.بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبينا المصطفى ثم بعد:
صد عدوان الجهمي المشين عن موضوعي دك حصون المفترين بإثبات نزول رب العالمين
إعداد:جمال البليدي
-ستر الله عيوبه-
كنت قد جمعت بحثا بعنوان(دك حصون المفترين بإثبات نزول رب العالمين) على عجالة-كما ذكرت في المقدمة- وبينت فيه الأدلة على إثبات نزول رب العالمين في الثلث الأخير من الليل كما أخبرنا بذلك الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام ورددت على شبه الفلسفية السوفساطئية التي يرددها أهل الكلام مبارزين بذلك كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا بأحد الجهمية المشاغبين يكتب موضوعا بعنوان(دك حصون الحشوية وإثبات التزوير في موضوع دك حصون المفترين بإثبات نزول رب العالمين) يزعم فيه أنه يرد على موضوعي السابق لكن هيهات هيهات فالحق أبلج والباطل لجج ,ومن عادة أهل البدع أنهم لا يردون بعلم ولا بحجة إنما فقط سباب وكذب وخروج عن الموضوع فقد سود صفحات موضوعه بنقاط خارج البحث لم ولن يستطع أن يرد على حججي في إثبات نزول رب العالمين بل راح ينقل من هنا وهناك ويستغيث بكتب الكوثري وسعيد فودة ويطعن في علماء أهل السنة بالكذب تارة وبالتدليس أخرى, وحقيقة لم أستغرب من هذا فقد تعودنا على هذا من كبارئهم فضلا عن صغارهم ومقلديهم, وموضوعه هذا لم يزد موضوعي إلا قوة في الحجة والبيان فليته سكت لعله بذلك لا يشهر بموضوعي الذي دك حصونهم وكشف عوارهم وأبطل فلسفتهم وتناقضاتهم ورقصهم مابين محرف ومعطل لكن أبى الله إلا أن يظهر الحق على فلتات لسانه فمازاد موضوعي إلا قمعا لبدعهم وكشفا لباطلهم ,ورده علي لم يكن إلا سباب وخروج عن موضوع ولم يستطع أن يناقش أي نقطة من موضوعي ألبتة ,ولم يجد من يسعفه من كتب أشياخهم فراح ينقل عن كتاب(الأشاعرة أهل السنة) وعن كتب الكوثري مالا علاقة له بالبحث ليس إلا لغرض واحد وهو ملأ الصفحات وتكثير الجمل والحروفات .
وهاهنا سأكشف لكم مدى تلبيسه وكذبه على أهل العلم ومدى تعصبه للرجال سائلا المولى عز وجل التوفيق والسداد والإخلاص والرشاد.
1-خلطه بين المفرد والجمع وبين السلفية كمنهج والسلفية كأفراد:
لقد افتتح ذاك الجهمي موضوعه بالطعن وسب أهل السنة ووصفه إياهم بالحشوية فكان عنوانه(دك حصون الحشوية), وهذا في حقيقة قد استغربت منه كثير لأنني فرد واحد وإن أخطأت فخطئي على نفسي فلِمَ يدخل أهل السنة كلهم في موضوعي(دك حصون المفترين)؟ويكتب موضوعه بصيغة الجمع(الحشوية)؟ هل هذا من الإنصاف والعدل؟ أم من الظلم والجور؟
لذلك أقول وبالله وحده أصول: إنني لا أمثل إلا نفسي وإن أخطات فإن خطئي مردود علي ولا علاقة لخطئي بالسلفية الذي سماها هذا المتسول بالحشوية بل السلفية نهج معصوم بخلاف المنتسبين إليها فإنهم بشر يصيبون ويخطئون فليعلم هذا جيدا فقد رأيت الرجل ينقل بعض أخطاء أهل السنة ويلزم السلفيين بها متناسيا أن السلفيين ليس لهم متبوع إلا النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم لا يعتقدون العصمة في بشر كائنا كان إلا الأنبياء.
قال في كتابه(الحجج السلفية في الرد على أراء ابن فرحان المالكي البدعية)
((عقيدة أهل السنة والجماعة السلفيين عقيدة موروثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأهلها الجامعون للحق كله دون غيرهم؛ لأن سيماهم الاتباع والتحذير من الابتداع، فمعتقدهم هو معتقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه – رضي الله عنهم – وليس لهم رأس وإنما إمامهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف غيرهم من الطوائف، فإن رأس الجهمية جهم بن صفوان الذي أخذ معتقده عن الجعد بن درهم، ورأس المعتزلة واصل بن عطاء، ورأس الأشاعرة أبو الحسن الأشعري، ورأس الماتريدية أبو منصور الماتريدي وهكذا… ، وبقي أهل السنة السلفيون هكذا يتوارثون معتقدهم جيلاً بعد جيل، وأمة بعد أمة، مصداقاً لما ثبت في الصحيحين عن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس".)) انتهى كلامه.
2-حول مصطلح الحشوية والوهابية:
من سنن الله الجارية في خلقه، أنه –تعالى- ما أرسل نبيًا إلا وعاداه قومه ونبذوه، وبالباطل لمزوه، مصداقًا لقوله: "وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا".
ولما أرسل محمدًا -صلى الله عليه وسلم- للخلق ليدعوهم إلى عبادة الله وحده ويخرجهم من الظلمات إلى النور قال الكافرون: إنما يريد محمد أن يفرق شملنا ويشتت جمعنا، وقالوا عنه: إنه ساحر، وإنه كاهن، ووصفوه بكل قبيح؛ وهو -صلى الله عليه وسلم- فرق بين الحق والباطل، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون.
وهكذا أهل البدع والأهواء –في كل زمان ومكان- يطعنون في كل من يريد الإصلاح، وينبذونه بالألقاب السيئة، ويثيرون حوله الشبهات، ويحذرون منه كي ينفروا الناس ويبعدوهم عنه.
ومن جملة تلك التسميات المنفرة قولهم(حشوية-مشبهة-مجسمة-وهابية-باديسية) للتنفير عن أهل الحديث والطعن فيهم وانتقاصهم ,و(تلك الأسماء ليست مطابقة لمسماها,بل هي من جنس تسمية الأوثان((آلهة)) و((أربابا)),وت مية ((مسيلمة الكذاب)) وأمثاله((أنبياء)) : ((إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوه ا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى )) النجم23(2).
وهذا المصطلح إنما يطلقه أهل البدع عبر العصور على أهل السنة والجماعة فلكل قوم وارث
قال أبو عبد الله : وعلى هذا عهدنا في أسفارنا وأوطاننا كل من ينسب إلى نوع الإلحاد والبدع لا ينظر إلى الطائفة المنصورة إلا بعين الحقارة ويسميها الحشوية .
معرفة علوم الحديث (35)
وجاء في طبقات الحنابلة (2|208) في وصف أهل الحديث
"وهي الفرقة الناجية والجماعة العادلة والطائفة المنصورة إلى يوم القيامة فهم أصحاب الحديث والأثر والوالد السعيد تابعهم هم خلفاء الرسول وورثة علمه وسفرته بينه وبين أمته بهم يلحق التالي وإليهم يرجع العالي وهم الذين نبذهم أهل البدع والضلال وقائلو الزور والمحال أنهم مشبهة جهال ونسبوهم إلى الحشو والطغام .
ومن ذلك قول الوزير الصاحب إسماعيل بن عباد الطالقاني لما سئل عن البخاري قال : ومن البخاري ؟! حشوي لا يعول عليه.
سير أعلام النبلاء (16|512)
وحتى تكون على بينة من الأمر ، وتتضح لك: جلية الحال ، وتعرف المقصود بهذه الألقـــاب والمسميات ، وتعرف قدمها ، فإني أتركك مع شيخ الإسلام ، الإمام ، أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني الشافعي (373-449 ) من علماء القرن الرابع والخامس الهجري – رحمه الله – الذي قال عنه الإمام عبد الوهاب السبكي – رحمه الله – في كتاب [ طبقات الشافعية الكبرى ](3/291 ) : ( كان مجمعا على دينه ، وسيادته ، وعلمه ، لا يختلف عليه أحد من الفرق ) حيث قال شيخ الإسلام الصابوني في رسالته التي ألفها في [السنة ] :
( وعلامات البدع على أهلها ظاهرة بادية ، وأظهر علاماتهم : شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي – صلى الله عليه وسلم - ، واحتقارهم لهم ، وتسميتهم إياهم حشــوية ، وجهلة ، وظاهرية ، ومشبهة ، اعتقادا منهم في أخبار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنها بمعزل عن العلم ، وأن العلم ما يلقيه الشيـطان إليهم ، من نتائج عقولهم الفاسدة ، ووساوس صدورهم المظلمة ، ، وهواجس قلوبهم الخالية من الخير ، العاطلة ، وحججهم – بل شبههم – الداحضة الباطلة : ( أولئك الذين لعنهم الله ، فأصمهم وأعمى أبصارهم )[سورة محمد الآية 33 ] ، ( ومن يهن الله فما له من مكرم ) [ سورة الحج الآية 18 ] ) .
ثم ذكر – رحمه الله تعالى – بإسناده بعض الآثار في شرف أهل الحديث ، وفيها الإشارة إلى ما يروجه المبتدعة عنهم من قالة السوء ، ثم قال – رحمه الله – في هذا السياق :
( سمعت الأستاذ أبا منصور محمد بن عبدالله حمشاد ، العالم الزاهد يقول : سمعت أبا القاسم جعفر بن أحمد المقري الرازي ، يقول : قرىء على أبى عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي ، وأنا أسمع : سمعت أبي يقول – عنى به الإمام في بلده أباه أبا حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، يقول :
" علامة أهل البدع : الوقيعة في أهل الأثر ( ) .
وعلامة الزنادقـــة : تسميتهم أهل الأثر حشوية ، يريدون بذلك إبطال الآثار .
وعلامة القدريـــة : تسميتهم أهل السنة مجبرة .
وعلامة الجهميـــة : تسميتهم أهل السنة مشبهة .
وعلامة الرافضـــة : تسميتهم أهل الأثر نابتة وناصبة . )).
وقال الإمام ابن قتيبة ((فأهل البدع لقبوا أهل السنة بالحشوية والنابتة والمجبرة وربما قالوا الجبرية وسموهم الغثاء والغثر وهذه كلها أنباز لم يأت بها خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أتى عنه في القدرية أنهم مجوس هذه الأمة فإن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم([1]), وفي الخوارج يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ([2]) ، فهذه أسماء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلك أسماء مصنوعة.( أنظر تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (80/81).
وما قيل في الحشوية يقال في مصطلح الوهابية التي ينسبون أهل السنة إليها مع أننا سلفيون ولسنا متعصبين لأحد بحمد الله بل كل يؤخذ من قوله ويرد وما محمد ابن عبد الوهاب إلا مجدد قد خلى المجددون من قبله.
فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ""إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها".رواه أبو داوود"
والإمام محمد بن عبد الوهاب نحسبه منهم مثله كمثل الإمام أحمد وابن تييمة وابن باديس في الجزائر وتقي الدين الهلالي في المغرب و صديق حسن خان والشيخ نذير حسين والعظيم أبادي والشيخ ثناء الله الأمرستري وأسرة الدهلوي، وغيرهم من كبار علماء الحديث والتوحيد في شبه القارة الهندية، و الشيخ محمد حامد الفقي وأحمد محمد شاكر وإخوانهما في مصر، و الشيخ الألباني في الشام وغيرهم كثير فلماذا نسيتموهم وركزتم على مجددي السعودية دون غيرهم مع أن هؤلاء رغم تباعد الأزمان والأقطار بينهم نجدهم على عقيدة واحدة ومنهج واحد قوامه الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.
قال الإمام ابن باديس(" قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوة دينية ، فتبعه عليها قوم فلقبوا بـ : " الوهابيين " . لم يدع إلى مذهب مستقل في الفقه ؛ فإن أتباع النجديين كانوا قلبه ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليين ؛ يدرسون الفقه في كتب الحنابلة ، ولم يدع إلى مذهب مستقل في العقائد ؛ فإن أتباعه كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن سنيين سلفيين ؛ أهل إثبات وتنزيه ، يؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب والاختيار ، ويصدقون بالرؤية ، ويثبتون الشفاعة ، ويرضون عن جميع السلف ، ولا يكفرون بالكبيرة ، ويثبتون الكرامة .
وإنما كانت غاية دعوة ابن عبد الوهاب تطهير الدين من كل ما أحدث فيه المحدثون من البدع ، في الأقوال والأعمال والعقائد ، والرجوع بالمسلمين إلى الصراط السوي من دينهم القويم بعد انحرافهم الكثير ، وزيغهم المبين ).
3-قال ذاك الجهمي:
أقول:ضربني وبكى سبقني واشتكىلا يخفى على كل عاقل منصف مطلع أن الحشوية ديدنهم الكذب والتزوير والتلبيس ولذلك نكتب هذا الموضوع ليكون جلاء لقلوب كثير من المتشككين وسنظل بفضل الله نرد على بدعهم وضلالتهم وتحريفهم الكلم.
«إن هذا الكلام ليس فيه من الحجة والدليل ما يستحق أن يخاطب به أهل العلم؛ فإن الرد بمجرد ((الشتم والتهويل)) لا يعجز عنه أحد!!، والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب!!؛ لكان عليه أن يذكر من ((الحجة)) ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم. فقد قال الله عز وجل لنبيه ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة ((الحسنة)) وجادلهم ((بالتي هي أحسن))، وقال تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا ((بالتي هي أحسن)). فلو كان خصم من يتكلم بهذا الكلام؛ من أشهر الطوائف بالبدع كالرافضة!!؛ لكان ينبغي أن يذكر ((الحجة)) ويعدل عما ((لا فائدة فيه)) إذ كان في مقام الرد عليهم »اهـ عن مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/ 186) باختصار.
وأنت لم ترد على موضوعي ولم تعقب على أدلتي إنما رحت تخرج عن الموضوع وتكذب وتدلس على أهل العلم كما سأبين لك بالأدلة والحجج فلست ممن يتهم جزافا لينصر باطله كما هو حالك للأسف الشديد .
ولست أدري أين التزوير, وأنا لست إلا ناقل لك كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وناقل كلام أئمة السلف عبر القرون ؟!
إن كان إثبات الصفات الواردة في الكتاب والسنة كذبا وتدليسا فما قولكم في تحريفها وإخراجها على ظاهرها بحجة أن عقولكم لم تستوعبها؟!
أما عن التحريف فليت شعري:من الذي حرف النزول وزعم أن الله لا ينزل إنما ملائكته ومن الذي حرف اليد إلى النعمة ومن الذي حرف الإستواء إلى الإستيلاء إن كانت لكم كل هذه الجرأة على كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة لتحرفوها وتتفنون تارة في تأويلها وتارة في تعطليها فما الذي يمنعك بعد هذا من تحريف كلام اهل العلم ؟!
4-قال الجهمي:
أقول:ويبدو أن كاتب المقال دك حصون المفترين بإثبات نزول رب العالمين يهوى الكتابة كثيرًاحتى أنه يأتي بكل ما يخص الموضوع من بعيد أو بعيد
فتارة يتحدث عن اليدين وتارة عن الاستواء وموضوعه عن النزول وإنتقال الله وتحركه !!.
أولا:هذا موضوعي منشور على النت وقد قرأه الكثيرون فأين كلامي عن اليد أو الإستواء أو غيرها من الصفات فكل ما في أمر أنني نقلت كلام أئمة السنة عبر العصور حول حديث النزول وقد يتخلله أحيانا الكلام عن اليد وبعض الصفات لأن نهج السلف في الصفات واحد بحمد الله فلا يفرقون بين صفات الله تعالى فيثبتون سبعة ويحرفون الباقي دون دليل ولا برهان!.
ثانيا:قولك((وموضوعه عن النزول وإنتقال الله وتحركه !!.)) هذا الكلام غير صحيح وهو من الكذب علي بل أنا تكلمت عن النزول ولم أتكلم عن الإنتقال والحركة ,ولكن مشكلتكم أنكم لا تفهمون من صفات الخالق إلا ما تفهمونه من صفات المخلوق فلا تفهمون من العلو إلا الجهة والمكان, ولا تفهمون من اليد إلا الجارحة ,ولا تفهمون من النزول إلا الحركة والانتقال وخلو العرش, فهذا فهمكم المبني على التشبيه فأنتم المشبهة أولا فالمعطلة ثانيا فالمحرفة ثالثا .
أما نحن فنقول(ينزل إلى السماء الدنيا) كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم نزولا يليق بجلاله ولا نقول كيف .
ونقول الله فوق العرش عال على خلقه ولا نقول كيف.
ونقول لله يدين كما أخبر ولا نقول كيف.
ومعنى هذه الألفاظ واضح في اللغة العربية لكنكم لا تفهمون منها إلا ما ترونه في المخلوقات فتظنون أن الظاهر منها هو ما تشاهدنه في المخلوقات .
جاء في رسالة(إثبات الفوقية) المنسوبة للجويني: (والذي شرح الله صدري في حالِ هؤلاء الشِّيوخِ الذين أوَّلوا الاستواء بالاستيلاءِ، والنُّزولِ بنُزُولِ الأمر، واليدينِ بالنعمتين والقدرتين هو علمي بأنهم ما فهِموا صِفاتِ الرَّبِ تعالى إلا ما يليقُ بالمخلوقين فما فهِموا عن الله استواءً يليقُ به ولا نُزُولاً يليقُ به، ولا يدَيْنِ تَليقُ بعظمته بلا تكييفٍ ولا تشبيهٍ، فلذلك حرَّفُوا الكَلِمَ عن مَواضِعِهِ وعَطَّلوا ما وصَفَ الله تعالى نفسَهُ به ونذكُر بيانَ ذلك إن شاء الله تعالى.)).
والمشكلة الكبرى والطامة العظمى أن صحاب الموضوع قد بنى موضوعه الخاوي على عروشه على دعوى أنني أقول بالحركة والإنتقال وغيرها من الألفاظ التي أحدثوها في دينهم فجل موضوعه لا علاقة له بالنزول إنما عن الحركة والإنتقال!.
وهذه هي حالهم للأسف الشديد نحن في واد وهم في واد آخر:
نحن نتكلم عن النزول وهم يتكلمون عن الحركة والإنتقال!وقس على هذا إثباتنا لباقي الصفات الواردة في الكتاب والسنة دون تمثيل ولا تكييف.
نحن نتكلم عن العلو وهم يتكلمون عن الجهة والحيز والمكان!
نحن نتكلم عن اليد وهم يتكلمون ع الجارحة!
معنى قول السلف(أجروها على ظاهرها):
5-قال الجهمي:أقول:
((فقول الأئمة : (اجراؤها على ظاهرها) الذي أستشهد به كثيراً المقصود منه اثباتها كما وردت من غير زيادة ولانقصان وليس أن معناها هو ظاهرها الموهم للتشبيه بدليل نفيهم لمعاني هذا الظاهر في مواضع أخرى
وهناك فرق بين إثبات المعنى الظاهر للصفة وبين إثبات معنى تتعلق به الصفة وهو ليس بمعنى حقيقي للصفة بل معنى لمتعلقاتها ، بينما الذين
يدعونه معنى حقيقي للصفة وفهمهم لمعنى الصفة على حقيقتها هو فرع عن معرفة الماهية التي ينكرون معرفتها وهو تناقض ظاهر .
فادعاؤهم معرفة الصفة على ظاهرها على أنه معنى حقيقي للصفة لاشك هو معرفة للماهية بوجه ما .)).
أولا: لقد ادعيت أيها الجهمي أن ظاهر القرآن,الذي هو حجة الله على عباده ,والذي هو خير الكلام ,وأصدقه,وأحسنه,و فصحه,وهو الذي هدى الله به عباده,وجعله شفاء لما في الصدور,وهدى ورحمة للمؤمنين,ولم ينزل كتاب من السماء أهدى منه ,ولا أحسن ,ولا أكمل,فانتهكت حرمته ,وادعيت أن ظاهره يستلزم التشبيه والتجسيم (1).وهذا الإلزام إنما هو لمن جاء بالنصوص الدالة على علو الله على عرشه أوالنصوص الدالة على نزوله وإتيانه,وتكلم بها,ودعا الأمة إلى الإيمان بها ومعرفتها,ونهاهم عن تحريفها وتبدليها.
يا قوم والله العظيم أسأتم***بأئئمة الإسلام ظن الشأنِ.
ما ذنبهم ونبيهم قد قال***ما قالوا كذلك منزل الفرقانِ
ما الذنب إلا للنصوص لديكم***إذ جسمت بل شبهت صنفان ِ
ما ذنب من قد قال ما نطقت به***مِنْ غير تحريفٍ ولا عدوانِ
ثانيا:ان معنى قول السلف أمروها كما جاءت أو قولهم(أجروها على ظاهرها) أي اعتقدوها وءامنوا بها وبما دلت عليه من المعنى دون التعرض لها بالتحريف ولا بالتأويل ولا بالتشبيه ولابالتمثيل مع عدم التعرض للكيفية .
ولذلك فان بعض الروايات كما عند البيهقي في الاعتقاد واللالكائي في اعتقادأهل السنة والذهبي في العلو (أمروها كما جاءت بلا كيف ) وهذا نص صريح في الايمان بها وبمعناها دون التعرض للكيفية, ولو لم يكونوا يؤمنون بمعناها ما كان لتخصيص ذكر الكيفية فائدة.
ثالثا: إن كنت تقصد بالمعنى "المعنى الخاص" بالمخلوقات كتفسير نزول الخالق بنزول المخلوق وتفسير علو الله بعلو المخلوق فهذا المعنى الباطل وإن كنت تقصد بالمعنى أي القول بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير لكن نؤمن ونجزم بأن نزوله ليس كنزول المخلوق وعلوه على العرش ليس كعلو المخلوق فهذا المعنى حق وهذا المعنى هو الظاهر اللهم إلا عندما من نكست فطرتهم وتبدد عقله.
قال شيخ الإسلام بن تيمية : (( ولو كان القوم – أي السلف – قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه لما قالوا: ( الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ) ولما قالوا: ( أمروها كما جاءت بلا كيف ) فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما بل مجهولا بمنـزلة حروف المعجم ، فقولهم : ( أمروها كما جاءت) يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظاً دالةً على معاني… ))
[ مجموع الفتاوى ( 5 / 41 ) ]
وحقيقة (( القول بالتفويض )) هي أن فيه فيه (( نسبةُ الجهل إلى الأنبياء والمرسلين )) وأنهم كانوا (( يجهلون معاني )) نصوص صفـات الله تعالى وأنهم كانـوا (( يخـاطبـوننا بما لم يكونوا يعرفوا معناه )) .
ولهذا لما سُئل الإمامُ ( أبو جعفر الترمذي ) فقيه بغداد وعالمها عن كيفية نزول الله تعالى ؟؟ قال : (( النـزول معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ))
قال الإمام الحافظ الذهبي معلقاً على هذا الكلام : (( صدق فقيه بغداد وعالمها في زمانه ، إذ السؤال عن النـزول ماهو ؟ عيٌّ ، لأنه إنما يكون السؤال عن كلمةٍ غريبةٍ في اللغة ، وإلا فالنـزول والكلام والسمـع و البصـر والعلـم والاستـواء عبـاراتٌ جليلـةٌ واضحـةٌ للسَّامع ، فإذا اتصف بها من ليس كمثله شيء فالصفة تابعةٌ للموصوف وكيفية ذلك مجهولة عند البشر وكان هذا الترمذي من بحور العلم والعُباد الورعين مات سنة 295 هـ )) أهـ .
[ العلو للعلي الغفار الذهبي ص 156 ]
رابعا:وما يدل على ان السلف أثبتوا المعنى اللائق بالله تعالى دون تمثيل ولا تكييف هذه النصوص:
النص الأول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كيف تقولون بفرح رجل انفلتت منه راحلته. تجر زمامها بأرض قفر ليس بها طعام ولا شراب. وعليها له طعام وشراب. فطلبها حتى شق عليه. ثم مرت بجذل شجرة فتعلق زمامها. فوجدها متعلقة به؟" قلنا: شديدا[أي فرحه]. يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما، والله! لله أشد فرحا بتوبة عبده، من الرجل براحلته". أخرجه مسلم.
هكذا يعتني عليه الصلاة والسلام ببيان المعاني لأصحابه وتوضيح المراد غاية التوضيح ففي صفة الفرح ضرب لهم مثلاً بأشد ما يكون فيه الفرح وهو فرح رجل في صحراء مهلكة قد انفلتت دابته وعليها طعامه وشرابه فأيس منها واستظل بظل شجرة ينتظر الموت فإذا براحلته وعليها طعامه وشرابه ففرح الرجل بذلك وليس في المخلوق فرح أشد من هذا فإذا عقل السامع عظم هذ الفرحة وشدتها فقد بين صلى الله عليه وسلم أن الله أشد فرحا بتوبة عبده، من هذا الرجل براحلته وهل هناك تحقيق للمراد وتوضيحه أكثر من هذا .؟
النص الثاني: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبياً في السبي أخذته، فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (أترون هذه طارحة ولدها في النار). قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: (لله أرحم بعباده من هذه بولدها).رواه البخاري.
وهاهنا في صفة الرحمة ضرب لهم مثلاً بأشد ما يكون فيه الرحمة وهو رحمة امرأة بحثت عن رضيعها واشتد حزنها وهمها وبعد مدة وجدته وألصقته بصدرها ترضعه فقال: (أترون هذه طارحة ولدها في النار) وليس في المخلوق رحمة أشد من هذه الرحمه فإذا عقل السامع عظم هذه الرحمه وفهمها فقد بين صلى الله عليه وسلم أن الله أرحم بعباده من هذه بولدها ، سبحانه وتعالى عما يعطل المعطلون.
النص الثالث: قال صلى الله عليه وسلم ((يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضيه بيديه فيقول: أنا الله-[وجعل رسول الله] يقبض أصابعه ويبسطها-. أنا الملك)) حتى قال ابن عمر :نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه. حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم؟
والحديث أخرجه مسلم و أبو داود في الرد على الجهمية وابن خزيمه في التوحيد (باب تمجيد الرب عز وجل نفسه)
لماذا يقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ويبسطها حين ذكر أن الله يأخذ سماواته وأرضيه بيديه ؟
طبعاً لا يريد التشبيه بل هو صلى الله عليه وسلم يعتني ببيان المعاني لأصحابه وتوضيح المراد غاية التوضيح كما وضحنا من قبل .
هذا ونصوص السلف والأئمة كثير لا تحصى لكنكم دائما تفهمون من ظاهر النصوص ما تفهمونه من المخلوق مع أن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
خامسا:هل أنتم تثبتون الصفات على ظاهرها كما تدعون؟أم أنك تحرفون الكلم عن مواضعه؟ لماذا إذن رحت تنسب التأويل للسلف فهل أنت مفوض أم مؤول أم كلاهما؟!.
إستنكاره إطلاق لفظ(بذاته) و(حقيقة) على النزول :6-قال الجهمي:
أقول:وقول الوهابية أدعياء السلفية : أن الله تعالى ( ينزل بذاته ) وأنه سبحانه
( ينزل نزول حقيقي ) (وأنه إذا لزمه الحركة تحرك)
ويقولون هذا من حمل النصوص علي ظواهرها
نقول: هذا المذهب مذهب مناقض للوحي مرذول من حيث العقل وقد نص أئمة على أن هذا المذهب ليس هو مذهب السلف بل هو مذهب المجسمة المشبهة فقولهم حقيقةً وأنه انتقال وحركه من علو لسفل
يعني أن لله جهة ولا يخفي علي كل باحث أن الأعلى والأسفل جهات فكيف يدافع هؤلاء عن الجهات وينسبونها لله تعالى
ثم يقولون من أين لفظ الجهة؟؟
وقد قال صاحب الطحاوية (لاتحويه الجهات الست) أليست هذه عقيدة أهل السنة ؟
وحتى الآن صار لله عند الوهابية من هذا المقال كما رأيناه
جهتين أعلى وأسفل ماعدا أن الأسفل هي للثلث الأخير من الليل
بل يلزمه صعود فما هذا الجهل الذي به يقولون حركة نزول وصعود؟
أولا:إن إستنكارك للفظ "بذاته" ولفظ(حقيقة) وادعاءك أنه مذهب مرذول مردود عليك من أوجه:
الوجه الأول:لقد ثبتت هذه الألفاظ عن السلف فقد قال القرطبي رحمه الله في تفسيره((وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله. ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته. قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم -يعني في اللغة- والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة. وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها. وهذا القدر كاف، ومن أراد زيادة عليه فليقف عليه في موضعه من كتب العلماء. والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار. )).
بل قد نقل الإمام أبو نصر السجزي الإجماع على ذلك فقال في الإبانة((وأئمتنا كسفيان الثوري,ومالك بن أنس,وسفيان بن عيينة ,وحماد بن زيد,وحماد بن سلمة,وعبد الله بن المبارك,وفضيل بن عياض,وأحمد بن حنبل,وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي, متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش وعلمه بكل مكان )).
وسبقه المزني حيث قال في شرح(أصول السنة) :((عال على عرشه في مجده بذاته)) ثم حكى الإجماع على ذلك فقال((هذه مقالات وأفعال اجتمع عليها الماضون الأولون من أئمة الهدى,وبتوفيق الله اعتصم بها التابعون قدوة ورضى).
ونقل الطلمنكي الإجماع كذلك كما في كتابه الوصول إلى معرفة الأصول : (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله وهو معكم أينما كنتم ونحو ذلك من القرآن أنه علمه وأن الله تعالى فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء. وقال أهل السنة في قوله الرحمن على العرش استوى إن الإستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز)
وقد قالها عبد القادر الجيلاني ومن قبله الحارث المحاسبي
وقالها أبو المظفر السمعاني إمام الشافعية في زمانه في قصيدته التي شرح بها عقيدة أهل السنة:
عقائدهم أن الإله بذاته على عرشه مع علمه بالغوائب.
الوجه الثاني:إن قول من قال من السلف((بذاته)) هو من باب التأكيد والتنصيص,والرد على المعطلة الذين يفسرون صفات الله تعالى بما قام بغيره,وينكرون أن يقوم بذات الله تعالى صفة متعلقة بمشيئته.فيقولون: نزوله نزول أمره وملائكته ومجيئه مجيئ ثوابه,وهكذا.
وكذا قولهم "حقيقة" تأكيد لحقيقة الصفة ,ورد على من جعلها مجازا.
وهذا كما زاد السلف لفظ(بائن) في إثباتهم لعلو الله تعالى فقالوا"على عرشه بائن من خلقه" وذلك ردا على الجهمية الذين يزعمون أن الله في مكان بذاته ,تعالى الله عن ذلك.
ومعلوم أن الخبر وقع عن نفس ذات الله تعالى لا عن غيره,كما في قوله((الرحمان على العرش استوى)) ,وقول النبي صلى الله عليه وسلم((إن الله ينزل إلى السماء الدنيا)) وهذا خبر عن مسمى هذا الإسم العظيم.
فيقال لهم:كيف سوغتم لأنفسكم هذه الزيادات في النفي كنفي الجهة والحيز ونحو ذلك من الألفاظ التي اخترعتموها ثم ونفيتموها لتنفوا بها بعد ذلك الصفات الثابتة في الكتاب والسنة ,وفي المقابل نجد عندكم التقصير في الإثبات على ما أوجبه الكتاب و السنة,وأنكرتم على أئمة الدين ردهم لبدعة ابتدعها أهل التعطيل والتهجيم مضمونها إنكار حقائق صفات الله تعالى,وعبروا عن ذلك بعبارة كقوله(بذاته) و(حقيقة),فأثبتوا تلك العبارة ليبينوا ثبوت المعنى الذي نفاه أولئك؟!وأين في الكتاب والسنة أنه يحرم رد الباطل بعبارة مطابقة له,فإن هذه الألفاظ لم تثبت صفة زائدة على ما في الكتاب والسنة ,بل بينت ما عطله المبطلون من حقيقة اتصافه بصفات الكمال.
الوجه الثالث: أن يقال لهم: أمامكم واحدة من اثنتين: إما أن تقولوا استوى بذاته أو تقولوا استوى بغيره. أنتم تجعلون لله صفة القيام بالنفس مع أن الله ذكر بأنه قائم على كل نفس. فلماذا قلتم هو قائم بالنفس وليس على كل نفس. فقولنا: استوى بذاته لا بغيره كقولكم قائم بنفسه لا بغيره.
وبهذه الأوجه يتبين أن كلامك هو المرذول المنبوذ عند أئمة السلف والسنة .
ثانيا:إنك للأسف لم تفهم من ظاهر الصفات إلا ما تفهمه من صفات المخلوقات فأنت لا تفهم من النزول إلا الحركة والإنتقال ولا تفهم من العلو إلا الجهة والجهات .
لذلك أقول لك:إن ألفاظك المبتدعة(جهة-حد-حيز-حركة-إنتقال)لم تأتي لا في كتاب ولا في سنة ونحن معشر أهل السنة لا نثبت إلا ما أثبته الله لنفسه فإن كنتم تقصدون بالحركة والإنتقال أن الله ينزل ويأتي ويجيء فهذا حق ولن نترك كلام ربنا لتسميتك إياه حركة أو إنتقال.
وإن كنتم تقصدون بالجهة أن الله فوق العرش عال على خلقه فهذا حق ولن نترك كلام ربنا لتسميتك له بالجهة (إن هي إلا أسماء سميتموها).
أما إن كنتم تقصدون بالحركة أن الله يماثل المخلوقات في تحركاتهم وانتقالاتهم فهذا باطل ننفيه جملة وفصيلا وكذلك إن كنتم تقصدون بالجهة أن الله تحتويه الجهات فهذا باطل ننفيه تماما مثلما نفاه الإمام الطحاوي رحمه الله في قوله(ولا تحتويه الجهات الست).
ثالثا:أما كلامك عن صعود ونزول فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ينزل فهل نكذبه إستنادا لعقلك الذي لا يفهم غير التشبيه؟!
أما عن الصعود فلم يخبرنا به ربنا فلا نقول به بل نقول (ينزل) ولا نقول كيف ولا نخوض فيما بعد ذلك بل نؤمن بأن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ونؤمن بأن الله عال على خلقه فوق العرش ولا تعارض بين علو تعالى وبين نزوله إلى السماء الدنيا لأننا لا نعرف لا كيفية النزول ولا كيفية العلو بل نؤمن بها بعيد عن التحريف بعيدا عن التعطيل أو التمثيل .
7-أما قولك أيها الجهمي:
فأقول:
((ونقولات كاتب المقال كلها تضاد فماذا يريد كاتب هذا المقال الحشوي؟
فهذا المعنى الحقيقي من حركة وإنتقال الذي يثبتة غير لائق بالله تعالى))).
دعوى أن نقولاتي كلها تضاد مردودة عليك في المقال نفسه فهل أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم تضاد؟ وهل أقول أئمة السنة والهدى تضاد؟.
بل كلامك وردك الهزيل هذا هو التضاد وللصواب محاد وإلا قلي بربك:هل أنت مفوض أم مؤول أم كلاهما؟فمالي أراك تارة تشيد بمذهب التفويض وتارة بمذهب التأويل فهل يجتمع النقيضين؟!
ثم من قال لك أنني أثبت لله الحركة أصلا؟ .
إن لفظ الحركة والسكون إنما هي ألفاظ اخترعتموها لتبارزوا بها كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فليس منا إلا أن نستفصل منكم؟
فإن كنتم تقصدون بالحركة أن الله ينزل إلى السماء الدنيا ويأتي يوم القيامة للفصل بين العباد فهذا حق نثبته لأنه ثابت في الكتاب والسنة سواء سميتموه حركة أم سميتموه سكون ولا زم الحق حق.
وإن كنتم تقصدون بالحركة ما يماثل تحركات المخلوقات فهذا لا نقول به ولا نثبته فبيننا وبينكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم أقوال السلف من أهل القرون المفضلى قبل أن يظهر الجهمي والأشعري والماتوريدي!
8-إلزمات فاسدة:والعجب كل العجب أن صاحب الرد الهزيل يعيد نفس الشبهات التي رددت عليها في موضوعي السابق وهذا دليل على عدم تمكنه من مناقشة ردودي على شبهاتهم فهاهو يعيد نفس الشبهات فيقول:
والجواب عليه:لأنه يقتضي أمورا فاسدة وهي :
1- الجسمية .
2- الحلول في السماء عند النزول.
أولا: دعواك أن النزول يقتضي التجسيم فهذا الكلام من الهذيان بلا ريب ولم أسمع بأحد قاله ولو كان حقا لأخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم وإلا فلخصمك أن يقول إن إثباتك للسمع والبصر يقتضي التجسيم؟ بل وقد قال لكم خصومكم المعتزلة إن إثباتكم للرؤية يقتضي التشبيه والتجسيم! فما الظابط في معرفة ما يقتضيه التجسيم؟ ثم من قال لكم أن نزول الخالق كنزول المخلوق أصلا حتى قلتم بهذا اللازم الباطل العاطل؟ أم أنك لا تفهم من صفات الخالق إلا ما تفهمه من صفات المخلوقات؟ أوليس هذا الكلام منك دخول في الكيفية؟
وقولكم أن هذه الأمور كالمجيئ والإتيان والنزول من خصائص أجسام قول باطل قطعا لأن الأعراض كذلك توصف بذلك فيقال :جاء البرد ,جاء الحر,جاء الصيف ,وجاءت الحمى...فهل هذه أجسام عندكم؟وبالتال قولكم هذا من الهذيان والهراء والحمد لله .
ثانيا : أما لازم الحلول في السماء؟! فهذا لأنك لم تفهم من النزول إلا ما تراه في النزول المخلوقات بل أقول لك:
إن الله تعالى أعظمُ منْ أنْ يظنَّ ذلكَ بهِ، وإنَّما يظنُّهُ الذينَ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ *} [الزمر: 67] .
قالَ شيخُ الاسلامِ رحمه الله: العليُّ الأعلى العظيمُ، فهو أعلى منْ كلِّ شيءٍ، وأعظمُ منْ كلِّ شيءٍ. فلا يكونُ نزولهُ وإتيانهُ بحيثُ تكونُ المخلوقاتُ تحيطُ بهِ، أو تكونُ أعظمَ منهُ وأكبرَ، وهذا ممتنعٌ .
فالمخلوقُ إذا نزلَ من علوٍّ إلى سفلٍ زالَ وصفهُ بالعلوِّ وتبدَّلَ إلى وصفهِ بالسُّفولِ، وصارَ غيرهُ أعلى منهُ.
والرَّبُّ تعالى لا يكونُ شيءٌ أعلى منهُ قطُّ، بلْ هوَ العليُّ الأعلى، ولا يزالُ هوَ العليُّ الأعلى مع أنَّهُ يقربُ إلى عبادهِ ويدنو منهم، وينزلُ إلى حيثُ شاءَ، ويأتي كما شاءَ. وهو في ذلكَ العليُّ الأعلى، الكبيرُ المتعال، عليٌّ في دنوِّه، قريبٌ في علوِّهِ.
فهذا وإنْ لمْ يتَّصفْ بهِ غيرهُ فلعجزِ المخلوقِ أنْ يجمعَ بينَ هذا وهذا. كمَا يعجزُ أنْ يكونَ هو الأولَ والآخرَ والظاهرَ والباطنَ .
وقَالَ ابنُ القيِّم رحمه الله: ونزولهُ كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنيا سلامٌ ممَّا يضادُّ علوَّهُ، وسلامٌ مما يضادُّ غناهُ وكمالهُ، سلامٌ منْ كلِّ ما يتوهَّمُ معطِّلٌ أو مشبِّهٌ، وسلامٌ منْ أنْ يصيرَ تحتَ شيءٍ أو محصورًا في شيءٍ. تعالى الله ربُّنا عن كلِّ ما يضادُّ كمالَهُ .
فتبيَّنَ بهذا الكلامِ النفيسِ، بطلانُ ما ذكرهُ السَّقافُ؛ وأنَّهُ مبنيٌّ على شفا جرفٍ هارٍ منَ الخيالاتِ والأوهامِ.
وليتأمَّل هذا الجهمي وأمثالهُ منْ أهلِ الكلامِ الأثرَ التالي:
قالَ محمَّدُ بنُ حاتمٍ المظفريُّ: سمعتُ عمرو بن محمد يقولُ: كانَ أبو معاوية الضريرُ يحدِّثُ هارونَ الرشيد، فحدثَّهُ بحديثِ أبي هريرةَ: «احتجَّ آدمُ وموسى» فقالَ عليُّ بنُ جعفرٍ: كيفَ هذا وبينَ آدمَ وموسى ما بينهما؟! قالَ: فوثبَ بهِ هارونُ وقالَ: يحدِّثكَ عَنِ الرسول صلى الله عليه وسلم وتعارضهُ بكيفَ؟! فما زالَ يقولُ حتَّى سكتَ عنهُ .
قالَ المحدِّثُ الصابونيُّ معقِّبًا: هكذا ينبغي للمرءِ أنْ يعظِّمَ أخبارَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ويقابلها بالقبولِ والتسليمِ والتَّصديقِ، وينكرُ أشدَّ الإنكارِ على منْ يسلكُ فيها غيرَ هذا الطريقِ الذي سلكهُ هارونُ الرشيدُ رحمه الله معَ مَنِ اعترضَ على الخبرِ الصَّحيحِ الذي سمعهُ بـ«كيف»؟! على طريقِ الإنكارِ لهُ، والابتعادِ عنهُ، ولمْ يتلقَّهُ بالقبولِ كمَا يجبُ أنْ يتلقَّى جميعُ ما يردُ مِنَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم.
جعلنا الله سبحانهُ مِنَ الذينَ يستمعونَ القولَ ويتَّبعونَ أحسنهُ ويتمسَّكونَ في دنياهم مدَّةَ حياتهم بالكتابِ والسنَّةِ، وجنَّبنا الأهواءَ المضلَّةَ والآراءَ المضمحلةَ والأسواءَ المذلَّةَ، فضلًا منهُ ومنَّةً
9-أسئلة تشبيهية :وقد طرح الجهمي بعض الأسئلة التي تدل على مدى التشبيه الذي يعتقدون به في صفات الله تعالى فقال:
أقول: بل الله ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير من الليل كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام ولا نقول كيف.1- فهل تكون الذات العليه نازله على الدوام؟
الجواب:لقد أخبرنا الله تعالى أنه فوق العرش عال على خلقه وكذلك أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام بأنه ينزل إلى السماء الدينا كل ليلة فآمنا بالله ورسوله فقلنا:أن الله تعالى فوق عرشه وقلنا أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا ولا تعارض بينهما لأن الله(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) لكن كاتب الموضوع وأمثاله لمْ يفهموا منْ نزولِ الخالقِ إلى السَّماءِ الدنيا إلَّا كمَا فهموا منْ نزولِ المخلوقاتِ، «وهذا عينُ التمثيلِ، ثَّم إنَّهم بعدَ ذلكَ جعلوهُ كالواحدِ العاجزِ منهم الذي لا يمكنهُ أنْ يجمعَ منَ الأفعالِ ما يعجزُ غيرهُ عنْ جمعهِ» . وكذبوا في هذا الفهمِ، وضلُّوا في هذا الظنِّ والوهمِ الكاسدِ.
2- و إن قالوا نازل على الدوام أو غير الدوام هل يخلو العرش من الذات عند النزول؟
فإنَّ الله سبحانه وتعالى قالَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ *} [الزمر: 67].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ: «يطوي الله عزَّ وجلَّ السمواتِ يومَ القيامةِ ثمَّ يأخذهنَّ بيدهِ اليمنى، ثمَّ يقول: أنا الملكُ. أينَ الجبَّارونَ؟ أينَ المتكبِّرونَ؟ ُثمَّ يطوي الأرضينَ بشمالهِ ثمَّ يقولُ: أنا الملكُ أينَ الجبَّارونَ أينَ المتكبرونَ؟!» .
فمنْ هذهِ عظمتهُ، كيفَ يحصرهُ مخلوقٌ مِنَ المخلوقاتِ. سماءٌ أو غيرُ سماءٍ؟! حتَّى يقال: إنَّهُ إذا نزلَ إلى السماء الدنيا صارَ العرشُ فوقهُ، أو يصيرُ شيءٌ مِنَ المخلوقاتِ يحصرهُ ويحيطُ بهِ سبحانه وتعالى .بل إن مصطلح"المكان" من ألفاظكم المبتدعة التي اخترعتموها فما علينا إلا أن نستفصل منكم فإن كنتم تقصدون بالمكان أن الله تعالى حال في خلقه والمخلوقات تحيط به فهذا المعنى باطل لا نقول به أما إن كنتم تقصدون بالمكان أن الله تعالى فوق العرش فهذا حق دل عليه الكتاب والسنة ولن نتركه لتسميتكم له (مكان) .
3- و إن قالوا لا يخلوا العرش فهل يثبتوا الذات فى مكانين فى نفس الوقت؟
وبالتالي نقول: إن الله بذاته فوق العرش وبذاته ينزل إلى السماء الدنيا ولا نقول(كيف) وسؤالك هذا سؤال عن الكيفية ولسان حالك يقول:كيف ينزل وهو فوق عرشه فجوابنا: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير بل ينزل وهو فوق عرشه كما شاء ومتى شاء.
أما إستشهاداتك بما جاء في التوراة فمردود عليك بقول النبي صلى الله عليه وسلم(لا تصدقوهم ولا تكذبوهم) بل العبرة بماجاء في الكتاب والسنة فيكفينا قول النبي صلى الله عليه وسلم((ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول)) فلسنا بحاجة للتوراة لكي نثبت عقيدتنا أو نردها بل ما وافق الكتاب والسنة نقول به وماخالفه نضرب به عرض الحائط.