تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 57

الموضوع: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


    « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّـهِ السّريِّع
    ـ وَفَّقَهُ اللَّـهُ تَعَالَى ـ


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمدٍ خير المرسلين، المبعوث للناس أجمعين، أوضح لهم منار الهدى، وحذَّرهم طريق الغواية والردى، فأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وصلى الله على آله وصحبه الطيبين المطيبين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:
    فإن من أشرف علوم الدين وأنفعها: علمَ الفقه في كتاب الله وسنة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم- على نهج السلف الصالح؛ ذلك أن الخيرية متحققة في المتفقه في الدين، بإخبار الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: ((مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقهه في الدين))[1].

    وقد تتابعت جهود العلماء في العناية بعلم الفقه، وكثرت فيه الكتب والشروحات والحواشي والرسائل، بعد أن تمايزت المذاهب الرئيسة في الفقه الإسلامي إلى المذاهب الأربعة المعروفة.

    وكان من جملة تلك الشروحات: ما كتبه العلامة منصور بن يونس البهوتي في كتابه (الروض المربع) الذي شرح فيه متن (زاد المستقنع) للعلامة موسى بن أحمد الحجاوي، وهو مختصر لكتابِ (المقنع) للإمام موفق الدين ابن قدامة -رحمهم الله -؛ الموضوعِ في الفقه على مذهب إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن محمد بن حنبل -رحمه الله -.

    و(الروض المربع) من أهم كتب الحنابلة في هذا العصر، ومن العُمَد المقدَّمة في توضيح مذهبهم، واهتمام العلماء به وثناؤهم عليه ظاهر، وليس هذا مقام بيان أهمية هذا الكتاب.

    وإلى جانب الأركان الأساسية في شرح الكتاب؛ من توضيح المعاني، وبيان المشكل، وتفصيل المجمل، فقد أكثر الشارح فيه من الاستدلال للمذهب بالأدلة الشرعية؛ نصوصًا وإجماعاتٍ وقياسات، فزيَّن الكتاب بجمعه بين النص والاستنباط، وبين الدليل والاستدلال.

    ومن جملة تلك النصوص: ما كان منها مرويًّا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن صحابته الكرام - رضي الله عنهم -، وهذا الصنف كثير متوافر في (الروض المربع)، وهو متفاوت في الصحة والضعف ما تتفاوت معه استقامة الاستدلال به وعدم ذلك.

    ولا يخفى ما كان لأئمة أهل الحديث وحُفَّاظه من مشاركة فاعلة في تخريج ما يذكره فقهاء المذاهب المختلفة في كتبهم من أحاديث وآثار، ودراسة أسانيدها، وبيان صحيحها من سقيمها، فمن ذلك -تمثيلاً لا حصرًا-: (البدر المنير) لابن الملقن، واختصاره (التمييز) المشهور بـ(التلخيص الحبير) لابن حجر في المذهب الشافعي، ومنه: (نصب الراية) للزيلعي، واختصاره (الدراية) لابن حجر في المذهب الحنفي، وغيرها.

    لكن مذهب الحنابلة لم يخدم بمثل ذلك -حسبما وقفت عليه[2] - إلا في وقت متأخر جدًّا، لما خرَّج الشيخ محمد ناصر الدين بن نوح الألباني -رحمه الله- أحاديث كتاب (منار السبيل) في كتابه (إرواء الغليل).

    و(الإرواء) إلى جانب كونه سدَّ ثغرة بقيت مفتوحة مدةً طويلة، فإن فيه من الجهد الحديثي في التخريج والنقد ما كان الشيخ الألباني -رحمه الله- ينفرد به في زمانه، ويبزّ به أقرانه.

    ثم ظهرت استدراكات وتكميلات ونقد على (الإرواء)، ودارت حوله حركة علمية حديثية مفيدة.

    ولكون (الروض) يحوي أحاديث ليست في (المنار)، ولكون الاعتماد على (الروض) أكبر منه على (المنار)[3]، ولما سبق حول (الإرواء)، وباستشارة بعض المشايخ وطلبة العلم؛ تبلورت فكرة تتبّع الأدلة في كتاب (الروض المربع)، واستخراج الأحاديث والآثار منه، وتخريجها تخريجًا موسَّعًا - حسب الطاقة -، ودراسة أسانيدها، والحكم عليها صحةً وضعفًا.

    وقد سبقت عدة دراسات في هذا الموضوع[4]، إلا أن الجهد تركَّز في أغلبها على العزو المختصر، دون التوسُّع في التخريج، والدراسة الإسنادية المتعمقة. وما خلا منها من ذلك فلم أرَ له أثرًا، والنفع به -ما دام كذلك- قاصر.

    فلذا ولغيره؛ صح العزم على البدء بذلك المشروع، على قلة البضاعة وقصور الزاد؛ مع طول الطريق وعظم الأمر، لكنَّ المأمول من الله التيسير والعون والتوفيق والتسديد، وأسأله -تعالى- أن يكتب بهذا النفعَ والفائدةَ لكاتبه وقارئه، إنه كريم جواد.

    ملامح من المنهج المتبع في هذه السلسلة:
    • في جمع الأحاديث المخرَّجة:
    1- التتبّع الدقيق -حسب الطاقة- لكافة ما استدل به المصنف من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وآثار الصحابة - رضي الله عنهما -، خاصة ما كان استدلال صاحب (الروض) به خفيًّا؛ بإشارةٍ أو نسبةِ قولٍ أو نحو ذلك.

    2- مراجعة شروح وحواشي (الروض) لتحديد الدليل المقصود في كلام صاحب الكتاب، وللنظر في الأدلة الزائدة مما قد يصلح شواهد لدليل (الروض)، ولغير ذلك من المقاصد.

    ومن تلك الشروح والحواشي:
    *أ- حاشية الشيخ عبدالرحمن بن قاسم -رحمه الله-.
    *ب- حاشية الشيخ عبدالله الغصن[5].
    *ج- تعليقات الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- في (الشرح الممتع) على موضع دليل (الروض) من (الزاد).

