تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: تنبيه على الخلط الواقع بين عبد الرحمن بن أبي ليلى وابنه محمد في تحقيق تهذيب الكمال

  1. #1

    افتراضي تنبيه على الخلط الواقع بين عبد الرحمن بن أبي ليلى وابنه محمد في تحقيق تهذيب الكمال

    الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
    أما بعد: فهذا تنبيه على ما وقع في تحقيق تهذيب الكمال من خلط بين رجلين في الترجمة، وهما عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي ، وابنه محمد بن عبد الرحمن القاضي الفقيه المشهور بحيث إنه تُرجم لهما – في هامش التحقيق _ بترجمة واحدة ، أي أن المحقق - حفظه الله-ذكر في ترجمة عبد الرحمن الأب ما قيل في ترجمة محمد الابن، ومحمد ضعيف سيئ الحفظ؛ فأوهم أن ذلك هو حال الأب. وقد وقفت على ذلك في بحث كنت قد جمعته عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وسأنقل هنا ما كتبته هناك.


    بداية: يطلق على عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعلى بعض أبنائه ( ابن أبي ليلى):
    ففي ( المحدث الفصل ( 1 /268)، وتدريب الراوي ( 2 / 339 ): عند ذكر من يُنسب إلى جده: " وابن أبي ليلى "هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. و قال المزي في تهذيب الكمال (34/472): ابن أبي ليلى، هو: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وابنه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وابن ابنه عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. وقال ابن حجر في تقريب التهذيب (2/537): ابن أبي ليلى هو عبد الرحمن وابناه محمد وعيسى وعبد الله". انتهى.
    ولكن أكثرهم شهرة في إطلاق هذه النسبة عليه هو " عبد الرحمن " الأب ، وابنه" محمد" الفقيه المشهور، وهي بمحمد" الابن" أكثر التصاقا منها بعبد الرحمن"الأب"، كما أن "محمد بن عبد الرحمن" هو أكثر هذه الأسرة شهرة، وذلك لمذهبه الفقهي الذي يميل إلى الرأي. والمقصود أنه قد يطلق (ابن أبي ليلى )على أي واحد من هؤلاء الأربعة. ويعرف المراد به منهم بالقرائن. وفي عمدة القاري للعيني(16/218):" قال بن الأثير في جامع الأصول: إذا أطلق المحدثون ابن أبي ليلى فإنما يعنون به عبد الرحمن بن أبي ليلى وإذا أطلقه الفقهاء يعنون به عبد الرحمن" كذا في أكثر من نسخة من عمدة القاري، وقد رجعت إلى جامع الأصول وتتبعت أحاديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، بل وكل موضع جرى ذكره فيه، بل راجعت التمهيد الذي بدأ به ابن الأثير كتابه، فلم أظفر بهذه العبارة ، ولم أجد لها أثرا، فلعلها كانت في النسخ القديمة . ولعل الصواب في العبارة أن تكون هكذا" إذا أطلق المحدثون ابن أبي ليلى فإنما يعنون به عبد الرحمن بن أبي ليلى وإذا أطلقه الفقهاء يعنون به محمد بن عبد الرحمن" . لأن محمدا أكثرهم شهرة في الفقه كما تقدم، ومع ذلك فلا تعدو العبارة أن تكون أغلبية أكثرية لا كلية مطردة ؛ فإنه لو سلم بذلك في إطلاق الفقهاء؛ لكون محمد بن عبد الرحمن فقيها مشهورا وله مذهب معروف يذكر عند إيراد الأقوال والمذاهب الفقهية، فهو غير مسلم به في إطلاق المحدثين ؛ فإنهم كثيرا ما يطلقون ذلك، ويريدون به محمدا، خصوصا عند تمثيلهم لمن ضُعف بسبب سوء حفظه. وقد وقع في الخلط بين عبد الرحمن الأب وبين محمد الابن بعض الأفاضل!.



    وهذا ما فعله محقق تهذيب الكمال- حفظه الله تعالى-، حيث قال في هامشه -عند ترجمة عبد الرحمن بعد أن نقل ما تقدم من كلام العلماء في عدم سماعه من بعض من روى عنهم، وكلام العقيلي، وكلام مَن وثقه-: "وقال أحمد بن حنبل: ابن أبي ليلى كان سيئ الحفظ (العلل: 1/116). وقال أحمد أيضا: كان يحيى بن سعيد يشبه مطر الوراق بابن أبي ليلى - يعني في سوء الحفظ- (العلل: 1/134). وقال الترمذي: قال أحمد: لا يحتج بحديث ابن أبي ليلى (الترمذي: 2/199/حديث 364). وقال البزار: ليس بالحافظ (كشف الاستار: حديث 516). وقال الدارقطني: ردئ الحفظ كثير الوهم (السنن: 2/263)".اهـ كلامه من هامش تهذيب الكمال (17/377).

    ويبدو أن الأمر لم يكن مجرد سهو، بل تعداه إلى القناعة بأن عبد الرحمن سيئ الحفظ، فقد علق المحقق على حديث ذكره المزي في الكتاب نفسه، وهو حديث: دعا النبي  لعلي بن أبي طالب أن يذهب الله عنه الحر والبرد، فكان لا يجد حرًا ولا بردًا". علق بقوله: أخرجه ابن ماجه، وفي سنده عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو سيئ الحفظ" اهـ. من هامش تهذيب الكمال(1/241).
    وكل ذلك مجانب للصواب بلا ريب، وقبل بيانه أقول:

    - كان على المحقق - حفظه الله-أولا: أن ينتبه إلى أنه لم ينقل أحد قبله كلام هؤلاء الأئمة في ترجمة عبد الرحمن، فلم يفعله المزي صاحب التهذيب الذي يعلق عليه المحقق، ولا الذهبي، ولا ابن حجر، وعادتهم أن ينقلوا كل ما قيل في الراوي، بل لم يفعله العقيلي نفسه الذي انفرد بتضعيفه. بل هذا الذي نقله المحقق من كلام أحمد قد ذكره المزي في التهذيب في ترجمة ابن أبي ليلى الابن، وهو محمد. وقد وقف عليه المحقق هناك بلا شك، والغريب أن عبارة أحمد قد ذكرها المحقق في هامشه في ترجمة محمد المذكور، وعزاها إلى العلل، وذكرها كذلك في ترجمة عبد الرحمن. فهل صار الكلام في الابن يتعدى إلى الأب بجامع الاشتراك في النسبة؟!. والله المستعان.
    - وكان عليه ثانيا أن ينتبه إلى أنه عند تشابه أسماء الرواة، أو نسبتهم ينبغي الرجوع إلى شيوخ الراوي وتلاميذه، ليرتفع الاشتباه ويتعين المراد، وهذه أول الطرق وأسهلها لإزالة اللبس والاشتباه، وقد عد علماء المصطلح هذا الاشتباه نوعا من أنواع علوم الحديث، وأفردوه بالذكر، بل وجعلوه أقساما وذكروا كلا منها على حدة ، ومن الطريف أن يكون عبد الرحمن بن أبي ليلى وابنه محمد من أمثلة هذا النوع: . قال السيوطي( تدريب الراوي 2/393): "النوع الخامس والثمانون معرفة من اتفق اسم شيخه والراوي عنه ذكره شيخ الإسلام في النخبة وقال هو نوع لطيف لم يتعرض له ابن الصلاح وفائدته رفع اللبس عمن يظن أن فيه تكرارا أو انقلابا " ثم ذكر أمثلة ثم قال:" ومنها الحكم بن عتيبة روى عن ابن أبي ليلى وروى عنه ابن أبي ليلى فالأعلى عبد الرحمن والأدنى محمد بن عبد الرحمن المذكور"، وقال السخاوي في (فتح المغيث 3/62):عند ذكر متفقي الاسم: " وقد يكون بين متفقي الاسم واسطة" ثم ذكر أمثلة منها" والحكم بن عتيبة عن ابن أبي ليلى وعنه ابن أبي ليلى فالأعلى عبد الرحمن والأدنى محمد بن عبد الرحمن المذكور" انتهى .

    - والآن إلى بيان موضع الخطأ وسبب اللبس. وهو إطلاق كلمة ابن أبي ليلى، كما يفعله أهل العلم, فقد يؤدي ذلك إلى اللبس في أول وهلة، لكنه بمجرد الوقوف على اسم الشيخ واسم الراوي والموضع الذي قيل فيه الكلام، والسبب الحامل عليه يتبين المراد من إطلاق هذه الكلمة: أهو عبد الرحمن الأب، أم محمد الابن؟. وعبارة أحمد في العلل قد قالها عند كلامه على حديث البراء في رفع اليدين عند افتتاح الصلاة، ونص العبارة في العلل هكذا: "سألت أبي عن حديث البراء بن عاز ب في الرفع. فقال: حدثنا محمد بن جعفر غندر قال: حدثنا شعبة عن يزيد بن أبي زياد قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: سمعت البراء يحدث قومًا فيهم كعب بن عجرة قال: رأيت رسول الله  حين فتح الصلاة رفع يديه, قال أبي: وكان سفيان بن عيينة يقول: سمعناه من يزيد هكذا. قال سفيان: ثم قدمت الكوفة قدمة فإذا هو يقول: ثم لم يعد. حدثني أبي عن محمد بن عبد الله بن نمير قال: نظرت في كتاب ابن أبي ليلى فإذا هو يرويه عن يزيد بن أبي زياد قال أبي: وحدثناه وكيع سمعه من ابن أبي ليلى عن الحكم وعيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وكان أبي يذكر حديث الحكم وعيسى يقول إنما هو حديث يزيد بن أبي زياد كما رآه بن نمير في كتاب ابن أبي ليلى قال أبي: ابن أبي ليلى كان سيئ الحفظ, ولم يكن يزيد ابن أبي زياد بالحافظ". انتهى.
    وأدنى تأمل في الكلام يبين أن المراد به ابن أبي ليلى (الابن) أي: محمد، لا الأب (عبد الرحمن)، ذلك أن الإمام أحمد كشف علة هذا الحديث، بأن المحفوظ فيه هو ما رواه غندر عن شعبة بلفظ: "رأيت رسول الله  حين فتح الصلاة رفع يديه". وهكذا سمعه سفيان من يزيد بن أبي زياد أولاً، ثم بعد ذلك قدم سفيان الكوفة فوجد ابن أبي زياد قد زاد لفظة: "ثم لم يعد". وقال أحمد: إن ابن نمير وجد هذا الحديث في كتاب ابن أبي ليلى يرويه عن يزيد بن أبي زياد. وذكر أحمد أنه قد سمع هذا الحديث بزيادته من وكيع عن ابن أبي ليلى - وهو محمد- عن الحكم، وعيسى كلاهما عن عبد الرحمن، لكن ذلك ليس محفوظًا عن عيسى أو الحكم، بل المحفوظ عن ابن أبي ليلى عن يزيد بن أبي زياد، ثم بين أحمد علة الطعن في الزيادة المذكورة وهي: أن ابن أبي ليلى - وهو محمد- سيئ الحفظ، وقد خالفه شعبة وهو من جبال الحفظ، كما أن يزيد بن أبي زياد ليس بذاك الحافظ. هذا مراد أحمد - رحمه الله- وهو أن ابن أبي ليلى وشيخه يزيد لا يحتج بهما هاهنا. وغير خافٍ أن يزيد لم يكن يومًا شيخًا لعبد الرحمن بن أبي ليلى بل كان تلميذًا له، وإنما هو شيخ محمد بن عبد الرحمن. فظهر وجه الخطأ ، والله الموفق.

    - وأما كلام البزار فقد قاله عقب ما أخرجه من طريق ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس: " ترفع الأيدي في الصلاة ، وإذا رأى البيت ، وعلى الصفا ، والمروة ، وعشية عرفة ، وبجمع عند الجمرتين وعلى الميت " ثم قال( كشف الأستار1/251 ح(519): " رواه جماعة فوقفوه . وابن أبي ليلى ليس بالحافظ. إنما قال ترفع الأيدي، ولم يقل : لا ترفع الأيدي إلا في هذه المواضع"انتهى. ولا يخفى على المتأمل أن المراد بابن أبي ليلى هنا محمد، ولا يمكن أن يكون عبد الرحمن بحال؛ فإن عبد الرحمن من كبار التابعين وروايته عن الصحابة، ولم يرو عن غيرهم إلا عن عبد الله بن عكيم، كما تقدم، فما الذي جعله يروي عن تلميذ من تلاميذه ( وهو الحكم) عن قرين من أقرانه( وهو مقسم) عن صحابي ليس له رواية عنه أصلا( وهو ابن عباس)، وكيف يغيب أن الحكم ( وهو ابن عتيبة) تلميذ لعبد الرحمن، وفي الوقت ذاته شيخ لمحمد بن عبد الرحمن. هذا وقد صرح بعض الأئمة باسم ابن أبي ليلى هنا ؛ قال البيهقي عقب إخراج هذا الحديث من طريق ابن جريج عن مقسم عن ابن عباس(معرفة السنن والآثار 8/ 146):"... ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، وعن نافع ، عن ابن عمر ، مرة موقوفا عليهما ومرة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون ذكر البيت" انتهى.
    وأما كلام الترمذي الذي نقله عن أحمد، فيظهر جليا من سياق الكلام: أن المراد به هو محمد الابن، بحيث لا يخفى ذلك على أحد فكأن المحقق لم تقع عينه إلا على كلمة ( ابن أبي ليلى) فحسب، دون النظر إلى تمام الخبر والكلام.فنص الكلام كاملاً هكذا: "قال أبو عيسى:" ... وهكذا من تكلم في ابن أبي ليلى إنما تكلم فيه من قبل حفظه. قال علي: قال يحيى بن سعيد القطان: روى شعبة عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي أيوب عن النبي  في العطاس. قال يحيى: ثم لقيت ابن أبي ليلى فحدثنا عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي عن النبي . قال أبو عيسى: ويروى عن ابن أبي ليلى نحو هذا غير شيء. كان يروى شيئًا مرة هكذا ومرة هكذا, يعني: الإسناد. وإنما جاء هذا من قبل حفظه. وأكثر من مضى من أهل العلم كانوا لا يكتبون, ومن كتب منهم إنما كان يكتب لهم بعد السماع. وسمعت أحمد بن الحسن يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ابن أبي ليلى لا يحتج به".اهـ. وظاهر للعيان أنهم أطلقوا ابن أبي ليلى على محمد، وذكروا عبد الرحمن باسمه. وأن محمدا هو الذي اضطرب فيه فذكره لشعبة من مسند أبي أيوب، وذكره ليحيى القطان من مسند علي. قال الحافظ ابن رجب في شرح العلل (1/131) تعليقًا على كلام الترمذي: "أما ابن أبي ليلى: فهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قاضي الكوفة، وكان من جلة الفقهاء المعتبرين، وله حديث كثير، وهو صدوق، لا يتهم بتعمد الكذب، ولكنه كان سيئ الحفظ جدًا".اهـ.
    أما كلام الدارقطني فقاله عقب ما أخرجه في سننه: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز إملاءً حدثنا أبو الربيع الزهرانى حدثنا حفص بن أبي داود عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن علي  أنه جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين ثم قال: هكذا رأيت رسول الله  فعل. حفص بن أبي داود ضعيف وابن أبى ليلى رديء الحفظ كثير الوهم".اهـ. ويقال فيه ما قيل في كلام الترمذي، بأن المراد هو محمد، وأما عبد الرحمن فمذكور باسمه. والله أعلم.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    2

    افتراضي رد: تنبيه على الخلط الواقع بين عبد الرحمن بن أبي ليلى وابنه محمد في تحقيق تهذيب الكما

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ارجو ان تكون قد وصلت رسالتي
    جزاك الله خيرا انا محتاجة الموضوع جدا

  3. #3

    افتراضي رد: تنبيه على الخلط الواقع بين عبد الرحمن بن أبي ليلى وابنه محمد في تحقيق تهذيب الكما

    للرفع

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •