه،
    (قال: الشافعي)
    :
    وسواء شكوا أكملوا الصلاة قبل دخول الوقت بظلمة، أو ريح، أو غيرهما،
    (قال: الشافعي)
    :
    ولا يشبه الجمعة فيما وصفت الرجل يدرك ركعة قبل غروب الشمس كان عليه أن يصلي العصر بعد غروبها وليس للرجل أن يصلي الجمعة في غير وقتها؛ لأنه قصر في وقتها وليس له القصر إلا حيث جعل له.
    [وقت الأذان للجمعة]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ولا يؤذن للجمعة حتى تزول الشمس
    (قال: الشافعي)
    :
    وإذا أذن لها قبل الزوال أعيد الأذان لها بعد الزوال فإن أذن لها مؤذن قبل الزوال وآخر بعد الزوال أجزأ الأذان الذي بعد الزوال ولم يعد الأذان الذي قبل الزوال،
    (قال: الشافعي) :
    وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإمام المسجد ويجلس على موضعه الذي يخطب عليه خشب، أو جريد أو منبر، أو شيء مرفوع له، أو الأرض فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ قام فخطب لا يزيد عليه
    (قال: الشافعي) :
    وأحب أن يؤذن مؤذن واحد إذا كان على المنبر لا جماعة مؤذنين أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرني الثقة عن الزهري عن السائب بن يزيد أن الأذان كان أوله للجمعة حين يجلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر فلما كانت خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان بأذان ثان فأذن به فثبت الأمر على ذلك.
    (قال: الشافعي) :
    وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ويقول أحدثه معاوية، والله تعالى أعلم.
    (قال: الشافعي)
    :
    وأيهما كان فالأمر الذي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي
    (قال: الشافعي) :
    فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر وأذن كما يؤذن اليوم أذان قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له ولا يفسد شيء منه صلاته
    (قال: الشافعي) :
    وليس في الأذان شيء يفسد الصلاة؛ لأن الأذان ليس من الصلاة إنما هو دعاء إليها وكذلك لو صلى بغير أذان كرهت ذلك له ولا إعادة عليه.
    [متى يحرم البيع يوم الجمعة]
    متى يحرم البيع
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    قال: الله تبارك وتعالى {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} [الجمعة: 9]
    (قال: الشافعي) :
    والأذان الذي يجب على من عليه فرض الجمعة أن يذر عنده البيع الأذان الذي كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك الأذان الذي بعد الزوال وجلوس الإمام على المنبر، فإن أذن مؤذن قبل جلوس الإمام على المنبر وبعد الزوال لم يكن البيع منهيا عنه كما ينهى عنه إذا كان الإمام على المنبر وأكرهه؛ لأن ذلك الوقت الذي أحب للإمام أن يجلس فيه على المنبر وكذلك إن أذن مؤذن قبل الزوال والإمام على المنبر لم ينه عن البيع إنما ينهى عن البيع إذا اجتمع أن يؤذن بعد الزوال والإمام على المنبر
    (قال: الشافعي)
    :
    وإذا تبايع من لا جمعة عليه في الوقت المنهي فيه عن البيع لم أكره البيع؛ لأنه لا جمعة عليهما، وإنما المنهي عن البيع المأمور بإتيان الجمعة
    (قال: الشافعي)
    :
    وإن بايع من لا جمعة عليه من عليه جمعة كرهت ذلك لمن عليه الجمعة لما وصفت ولغيره أن يكون معينا له على ما أكره له ولا أفسخ البيع بحال
    (قال: الشافعي) :
    ولا أكره البيع يوم الجمعة قبل الزوال ولا بعد الصلاة لأحد بحال وإذا تبايع المأموران بالجمعة في الوقت المنهي فيه عن البيع لم يبن لي أن أفسخ البيع بينهما؛ لأن معقولا أن النهي عن البيع في ذلك الوقت إنما هو لإتيان الصلاة لا أن البيع يحرم بنفسه وإنما يفسخ البيع المحرم لنفسه، ألا ترى لو أن رجلا ذكر صلاة ولم يبق عليه من وقتها إلا ما يأتي بأقل ما يجزئه منها فبايع فيه كان عاصيا بالتشاغل بالبيع عن الصلاة حتى يذهب وقتها، ولم تكن معصية التشاغل عنها تفسد بيعه والله تعالى أعلم.
    [التبكير إلى الجمعة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال:
    رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم الأول فالأول فإذا خرج الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة، والمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة، ثم الذي يليه كالمهدي بقرة، ثم الذي يليه كالمهدي كبشا، حتى ذكر الدجاجة والبيضة» ،
    (قال: الشافعي) :
    أخبرنا مالك عن سمي عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال:
    «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر»
    (قال: الشافعي) :
    وأحب لكل من وجبت عليه الجمعة أن يبكر إلى الجمعة جهده فكلما قدم التبكير كان أفضل ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأن العلم يحيط أن من زاد في التقرب إلى الله تعالى كان أفضل
    (قال: الشافعي) :
    فإن قال: قائل: إنهم مأمورون إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة بأن يسعوا إلى ذكر الله فإنما أمروا بالفرض عليهم وأمرهم بالفرض عليهم لا يمنع فضلا قدموه عن نافلة لهم.
    [المشي إلى الجمعة]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    قال الله تبارك وتعالى {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة: 9]
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: ما سمعت عمر قط يقرؤها إلا " فامضوا إلى ذكر الله ".
    (قال: الشافعي) :
    ومعقول أن السعي في هذا الموضع العمل قال: الله عز وجل {إن سعيكم لشتى} [الليل: 4] وقال {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم: 39] وقال عز ذكره {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها} [البقرة: 205]
    (قال الشافعي) :
    قال زهير:سعى بعهدهم قوم لكي يدركوهم ... فلم يفعلوا ولم يليموا ولم يألوا(وزادني بعض أصحابنا في هذا البيت) :وما يك من خير أتوه فإنما ... توارثه آباء آبائهم قبلوهل يحمل الخطى إلا وشيجه ... وتغرس إلا في منابتها النخل
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك عن جده جابر بن عتيك صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا خرجت إلى الجمعة فامش على هينتك.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (31)
    صــــــــــ 226 الى صـــــــــــ230

    (قال الشافعي) :
    وفيما وصفنا من دلالة كتاب الله عز وجل أن السعي العمل وفي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال: «إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها تسعون وائتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا ما فاتكم فاقضوا»
    (قال الشافعي) :
    والجمعة صلاة كاف من أن يروى في ترك العدو على القدمين إلى الجمعة عن أحد دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء وما علمت أحدا روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجمعة أنه زاد فيها على مشيه إلى سائر الصلوات ولا عن أحد من أصحابه
    (قال: الشافعي)
    :
    ولا تؤتى الجمعة إلا ماشيا كما تؤتى سائر الصلوات وإن سعى إليها ساع، أو إلى غيرها من الصلوات لم تفسد عليه صلاته ولم أحب ذلك له.
    [الهيئة للجمعة]
    (قال الشافعي)
    : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -
    رأى حلة سيراء عند باب المسجد فقال:
    يا رسول الله لو اشتريت هذه الحلة فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة، ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر أخا له مشركا بمكة» ،
    (قال: الشافعي)
    :
    أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن السباق «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: في جمعة من الجمع يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فاغتسلوا ومن كان منكم عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك»
    (قال: الشافعي) :
    فنحب للرجل أن يتنظف يوم الجمعة بغسل وأخذ شعر وظفر وعلاج لما يقطع تغير الريح من جميع جسده وسواك وكل ما نظفه وطيبه وأن يمس طيبا مع هذا إن قدر عليه ويستحسن من ثيابه ما قدر عليه ويطيبها اتباعا للسنة ولا يؤذي أحدا قاربه بحال، وكذلك أحب له في كل عيد وآمره به وأحبه في كل صلاة جماعة وآمره به وأحبه في كل أمر جامع للناس وإن كنت له في الأعياد من الجمع وغيرها أشد استحبابا للسنة وكثرة حاضرها،
    (قال الشافعي) :
    وأحب ما يلبس إلي البياض فإن جاوزه بعصب اليمن والقطري وما أشبهه مما يصبغ غزله ولا يصبغ بعد ما ينسج فحسن وإذا صلاها طاهرا متواري العورة أجزأه وإن استحببت له ما وصفت من نظافة وغيرها
    (قال الشافعي) :
    وهكذا أحب لمن حضر الجمعة من عبد وصبي وغيره إلا النساء فإني أحب لهن النظافة بما يقطع الريح المتغيرة وأكره لهن الطيب وما يشهرن به من الثياب بياض، أو غيره فإن تطيبن وفعلن ما كرهت لهن لم يكن عليهن إعادة صلاة وأحب للإمام من حسن الهيئة ما أحب للناس وأكثر منه، وأحب أن يعتم فإنه كان يقال إن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    كان يعتم ولو ارتدى ببرد فإنه كان يقال:
    إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرتدي ببرد، كان أحب إلي.
    [الصلاة نصف النهار يوم الجمعة]
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال:
    أخبرني إسحاق بن عبد الله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك أنه أخبره أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يوم الجمعة يصلون حتى يخرج عمر بن الخطاب فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذن جلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذن وقام عمر سكتوا ولم يتكلم أحد،
    (قال الشافعي) :
    وحدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال حدثني ثعلبة بن أبي مالك أن قعود الإمام يقطع السبحة وأن كلامه يقطع الكلام وأنهم كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد حتى يقضي الخطبتين كلتيهما فإذا قامت الصلاة ونزل عمر تكلموا.
    (قال الشافعي)
    :
    فإذا راح الناس للجمعة صلوا حتى يصير الإمام على المنبر فإذا صار على المنبر كف منهم من كان صلى ركعتين فأكثر تكلما حتى يأخذ في الخطبة فإذا أخذ فيها أنصت استدلالا بما حكيت ولا ينهى عن الصلاة نصف النهار من حضر يوم الجمعة.
    [دخل المسجد يوم الجمعة والإمام على المنبر ولم يركع]
    من دخل المسجد يوم الجمعة والإمام على المنبر ولم يركع
    (قال الشافعي)
    : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال: «دخل رجل يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم -
    يخطب فقال له:
    أصليت؟
    قال لا قال: فصل ركعتين»

    (قال الشافعي) :
    أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله وزاد في حديث جابر وهو سليك الغطفاني
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن عياض بن عبد الله قال: رأيت أبا سعيد الخدري جاء ومروان يخطب فقام فصلى ركعتين فجاء إليه الأحراس ليجلسوه فأبي أن يجلس حتى صلى الركعتين فلما أقضينا الصلاة أتيناه فقلنا يا أبا سعيد: كاد هؤلاء أن يفعلوا بك،
    فقال:
    ما كنت لأدعها لشيء بعد شيء رأيته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء رجل وهو يخطب فدخل المسجد بهيئة بذة فقال " أصليت "؟
    قال:
    لا،
    قال:
    " فصل ركعتين " ثم حث الناس على الصدقة فألقوا ثيابا فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل منها ثوبين فلما كانت الجمعة الأخرى جاء الرجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - " أصليت "؟ قال: لا قال: " فصل ركعتين "، ثم حث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة فطرح الرجل أحد ثوبيه فصاح به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال " خذه "، فأخذه،
    ثم قال:
    رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " انظروا إلى هذا جاء تلك الجمعة بهيئة بذة فأمرت الناس بالصدقة فطرحوا ثيابا فأعطيته منها ثوبين فلما جاءت الجمعة وأمرت الناس بالصدقة فجاء فألقى أحد ثوبيه ".
    (قال الشافعي)
    :
    وبهذا نقول ونأمر من دخل المسجد والإمام يخطب والمؤذن يؤذن ولم يصل ركعتين أن يصليهما ونأمره أن يخففهما فإنه روي في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتخفيفهما
    (قال: الشافعي) :
    وسواء كان في الخطبة الأولى، أو في الآخرة فإذا دخل والإمام في آخر الكلام ولا يمكنه أن يصلي ركعتين خفيفتين قبل دخول الإمام في الصلاة فلا عليه أن لا يصليهما؛ لأنه أمر بصلاتهما حيث يمكنانه وحيث يمكنانه مخالف لحيث لا يمكنانه وأرى للإمام أن يأمره بصلاتهما ويزيد في كلامه بقدر ما يكملهما فإن لم يفعل الإمام كرهت ذلك له ولا شيء عليه وإن لم يصل الداخل في حال تمكنه فيه كرهت ذلك له ولا إعادة ولا قضاء عليه
    (قال: الشافعي) :
    وإن صلاهما وقد أقيمت الصلاة كرهت ذلك له وإن أدرك مع الإمام ركعة فقد أدرك الجمعة.
    [تخطي رقاب الناس يوم الجمعة]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    وأكره تخطي رقاب الناس يوم الجمعة قبل دخول الإمام وبعده لما فيه من الأذى لهم وسوء الأدب وبذلك أحب لشاهد الجمعة التبكير إليها مع الفضل في التبكير إليها وقد روي عن الحسن مرسلا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - آنيت وآذيت» وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    رواه أبو هريرة أنه قال:
    «ما أحب أن أترك الجمعة ولي كذا وكذا ولأن أصليها بظهر الحرة أحب إلي من أن أتخطى رقاب الناس» وإن كان دون مدخل رجل زحام وأمامه فرجة فكان تخطيه إلى الفرجة بواحد، أو اثنين رجوت أن يسعه التخطي وإن كثر كرهته له ولم أحبه إلا أنه لا يجد السبيل إلى مصلى يصلي فيه الجمعة إلا بأن يتخطى فيسعه التخطي إن شاء الله تعالى.وإن كان إذا وقف حتى تقام الصلاة تقدم من دونه حتى يصل إلى موضع تجوز فيه الصلاة كرهت له التخطي وإن فعل ما كرهت له من التخطي لم يكن عليه إعادة صلاة وإن كان الزحام دون الإمام الذي يصلي الجمعة لم أكره له من التخطي ولا من أن يفرج له الناس ما أكره للمأموم؛ لأنه مضطر إلى أن يمضي إلى الخطبة والصلاة لهم.
    [النعاس في المسجد يوم الجمعة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: كان ابن عمر يقول للرجل إذا نعس يوم الجمعة والإمام يخطب أن يتحول منه.
    (قال: الشافعي)
    :
    وأحب للرجل إذا نعس في المسجد يوم الجمعة ووجد مجلسا غيره ولا يتخطى فيه أحدا أن يتحول عنه ليحدث له القيام واعتساف المجلس ما يذعر عنه النوم وإن ثبت وتحفظ من النعاس بوجه يراه ينفي النعاس عنه فلا أكره ذلك له، ولا أحب إن رأى أنه يمتنع من النعاس إذا تحفظ أن يتحول وأحسب من أمره بالتحول إنما أمره حين غلب عليه النعاس فظن أن لن يذهب عنه النوم إلا بإحداث تحول وإن ثبت في مجلسه ناعسا كرهت ذلك له ولا إعادة عليه إذا لم يرقد زائلا عن حد الاستواء.
    [مقام الإمام في الخطبة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال:
    أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب استند إلى جذع نخلة من سواري المسجد فلما صنع له المنبر فاستوى عليه اضطربت تلك السارية كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد حتى نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعتنقها فسكنت»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    يصلي إلى جذع إذ كان المسجد عريشا وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله هل لك أن نجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة فتسمع الناس خطبتك؟
    قال:
    نعم: فصنع له ثلاث درجات فهي للآتي أعلى المنبر فلما صنع المنبر ووضع موضعه الذي وضعه فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدا للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم على المنبر فيخطب عليه فمر إليه، فلما جاوز ذلك الجذع الذي كان يخطب إليه خار حتى انصدع وانشق فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده، ثم رجع إلى المنبر» فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب فكان عنده في بيته حتى بلي وأكلته الأرضة وصار رفاتا
    (قال: الشافعي)
    :
    فبهذا قلنا لا بأس أن يخطب الإمام على شيء مرتفع من الأرض وغيرها ولا بأس أن ينزل عن المنبر للحاجة قبل أن يتكلم، ثم يعود إلى المنبر وإن نزل عن المنبر بعد ما تكلم استأنف الخطبة لا يجزئه غير ذلك؛ لأن الخطبة لا تعد خطبة إذا فصل بينها بنزول يطول، أو بشيء يكون قاطعا لها.
    [الخطبة قائما]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    قال: الله تبارك وتعالى {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما} [الجمعة: 11] الآية
    (قال: الشافعي)
    :
    فلم أعلم مخالفا أنها نزلت في خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة وكان لهم سوق يقال لها البطحاء، كانت بنو سليم يجلبون إليها الخيل والإبل والغنم والسمن فقدموا فخرج إليهم الناس وتركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان لهم لهو إذا تزوج أحد من الأنصار ضربوا بالكبر فعيرهم الله بذلك فقال {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما} [الجمعة: 11] »
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني صالح مولى التوأمة عن عبد الله بن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر أنهم كانوا يخطبون يوم الجمعة خطبتين على المنبر قياما يفصلون بينهما بجلوس حتى جلس معاوية في الخطبة الأولى فخطب جالسا وخطب في الثانية قائما» .
    (قال: الشافعي)
    :
    فإذا خطب الإمام خطبة واحدة وصلى الجمعة عاد فخطب خطبتين وصلى الجمعة فإن لم يفعل حتى ذهب الوقت صلاها ظهرا أربعا ولا يجزئه أقل من خطبتين يفصل بينهما بجلوس فإن فصل بينهما ولم يجلس لم يكن له أن يجمع، ولا يجزيه أن يخطب جالسا فإن خطب جالسا من علة أجزأه ذلك وأجزأ من خلفه وإن خطب جالسا وهم يرونه صحيحا فذكر علة فهو أمين على نفسه وكذلك هذا في الصلاة وإن خطب جالسا وهم يعلمونه صحيحا للقيام لم تجزئه ولا إياهم الجمعة وإن خطب جالسا ولا يدرون أصحيح هو، أو مريض؟ فكان صحيحا أجزأتهم صلاتهم؛ لأن الظاهر عندهم أن لا يخطب جالسا إلا مريض وإنما عليهم الإعادة إذا خطب جالسا وهم يعلمونه صحيحا، فإن علمته طائفة صحيحا وجهلت طائفة صحته أجزأت الطائفة التي لم تعلم صحته الصلاة ولم تجز الطائفة التي علمت صحته وهذا هكذا في الصلاة،
    (قال الشافعي)
    :
    وإنما قلنا هذا في الخطبة أنها ظهر إلا أن يفعل فيها فاعل على فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خطبتين يفصل بينهما بجلوس فيكون له أن يصليها ركعتين فإذا لم يفعل فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي على أصل فرضها.
    [أدب الخطبة]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    بلغنا عن سلمة بن الأكوع أنه قال: «خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبتين وجلس جلستين» وحكى الذي حدثني قال:: «استوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الدرجة التي تلي المستراح قائما ثم سلم وجلس على المستراح حتى فرغ المؤذن من الأذان، ثم قام فخطب الخطبة الأولى، ثم جلس ثم قام فخطب الخطبة الثانية» وأتبع هذا الكلام الحديث فلا أدري أحدثه عن سلمة أم شيء فسره هو في الحديث
    (قال: الشافعي)
    :
    وأحب أن يفعل الإمام ما وصفت وإن أذن المؤذن قبل ظهور الإمام على المنبر، ثم ظهر الإمام على المنبر فتكلم بالخطبة الأولى، ثم جلس، ثم قام فخطب أخرى أجزأه ذلك - إن شاء الله - لأنه قد خطب خطبتين فصل بينهما بجلوس
    (قال)
    :
    ويعتمد الذي يخطب على عصا، أو قوس، أو ما أشبههما؛ لأنه بلغنا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتمد على عصا» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: «قلت لعطاء: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم على عصا إذا خطب؟
    قال: نعم كان يعتمد عليها اعتمادا»

    (قال: الشافعي) :
    وإن لم يعتمد على عصا أحببت أن يسكن جسده ويديه إما بأن يضع اليمنى على اليسرى وإما أن يقرهما في موضعهما ساكنتين ويقل التلفت ويقبل بوجهه قصد وجهه ولا أحب أن يلتفت يمينا ولا شمالا ليسمع الناس خطبته؛ لأنه إن كان لا يسمع أحد الشقين إذا قصد بوجهه تلقاءه فهو لا يلتفت ناحية يسمع أهلها إلا خفي كلامه على الناحية التي تخالفها مع سوء الأدب من التلفت،
    (قال: الشافعي)
    :
    وأحب أن يرفع صوته حتى يسمع أقصى من حضره إن قدر على ذلك وأحب أن يكون كلامه كلاما مترسلا مبينا معربا بغير الإعراب الذي يشبه العي وغير التمطيط وتقطيع الكلام ومده وما يستنكر منه ولا العجلة فيه عن الإفهام ولا ترك الإفصاح بالقصد وأحب أن يكون كلامه قصدا بليغا جامعا
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا سعيد بن سالم ومالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر
    (قال: الشافعي) :
    وإذا فعل ما كرهت له من إطالة الخطبة، أو سوء الأدب فيها، أو في نفسه فأتى بخطبتين يفصل بينهما بجلوس لم يكن عليه إعادة وأقل ما يقع عليه اسم خطبة من الخطبتين أن يحمد الله تعالى ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقرأ شيئا من القرآن في الأولى، ويحمد الله عز ذكره ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويوصي بتقوى الله ويدعو في الآخرة؛ لأن معقولا أن الخطبة جمع بعض الكلام من وجوه إلى بعض، هذا، أوجز ما يجمع من الكلام
    (قال الشافعي) :
    وإنما أمرت بالقراءة في الخطبة أنه لم يبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب في الجمعة إلا قرأ فكان أقل ما يجوز يقال قرأ آية من القرآن وأن يقرأ أكثر منها أحب إلي وإن جعلها خطبة واحدة عاد فخطب خطبة ثانية مكانه، فإن لم يفعل ولم يخطب حتى يذهب الوقت أعاد الظهر أربعا، فإن جعلها خطبتين لم يفصل بينهما بجلوس أعاد خطبته، فإن لم يفعل صلى الظهر أربعا وإن ترك الجلوس الأول حين يظهر على المنبر كرهته ولا إعادة عليه؛ لأنه ليس من الخطبتين، ولا فصل بينهما وهو عمل قبلهما لا منهما.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (32)
    صــــــــــ 231 الى صـــــــــــ235

    [القراءة في الخطبة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال:
    حدثني عبد الله بن أبي بكر عن حبيب بن عبد الرحمن بن إساف «عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ ب {ق} [ق: 1] وهو يخطب على المنبر يوم الجمعة وأنها لم تحفظها إلا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة وهو على المنبر من كثرة ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها يوم الجمعة على المنبر»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني محمد بن أبي بكر بن حزم عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان مثله،
    قال:
    إبراهيم: ولا أعلمني إلا سمعت أبا بكر بن حزم يقرأ بها يوم الجمعة على المنبر قال: إبراهيم: وسمعت محمد بن أبي بكر يقرأ بها وهو يومئذ قاضي المدينة على المنبر
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن عمر كان يقرأ في خطبته يوم الجمعة {إذا الشمس كورت} [التكوير: 1] حتى يبلغ {علمت نفس ما أحضرت} [التكوير: 14] ثم يقطع السورة أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك بن أنس عن هشام عن أبيه أن عمر بن الخطاب قرأ بذلك على المنبر.
    (قال: الشافعي)
    :
    وبلغنا أن عليا كرم الله وجهه كان يقرأ على المنبر {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون: 1] و {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1] فلا تتم الخطبتان إلا بأن يقرأ في إحداهما آية فأكثر والذي أحب أن يقرأ ب {ق} [ق: 1] في الخطبة الأولى كما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقصر عنها وما قرأ أجزأه إن شاء الله تعالى وإن قرأ على المنبر سجدة لم ينزل ولم يسجد فإن فعل وسجد رجوت أن لا يكون بذلك بأس؛ لأنه ليس يقطع الخطبة كما لا يكون قطعا للصلاة أن يسجد فيها سجود القرآن.
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا سجد أخذ من حيث بلغ من الكلام وإن استأنف الكلام فحسن
    (قال: الشافعي) :
    وأحب أن يقدم الكلام، ثم يقرأ الآية؛ لأنه بلغنا ذلك وإن قدم القراءة ثم تكلم فلا بأس وأحب أن تكون قراءته ما وصفت في الخطبة الأولى وأن يقرأ في الخطبة الثانية آية أو أكثر منها،
    ثم يقول:
    أستغفر الله لي ولكم،
    (قال الشافعي) :
    بلغني أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كان إذا كان في آخر خطبة قرأ آخر النساء {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} [النساء: 176] إلى آخر السورة وحيث قرأ من الخطبة الأولى والآخرة فبدأ بالقراءة، أو بالخطبة، أو جعل القراءة بين ظهراني الخطبة، أو بعد الفراغ منها إذا أتى بقراءة أجزأه - إن شاء الله تعالى -.
    [كلام الإمام في الخطبة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب
    (قال الشافعي)
    :
    وحديث جابر وأبي سعيد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال:
    لرجل دخل المسجد وهو على المنبر فقال أصليت؟
    فقال:
    لا فقال فصل ركعتين»
    وفي حديث أبي سعيد فتصدق الرجل بأحد ثوبيه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " انظروا إلى هذا الذي.
    (قال الشافعي)
    :
    ولا بأس أن يتكلم الرجل في خطبة الجمعة وكل خطبة فيما يعنيه ويعني غيره بكلام الناس ولا أحب أن يتكلم فيما لا يعنيه ولا يعني الناس ولا بما يقبح من الكلام وكل ما أجزت له أن يتكلم به، أو كرهته فلا يفسد خطبته ولا صلاته.كيف استحب أن تكون الخطبة
    (قال الشافعي)
    : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا عبد العزيز عن جعفر عن أبيه عن جابر قال:
    كان النبي - صلى الله عليه وسلم -
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني إسحاق بن عبد الله عن أبان بن صالح عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    خطب يوما فقال:
    إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونستهديه ونستنصره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى حتى يفيء إلى أمر الله»

    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا عمرو «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب يوما فقال في خطبته ألا إن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر، ألا وإن الآخرة أجل صادق يقضي فيها ملك قادر، ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة، ألا وإن الشر كله بحذافيره في النار ألا فاعملوا وأنتم من الله على حذر واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره» .
    [ما يكره من الكلام في الخطبة وغيرها]
    (قال الشافعي)
    : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا إبراهيم قال:
    حدثني عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم قال: «خطب رجل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اسكت فبئس الخطيب أنت،
    ثم قال:
    النبي - صلى الله عليه وسلم - من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، ولا تقل ومن يعصهما»
    ،
    (قال: الشافعي)
    :
    فبهذا نقول فيجوز أن تقول ومن يعص الله ورسوله فقد غوى؛ لأنك أفردت معصية الله وقلت " ورسوله " استئناف كلام وقد قال: الله تبارك وتعالى {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59] وهذا وإن كان في سياق الكلام استئناف كلام
    (قال)
    :
    ومن أطاع الله فقد أطاع رسوله ومن عصى الله فقد عصى رسوله ومن أطاع رسوله فقد أطاع الله، ومن عصى رسوله فقد عصى الله؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد من عباده قام في خلق الله بطاعة الله وفرض الله تبارك وتعالى على عباده طاعته لما وفقه الله تعالى من رشده ومن قال: " ومن يعصهما " كرهت ذلك القول له حتى يفرد اسم الله عز وجل، ثم يذكر بعده اسم رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا يذكره إلا منفردا.
    (قال: الشافعي)
    :
    «وقال رجل يا رسول الله: ما شاء الله وشئت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمثلان؟ قل ما شاء الله ثم شئت»
    (قال: الشافعي) :
    وابتداء المشيئة مخالفة للمعصية؛ لأن طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعصيته تبع لطاعة الله تبارك وتعالى ومعصيته؛ لأن الطاعة والمعصية منصوصتان بفرض الطاعة من الله عز وجل فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاز أن يقال فيه من يطع الله ورسوله ومن يعص الله ورسوله لما وصفت، والمشيئة إرادة الله تعالى
    (قال: الشافعي) :
    قال: الله عز وجل {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} [التكوير: 29] فأعلم خلقه أن المشيئة له دون خلقه وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء الله عز وجل فيقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله، ثم شئت، ويقال من يطع الله ورسوله على ما وصفت من أن الله تبارك وتعالى تعبد الخلق بأن فرض طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أطيع الله بطاعة رسوله.
    (قال: الشافعي) :
    وأحب أن يخلص الإمام ابتداء الخطبة بحمد الله والصلاة على رسوله - صلى الله عليه وسلم - والعظة والقراءة ولا يزيد على ذلك،
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: قلت لعطاء ما الذي أرى الناس يدعون به في الخطبة يومئذ أبلغك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عمن بعد النبي - عليه الصلاة والسلام -؟ قال لا إنما أحدث إنما كانت الخطبة تذكيرا
    (قال الشافعي)
    :
    فإن دعا لأحد بعينه، أو على أحد كرهته ولم تكن عليه إعادة.
    [الإنصات للخطبة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال:
    «إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت»
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت»
    (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    مثل معناه إلا أنه قال:
    لغيت قال ابن عيينة لغيت لغة أبي هريرة،
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله عن مالك بن أبي عامر أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته قلما يدع ذلك إذا خطب " إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا له وأنصتوا فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للسامع المنصت فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف وحاذوا بالمناكب فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة "، ثم لا يكبر عثمان حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبروه أن قد استوت فيكبر.
    (قال: الشافعي) :
    وأحب لكل من حضر الخطبة أن يستمع لها وينصت ولا يتكلم من حين يتكلم الإمام حتى يفرغ من الخطبتين معا.
    (قال: الشافعي) :
    ولا بأس أن يتكلم والإمام على المنبر والمؤذنون يؤذنون وبعد قطعهم قبل كلام الإمام فإذا ابتدأ في الكلام لم أحب أن يتكلم حتى يقطع الإمام الخطبة الآخرة فإن قطع الآخرة فلا بأس أن يتكلم حتى يكبر الإمام، وأحسن في الأدب أن لا يتكلم من حين يبتدئ الإمام الكلام حتى يفرغ من الصلاة وإن تكلم رجل والإمام يخطب لم أحب ذلك له، ولم يكن عليه إعادة الصلاة ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلم الذين قتلوا ابن أبي الحقيق على المنبر وكلموه وتداعوا قتله، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلم الذي لم يركع وكلمه وأن لو كانت الخطبة في حال الصلاة لم يتكلم من حين يخطب، وكان الإمام أولاهم بترك الكلام الذي إنما يترك الناس الكلام حتى يسمعوا كلامه،
    (قال: الشافعي)
    :
    فإن قيل: فما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - قد لغوت؟ قيل - والله أعلم -: فأما ما يدل على ما وصفت من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلام من كلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكلامه فيدل على ما وصفت، وأن الإنصات للإمام اختيار، وأن قوله لغوت تكلم به في موضع الأدب فيه أن لا يتكلم والأدب في موضع الكلام أن لا يتكلم إلا بما يعنيه.وتخطي رقاب الناس يوم الجمعة في معنى الكلام فيما لا يعني الرجل،
    (قال: الشافعي) :
    ولو سلم رجل على رجل يوم الجمعة كرهت ذلك له ورأيت أن يرد عليه بعضهم؛ لأن رد السلام فرض
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم عن هشام بن حسان قال: لا بأس أن يسلم ويرد عليه السلام والإمام يخطب يوم الجمعة وكان ابن سيرين يرد إيماء ولا يتكلم
    (قال: الشافعي)
    :
    ولو عطس رجل يوم الجمعة فشمته رجل رجوت أن يسعه؛ لأن التشميت سنة
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد عن هشام عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا عطس الرجل والإمام يخطب يوم الجمعة فشمته»
    (قال: الشافعي) :
    وكذلك إذا أراد أن يأتيه رجل فأومأ إليه فلم يأته فلا بأس أن يتكلم وكذلك لو خاف على أحد، أو جماعة لم أر بأسا إذا لم يفهم عنهم بالإيماء أن يتكلم والإمام يخطب
    (قال: الشافعي) :
    ولا بأس إن خاف شيئا أن يسأل عنه ويجيبه بعض من عرف إن سأل عنه وكل ما كان في هذا المعنى فلا بأس بذلك للإمام وغيره ما كان مما لا يلزم المرء لأخيه ولا يعنيه في نفسه فلا أحب الكلام به، وذلك أن يقول له أنصت، أو يشكو إليه مصيبة نزلت، أو يحدثه عن سرور حدث له، أو غائب قدم، أو ما أشبه هذا؛ لأنه لا فوت على واحد منهما في علم هذا ولا ضرر عليه في ترك إعلامه إياه
    (قال: الشافعي) :
    وإن عطش الرجل فلا بأس أن يشرب والإمام على المنبر فإن لم يعطش فكان يتلذذ بالشراب كان أحب إلي أن يكف عنه.من لم يسمع الخطبة
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ومن لم يسمع الخطبة أحببت له من الإنصات ما أحببته للمستمع،
    (قال: الشافعي) :
    وإذا كان لا يسمع من الخطبة شيئا فلا أكره أن يقرأ في نفسه ويذكر الله تبارك اسمه ولا يكلم الآدميين
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم عن هشام عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يذكر الله في نفسه بتكبير وتهليل وتسبيح،
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم قال: لا أعلمه إلا أن منصور بن المعتمر أخبرني أنه سأل إبراهيم أيقرأ والإمام يخطب يوم الجمعة وهو لا يسمع الخطبة؟ فقال عسى أن لا يضره
    (قال: الشافعي) :
    ولو فعل هذا من سمع خطبة الإمام لم تكن عليه إعادة ولو أنصت للاستماع كان حسنا.
    [الرجل يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة]
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    قال: الله تبارك وتعالى {إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا} [المجادلة: 11]
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا ابن عيينة عن عبيد الله بن عمر بن نافع عن ابن عمر قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يخلفه فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا»
    (قال: الشافعي) :
    وأكره للرجل من كان إماما، أو غير إمام أن يقيم رجلا من مجلسه، ثم يجلس فيه ولكن نأمرهم أن يتفسحوا.
    (قال: الشافعي)
    :
    ولا يجوز أن يقام الرجل إلا أن يجلس الرجل حيث يتيسر له إما في موضع مصلى الإمام وإما في طريق عامة فأما أن يستقبل المصلين بوجهه في ضيق المسجد وكثرة من المصلين ولا يحول بوجهه عن استقبال المصلين فإن كان ذلك ولا ضيق على المصلين فيه فلا بأس أن يستقبلهم بوجهه ويتنحون عنه، وأحسن في الأدب أن لا يفعل ومن فعل من هذا ما كرهت له فلا إعادة عليه للصلاة
    (قال: الشافعي)
    :
    وبهذا نأخذ فمن عرض له ما يخرجه، ثم عاد إلى مجلسه أحببت لمن جلس فيه أن يتنحى عنه،
    (قال: الشافعي) :
    وأكره للرجل أن يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة وغيره ويجلس فيه ولا أرى بأسا إن كان رجل إنما جلس لرجل ليأخذ له مجلسا أن يتنحى عنه؛ لأن ذلك تطوع من المجالس وكذلك إن جلس لنفسه، ثم تنحى عنه بطيب من نفسه وأكره ذلك للجالس إلا أن يكون يتنحى إلى موضع شبيه به في أن يسمع الكلام ولا أكرهه للجالس الآخر؛ لأنه بطيب نفس الجالس الأول ومن فعل من هذا ما كرهت له فلا إعادة للجمعة
    عليه، (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    قال:
    «إذا قام أحدكم من مجلسه يوم الجمعة، ثم رجع إليه فهو أحق به» ،
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يعمد الرجل إلى الرجل فيقيمه من مجلسه، ثم يقعد فيه» ،
    أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال:
    قال سليمان بن موسى عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل أفسحوا» .
    [الاحتباء في المسجد يوم الجمعة والإمام على المنبر]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرني من لا أتهم عن نافع عن ابن عمر أنه كان يحتبي والإمام يخطب يوم الجمعة
    (قال الشافعي) :
    والجلوس والإمام على المنبر يوم الجمعة كالجلوس في جميع الحالات إلا أن يضيق الرجل على من قاربه فأكره ذلك وذلك أن يتكئ فيأخذ أكثر مما يأخذ الجالس، ويمد رجليه أو يلقي يديه خلفه فأكره هذا لأنه يضيق إلا أن يكون برجله علة فلا أكره له من هذا شيئا، وأحب له إذا كانت به علة أن يتنحى إلى موضع لا يزدحم الناس عليه فيفعل من هذا ما فيه الراحة لبدنه بلا ضيق على غيره.
    [القراءة في صلاة الجمعة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي لبيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الجمعة بسورة الجمعة، والمنافقين»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع «عن أبي هريرة أنه قرأ في الجمعة بسورة الجمعة،
    وإذا جاءك المنافقون فقال عبيد الله:
    فقلت له: قرأت بسورتين كان علي - رضي الله تعالى عنه - يقرأ بهما في الجمعة فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بهما»

    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني مسعر بن كدام عن معبد بن خالد عن سمرة بن جندب «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ في الجمعة {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] و {هل أتاك حديث الغاشية} [الغاشية: 1] »
    (قال الشافعي) :
    أحب أن يقرأ يوم الجمعة في الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون لثبوت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - بهما، وتواليهما في التأليف، وإذ كان من يحضر الجمعة بفرض الجمعة، وما نزل في المنافقين.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (33)
    صــــــــــ 236 الى صـــــــــــ240


    (قال الشافعي) :
    وما قرأ به الإمام يوم الجمعة، وغيرها من أم القرآن، وآية أجزأه، وإن اقتصر على أم القرآن أجزأه، ولم أحب ذلك له.
    (قال الشافعي) :
    وحكاية من حكى السورتين اللتين قرأ بهما النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجمعة تدل على أنه جهر بالقراءة، وأنه صلى الجمعة ركعتين، وذلك ما لا اختلاف فيه علمته فيجهر الإمام بالقراءة في الجمعة، ويصليها ركعتين إذا كانت جمعة فإن صلاها ظهرا خافت بالقراءة وصلى أربعا
    (قال الشافعي)
    :
    وإن خافت بالقراءة في الجمعة أو غيرها مما يجهر فيه بالقراءة أو جهر بالقراءة فيما يخافت فيه بالقراءة من الصلاة كرهت ذلك له، ولا إعادة، ولا سجود للسهو عليه
    (قال الشافعي)
    :
    وإن بدأ الإمام يوم الجمعة فقرأ بسورة المنافقين في الركعة الأولى قبل أم القرآن عاد فقرأ أم القرآن قبل أن يركع أجزأه أن يركع بها، ولا يعيد سورة المنافقين، ولو قرأ معها بشيء من الجمعة كان أحب إلي، ويقرأ في الركعة الثانية بسورة الجمعة.
    [القنوت في الجمعة]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    حكى عدد صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمعة فما علمت أحدا منهم حكى أنه قنت فيها إلا أن تكون دخلت في جملة قنوته في الصلوات كلهن حين قنت على قتلة أهل بئر معونة، ولا قنوت في شيء من الصلوات إلا الصبح إلا أن تنزل نازلة فيقنت في الصلوات كلهن إن شاء الإمام
    [من أدرك ركعة من الجمعة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال:
    «من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة» (
    قال الشافعي)
    :
    فكان أقل ما في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «فقد أدرك الصلاة» إن لم تفته الصلاة
    (قال الشافعي) :
    ومن لم تفته الصلاة صلى ركعتين
    (قال الشافعي) :
    ، ومن أدرك ركعة من الجمعة بنى عليها ركعة أخرى، وأجزأته الجمعة، وإدراك الركعة أن يدرك الرجل قبل رفع رأسه من الركعة فيركع معه، ويسجد فإن أدركه، وهو راكع فكبر ثم لم يركع معه حتى يرفع الإمام رأسه من الركعة، ويسجد معه لم يعتد بتلك الركعة، وصلى الظهر أربعا.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن ركع، وشك في أن يكون تمكن راكعا قبل أن يرفع الإمام رأسه لم يعتد بتلك الركعة وصلى الظهر أربعا إذا لم يدرك معه ركعة غيرها.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن ركع مع الإمام ركعة، وسجد سجدتين ثم شك في أن يكون سجد سجدتين مع الإمام أو سجدة سجد سجدة، وصلى ثلاث ركعات حتى يكمل الظهر أربعا لأنه لا يكون مدركا لركعة بكمالها إلا بأن يسجد سجدتين وكذلك لو أدرك مع الإمام ركعة ثم أضاف إليها أخرى ثم شك في سجدة لا يدري أهي من الركعة التي كانت مع الإمام أم الركعة التي صلى لنفسه كان مصليا ركعة، وقاضيا ثلاثا، ولا يكون له جمعة حتى يعلم أن قد صلى مع الإمام ركعة بسجدتين
    [الرجل يركع مع الإمام ولا يسجد معه يوم الجمعة وغيرها]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المأمومين أن يركعوا إذا ركع الإمام، ويتبعوه في عمل الصلاة فلم يكن للمأموم أن يترك اتباع الإمام في عمل الصلاة
    (قال الشافعي) :
    «وصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف بعسفان فركع، وركعوا، وسجد فسجدت طائفة، وحرسته أخرى حتى قام من سجوده ثم تبعته بالسجود مكانها حين قام»
    (قال الشافعي) :
    فكان بينا، والله تعالى أعلم في سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن على المأموم اتباع الإمام ما لم يكن للمأموم عذر يمنعه اتباعه، وأن له إذا كان له عذر أن يتبعه في وقت ذهاب العذر
    (قال الشافعي) :
    فلو أن رجلا مأموما في الجمعة ركع مع الإمام ثم زحم فلم يقدر على السجود بحال حتى قضى الإمام سجوده تبع الإمام إذا قام الإمام فأمكنه أن يسجد سجد وكان مدركا للجمعة إذا صلى الركعة التي بقيت عليه، وهكذا لو حبسه حابس من مرض لم يقدر معه على السجود أو سهو أو نسيان أو عذر ما كان.
    (قال الشافعي) :
    وإن كان إدراكه الركعة الآخرة، وسلم الإمام قبل يمكنه السجود سجد وصلى الظهر أربعا لأنه لم يدرك مع الإمام ركعة بكمالها.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن أدرك الأولى، ولم يمكنه السجود حتى ركع الإمام الركعة الثانية لم يكن له أن يسجد للركعة الأولى إلا أن يخرج من إمامة الإمام فإن سجد خرج من إمامة الإمام لأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما سجدوا للركعة التي وقفوا عن السجود لها بالعذر بالحراسة قبل الركعة الثانية
    (قال الشافعي) :
    ويتبع الإمام فيركع معه، ويسجد، ويكون مدركا معه الركعة، ويسقط عنه واحدة، ويضيف إليها أخرى ولو ركع معه، ولم يسجد حتى سلم الإمام سجد سجدتين، وكان مصليا ركعة، ويبني عليها ثلاثا لأنه لم يأت مع الإمام بركعة بكمالها.
    (قال الشافعي) :
    فإن أمكنه أن يسجد على ظهر رجل فتركه بغير عذر خرج من صلاة الإمام فإن صلى لنفسه أجزأته ظهرا، وإن لم يفعل، وصلى مع الإمام أعاد الظهر، ولا يكون له أن يمكنه مع الإمام ركوع ولا سجود فيدعه بغير عذر ولا سهو إلا خرج من صلاة الإمام، ولو جاز أن يكون رجل خلف الإمام يمكنه الركوع، والسجود، ولا عذر له لم يكن به غير خارج من صلاة الإمام جاز أن يدع ذلك ثلاث ركعات، ويركع في الرابعة فيكون كمبتدئ الصلاة حين ركع، وسجد معه، ويدع ذلك أربع ركعات ثم يركع، ويسجد فيتبع الإمام في الركعة التي قبل سجوده.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو سها عن ركعة اتبع الإمام ما لم يخرج الإمام من صلاته بالركوع والسجود أو يركع الإمام ثانية فإذا ركع ثانية ركعها معه، وقضى التي سها عنها، ولو خرج الإمام من صلاته، وسها عن ثلاث ركعات، وقد جهر الإمام في ركعتين ركع وسجد بلا قراءة،
    واجتزأ بقراءة الإمام في ركعة في قول من قال:
    لا يقرأ خلف الإمام فيما يجهر فيه الإمام ثم قرأ لنفسه فيما بقي ولم يجزه غير ذلك، ولو كان فيما يخافت فيه الإمام فإن كان قرأ اعتد بقراءته في ركعة وإن لم يكن قرأ لم يعتد بها، ويقرأ فيما بقي بكل حال لا يجزئه غير ذلك
    [الرجل يرعف يوم الجمعة]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    وإذا دخل الرجل في صلاة الإمام يوم الجمعة حضر الخطبة أو لم يحضرها فسواء فإن رعف الرجل الداخل في صلاة الإمام بعد ما يكبر مع الإمام فخرج يسترعف فأحب الأقاويل إلي فيه أنه قاطع للصلاة، ويسترعف، ويتكلم فإن أدرك مع الإمام ركعة أضاف إليها أخرى، وإلا صلى الظهر أربعا، وهذا قول المسور بن مخرمة، وهكذا إن كان بجسده أو ثوبه نجاسة فخرج فغسلها، ولا يجوز أن يكون في حال لا تحل فيها الصلاة ما كان بها ثم يبني على صلاته، والله تعالى أعلم
    (قال الشافعي) :
    وإن رجع وبنى على صلاته رأيت أن يعيد، وإن استأنف صلاته بتكبيرة افتتاح كان حينئذ داخلا في الصلاة.
    [رعاف الإمام وحدثه]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    أصل ما نذهب إليه أن صلاة الإمام إذا فسدت لم تفسد صلاة من خلفه فإذا كبر الإمام يوم الجمعة ثم رعف أو أحدث فقدم رجلا أو تقدم الرجل بغير أمره بأمر الناس أو غير أمرهم، وقد كان المتقدم دخل في صلاة الإمام المحدث قبل أن يحدث كان الإمام المقدم الآخر يقوم مقام الإمام الأول، وكان له أن يصلي بهم ركعتين، وتكون له ولهم الجمعة.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو دخل المتقدم مع الإمام في أول صلاته أو بعد ما صلى ركعة فرعف الإمام قبل الركوع أو بعده وقبل السجود فانصرف، ولم يقدموا أحدا فصلوا وحدانا فمن أدرك منهم مع الإمام ركعة بسجدتين أضاف إليها أخرى وكانت له جمعة، ومن لم يدرك ركعة بسجدتين كاملتين صلى الظهر أربعا.
    (قال الشافعي) :
    ولو أن الإمام يوم الجمعة رعف فخرج، ولم يركع ركعة، وقدم رجلا لم يدرك التكبيرة فصلى بهم ركعتين أعادوا الظهر أربعا لأنه ممن لم يدخل معه في الصلاة حتى خرج الإمام من الإمامة، وهذا مبتدئ ظهرا أربعا لا يجهر فيها بالقراءة ولو صلى الإمام بهم جنبا أو على غير وضوء الجمعة أجزأتهم، وكان عليه أن يعيد ظهرا أربعا لنفسه.
    (قال الشافعي) :
    ولو أعاد الخطبة ثم صلى بطائفة الجمعة لم يكن له ذلك، وكان عليه أن يعود فيصلي ظهرا أربعا،
    (قال الشافعي) :
    فإن فعل فذكر وهو في الصلاة أن عليه الظهر فوصلها ظهرا فقد دخلها بغير نية صلاة أربع فأحب إلي أن يبتدئ الظهر أربعا، وقد يخالف المسافر يفتتح ينوي القصر ثم يتم لأنه كان للمسافر أن يقصر، ويتم، والمسافر نوى الظهر بعينها فهو داخل في نية فرض الصلاة والمصلي الجمعة لم ينو الظهر بحال إنما نوى الجمعة التي فرضها ركعتان إذا كانت جمعة، والذي ليس له أن يصليها جمعة أربعا فإن أتمها ظهرا أربعا رجوت أن لا يضيق عليه إن شاء الله تعالى، وما أحب أن يفعل ذلك بحال، وإنما لم يتبين لي إيجاب الإعادة عليه لأن الرجل قد يدخل مع الإمام ينوي الجمعة، ولا يكمل له ركعة فتجري عليه أن يبني على صلاته مع الإمام ظهرا، وإن كان هذا قد يخالفه في أنه مأموم تبع الإمام لم يؤت من نفسه، والأول إمام عمد فعل نفسه، ولو أحدث الإمام الذي خطب بعد ما كبر فقدم رجلا كبر معه، ولم يدرك الخطبة فصلى ركعة ثم أحدث فقدم رجلا أدرك معه الركعة صلى ركعة ثانية فكانت له ولمن أدرك معه الركعة الأخيرة جمعة، وإن قدم رجلا لم يدرك معه الركعة الأولى، وقد كبر معه صلى بهم ركعة ثم تشهد، وقدم من أدرك أول الصلاة فسلم، وقضى لنفسه ثلاثا لأنه لم يدرك مع الإمام ركعة حتى صار إمام نفسه وغيره.
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا رعف الإمام أو أحدث أو ذكر أنه جنب أو على غير وضوء فخرج يسترعف أو يتطهر ثم رجع استأنف الصلاة، وكان كالمأموم غيره فإن أدرك مع الإمام المقدم بعده ركعة أضاف إليها أخرى، وكانت له جمعة، وإن لم يدرك معه ركعة صلى الظهر أربعا
    [التشديد في ترك الجمعة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «من ترك الجمعة من غير ضرورة كتب منافقا في كتاب لا يمحى، ولا يبدل» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عمرو عن عبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي الجعد الضمري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    أنه قال:
    «لا يترك أحد الجمعة ثلاثا تهاونا بها إلا طبع الله على قلبه» (قال الشافعي) : في بعض الحديث ثلاثا ولاء
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح بن كيسان عن عبيدة بن سفيان قال: سمعت عمرو بن أمية الضمري يقول: لا يترك رجل مسلم الجمعة ثلاثا تهاونا بها لا يشهدها إلا كتب من الغافلين.
    (قال الشافعي)
    : حضور الجمعة فرض فمن ترك الفرض تهاونا كان قد تعرض شرا إلا أن يعفو الله كما لو أن رجلا ترك صلاة حتى يمضي وقتها كان قد تعرض شرا إلا أن يعفو الله.
    [ما يؤمر به في ليلة الجمعة ويومها]
    (قال الشافعي)
    : - رحمه الله تعالى -
    بلغنا عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإني أبلغ وأسمع» قال، ويضعف فيه الصدقة، وليس مما خلق الله من شيء فيما بين السماء والأرض يعني غير ذي روح إلا وهو ساجد لله تعالى في عشية الخميس ليلة الجمعة فإذا أصبحوا فليس من ذي روح إلا روحه روح في حنجرته مخافة إلى أن تغرب الشمس فإذا غربت الشمس أمنت الدواب، وكل شيء كان فزعا منها غير الثقلين
    (قال الشافعي)
    :
    وبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «أقربكم مني في الجنة أكثركم علي صلاة فأكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء، واليوم الأزهر» .
    (قال الشافعي)
    :
    يعني، والله تعالى أعلم يوم الجمعة
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا كان يوم الجمعة، وليلة الجمعة فأكثروا الصلاة علي»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    قال: «أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة» (قال الشافعي) : وبلغنا أن من قرأ سورة الكهف وقي فتنة الدجال
    (قال الشافعي) :
    وأحب كثرة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل حال، وأنا في يوم الجمعة، وليلتها أشد استحبابا، وأحب قراءة الكهف ليلة الجمعة، ويومها لما جاء فيها.
    [ما جاء في فضل الجمعة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال:
    حدثني موسى بن عبيدة قال: حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أنس بن مالك يقول: «أتى جبريل بمرآة بيضاء فيها وكتة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هذه؟ فقال هذه الجمعة فضلت بها أنت، وأمتك فالناس لكم فيها تبع اليهود، والنصارى، ولكم فيها خير، وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له، وهو عندنا يوم المزيد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يا جبريل، وما يوم المزيد؟
    فقال:
    إن ربك اتخذ في الفردوس، واديا أفيح فيه كثب مسك فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله تبارك وتعالى ما شاء من ملائكته، وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين، والصديقين، وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت، والزبرجد عليها الشهداء، والصديقون فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب فيقول الله عز وجل أنا ربكم قد صدقتكم، وعدي فسلوني أعطكم فيقولون ربنا نسألك رضوانك فيقول الله عز وجل قد رضيت عنكم، ولكم ما تمنيتم، ولدي مزيد فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير، وهو اليوم الذي استوى فيه ربك تبارك اسمه على العرش، وفيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة» ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبو عمران إبراهيم بن الجعد عن أنس بن مالك شبيها به.وزاد عليه «، ولكم فيه خير من دعا فيه بخير هو له قسم أعطيه فإن لم يكن له قسم ذخر له ما هو خير منه» ، وزاد أيضا فيه أشياء. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل عن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد عن أبيه عن جده «أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
    فقال:
    يا رسول الله أخبرنا عن يوم الجمعة ماذا فيه من الخير؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه خمس خلال فيه خلق آدم، وفيه أهبط الله عز وجل آدم - عليه السلام - إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئا إلا آتاه الله تعالى إياه ما لم يسأل مأثما أو قطيعة رحم، وفيه تقوم الساعة، وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض، ولا جبل إلا وهو مشفق من يوم الجمعة»

    (قال الشافعي) :
    أخبرنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    ذكر يوم الجمعة فقال:
    فيه ساعة لا يوافقها إنسان مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه، وأشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده يقللها»
    ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق الله تبارك وتعالى آدم - عليه السلام -، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه إياه» .
    قال أبو هريرة قال عبد الله بن سلام هي آخر ساعة في يوم الجمعة فقلت له: وكيف تكون آخر ساعة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " لا يصادفها عبد مسلم، وهو يصلي "، وتلك ساعة لا يصلى فيها؟
    فقال عبد الله بن سلام:
    ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي؟» قال: فقلت بلى قال: فهو ذلك.
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «سيد الأيام يوم الجمعة»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبي أن ابن المسيب قال: أحب الأيام إلي أن أموت فيه ضحى يوم الجمعة.
    [السهو في صلاة الجمعة]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    والسهو في صلاة الجمعة كالسهو في غيرها، فإن سها الإمام فقام في موضع الجلوس عاد فجلس، وتشهد، وسجد للسهو


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (34)
    صــــــــــ 240 الى صـــــــــــ245



    [كتاب صلاة الخوف]
    ، وهل يصليها المقيم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال الله تبارك وتعالى {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح} [النساء: 101] الآية
    (قال الشافعي) :
    فأذن الله عز وجل بالقصر في الخوف، والسفر وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان فيهم يصلي لهم صلاة الخوف أن يصلي فريق منهم بعد فريق فكانت صلاة الخوف مباحة للمسافر، والمقيم بدلالة كتاب الله عز وجل ثم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    (قال الشافعي)
    :
    فللمسافر، والمقيم إذا آن الخوف أن يصليها صلاة الخوف، وليس للمقيم أن يصليها إلا بكمال عدد صلاة المقيم، وللمسافر أن يقصر في صلاة الخوف إن شاء للسفر، وإن أتم فصلاته جائزة، وأختار له القصر. .
    [كيفية صلاة الخوف]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    قال الله تبارك وتعالى {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى} [النساء: 102] الآية، أخبرنا مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات بن جبير عمن صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع «صلاة الخوف أن طائفة صفت معه، وطائفة، وجاء العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا، وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت عليه ثم ثبت جالسا، وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم»
    (قال الشافعي) :
    وأخبرني من سمع عبد الله بن عمر بن حفص يخبر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات بن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل هذا الحديث أو مثل معناه لا يخالفه
    (قال الشافعي) :
    فكان بينا في كتاب الله عز وجل أن يصلي الإمام بطائفة فإذا سجد كانوا من ورائه، وجاءت طائفة أخرى لم يصلوا فصلوا معه، واحتمل قول الله عز وجل " فإذا سجدوا " إذا سجدوا ما عليهم من سجود الصلاة كله، ودلت على ذلك سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع دلالة كتاب الله عز وجل فإنه ذكر انصراف الطائفتين والإمام من الصلاة، ولم يذكر على واحد منهما قضاء
    (قال الشافعي) :
    ورويت أحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف حديث صالح بن خوات أوفق ما يثبت منها لظاهر كتاب الله عز وجل فقلنا به
    (قال الشافعي) :
    فإذا صلى الإمام صلاة الخوف صلى كما وصفت بدلالة القرآن ثم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    (قال الشافعي)
    :
    فإذا صلى بهم صلاة الخوف مسافر فكل طائفة هكذا يصلي بالطائفة الأولى ركعة ثم يقوم فيقرأ فيطيل القراءة، وتقرأ الطائفة الأولى لأنفسها لا يجزيها غير ذلك لأنها خارجة من إمامته بأم القرآن وسورة إلى القصر، وتخفف ثم تركع، وتسجد، وتتشهد، وتكمل حدودها كلها وتخفف ثم تسلم فتأتي الطائفة الثانية فيقرأ الإمام بعد إتيانهم قدر أم القرآن وسورة قصيرة لا يضره أن لا يبتدئ أم القرآن إذا كان قد قرأ في الركعة التي أدركوها بعد أم القرآن ثم يركع، ويركعون معه، ويسجد فإذا انقضى السجود قاموا فقرءوا لأنفسهم بأم القرآن، وسورة قصيرة، وخففوا ثم جلسوا معه، وجلس قدر ما يعلمهم قد تشهدوا، ويحتاط شيئا حتى يعلم أن أبطأهم تشهدا قد أكمل التشهد أو زاد ثم يسلم بهم، ولو كان قرأ أم القرآن، وسورة قبل أن يدخلوا معه ثم ركع بهم حين يدخلون معه قبل أن يقرأ أو يقرءوا شيئا أجزأه، وأجزأهم ذلك، وكانوا كقوم أدركوا ركعة مع الإمام، ولم يدركوا قراءته، وأحب إلي أن يقرءوا بعدما يكبرون معه كما تقدم بأم القرآن، وسورة خفيفة فإذا كانت الصلاة التي يصليها بهم الإمام مما لا يجهر الإمام فيها بالقراءة لم يجز الطائفة الأولى إلا أن تقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن أو أم القرآن، وزيادة معها إذا أمكنهم أن يقرءوا، ولم يجز الطائفة الثانية إذا أدركت مع الإمام ما يمكنها فيه قراءة أم القرآن إلا أن تقرأ بأم القرآن أو أم القرآن وشيء معها بكل حال.
    (قال الشافعي) :
    وإذا كانت صلاة الخوف في الحضر لا يجهر فيها لم يجز واحدة من الطائفتين ركعة لا يقرأ فيها بأم القرآن إلا من أدرك الإمام في أول ركعة له في وقت لا يمكنه فيه أن يقرأ بأم القرآن
    (قال الشافعي) :
    وإذا كانت صلاة خوف أو غير خوف يجهر فيها بأم القرآن فكل ركعة جهر فيها بأم القرآن ففيها قولان: أحدهما لا يجزئ من صلى معه إذا أمكنه أن يقرأ إلا أن يقرأ بأم القرآن، والثاني يجزئه أن لا يقرأ، ويكتفي بقراءة الإمام، وإذا كانت الصلاة أربعا أو ثلاثا لم يجزه في واحد من القولين في الركعتين الآخرتين أو الركعة الآخرة إلا أن يقرأ بأم القرآن أو يزيد، ولا يكتفي بقراءة الإمام.
    (قال الشافعي) :
    وإذا صلى الإمام بالطائفة الأولى فقرأ السجدة فسجد، وسجدوا معه ثم جاءت الطائفة الثانية لم يسجدوا تلك السجدة لأنهم لم يكونوا في صلاة كما لو قرأ في الركعة الآخرة بسجدة فسجدت الطائفة الآخرة لم يكن على الأولى أن تسجد معهم لأنهم ليسوا معه في صلاة.انتظار الإمام الطائفة الثانية
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    وإذا صلى الإمام مسافرا المغرب صلى بالطائفة الأولى ركعتين فإن قام، وأتموا لأنفسهم فحسن، وإن ثبت جالسا، وأتموا لأنفسهم ثم قام فصلى الركعة الباقية عليه بالذين خلفه الذين جاءوا بعد فجائز إن شاء الله تعالى، وأحب الأمرين إلي أن يثبت قائما لأنه إنما حكي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثبت قائما» ، وإنما اخترت أن يطيل في القراءة لتدرك الركعة معه الطائفة الثانية لأنه إنما حكيت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخوف ركعتين، ولم تحك المغرب ولا صلاة خوف في حضر إلا بالخندق قبل أن تنزل صلاة الخوف فكان قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه في موضع قيام حين قضي السجود، ولم يكن له جلوس فيكون في موضع جلوس
    (قال الشافعي) :
    فإذا كان يصلي بالطائفة المغرب ركعتين ثم تأتي الأخرى فيصلي بها ركعة، وإنما قطعت الأولى إمامة الإمام، وصلاتهم لأنفسهم في موضع جلوس الإمام فيجوز أن يجلس كما جاز للإمام وكان عليه أن يقوم إذا قطعوا إمامته في موضع قيام.
    (قال الشافعي)
    :
    وهكذا إذا صلى بهم صلاة الخوف في حضر أو سفر أربعا فله أن يجلس في مثنى حتى يقضي من خلفه صلاتهم، ويكون في تشهد وذكر الله تعالى ثم يقوم فيتم بالطائفة الثانية
    (قال الشافعي) :
    ولو صلى المغرب فصلى بالطائفة الأولى ركعة، وثبت قائما فأتموا لأنفسهم ثم صلى بالثانية ركعتين أجزأه إن شاء الله تعالى، وأكره ذلك له لأنه إذا كان معه في الصلاة فرقتان صلاة إحداهما أكثر من صلاة الأخرى فأولاهما أن يصلي الأكثر مع الإمام الطائفة الأولى، ولو أن الإمام صلى صلاة عددها ركعتان في خوف فصلى بالأولى ركعة ثم ثبت جالسا، وأتموا لأنفسهم ثم قام بالطائفة التي خلفه ركعة فإن كان جلوسه لسهو فصلاته وصلاة من خلفه تامة، ويسجد للسهو، وإن كان جلوسه لعلة فصلاتهم جائزة لا سجود للسهو عليه، وإن كان لغير علة، ولا سهو فجلس قليلا لم تفسد صلاته، وإن جلس فأطال الجلوس فعليه عندي إعادة الصلاة فإن جاءت الطائفة الأخرى، وهو جالس فقام، فأتم بهم، وهو قائم فمن كان منهم عالما بإطالة الجلوس لغير علة، ولا سهو ثم دخل معه فعليه عندي الإعادة لأنه عالم بأنه دخل معه، وهو عالم أن الإمام قد خرج من الصلاة، ولم يستأنف تكبير افتتاح يستأنف به الصلاة كما يكون على من علم أن رجلا افتتح الصلاة بلا تكبير أو صنع فيها شيئا يفسدها، وصلى وراءه أن يقضي صلاته،
    ومن لم يعلم ما صنع ممن صلى وراءه من الطائفة فصلاته تامة كما يكون من صلى خلف رجل على غير وضوء أو مفسد لصلاته بلا علم منه تام الصلاة " قال أبو محمد:
    وفيها قول آخر إذا كان الإمام قد أفسد الصلاة عامدا فصلاة من خلفه، علم بإفسادها أو لم يعلم باطلة لأنا إنما أجزنا صلاته خلف الإمام لم يعمد فسادها لأن عمر قضى، ولم يقض الذين صلوا خلفه وعمر إنما قضى ساهيا "
    (قال الشافعي) :
    فإن قيل: وقد لا يكون عالما بأن هذا يفسد صلاة الإمام قيل: وكذلك لا يكون عالما بأن ترك الإمام التكبير للافتتاح وكلامه يفسد صلاته ثم لا يكون معذورا بأن يصلي وراءه إذا فعل بعض هذا
    (قال الشافعي) :
    ولا تفسد صلاة الطائفة الأولى لأنهم خرجوا من صلاة الإمام قبل أن يحدث ما يفسدها، ولو كان كبر قائما تكبيرة ينوي بها الافتتاح بعد جلوسه تمت صلاة الطائفة الأولى لأنهم خرجوا من صلاته قبل يفسدها، والطائفة الثانية لأنهم لم يدخلوا في صلاته حتى افتتح صلاة مجزئة عنه، وأجزأت عنه هذه الركعة، وعمن خلفه.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو صلى إمام صلاة الخوف في الحضر ففرق الناس أربع فرق فصلى بفرقة ركعة، وثبت قائما، وأتموا لأنفسهم ثم فرقة ركعة ثم ثبت قائما، وأتموا لأنفسهم ثم فرقة ركعة، وثبت جالسا،
    وأتموا لأنفسهم كان فيها قولان:
    أحدهما أنه أساء، ولا إعادة عليه، ولا على من خلفه والثاني أن صلاة الإمام تفسد، وتتم صلاة الطائفة الأولى لأنها خرجت من صلاته قبل تفسد صلاته، وكذلك صلاة الطائفة الثانية لأنها خرجت من قبل فساد صلاته لأن له في الصلاة انتظارا واحدا بعده آخر، وتفسد صلاة من علم من الطائفتين الأخريين ما صنع وأتم به بعد علمه، ولا تفسد صلاة من لم يعلم ما صنع، ولا يكون له أن ينتظر في الصلاة إلا انتظارين، الآخر منهما، وهو جالس فيسلم منه.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن صلى بطائفة ثلاث ركعات، وطائفة ركعة كرهت ذلك له، ولا تفسد صلاته، ولا صلاتهم لأنه إذا كان للطائفة الأولى أن تصلي معه ركعتين، وتخرج من صلاته كانت إذا صلت ثلاثا، وخرجت من صلاته قد خرجت بعدما زادت، وإن ائتمت به في ركعة من فرض صلاتها لم تفسد صلاة الإمام أنه انتظر انتظارا واحدا، وتمت صلاة الطائفة الآخرة، وعليه وعلى الطائفة الآخرة سجود السهو لأنه وضع الانتظار في غير موضعه.
    (قال الشافعي)
    :
    فالإمام يصلي بالطائفة الأولى في المغرب ركعة،
    وبالثانية ركعتين قال: لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالطائفة الأولى في السفر صلاة المغرب ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم صلى بالطائفة الثانية ركعة، وتشهد» فكان انتظاره الطائفة الثانية أكثر من انتظاره الطائفة الأولى.
    [تخفيف القراءة في صلاة الخوف]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ، ويقرأ الإمام في صلاة الخوف بأم القرآن، وسورة قدر {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] ، وما أشبهها في الطول للتخفيف في الحرب، وثقل السلاح، ولو قرأ {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1] في الركعة الأولى أو قدرها من القرآن لم أكره ذلك له، وإذا قام في الركعة الثانية، ومن خلفه يقضون قرأ بأم القرآن، وسورة طويلة، وإن أحب جمع سورا حتى يقضي من خلفه صلاتهم تفتتح الطائفة الأخرى خلفه، ويقرأ بعد افتتاحهم أقل ذلك قدر أم القرآن، ويحتاط إذا كان مما لا يجهر فيه ليقرءوا بأم القرآن، ولو زاد في قراءته ليزيدوا على أم القرآن كان أحب إلي
    (قال الشافعي)
    :
    فإن لم يفعل فافتتحوا معه وأدركوه راكعا كما أجزأه، وأجزأتهم صلاتهم وكانوا كمن أدرك ركعة في أول صلاته مع الإمام.
    (قال الشافعي)
    :
    ويقنت في صلاة الصبح في صلاة الخوف، ولا يقنت في غيرها لأنه لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت في صلاة الخوف قنوته في غيرها، وإن فعل فجائز لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قنت في الصلوات عند قتل أهل بئر معونة»
    (قال الشافعي)
    :
    فإن قال قائل كيف صارت الركعة الآخرة في صلاة الخوف أطول من الأولى، وليست كذلك في غير صلاة الخوف؟ قيل بدلالة كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وتفريق الله عز وجل بين صلاة الخوف وغيرها من الصلوات فليس للمسألة عن خلاف الركعة الآخرة من صلاة الخوف الركعة الآخرة من غيرها إلا جهل من سأل عنها أو تجاهله وخلاف جميع صلاة الخوف لسائر الصلوات أكثر من خلاف ركعة منها لركعة من سائر الصلوات.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (35)
    صــــــــــ 246 الى صـــــــــــ250

    [السهو في صلاة الخوف]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    السهو في صلاة الخوف والشك كسهو في غيرها من الصلوات فيصنع ما يصنع في غير صلاة الخوف فإذا سها الإمام في الركعة الأولى انبغى أن يشير إلى من خلفه ما يفهمون به أنه سها فإذا قضوا الركعة التي بقيت عليهم، وتشهدوا سجدوا لسهو الإمام، وسلموا، وانصرفوا
    (قال الشافعي) :
    وإن أغفل الإشارة إليهم وعلموا سهوه، وسجدوا لسهوه، وإن أغفلها، ولم يعلموا فانصرفوا ثم علموا، فإن كان قريبا عادوا فسجدوا، وإن تباعد ذلك لم يعودوا للسجود
    (قال الشافعي) :
    وإن لم يعلموا حتى صفوا، وجاء العدو، وجاءت الطائفة الأخرى ليصلوا فقد بعد ذلك، وأحدثوا عملا بعد الصلاة بصفهم، وصاروا حرسا لغيرهم فلا يجوز لهم أن يخلوا بغيرهم،
    ومن قال: يعيد من ترك سجود السهو، أمرهم بالإعادة، ولا أرى بينا أن واجبا على أحد ترك سجود السهو أن يعود للصلاة.
    (قال الشافعي) :
    ولو سها الإمام سهوا ثم سها بعده مرة أو مرارا أجزأتهم سجدتان لذلك كله، وإن تركوهما عامدين أو جاهلين لم يبن أن يكون عليهم أن يعيدوا الصلاة.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن لم يسه الإمام وسهوا هم بعد الإمام سجدوا لسهوهم.
    (قال الشافعي) :
    وإذا سها الإمام في الركعة الأولى ثم صلت الطائفة الآخرة سجدوا معه للسهو حين يسجد ثم قاموا فأتموا لأنفسهم ثم عادوا، وسجدوا عند فراغهم من الصلاة لأن ذلك موضع لسجود السهو، وإن لم يفعلوا كرهت ذلك لهم، ولا يبين أن يكون على إمام، ولا مأموم، ولا على أحد صلى منفردا فترك سجود السهو ما كان السهو نقصا من الصلاة، وزيادة فيها إعادة صلاة لأنا قد عقلنا أن فرض عدد سجود الصلاة معلوم فيشبه أن يكون سجود السهو معه كالتسبيح في الركوع، والسجود، والقول عند الافتتاح، وسجود السهو كله سواء، يجب في بعضه ما يجب في كله.
    [باب ما ينوب الإمام في صلاة الخوف]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    وأذن الله تبارك وتعالى في صلاة الخوف بوجهين: أحدهما الخوف الأدنى، وهو قول الله عز وجل {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} [النساء: 102] الآية، والثاني الخوف الذي أشد منه، وهو قول الله تبارك وتعالى {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا} [البقرة: 239] فلما فرق الله بينهما، ودلت السنة على افتراقهما لم يجز إلا التفريق بينهما والله تعالى أعلم لأن الله عز وجل فرق بينهما لافتراق الحالين فيهما
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا صلى الإمام في الخوف الأول صلاة الخوف فصلى بهم صلاة لا يجوز لهم أن يعملوا فيها شيئا غير الصلاة لا يعملونه في صلاة غير الخوف فإن عملوا غير الصلاة ما يفسد صلاة غير صلاة الخوف لو عملوه فسدت عليهم صلاتهم.
    (قال الشافعي)
    :
    فإن صلى الإمام بطائفة ركعة وثبت قائما، وقاموا يتمون لأنفسهم فحمل عليهم عدو أو حدث لهم حرب فحملوا على العدو منحرفين عن القبلة بأبدانهم ثم أمنوا العدو بعد فقد قطعوا صلاتهم، وعليهم استئنافها، وكذلك لو فزعوا فانحرفوا عن القبلة لغير قتال، ولا خروج من الصلاة، وهم ذاكرون لأنهم في صلاة حتى يستدبروا القبلة استأنفوا
    (قال الشافعي) :
    ولو حملوا عليهم مواجهي القبلة قدر خطوة فأكثر كان قطعا للصلاة بنية القتال فيها وعمل الخطوة.
    (قال الشافعي)
    :
    وكذلك لو حمل العدو عليهم فتهيئوا بسلاح أو بترس أو ما أشبهه كان قطعا للصلاة بالنية مع العمل في دفع العدو، ولو حمل عليهم فخافوا فنووا الثبوت في الصلاة، وأن لا يقاتلوا حتى يكملوا أو يغشوا أو تهيئوا بالشيء الخفيف لم يكن هذا قطعا للصلاة لأنهم لم يحدثوا نية لقتال مع التهيؤ، والتهيؤ خفيف يجوز في الصلاة، ولا يكون قطعا لها، وإنما نووا إن كان قتال أن يحدثوا قتالا لا أن قتالا حضر، ولا خافوه فنووه مكانهم، وعملوا مع نيته شيئا.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو أن عدوا حضر فتكلم أحدهم بحضوره، وهو ذاكر لأنه في صلاة كان قاطعا لصلاته، وإن كان ناسيا للصلاة فله أن يبني ويسجد للسهو.
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا أحدثوا عند حادث أو غيره نية قطع الصلاة أو نية القتال مكانهم كانوا قاطعين للصلاة فأما أن يكونوا على نية الصلاة ثم ينوون إن حدث إطلال عدو أن يقاتلوه فلا يحدث إطلاله فلا يكون هذا قطعا للصلاة
    (قال الشافعي) :
    وأيهم أحدث شيئا مما وصفته يقطع الصلاة دون غيره كان قاطعا للصلاة دون من لم يحدثه فإن أحدث ذلك الإمام فسدت عليه صلاته، ومن ائتم به بعدما أحدث، وهو عالم بما أحدث ولم تفسد صلاة من ائتم به، وهو لا يعلم ما أحدث
    (قال الشافعي) :
    ولو قدموا إماما غيره فصلى بهم أجزأهم إن شاء الله تعالى وأن يصلوا فرادى أحب إلي، وكذلك هو أحب إلي في كل ما أحدثه الإمام
    (قال الشافعي)
    :
    وصلاة الخوف الذي هو أشد من هذا رجالا وركبانا، موضوع في غير هذا الموضع مخالف لهذه الصلاة في بعض أمره.إذا كان العدو وجاه القبلة
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
    أخبرنا الثقة عن منصور بن المعتمر عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الخوف بعسفان، وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد، وهم بينه، وبين القبلة فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصففنا خلفه صفين ثم ركع فركعنا ثم رفع فرفعنا جميعا ثم سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والصف الذي يليه فلما رفعوا سجد الآخرون مكانهم ثم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم -»
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال: صلاة الخوف نحو مما يصنع أمراؤكم. يعني، والله تعالى أعلم هكذا
    (قال الشافعي) :
    الموضع الذي كان فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صلى هذه الصلاة والعدو صحراء ليس فيها شيء يواري العدو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان العدو مائتين على متون الخيل طليعة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في ألف وأربعمائة، وكان لهم غير خائف لكثرة من معه، وقلة العدو فكانوا لو حملوا أو تحرفوا للحمل لم يخف تحرفهم عليه، وكانوا منه بعيدا لا يغيبون عن طرفه، ولا سبيل لهم إليه يخفى عليهم فإذا كان هذا مجتمعا صلى الإمام بالناس هكذا، وهو أن يصف الإمام، والناس وراءه فيكبر، ويكبرون معا، ويركع، ويركعون معا ثم يرفع فيرفعون معا ثم يسجد فيسجدون معا إلا صفا يليه أو بعض صف ينظرون العدو لا يحمل أو ينحرف إلى طريق يغيب عنه، وهو ساجد فإذا رفع الإمام، ومن سجد معه من سجودهم كله ونهضوا سجد الذين قاموا ينظرون الإمام ثم قاموا معه ثم ركع، وركعوا معا، ورفع، ورفعوا معا، وسجد، وسجد معه الذين سجدوا معه أولا إلا صفا يحرسه منهم فإذا سجدوا سجدتين جلسوا للتشهد فسجد الذين حرسوا ثم تشهدوا، وسلم الإمام، ومن خلفه معا.
    (قال الشافعي) :
    فإن خاف الذين يحرسون على الإمام فتكلموا أعادوا الصلاة، ولا بأس أن يقطع الإمام، وهم إن خافوا معا.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن صلى الإمام هذه الصلاة فاستأخر الصف الذي حرسه إلى الصف الثاني وتقدم الصف الثاني فحرسه فلا بأس، وإن لم يفعلوا فواسع، ولو حرسه صف واحد في هذه الحال رجوت أن تجزئهم صلاتهم، ولو أعادوا الركعة الثانية كان أحب إلي
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا كان ما وصفت مجتمعا من قلة العدو، وكثرة المسلمين، وما وصفت من البلاد، فصلى الإمام مثل صلاة الخوف يوم ذات الرقاع "، ومن معه كرهت ذلك له، ولم يبن أن على أحد ممن خلفه إعادة ولا عليه.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن صلى الإمام صلاة الخوف فصلى بطائفة ركعة، وانحرفت قبل أن تتم فقامت بإزاء العدو ثم صلت الأخرى ركعة ثم انحرفت فوقفت بإزاء العدو قبل أن تتم، وهما ذاكرتان لأنهما في صلاة، كان فيها قولان، أحدهما أن يعيدا معا لانحرافهم عن القبلة قبل أن يكملا الصلاة
    (قال الشافعي) :
    ولو أن الطائفة الأخرى صلت مع الإمام ركعة ثم أتمت صلاتها وفسدت صلاة الأولى التي انحرفت عن القبلة قبل أن تكمل الصلاة في هذا القول، ومن قال هذا طرح الحديث الذي روي هذا فيه بحديث غيره
    (قال الشافعي) :
    والقول الثاني أن هذا كله جائز، وأنه من الاختلاف المباح فكيفما صلى الإمام، ومن معه على ما روي أجزأه، وإن اختار بعضه على بعض
    (قال الشافعي)
    :
    وكذلك لو كانت الطائفة الأولى أكملت صلاتها قبل أن تنحرف، ولم تكمل الثانية حتى انحرفت عن القبلة أجزأت الطائفة الأولى صلاتها، ولم تجزئ الطائفة الثانية التي انحرفت قبل أن تكمل في القول الأول
    (قال الشافعي) :
    ويجزئ الإمام في كل ما وصفت صلاته لأنه لم ينحرف عن القبلة حتى أكمل.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو صلى الإمام كصلاة الخوف " يوم ذات الرقاع " فانحرف الإمام عن القبلة قبل أن يكمل الصلاة أو صلاها صلاة خوف أو غيره فانحرف عن القبلة، وهو ذاكر لأنه لم يكمل الصلاة استأنف الصلاة
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا الثقة ابن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر بن عبد الله «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الظهر صلاة الخوف ببطن نخل فصلى بطائفة ركعتين، وسلم ثم صلى بأخرى ركعتين ثم سلم»
    (قال الشافعي) :
    وإن صلى الإمام صلاة الخوف هكذا، أجزأ عنه
    (قال الشافعي) :
    وهذا في معنى صلاة معاذ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العتمة ثم صلاها بقومه.

    (قال الشافعي)
    : ويدل على أن نية المأموم أن صلاته لا تفسد عليه بأن تخالف نيته نية الإمام فيها، وإن صلى الإمام صلاة الخوف بطائفة ركعة ثم سلموا، ولم يسلم ثم صلى الركعة التي بقيت عليه بطائفة ركعة ثم سلم، وسلموا فصلاة الإمام تامة، وعلى الطائفتين معا الإعادة إذا سلموا ذاكرين لأنهم في صلاة " قال أبو يعقوب "، وإن رأوا أن قد أكملوا الصلاة بنى الآخرون، وسجدوا للسهو، وأعاد الأولون لأنه قد تطاول خروجهم من الصلاة.
    (قال الشافعي) :، وعلى المأموم من عدد الصلاة ما على الإمام لا يختلفان فيما على
    كل واحد منهما من عددها وليس يثبت حديث روي في صلاة الخوف بذي قرد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي في الإملاء قال: ويصلي صلاة الخوف في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين فإذا صلاها في السفر، والعدو في غير جهة القبلة فرق الناس فرقتين فريقا بإزاء العدو في غير الصلاة وفريقا معه فيصلي بالذين معه ركعة ثم يثبت قائما فيقرأ فيطيل القراءة، ويقرأ الذين خلفه لأنفسهم بأم القرآن وسورة ويركعون، ويسجدون، ويتشهدون، ويسلمون معا ثم ينصرفون فيقومون مقام أصحابهم ثم يأتي أولئك فيدخلون مع الإمام، ويكبرون مع الإمام تكبيرة يدخلون بها معه في الصلاة ويقرأ الإمام بعد دخولهم معه قدر أم القرآن، وسورة من حيث انتهت قراءته لا يستأنف أم القرآن بهم، ويسجد، ويثبت جالسا يتشهد، ويذكر الله، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو، ويقومون هم إذا رفع رأسه من السجود فيقرءون بأم القرآن، وسورة ثم يركعون ويسجدون، ويجلسون مع الإمام، ويزيد الإمام في الذكر بقدر ما أن يقضوا تشهدهم ثم يسلم بهم، وإن صلى بهم صلاة المغرب صلى بهم الركعة الأولى ثم يثبت قائما، وأتموا لأنفسهم، وجاءت الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعتين، وثبت جالسا، وأتموا لأنفسهم الركعة التي سبقوا بها ثم يسلم بهم، وصلاة المغرب، والصبح في الحضر والسفر سواء فإن صلى ظهرا أو عصرا أو عشاء صلاة خوف في حضر صنع هكذا إلا أنه يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، ويثبت جالسا حتى يقضوا الركعتين اللتين بقيتا عليهم وتأتي الطائفة الأخرى فإذا جاءت فكبرت نهض قائما فصلى بهم الركعتين الباقيتين عليه وجلس حتى يتموا ليسلم بهم
    (قال الشافعي) :
    وإنما قلنا ثبت جالسا قياسا على ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك أنه لم يحك عنه في شيء من الحديث صلاة الخوف إلا في السفر فوجدت الحكاية كلها متوقفة على أن صلى بالطائفة الأولى ركعة، وثبت قائما، ووجدت الطائفة الأولى لم تأتم به خلفه إلا في ركعة لا جلوس فيها، والطائفة الأخرى ائتمت به في ركعة معها جلوس فوجدت الطائفة الأخرى مثل الأولى في أنها ائتمت به معه في ركعة وزادت أنها كانت معه في بعض جلوسه فلم أجدها في حال إلا مثل الأولى،
    وأكبر حالا منها فلو كنت قلت:
    يتشهد بالأولى، ويثبت قائما حتى تتم الأولى زعمت أن الأولى أدركت مع الإمام مثل أو أكثر مما أدركت الأخرى، وأكثر فإنما ذهبت إلى أن يثبت قاعدا حتى تدركه الآخرة في قعوده، ويكون لها القعود الآخر معه لتكون في أكثر من حال الأولى فتوافق القياس على ما روي عنه
    (قال الشافعي) :
    فإن كان العدو بين الإمام والقبلة صلى هكذا أجزأه إذا كان في حال خوف منه، فإن كان في حال أمان منه بقلة العدو، وكثرة المسلمين، وبأنهم في صحراء لا حائل دونها، وليسوا حيث ينالهم النبل ولا الحسام، ولا يخفى عليهم حركة العدو صفوا جميعا خلف الإمام، ودخلوا في صلاته، وركعوا بركوعه، ورفعوا برفعه، وثبت الصف الذي يليه قائما، ويسجد ويسجد من بقي فإذا قام من سجوده تبعه الذين خلفه بالسجود ثم قاموا معه، وهكذا حكى أبو عياش الزرقي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم عسفان، وخالد بن الوليد بينه، وبين القبلة» ، وهكذا أبو الزبير عن جابر أن صلاة الخوف ما يصنع أمراؤكم هؤلاء.
    (قال الشافعي)
    :
    وهكذا يصنع الأمراء إلا الذين يقفون فلا يسجدون بسجوده حتى يعتدل قائما من قرب منهم من الصف الأول دون من نأى عن يمينه وشماله.
    (قال الشافعي) :
    وأحب للطائفة الحارسة إن رأت من العدو حركة للقتال أن ترفع أصواتها ليسمع الإمام، وإن حوملت أن يحمل بعضها ويقف بعض يحرس الإمام وإن رأت كمينا من غير جهتها أن ينحرف بعضها إليه، وأحب للإمام إذا سمع ذلك أن يقرأ بأم القرآن و {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1] ، ويخفف الركوع والسجود، والجلوس في تمام، وإن حمل عليه أو رهق أن يصير إلى القتال، وقطع الصلاة هل يقضيها بعده، والسهو في صلاة الخوف كهو في غير صلاة الخوف إلا في خصلة فإن الطائفة الأولى إذا استيقنت أن الإمام سها في الركعة التي أمها فيها سجدت للسهو بعد التشهد وقبل سلامها، وليس سبقهم إياه بسجود السهو بأكثر من سبقهم إياه بركعة من صلب الصلاة فإذا أراد الإمام أن يسجد للسهو أخر سجوده حتى تأتي الطائفة الثانية معه بتشهدها ثم يسجد للسهو، ويسجدون معه ثم يسلم ويسلمون معه، ولو ذهب على الطائفة الأولى أنه سها في الركعة الأولى أو خاف الإمام أن يذهب ذلك عليهم أحببت له أن يشير إليهم ليسجدوا من غير أن يلتفت فإن لم يفعل، وفعلوا فسجدوا حتى انصرفوا أو انصرف هو فلا إعادة، ولا سجود عليهم لأن سجود السهو ليس من صلب الصلاة، وقد ذهب موضعه.
    [الحال التي يجوز للناس أن يصلوا فيها صلاة الخوف]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ولا يجوز لأحد أن يصلي صلاة الخوف إلا بأن يعاين عدوا قريبا غير مأمون أن يحمل عليه يتخوف حمله عليه من موضع أو يأتيه من يصدقه بمثل ذلك من قرب العدو منه أو مسيرهم جادين إليه فيكونون هم مخوفين فإذا كان واحد من هذين المعنيين فله أن يصلي صلاة الخوف، وإذا لم يكن واحد منهما لم يكن له ذلك.
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا جاءه الخبر عن العدو فصلى صلاة الخوف ثم ذهب العدو لم يعد صلاة الخوف، وهذا كله إذا كان بإزاء العدو فإن كان في حصن لا يوصل إليه إلا بتعب أو غلبة على باب أو كان في خندق عميق عريض لا يوصل إليه إلا بدفن يطول لم يصل صلاة الخوف، وإن كان في قرية حصينة فكذلك، وإن كان في قرية غير ممتنعة من الدخول أو خندق صغير غير ممتنع صلى صلاة الخوف.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن رأوا سوادا مقبلا، وهم ببلاد عدو أو بغير بلاد عدو فظنوه عدوا أحببت أن لا يصلوا صلاة الخوف، وكل حال أحببت أن لا يصلوا فيه صلاة الخوف إذا كان الخوف يسرع إليهم أمرت الإمام أن يصلي بطائفة فيكمل كما يصلي في غير خوف، وتحرسه أخرى فإذا فرغ من صلاته حرس، ومن معه الطائفة الأخرى، وأمر بعضهم فأمهم
    (قال الشافعي) :
    وهكذا آمر المسلحة في بلاد المسلمين تناظرا لمسلحة للمشركين أن تصنع إذا تراخى ما بين المسلحتين شيئا، وكانت المسلحتان في غير حصن أو كان الأغلب أنهم إنما يتناظرون بناظر الربيئة لا يتحاملون
    (قال الشافعي) :
    فإن صلوا صلاة الخوف كصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع في حال كرهت لهم فيها صلاة الخوف أحببت للطائفة الأولى أن يعيدوا ولم أحب ذلك للإمام، ولا للطائفة الأخرى ولا يبين أن على الطائفة الأولى إعادة صلاة لأنها قد صلت بسبب من خوف، وإن لم يكن خوفا، وإن الرجل قد يصلي في غير خوف بعض صلاته مع الإمام، وبعضها منفردا فلا يكون عليه إعادة.
    (قال الشافعي)

    ومتى ما رأوا سوادا فظنوه عدوا ثم كان غير عدو، وقد صلى كصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع "لم يعد الإمام، ولا واحدة من الطائفتين لأن كل منهما لم ينحرف عن القبلة حتى أكملت الصلاة، وقد صليت بسبب خوف، وكذلك إن صلى كصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ببطن نخل، وإن صلى كصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعسفان أحببت للحارسة أن تعيد، ولم أوجب ذلك عليها، ولا يعيد الإمام، ولا التي لم تحرس
    (قال الشافعي)
    :
    وإنما تقل المسائل في هذا الباب علينا أنا لا نأمر بصلاة خوف بحال إلا في غاية من شدة الخوف إلا صلاة لو صليت في غير خوف لم يتبين أن على مصليها إعادة.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (36)
    صــــــــــ 251 الى صـــــــــــ255

    [كم قدر من يصلي مع الإمام صلاة الخوف]

    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    وإذا كانت مع الإمام في صلاة الخوف طائفة، والطائفة ثلاثة فأكثر أو حرسته طائفة، والطائفة ثلاثة فأكثر، لم أكره ذلك له غير أني أحب أن يحرسه من يمنع مثله إن أريد
    (قال الشافعي) :
    وسواء في هذا كثر من معه أو قل فتفرق الناس في صلاة الخوف حارسين، ومصلين على قدر ما يرى الإمام ممن تجزي حراسته، ويستظهر شيئا من استظهاره، وسواء قل من معه فيمن يصلي، وكثر ممن يحرسه أو قل من يحرسه وكثر من يصلي معه في أن صلاتهم مجزئة إذا كان معه ثلاثة فأكثر حرسه ثلاثة فإن حرسه أقل من ثلاثة أو كان معه في الصلاة أقل من ثلاثة كرهت ذلك له لأن أقل اسم الطائفة لا يقع عليهم فلا إعادة على أحد منهم بهذه الحال لأن ذلك إذا أجزأ الطائفة أجزأ الواحد، إن شاء الله تعالى.
    [أخذ السلاح في صلاة الخوف]؟
    قال الله عز وجل {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم} [النساء: 102] الآية
    (قال الشافعي)
    :
    وأحب للمصلي أن يأخذ سلاحه في الصلاة ما لم يكن في سلاحه نجاسة، وإن كان فيه أو في شيء منه نجاسة وضعه فإن صلى فيه، وفيه نجاسة لم تجز صلاته.
    (قال الشافعي)
    ويأخذ من سلاحه ما لا يمنعه الصلاة، ولا يؤذي الصف أمامه وخلفه، وذلك السيف والقوس، والجعبة، والجفير، والترس، والمنطقة وما أشبه هذا
    (قال الشافعي) :
    ولا يأخذ الرمح فإنه يطول إلا أن يكون في حاشية ليس إلى جنبه أحد فيقدر على أن ينحيه حتى لا يؤذي به من أمامه، ولا من خلفه.
    (قال الشافعي)
    :
    وكذلك لا يلبس من السلاح ما يمنعه التحرف في الركوع والسجود مثل السنور، وما أشبهه.
    (قال الشافعي)
    :
    ولا أجيز له، وضع السلاح كله في صلاة الخوف إلا أن يكون مريضا يشق عليه حمل السلاح أو يكون به أذى من مطر فإنهما الحالتان اللتان أذن الله فيهما بوضع السلاح، وأمرهم أن يأخذوا حذرهم فيهما لقوله عز وعلا {ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم} [النساء: 102]
    (قال الشافعي) :
    وإن لم يكن به مرض، ولا أذى من مطر أحببت أن لا يضع من السلاح إلا ما وصفت مما يمنعه من التحرف في الصلاة بنفسه أو ثقله فإن، وضع بعضه، وبقي بعض رجوت أن يكون جائزا له لأنه أخذ بعض سلاحه، ومن أخذ بعض سلاحه فهو متسلح.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن، وضع سلاحه كله من غير مرض، ولا مطر أو أخذ من سلاحه ما يؤذي به من يقاربه كرهت ذلك له في كل، واحد من الحالين، ولم يفسد ذلك صلاته في، واحدة من الحالين لأن معصيته في ترك وأخذ السلاح ليس من الصلاة فيقال يفسد صلاته، ولا يتمها أخذه
    [ما لا يجوز للمصلي في الحرب أن يلبسه مما ماسته النجاسة]
    ، وما يجوز
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    إذا أصاب السيف الدم فمسحه فذهب منه لم يتقلده في الصلاة وكذلك نصال النبل، وزج الرمح، والبيضة وجميع الحديد إذا أصابه الدم فإن صلى قبل أن يغسله بالماء أعاد الصلاة، ولا يطهر الدم ولا شيئا من الأنجاس إلا الماء على حديد كان أو غيره، ولو غسله بدهن لئلا يصدأ الحديد أو ماء غير الماء الذي هو الطهارة أو مسحه بتراب لم يطهر، وكذلك ما سوى ذلك من أداته لا يطهرها، ولا شيئا من الأنجاس إلا الماء
    (قال الشافعي) :
    ولو ضرب فأصاب سيفه فرث أو قيح أو غيره كان هكذا الآن هذا كله من الأنجاس.
    (قال الشافعي)
    :
    فإن شك أصاب شيئا من أداته نجاسة أو لم تصبه أحببت أن يتوقى حمل ما شك فيه للصلاة فإن حمله في الصلاة فلا إعادة عليه حتى يعلم أنه قد أصابه نجاسة فإذا علم، وقد صلى فيه أعاد.
    (قال الشافعي)

    وكل ما حمله متقلده أو متنكبه أو طارحه على شيء من بدنه أو في كمه أو ممسكه بيده أو بغيرها فسواء كله هو كما كان لابسه لا يجزيه فيه إلا أن يكون لم تصبه نجاسة أو تكون أصابته فطهر بالماء.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن كان معه نشاب أو نبل قد أمر عليها عرق دابة أي دابة كانت غير كلب أو خنزير من أي موضع كان أو لعابها أو أحميت فسقيت لبنا أو سمت بسم شجر فصلى فيها فلا بأس لأنه ليس من هذا شيء من الأنجاس
    (قال الشافعي)
    :
    وإن كان من هذا شيء سم بسم حية أو ودك دابة لا تؤكل أو بودك ميتة فصلى فيه أعاد الصلاة إلا أن يطهر بالماء وسواء أحمي السيف أو أي حديدة حميت في النار ثم سم أو سم بلا إحماء إذا خالطه النجس محمي أو غير محمي لم يطهره إلا الماء
    (قال الشافعي) :
    وهكذا لو سمت، ولم تحم ثم أحميت بالنار فقيل قد ذاب كله بالنار أو أكلته النار، وكان السم نجسا لم تطهره النار، ولا يطهره شيء إلا الماء
    (قال الشافعي) :
    ولو أحمي ثم صب عليه شيء نجس أو غمس فيه فقيل قد شربته الحديدة ثم غسلت بالماء طهرت لأن الطهارات كلها إنما جعلت على ما يظهر ليس على الأجواف
    (قال الشافعي) :
    ولا يزيد إحماء الحديدة في تطهيرها، ولا تنجيسها لأنه ليس في النار طهور إنما الطهور في الماء، ولو كان بموضع لا يجد فيه ماء فمسحه بالتراب لم يطهره التراب لأن التراب لا يطهر الأنجاس.
    [ما يجوز للمحارب أن يلبس مما يحول بينه وبين الأرض وما لا يجوز]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    وإذا كانت البيضة ذات أنف أو سابغة على رأس الخائف كرهت له في الصلاة لبسها لئلا يحول موضع السبوغ أو الأنف بينه، وبين إكمال السجود، ولا بأس أن يلبسها، فإذا سجد وضعها أو حرفها أو حسرها إذا ماست جبهته الأرض متمكنا
    (قال الشافعي) :
    وهكذا المغفر.
    والعمامة، وغيرهما مما يغطي موضع السجود
    (قال الشافعي) :
    وإذا ماس شيء من مستوى جبهته الأرض كان ذلك أقل ما يجزئ به السجود، وإن كرهت له أن يدع أن يماس بجبهته كلها، وأنفه الأرض ساجدا.
    (قال الشافعي)
    :
    وأكره له أن يكون على كفيه من السلاح ما يمنعه أن تباشر كفاه الأرض، وأحب إن فعل أن يعيد الصلاة ولا يتبين أن عليه إعادة، ولا أكره ذلك له في ركبتيه، ولا أكره له منه في قدميه ما أكره له في كفيه.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن صلى، وفي ثيابه أو سلاحه شيء من الدم، وهو لا يعلم ثم علم أعاد، ومتى قلت أبدا يعيد أعاد بعد زمان، وفي قرب الإعادة على كل حال، وهكذا إن صلى بعض الصلاة ثم اتضح عليه دم قبل أن يكملها فصلى من الصلاة شيئا إن كان في شيء من الصلاة قبل أن يكملها، ولم يطرح ما مسه دم مكانه أعاد الصلاة، وإن طرح الثوب عنه ساعة ماسه الدم، ومضى في الصلاة أجزأه، وإن تحرف فغسل الدم عنه كرهت ذلك له، وأمرته بأن يعيد
    (قال الشافعي)
    :
    وقد قيل: يجزيه أن يغسل الدم ثم يبني، ولا آمره بهذا القول، وآمره بالإعادة.
    (قال الشافعي) :
    فإن استيقن أن الدم أصاب بعض سلاحه أو ثيابه ولا يعلم تأخر، وترك الذي يرى أن الدم أصابه، وصلى في غيره، وأجزأه ذلك إن شاء الله تعالى فإن فعل فاستيقن أنه صلى في ثوب أو سلاح فيه نجاسة لم يطهرها قبل الصلاة أعاد كل ما صلاها فيه.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن سلب مشركا سلاحا، أو اشترى منه وهو ممن يرى المشرك يمس سلاحه بنجس ما كان ولم يعلمه برؤية، ولا خبر فله أن يصلي فيه ما لم يعلم أن في ذلك السلاح نجاسة، ولو غسله قبل أن يصلي فيه أو توقى الصلاة فيه كان أحب إلي.
    [ما يلبس المحارب مما ليس فيه نجاسة وما لا يلبس]
    ، والشهرة في الحرب أن يعلم نفسه بعلامة
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    ولو توقى المحارب أن يلبس ديباجا أو قزا ظاهرا كان أحب إلي، وإن لبسه ليحصنه فلا بأس إن شاء الله تعالى لأنه قد يرخص له في الحرب فيما يحظر عليه في غيره
    (قال الشافعي) :
    والحرير، والقز، ليس من الأنجاس إنما كره تعبدا، ولو صلى فيه رجل في غير حرب لم يعد
    (قال الشافعي) :
    ولو كان في نسج الثوب الذي لا يحصن قز، وقطن أو كتان فكان القطن الغالب لم أكره لمصل خائف، ولا غيره لبسه فإن كان القز ظاهرا كرهت لكل مصل محارب وغيره لبسه، وإنما كرهته للمحارب لأنه لا يحصن إحصان ثياب القز.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن لبس رجل قباء محشوا قزا، فلا بأس لأن الحشو باطن وإنما أكره إظهار القز للرجال.
    (قال الشافعي) :
    فإن كانت درع حديد في شيء من نسجها ذهب أو كانت كلها ذهبا كرهت له لبسها إلا أن يضطر إليه فلا بأس أن يلبسها لضرورة، وإنما أكره له أن يبقيها عنده لأنه يجد بثمنها دروع حديد، والحديد أحصن، وليس في لبسه مكروه وإن فاجأته حرب، وهي عنده فلا أكره له لبسها.
    (قال الشافعي)
    :
    وهكذا إن كانت في سيفه حلية ذهب كرهت له أن لا ينزعها فإن فجأته حرب فلا بأس بأن يتقلده فإذا انقضت أحببت له نقضه، وهكذا هذا في ترسه، وجميع جنته حتى قبائه، وإن كانت فيه أزرار ذهب أو زر ذهب كرهته له على هذا المعنى، وكذلك منطقته، وحمائل سيفه لأن هذا كله جنة أو صلاح جنة
    (قال الشافعي)
    :
    ولو كان خاتمه ذهبا لم أر له أن يلبسه في حرب، ولا سلم بحال لأن الذهب منهي عنه وليس في الخاتم جنة
    (قال الشافعي)
    :
    وحيث كرهت له الذهب مصمتا في حرب، وغيرها كرهت الذهب مموها به، وكرهته مخوصا بغيره إذا كان يظهر للذهب لون، وإن لم يظهر للذهب لون فهو مستهلك، وأحب إلي أن لا يلبس، ولا أرى حرجا في أن يلبسه كما قلت في حشو القز.
    (قال الشافعي)
    :
    ولا أكره للرجل لبس اللؤلؤ إلا للأدب، وأنه من زي النساء لا للتحريم، ولا أكره لبس ياقوت، ولا زبرجد إلا من جهة السرف أو الخيلاء.
    (قال الشافعي)
    :
    ولا أكره لمن يعلم من نفسه في الحرب بلاء أن يعلم ما شاء مما يجوز لبسه، ولا أن يركب الأبلق، ولا الفرس، ولا الدابة المشهورة قد أعلم حمزة يوم بدر، ولا أكره البراز قد بارز عبيدة، وحمزة، وعلي بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    (قال الشافعي)

    ويلبس في الحرب جلد الثعلب، والضبع إذا كانا ذكيين وعليهما شعورهما فإن لم يكونا ذكيين، ودبغا لبسهما إن سمطت شعورهما عنهما، ويصلي فيهما، وإن لم نسمط شعورهما لم يصل فيهما لأن الدباغ لا يطهر الشعر
    (قال الشافعي) :
    وهكذا يلبس جلد كل مذكى يؤكل لحمه، ولا يلبس جلد ما يؤكل لحمه إذا لم يكن ذكيا إلا مدبوغا لا شعر عليه إلا أن يلبسه، ولا يصلي فيه.
    (قال الشافعي)
    :
    وهكذا لا يصلي في جلد دابة لا يؤكل لحمها ذكية كانت أو غير ذكية إلا أن يدبغه، ويمعط شعره فأما لو بقي من شعره شيء فلا يصلي فيه، ولا يصلي في جلد خنزير ولا كلب بحال نزعت شعورهما، ودبغا أو لم يدبغا.
    (قال الشافعي) :
    وكذلك لا يلبس الرجل فرسه شيئا من آلته جلد كلب أو خنزير بحال، ولا يستمتع من واحد منهما بغير ما يستمتع به من الكلب في صيد أو ماشية أو زرع فأما ما سواهما فلا بأس أن يلبسه الرجل فرسه أو دابته، ويستمتع به ولا يصلي فيه، وذلك مثل جلد القرد والفيل والأسد، والنمر، والذئب، والحية، وما لا يؤكل لحمه لأنه جنة للفرس، ولا تعبد للفرس ولا نهي عن إهاب جنة في غير الكلب، والخنزير.
    (قال الشافعي)
    :
    ولا بأس أن يصلي الرجل في الخوف ممسكا عنان دابته فإن نازعته فجذبها إليه جذبة أو جذبتين أو ثلاثا أو نحو ذلك، وهو غير منحرف عن القبلة فلا بأس، وإن كثرت مجاذبته إياها، وهو غير منحرف عن القبلة فقد قطع صلاته، وعليه استئنافها، وإن جذبته فانصرف، وجهه عن القبلة فأقبل مكانه على القبلة لم تقطع صلاته، وإن طال انحرافه عن القبلة، ولا يمكنه الرجوع إليها انتقضت صلاته لأنه يقدر على أن يدعها إلى القبلة، وإن لم يطل، وأمكنه أن ينحرف إلى القبلة فلم ينحرف إليها فعليه أن يستأنف صلاته
    (قال الشافعي) :
    وإن ذهبت دابته فلا بأس أن يتبعها، وإذا تبعها على القبلة شيئا يسرا لم تفسد صلاته، وإن تبعها كثيرا فسدت صلاته وإن تبعها منحرفا عن القبلة قليلا أو كثيرا، فسدت صلاته.الوجه الثاني من صلاة الخوف
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    قال الله تبارك وتعالى {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين - فإن خفتم فرجالا أو ركبانا} [البقرة: 238 - 239]
    (قال الشافعي) : فكان بينا في كتاب الله عز وجل فإن خفتم فرجالا أو ركبانا أن الحال التي أذن لهم فيها أن يصلوا رجالا أو ركبانا غير الحال التي أمر فيها نبيه - صلى الله عليه وسلم - يصلي بطائفة ثم بطائفة فكان بينا لأنه لا يؤذن لهم بأن يصلوا رجالا أو ركبانا إلا في خوف أشد من الخوف الذي أمرهم فيه بأن يصلي بطائفة ثم بطائفة
    (قال الشافعي)
    أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه ذكر صلاة الخوف فساقها ثم قال: فإن كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا أو ركبانا مستقبلي القبلة، وغير مستقبليها،
    قال مالك:
    لا أراه يذكر ذلك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا محمد بن إسماعيل أو عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    (قال الشافعي) :
    والخوف الذي يجوز فيه أن يصلوا رجالا وركبانا، والله تعالى أعلم إطلال العدو عليهم فيتراءون معا، والمسلمون في غير حصن حتى ينالهم السلاح من الرمي أو أكثر من أن يقرب العدو فيه منهم من الطعن والضرب فإن كان هذا هكذا، والعدو من وجه واحد، والمسلمون كثير يستقل بعضهم بقتال العدو حتى يكون بعض في شبيه بحال غير شدة الخوف منهم قاتلتهم طائفة، وصلت أخرى صلاة غير شدة الخوف، وكذلك لو كان العدو من وجهين أو ثلاثة أو محيطين بالمسلمين والعدو قليل، والمسلمون كثير تستقل كل طائفة، وليها العدو بالعدو حتى يكون من بين الطوائف التي يليها العدو في غير شدة الخوف منهم صلى هؤلاء الذين لا يلونهم صلاة غير شدة الخوف
    (قال الشافعي) :
    فإن قدر هؤلاء الذين صلوا أن يدخلوا بين العدو وبين الطوائف التي كانت تلي قتال العدو حتى يصير الذين كانوا يلون قتالهم في مثل حال هؤلاء في غير شدة الخوف منهم فعلوا، ولم يجز الذين يلون قتالهم إلا أن يصلوا صلاة غير شدة الخوف بالأرض، وإلى القبلة
    (قال الشافعي) :
    وإذا تعذر هذا بالتحام الحرب أو خوف إن ولوا عنهم أن يركبوا أكتافهم ويروها هزيمة أو هيبة الطائفة التي صلت بالدخول بينهم، وبين العدو أو منع العدو ذلك لها أو تضايق مدخلهم حتى لا يصلوا إلى أن يكونوا حائلين بينهم، وبين العدو كان للطائفة التي تليهم أن يصلوا كيفما أمكنهم مستقبلي القبلة، وغير مستقبليها، وقعودا على دوابهم ما كانت دوابهم، وعلى الأرض قياما يومئون برءوسهم إيماء.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن كان العدو بينهم، وبين القبلة فاستقبلوا القبلة ببعض صلاتهم ثم دار العدو عن القبلة داروا بوجوههم إليه، ولم يقطع ذلك صلاتهم إذا جعلت صلاتهم كلها مجزئة عنهم إلى غير القبلة إذا لم يمكنهم غير ذلك جعلتها مجزئة إذا كان بعضها كذلك، وبعضها أقل من كلها
    (قال الشافعي) :
    وإنما تجزئهم صلاتهم هكذا إذا كانوا غير عاملين فيها ما يقطع الصلاة، وذلك الاستدارة، والتحرف والمشي القليل إلى العدو، والمقام يقومونه فإذا فعلوا هذا أجزأتهم صلاتهم، وكذلك لو حمل العدو عليهم فترسوا عن أنفسهم أو دنا بعضهم منهم فضرب أحدهم الضربة بسلاحه أو طعن الطعنة أو دفع العدو بالشيء، وكذلك لو أمكنته للعدو غرة، ومنه فرصة فتناوله بضربة أو طعنة، وهو في الصلاة أجزأته صلاته فأما إن تابع الضرب أو الطعن أو طعن طعنة فرددها في المطعون أو عمل ما يطول فلا يجزيه صلاته، ويمضي فيها، وإذا قدر على أن يصليها لا يعمل فيها ما يقطعها، أعادها، ولا يجزيه غير ذلك
    (قال الشافعي) :
    ولا يدعها في هذه الحال إذا خاف ذهاب وقتها، ويصليها ثم يعيدها.
    (قال الشافعي) :
    وإذا عمد في شيء من الصلاة كلمة يحذر بها مسلما أو يسترهب بها عدوا وهو ذاكر أنه في صلاته فقد انتقضت صلاته، وعليه إعادتها متى أمكنه.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن أمكنه صلاة شدة الخوف فصلاها، ولم يعمل فيها ما يفسدها أجزأته، وإن أمكنته صلاة غير شدة الخوف صلاها، وكذلك إن أمكنه غير صلاة الخوف صلاها.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (37)
    صــــــــــ 256 الى صـــــــــــ260

    [إذا صلى بعض صلاته راكبا ثم نزل أو نازلا ثم ركب]

    أو صرف عن القبلة وجهه أو تقدم من موضعه
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    وإن دخل في الصلاة في شدة الخوف راكبا ثم نزل فأحب إلي أن يعيد، وإن لم ينقلب وجهه عن جهته لم يكن عليه إعادة لأن النزول خفيف وإن انقلب وجهه عن جهته حتى تولى جهة قفاه أعاد لأنه تارك قبلته
    (قال الشافعي) :
    ولو طرحته دابة أو ريح في هذه الحال لم يعد إذا انحرف إلى القبلة مكانه حين أمكنه
    (قال الشافعي) :
    وإن كان نازلا فركب فقد انتقضت صلاته لأن الركوب عمل أكثر من النزول، والنازل إلى الأرض أولى بتمام الصلاة من الراكب
    (قال الشافعي)
    :
    وإن لم يقدر على الصلاة إلا مقاتلا صلى وأعاد كل صلاة صلاها، وهو مقاتل.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن صلى صلاة شدة الخوف ثم أمكنه أن يصلي صلاة الخوف الأولى، بنى على صلاة شدة الخوف، ولم يجزه إلا أن يصلي صلاة الخوف الأولى كما إذا صلى قاعدا ثم أمكنه القيام لم يجزه إلا القيام.
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا صلوا رجالا وركبانا في شدة الخوف لم يتقدموا فإن احتاجوا إلى التقدم لخوف تقدموا ركبانا ومشاة، وكانوا في صلاتهم بحالهم، وإن تقدموا بلا حاجة، ولا خوف فكان كتقدم المصلي إلى موضع قريب يصلي فيه فهم على صلاتهم، وإن كان إلى موضع بعيد ابتدءوا الصلاة، وكان هذا كالإفساد للصلاة، وهكذا إذا احتاجوا إلى ركوب ركبوا، وهم في الصلاة فإن لم يحتاجوا إليه وركبوا ابتدءوا الصلاة، ولو كانوا ركبانا فنزلوا من غير حاجة ليصلوا بالأرض لم تفسد صلاتهم لأن النزول عمل خفيف، وصلاتهم بالأرض أحب إلي من صلاتهم ركبانا
    (قال الشافعي) :
    وإذا كانت الجماعة كامنة للعدو أو متوارية عنه بشيء ما كان خندقا أو بناء أو سواد ليل فخافوا إن قاموا للصلاة رآهم العدو، فإن كانوا جماعة ممتنعين، لم يكن لهم أن يصلوا إلا قياما كيف أمكنتهم الصلاة فإن صلوا جلوسا فقد أساءوا، وعليهم إعادة الصلاة، وإن لم يكن بهم منعة، وكانوا يخافون إن قاموا أن يروا، فيصطلحوا صلوا قعودا، وكانت عليهم إعادة الصلاة، والله تعالى أعلم.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن كان العدو يرونهم مطلين عليهم، ودونهم خندق أو حصن أو قلعة أو جبل لا يناله العدو إلا بتكلف لا يغيب عن أبصار المسلمين أو أبصار الطائفة التي تحرسهم لم يجزهم أن يصلوا جلوسا، ولا غير مستقبلي القبلة، ولا يومئون، ولا تجوز لهم الصلاة يومئون وجلوسا إلى غير القبلة إلا في حال مناظرة العدو، ومساواته، وإطلاله، وقربه حتى ينالهم سلاح إن أشرعها إليهم من الرمي والطعن، والضرب، ويكون حائل بينهم وبينه، ولا تمنعهم طائفة حارسة لهم فإذا كان هكذا جاز لهم أن يصلوها رجالا، وركبانا مستقبلي القبلة، وغير مستقبليها، وهذا من أكبر الخوف.
    (قال الشافعي) :
    وإن أسر رجل فمنع الصلاة فقدر على أن يصليها موميا صلاها، ولم يدعها، وكذلك إن لم يقدر على الوضوء، وصلاها في الحضر صلاها متيمما وكذلك إن حبس تحت سقف لا يعتدل فيه قائما أو ربط فلم يقدر على ركوع، ولا على سجود صلاها كيف قدر، ولم يدعها، وهي تمكنه بحال وعليه في كل حال من هذه الأحوال قضاء ما صلى هكذا من المكتوبات، وكذلك إن منع الصوم فعليه قضاؤه متى أمكنه.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن حمل على شرب محرم أو أكل محرم يخاف إن لم يفعله ففعله، فعليه إن قدر على أن يتقايأ أن يتقايأ.
    [إذا صلى وهو ممسك عنان دابته]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ولا بأس أن يصلي الرجل في الخوف ممسكا عنان دابته فإن نازعته فجبذها إليه جبذة أو اثنتين أو ثلاثا أو نحو ذلك، وهو غير منحرف عن القبلة فلا بأس وإن كثرت مجابذته إياها، وهو غير منحرف عن القبلة فقد قطع صلاته، وعليه استئنافها، وإن جبذته فانصرف وجهه عن القبلة فأقبل مكانه على القبلة لم تقطع صلاته، وإن طال انحرافه عن القبلة، ولا يمكنه الرجوع إليها انتقضت صلاته لأنه يقدر على أن يدعها، وإن لم يطل، وأمكنه أن ينحرف عن القبلة فلم ينحرف إليها فعليه أن يستأنف صلاته
    (قال الشافعي)
    :
    فإن ذهبت دابته فلا بأس أن يتبعها فإذا تبعها على القبلة شيئا يسيرا لم تفسد صلاته فإن تبعها كثيرا فسدت صلاته
    [إذا صلوا رجالا وركبانا هل يقاتلون]
    ، وما الذي يجوز لهم من ذلك
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    وإن لم يقدر على الصلاة إلا مقاتلا صلى وأعاد كل صلاة يصليها وهو مقاتل.
    [من له من الخائفين أن يصلي صلاة الخوف]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    يصلي صلاة الخوف من قاتل أهل الشرك بكتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولأن الله عز وجل أمر بها في قتال المشركين فقال في سياق الآية {ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم} [النساء: 102] الآية
    (قال الشافعي)
    :
    وكل جهاد كان مباحا يخاف أهله كان لهم أن يصلوا صلاة شدة الخوف لأن المجاهدين عليه مأجورون أو غير مأزورين، وذلك جهاد أهل البغي الذين أمر الله عز وجل بجهادهم وجهاد قطاع الطريق، ومن أراد من مال رجل أو نفسه أو حريمه فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «من قتل دون ماله فهو شهيد»
    (قال الشافعي) :
    فأما من قاتل، وليس له القتال فخاف فليس له أن يصلي صلاة الخوف من شدة الخوف يومئ إيماء، وعليه إن فعل أن يعيدها، ولا له أن يصلي صلاة الخوف في خوف دون غاية الخوف إلا أن يصليها صلاة لو صلاها غير خائف أجزأت عنه
    (قال الشافعي) :
    وذلك من قاتل ظلما مثل أن يقطع الطريق أو يقاتل على عصبية أو يمنع من حق قبله أو أي وجه من وجوه الظلم قاتل عليه
    [في أي خوف تجوز فيه صلاة الخوف]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    وإذا خافت الجماعة القليلة السبع أو السباع فصلوا صلاة الخوف كما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع أجزأهم ذلك إن شاء الله تعالى، وأحب إلي أن تصلي منهم طائفة بإمام ثم أخرى بإمام آخر، وإذا خافوا الحريق على متاعهم أو منازلهم فأحب إلي أن يصلوا جماعة ثم جماعة أو فرادى، ويكون من لم يكن معهم في صلاة في إطفاء النار.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن كانوا سفرا فغشيهم حريق فتنحوا عن سنن الريح لم يكن لهم أن يصلوا إلا كما يصلون في كل يوم، وكذلك إن كانوا حضورا فغشي الحريق لهم أهلا أو مالا أو متاعا.
    (قال الشافعي) :
    وإن غشيهم غرق تنحوا عن سننه، وكذلك إن غشيهم هدم تنحوا عن مسقطه لم يكن لهم إلا ذلك (قال الشافعي) : فإن صلوا في شيء من هذا صلاة خوف تجزئ عن خائف أجزأت الصلاة عنهم.
    [في طلب العدو]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    وإذا طلب العدو المسلمين وقد تحرفوا لقتال أو تحيزوا إلى فئة.
    فقاربوهم، كان لهم أن يصلوا صلاة الخوف ركبانا، ورجالا يومئون إيماء حيث توجهوا على قبلة كانوا أو على غير قبلة وكذلك لو كانوا على قبلة ثم رأوا طريقا خيرا لهم من جهة القبلة سلكوا عليها، وإن انحرفوا عن القبلة
    (قال الشافعي) :
    وإن رجع عنهم الطلب أو شغلوا أو أدركوا من يمتنعون به من الطلب، وقد افتتحوا الصلاة ركبانا، لم يجزهم إلا أن ينزلوا فيبنوا على صلاتهم مستقبلي القبلة كما وصفت في صلاة الخوف التي ليست بشدة الخوف، وإن كانوا يمتنعون ممن رأوا، ولا يأمنون طلبا أن يمتنعوا منه، كان لهم أن يتموا على أن يصلوا ركبانا.
    (قال الشافعي)
    :
    وهكذا لو تفرقوا هم والعدو فابتدءوا الصلاة بالأرض ثم جاءهم طلب كان لهم أن يركبوا ويتموا الصلاة ركبانا يومئون إيماء، وكذلك لهم إن قعدوا رجالة
    (قال الشافعي) :
    وهكذا أي عدو طلبهم من أهل البغي، وغيرهم إذا كانوا مظلومين
    (قال الشافعي) :
    وهكذا إن طلبهم سبع أو سباع
    (قال الشافعي) :
    وهكذا لو غشيهم سيل لا يجدون نجوة كان لهم أن يصلوا يومئون عدوا على أرجلهم، وركابهم فإن أمكنتهم نجوة لهم، ولركابهم ساروا إليها، وبنوا على ما مضى من صلاتهم قبل تمكنهم، وإن أمكنتهم نجوة لأبدانهم، ولا تمكنهم لركابهم كان لهم أن يمضوا، ويصلوا صلاة الخوف على وجوههم
    (قال الشافعي) :
    وإن أمكنهم نجوة يلتقي من ورائها، واديان فيقطعان الطريق كانت هذه كلا نجوة، وكان لهم أن يصلوا صلاة الخوف يومئون عدوا، وإنما لا يكون ذلك لهم إذا كان لهم طريق يتنكب عن السيل
    (قال الشافعي) :
    وإن غشيهم حريق كان هذا لهم ما لم يجدوا نجوة من جبل يلوذون به يأمنون به الحريق أو تحول ريح ترد الحريق أو يجدون ملاذا عن سنن الحريق فإذا وجدوا ذلك بنوا على صلاتهم مستقبلي القبلة بالأرض لا يجزيهم غير ذلك، فإن لم يفعلوا أعادوا الصلاة.
    (قال الشافعي) :
    وإن طلبه رجل صائل فهو مثل العدو والسبع، وكذلك الفيل، له أن يصلي في هذا كله يومئ إيماء حتى يأمنه
    (قال الشافعي)
    : وكذلك إن طلبته حية أو عدو ما كان مما ينال منه قتلا أو عقرا، فله أن يصلي صلاة شدة الخوف يومئ أين توجه
    (قال الشافعي)
    :
    فإذا تفرق العدو، ورجع بعض المسلمين إلى موضع فرأوا سوادا من سحاب أو غيره إبل أو جماعة ناس ليس بعدو أو غبار، وقرب منه حتى لو كان عدوا ناله سلاحه فظن أن كل ما رأى من هذا عدوا فصلى صلاة شدة الخوف يومئون إيماء ثم بان لهم أن لم يكن شيء منه عدوا، أعادوا تلك الصلاة.
    (قال الشافعي) :
    ولو صلى تلك الصلاة ثم لم يبن له شيء من عدو، ولم يدر أعدو هو أم لا؟ أعاد تلك الصلاة إنما يكون له أن يصليها على رؤية يعلم بعد الصلاة، وقبلها أنها حق أو خبر، وإن لم تكن رؤية يعلم أنه حق لأن الخبر عيان كعلمه أنه حق، فإما إذا شك فيعيد الصلاة لأنه على غير يقين من أن صلاته تلك مجزئة عنه.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو جاء خبر عن عدو فصلى تلك الصلاة ثم ثبت عنده أن العدو قد كان يطلبه، ولم يقرب منه القرب الذي يخاف رهقه منه كان عليه أن يعيد، وكذلك أن يطلبه، وبينه وبين النجاة منه، والمصير إلى جماعة يمتنع منه بها أو مدينة يمتنع فيها الشيء القريب الذي يحيط العلم أن العدو لا يناله على سرعة العدو وإبطاء المغلوب حتى يصير إلى النجاة وموضع الامتناع أو يكون خرجت إليه جماعة تلقاه معينة له على عدوه فقرب ما بينه وبينها حتى يحيط العلم أن الطلب لا يدركه حتى يصير إلى تلك الجماعة الممتنعة أو تصير إليه فمن صلى في هذه الحال مومئا أعاده كله.
    (قال الشافعي) :
    وكذلك إن طلبه العدو، وبينه وبين العدو أميال لم يكن له أن يصلي مومئا وكان عليه أن يصلي بالأرض ثم يركب فينجو، وسواء كان العدو ينزل لصلاة أو لا ينزل لها.
    (قال الشافعي) :
    وإن كان المسلمون هم الطالبين لم يكن لهم أن يصلوا ركبانا، ولا مشاة يومئون إيماء إلا في حال واحدة أن يقل الطالبون عن المطلوبين وينقطع الطالبون عن أصحابهم فيخافون عودة المطلوبين عليهم فإذا كان هذا هكذا كان لهم أن يصلوا يومئون إيماء، ولم يكن لهم الإمعان في الطلب فكان عليهم العودة إلى أصحابهم، وموضع منعتهم، ولم يكن لهم أن ينتقلوا بالطلب حتى يضطروا إلى أن يصلوا المكتوبة إيماء
    (قال الشافعي) :
    ومثله أن يكثروا، ويمعنوا حتى يتوسطوا بلاد العدو فيقلوا في كثرة العدو فيكون عليهم أن يرجعوا، ولهم أن يصلوا في هذه الحال مومئين إذا خافوا عودة العدو إن نزلوا، ولا يكون لهم أن يمعنوا في بلاد العدو، ولا طلبه إذا كانوا يضطرون إلى أن يومئوا إيماء، ولهم ذلك ما كانوا عند أنفسهم لا يضطرون إليه
    (قال الشافعي) :
    وإذا صلوا يومئون إيماء فعاد عليهم العدو من جهة، توجهوا إليهم، وهم في صلاتهم لا يقطعونها، وداروا معهم أين داروا
    (قال الشافعي)
    :
    ولا يقطع صلاتهم توجههم إلى غير القبلة، ولا أن يترس أحدهم عن نفسه أو يضرب الضربة الخفيفة أو رهقة عدو أو يتقدم التقدم الخفيف عليه برمح أو غيره فإن أعاد الضرب، وأطال التقدم قطع صلاته، وكان عليه إذا أمكنه أن يصلي غير مقاتل، ومتى لم يمكنه ذلك صلى وهو يقاتل، وأعاد الصلاة إذا أمكنه ذلك، ولا يدع الصلاة في حال يمكنه أن يصلي فيها.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن كان المسلمون مطلوبين متحيزين إلى فئة أو متحرفين لقتال صلوا يومئون، ولم يعيدوا إذا قدروا على الصلاة بالأرض، وإن كانوا مولين المشركين أدبارهم غير متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة فصلوا يومئون أعادوا لأنهم حينئذ عاصون والرخصة عندنا لا تكون إلا لمطيع فأما العاصي فلا.
    [قصر الصلاة في الخوف]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    والخوف في الحضر، والسفر سواء فيما يجوز من الصلاة، وفيه إلا أنه ليس للحاضر أن يقصر الصلاة وصلاة الخوف في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة كهو في الحضر، ولا تقصر بالخوف الصلاة دون غاية تقصر إلى مثلها الصلاة في سفر ليس صاحبه بخائف
    (قال) :
    وقد قيل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر بذي قرد، ولو ثبت هذا عندي لزعمت أن الرجل إذا جمع الخوف، وضربا في الأرض، قريبا أو بعيدا، قصر فإذا لم يثبت فلا يقصر الخائف إلا أن يسافر السفر الذي إن سافره غير خائف قصر الصلاة.
    (قال الشافعي) :
    وإذا أغار المسلمون في بلاد المشركين لم يقصروا إلا أن ينووا من موضعهم الذي أغاروا منه الإغارة على موضع تقصر إليه الصلاة، فإذا كانت نيته أن يغير إلى موضع تقصر فيه الصلاة فإذا وجد مغارة دونه أغار عليه، ورجع لم يقصر حتى يفرد النية لسفر تقصر فيه الصلاة
    (قال الشافعي) :
    وهكذا هو إذا غشينا
    (قال الشافعي) :
    وإذا فعل ما وصفت فبلغ في مغاره ما تقصر فيه الصلاة كان له قصر الصلاة راجعا إن كانت نيته العودة إلى عسكره أو بلده، وإن كان نيته مغارا حيث وجده فيما بينه، وبين الموضع الذي يرجع إليه لم يقصر راجعا، وكان كهو بادئا لا يقصر لأن نيته ليست قصد وجه واحد تقصر إليه الصلاة.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو بلغ في مغاره موضعا تقصر فيه الصلاة من عسكره الذي يرجع إليه ثم عزم على الرجوع إلى عسكره كان له أن يقصر فإن سافر قليلا، وقصر أو لم يقصر ثم حدثت له نية في أن يقصد قصد مغار حيث وجده كان عليه أن يتم، ولا يكون القصر أبدا إلا أن يثبت سفره ينوي بلدا تقصر إلى مثله الصلاة.
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا غزا الإمام العدو فكان سفره مما تقصر فيه الصلاة ثم أقام لقتال مدينة أو عسكر أو رد السرايا أو لحاجة أو عرجة في صحراء أو إلى مدينة أو في مدينة من بلاد العدو أو بلاد الإسلام، وكل ذلك سواء فإن أجمع مقام أربع أتم، وإن لم يجمع مقام أربع لم يتم فإن ألجأت به حرب أو مقام لغير ذلك فاستيقن مقام أربع أتم، وإن لم يستيقن قصر ما بينه وبين ثماني عشرة ليلة فإن جاوز ذلك أتم، فإذا شخص عن موضعه قصر. ثم هكذا كلما أقام، وسافر لا يختلف.
    (قال الشافعي) :
    وإذا غزا أحد من موضع لا تقصر فيه الصلاة أتم الصلاة، وإن كان الإمام مقيما فصلي صلاة الخوف بمسافرين، ومقيمين أتموا معا، وكذلك يتم من المسافرين من دخل معه قبل أن يسلم من الصلاة فإذا صلى صلاة خوف فصلى الركعة الأولى، وهو مسافر بمسافرين ومقيمين ثبت قائما يقرأ حتى يقضي المسافرون ركعة والمقيمون ثلاثا ثم ينصرفون، وتأتي الطائفة الأخرى، ويصلي لهم الركعة التي بقيت، ويثبت جالسا حتى يقضي المسافرون ركعة، والمقيمون ثلاثا، ولو سلم، ولم ينتظر الآخرين أجزأته صلاته، وأجزأتهم صلاتهم إذا قصر، وأكره ذلك له،، وصلاة الخوف في البر، والبحر سواء؛ لا تختلف في شيء.
    [ما جاء في الجمعة والعيدين في الخوف]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ولا يدع الإمام الجمعة، ولا العيد، ولا صلاة الخسوف إذ أمكنه أن يصليها ويحرس فيها، ويصليها كما يصلي المكتوبات في الخوف، وإذا كان شدة الخوف صلاها كما يصلي المكتوبات في شدة الخوف يومئ إيماء، ولا تكون الجمعة إلا بأن يخطب قبلها فإن لم يفعل صلاها ظهرا أربعا، وإذا صلى العيدين أو الخسوف خطب بعدهما فإن أعجل فترك الخطبة لم تكن عليه إعادة، وإن شغل بالحرب أحببت أن يوكل من يصلي، فإن لم يفعل حتى تزول الشمس في العيدين لم يقض وإن لم يفعل حتى تنجلي الشمس، والقمر في الكسوف لم يقض، وإن لم يفعل حتى يدخل، وقت العصر في الجمعة لم يقض، وصلى الظهر أربعا
    (قال الشافعي) :
    وهذا إذا كان خائفا بمصر تجمع فيه الصلاة، مقيما كان أو مسافرا، غير أنه إذا كان مسافرا فلم يصل الجمعة صلى الظهر ركعتين، وأتم أهل المصر لأنفسهم
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا أجدب، وهو محارب فلا بأس أن يدع الاستسقاء وإن كان في عدد كثير ممتنع فلا بأس أن يستسقي، ويصلي في الاستسقاء صلاة الخوف في المكتوبات، وإن كانت شدة الخوف لم يصل في الاستسقاء لأنه يصلح له تأخيره، ويصلي في العيدين، والخسوف لأنه لا يصلح له تأخيرهما، وإذا كان الخوف خارجا من المصر في صحراء له تأخيره، ويصلي في العيدين، والخسوف لأنه لا يصلح له تأخيرهما، وإذا كان الخوف خارجا من المصر في صحراء تقصر فيها الصلاة أو لا تقصر فلا يصلون الجمعة، ويصلونها ظهرا وكذلك لا أحضهم على صلاة العيدين، وإن فعلوا لم أكرهه لهم، ولهم أن يستسقوا، ولا أرخص لهم في ترك صلاة الكسوف وإنما أمرتهم بصلاة الكسوف لأنه يصليها السفر، ولم أكره لهم صلاة العيدين لأنه يجوز أن يصليها المنفرد، وكذلك أيضا صلاة الاستسقاء فأما الجمعة فلا تجوز لأنها إحالة مكتوبة إلى مكتوبة إلا في مصر، وجماعة.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (38)
    صــــــــــ 261 الى صـــــــــــ265

    [تقديم الإمام في صلاة الخوف]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    وإذا أحدث الإمام في صلاة الخوف فهو كحدثه في غير صلاة الخوف، وأحب إلي أن لا يستخلف أحدا، فإن كان أحدث في الركعة الأولى أو بعدما صلاها، وهو واقف في الآخر فقرأ، ولم تدخل معه الطائفة الثانية، قضت الطائفة الأولى ما عليهم من الصلاة، وأم الطائفة الأخرى إمام منهم أو صلوا فرادى، ولو قدم رجلا فصلى بهم أجزأ عنهم إن شاء الله تعالى.
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا أحدث الإمام، وقد صلى ركعة، وهو قائم يقرأ ينتظر فراغ التي خلفه، وقف الذي قدم كما يقف الإمام، وقرأ في وقوفه، فإذا فرغت الطائفة التي خلفه، ودخلت الطائفة التي وراءه قرأ بأم القرآن، وقدر سورة ثم ركع بهم، وكان في صلاتهم لهم كالإمام الأول لا يخالفه في شيء إذا أدرك الركعة الأولى مع الإمام الأول، وانتظرهم حتى يتشهدوا ثم يسلم بهم.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن كان الإمام الذي قدمه المحدث مقيما، والذي قدم آخرا مسافرا فسواء، وعليه صلاة مقيم إذا دخل مع الإمام في الصلاة قبل أن يحدث وإن كان الإمام الذي قدمه مسافرا، والرجل الذي قدمه مقيما، وقد صلى المحدث ركعة فعلى المقدم أن يتقدم فيصلي ركعة ثم يثبت جالسا، ويصلي من خلفه من المسافرين والمقيمين ركعتين ركعتين يتشهدون، ويسلمون لأنهم قد صاروا إلى صلاة مقيم فعليهم التمام، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعتين اللتين بقيتا من صلاته ويقومون فيقضون لأنفسهم ركعتين ثم يسلم بهم، ولا يجزيهم غير ذلك لأن كلا دخل مع إمام مقيم في صلاته.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن كان الذي قدم الإمام لن يدخل في صلاة الإمام حتى أحدث الإمام فقدمه الإمام فإن كان الإمام المحدث لم يركع من الصلاة ركعة، وقد كبر المقدم معه قبل أن يحدث فله أن يتقدم، وعليه إذا تقدم أن يقرأ بأم القرآن، وأن يزيد معها شيئا أحب إلي ثم يصلي بالقوم فإن كان مقيما صلى أربعا وإن كان مسافرا صلى ركعتين لأنه مبتدئ الصلاة بهم فسواء كان الإمام الذي قدمه مقيما فعلى من أدرك معه الصلاة قبل أن يحدث من المسافرين أن يصلوا أربعا، وليس ذلك على من لم يدرك معه الصلاة قبل أن يحدث من المسافرين فأما المقيمون فيصلون أربعا بكل حال.
    (قال الشافعي) :
    وإن كان الإمام المحدث صلى ركعة من صلاته ثم قدم رجلا لم يدرك معه من الصلاة شيئا فليس له أن يتقدم، فإن تقدم فعليه استئناف الصلاة، وإن استأنفها فتبعه من خلف الإمام ممن أدرك صلاة الإمام قبل أن يخرج منها صلى معه الركعة أو لم يصلها فعليهم معا الإعادة لأن من أدرك معه الركعة يزيد في صلاته عامدين غير ساهين ولا ساه إمامه،، ومن صلى معه ممن لم يدرك الصلاة مع الإمام المحدث فصلاته عنه مجزئة
    (قال الشافعي)
    :
    وإن بنى هو على صلاة الإمام فصلاته فاسدة لأنه لا داخل مع الإمام في صلاته فيتبعها، ولا مبتدئ لنفسه فيعمل عمل المبتدئ، وكذلك صلاة من خلفه كلهم فاسدة لأنه رجل عمد أن يقلب صلاته.
    (قال الشافعي) :
    وإن كان كبر مع الإمام قبل أن يحدث الإمام، وقد صلى الإمام ركعة بنى على صلاة الإمام كأنه الإمام لا يخالفه إلا فيما سأذكره إن شاء الله تعالى حتى يتشهد في آخر صلاة الإمام، وذلك أن يكون الإمام أكمل ركعة، وثبت قائما ثم قدمه فيثبت قائما حتى تقضي الطائفة الأولى وتسلم، وتأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعة التي بقيت على الإمام، ويجلس ويتشهد حتى تقضي الطائفة الأخرى فإذا قضوا التشهد قدم رجلا منهم فسلم بهم ثم قام هو، وبنى لنفسه حتى تكمل صلاته
    (قال الشافعي) :
    ولو لم يزد على أن يصلي ركعة ثم يجلس للتشهد فيسلم، ولا ينتظر الطائفة حتى تقضي فيسلم بها كرهت ذلك له ولا تفسد صلاته، ولا صلاتهم.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو أن إماما ابتدأ صلاة الخوف ثم أحدث فقدم رجلا ممن خلفه فلم يقض من الصلاة شيئا حتى حدث لهم أمن، إما لجماعة كثرت، وقل العدو، وإما بتلف العدو أو غير ذلك من وجوه الأمن، صلى الإمام المقدم صلاة أمن بمن خلفه، وجاءت الطائفة فصلت معهم لأن الخوف قد ذهب فإن لم تفعل حتى صلى بها إمام غيره أو صلت فرادى، وكانوا كقوم لم يصلوا مع الجماعة الأولى لعذر.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو كان خوف يوم الجمعة، وكان محروسا إذا خطب بطائفة، وحضرت معه طائفة الخطبة ثم صلى بالطائفة التي حضرت الخطبة ركعة، وثبت قائما فأتموا لأنفسهم بقراءة يجهرون فيها ثم، وقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة التي لم تصل فصلت معه الركعة التي بقيت عليه من الجمعة، وثبت جالسا فأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم، ولو انصرفت الطائفة التي حضرت الخطبة حين فرغ من خطبته فحرسوا الإمام، وجاءت الطائفة التي لم تحضر فصلى بهم لم يجزه أن يصليها بهم إلا ظهرا أربعا لأنه قد ذهب عنه من حضر الخطبة فصار كإمام خطب، وحده ثم جاءته جماعة قبل أن يصلي فصلى بهم
    (قال الشافعي)
    :
    ولو كان بقي معه أربعون رجلا ممن حضر الخطبة فصلى بهم وبالطائفة التي تحرسه ركعة، وثبت قائما، وأتموا لأنفسهم ثم جاءت الطائفة التي كانت حاضرة خطبته ثم لم تدخل في صلاته حتى حرست العدو فصلى بهم ركعة أجزأتهم صلاته لأنه قد صلى بأربعين رجلا حضروا الخطبة، وزادت جماعة لم يحضروا الخطبة.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو شغلوا بالعدو فلم يحضروا الخطبة ويدخل معه في الصلاة أربعون رجلا لم يكن له أن يصلي صلاة الجمعة، وكان عليه أن يصلي ظهرا أربعا صلاة الخوف الأولى إن أمكنه أو صلاته عند شدة الخوف إن لم يمكنه.
    (قال الشافعي)
    :
    ولو لم يمكنه صلاة الجمعة فصلى ظهرا أربعا ثم حدثت للعدو حال أمكنه فيها أن يصلي الجمعة لم يجب عليه، ولا على من صلى خلفه إعادة الجمعة، ووجب على من لم يصل معه إن كانوا أربعين أن يقدموا رجلا فيصلي بهم الجمعة فإن لم يفعلوا، وصلوا ظهرا كرهت لهم ذلك وأجزأت عنه
    (قال الشافعي) :
    ولو أعاد هو، ومن معه صلاة الجمعة مع إمام غيره لم أكره ذلك، وإن أعادها هو إماما، ومن معه مأمومين لم أكره ذلك للمأمومين، وكرهته للإمام، ولا إعادة على من صلاها خلفه ممن صلاها أو لم يصلها إذا صلى في، وقت الجمعة.
    [كتاب صلاة العيدين]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال الله تبارك، وتعالى في سياق شهر رمضان {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} [البقرة: 185] ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه» يعني الهلال «فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا صام الناس شهر.
    رمضان برؤية أو شاهدين عدلين على رؤية ثم صاموا ثلاثين يوما ثم غم عليهم الهلالأفطروا، ولم يريدوا شهودا.
    (قال)
    :
    وإن صاموا تسعا، وعشرين يوما ثم غم عليهم لم يكن لهم أن يفطروا حتى يكملوا ثلاثين أو يشهد شاهدان عدلان برؤيته ليلة ثلاثين.
    (قال الشافعي) :
    يقبل فيه شاهدان عدلان في جماعة الناس، ومنفردين، ولا يقبل على الفطر أقل من شاهدين عدلين، ولا في مقطع حق لأن الله تعالى أمر بشاهدين وشرط العدل في الشهود أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن عبد الله عن عمر بن عبد العزيز أنه كان لا يجيز في الفطر إلا شاهدين.
    (قال الشافعي)
    :
    فإن شهد شاهدان في يوم ثلاثين أن الهلال كان بالأمس، أفطر الناس أي ساعة عدل الشاهدان، فإن عدلا قبل الزوال صلى الإمام بالناس صلاة العيدين وإن لم يعدلا حتى تزول الشمس لم يكن عليهم أن يصلوا يومهم بعد الزوال، ولا الغد لأنه عمل في، وقت فإذا جاوز ذلك الوقت لم يعمل في غيره،
    فإن قال قائل: ولم لا يكون النهار وقتا له؟
    قيل له:
    إن شاء الله تعالى إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سن صلاة العيد بعد طلوع الشمس، وسن مواقيت الصلاة، وكان فيما سن دلالة على أنه إذا جاء، وقت صلاة مضى وقت التي قبلها فلم يجز أن يكون آخر وقتها إلا إلى وقت الظهر لأنها صلاة تجمع فيها، ولو ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج بالناس من الغد إلى عيدهم قلنا به، وقلنا أيضا فإن لم يخرج بهم من الغد خرج بهم من بعد الغد، وقلنا يصلي في يومه بعد الزوال إذا جاز أن يزول فيه ثم يصلي جاز في هذه الأحوال كلها، ولكنه لا يثبت عندنا والله تعالى أعلم.ولو شهد شاهدان أو أكثر فلم يعرفوا بعدل أو جرحوا فلهم أن يفطروا، وأحب لهم أن يصلوا صلاة العيد لأنفسهم جماعة، وفرادى مستترين، ونهيتهم أن يصلوها ظاهرين، وإنما أمرتهم أن يصلوا مستترين، ونهيتهم أن يصلوا ظاهرين لئلا ينكر عليهم، ويطمع أهل الفرقة في فراق عوام المسلمين.
    (قال) :
    وهكذا لو شهد، واحد فلم يعدل لم يسعه إلا الفطر، ويخفي فطره لئلا يسيء أحد الظن به، ويصلي العيد لنفسه ثم يشهد بعد إن شاء العيد مع الجماعة فيكون نافلة خيرا له، ولا يقبل فيه شهادة النساء العدول، ولا شهادة أقل من شاهدين عدلين، وسواء كانا قرويين أو بدويين.
    (قال) :
    وإن غم عليهم فجاءهم شاهدان بأن هلال شهر رمضان رئي عشية الجمعة نهارا بعد الزوال أو قبله فهو هلال ليلة السبت لأن الهلال يرى نهارا، وهو هلال الليلة المستقبلة لا الليلة الماضية، ولا يقبل فيه إلا رؤيته ليلة كذا فأما رؤيته بنهار فلا يدل على أنه رئي بالأمس، وإن غم عليهم فأكملوا العدة ثلاثين ثم ثبت عندهم بعدما مضى النهار في أول الليل أو آخره أنهم صاموا يوم الفطر إما بأن يكون قد رأوا هلال شهر رمضان رئي قبل رؤيتهم، وإما أن يكون قد رأوا هلال شوال ليلة ثلاثين أفطروا من يومهم، وخرجوا للعيد من غدهم، وهم مخالفون للذين علموا الفطر قبل أن يكملوا الصوم لأن هؤلاء لم يعلموه إلا بعد إكمالهم الصوم فلم يكونوا مفطرين بشهادة أولئك علموه، وهم في الصوم فأفطروا بشهادة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عطاء بن إبراهيم مولى صفية بنت عبد المطلب عن عروة بن الزبير عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «الفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون»
    (قال الشافعي)
    :
    فبهذا نأخذ، وإنما كلف العباد الظاهر، ولم يظهر على ما وصفت أن أفطر إلا يوم أفطرنا.
    (قال)
    :
    ولو كان الشهود شهدوا لنا على ما يدل أن الفطر يوم الخميس فلم يعدلوا أكملنا صومه فعدلوا ليلة الجمعة أو يوم الجمعة، لم نخرج للعيد لأنا قد علمنا أن الفطر كان يوم الخميس قبل يكمل صومه، وإنما وقفناه على تعديل البينة فلما عدلت كان الفطر يوم الخميس بشهادتهم
    (قال) :
    ولو لم يعدلوا حتى تحل صلاة العيد صليناها، وإن عدلوا بعد ذلك لم يضرنا
    (قال) :
    وإذا عدلوا فإن كنا نقصنا من صوم شهر رمضان يوم بأنه خفي علينا أو صمنا يوم الفطر قضينا يوما.
    (قال الشافعي)

    والعيد يوم الفطر نفسه، والعيد الثاني يوم الأضحى نفسه، وذلك يوم عاشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي يلي يوم عرفة.
    (قال) :
    والشهادة في هلال ذي الحجة ليستدل على يوم عرفة، ويوم العيد، وأيام منى كهي في الفطر لا تختلف في شيء يجوز فيها ما يجوز فيها، ويرد فيها ما يرد فيها، ويجوز الحج إذا وقف بعرفة على الروية، وإن علموا بعد الوقوف بعرفة أن يوم عرفة يوم النحر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عنه قلت لعطاء رجل حج فأخطأ الناس يوم عرفة أيجزى عنه؟
    قال:
    نعم أي لعمري إنها لتجزي عنه
    (قال الشافعي) :
    وأحسبه قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «فطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون» أراه قال: "، وعرفة يوم تعرفون ".
    [العبادة ليلة العيدين]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء قال:
    " من قام ليلة العيد محتسبا لم يمت قلبه حين تموت القلوب ".
    (قال الشافعي)
    :
    وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليال في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرون على مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة العيد فيدعون ويذكرون الله حتى تمضي ساعة من الليل، وبلغنا أن ابن عمر كان يحيي ليلة جمع، وليلة جمع هي ليلة العيد لأن صبيحتها النحر
    (قال الشافعي) :
    وأنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا.
    [التكبير ليلة الفطر]
    (قال الشافعي)
    - رحمه الله تعالى -:
    قال الله تبارك وتعالى: في شهر رمضان {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} [البقرة: 185] قال فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن أن يقول لتكملوا العدة عدة صوم شهر رمضان وتكبروا الله عند إكماله على ما هداكم، وإكماله مغيب الشمس من آخر يوم من أيام شهر رمضان
    (قال الشافعي) :
    وما أشبه ما قال بما قال، والله تعالى أعلم
    (قال الشافعي) :
    فإذا رأوا هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة، وفرادى في المسجد والأسواق، والطرق، والمنازل، ومسافرين، ومقيمين في كل حال، وأين كانوا، وأن يظهروا التكبير، ولا يزالون يكبرون حتى يغدوا إلى المصلى، وبعد الغدو حتى يخرج الإمام للصلاة ثم يدعوا التكبير، وكذلك أحب في ليلة الأضحى لمن لم يحج فأما الحاج فذكره التلبية أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني صالح بن محمد بن زائدة أنه سمع ابن المسيب وعروة بن الزبير وأبا سلمة وأبا بكر بن عبد الرحمن يكبرون ليلة الفطر في المسجد يجهرون بالتكبير أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني صالح بن محمد بن زائدة عن عروة بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما كانا يجهران بالتكبير حين يغدوان إلى المصلى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني يزيد بن الهاد أنه سمع نافع بن جبير يجهر بالتكبير حين يغدو إلى المصلى يوم العيد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني ابن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا غدا إلى المصلى يوم العيد كبر فيرفع صوته بالتكبير أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس فيكبر حتى يأتي المصلى يوم العيد ثم يكبر بالمصلى حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير.
    [الغسل للعيدين]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا - رضي الله عنه - كان يغتسل يوم العيد ويوم الجمعة، ويوم عرفة، وإذا أراد أن يحرم.
    (قال الشافعي) :
    وأستحب هذا كله،
    وليس من هذا شيء أوكد من غسل الجمعة وإن توضأ رجوت أن يجزئه ذلك إن شاء الله تعالى:
    إذا صلى على طهارة (قال) :، وليس لأحد أن يتيمم في المصر لعيد ولا جنازة، وإن خاف فوتهما،
    ولا له أن يكون فيهما إلا طاهرا كطهارته للصلاة المكتوبة لأن كلا صلاة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرني يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة عن سلمة بن الأكوع أنه كان يغتسل يوم العيد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرنا صالح بن محمد بن زائدة عن عروة بن الزبير قال: السنة أن يغتسل يوم العيدين، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الزهري عن ابن المسيب أنه قال: الغسل في العيدين سنة
    (قال الشافعي) :
    كان مذهب سعيد وعروة في أن الغسل في العيدين سنة أنه أحسن وأعرف، وأنظف، وأن قد فعله قوم صالحون لا أنه حتم بأنه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرني المطلب بن السائب عن ابن أبي وداعة عن سعيد بن المسيب أنه كان يغتسل يوم العيدين إذا غدا إلى المصلى.
    [وقت الغدو إلى العيدين]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني أبو الحويرث «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى عمرو بن حزم، وهو بنجران أن عجل الغدو إلى الأضحى، وأخر الفطر، وذكر الناس» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني الثقة أن الحسن قال «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغدو إلى العيدين الأضحى والفطر حين تطلع الشمس فيتم طلوعها»
    (قال الشافعي) :
    يغدو إلى الأضحى قدر ما يوافي المصلى حين تبرز الشمس، وهذا أعجل ما يقدر عليه، ويؤخر الغدو إلى الفطر عن ذلك قليلا غير كثير
    (قال) :
    والإمام في ذلك في غير حال الناس أما الناس فأحب أن يتقدموا حين ينصرفون من الصبح ليأخذوا مجالسهم ولينتظروا الصلاة فيكونوا في أجرها إن شاء الله تعالى ما داموا ينتظرونها، وأما الإمام فإنه إذا غدا لم يجعل، وجهه إلا إلى المصلى فيصلي، وقد غدا قوم حين صلوا الصبح، وآخرون بعد ذلك، وكل ذلك حسن
    (قال الشافعي) :
    وإن غدا الإمام حين يصلي الصبح، وصلى بعد طلوع الشمس لم يعد، ولو صلى قبل الشمس أعاد لأنه صلى قبل، وقت العيد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن أبي بكر عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى ابنه، وهو عامل على المدينة " إذا طلعت الشمس يوم العيد فاغد إلى المصلى "، وكل هذا واسع أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني ابن نسطاس أنه رأى ابن المسيب في يوم الأضحى، وعليه برنس أرجوان، وعمامة سوداء غاديا في المسجد إلى المصلى يوم العيد حين صلى الصبح بعدما طلعت الشمس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني ابن حرملة أنه رأى سعيد بن المسيب يغدو إلى المصلى يوم العيد حين يصلي الصبح
    (قال الشافعي)
    :
    وكل هذا واسع إذا وافى الصلاة، وأحبه إلي أن يتمهل ليأخذ مجلسا. .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (39)
    صــــــــــ 266 الى صـــــــــــ270

    [الأكل قبل العيد في يوم الفطر]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن ابن المسيب قال كان المسلمون يأكلون في يوم الفطر قبل الصلاة ولا يفعلون ذلك يوم النحر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأكل قبل الغدو في يوم الفطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن ابن المسيب قال كان الناس يؤمرون بالأكل قبل الغدو يوم الفطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأمر بالأكل قبل الخروج إلى المصلى يوم الفطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن صفوان بن سليم «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطعم قبل أن يخرج إلى الجبان يوم الفطر، ويأمر به»
    (قال الشافعي)
    :
    ونحن نأمر من أتى المصلى أن يطعم ويشرب قبل أن يغدو إلى المصلى، وإن لم يفعل أمرناه بذلك في طريقه، أو المصلى إن أمكنه، وإن لم يفعل ذلك فلا شيء عليه، ويكره له أن لا يفعل، ولا نأمره بهذا يوم الأضحى، وإن طعم يوم الأضحى فلا بأس عليه.
    [الزينة للعيد]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن جده «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس برد حبرة في كل عيد» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن جعفر قال «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتم في كل عيد» أخبرنا الربيع قال قال الشافعي، وأحب أن يلبس الرجل أحسن ما يجد في الأعياد الجمعة والعيدين، ومحافل الناس، ويتنظف، ويتطيب إلا أني أحب أن يكون في الاستسقاء خاصة نظيفا متبذلا، وأحب العمامة في البرد والحر للإمام، وأحب للناس ما أحببت للإمام من النظافة، والتطيب، ولبس أحسن ما يقدرون عليه إلا أن استحبابي للعمائم لهم ليس كاستحبابها للإمام، ومن شهد منهم هذه الصلوات طاهرا تجوز له الصلاة، ولابسا مما يجوز به الصلاة من رجل وامرأة أجزأه.
    (قال)
    :
    وأحب إذا حضر النساء الأعياد والصلوات يحضرنها نظيفات بالماء غير متطيبات، ولا يلبسن ثوب شهرة ولا زينة، وأن يلبسن ثيابا قصدة من البياض وغيره، وأكره لهن الصبغ كلها فإنها تشبه الزينة والشهرة أو هما.
    (قال الشافعي) :
    ويلبس الصبيان أحسن ما يقدرون عليه ذكورا أو إناثا ويلبسون الحلي والصيغ، وإن حضرتها امرأة حائض لم تصل، ودعت، ولم أكره لها ذلك، وأكره لها أن تحضرها غير حائض إلا طاهرة للصلاة لأنها لا تقدر على الطهارة، وأكره حضورها إلا طاهرة إذا كان الماء يطهرها.
    [الركوب إلى العيدين]
    (قال الشافعي)
    : - رحمه الله تعالى -
    بلغنا أن الزهري قال «ما ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عيد، ولا جنازة قط»
    (قال الشافعي) :
    وأحب أن لا يركب في عيد، ولا جنازة إلا أن يضعف من شهدها من رجل أو امرأة عن المشي فلا بأس أن يركب، وإن ركب لغير علة فلا شيء عليه قال الربيع هذا عندنا على الذهاب إلى العيد، والجنازة فأما الرجوع منهما فلا بأس.
    [الإتيان من طريق غير التي غدا منها في صلاة العيد]
    الإتيان من طريق غير التي غدا منها أخبرنا الربيع قال قال الشافعي، وبلغنا «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغدو من طريق ويرجع من أخرى» فأحب ذلك للإمام، والعامة، وإن غدوا ورجعوا من طريق واحدة فلا شيء عليهم إن شاء الله تعالى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن عبد الله بن حنطب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغدو يوم العيد إلى المصلى من الطريق الأعظم فإذا رجع رجع من الطريق الأخرى على دار عمار بن ياسر» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني «معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن أبيه عن جده أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجع من المصلى يوم عيد فسلك على التمارين من أسفل السوق حتى إذا كان عند مسجد الأعرج الذي هو عند موضع البركة التي بالسوق قام فاستقبل فج أسلم فدعا ثم انصرف»
    (قال الشافعي) :
    فأحب أن يصنع الإمام مثل هذا وأن يقف في موضع فيدعو الله عز وجل مستقبل القبلة، وإن لم يفعل فلا كفارة ولا إعادة عليه
    [الخروج إلى الأعياد]
    (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى -
    بلغنا «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة» وكذلك من كان بعده، وعامة أهل البلدان إلا أهل مكة فإنه لم يبلغنا أن أحدا من السلف صلى بهم عيدا إلا في مسجدهم
    (قال الشافعي) :
    وأحسب ذلك، والله تعالى أعلم لأن المسجد الحرام خير بقاع الدنيا فلم يحبوا أن يكون لهم صلاة إلا فيه ما أمكنهم (قال) : وإنما قلت هذا لأنه قد كان، وليست لهم هذه السعة في أطراف البيوت بمكة سعة كبيرة، ولم أعلمهم صلوا عيدا قط، ولا استسقاء إلا فيه.
    (قال الشافعي)
    :
    فإن عمر بلد فكان مسجد أهله يسعهم في الأعياد لم أر أنهم يخرجون منه، وإن خرجوا فلا بأس، ولو أنه كان لا يسعهم فصلى بهم إمام فيه كرهت له ذلك، ولا إعادة عليهم.
    (قال)
    :
    وإذا كان العذر من المطر أو غيره أمرته بأن يصلي في المساجد ولا يخرج إلى صحراء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني جعفر بن محمد عن رجل أن أبان بن عثمان صلى بالناس في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر في يوم مطير ثم قال لعبد الله بن عامر حدثهم فأخذ يحكي عن عمر بن الخطاب فقال عبد الله صلى عمر بن الخطاب بالناس في المسجد في يوم مطير في يوم الفطر، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني صالح بن محمد بن زائدة أن عمر بن الخطاب صلى بالناس في يوم مطير في المسجد مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    [الصلاة قبل العيد وبعده]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم العيدين بالمصلى، ولم يصل قبلهما، ولا بعدهما شيئا ثم انفتل إلى النساء فخطبهن قائما،
    وأمر بالصدقة قال: فجعل النساء يتصدقن بالقرط وأشباهه»
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عمرو بن أبي عمرو «عن ابن عمر أنه غدا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم العيد إلى المصلى ثم رجع إلى بيته لم يصل قبل العيد ولا بعده» ،
    أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: وهكذا أحب للإمام لما جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولما أمرنا به أن يغدو من منزله قبل أن تحل صلاة النافلة ونأمره إذا جاء المصلى أن يبدأ بصلاة العيد ونأمره إذا خطب أن ينصرف
    (قال الشافعي) :
    وأما المأموم فمخالف للإمام لأنا نأمر المأموم بالنافلة قبل الجمعة وبعدها، ونأمر الإمام أن يبدأ بالخطبة ثم بالجمعة لا يتنفل، ونحب له أن ينصرف حتى تكون نافلته في بيته، وأن المأموم خلاف الإمام
    (قال)
    :
    ولا أرى بأسا أن يتنفل المأموم قبل صلاة العيد وبعدها في بيته وفي المسجد وطريقه والمصلى وحيث أمكنه التنفل إذا حلت صلاة النافلة بأن تبرز الشمس، وقد تنفل قوم قبل صلاة العيد، وبعدها، وآخرون قبلها، ولم يتنفلوا بعدها، وآخرون بعدها، ولم يتنفلوا قبلها وآخرون تركوا التنفل قبلها، وبعدها، وهذا كما يكون في كل يوم يتنفلون، ولا يتنفلون ويتنفلون فيقلون ويكثرون، ويتنفلون قبل المكتوبات وبعدها وقبلها، ولا يتنفلون بعدها، ويدعون التنفل قبلها، وبعدها لأن كل هذا مباح، وكثرة الصلوات على كل حال أحب إلينا
    (قال) :
    وجميع النوافل في البيت أحب إلي منها ظاهرا إلا في يوم الجمعة
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرنا إبراهيم قال أخبرني سعد بن إسحاق عن عبد الملك بن كعب أن كعب بن عجرة لم يكن يصلي قبل العيد ولا بعده.
    (قال الشافعي)
    :
    وروي هذا عن ابن مسعود أو أبي مسعود وحذيفة وجابر وابن أبي أوفى وشريح وابن معقل وروي عن سهل بن سعد،
    وعن رافع بن خديج أنهما كانا يصليان قبل العيد وبعده أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي ابن الحنفية عن أبيه قال: «كنا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر والأضحى لا نصلي في المسجد حتى نأتي المصلى فإذا رجعنا مررنا بالمسجد فصلينا فيه»[من قال لا آذان للعيدين] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الزهري أنه قال لم يؤذن للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا لأبي بكر، ولا لعمر، ولا لعثمان في العيدين حتى أحدث ذلك معاوية بالشام، فأحدثه الحجاج بالمدينة حين أمر عليها، وقال الزهري: «وكان النبي - صلى الله عليه وسلم -
    يأمر في العيدين المؤذن أن يقول: الصلاة جامعة»

    (قال الشافعي) :
    ولا أذان إلا للمكتوبة فإنا لم نعلمه أذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا للمكتوبة، وأحب أن يأمر الإمام المؤذن أن يقول في الأعياد، وما جمع الناس له من الصلاة " الصلاة جامعة " أو إن الصلاة،
    وإن قال
    :
    هلم إلى الصلاة لم نكرهه،
    وإن قال: حي على الصلاة فلا بأس، وإن كنت أحب أن يتوقى ذلك لأنه من كلام الأذان، وأحب أن يتوقى جميع كلام الأذان، ولو أذن أو قام للعيد كرهته له ولا إعادة عليه.
    [أن يبدأ بالصلاة قبل الخطبة]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب السختياني قال سمعت عطاء بن أبي رباح يقول سمعت «ابن عباس يقول: أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى قبل الخطبة يوم العيد ثم خطب فرأى أنه لم يسمع من النساء فأتاهن فذكرهن ووعظهن، وأمرهن بالصدقة ومعه بلال قائل بثوبه هكذا فجعلت المرأة تلقي الخرص والشيء» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبو بكر بن عمرو بن عبد العزيز عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يصلون في العيدين قبل الخطبة» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان يصلون في العيدين قبل الخطبة» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرنا محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أن أبا سعيد قال: أرسل إلي مروان،
    والي رجل قد سماه فمشى بنا حتى أتى المصلى فذهب ليصعد فجبذته إلي فقال:
    يا أبا سعيد ترك الذي تعلم،
    قال أبو سعيد فهتفت ثلاث مرات فقلت: والله لا تأتون إلا شرا منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني داود بن الحصين عن عبد الله بن يزيد الخطمي «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يبتدئون بالصلاة قبل الخطبة حتى قدم معاوية فقدم الخطبة» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد أن أبا سعيد الخدري قال «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي يوم الفطر، والأضحى قبل الخطبة» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن وهب بن كيسان قال: رأيت ابن الزبير يبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم قال: كل سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غيرت حتى الصلاة.
    (قال الشافعي) :
    فبهذا نأخذ، وفيه دلائل منها أن لا بأس أن يخطب الإمام قائما على الأرض، وكذلك روى أبو سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا بأس أن يخطب الإمام على راحلته، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني هشام بن حسان عن ابن سيرين «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب على راحلته بعدما ينصرف من الصلاة يوم الفطر والنحر» .
    (قال الشافعي)
    :
    ولا بأس أن يخطب على منبر فمعلوم عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه خطب على المنبر يوم الجمعة، وقبل ذلك كان يخطب على رجليه قائما إلى جذع، ومنها أن لا بأس أن يخطب الرجل الرجال، وإن رأى أن النساء، وجماعة من الرجال لم يسمعوا خطبته لم أر بأسا أن يأتيهم فيخطب خطبة خفيفة يسمعونها، وليس بواجب عليه لأنه لم يرو ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة، وقد خطب خطبا كثيرة، وفي ذلك دلالة على أنه فعل وترك، والترك أكثر.
    (قال)

    ولا يخطب الإمام في الأعياد إلا قائما لأن خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت قائما إلا أن تكون علة فتجوز الخطبة جالسا كما تجوز الصلاة جالسا من علة.
    (قال) :
    ويبدأ في الأعياد بالصلاة قبل الخطبة، وإن بدأ بالخطبة قبل الصلاة رأيت أن يعيد الخطبة بعد الصلاة، وإن لم يفعل لم يكن عليه إعادة صلاة، ولا كفارة، كما لو صلى ولم يخطب لم يكن عليه إعادة خطبة، ولا صلاة، ويخطب خطبتين بينهما جلوس كما يصنع في الجمعة.
    [التكبير في صلاة العيدين]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني جعفر بن محمد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كبروا في العيدين والاستسقاء سبعا وخمسا، وصلوا قبل الخطبة، وجهروا بالقراءة» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه كبر في العيدين والاستسقاء سبعا وخمسا وجهر بالقراءة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني إسحاق بن عبد الله عن عثمان بن عروة عن أبيه أن أبا أيوب وزيد بن ثابت أمرا مروان أن يكبر في صلاة العيد سبعا،
    وخمسا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع مولى ابن عمر قال:
    شهدت الفطر والأضحى مع أبي هريرة فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة.
    (قال الشافعي) :
    وإذا ابتدأ الإمام صلاة العيدين كبر للدخول في الصلاة ثم افتتح كما يفتتح في المكتوبة فقال: وجهت وجهي، وما بعدها ثم كبر سبعا ليس فيها تكبيرة الافتتاح ثم قرأ وركع، وسجد فإذا قام في الثانية قام بتكبيرة القيام ثم كبر خمسا سوى تكبيرة القيام ثم قرأ، وركع، وسجد كما وصفت روي عن ابن عباس
    (قال الشافعي) :
    والأحاديث كلها تدل عليه لأنهم يشبهون أن يكونوا إنما حكوا من تكبيره ما أدخل في صلاة العيدين من التكبير مما ليس في الصلاة غيره، وكما لم يدخلوا التكبيرة التي قام بها في الركعة الثانية مع الخمس كذلك يشبه أن يكونوا لم يدخلوا تكبيرة الافتتاح في الأولى مع السبع بل هو أولى أن لا يدخل مع السبع لأنه لم يدخل في الصلاة إلا بها ثم يقول: وجهت وجهي ولو ترك التكبيرة التي يقوم بها لم تفسد صلاته.
    (قال الشافعي) :
    وإذا افتتح الصلاة ثم بدأ بالتكبيرة الأولى من السبعة بعد افتتاح الصلاة فكبرها ثم وقف بين الأولى والثانية قدر قراءة آية لا طويلة ولا قصيرة فيهلل الله عز وجل ويكبره، ويحمده ثم صنع هذا بين كل تكبيرتين من السبع والخمس ثم يقرأ بعد بأم القرآن، وسورة، وإن أتبع بعض التكبير بعضا، ولم يفصل بينه بذكر كرهت ذلك له، ولا إعادة عليه ولا سجود للسهو عليه.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد الأول -كتاب الصلاة
    الحلقة (40)
    صــــــــــ 271 الى صـــــــــــ275

    (قال)
    :
    فإن نسي التكبير أو بعضه حتى يفتتح القراءة فقطع القراءة، وكبر ثم عاد إلى القراءة لم تفسد صلاته، ولا آمره إذا افتتح القراءة أن يقطعها ولا إذا فرغ منها أن يكبر، وآمره أن يكبر في الثانية تكبيرها، ولا يزيد عليه لأنه ذكر في موضع إذا مضى الموضع لم يكن على تاركه قضاؤه في غيره كما لا آمره أن يسبح قائما إذا ترك التسبيح راكعا أو ساجدا.
    (قال) : ولو ترك التكبيرات السبع والخمس عامدا أو ناسيا لم يكن عليه إعادة، ولا سجود سهو عليه لأنه ذكر لا يفسد تركه الصلاة، وأنه ليس عملا يوجب سجود السهو.
    (قال) :
    وإن ترك التكبير ثم ذكره فكبر أحببت أن يعود لقراءة ثانية، وإن لم يفعل لم يجب عليه أن يعود، ولم تفسد صلاته.
    (قال) :
    فإن نفض مما أمرته به من التكبير شيئا كرهته له، ولا إعادة، ولا سجود سهو عليه إلا أن يذكر التكبير قبل أن يقرأ فيكبر ما ترك منه.
    (قال) :
    وإن زاد على ما أمرته به من التكبير شيئا كرهته له ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه لأنه ذكر لا يفسد الصلاة، وإن أحببت أن يضع كلا موضعه.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن استيقن أنه كبر في الأولى سبعا أو أكثر أو أقل، وشك هل نوى بواحدة منهن تكبيرة الافتتاح لم تجزه صلاته، وكان عليه حين شك أن يبتدئ فينوي تكبيرة الافتتاح مكانه ثم يبتدئ الافتتاح والتكبير والقراءة ولا يجزئه حتى يكون في حاله تلك كمن ابتدأ الصلاة في تلك الحال.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن استيقن أنه كبر سبعا أو أكثر أو أقل،
    وأنه نوى بواحدة منهن تكبيرة الافتتاح لا يدري أهي الأولى أو الثانية أو الآخرة من تكبيره افتتح تلك الصلاة بقول: وجهت وجهي، وما بعدها لأنه مستيقن لأنه قد كبر للافتتاح ثم ابتدأ تكبيره سبعا بعد الافتتاح ثم القراءة، وإن استيقن أنه قد كبر للافتتاح بين ظهراني تكبيره ثم كبر بعد الافتتاح لا يدري أواحدة أو أكثر؟ بنى على ما استيقن من التكبير بعد الافتتاح حتى يكمل سبعا.
    (قال)
    :
    وإن كبر لافتتاح الصلاة ثم ترك الاستفتاح حتى كبر للعيد ثم ذكر الاستفتاح لم يكن عليه أن يستفتح فإن فعل أحببت أن يعيد تكبيره للعيد سبعا حتى تكون كل واحدة منهن بعد الاستفتاح، فإن لم يفعل فلا إعادة ولا سجود للسهو عليه
    [رفع اليدين في تكبير العيدين]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    «رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه حين افتتح الصلاة وحين أراد أن يركع، وحين رفع رأسه من الركوع ولم يرفع في السجود»
    فلما رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل ذكر تكبيرة، وقول سمع الله لمن حمده، وكان حين يذكر الله جل وعز رافعا يديه قائما أو رافعا إلى قيام من غير سجود فلم يجز إلا أن يقال يرفع المكبر في العيدين يديه عند كل تكبيرة كان قائما فيها تكبيرة الافتتاح، والسبع بعدها، والخمس في الثانية، ويرفع يديه عند قوله " سمع الله لمن حمده " لأنه الموضع الذي رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه يديه من الصلاة فإن ترك ذلك كله عامدا أو ساهيا أو بعضه كرهت ذلك له، ولا إعادة للتكبير عليه، ولا سجود للسهو.(قال) : وكذلك يرفع يديه إذا كبر على الجنازة عند كل تكبيرة، وإذا كبر لسجدة سجدها شكرا أو سجدة لسجود القرآن كان قائما أو قاعدا لأنه مبتدئ بتكبير فهو في موضع القيام، وكذلك إن صلى قاعدا في شيء من هذه الصلوات يرفع يديه لأنه في موضع قيام وكذلك صلاة النافلة، وكل صلاة صلاها قائما أو قاعدا لأنه كل في موضع قيام.[القراءة في العيدين]أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن ضمرة بن سعيد المازني عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله «أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي: ما كان يقرأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأضحى والفطر؟
    فقال:
    كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ ب {ق والقرآن المجيد} [ق: 1] ، و {اقتربت الساعة وانشق القمر} [القمر: 1] »

    (قال الشافعي) :
    فأحب أن يقرأ في العيدين في الركعة الأولى ب {ق} [ق: 1] وفي الركعة الثانية ب {اقتربت الساعة} [القمر: 1] وكذلك أحب أن يقرأ في الاستسقاء، وإن قرأ في الركعة الثانية من الاستسقاء {إنا أرسلنا نوحا} [نوح: 1] أحببت ذلك.
    (قال) :
    وإذا قرأ بأم القرآن في كل ركعة مما وصفت أجزأه ما قرأ به معها أو اقتصر عليها أجزأته إن شاء الله تعالى: من غيرها، ولا يجزيه غيرها منها.
    (قال)

    ويجهر بالقراءة في صلاة العيدين والاستسقاء، وإن خافت بها كرهت ذلك له، ولا إعادة عليه، وكذلك إذا جهر فيما يخافت فيه كرهت له، ولا إعادة عليه.
    [العمل بعد القراءة في صلاة العيدين]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    والركوع والسجود والتشهد في صلاة العيدين كهو في سائر الصلوات لا يختلف، ولا قنوت في صلاة العيدين ولا الاستسقاء، وإن قنت عند نازلة لم أكره. وإن قنت عند غير نازلة كرهت له.
    [الخطبة على العصا]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    :
    وبلغنا «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خطب اعتمد على عصا» ، وقد قيل خطب معتمدا على عنزة، وعلى قوس وكل ذلك اعتماد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن ليث عن عطاء «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خطب يعتمد على عنزته اعتمادا»
    (قال الشافعي) :
    وأحب لكل من خطب أي خطبة كانت أن يعتمد على شيء، وإن ترك الاعتماد أحببت له أن يسكن يديه وجميع بدنه، ولا يعبث بيديه إما أن يضع اليمنى على اليسرى وإما أن يسكنهما، وإن لم يضع إحداهما على الأخرى، وترك ما أحببت له كله أو عبث بهما أو، وضع اليسرى على اليمني كرهته له، ولا إعادة عليه.
    [الفصل بين الخطبتين]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن عبد الله عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس
    (قال الشافعي) :
    وكذلك خطبة الاستسقاء وخطبة الكسوف، وخطبة الحج، وكل خطبة جماعة
    (قال) :
    ويبدأ الإمام في هذا كله إذا ظهر على المنبر فيسلم، ويرد الناس عليه. فإن هذا يروى عاليا ثم يجلس على المنبر حين يطلع عليه جلسة خفيفة كجلوس الإمام يوم الجمعة للأذان ثم يقوم فيخطب ثم يجلس بعد الخطبة الأولى جلسة أخف من هذه أو مثلها ثم يقوم فيخطب ثم ينزل
    (قال) :
    فالخطب كلها سواء فيما وصفت وفي أن لا يدع الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " بأبي وأمي هو " أول كلامه وآخره.
    (قال)
    :
    ويخطب الإمام على منبر وعلى بناء وتراب مرتفع وعلى الأرض وعلى راحلته كل ذلك واسع.
    (قال الشافعي)
    :
    وإن خطب في غير يوم الجمعة خطبة واحدة، وترك الخطبة أو شيئا مما أمرته به فيها فلا إعادة عليه، وقد أساء، وخطبة الجمعة تخالف هذا فإن تركها صلى ظهرا أربعا لأنها إنما جعلت جمعة بالخطبة فإذا لم تكن، صليت ظهرا، كل ما سوى الجمعة لا يحيل فرضا إلى غيره
    [التكبير في الخطبة في العيدين]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن عبد الله عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال:
    السنة في التكبير يوم الأضحى والفطر على المنبر قبل الخطبة أن يبتدئ الإمام قبل أن يخطب، وهو قائم على المنبر بتسع تكبيرات تترى لا يفصل بينها بكلام ثم يخطب ثم يجلس جلسة ثم يقوم في الخطبة الثانية فيفتتحها بسبع تكبيرات تترى لا يفصل بينها بكلام ثم يخطب، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرني إسماعيل بن أمية أنه سمع أن التكبير في الأولى من الخطبتين تسع، وفي الآخرة سبع
    (قال الشافعي) :
    وبقول عبيد الله بن عبد الله نقول فنأمر الإمام إذا قام يخطب الأولى أن يكبر تسع تكبيرات تترى لا كلام بينهن فإذا قام ليخطب الخطبة الثانية أن يكبر سبع تكبيرات تترى لا يفصل بينهن بكلام يقول الله أكبر الله أكبر حتى يوفي سبعا فإن أدخل بين التكبيرتين الحمد والتهليل كان حسنا، ولا ينقص من عدد التكبير شيئا، ويفصل بين خطبتيه بتكبير
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرني الثقة من أهل المدينة أنه أثبت له كتاب عن أبي هريرة فيه تكبير الإمام في الخطبة الأولى يوم الفطر ويوم الأضحى إحدى أو ثلاثا وخمسين تكبيرة في فصول الخطبة بين ظهراني الكلام
    (قال الشافعي)
    :
    أخبرني من أثق به من أهل العلم من أهل المدينة قال أخبرني من سمع عمر بن عبد العزيز، وهو خليفة يوم فطر فظهر على المنبر فسلم ثم جلس ثم قال " إن شعار هذا اليوم التكبير والتحميد " ثم كبر مرارا الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ثم تشهد للخطبة ثم فصل بين التشهد بتكبيرة.
    (قال الشافعي) :
    وإن ترك التكبير أو التسليم على المنبر أو بعض ما أمرته به كرهته له، ولا إعادة عليه في شيء من هذا إذا كان غير خطبة الجمعة
    [استماع الخطبة في العيدين]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    وأحب لمن حضر خطبة عيد أو استسقاء أو حج أو كسوف أن ينصت ويستمع، وأحب أن لا ينصرف أحد حتى يستمع الخطبة فإن تكلم أو ترك الاستماع أو انصرف كرهت ذلك له، ولا إعادة عليه ولا كفارة، وليس هذا كخطبة يوم الجمعة لأن صلاة يوم الجمعة فرض.
    (قال)
    :
    وكذلك أحب للمساكين إن حضروا أن يستمعوا الخطبة، ويكفوا عن المسألة حتى يفرغ الإمام من الخطبة أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني يزيد بن عبد الله بن الهاد أن عمر بن عبد العزيز كان يترك المساكين يطوفون يسألون الناس في المصلى في خطبته الأولى يوم الأضحى والفطر، وإذا خطب خطبته الآخرة أمر بهم فأجلسوا
    (قال الشافعي)
    :
    وسواء الأولى والآخرة أكره لهم المسألة فإن فعلوا فلا شيء عليهم فيها إلا ترك الفضل في الاستماع.
    [اجتماع العيدين]
    أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا إبراهيم بن عقبة عن عمر بن عبد العزيز قال:
    «اجتمع عيدان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال من أحب أن يجلس من أهل العالية فليجلس في غير حرج» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب فقال " إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فليرجع فقد أذنت له ".
    (قال الشافعي)
    :
    وإذا كان يوم الفطر يوم الجمعة صلى الإمام العيد حين تحل الصلاة ثم أذن لمن حضره من غير أهل المصر في أن ينصرفوا إن شاءوا إلى أهليهم، ولا يعودون إلى الجمعة والاختيار لهم أن يقيموا حتى يجمعوا أو يعودوا بعد انصرافهم إن قدروا حتى يجمعوا وإن لم يفعلوا فلا حرج إن شاء الله تعالى
    (قال الشافعي)
    :
    ولا يجوز هذا لأحد من أهل المصر أن يدعوا أن يجمعوا إلا من عذر يجوز لهم به ترك الجمعة، وإن كان يوم عيد
    (قال الشافعي) :
    وهكذا إن كان يوم الأضحى لا يختلف إذا كان ببلد يجمع فيه الجمعة ويصلي العيد، ولا يصلي أهل منى صلاة الأضحى، ولا الجمعة لأنها ليست بمصر.
    (قال الشافعي) :
    وإن كسفت الشمس يوم جمعة، ووافق ذلك يوم الفطر بدأ بصلاة العيد ثم صلى الكسوف إن لم تنجل الشمس قبل أن يدخل في الصلاة.
    (قال)
    :
    وإذا كسفت الشمس والإمام في صلاة العيد أو بعده قبل أن يخطب صلى صلاة الكسوف ثم خطب للعيد والكسوف معا خطبتين يجمع الكلام للكسوف، وللعيد فيهما، وإن كان تكلم لصلاة العيد ثم كسفت الشمس خفف الخطبتين معا، ونزل فصلى الكسوف ثم خطب للكسوف ثم أذن لمن أهله في غير المصر بالانصراف كما وصفت، ولا يجوز هذا لأحد من أهل المصر قدر على شهود الجمعة فإن وافق هذا يوم فطر وجمعة وكسوف وجدب فأراد أن يستسقي أخر صلاة الاستسقاء إلى الغد أو بعده، واستسقى في خطبته ثم خرج فصلى الاستسقاء ثم خطب " قال أبو يعقوب يبدأ بالكسوف ثم بالعيد ما لم تزل الشمس ثم بالجمعة إذا زالت الشمس لأن لكل هذا وقتا وليس للاستسقاء وقت ".
    (قال الشافعي) :
    ولا أحب أن يستسقي في يوم الجمعة إلا على المنبر لأن الجمعة أوجب من الاستسقاء، والاستسقاء يمنع من بعد منزله قليلا من الجمعة أو يشق عليه
    (قال) :
    وإن اتفق العيد، والكسوف في ساعة صلى الكسوف قبل العيد لأن وقت العيد إلى الزوال، ووقت الكسوف ذهاب الكسوف فإن بدأ بالعيد ففرغ من الصلاة قبل أن تنجلي الشمس صلى الكسوف، وخطب لهما معا، وإن فرغ من الصلاة، وقد تجلت الشمس خطب للعيد، وإن شاء ذكر فيه الكسوف. .
    [من يلزمه حضور العيدين]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    ولا أرخص لأحد في ترك حضور العيدين ممن تلزمه الجمعة، وأحب إلي أن يصلى العيدان والكسوف بالبادية التي لا جمعة فيها، وتصليها المرأة في بيتها، والعبد في مكانه لأنه ليس بإحالة فرض، ولا أحب لأحد تركها.
    (قال)
    :
    ومن صلاها صلاها كصلاة الإمام بتكبيره، وعدده
    (قال الشافعي) :
    وسواء في ذلك الرجال، والنساء،، ومن فاتته صلاة العيد مع الإمام، ووجد الإمام يخطب جلس فإذا فرغ الإمام صلى صلاة العيد في مكانه أو بيته أو طريقه كما يصليها الإمام بكمال التكبير والقراءة، وإن ترك صلاة العيدين من فاتته أو تركها من لا تجب عليه الجمعة كرهت ذلك له
    (قال) :
    ولا قضاء عليه وكذلك صلاة الكسوف.
    (قال الشافعي)
    :
    ولا بأس إن صلى قوم مسافرون صلاة عيد أو كسوف أن يخطبهم واحد منهم في السفر، وفي القرية التي لا جمعة فيها، وأن يصلوها في مساجد الجماعة في المصر، ولا أحب أن يخطبهم أحد في المصر إذا كان فيه إمام خوف الفرقة.
    (قال)
    :
    وإذا شهد النساء الجمعة، والعيدين، وشهدها العبيد والمسافرون فهم كالأحرار المقيمين من الرجال، ويجزئ كلا فيها ما يجزئ كلا
    (قال)
    :
    وأحب شهود النساء العجائز وغير ذوات الهيئة الصلاة، والأعياد، وأنا لشهودهن الأعياد أشد استحبابا مني لشهودهن غيرها من الصلوات المكتوبات
    (قال)
    : وإذا أراد الرجل العيد فوافى المنصرفين فإن شاء مضى إلى مصلى الإمام فصلي فيه، وإن شاء رجع فصلى حيث شاء.
    [التكبير في العيدين]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    يكبر الناس في الفطر حين تغيب الشمس ليلة الفطر فرادى، وجماعة في كل حال حتى يخرج الإمام لصلاة العيد ثم يقطعون التكبير
    (قال) :
    وأحب أن يكون الإمام يكبر خلف صلاة المغرب والعشاء والصبح وبين ذلك، وغاديا حتى ينتهي إلى المصلى ثم يقطع التكبير، وإنما أحببت ذلك للإمام أنه كالناس فيما أحب لهم، وإن تركه الإمام كبر الناس.
    (قال)

    ويكبر الحاج خلف صلاة الظهر من يوم النحر إلى أن يصلوا الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطعون التكبير إذا كبروا خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، ويكبر إمامهم خلف الصلوات فيكبرون معا، ومتفرقين ليلا ونهارا، وفي كل هذه الأحوال لأن في الحج ذكرين يجهر بهما التلبية، وهي لا تقطع إلا بعد الصبح من يوم النحر، والصلاة مبتدأ التكبير، ولا صلاة بعد رمي الجمرة يوم النحر قبل الظهر ثم لا صلاة: " منى " بعد الصبح من آخر أيام منى.
    (قال)

    ويكبر الناس في الآفاق والحضر والسفر كذلك، ومن يحضر منهم الجماعة، ولم يحضرها والحائض والجنب وغير المتوضئ في الساعات من الليل والنهار ويكبر الإمام، ومن خلفه خلف الصلوات ثلاث تكبيرات وأكثر، وإن ترك ذلك الإمام كبر من خلفه ويكبر أهل الآفاق كما يكبر أهل " منى "، ولا يخالفونهم في ذلك إلا في أن يتقدموهم بالتكبير فلو ابتدءوا بالتكبير خلف صلاة المغرب من ليلة النحر قياسا على أمر الله في الفطر من شهر رمضان بالتكبير مع إكمال العدة، وأنهم ليسوا محرمين يلبون فيكتفون بالتلبية من التكبير لم أكره ذلك، وقد سمعت من يستحب هذا، وإن لم يكبروا، وأخروا ذلك حتى يكبروا بتكبير أهل " منى " فلا بأس إن شاء الله تعالى، وقد روي عن بعض السلف أنه كان يبتدئ التكبير خلف صلاة الصبح من يوم عرفة، وأسأل الله تعالى التوفيق.
    (قال الشافعي)
    :
    ويكبر الإمام خلف الصلوات ما لم يقم من مجلسه فإذا قام من مجلسه لم يكن عليه أن يعود إلى مجلسه فيكبر، وأحب أن يكبر ماشيا كما هو أو في مجلس إن صار إلى غير مجلسه
    (قال) :
    ولا يدع من خلفه التكبير بتكبيره، ولا يدعونه إن ترك التكبير، وإن قطع بحديث، وكان في مجلسه فليس عليه أن يكبر من ساعته، واستحب له ذلك فإذا سها لم يكبر حتى يسلم من سجدتي السهو.
    (قال) :
    وإذا فات رجلا معه شيء من الصلاة فكبر الإمام قام الذي فاته بعض الصلاة يقضي ما عليه، فإن كان عليه سهو سجد له؛ فإذا سلم كبر ويكبر خلف النوافل وخلف الفرائض، وعلى كل حال.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •