تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 19 من 19

الموضوع: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    152

    افتراضي ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
    فقد سئل الشيخ الدكتور سليمان بن سليم الله الرحيلي - حفظه الله - بعد إحدى الدروس :
    ما هو الضابط في التشبه بالكفار ؟
    فأجاب :
    الضابط للتشبه بالكفار (أن يفعل الإنسان فعلًا لا يفعله إلا الكفار لا بمقتضى الإنسانية) ، انتبهوا لهذه الضوابط ، (لا يفعله إلا الكفار) فيُخرج ما يفعله الكفار وغيرهم ، فإذا كان هذا الفعل يفعله الكفار وغيرهم ؛ فإنه لا يكون تشبهًا ، ومن ذلك - فيما يظهر لي أنا والله أعلم - لبس السروايل أو ما يسمى في هذه الأيام بالبناطيل للرجال - إذا لم يكن البنطال ضيقًا ولا شفافًا - فإن لبسه ليس تشبهًا ، لأن هذا لا يختص به الكفار ، بل يلبسه الكفار وغير الكفار من القديم ، وكان يسمى قديما عند العرب بالسراويل.
    وأقول : (مالا يفعله إلا الكفار بغير مقتضى الإنسانية) فإذا كان يفعلونه بمقتضى الإنسانية فإنه لا بأس أن نأخذه عنهم ، مثلًا : السيارات ، السيارات اختُرعت عند الكفار ، ويركبون السيارات بمقتضى حاجة الإنسان إلى ركوبها ، فنأخذ عنهم السيارات ، ونركب السيارات ، هذا بمقتضى الإنسانية ، هذا ليس من باب التشبه ، لكن إذا كان الفعل لا يفعله إلا الكفار ، ويفعلونه بغير مقتضى الإنسانية ، مثل بعض الألبسة الخاصة بهم ، يمثِّل العلماء بطاقية اليهود مثلا ، أو في الألبسة - أنا فيما يظهر لي والله أعلم - أن ما يسمى بالكرفتة من هذا الباب ، من الألبسة الخاصة بالكفار التي يفعلها الكفار ، بل قرأت في بعض الكتب التي تؤرخ لهم أن هذه الكرفتة إنما هي مكان الصليب ، حيث كانوا يضعون في رقابهم صليبًا كبيرًا من خشب أو نحوه ، فلما تمدنوا وثقل عليهم ذلك وضعوا ما يسمى بالفوونكا أو نحوها التي تكون لها وردة طويلة ثم حبل من أسفل ، ثم طوروه إلى ما سموه بالكرفتة ، ويشترطون أن يكون لها عُقَد جانبية وحبل في الوسط يقوم هذا مقام الصليب عندهم،
    فأنا - يظهر لي والله أعلم - أنه لا يجوز للمسلمين أن يلبسوها .


    أ.هـ
    من شرح الأصول الثلاثة في درسه في المسجد النبوي في موسم حج 1429-1430 هـ .
    للاستماع إلى الفتوى عند الدقيقة 48 بعد تحميل هذا الجزء من شرح ثلاثة الأصول
    http://www.archive.org/download/shar...16.rm[/URL

    والشيخ سليمان - حفظه الله - أصولي مدقق بارع ، وفقيه محقق ماتع ، وهو عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية .

  2. #2

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    حفظ الله الشيخ الفقيه سليمان الرحيلي فما إستمعت لشرح من شروحه إلا وازددت إعجابا به
    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    الجهراء المحروسة
    المشاركات
    520

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    جزاك الله خيرا ، ونفع بك ..

  4. #4

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    يجب التحقق من هذه القصة المشهورة حول تاريخ ربطة العنق ...

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    29

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    يعني هل الشيخ الرحيلي يرى تحريم لبس الكرفتة ؟

  6. #6

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    كلام الشيخ سليمان حفظه الله مأصل وهو الذي تطمئن إليه النفس فجزاه الله خيرا.

  7. #7

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    الكرافاتا ليس اصلها صليب كما قال الشيخ انما اصلها من كرواتيا و هي بلد كان اهلها لما يذهب الرجال المحاربون تعلق نساؤهم حول اعناقهم مناديل و منها جاءت الكرافاتا نسبة لكرواتيا و الله أعلم.
    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    152

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العاصمي من الجزائر مشاهدة المشاركة
    حفظ الله الشيخ الفقيه سليمان الرحيلي فما إستمعت لشرح من شروحه إلا وازددت إعجابا به
    حفظ الله الشيخ وبارك في علمه ، أشكرك على مرورك ، وكذا السلفية النجدية .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    152

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمان المغربي مشاهدة المشاركة
    يجب التحقق من هذه القصة المشهورة حول تاريخ ربطة العنق ...
    أشكرك ، وأرجو أن ينبري لها رجل ليحقق هذه المسالة ، وكلام الشيخ مبني على قراءته لكتاب يؤرخ لهم .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    152

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المسروحي مشاهدة المشاركة
    يعني هل الشيخ الرحيلي يرى تحريم لبس الكرفتة ؟
    نعم ، تأمَّل آخر سطر في الفتوى المفرَّغة ، جزاك الله خيرًا ، وبارك فيك .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    152

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد صالح الغرابي مشاهدة المشاركة
    كلام الشيخ سليمان حفظه الله مأصل وهو الذي تطمئن إليه النفس فجزاه الله خيرا.

    بورك فيك ، وأشير إلى أنه ذكرَ مثل هذا قبل سنوات في شرحه لكتاب الصيام من منار السبيل في مسجد ذي النورين .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    152

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم بن عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
    الكرافاتا ليس اصلها صليب كما قال الشيخ انما اصلها من كرواتيا و هي بلد كان اهلها لما يذهب الرجال المحاربون تعلق نساؤهم حول اعناقهم مناديل و منها جاءت الكرافاتا نسبة لكرواتيا و الله أعلم.

    يجدر التحقق من ذلك ، وفي كلٍ فإن الحكم يكون هو التحريم ، فإن كلا السببين - إن صحَّا - يدلان على اختصاصها بالكفار .

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    يا إخواني ! رحمني الله وإياكم ، وغفر الله للشيخ ، فليس من شرط الثقة ألا يخطيء ، وهذا رأي الشيخ وهو مبني على الظن ، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال ، وأما كون " رباط العنق " كان في الأصل كذا وكذا فلسنا مطالبين بالتنقيب عنه لا سيما مع بعد المسافة وسقوط الإسناد الصحيح في مثل هذه المسألة ، وأما ما ذكر من أن الأصل كان جريًا على مشابهة الصليب فإن السيف وهو من الآت الحرب المعروفة لدى الفريقين من عرب وروم ومعلوم وجه الشبه بين مقبضه وبين الصليب ( في بعض صوره ) ، مع الفارق في الصورتين ؛ فإن ربطة العنق لم تبق على شكل من أشكال الصلبان باتفاق العارفين لها. وهذه الفنايل الداخلية التي يلبسها عموم الناس خاصة منزوعة الأكمام ( ذوات الحمالات ) لا نشك أن أصلها مأخوذ عنهم ، ومع هذا لسنا مطالبين بالبحث عن أصلها : لماذا كان هذا الشكل بالذات ؟
    وجملة القول : أن ما صار من لباس المسلمين _ وكان في أصله من لباس الكفار _ فهو جائز ما لم يخالف شرعنا من إظهار العورات أو تحجيمها ...وقد لبس النبي صلى الله عليه وسلم جبة رومية ضيقة الكمين كما في الصحيحين من حديث المغيرة ( لكن وصفها بأنها رومية ليس فيهما _ نعم عند مسلم " شامية " وإنما هو في بعض السنن _ النسائي والترمذي بإسناد صحيح ) .
    ولكن الإشكال إذا كان ثوبًا خاصًّا بهم ، كأن إذا رأيت صاحبه عرفت أنه مكسيكي أوإيطالي أو أمريكي مثلاً ، يعني الأزياء الوطنية الخاصة والمعروفة بكل قطر من هذه الأقطار، فهذا هو محل التحريم .
    وأما تحريم من حرمها من أهل العلم أو توقف في جوازها فغاية ما استدل به هو التشبه وهذا مبني على النية ، وإن كان يصعب الآن الجزم بالتشبه لا سيما مع وجود هذا العدد الكاثر من سواد الدول الإسلامية وهم يلبسونها شبابًا وشيبانًا !
    والبعض ممن حرم ما ذكر أثرًا و لاشبيها به ( !! ) وإنما سخر وتهكم فقط واصفًا إياها بأنها حبل أو مخنقة أو غُل .....
    بقي أن أشير هنا إلى ما أفتى به أعضاء اللجنة الدائمة بالمملكة من جواز لبس هذا الشيء ، فتوى رقم 4257
    ورحم الله سفيان _ هو الثوري _ عندما قال : " إنما العلم الرخصة من ثقة ، وأما التشديد فيحسنه كل أحد " .

  14. #14

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو ناصر المدني مشاهدة المشاركة
    يجدر التحقق من ذلك ، وفي كلٍ فإن الحكم يكون هو التحريم ، فإن كلا السببين - إن صحَّا - يدلان على اختصاصها بالكفار .
    تفضل ان كنت تتقن الفرنسية هنا شرح كامل عن أصلها و فيه ما نقلته و الله أعلم

    http://fr.wikipedia.org/wiki/Cravate
    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    152

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    جزاك الله خيرًا أيها الحبيب الدارقطني ، على إثراءك للموضوع .

    وقولك
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دارقطني مشاهدة المشاركة
    بقي أن أشير هنا إلى ما أفتى به أعضاء اللجنة الدائمة بالمملكة من جواز لبس هذا الشيء ، فتوى رقم 4257
    ورحم الله سفيان _ هو الثوري _ عندما قال : " إنما العلم الرخصة من ثقة ، وأما التشديد فيحسنه كل أحد " .
    لا يعني أن كل من حرَّم فهو متشدد ، ولا يتنزَّل على مسألتنا ، وليس رأي الشيخ فيها أو رأي من حرَّمها من قبيل التشدد ، وهي مسألة يسوغ فيها الخلاف ، ولا سيما وأن الشيخ مجتهد .

    بوركتَ .

  16. #16

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)


    بسم الله الرحمن الرحيم

    أحبتي في الله


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    إن المسلم الحاذق يعلم بأن الاستعمار الحاقد على بلاد المسلمين هو من نشر ارتداء ربطة العنق بين المقلدين من ضعفاء المسلمين في بلاد الشام والرافدين والسند والهند وأرض الكنانة والمغرب العربي ، وما ربطة العنق إلا رسن يضعه المرء على عنقه إعلانا لذله وهوانه وتقليده الأعمى للكفرة واليهود والنصارى وليس في إرتدائه فائدة البتة.


    وعلينا أن نتمعن قول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه الذي رواه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه والحديث في صحيح البخاري : " لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه . قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن "


    وربطة العنق من صلب زي ولباس اليهود والنصارى خاصة قساوستهم ورهبانهم وحواخيمهم ورجالات دياناتهم، وانتشارها بين ضعفة المسلمين من أهل الصغار لا يدل على انتفاء التشبه، فإن من نظر لحال الكفرة في عصرنا الحاضر وجد التزامهم بارتداء ربطة العنق في أعيادهم واحتفالاتهم واجتماعاتهم الدينية خاصة، ثم ارتدؤها بصفة رسمية بين المتكبرين من رجالات الدولة وأساتذة جامعاتهم ومعاهدهم وكبار تجارهم، وهذا يوضح خصوصية ربطة العنق بالكفار واليهود والنصارى ومن شابهمهم في الضلالة.


    وقول الحبيب صلى الله عليه وسلم والذي رواه الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما والحديث (حسن) في صحيح الجامع بتحقيق الألباني رحمه الله تعالى "ليس منا من تشبه بغيرنا ، لا تشبهوا باليهود و لا بالنصارى ، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع ، و تسليم النصارى الإشارة بالأكف"


    والناظر في هذا الحديث يرى تدقيق الرسول صلى الله عليه وسلم وشدة تحذيره من التشبه باليهود والنصارى، وعلى المسلم المعتز بدينه أن يتجنب تقليدهم بكل وسعه، والحلال بين والحرام بين، وعندنا من الملابس المباحة ما يكفينا عن ارتداء زي أحفاد القردة والخنازير والنصارى.


    والله أسأل أن يرفع راية الإسلام وأن يعز أهله، وأن يرفع ذل وهوان المتقاعسين والمقلدين من أصحاب النفوس الضعيفة، وأن يهديهم وإيانا سبل الرشاد.

    قناتي الدعوية على اليوتوب.
    أرجو منكم الدعاء لي بالفرج والرزق الحلال المبارك وبالعودة إلى ديار المسلمين،وجزاكم الله خيراً.

  17. #17

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله خير يا أبا ناصر المدني وأرجو تفيدنا بهذه السلسلة القيمة من علماء السنة في المدينة كشيخنا السحيمي والمدخلي والرحيلي والبخاري والعلامة الفهامة الجابري وفق الله الجميع .

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    الجهراء المحروسة
    المشاركات
    520

    افتراضي رد: ضابط التشبه بالكفار ، وحكم لُبس البنطال والكرفتة (سليمان الرحيلي)

    جزاكم الله خيرا ..

  19. #19

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
    فهذا جمع لأفكاري وبعض ما وقفت عليه طوال بحثي في مسألة التشبه عامة، وحكم لبس البنطلون خاصة، وليس بفتوى مني ولكن أرجو أن ينتفع به، وأعتذر عن سوء الترتيب:

    فإن قيل: إنه لو أصبح رجال مجتمع يلبسون لباس النساء، لقلنا إنه مجتمع سوء، ولم نقل إنه زالت علة التحريم لعد اختصاص النساء باللباس، فكذلك في التشبه بالكفار
    أجيب: بل قد يقال إنه قد زالت علة التحريم عندئذ لأن اللباس ليس لباس النساء فقط الآن، بل لباس الرجال والنساء مثل بعض أنواع النعال مثلاً.

    وما وجه منع بعضهم من لبس البنطلون وتجويزهم إياه إذا كان مع جاكيت طويل أو قميص طويل يبلغ الركبتين؟ فإنه لم يزل لابساً ما هو من لباس الكفار عندهم،
    فإن قيل: إنه زال التشبه لما أضاف إلى هيئته ما أضاف،
    قيل: فهلا أجزتم لبس البنطلون من غير جاكيت ولا قميص، إذا كان لابسه يعفي لحيته ويقص شاربه، لأنه زال التشبه عندئذ لما أضاف إلى هيئته اللحية والشارب المقصوص.

    وإن قيل بأن العبرة هو نشأة اللباس في الكفار وعدم إسلامهم بعد ذلك، لا أن يختص بالكفار،
    قيل فهل تحرّم قيادة السيارة عندئذ؟! ولعله ينبغي النظر في الحال بدلاً من الماضي، والنظر في حقيقة معنى التشبه المنهي عنه بدلاً من الاستدلال بالتعليلات المجردة عن الدليل.
    ولكن هل يقال بأنه في بداية وجود اللباس في بلاد المسلمين، يكون تشبّهاً محرماً، ثم إذا شاع وانتشر حيث لم يبق خاصّا بالكفار، فإنه يصبح جائزاً؟
    والذي قال بعدم زوال التحريم بشيوع اللباس بين المسلمين، كأنه ليس عنده إلى اثنان، التشبه أو المخالفة، ولا ثالث لهما وهو الاشتراك.

    وهل ينبغي أن يضاف "ما كان من خصائصهم الدينية" حتى يخرج كثير من أمور الدنيا النافعة وهم سبقوا إليها واكتشفوها؟
    وقال ناصر العقل: "أما الإفادة مما عند الكفار اليوم، من صناعات، وعلوم تطبيقية ونحوها، فهذا أمر آخر، لا علاقة له بموضوع التشبه؛ لأن هذه العلوم والصناعات ليست من خصوصيات الكفار- وإن احتكروها- لأنها إمكانات بشرية لا بد أن تتوفر عند من يحرص عليها وينميها ويجد في تحصيلها، سواء كان مسلمًا أو كافرًا.
    كما أن استيراد الصناعات وعلومها لا يعد من قبيل التشبه والتقليد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يستعمل ما يصنعه الكفار من لباس وآنية ونحو ذلك.
    إنما طريقة الإفادة من الصناعات إذا صاحبها نقل عاداتهم وتقاليدهم ونظمهم وكل ما هو من خصائصهم؛ فإن هذا هو المحذور." اهـ من تحقيقه لاقتضاء الصراط المستقيم 1\48

    وإذا كان الفقهاء يصرحون بكفر لابس الصليب – لأنه من شعائرهم الدينية – فهل يقال إن من التشبه ما هو كفر ومنه ما هو دون ذلك؟

    قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم 1\471-472: " كل ما جاء من التشبه بهم، إنما كان في صدر الهجرة، ثم نسخ؛ ذلك أن (1) اليهود إذ ذاك، كانوا لا يتميزون عن المسلمين لا في شعور، ولا في لباس، لا بعلامة، ولا غيرها.
    ثم إنه ثبت بعد ذلك في الكتاب والسنة والإجماع، الذي كمل ظهوره في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ما شرعه الله من مخالفة الكافرين ومفارقتهم في الشعار والهدي.
    وسبب ذلك: أن المخالفة لهم لا تكون إلا مع ظهور الدين وعلوه كالجهاد، وإلزامهم بالجزية (2) والصغار، فلما كان المسلمون في أول الأمر ضعفاء؛ لم تشرع المخالفة لهم، فلما كمل الدين وظهر وعلا؛ شرع بذلك.
    ومثل ذلك اليوم: لو أن المسلم بدار حرب، أو دار كفر غير حرب؛ لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر، لما عليه في ذلك من الضرر (3) بل قد يستحب للرجل، أو يجب عليه، أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظاهر، إذا كان في ذلك مصلحة دينية: من (4) دعوتهم إلى الدين، والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك، أو دفع ضررهم عن المسلمين، ونحو ذلك من المقاصد الصالحة. فأما في دار الإسلام والهجرة، التي أعز الله فيها دينه، وجعل على الكافرين بها الصغار والجزية، ففيها شرعت المخالفة. وإذا ظهر أن (1) الموافقة والمخالفة تختلف لهم (2) باختلاف الزمان والمكان (3) ؛ ظهرت حقيقية الأحاديث في هذا." اهـ
    وقال: وقد تقدم بيان: أن ما أمر (2) به من مخالفتهم: مشروع، سواء كان ذلك الفعل مما قصد فاعله التشبه بهم، أو لم يقصد، وكذلك ما نهي عنه من مشابهتهم: يعم ما إذا قصدت مشابهتهم، أو لم تقصد؛ فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها،" اهـ من 1\473

    قال العيني: "وسمعتُ من الأعراب من يَقولُ: الشِرْوال- بالشن المعجمة.
    قلتُ: الشروال مثل السراويل، ولكنه يُلْبسُ فوق القماش كله لأجل حفظه عن الطين والوسخ، وغالب ما يُلبْسُه المسافرون لأجل التشمِير وحفْظ القماش، / والعجم تقول للسراويل: شلْوار." اهـ من شرح أبي داود 3\167
    والظاهر أن البنطلون الواسع الفضفاض قد يشبه السراويل في الحكم بجواز لبسه، والله أعلم.

    وأما ما حكي عن المالكية في الصلاة في السراويل,
    ففي المدونة: " قُلْتُ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ صَلَّى مُتَّزِرًا وَبِسَرَاوِيلَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الثِّيَابِ؟
    قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ يُعِيدَ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ." اهـ من 1\186
    وفي النوادر والزيادات: " ومن المجموعة، قال أشهب: ومَنْ أذَّنَ وأقام في تُبَّانٍ من شَعْر، أو سراويل، فليُعِدْهما إنْ لم يُصَلُّوا. ومَنْ صَلَّى في تُبَّانٍ من شعر، أو سراويل، أعاد في الْوَقْتِ. يريد: استحبابًا. وخالفه ابن القاسم." اهـ من 1\168
    وفيه: " قال مالك: وأَكْرَهُ الصلاة في السراويل، إلاَّ أن يلتحف عليه، فلا بأس به في غير الجماعة، إلاَّ أنْ يَلْبِسَ عليه قميصًا. ولا أحبُّه إن وَجَدَ غيرَه. وقال مالكٌ في (المُسْتَخْرَجَ )، و (المَجْمُوعَة) نحوَ ما ذكَر ابنُ حَبِيب، في الثَّوبِ الوَاحِدِ والصَّغِيرِ والسَّراوِيلِ.
    قال عنه أَشْهَبُ في (الْعُتْبِيَّة): واسْتَبْقَحَ أنْ يَظْهَر السَّراوِيلُ. قال: ولا بَأْسَ أَنْ يَعْقِدَ طَرَفَيِ الثَّوْبِ عليه فِي الصَّلاَةِ، إنْ لم يكُنْ مُحْرِمًا، وإنْ وجدَ غيرَه فأَحَبُّ إليَّ أنْ يأْتَزِرَ به ويتردَّى.
    قال عنه ابنُ القاسم في روايةِ موسى: كَرِهَ مالِكٌ الصَّلاةَ في السَّراوِيلِ، إلاَّ أنْ لا يجدَ غيرَه، فإن كان معه إزارٌ فلْيتَوشَّحْ بِهِ ولا يرْتَدِيهِ. وكذلك قال عنه ابنُ نافعٍ في (المَجْمُوعَةِ) قال عنْه: ولْيَرْتَدِ على المِئْزَرِ.
    ومن (المَجْمُوعَة) قال أَشْهَبُ في بابِ الأذانِ: ومَنْ صَلَّى في تُبَّان أو سَراويل أعادَ في الوَقْتِ.
    وقال ابنُ القاسمِ: ومن صَلَّى بسراويلَ أو بمِئْزَرٍ قام على الثِّيابِ فلا يُعِيد.
    وقال أَشْهَبُ في بابِ ما يُصَلَّى به: ومَنْ صَلَّى في مِئْزَر أو بِسَراوِيلَ أو قميصٍ قصيرٍ وهو إمامٌ أو غيرُ إمامٍ فصلاتُهُ تامَّةٌ إنْ كان صَفِيفًا، فإنْ كان يَشِفُّ أعادَ في الوقْتِ، وكذلك العُرْيَانُ، وإنْ لم يَبْلُغِ القميصُ رُكْبَتَيْه أو يبلُغُهما إلاَّ أنَّه إذا سجدَ انكشفَتْ عورَتُه أو فَخِذَاهُ فَلْيُعِدْ في الوقْتِ." اهـ من 1\200-201
    وفي البيان والتحصيل: " مسألة قال: وسئل عن الصلاة في المسجد الجامع في الرداء والسراويل، فقال: لا والله إن الصلاة في السراويل لقبيحة، فقيل له: أرأيت لو توشح الرداء فصلى فيه؟ فقال: ما السراويل من لباس الناس، وكره ذلك، قال: وإنما يصنع ذلك ضعفة الناس، وليست السراويلات من ثياب الناس التي يظهرون إلا أن تكون تحت القميص. قال: ولقد كنت ألبسه فما كنت ألبسه إلا بعد القميص، إن الحياء من الإيمان.
    قال القاضي: هذا كما قال، إن تردي الرداء وتوشحه على السراويل دون قميص مما يستقبح من الهيئة في اللباس، ولا يفعله إلا ضعفة الناس؛ لأن السراويل تصف ولا تستر كما يستر الإزار الذي يعطف بعضه على بعض، فلا ينبغي لأحد أن يصلي في المسجد الجامع في الرداء والسراويل دون قميص، تردى الرداء أو توشحه، وإن كان توشحه أخف لكونه أستر ؛ لأن التجمل في الصلاة بحسن هيئة اللباس مشروع" اهـ من 1\447-448
    وفيه: " وكره أن يصلي الرجل في السراويل وحده، إلا ألا يجد غيره، لكونه مكشوف البطن والظهر" اهـ من 2\141 ثم ذكر مثل العلة السابقة من التجمل وحسن الهيئة إلخ
    وفي الذخيرة للقرافي: " قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ السَّرَاوِيل مَكْرُوه ابْتِدَاء وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي سَرَاوِيلَ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ وَلِأَنَّهُ يَصِفُ وَمِنْ زِيِّ الْعَجَمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِي السروال والتبان فِي الْوَقْتِ" اهـ من 2\111
    وفي الشرح الكبير: " (وَكُرِهَ) لِبَاسٌ (مُحَدِّدٌ) لِلْعَوْرَةِ بِذَاتِهِ لِرِقَّتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَحِزَامٍ بِالزَّايِ أَوْ لِضِيقِهِ وَإِحَاطَتِهِ كَسَرَاوِيلَ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ" وفي حاشية الدسوقي عليه: " (قَوْلُهُ: كَسَرَاوِيلَ) هَذَا هُوَ الْمَسْمُوعُ لُغَةً دُونَ سِرْوَالٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كَرَاهَةَ لُبْسِهِ إذَا لَمْ يَلْبَسْ فَوْقَهُ ثَوْبًا وَلَوْ تَرَدَّى عَلَى ذَلِكَ بِرِدَاءٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ... (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِكَرَاهَةِ السَّرَاوِيلِ لَا لِكَرَاهَةِ الْمُحَدِّدِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَتِهِ التَّحْدِيدُ لِلْعَوْرَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَةِ السَّرَاوِيلِ أَمْرَانِ التَّحْدِيدُ وَكَوْنُهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّهُ إلَخْ بِالْوَاوِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ الْمُحَدِّدِ غَيْرَهُ فَلِلتَّحْدِيدِ نَفْسِهِ" اهـ من 1\217-218
    وفي أسهل المدارك: " جمع سراولة تقديرا، والجمع سراويلات اهـ.
    يعني أن الصلاة في السراويل مكوهة إلا إذا كان معها شيء. وفي الأخضري:
    وتكره الصلاة في السراويل إلا إذا كان فوقها شيء وفي الرسالة: ويكره أن يصلي بثوب ليس على أكتافه منه شيء، فإن فعل لم يعد اهـ. وما ذكر من كراهة الصلاة في السراويل محله إذا لم يكن شفافا، وإذا كان فوقهما شيء كثيف يحجب الوصف انتفت الحرمة والكراهية اهـ.
    قال المصنف رحمه الله: " والمحدد لرقته " يعني أنه يكره لبس الثوب المحدد لأجل رقته، وهذا ليس مخصوصا بالسراويل، بل لجميع الثوب الرقيق الذي يصف الجسد أو العورة لرقته ولو بغير صلاة لإخلاله بالمروءة ومخالفته لزي السلف الصالح. وفي المواق: قال ابن الحاجب ما يصف لرقته أو لتحديده يكره كالسراويل. ومن المدونة: كره مالك الصلاة في السراويل. ابن يونس لأنه يصف.
    والمئزر أفضل منه. قال خليل: لا بريح، وفي المواق: الذي لابن يونس من صلى في ثوب رقيق يصف أعاد، إلا أن يكون رقيقا لا يصف إلا عند ريح فلا يعيد اهـ." اهـ من 1\182-183
    وفي شرح زروق على متن الرسالة: " وسئل مالك عن الصلاة في الرداء والسراويل في المسجد فقال لا، والله ما الصلاة في السراويل لقبيحة وما هو من لباس الناس إلا أن يكون من تحت القميص والحياء من الإيمان وتقدم في الصلاة في السراويل بمفردها ثالثها يعيد أبدا والمشهور يكره ولا إعادة." اهـ من 1\293
    وفي المنتقى شرح الموطأ: "وَقَدْ رَوَى إبَاحَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ الِارْتِدَاءَ بِالسَّرَاوِيلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
    وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي قُبْحُ الزِّيِّ كَمَا كُرِهَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ مَعَ الرِّدَاءِ دُونَ الْقَمِيصِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ من 2\196
    وفي شرح صحيح البخاري لابن بطال: "الرداء يشتمل فى الصلاة؛ لأنه لا يكون الرداء مع التبان والسراويل الكاملة إلا مشتملاً به" اهـ من 2\29

    فكما ترى, قد وقع عند المالكية اختلاف كبير في الصلاة في السراويل, وفي بعض النقول التي ذكرتها ما يشعر بأن المراد هو السراويل القصير حيث لا يستر ما بين السرة والركبة كاملاً, أو أن يكون شفافاً لا يستر لون العورة كاملاً. وعلى كل فلم أجد أحداً من المالكية يصرح بالتحريم, والله أعلم. وأما المذاهب الأخرى:

    ففي التهذيب في فقه الإمام الشافعي: " ولا يجب في السجود كشف الركبتين والقدمين؛ بدليل الإجماع على أن الصلاة في السراويل والخف جائزة." اهـ من 2\115
    وقد فضل بعض الشافعية السراويل على الإزار, خلافاً لما حكي عن الشافعي (انظر بحر المذهب للروياني 2\101 وكفاية النبيه 2\470)
    وفي كفاية النبيه: " والرداء قد يخفي، وهو ما يستر العورة والأكتاف...ولفظ الماوردي... قال: فإن اقتصر على ستر العورة، أي: [بأي] شيء كان من ثوب أو ، جاز؛ لأن الشرط سترها، وقد حصل." اهـ من 2\468
    وفيه: " ونهيه- عليه السلام- أن يصلي [الرجل] في السراويل ليس عليه رداء- كما رواه أبو داود- محمولٌ على الاستحباب" اهـ من 2\471
    وفي المغني لابي قدامة: " وَإِنْ كَانَ يَسْتُرُ لَوْنَهَا، وَيَصِفُ الْخِلْقَةَ، جَازَتْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ السَّاتِرُ صَفِيقًا." اهـ من 1\414
    قال البهوتي: "ولا يعتبر أن لا يصف حجم العضو لأنه لا يمكن التحرز عنه" اهـ من الروض المربع ص73

    أما حديث النهي عن "أن يصلي الرجل في سراويل ليس عليه رداء" (وله ألفاظ أخرى), فقد ضعفه ابن عبد البر ورد الاحتجاج به, وحسنه الألباني, ولعل التضعيف بسبب أبي المنيب عبيد الله, فقد جاء عن البخاري: "عنده مناكير" ووثقه غيره
    ففي فيض القدير: "السراويل بمفرده يصف الأعضاء ولا يتجافى عن البدن والنهي للتنزيه عند الشافعية" اهـ من 6\342
    وفي المنهل العذب المورود للسبكي: "ولعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى عن الصلاة في السراويل من غير رداء لما فيه من تحديد العورة وكشف أعالى البدن" اهـ من 5\27
    وفسره غيرهما بأن المراد هو أن يصلي في ثوبين ويستر العاتقين.
    ولكن يرد على الحديث سؤالان لفهم العلة:
    أولاً, ما فائدة تخصيص الرداء؟ فإن كان لكونه يستر المنكبين, فيصلح لذلك القميص والقباء أيضاً. ولعله خرج مخرج الغالب, فلعل العرب كانت تلبس الرداء أكثر من القميص أو القباء, ولعله من حيث ذكر الأدنى من الثياب, فإذا كفى الرداء فالقميص أولى والقباء أيضاً, وفيه نظر لأن عمر قد فضّل الرداء حسب ما سيأتي إن شاء الله.
    ثانياً, ما فائدة تخصيص السراويل؟ فإن كان لكون لا يستر المنكبين, فالإزار كذلك. ولعله من أجل تحجيم العورة ولكن لا يستر الرداءُ السراويلَ إلا إذا كان سابغاً, على ما سيأتي إن شاء الله. ولعله من حيث ذكر الأفضل من الثياب, فإذا لم يكف السراويل, فالإزار أولى بأن لا يكفي. وقد فضّل بعض أهل العلم السراويلَ على الإزارِ لأنه أستر, وفيه نظر لأن عمر قد فضّل الإزار حسب ما سيأتي إن شاء الله.
    ولعلهما خصص بالذكر من أجل سياق معين للحديث, والله أعلم.
    ولعل الحديث مما ينكر على أبي المنيب لأني لم أجد هذا المعنى في أي حديث من أحاديث الثقات غيره, والله أعلم.



    الآثار الواردة في الباب
    1. قال مسلم في صحيحه 2069: "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَان َ: «يَا عُتْبَةُ بْنَ فَرْقَدٍ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّكَ، وَلَا مِنْ كَدِّ أَبِيكَ، وَلَا مِنْ كَدِّ أُمِّكَ، فَأَشْبِعِ الْمُسْلِمِينَ فِي رِحَالِهِمْ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِكَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ»، قَالَ: إِلَّا هَكَذَا، وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ وَضَمَّهُمَا، قَالَ زُهَيْرٌ: قَالَ عَاصِمٌ: هَذَا فِي الْكِتَابِ، قَالَ: وَرَفَعَ زُهَيْرٌ إِصْبَعَيْهِ،" اهـ
    2. قال ابن الجعد في مسنده 995: "حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ يَقُولُ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَان َ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ: أَمَّا بَعْدُ: فَائْتَزِرُوا، وَارْتَدُّوا، وَانْتَعِلُوا، وَأَلْقُوا الْخِفَافَ، وَأَلْقُوا السَّرَاوِيلَات ِ، وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ؛ فَإِنَّهَا حِمَامُ الْعَرَبِ، وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إِسْمَاعِيلَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ الْعَجَمِ، وَتَمَعْدَدُوا، وَاخْشَوْشِنُوا ، وَاخْلَوْلِقُوا ، وَاقْطَعُوا الرُّكَبَ، وَانْزُوا نَزْوًا، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، " وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا وَهَكَذَا. وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. قَالَ: فَمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الْأَعْلَامَ "" اهـ, ورواه أحمد في المسند 301: "حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: اتَّزِرُوا وَارْتَدُوا... وَعَلَيْكُمْ بِالْمَعَدِّيَّ ةِ، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، وَذَرُوا التَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَم" اهـ وعلق عليه شعيب الأرنؤوط: "وقوله: " عليكم بالمعدِّية ": يريد خشونة العيش واللباس تشبهاً بمعد بن عدنان جد العرب." اهـ وصحح إسناده على شرط الشيخين.
    ولعل في صحة الطرف المقصودِ نظرٌ, ولعله إحدى الروايتين ضعيفة, إما هذا وإما رواية مسلم, والله أعلم. وعلى كل حال, فالعرب هم المخاطبون بهذا, لا العجم, الذين ليس أبوهم بإسماعيل, بل هم الذين يُحذَّر العرب من لباسهم.
    ولعل المعنى هو التحذير من ألبسة الأعاجم لعلاقتها بالتنعم, والأمر بالتزام لباس إسماعيل أو معد بن عدنان لبساطته والله أعلم.
    قال ابن رجب: "وقد روى عن عمر، أنه كتب إلى بعض جنوده: إذا رجعتم من غزاتكم هذه فألقوا السراويل والأقبية، والبسوا الأزر والأردية.
    وهو محمول على أن لباس العرب المعهود بينهم أفضل من لباس العجم، فخشي على من رجع من بلاد العجم أن يستمروا على لباس العجم، فربما هجر لباس العرب بالكلية. ولهذا روي عنه أنه قال: إياكم وزي الأعاجم، ويدل على هذا: أنه قد رخص في الصلاة في السراويل والأقبية، كما خرجه البخاري عنه." اهـ من فتح الباري 2\393
    الظاهر أنه يشير إلى ما رواه البخاري عن عمر: "إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا»، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فِي إِزَارٍ، وَقَمِيصٍ فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ" اهـ من 365
    وقال زين الدين العراقي في معنى التبان: "فإن صح مَا ذَكَرَهُ مِنْ الصِّحَاحِ مِنْ أَنَّهُ مِقْدَارُ شِبْرٍ فَهُوَ لَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ بِكَمَالِهَا فَلَا يُمْكِنُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ مَعَ الرِّدَاءِ لِأَنَّ الرِّدَاءَ إنَّمَا يَسْتُرُ أَعَالِيَ الْبَدَنِ، وَإِنَّمَا يُؤْتَى بِهِ مَعَ قَمِيصٍ أَوْ قَبَاءٍ.
    وَهَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ النِّهَايَةِ إنَّهُ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ قَدْرَ شِبْرٍ لِأَنَّ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ هِيَ السَّوْأَتَانِ خَاصَّةً وَلَيْسَ فِي كَلَامِ صَاحِبَيْ الْمُحْكَمِ وَالْمَشَارِقِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلًا لَهُ وَلِهَذَا شَكَّ الرَّاوِي فِي جَمْعِ التُّبَّانِ مَعَ الرِّدَاءِ فَقَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاقْتِصَارُ عَلَى التُّبَّانِ مَعَ الرِّدَاءِ إنْ كَانَ التُّبَّانُ لَا يَسْتُرُ جَمِيعَ الْعَوْرَةِ وَأَمَّا الْقَبَاءُ فَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ مَمْدُودٌ ذَكَرَ فِي الْمَشَارِقِ أَنَّهُ ثَوْبٌ ضَيِّقٌ مِنْ ثِيَابِ الْعَجَمِ قَالَ وَهُوَ مِنْ قَبَوْت إذَا ضَمَمْت وَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمُحْكَمِ أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الِانْضِمَامِ لِاجْتِمَاعِ أَطْرَافِهِ." اهـ من طرح التثريب في شرح التقريب 2\241-242, وظاهر كلامه يدل على جواز الصلاة في السراويل من غير شيء فوقه يستره.
    وقال ابن حجر العسقلاني مثله فقال: "قَوْلُهُ قَالَ وَأَحْسَبُهُ قَائِلُ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالضَّمِيرُ فِي أَحْسَبُهُ رَاجِعٌ إِلَى عُمَرَ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلِ الْجَزْمُ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ أَنَّ عُمَرَ أَهْمَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ التُّبَّانَ لَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ كُلَّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَخِذَ مِنَ الْعَوْرَةِ فَالسَّتْرُ بِهِ حَاصِلٌ مَعَ الْقَبَاءِ وَمَعَ الْقَمِيصِ وَأَمَّا مَعَ الرِّدَاءِ فَقَدْ لَا يَحْصُلُ وَرَأَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ انْحِصَارَ الْقِسْمَةِ يَقْتَضِي ذِكْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَنَّ السَّتْرَ قَدْ يَحْصُلُ بِهَا إِذَا كَانَ الرِّدَاءُ سَابِغًا" اهـ من فتح الباري 1\475-476
    وفي البيان في مذهب الإمام الشافعي: " فالرداء أولى من الإزار والسراويل؛ لأنه يستر العورة، ويبقى منه شيء على الكتف" اهـ من 2\123
    وقال ابن تيمية: "وإذا صلى في ثوبين فافضل ذلك ما كان اسبغ وهو القميص والرداء ثم القميص مع السراويل ثم القميص مع الإزار ثم الرداء مع الإزار ثم الرداء مع السراويل.
    وإنما استحببنا مع الرداء الإزار لأنه كان عادة الصحابة ولأنه لا يحكي تقاطيع الخلقة واستحببنا السراويل مع القميص لأنه استر ولا يحكي الخلقة مع القميص" اهـ من شرح العمدة – كتاب الصلاة ص315, فكأنه يحكي الخلقة مع الرداء
    قال العيني في القباء: "قَالَ بَعضهم: هُوَ فَارسي مُعرب، وَقيل: عَرَبِيّ واشتقاقه من: القبو" اهـ من عمدة القاري 4\72 وذكر مثل ما ذكره ابن حجر في التبان والرداء (عمدة القاري 4\74) والقسطلاني (إرشاد الساري 1\394)
    3. قال مسلم في صحيحه 2077: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ ابْنَ مَعْدَانَ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا»،"
    4. قال البخاري في صحيحه 3944: "حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:71]: «كَانَ يَسْدِلُ شَعْرَهُ، وَكَانَ المُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ»" اهـ, وقال 5917: "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ [ص:163]، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ، وَكَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ المُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، فَسَدَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ»" اهـ
    5. قال أحمد في مسنده 22283 (ط الرسالة): "حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنَ الْأَنْصَارٍ بِيضٌ لِحَاهُمْ فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا، وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ ". قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلْا يَأْتَزِرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ ". قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَخَفَّفُونَ وَلَا يَنْتَعِلُونَ. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَتَخَفَّفُوا وَانْتَعِلُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ ". قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ "" اهـ وحسنه ابن حجر في فتح الباري 10\354, ولكن قد اختلف في القاسم هذا فمن الناس موثق له ومنهم مضعف.

    الأقوال
    قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى 17\488: "الْكُفَّارَ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إذَا لَبِسُوا ثَوْبَ الْغِيَارِ مِنْ أَصْفَرَ وَأَزْرَقَ نُهِيَ عَنْ لِبَاسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ وَإِنْ كَانَ لَوْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ وَفِي بِلَادٍ لَا يَلْبَسُ هَذِهِ الْمَلَابِسَ عِنْدَهُمْ إلَّا الْكُفَّارُ فَنُهِيَ عَنْ لُبْسِهَا وَاَلَّذِينَ اعْتَادُوا ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا مَفْسَدَةَ عِنْدِهِمْ فِي لُبْسِهَا." اهـ

    قال ابن حجر العسقلاني: "وَإِنْ قُلْنَا النَّهْيُ عَنْهَا مِنْ أَجْلِ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ فَهُوَ لِمَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ لَكِنْ كَانَ ذَلِكَ شِعَارُهُمْ حِينَئِذٍ وَهُمْ كُفَّارٌ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَصِرِ الْآنَ يَخْتَصُ بِشِعَارِهِمْ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَتَزُولُ الْكَرَاهَة وَالله أعلم" اهـ من فتح الباري ١٠/٣٠٧، وقال: "وَإِنَّمَا يَصْلُحُ الِاسْتِدْلَالُ بِقِصَّةِ الْيَهُودِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَكُونُ الطَّيَالِسَةُ مِنْ شِعَارِهِمْ وَقَدِ ارْتَفَعَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ فَصَارَ دَاخِلًا فِي عُمُوم الْمُبَاح" اهـ من ١٠/٢٧٥،
    قال الصنعاني في حديث "من تشبه بقوم فهو منهم": "وَالْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِالْفُسَّاقِ كَانَ مِنْهُمْ أَوْ بِالْكُفَّارِ أَوْ بِالْمُبْتَدِعَ ةِ فِي أَيِّ شَيْءٍ مِمَّا يَخْتَصُّونَ بِهِ مِنْ مَلْبُوسٍ أَوْ مَرْكُوبٍ أَوْ هَيْئَةٍ، قَالُوا: فَإِذَا تَشَبَّهَ بِالْكَافِرِ فِي زِيٍّ وَاعْتَقَدَ أَنْ يَكُونَ بِذَلِكَ مِثْلَهُ كَفَرَ فَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَكْفُرُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَكْفُرُ وَلَكِنْ يُؤَدَّبُ." اهـ من سبل السلام 2\646-647,
    قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح: " قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا عَامٌّ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ وَالشِّعَارِ، وَلِمَا كَانَ الشِّعَارُ أَظْهَرُ فِي التَّشَبُّهِ ذُكِرَ فِي هَذَا الْبَابِ. قُلْتُ: بَلِ الشِّعَارُ هُوَ الْمُرَادُ بِالتَّشَبُّهِ لَا غَيْرُ، فَإِنَّ الْخُلُقَ الصُّورِيَّ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّشَبُّهُ، وَالْخُلُقَ الْمَعْنَوِيَّ لَا يُقَالُ فِيهِ التَّشَبُّهُ، بَلْ هُوَ التَّخَلُّقُ" اهـ من ٤٣٤٧
    قال السعدي: "قسم مشترك بين الرجال والنساء من أصناف اللباس وغيره، فهذا جائز للنوعين؛ لأن الأصل الإباحة، ولا تشبه فيه." اهـ من بهجة قلوب الأبرار (ط الوزارة) ١/١٣١، وقال: "وإِمَّا مُحَرَّمٌ لَهَيئَته الْمُشْتَمِلَة على مَفْسَدَةٍ، فَكَذَلِكَ هَذَا مُحَرَّمٌ عَلَى الصِّنفَينِ فيدخلُ فيهِ:
    " اهـ من إرشاد أولي البصائر ١/٧٥.- اللبَاسُ الَّذِي يَحصُلُ فيهِ التَّشَبُّهالخَ اصُّ بِالْكَفَّارِ.
    قال ابن كثير: "فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى النَّهْيِ الشَّدِيدِ وَالتَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ عَلَى التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَلِبَاسِهِمْ وَأَعْيَادِهِمْ وَعِبَادَاتِهِم ْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمُ التِي لم تشرع لنا ولا نقر عليها." اهـ من تفسير ابن كثير (ط العلمية) ١/٢٥٧.
    قال ابن عابدين في حاشيته: "قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّشَبُّهَ بِهِمْ لَا يُكْرَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ) فَإِنَّا نَأْكُلُ وَنَشْرَبُ كَمَا يَفْعَلُونَ بَحْرٌ عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ قُبَيْلَ كِتَابِ التَّحَرِّي. قَالَ هِشَامٌ: رَأَيْت عَلَى أَبِي يُوسُفَ نَعْلَيْنِ مَخْصُوفِينَ بِمَسَامِيرَ، فَقُلْت: أَتَرَى بِهَذَا الْحَدِيدِ بَأْسًا؟ قَالَ لَا قُلْت: سُفْيَانُ وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ كَرِهَا ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالرُّهْبَانِ؛ فَقَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَهَا شَعْرٌ» وَإِنَّهَا مِنْ لِبَاسِ الرُّهْبَانِ. فَقَدْ أَشَارَ إلَى أَنَّ صُورَةَ الْمُشَابَهَةِ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ صَلَاحُ الْعِبَادِ لَا يَضُرُّ، فَإِنَّ الْأَرْضَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فِيهَا إلَّا بِهَذَا النَّوْعِ. اهـ وَفِيهِ إشَارَةٌ أَيْضًا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّشَبُّهِ أَصْلُ الْفِعْلِ: أَيْ صُورَةُ الْمُشَابَهَةِ بِلَا قَصْدٍ." اهـ من 1\624
    قال الذهبي في تشبه الخسيس بأهل الخميس: "ففرض علينا مخالفة ما اختصوا به في صور كثيرة...ألا ترى أن العمامة الزرقاء والصفراء كان لبسهما لنا حلالا قبل اليوم؟ وفي عام سبع مئة لما ألزمهم السلطان الملك الناصر بلسهما حرمت علينا." اهـ من ص24-25
    قال البهوتي: "(قَالَ الشَّيْخُ التَّشَبُّهُ بِهِمْ) أَيْ: الْكُفَّارِ (مَنْهِيٌّ عَنْهُ) (إجْمَاعًا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَقَالَ وَلَمَّا صَارَتْ الْعِمَامَةُ الصَّفْرَاءُ أَوْ الزَّرْقَاءُ مِنْ شِعَارِهِمْ حَرُمَ لُبْسُهَا) اهـ." اهـ من كشاف القناع 1\276.
    قال ابن الحاج: "وَيُمْنَعُ التَّشَبُّهُ بِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» وَمَعْنَى ذَلِكَ تَنْفِيرُ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مُوَافَقَةِ الْكُفَّارِ فِي كُلِّ مَا اخْتَصُّوا بِهِ. وَقَدْ كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَكْرَهُ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمْ حَتَّى قَالَتْ الْيَهُودُ إنَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُ أَنْ لَا يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إلَّا خَالَفَنَا فِيهِ." اهـ من المدخل 2\48.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •