تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: فرية الولاء الفطري والنسبي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    211

    افتراضي فرية الولاء الفطري والنسبي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ...... أما بعد
    الولاء والبراء عقيدة عظيمة مأمور المؤمن بالعمل بها تجاه صنفين من الناس وهما المسلمون والكفار.
    فيجب على المسلم موالاة أهل الإيمان على حسب إيمانهم, ومعاداة أهل الكفران مطلقاً وهذا ما تعلمناه من علماءنا رحم الله الميت منهم وأبقى لنا الحي مستقيماً على دينه.

    ولكننا في عصر الفضائيات أصبحنا نسمع عمن يقول بأن الولاء أقسام منه الولاء الشرعي ومنه الولاء الفطري كما أسماه ولم يكتفي بل تفضل علينا بالولاء النسبي !!

    فالولاء الفطري حسب تعريفه: هو حب القريب وحب الصديق وحب الزوجة وحب الوطن وحب القبيلة وهو من الولاء الفطري العام.أهـ تعريفه

    والولاء النسبي حسب تعريفه: كحب كافر لشخصه أو قرابته أو حسن معاملته أو صداقته فلا بأس به، وذلك نوع من الولاء الفطري الذي أباحه الإسلام ولم يقف ضده أو يحرمه.!!. أهـ تعريفه

    وفي هذه المسميات وتعريفها نظر كبير وفحش في القول خطير:

    فالفطرة هي الدين والدين هو الإسلام والإسلام هو التوحيد, والإنسان فُطر على هذا التوحيد كما قال تعالى { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }[الروم:30]
    وقال صلى الله عليه وسلم: " ما من مَولودٍ إلاَّ يولَدُ على الفِطرةِ، فأَبَواهُ يُهوِّدانه أو يُنَصِّرانهِ أو يُمجِّسانهِ "متفق عليه

    فالإنسان إذا كان سليم الفطرة فلابد له من أن يوحد الله فيحب محابه ويبغض ما يبغضه وهذا هو الولاء الفطري, وأما ما اسماه الدكتور بالولاء النسبي فهذا إن كان موجوداً فهو لانتكاسة الفطرة عند بعض المسلمين اليوم وقد أخبر بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام في قوله: " لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبَ لاَتَّبَعْتُمُو هُمْ " متفق عليه واللفظ لمسلم.

    وأما حب الإنسان لقومه وصديقه ووطنه فهو من الحب الطبيعي, الذي يُقطع ويُفارق إذا خلا الطرف المحبوب من التوحيد كما فعل إمام الحنفاء مع قومه ووالده وكما فعل سيد المرسلين مع قومه وأرضه أحب بلاد الله إليه صلوات ربي وسلامه عليهما.

    قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله(1): وإنما كره الضد – يعني الكفر -، لِماَ دخل قلبه من محبة اللّه، فانكشف له بنور المحبة محاسن الإسلام، ورذائل الجهل، والكفران، وهذا هو الحب الذي يكون - صاحبه - مع من أحب، كما في "الصحيحين".أهـ

    قال تعالى {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إَنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ }.[التوبة:23]
    قال القرطبي في تفسيره:
    ظاهر هذه الآية أنها خطاب لجميع المؤمنين كافَّةً، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين.أهـ

    وقال سبحانه{لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلاٌّخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ ءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَٰنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[المجادلة:22].
    يقول العلامة الشنقيطي صاحب أضواء البيان:
    وردت هذه الآية الكريمة بلفظ الخبر، والمراد بها الإنشاء، وهذا النهي البليغ، والزجر العظيم عن موالاة أعداء الله، وإيراد الإنشاء بلفظ الخبر أقوى وأوكد، من إيراده الإنشاء، كما هو معلوم في محله، ومعنى قوله: {يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ}: أي يحبون ويوالون أعداء الله ورسوله.
    وما تضمنته هذه الآية الكريمة من النهي والزجر العظيم عن موالاة أعداء الله جاء موضحاً في آيات أخر كقوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِىۤ إِبْرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ}.أهـ

    والغريب المريب من الدكتور وبالرغم من هذه الآيات القاطعات في البراءة من الكفار مطلقاً , فإنه يزعم أن معنى "البراءة" هو إخلاص الحب العقائدي لهذا الدين، دون أن يشترط في ذلك خلو القلب من الحب الفطري والعلاقات الإنسانية التي يتخللها نوع من الحب والمودة حتى مع غير المسلمين.!!
    بل ويحصر البراءة في البراءة من محبة الكفار محبة دينية لعقيدتهم !!
    بل ويخصص الآيات التي جاءت تحرم موالاة غير المؤمنين بالمحاربين فقط !!

    سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم,

    يقول ابن حجر رحمه الله (2)في قوله تعالى { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله...الآية} فإنها عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل، والله أعلم.أهـ

    يقول عز وجل{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ }.[التوبة:113]
    قال القرطبي رحمه الله:
    هذه الآية تضمّنت قطع موالاة الكفار حيِّهم وميتهم؛ فإن الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين؛ فطلبُ الغفران للمشرك مما لا يجوز.أهـ

    وقال جل في علاه {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ...الآيا }[الممتحنة:1-9]
    يقول الشيخ ابن سعدي رحمه الله:
    وهذه الآيات فيها النهي الشديد عن موالاة الكفار من المشركين وغيرهم، وإلقاء المودة إليهم....قوله{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } اعملوا بمقتضى إيمانكم، من ولاية من قام بالإيمان، ومعاداة من عاداه، فإنه عدو لله، وعدو للمؤمنين, فلا تتخذوا عدو الله { وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ } أي: تسارعون في مودتهم وفي السعي بأسبابها، فإن المودة إذا حصلت، تبعتها النصرة والموالاة، فخرج العبد من الإيمان، وصار من جملة أهل الكفران، وانفصل عن أهل الإيمان.أهـ

    واللبس والإلتباس أتى على الناس بفعل الدكتور عافاه الله وفعله هو التلاعب بالمصطلحات اللغوية بأن يجعل العدل والبر والإحسان من لوازم المحبة وهي ليست من لوازمها, ويجعل الموالاة والمودة بمعنى المحبة بدون تفريق بينهما.

    فالموالاة هي لازم من لوازم الحب، وهي النصرة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين باطنًا وظاهرًا, وهي عكس المعاداة التي هي من لوازم البغض, وهي إظهار العداوة بالفعل، كالجهاد لأعداء اللّه والبراءة منهم، والبعد عنهم باطنًا وظاهرًا وبهذا يتحقق البغض في الله فأنه لا يكفي بغض القلب، بل لا بد مع ذلك من الإتيان بلازمه وهو المعاداة.(3)

    وأما المودة فهي تسبق الموالاة وليست مثلها كما قال الشيخ السعدي رحمه الله وهي معنى أخص من معنى المحبة, ولكن الدكتور يخلط بينهم ويجعلهم بمعنى واحد والله المستعان.

    فإذا عرفت أخي الكريم الفرق بين المودة والموالاة تعرف فساد قول الدكتور عافاه الله بأن الولاء النسبي كما أسماه وهو في تعريفه: كحب كافر لشخصه أو قرابته أو حسن معاملته أو صداقته فلا بأس به، وذلك نوع من الولاء الفطري الذي أباحه الإسلام ولم يقف ضده أو يحرمه.!!

    فهذا الولاء النسبي على حسب تعريفه لابد أنه يتضمن النصرة والإكرام والاحترام وهذه كلها ممنوعة في حق الكفار بصريح القرآن دقيقها وجليلها.

    وأما جعله الإحسان للوالدين الكافرين وبرهما من لوازم المحبة ولا يفرق بينهما وبين الموالاة فهذا غلط أو مغالطة فاحشه.

    قد جاء في الصحيحين عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنهما أنها قالت: «قدِمَتْ عليَّ أمِّي وهي مُشرِكةٌ في عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فاستَفْتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قلتُ: إِنَّ أمِّي قَدِمَت وهيَ راغِبةٌ، أفأَصِلُ أمي ؟ قال: نعم، صِلي أُمَّكِ».

    يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله (4):
    وقولها: ” راغبة ” أي في شيء تأخذه وهي على شركها، ولهذا استأذنت أسماء في أن تصلها، ولو كانت راغبة في الإسلام لم تحتج إلى إذن.
    والمراد منها بيان من يجوز بره منهم، وأن الهدية للمشرك إثباتا ونفيا ليس على الإطلاق، ومن هذه المادة قوله تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا) الآية، ثم البر والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتوادد المنهي عنه في قوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) وهذه الآية عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل، والله أعلم.أهـ

    ولم يقتصر الدكتور على سوء الفهم والخلط بين المعاني, ولكنه أتى على بعض الآيات المحكمة وفسرها برأيه والله المستعان.
    يقول عافاه الله من الفكر: يقول الله عن المؤمنين: "ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم.."الآية، فأثبت أن المؤمنين يحبونهم، وعاتب المؤمنين؛ لأنهم يعطون الحب أحداً لا يبادلهم هذا المعنى، ويتسامحون ويرحمون من يسومهم خطط الخسف والجور، ولم يكن الحب المتبادل مجالاً محرماً في الإسلام.أهـ كلامه

    يفهم من يقرأ كلام الدكتور هذا, بأن ربنا جل في علاه إنما – وهي للحصر – عاتب المؤمنين المقصودين بهذه الآية لأنهم يعطون الحب لمن لا يبادلهم هذا الحب.
    فلو أن هؤلاء المؤمنين أعطوا هذا الحب لكفار أخرين يبادلونهم المحبة لكان جائزاً !!؟

    والواقع أن الله ينهى هولاء المؤمنين عن الإستمرار في مودة هولاء اليهود الكفرة وإن كان بينهم قرابة وجوار لئلا يفتنوهم عن الحق, علماً بأن هولاء ليسوا محاربين فلتتنبه.

    قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ** هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }[آل عمران:118-119]
    قال البغوي في تفسيره:
    قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ }[آل عمران:119] قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان رجال من المسلمين يواصلون اليهود لما بينهم من القرابة والصداقة والحلف والجوار والرضاع، فأنزل الله تعالى هذه الآية ينهاهم عن مباطنتهم خوف الفتنة عليهم.
    وقوله تعالى{هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ }
    أي: تحبون هؤلاء اليهود الذين نهيتكم عن مباطنتهم للأسباب التي بينكم من القرابة والرضاع والمصاهرة، { وَلا يُحِبُّونَكُمْ } هم لما بينكم من مخالفة الدين.أهـ

    وأما الشبهة التي يتعلق بها الدكتور ومن لف لفه, وهي إباحه زواج المسلم للكافرة وكذلك قول الله تعالى{إنك لا تهدي من أحببت}[القصص:56]

    فأما زواج المسلم من الكافرة, فهذا إطلاق ليس في محله ويغلط فيه كثيرون, فالمباح لنا هو زواج المسلم من المرأة الكتابية المحصنة العفيفة لقوله تعالى{وَالْمُحْ َنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنّ َ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}[المائدة:5]

    وهذا تشريع عظيم من لدن حكيم عليم, فالرجل قوام على المرأة وهي تميل إليه بطبعها, وللقطع بتأثير الرجل على المرأة، فالزوج يدعوها إلى الإسلام وينبهها على حقيقة الدين الإسلامي, بالإضافة إلى أن الكتابية معها أصل دعوة الرسل, فلذلك يكون نكاح المسلم إياها رجاء إسلامها وهذا من الحكم الجليلة من هذا التشريع, والله أعلم

    والمودة بينهما في هذه الحالة تكون مُعينة في دعوتها للإسلام, فضلاً عن إن هذه المودة هي من قسم المحبة الطبيعية التي تكون بين الزوج وزوجته والتي لا تمنع بغضها من جهة عقيدتها الضالة.
    فالمسلم مع زوجته المسلمة تجده يحب منها خلق ويبغض منها خلق أخر وهذا كثير وهو دون الكفر فكيف بالكفر عافانا الله وإياكم.

    وأما قول الله تعالى{ إنك لا تهدي من أحببت} فقد أجمع المفسرين على أنها نزلت في أبي طالب, ولكنهم ذهبوا في تفسيرها إلى احتمالين:
    1- إنّكَ يا مـحمد لا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ هدايته, وَلَكِنّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ أن يهديه من خـلقه.
    2- ظاهر الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب أبا طالب.
    يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله(5) :
    فإما أن يقال: إنه على تقدير أن المفعول محذوف، والتقدير: من أحببت هدايته لا من أحببته هو.
    أو يقال: إنه أحب عمه محبة طبيعية كمحبة الابن أباه ولو كان كافراً.
    أو يقال: إن ذلك قبل النهي عن محبة المشركين.
    والأول أقرب؛ أي: من أحببت هدايته لا عينه، وهذا عام لأبي طالب وغيره.
    ويجوز أن يحبه محبة قرابة، لا ينافي هذا المحبة الشرعية، وقد أحب أن يهتدي هذا الإنسان وإن كنت أبغضه شخصياً لكفره، ولكن لأني أحب أن الناس يسلكون دين الله.أهـ

    وهذا المعنى الذي أختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو أن المحبة ليست لأبي طالب ولكنها محبة هدايته لما قام به من المنعة والنصرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأكثر المفسرين على هذا الاختيار لأنه موافق للآيات الكثيرات المحكمات التي تصب في هذا المعنى وهو تحريم محبة الكفار مطلقاً.

    وقد خرج الإمام أحمد وغيره عن علي رضي الله عنه أنه قال لما توفي أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن عمك الضال قد هلك قال: فانطلق فواره فقلت: ما أنا بمواريه قال: فمن يواريه انطلق فواره ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني فانطلقت فواريته فأمرني أن اغتسل ثم دعا لي بدعوات ولا يسرني بها ما على الأرض من شئ.[خرجه الألباني في الصحيحة حديث رقم161]

    قال الشيخ ناصر الألباني معلقاً (6):
    أنه يشرع للمسلم أن يتولى دفن قريبه المشرك و أن ذلك لا ينافي بغضه إياه لشركه ، ألا ترى أن عليا رضي الله عنه امتنع أول الأمر من مواراة أبيه معللا ذلك بقوله : " إنه مات مشركا " ظنا منه أن دفنه مع هذه الحالة قد يدخله في التولي الممنوع في مثل قوله تعالى : " لا تتولوا قوما غضب الله عليهم " فلما أعاد صلى الله عليه وسلم الأمر بمواراته بادر لامتثاله ، و ترك ما بدا له أول
    الأمر......... فما حال من يدعو بالرحمة و المغفرة على صفحات الجرائد و المجلات لبعض الكفار في إعلانات الوفيات من أجل دريهمات معدودات ! فليتق الله من كان يهمه أمر آخرته.أهـ

    فالمحبة لا تكون من المسلم للكافر أبداً حتى يؤمن بالله وحده, وأما ما ذكر من مودة الزوجة الكتابية أو مصاحبة الوالدين المشركين بالمعروف, فلو سلمنا جدلاً لمن يتعلق بهذين الصنفين فنقول هم مستثنون باستثناء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لهما ولا تكون لغيرهما قطعاً.

    ومن ما تقدم يتبين لك أيها المنصف بأن الولاء الفطري أو النسبي إنما هو من اختراع الدكتور عافاه الله, أو هي خطرات شيطانية لو استعان بالله وتعوذ به من شر الشيطان وشركه لاندفعت عنه هذه الخطرات الشيطانية.

    وما أحسن ما قال ابن القيم رحمه الله:
    أتحب أعداء الحبيب وتدعي *** حبًّا له ما ذاك في إمكان

    فلا ولاء للكفار مطلقاً, وإنما هي براءة مطلقة لا تنافي العدل والبر والإحسان, ومن تولى الكافر وذلك بمحبته ونصرته وإكرامه واحترامه من أجل الدنيا ولو لقرابة أو صداقة أو لشخصه لا من أجل الدين فهذا فسق والله المستعان وهو ما أسماه الدكتور بالولاء النسبي, وأما من تولاهم محبة ورغبة في ظهور دينهم وعقيدتهم فهذا كفراً ينقل عن الملة والعياذ بالله. والله تعالى أعلم

    وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين

    كتبه
    ابن عقيل
    غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات

    ==========================
    1- تيسير العزيز الحميد (2/837) ط دار الصميعي.
    2- فتح الباري (5/287) ط دار السلام.
    3- أنظر تيسير العزيز الحميد (2/840) ط دار الصميعي.
    4- فتح الباري (5/286-287) ط دار السلام.
    5- القول المفيد (1/349) ط دار ابن الجوزي.
    6- سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/253) حديث رقم 161.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,469

    افتراضي رد: فرية الولاء الفطري والنسبي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن عقيل مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    وما أحسن ما قال ابن القيم رحمه الله:
    أتحب أعداء الحبيب وتدعي *** حبًّا له ما ذاك في إمكان
    فلا ولاء للكفار مطلقاً, وإنما هي براءة مطلقة لا تنافي العدل والبر والإحسان, .
    صدقت أخي الكريم
    جزاك الله خير الجزاء، والهمني الله وإياك الصواب في القول والعمل

    ووالله لن تتحقق كلمة التوحيد في الأرض إلا بتحقيق الولاء لمن يستحق الولاء ،والبراء
    ممن يستحق البراء

    ورحمه الله الإمام محمد بن عبدالوهاب حين قال :إن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحّد
    الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين كما قال تعالى في سورة المجادلة {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ
    بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلاٌّخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ ءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَٰنَهُمْ
    أَوْ عَشِيرَتَهُمْ
    }
    قال العلامة الأمين : العقيدة كالأساس والعمل كالسقف فالسقف اذا وجد أساسا ثبت عليه وإن لم يجد أساسا انهار

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,699

    افتراضي رد: فرية الولاء الفطري والنسبي

    بارك الله فيك
    لا شك في غلط الشيخ سلمان وفقه الله في هذا، لكن الرفق في الحديث، وانتقاء طيب العبارات = أدعى لقبول ما معك من الحق.

    وانظر هذا لعلك تنتفع :
    http://majles.alukah.net/showpost.ph...&postcount=126
    http://majles.alukah.net/showpost.ph...&postcount=227

    وهذا موضوع ذو صلة : هل حب الزوجة الكتابية والقريب الكافر يعارض عقيدة الولاء والبراء ؟

  4. #4

    افتراضي رد: فرية الولاء الفطري والنسبي

    [quote=ابن عقيل;23712]
    بسم الله الرحمن الرحيم
    [color="
    هكذا سماه الإمام عبدالعزيز بن باز

    والموضوع أشبع نقاشاً أخي الكريم, أصلح الله أحوالنا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي رد: فرية الولاء الفطري والنسبي

    جزاك الله خيرًا ..
    لعلك تلزم نصيحة الشيخ عبدالرحمن السديس ...
    والموضوع سبق طرحه .

  6. #6

    افتراضي رد: فرية الولاء الفطري والنسبي

    الشيخ سلمان له بعض الاطلاقات التي لايوافق عليها ولكن ما الفرق بين ما أسماه هو بالولاء الفطري وأسميته أنت بالمحبة الطبيعية؟

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    211

    افتراضي رد: فرية الولاء الفطري والنسبي

    هدى الله الجميع لما يحبه ويرضاه سبحانه.

    وأساله سبحانه خير الجزاء لمن أحسن ظنه بإخيه, وأن يعفو عمن أسال ظنه بإخيه.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    211

    افتراضي رد: فرية الولاء الفطري والنسبي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن الحجري مشاهدة المشاركة
    الشيخ سلمان له بعض الاطلاقات التي لايوافق عليها ولكن ما الفرق بين ما أسماه هو بالولاء الفطري وأسميته أنت بالمحبة الطبيعية؟
    الأخ عبد الرحمن

    الإنسان على حسب فطرته, فالمؤمن الموحد يكون ولاءه للمؤمنين الموحدين لأن هذه هي فطرته التي ولد عليها ولم تجتاله الشياطين عنها.

    والولاء معنى خاص وهو من لوازم كمال المحبة.

    وأما ما يسميه العلماء بالمحبة الطبيعية فهي محبة مجبول عليها الإنسان تجاه من يحسن إليه مثل الوالدين والأزواج, فهي للهذين الصنفين إذا كانوا مؤمنين محبة وولاء وإذا كانوا كافرين فهي بر وإحسان.

    والمؤمن بحق لا يتعدى أمر الله ونهيه فالله تعالى هو من أمر ببغض الكافرين وهو سبحانه من حث على مصاحبة الوالدين والزوجة منهم.

    فنسمع ونطيع ولا نضرب بالنصوص بعضها ببعض والله المستعان وعليه التكلان.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •