و المتأمل في أغلب الاحاديث التي صححها الامام الترمذي يجد أن كثيرا من تلك الاحاديث إنما صححها تبعا لشيخه إمام الحفاظ و سيد النقاد أبي عبد الله البخاري أو ابي زرعة أو الدارمي أو أحمد , فيلزم المدعي لهذا أن يدخل البخاري ومن تقدم ذكرهم مع الترمذي في نفس الخانة , ونحن لا نشك أن الترمذي دونهم , لكن الذي ثبت بالاستقراء و التتبع أن كثيرا من الاحكام سواء كانت على الاحاديث أو الرواة قد أخذها الامام الترمذي عن أشياخه المذكورين أعلاه
- وبما تحصل لنا بعد طول بحث أن تصحيحات الترمذي تنقسم إلى اربعة أقسام (قد يخالفني البعض ولا تثريب على مجتهد) :
1- ما صححه وكان مخرجا في الصحيحين أو أحدهما أو كان على شرطهما أو على شرط أحدهما , وهذا كثير ولله الحمد
2- ما صححه ولم يكن على شرطهما ولا على شرط أحدهما ووافقه على هذا الائمة المتقدمون , وهذا أيضا يوجد منه عـــدد .
3- ما انفرد بتصحيحه وخالفه الائمة في ذلك وليس هذا بالكثير , فهذا اجتهاده وهو إمام جبل له اجتهاداته مثل غيره من الائمة , وهو بشر يصيب و يخطئ
4- الاحاديث التي انفرد بتصحيحها ولم نجد للأئمة كلام فيها فهذه محل بحث فقد تكون ضعيفة جدا أو قد تكون مما جاء من غير وجه فيصححه اجتهادا منه فيظن الباحث أنه صحح ذلك الاسناد بعينه وقد يكون فيه تالف واه فيظن أنه صححه تساهلا منه !!!
أما تحسين الترمذي رحمه الله فمحل نظر و بحث , فإن اصطلاحه ليس كاصطلاح غيره فالحكم على اصطلاحه انطلاقا من اصطلاح غيره ليس بسديد , فينبغي محاكمته باصطلاحه و قواعده , فتنبه .
وقد أصبحت هذه المسألة هي الشغل الشاغل لكثير من لطلبة اليوم , و الله المستعان.
و الله أعلم .