الغلو و الجفاء
تحت مسمى شرعى !!
كلنا ذو خطأ ، و قد يخطأ بعضنا أحيانا و لا يريد أن يعترف بالخطأ و يأخذ يبرر لخطأه ، و هذا أمر خطير ، لكن الأخطر منه هو ان نصبغ أخطاءنا بصبغة الشرع لتبريرها ! و هنا نسلط الضوء على ظاهرتين متناقضتين تماما، تم إعطاء صبغة الشرع عليهما من أبناء الصحوة ، و هما الغلو و الجفاء لعلماء و قادة العمل الإسلامى .
و تم توجيه الضوء عليهما لخطورتهما فى مسار صحوتنا و من باب نقد الذات الإسلامية و النصح و الترشيد .
أولا : الغلو فى العلماء و قادة العمل الإسلامى :
الغلو فى اللغة هو الزيادة عن الحد ، و شرعا هو مجاوزة الحد المطلوب فى الشريعة إلى أبعد منه
و للمغالى و المنبهر حالة نفسية شاذة عن غيرها بعض صفاتها :
1- التربية الذليلة فى المجتمعات المقهورة ، و الشعب الذليل لا خير فيه تراه منساق دائما ، و قد كتب عمر بن الخطاب لأحد قادته قائلا ( لا تضربوا أبشار الناس فتذلوهم ) .
2- الأمعية و حب التقليد و هذا يكون ناتج عن عدم ثقة بالنفس و التهرب من تحمل المسؤلية .
3- الجبن و إرادة التبعية .
و عندما تواجه أحد هؤلاء المغالين و المنبهرين بعدم مشروعية سلوكه و خطورته على العمل تجد المبررات جاهزة تحت المسميات الشرعية و منها :
ان هذا الغلو من باب محبة الصالحين ، و تعظيم العلماء ، و نصرة اهل السنة و الحق ، و ان هذا الإطراء المبالغ فيه لأن هذا العالم هو أعلم أهل الأرض و هو مجدد الزمان و ناصر الإسلام ..إلخ
و تراه يأتيك بالأيات و الأحاديث و يلوى أعناقها و يأوولها لكى تتماشى مع هذا التصور الذى هو عليه .
و هذا الغلو عابه الله تعالى على المشركين قائلا عز و جل عنهم { إنا وجدنا آباءنا على أمة و إنا على أثرهم مقتدون } ، و قال ابن مسعود " ألا لا يقلد أحدكم دينه رجلا ، إن أمن أمن ، و إن كفر كفر ، فإنه لا أسوة فى الشر " ، و قال أحمد " من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال " .
و لهذا الغلو و الأنبهار أثاره السلبية على واقع الصحوة و منها :
1 – قتل الإبداع و الإحباط : و هذا المرض يصيب المنبهرين من أصحاب المواهب و القدرات ، إذ يظنون أنه ليس بالإمكان أن يأتوا بأفضل مما أتى به فلان و فلان ، لأن هؤلاء عندهم لم يتركوا شىء إلا فعلوه ، فيصاب المنبهر بالإحباط و اليأس و يكون مدخل من مداخل ترك العمل و الأنزواء و الإبتعاد .
2 – تنمية روح القطيع و القضاء على روح الفريق : و لأن الغلو يصم و يعمى ، و المنبهر لا يستطيع أن ينقد أو يراجع فى شىء ، يكون دائما تابع لا رأى له و لا فكر له ، و بهذا تنمو روح القطيع و تموت روح الفريق .
ثانيا : الجفاء و تحطيم القدوات :
فى الوقت الذى تبحث الأمم عن قدوات و عظماء ليظهروهم ، يعمد هؤلاء لتحطيم قدواتنا ، بأعذار واهيه زينها الشيطان لهؤلاء حتى صارت ديدنهم و دينهم .
و هؤلاء الذين يقومون بتحطيم القدوات لهم ايضا صفات نفسية شاذة عن غيرهم منها :
1 – و الحسد و الغل و الحقد : و هذا داء دفين يسرى فى نفوسهم لما يرون من أقبال الناس على غيرهم ، و إنقطاعهم عنهمو هؤلاء يعيشون بين الدعاة بنفسية لأقتلنك ، فهم دائما فى مواجهه أى عمل ناجح مقبول ليس لهم فيه نصيب .
2 – الإستهانة و التحقير : و هؤلاء دائما يرون عمل غيرهم " لا شىء " و قد يكون هذا ناتج الغرور العلمى ، و إغماض العين عن الإيجابيات و شغفها بالسلبيات و النقائص .
3 – الجرءة المذمومة و النقد الهدام و التعالم .
و عندما نواجه أحد من هذا الفريق بعدم مشروعية أفعاله ، تجد الردود جاهزة و مغلفة بغلاف الشرع :
يقول لك هذا ليس جفاء انما هو علم الجرح و التعديل ، و تنقية للصف ، و نصح للأمة ، وتيبان للحق و تحذير من خطر هؤلاء على الناشئة .
و تحطيم القدوات هذا له أثاره السلبية على واقع الدعوة و منها :
1 – توارى عظمة أولئك العلماء و القادة فى نفوس العامة ، مما يؤدى إلى البعد عنهم و عدم الإنتفاع بما عندهم .
2 – أهتزاز ثقة العامة بأهل الدين جميعا ، و تعميم هذه النظرة إلى الصف الإسلامى كله .
3 – البحث عن قدوات أخرى قد تكون فاسدة ، و قد تسهل تمرير مخططات الاعداء و تساعد على تغييب الأمة .
4 – إنشغال طلبة العلم و الدعاة بما لافائدة فيه و الدخول فى معارك وهمية تفرغ طاقة الصف الإسلامى و تفرق ولاءه.
و الموقف الصحيح هو كما قال الشاطبى عن أهل السنة { إن انتسابهم و انتماءهم للكتاب و السنة ، و متبوعهم هو محمد ، و أما الرجال ( العلماء ) فأدلاء على الحق }
و عليه لايكون محور الولاء على الأشخاص إنما على الأدلة ، و أن يحمل كلام العلماء على أحسن المحامل ، و ان ينقد الخطأ دون الحط و الهدم ، و أن نشغل أنفسنا بأعداءنا الحقيقون و أهل الباطل المحاربين للإسلام حتى يصح إيماننا بالله و كفرنا بالطواغيت .
و الحمد لله رب العالمين .