    • في تخريج الأحاديث:
    1- محاولة استيعاب مخرِّجي الحديث مع العزو إلى مواضع تخريجهم، ويستثنى من ذلك: إذا نص صاحب (الروض) على إخراجه في الصحيحين أو أحدهما، ولم يكن فيه -مما كان في أحدهما- اختلاف أو علة أو كلام لأحد الأئمة، فيُكتفى بالعزو إلى الصحيحين، وإلى موضعه من كتاب (المسند الجامع).

    2- يُستفاد من مطولات الحنابلة في تخريج الأحاديث من كتب أئمة الحنابلة وغيرهم المسندين، المفقود منها والموجود؛ ككتب الأثرم وأبي حفص وسعيد ونحوها.

    3- ينظر في البحوث المتقدمة والمتأخرة والمعاصرة في الأحاديث المبحوثة، ويستفاد منها في:
    أ*- زيادة العزو إلى المراجع،
    ب*- وزيادة الأوجه والتعليلات ونحوها،
    ج*- وزيادة النقولات، وغير ذلك مما قد يفوت. ويُستشهَد بترجيح صاحب البحث أو كلامه إن كان ممن يستشهد بكلامه وترجيحاته.

    4- عند كون مباحث الحديث طويلة جدًّا لطوله وكثرة ألفاظه -مثلاً-؛ دُرست اللفظة المستدَلّ بها بخصوصها، ويُحال في باقي الحديث على ما كُتب فيه، وإلا اختُصر الكلام فيه بقدر لا يخل بالمقصود.

    • في صياغة التخريج ودراسة الأسانيد:
    1- ينقل في أول المبحث عبارة (الروض) ودليله، ويكون النقل بسياق الكلمة وسباقها ولحاقها مما يُفهم معه الاستدلال، ويُختصر منه -بالحذف- ما لا حاجة إلى نقله، ويُنقل حكم صاحب (الروض)، ونقلُه أحكامَ غيره، وتخريجه. ويعزى ذلك إلى (الروض) المطبوع معه حاشية ابن قاسم؛ لشهرة الطبعة، وتداولها، والاعتماد عليها.

    2- يُصَدَّر التخريج -بعد نقل الحديث- بحكمٍ مختصر -على عادة المعاصرين-؛ ليستفيد العجل وغير المتخصص، ويكون هذا حال احتمل الأمر فعل ذلك.

    3- إذا رُوي الحديث عن أكثر من صحابي؛ ذُكر الصحابي، وبُدئ بصحابي دليل (الروض) -إن كان نصَّ عليه-، ثم خُرِّج الحديث من طريقه، ثم ذُكر لفظه، ثم دُرس إسناده مباشرة، ثم ينتقل إلى الصحابي الآخر، ويخرَّج حديثه ويُدرس على النحو السابق.

    ويكون ترتيب الصحابة -بعد صحابي دليل (الروض) - حسب ترتيب وفيات مخرِّجي رواياتهم.

    4- ترتَّب المصادر في تخريج الحديث الواحد حسب تقدُّم وفاة أصحابها.

    5- تكون العمدة في الترجيح على دراسة الأسانيد واختلافات الرواة، والنظر فيها وتحريرها= بالدرجة الأولى، ويُعرَّج في أثناء ذلك على ترجيحات الأئمة. وربما لم يُنظر إلى بعض الأقوال والردود والمناقشات؛ لبُعدها أو عدم الحاجة إليها أو اكتفاءً بالإحالة إليها أول المبحث أو غير ذلك.

    6- ربما اختلفت طريقة ترتيب دراسة الأسانيد وعرضها بحسب ما يراه الباحث مناسبًا لحالة الحديث المدروس وطُرُقِهِ والاختلاف فيه.

    7- إذا كان الراوي من رجال التهذيب، واحتيج إلى الكلام في درجته وحاله، فما لم يُعزَ من ذلك مأخوذٌ أو ملخصٌ من تهذيب الكمال أو تهذيبه أو تقريبه، وما سوى ذلك معزوٌّ إلى مصدره.

    تنبيه: ربما لم يُشَر في هذا العرض إلى بعض المسائل في منهج العمل، ويتضح أمرها -بإذن الله- من خلال النظر في التخريج والدراسة.

    راجيًا من عنَّت له ملاحظة، أو رأى خطأً، أو وقف على فوات= أن يبادر بالنصيحة، ويسدَّ الخلل؛ من خلال خدمة التعليقات في هذا الموقع المبارك، والله يشكر له، ويجزيه خيرًا وأجرًا.

    وستكون البداية بتخريج أول الأحاديث في المقالة القادمة من هذه السلسلة - بإذن الله -.

    وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    ـــــــــــــــ ـــــــــ
    [1] أخرجه البخاري (71، 3116، 7312) ومسلم (1037).
    [2] وقفت على تخريج مختصر كتبه الحافظ ضياء الدين المقدسي لأحاديث كتاب (الكافي) من تأليف خالِهِ الإمام موفق الدين ابن قدامة، قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: (هو من جهة التخريج يعتمد على الرمز إذا كان الحديث في شيء من الكتب الستة، وإلا صرح باسم المخرِّج، ولا يذكر أسانيدها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-)، انظر: فهرس مخطوطات الظاهرية (ص450 -452).
    [3] فالتعليقات على (الروض) وشروحه وشروح أصله كثيرة، بل هو مقرر في الكليات الشرعية في المملكة العربية السعودية، ويُتَّخذ فيها منهجًا أساسيًّا لدراسة الفقه الحنبلي.
    [4] أشار إلى بعضها الشيخ عبدالعزيز ابن قاسم في كتابه (الدليل إلى المتون العلمية).
    [5] وهي في تخريج أحاديث الروض، طُبعت في دار الوطن إلى جانب حاشية فقهية للمشايخ: خالد المشيقح، وعبدالله الطيار، وإبراهيم الغصن.
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    1-(1/30) (وابتدأ بها تأسيًا بالكتاب العزيز وعملاً بحديث: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم؛ فهو أبتر»، أي: ناقص البركة، وفي رواية: «بالحمد لله»).

    مرسل ضعيف.
    جاء هذا الحديث من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومداره على الزهري:
    أ- فرواه الأوزاعي، وجاء عنه على أوجه في الإسناد والمتن:
    الوجه الأول: عنه، عن قرة بن عبدالرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة:
    أخرجه ابن أبي شيبة (26683) -وعنه ومن طريق أخرى ابن ماجه (1894)-، والبزار (7898)، وأبو عوانة -كما في إتحاف المهرة (16/72)-، وابن الأعرابي في معجمه (362) -ومن طريقه السمعاني في أدب الإملاء (ص52)-، والبيهقي في الشعب (4372)، وفي الدعوات الكبير (1) -ومن طريقه القزويني في التدوين في أخبار قزوين (1/476)-، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/70) وفي الفقيه والمتفقه (932)، والقزويني في التدوين (2/319، 3/463)، وابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (4/218)، كلهم من طريق عبيد الله بن موسى، وأحمد (2/359) -ومن طريقه السبكي في مقدمة طبقات الشافعية الكبرى (1/15، 16)- من طريق ابن المبارك، وأبو داود (4840) -ومن طريقه أبو أحمد العسكري في الأمثال؛ كما في الأقاويل المفصلة لبيان حديث الابتداء بالبسملة لمحمد بن جعفر الكتاني (ص36)-، والنسائي في السنن الكبرى (10255)، والعسكري في الأمثال -كما في الأقاويل المفصلة (ص43)-، والدارقطني (1/229)، والمخلص -ومن طريقه السبكي في الطبقات (1/6)-، وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/421)، كلهم من طريق الوليد بن مسلم.

    وأبو عوانة -كما في إتحاف المهرة (16/72)-، وابن حبان (1)، والخليلي في الإرشاد -كما في منتخبه (1/448)-، وابن عساكر (6/421)، من طريق عبدالحميد بن أبي العشرين، والخرائطي في فضيلة الشكر (17)، وابن الأعرابي في الزهد وصفة الزاهدين (1) -ومن طريقه البيهقي (3/208، 209)-، والطبراني -ومن طريقه السخاوي في الأجوبة المرضية (1/197)- من طريق أبي المغيرة عبدالقدوس بن الحجاج، وابن حبان (2) من طريق شعيب بن إسحاق، والدارقطني (1/229) من طريق موسى بن أعين، سبعتهم -عبيد الله بن موسى وابن المبارك والوليد بن مسلم وابن أبي العشرين وأبو المغيرة وشعيب بن إسحاق وموسى بن أعين- عن الأوزاعي، به.

    وجاءت ألفاظهم بين: «بحمد الله»، و«بالحمد لله»، و«بالحمد»، وقال ابن المبارك وموسى بن أعين: «بذكر الله». وقال أكثرهم: «أقطع»، وقيل: «أجذم»، وشك ابن المبارك بين: «أبتر» و«أقطع».

    الوجه الثاني عن الأوزاعي: عنه، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-:
    أخرجه الخليلي في الإرشاد -كما في منتخبه (3/966)، ومن طريقه السبكي في الطبقات (1/11، 12)- من طريق عيسى بن موسى غنجار، عن خارجة بن مصعب، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/69) -ومن طريقه الرهاوي في الأربعين؛ أخرجه من طريقه السبكي في الطبقات (1/12)، والسمعاني في أدب الإملاء والاستملاء (ص51)[1] - من طريق أحمد بن محمد بن عمران، عن محمد بن صالح البصري، عن عبيد بن عبدالواحد بن شريك، عن يعقوب بن كعب، عن مبشر بن إسماعيل، وعلقه الدارقطني في العلل (8/29) عن محمد بن كثير، ثلاثتهم -خارجة ومبشر وابن كثير- عن الأوزاعي به.

    ولفظ خارجة: «كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله؛ فهو أقطع»، ولفظ مبشر: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم؛ أقطع»، ولم يذكر الدارقطني لفظ ابن كثير.

    الوجه الثالث عن الأوزاعي: عنه، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة:
    أسنده السبكي في طبقات الشافعية (1/14، 15) من طريق عبدالله بن الحسين بن جابر، عن محمد بن كثير المصيصي، عن الأوزاعي، به.

    ب- وجاء من وجه آخر عن الزهري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً:
    أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده -كما في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (1/23، 24) والأجوبة المرضية للسخاوي (1/199)- من طريق شعيب بن أبي حمزة، والنسائي في الكبرى (10256) من طريق سعيد بن عبدالعزيز، وفيها (10257) من طريق عقيل، وفيها (10258) من طريق الحسن بن عمر أبي المليح، وعلقه أبو داود (عقب 4840) عن يونس بن يزيد، وعلقه الدارقطني في العلل (8/29) عن وكيع، عن الأوزاعي، عن قرة، ستتهم -شعيب وسعيد وعقيل وأبو المليح ويونس وقرة- عن الزهري، به.

    ج- وجهٌ ثالث عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة (متابعة لرواية قرة عن الأوزاعي):
    أخرجه الخليلي في الإرشاد -كما في منتخبه (1/449)؛ ومن طريقه السبكي في الطبقات (1/15)- من طريق إسماعيل بن أبي زياد، عن يونس، عن الزهري، به.

    د- وجهٌ رابع عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:
    أخرجه الطبراني في الكبير (19/72) -ومن طريقه السبكي في الطبقات (1/14)- من طريق عبدالله بن يزيد، عن صدقة بن عبدالله، عن محمد بن الوليد الزبيدي، والدارقطني في الأفراد -كما في أطرافه (1/121)- وعلقه في العلل (8/30)، من طريق صدقة، عن محمد بن سعيد -يقال له: الوصيف-،
    كلاهما عن الزهري، به.
    ووقع اسم ابن كعب عند الطبراني: عبدالله، وعند الدارقطني: عبدالرحمن.
    هـ- ورواه معمر، عن رجل من الأنصار، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً:
    أخرجه عبدالرزاق في المصنف (10455، 20208) عنه، به.

    دراسة الأسانيد:
    روى هذا الحديث الزهري، واختُلف عنه:
    - فرواه الأوزاعي عنه، واختُلف عن الأوزاعي:
    • فرواه عنه محمد بن كثير، واختلف عنه:
    • فرواه عبدالله بن الحسين بن جابر عنه عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
    • وعلقه الدارقطني عن ابن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، به.
    • ورواه خارجة بن مصعب ومبشر بن إسماعيل عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، به -كالوجه الثاني عن محمد بن كثير-.
    • ورواه عبيد الله بن موسى وابن المبارك والوليد بن مسلم وعبدالحميد بن أبي العشرين وأبو المغيرة وشعيب بن إسحاق وموسى بن أعين عن الأوزاعي، عن قرة بن عبدالرحمن، عن الزهري، به.
    • ورواه وكيع عن الأوزاعي، عن الزهري، عن قرة مرسلاً.
    - ورواه يونس بن يزيد عن الزهري، واختلف عنه:
    • فرواه إسماعيل بن أبي زياد عنه، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
    • وعلقه أبو داود عن يونس عن الزهري مرسلاً.
    - ورواه شعيب بن أبي حمزة وسعيد بن عبدالعزيز وعقيل وأبو المليح الحسن بن عمر والأوزاعي -من رواية وكيع عنه؛ كما سبق- عن الزهري مرسلاً،
    - ورواه صدقة بن عبدالله عن محمد بن الوليد الزبيدي ومحمد بن سعيد الوصيف عن الزهري، عن عبدالله بن كعب، عن أبيه، مرفوعًا.

    - وقد رواه معمر، عن رجل من الأنصار مرسلاً.

    وفيما يلي التفصيل في هذا الخلاف.
    1- تحرير رواية محمد بن كثير عن الأوزاعي:
    رواه عبدالله بن الحسين بن جابر عنه عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وقد اجتهد السبكي في إثبات أن يحيى هذا هو قرة نفسه الذي في الطرق الأخرى[2]، وردَّه السخاوي من وجهين[3]، ولعلهما لم يفطنا إلى أن هذه الرواية ضعيفة جدًّا عن محمد بن كثير، فراويها عنه (عبدالله بن الحسين بن جابر المصيصي) قال فيه ابن حبان: (يقلب الأخبار ويسرقها، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد)[4].

    والرواية الأخرى عن ابن كثير لا تعرف رواتها؛ لأن الدارقطني لم يسندها.

    2- تحرير الخلاف عن الأوزاعي:
    اتفق عنه سبعة من الثقات، بعضهم من الأئمة، وبعضهم له اختصاص بالأوزاعي، وبعضهم كان الأوزاعي يقربه ويثني عليه = على روايته عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، وخالفهم أربعة:
    أ- خارجة بن مصعب، وهو متروك، كُذِّب.
    ب- ومبشر بن إسماعيل، وهو ثقة، تُكُلِّم فيه، إلا أن إسناد روايته لم يصح، ففيها أحمد بن محمد بن عمران، ضعيف، ورُمي الوضع[5]، ورجح الكتاني أن شيخه محمد بن صالح هو ابن شعيب اليماني أبو بكر البصري [6]، فإن صح؛ فإنه مجهول، وله تفرد بخبر غير محفوظ[7]، فهذه الرواية منكرة.
    ج- ومحمد بن كثير -فيما علقه الدارقطني عنه-، ولم يعرف إسناد هذه الرواية، وقد روي عن ابن كثير على وجه آخر -كما سبق-، وفي ابن كثيرً أصلاً ضعف، خاصة في الأوزاعي، هؤلاء الثلاثة رووه عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، لم يذكروا في الإسناد قرة.

    قال الخليلي -عقيب إسناده رواية خارجة-: (هذا لم يسمعه الأوزاعي عن الزهري، وإنما سمعه من قرة بن عبدالرحمن بن حيوئيل، هكذا رواه عن الأوزاعي ابن المبارك وأبو المغيرة وابن أبي العشرين وعبيد الله بن موسى، ولم يروه عن خارجة إلا غنجار، وخارجة فيه لين)[8].

    وقال السخاوي: (فهؤلاء سبعة أنفس رواه عن الأوزاعي بإثبات قرة، وكلهم ثقات من رجال الشيخين في صحيحيهما -إلا عبدالحميد[9]، فلم يخرجا له...- فروايتهم أرجح من رواية من أسقطه، ويمكن الجمع بينهما بأن الأوزاعي رواه عن الزهري من صحيفته مناولة، وسمعه من قرة عنه سماعًا)[10]، إلا أن هذا الجمع لا ينهض مع هذا الضعف الشديد في الروايات التي خالفت روايات الثقات من أصحاب الأوزاعي، والأمر كما قال الخليلي -رحمه الله-.

    د- وخالف الجمعَ أيضًا عن الأوزاعي: وكيعٌ -فيما علقه الدارقطني عنه-، رواه عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري مرسلاً، ولم أجد هذه الرواية موصولة، وفيها نظر.

    3- تحرير رواية يونس بن يزيد عن الزهري:
    رواها إسماعيل بن أبي زياد عنه عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، هكذا موصولاً، وإسماعيل متروك الحديث، وكان يروي عن يونس ما لا يتابع عليه[11].

    قال الخليلي -عقب إسناده هذه الرواية-: (وحديث الأوزاعي عن قرة مشهور، رواه الكبار عن الاوزاعي: الوليد بن مسلم وأبو المغيرة وعبيد الله بن موسى وابن المبارك عن الأوزاعي، والمعوَّل عليه، ولا يعتمد على رواية إسماعيل عن يونس)[12].

    وقد زاد إسماعيل في متن الرواية زيادات منكرة، فلفظُهُ: «كل أمر لم يبدأ فيه بحمد الله والصلاة عليَّ؛ فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة»، قال الحافظ عبدالقادر الرهاوي: (غريب، تفرد بذكر الصلاة فيه إسماعيل بن أبي زياد، وهو ضعيف جدًّا، لا يعتد بروايته ولا بزيادته)[13].

    وقد علق أبو داود في سننه رواية يونس، فذكر أنها عن الزهري مرسلاً، وهذا أقوى عن يونس من تلك الرواية المنكرة، وهو أولى بيونس؛ إذ وافق كبار أصحاب الزهري.

    4- النظر في رواية سعيد بن عبدالعزيز عن الزهري:
    أخرج النسائي في الكبرى رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا، ثم قال: أخبرني محمود بن خالد، حدثنا الوليد، حدثنا سعيد بن عبدالعزيز، عن الزهري، رفعه، مثله.

    وقد فهم ابن الملقن[14] ثم الكتاني[15] من هذه السياقة أن سعيد بن عبدالعزيز يرويه عن الزهري موصولاً كرواية قرة. وفي هذا نظر من وجوه:
    الأول: أن أبا داود قد علَّق في سننه رواية عبدالعزيز؛ فذكرها مرسلة[16].
    الثاني: أنه قد حكم إمامان بتفرد قرة بوصله، قال الدارقطني: (تفرد به قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وأرسله غيره عن الزهري عن النبي -صلى الله عليه وسلم-)[17]، وقال الخليلي: (هذا حديث لم يروه عن الزهري إلا قرة، وهذا ليس عند عقيل ولا غيره من المكثرين من أصحاب الزهري)[18]، ويبعد أن يتفق الإمامان على ذلك مع وجود هذه المتابعة الظاهرة -لو كانت كذلك-.
    الثالث: أن الأظهر في قوله: (رفعه) بعد ذكر الزهري= أنه يقصد: أن الزهريَّ رفعه، ورفعُ الزهريِّ الحديثَ إرسالٌ له منه، وقوله -بعده-: (مثله)، أي: مثل متنه.
    وقد فهم الإمام المزي أن هذا الوجه مرسل، فذكره في المراسيل من تحفة الأشراف[19].

    فالراجح: أن سعيد بن عبدالعزيز يروي الحديث عن الزهري مرسلاً.

    5- النظر في رواية الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه:
    رواها صدقة بن عبدالله، وهو السمين، فجاء عنه عن محمد بن الوليد الزبيدي، وعنه عن محمد بن سعيد الوصيف، فإن لم يكن أحدهما مصحَّفًا؛ فهما روايتان عن صدقة.

    وسُمي ابن كعب في رواية محمد بن الوليد: عبدالله، وسُمي في رواية محمد بن سعيد: عبدالرحمن.

    وصدقة هذا منكر الحديث[20]، وروايته لا يعتد بها، خاصة مع هذا التضارب فيها. وبه يظهر خطأ الاستشهاد بهذه الرواية لحديث قرة عن الأوزاعي[21].

    6- الراجح عن الزهري:
    ظهر مما سبق أنه اختُلف عن الزهري:
    - فرواه قرة عنه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
    - ورواه عقيل، وشعيب بن أبي حمزة، وسعيد بن عبدالعزيز، وأبو المليح الحسن بن عمر، كلهم عن الزهري مرسلاً.
    وعقيل وشعيب من كبار أصحاب الزهري، ويفاضل بينهم في أوثق الناس وأثبتهم فيه، وسعيد ثقة حافظ إمام، وأبو المليح ثقة، إلا في روايته عن الزهري كلام، لكنه متابَعٌ هنا؛ فتحقق ضبطه.

    وأما قرة؛ فقال فيه ابن معين: (ضعيف الحديث)، وقال أحمد بن حنبل: (منكر الحديث جدًّا)، وقال العجلي: (يكتب حديثه)، وقال أبو زرعة: (الأحاديث التي يرويها مناكير)، وقال أبو داود: (في حديثه نكارة)، وقال أبو حاتم والنسائي: (ليس بقوي)، وقال ابن عدي: (لم أرَ له حديثًا منكرًا جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به)، وذكره ابن حبان في ثقاته.

    والتمسك بكلمة ابن عدي وبذكر ابن حبان قرةَ في الثقات ليس بذي شأن، فإن كلمة الأئمة الكبار تكاد تجتمع على ضعفه، وحكم غير واحد بنكارة حديثه، وقد أنكر الإمام أحمد حديثه جدًّا، وهذا غاية في التضعيف، ولا يمكن أن تنتفي النكارة عن أحاديثه أو يوثق؛ وفي رواياته ما يدعو الأئمة إلى تضعيفهم البالغ له.

    وقد تمسك بعضهم بكلمةٍ للأوزاعي في قرة، قال: (ما أحدٌ أعلم بالزهري من ابن حيوئيل)[22]، وعن هذه الكلمة جوابان:
    الأول: أجاب به ابن حبان، قال: (هذا الذي قاله يزيد بن السمط ليس بشيء يحكم به على الإطلاق، وكيف يكون قرة بن عبدالرحمن أعلم الناس بالزهري، وكل شيء روى عنه لا يكون ستين حديثًا؟![23] بل أتقن الناس في الزهري: مالك ومعمر والزبيدي ويونس وعقيل وابن عيينة، هؤلاء الستة أهل الحفظ والإتقان والضبط والمذاكرة، وبهم يعتبر حديث الزهري إذا خالف بعض أصحاب الزهري بعضًا في شيء يرويه)[24].

    الثاني: أجاب به ابن حجر، قال: (وأورد ابن عدي كلام الأوزاعي من رواية رجاء بن سهل، عن أبي مسهر، ولفظه: «ثنا يزيد بن السمط، قال: ثنا قرة، قال: لم يكن للزهري كتابٌ إلا كتاب فيه نسب قومه، وكان الأوزاعي يقول: ما أحد أعلم بالزهري من ابن حيوئيل»، فيظهر من هذه القصة أن مراد الأوزاعي: أنه أعلم بحال الزهري من غيره، لا فيما يرجع إلى ضبط الحديث، وهذا هو اللائق، والله أعلم)[25].

    ولا يخفى على الناظر أن التمسك بهذه الكلمة المحتملة مع تتابع الأئمة على تضعيف قرة = مما لا وجه له.

    بل حتى لو سُلِّم بأن قرة ثقة حافظ - وأنى ذلك -، فقد خالف أربعة ثقات، فيهم اثنان هما أثبت الناس في الزهري، اتفقوا؛ فرووه عن الزهري مرسلاً، وهذا مما يقضي على رواية قرة، ويرجح الرواية المرسلة، ورواية قرة خطأ لا يُعتمد عليه، ولا يُعتد به.

    وأما الحكم بأن الوصل زيادة ثقة مقبولة، فمفتقر إلى مقدمتين: ثبوت ذلك في مناهج أئمة النقد من المحدثين، وثبوت ثقة قرة.

    والحكم بالإرسال هو ما رجحه الإمامان: النسائي والدارقطني:
    قال النسائي: (والمرسل أولى بالصواب)[26]، وقال الدارقطني: (والصحيح عن الزهري المرسل)[27]، وتعقيب أبي داود بذكر روايات كبار أصحاب الزهري الذي أرسلوا الحديث عنه بعد الرواية الموصولة= إشارة منه إلى إعلاله بالإرسال.

    ومن ثم، فالحديث لا يصح عن الزهري إلا مرسلاً، وقد تقرر عند العلماء أن مراسيل الزهري ضعيفة، وجاء تضعيفها عن الشافعي ويحيى بن سعيد القطان وابن معين[28].

    وقد ورد الحديث من وجه آخر عن معمر عن رجل من الأنصار مرسلاً، ومعمر من أتباع التابعين، وأحاديث شيوخه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مراسيل، ثم إن شيخه مبهم - كما هو ظاهر -.

    والله أعلم.

    ـــــــــــــــ ـــــــ
    [1] سقط فيه (أحمد بن محمد بن عمران).
    [2]مقدمة طبقات الشافعية (1/16، 17).
    [3] الأجوبة المرضية (1/191، 192).
    [4] المجروحين (2/46).
    [5] انظر: تاريخ بغداد (5/77)، لسان الميزان (1/288).
    [6] الأقاويل المفصلة (ص125).
    [7] انظر: لسان الميزان (5/201).
    [8] المنتخب من الإرشاد (3/966، 967).
    [9] هو ابن أبي العشرين.
    [10] الأجوبة المرضية (1/197، 198).
    [11] انظر: منتخب الإرشاد (1/390، 391)، لسان الميزان (1/406).
    [12] منتخب الإرشاد (1/449).
    [13] نقله المناوي في فيض القدير (5/14).
    [14] في البدر المنير (7/529).
    [15] في الأقاويل المفصلة (ص38، 50).
    [16] سنن أبي داود (عقب 4840).
    [17] السنن (1/229).
    [18] منتخب الإرشاد (1/448).
    [19] (13/368).
    [20] وذكر يعقوب بن سفيان أن عبدالله بن يزيد يروي عنه مناكير، ومن ذلك رواية الطبراني لحديثنا هذا.
    [21] استشهد بها: السبكي -في مقدمة الطبقات (1/16)-، وابن الملقن -في البدر المنير (7/529)-، والكتاني -في الأقوال المفصلة (ص56)-.
    [22] أسندها أبو زرعة الدمشقي -في تاريخه (383)- وابن عدي -في الكامل (6/53)- من طريق رجاء بن سهل، كلاهما عن أبي مسهر، عن يزيد بن السمط، عن الأوزاعي، وأسندها ابن حبان -في الثقات (7/343)- من طريق إسحاق بن ضيف، عن أبي مسهر، عن يزيد بن السمط، فجعلها من كلامه، ولم يذكر الأوزاعي.
    [23] بل قال ابن عدي -في الكامل (6/54)-: (وقد رُوي عن الأوزاعي عن قرة عن الزهري بضعة عشر حديثًا).
    [24] الثقات (7/343).
    [25] تهذيب التهذيب (8/334).
    [26] تحفة الأشراف (13/368).
    [27] العلل (8/29).
    [28] انظر: شرح علل الترمذي، لابن رجب (8/29).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    2- (1/37) (والصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- مستحبة... ورُوي: «من صلى عليَّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب»)؛ ضعيف جدًّا.



    جاء من طريق أبي هريرة، وابن عباس، وأبي بكر، وعائشة، ومن كلام جعفر بن محمد:

    1- تخريج حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:
    أخرجه الطبراني في الأوسط (1835) وابن الجوزي في الموضوعات (452) من طريق إسحاق بن وهب العلاف، والخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص36) من طريق محمد بن عبدالله بن حميد، وابن عساكر في تاريخ دمشق (6/80، 81) من طريق يعقوب بن عبدالله الكرماني، ونصر بن داود بن طوق، أربعتهم عن بشر بن عبيد الدارسي، عن حازم بن بكر، والنميري في الإعلام بفضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق هانئ بن يحيى، كلاهما - حازم وهانئ - عن يزيد بن عياض، وأبو الشيخ في الثواب - كما نقل ابن القيم في جلاء الأفهام (ص485، 486)[1] - عن أسيد بن عاصم، والخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص36) من طريق محمد بن عبدالله بن حميد، كلاهما - أسيد وابن حميد - عن بشر بن عبيد الدارسي، عن محمد بن عبدالرحمن القرشي، عن عبدالرحمن بن عبدالله، كلاهما - يزيد بن عياض وعبدالرحمن بن عبدالله - عن عبدالرحمن بن هرمز الأعرج، وأخرجه الخطيب - فيما نقله السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (1/186) - من طريق مهدي بن هلال، عن محمد بن يزيد بن خنيس، عن عبدالرحمن بن محمد الثقفي، عن عبدالرحمن بن عمر، وأخرجه قوام السنة الأصبهاني في الترغيب والترهيب (1697) والرافعي في التدوين في أخبار قزوين (4/107) من طريق إبراهيم بن إسماعيل الزاهد، عن عبدالسلام بن محمد المصري، عن سعيد بن عفير، عن محمد بن إبراهيم بن أمية القرشي، عن عبدالرحمن بن عبدالله الأعرج، ثلاثتهم - الأعرج، وعبدالرحمن بن عمر، وعبدالرحمن بن عبدالله - عن أبي هريرة، بنحوه، إلا أن لفظ عبدالرحمن بن عمر: «من كتب في كتابه [صلاة عليَّ][2] لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام كتابه».

    دراسة الأسانيد:
    تبين أن الحديث جاء عن أبي هريرة من طرق:
    الأولى: طريق الأعرج عنه، وعنه اثنان:
    1- يزيد بن عياض:
    وجاءت روايته من طريق بشر بن عبيد الدارسي، عن حازم بن بكر، عنه، قال الطبراني: (لا يروى هذا الحديث عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به إسحاق)[3]، يعني: إسحاق بن وهب العلاف الراوي عن بشر بن عبيد، وفي كلام الطبراني نظر؛ فإنه روي عن أبي هريرة بغير هذا الإسناد، ولم يتفرد إسحاق بن وهب به عن بشر، فقد رواه معه ثلاثة -كما سبق-.

    وبشر بن عبيد الدارسي منكر الحديث، وبعضهم كذَّبه[4] - وإن كان ابن حبان ذكره في الثقات[5]، وقال عنه: (صدوق)[6] -، وقد عُدَّ هذا الحديث من منكراته[7]، وقد رواه بشرٌ بإسناد آخر - كما سيأتي -، وهذا يدل على شدة نكارة روايته، فإنه ممن لا يحتمل منه تعدد الأسانيد.

    وشيخه حازم بن بكر لم أجد له ترجمة، وقد كني في بعض الروايات بأبي علي، ونُسب قرشيًّا.

    وقد تابعه حازمًا عن يزيد بن عياض: هانئ بن بكر، لكن الراوي عنه: عبدالله بن محمد بن سنان، متروك متهم بالوضع[8].

    وشيخهما يزيد بن عياض نفسه متروك الحديث منكره، كذَّبه بعض الأئمة، وبه أعله ابن الجوزي، وأورد الحديث في كتاب الموضوعات[9].

    2- عبدالرحمن بن عبدالله:
    وقد رواها بشر بن عبيد، عن محمد بن عبدالرحمن القرشي، عنه. وسبق الكلام في بشر بن عبيد، وأن من دلائل شدة النكارة: أنه قرن هذين الإسنادين، وهو من الضعف مما لا يحتمل منه معه تعدد الأسانيد.

    الثانية: طريق عبدالرحمن بن عمر:
    ولم أعرفه، وفي إسناد روايته: مهدي بن هلال، مكذَّب متهم بالوضع[10].

    الثالثة: طريق عبدالرحمن بن عبدالله الأعرج:
    كذا جاء في مصدرَيْ تخريج هذه الرواية، وربما كان قد سقط (عن)، فيكون الصواب: (عبدالرحمن بن عبدالله، عن الأعرج)، وتعود الرواية إلى الوجه الثاني عن الأعرج.

    وهذه الطريق - على أن فيها عددًا من المجاهيل - فيها عبدالسلام بن محمد المصري، الراوي عن سعيد بن عفير، قال فيه الدارقطني: (ضعيف جدًّا)، وقال مرة: (منكر الحديث)، وقال الخطيب: (صاحب مناكير)[11].

    وبهذا يتضح أن روايات الحديث عن أبي هريرة شديدة النكارة.

    2- تخريج حديث عبدالله بن عباس - رضي الله عنه -:
    أخرجه قوام السنة في الترغيب والترهيب (1699) - ومن طريقه السبكي في طبقات الشافعية (1/180) - من طريق سليمان بن الربيع، عن كادح بن رحمة، عن نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس، بنحوه.

    دراسة الأسانيد:
    كادح بن رحمة منكر الحديث، متهم بالكذب[12]، ونهشل بن سعيد متروك مكذَّب، وبهما أعله ابن القيم[13].

    وقد أنكر ابن حبان نسخة سليمان بن الربيع عن كادح بن رحمة، قال: (أكثرها موضوعة ومقلوبة)[14].

    قال الحافظ ابن كثير: (وليس هذا الحديث بصحيح من وجوه كثيرة)[15].

    3- تخريج حديث أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-:
    أخرجه ابن عدي في الكامل (3/249) - ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (451) - عن محمد بن الحسن المحاربي، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (564) من طريق موسى بن الحسن بن موسى، وفي شرف أصحاب الحديث (ص35) من طريق محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، ثلاثتهم عن عباد بن يعقوب، عن أبي داود النخعي، وأخرجه الحاكم في تاريخه - كما نقل السيوطي في اللآلئ المصنوعة (1/185) من طريق أيوب بن الحسن، عن نصر بن باب، كلاهما - أبو داود ونصر - عن أيوب بن موسى، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، عن أبيه، عن جده أبي بكر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كتب عني علمًا، وكتب معه صلاةً عليَّ، لم يزل في أجرٍ ما قرئ ذلك الكتاب».

    إلا أن محمد بن الحسن المحاربي لم يذكر: (عن أبيه) في روايته عن عباد بن يعقوب، وقال محمد بن القاسم بن زكريا عن عباد: (عن أبيه، أحسبه قال: عن جده أبي بكر الصديق...).

    ولم يذكر نصر بن باب في لفظه كتابة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.

    دراسة الأسانيد:
    أبو داود النخعي -مع الاختلاف في روايته- كذاب معروف بالكذب[16]، وقد تابعه نصر بن باب، ونصر متروك الحديث، مرمي بالكذب[17]، ولا فائدة من متابعة أحد هذين للآخر، وربما كان أحدهما سرقه من الثاني.

    4- تخريج حديث عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنهما-:
    أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/75) من طريق الحسين بن معاذ بن حرب، عن أبي مروان العثماني، عن أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما من كتاب يكتب فيه: (صلى الله على محمد) إلا صلى الله وملائكته على من كتب ذلك ما دام اسمي في ذلك الكتاب».

    دراسة الإسناد:
    فيه الحسين بن معاذ بن حرب الحجبي، وقد ترجمه الخطيب ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً[18]، لكنه أخرج له حديثًا رواه عنه ثقتان بإسنادين، قال الذهبي: (ذكره الخطيب، وما ذكره بجرح ولا تعديل، بل ساق له هذا الخبر المنكر... فالحسين قد اضطرب في إسناده، فإن اللذين روياه عنه ثقتان، ومع اضطرابه فأتى بهذا الباطل)[19]، ولذا قال الذهبي -أيضًا-: (وهو ضعيف؛ فإنه أتى بحديث باطل عن ثقة)[20].

    وهذا الإسناد شديد الفردية مع تأخر الطبقة، وفيه هذا الراوي المنظور فيه، ومجيء الحديث بسلسلة هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مع ما ذكر من دلائل ضعفٍ= قرينة ظاهرة على ضعفه، بل نكارته.

    5- تخريج مقطوع جعفر بن محمد بن علي بن الحسين:
    أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (35/385) من طريق وريزة بن محمد الغساني، عن محمد بن جبير عن جعفر، قال: (من صلى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كتاب؛ صلت عليه الملائكة مادام اسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الكتاب).

    دراسة الإسناد:
    فيه وريزة بن محمد، ترجمه ابن عساكر ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً[21]، لكنه وصفه بـ(الإخباري)، وشيخه محمد بن جبير لم أعرفه، وقد نقل ابن القيم الإسناد، فجاء فيه: (محمد بن حمير)[22]، ولعله الشامي الذي يروي عن أبيه عن محمد بن علي بن الحسين -والد جعفر-، وهو مجهول[23].
    وهذا الإسناد أصلح من أسانيد الطرق الأخرى - كما هو ظاهر -، ولذا فقد قال المنذري وابن القيم: (وقد روي موقوفًا من كلام جعفر بن محمد، وهو أشبه)[24].

    وقال ابن كثير: (وقد رُوي من حديث أبي هريرة، ولا يصح أيضًا، قال الحافظ أبو عبدالله الذهبي شيخُنا: أحسبه موضوعًا. وقد رُوي نحوه عن أبي بكر، وابن عباس، ولا يصح من ذلك شيء، والله أعلم)[25].

    3-(1/38) ("على أفضل المصطفين محمد" بلا شك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر»).
    صحيح.

    أخرجه من دون قوله: «ولا فخر»: مسلم في صحيحه (2278) من طريق الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، عن عبدالله بن فروخ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع».
    وانظر: المسند الجامع (14780).

    وقد ورد بلفظ: «أنا سيد الناس»، دون قوله: «ولا فخر»، أخرجه البخاري (4712) ومسلم (194) من طريق عمارة بن القعقاع وأبي حيان يحيى بن سعيد بن حيان التيمي، كلاهما عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلحم، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، ثم قال: «أنا سيد الناس يوم القيامة»... وساق حديث الشفاعة الطويل.
    وانظر: المسند الجامع (15267).

    وأما بلفظ المصنف: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر»، فقد ورد في أحاديث كثيرة[26]، منها الأحاديث التالية:
    1- حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-:
    أخرجه أحمد (3/2) وابن ماجه (4308) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1454، 1455) وابن عساكر في معجمه (985) الذهبي في السير (8/293) من طرق عن هشيم، والترمذي (3148، 3615) عن ابن أبي عمر العدني، عن سفيان بن عيينة، كلاهما - هشيم وسفيان - عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع يوم القيامة ولا فخر».

    2- حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-:
    أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص353) وأحمد (1/281، 295) وعبد بن حميد في مسنده (695- المنتخب) وابن أبي خيثمة في تاريخه (2966-السفر الثاني) وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (184) وأبو يعلى (2328) وابن شاهين في أحاديثه عن شيوخه (15) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (843) والبيهقي في الشعب (1408) ودلائل النبوة (5/481) من طرق عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة قال: خطبنا ابن عباس على منبر البصرة، فحمد الله - عز وجل - وأثنى عليه، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من نبي إلا وله دعوة، كلهم قد تنجزها في الدنيا، وإني ادخرت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، ألا وإني سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد تحته آدم ومن دونه ولا فخر...»، ثم ساق حديث الشفاعة الطويل.

    دراسة إسنادي الحديثين:
    اختُلف في الحديثين على علي بن زيد بن جدعان:
    - فرواه هشيم وابن عيينة عنه، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، به مختصرًا،
    - ورواه حماد بن سلمة عنه، عن أبي نضرة، عن ابن عباس، به مطولاً.

    وعلي بن زيد نفسه ضعيف، وأخشى أن هذا اضطراب منه، وإن كان حماد بن سلمة أروى الناس عنه، لكن اجتماع هشيم وابن عيينة عنه معتبر، ولابن عيينة حفظ وتقدُّم في علي بن زيد.

    3- حديث عبدالله بن سلام -رضي الله عنه-:
    أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (793) والأوائل (78) وأبو يعلى (7493) -ومن طريقه ابن حبان (6478) والضياء في المختارة (4/36)- واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1456) من طريق عمرو بن عثمان الكلابي، عن موسى بن أعين، عن معمر بن راشد، عن محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب، عن بشر بن شغاف، عن عبدالله بن سلام قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع ومشفع، بيدي لواء الحمد، تحتي آدم فمن دونه».

    وأخرجه ابن المبارك في الزهد (398-برواية نعيم بن حماد) عن معمر، عمن سمع محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب، عن بشر بن شغاف، عن عبدالله بن سلام، قال: (إن أفضل أيام الدنيا عند الله يوم الجمعة، وإن أكرم خليقة الله على الله أبو القاسم)، قلت له: إلا أن يكون ملكًا مقربًا؟ قال: فنظر إليَّ، قال: (أتدري كيف خلق الملائكة؟ إنما خلق الملائكة كخلق السماء والأرض وكخلق الجبال وكخلق السحاب، وإن أكرم خليقة الله على الله: أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-، فإذا كان يوم القيامة جمع الله الأنبياء نبيًّا نبيًّا، وأمةً أمةً، حتى يكون آخرهم مركزًا محمد وأمته...)، فذكر حديثًا طويلاً من كلام عبدالله بن سلام، ولم يأتِ فيه نص الرواية المرفوعة الأولى.

    وأخرجه أسد بن موسى في الزهد (44) والبخاري في التاريخ الكبير (2/76) والحارث بن أبي أسامة في مسنده (935- بغية الباحث) والحاكم (4/568) وأبو نعيم في صفة الجنة (131) والبيهقي في الشعب (148، 360) ودلائل النبوة (5/485) من طرق عن مهدي بن ميمون، عن محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب، عن بشر بن شغاف، عن عبدالله بن سلام، بنحو رواية ابن المبارك في الزهد.

    دراسة الأسانيد:
    اختُلف في هذا الحديث عن محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب:
    - فرواه معمر بن راشد عنه، واختلف عنه:
    · فرواه عمرو بن عثمان الكلابي، عن موسى بن أعين، عنه، به مرفوعًا، بلفظ: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر»,
    · ورواه عبدالله بن المبارك، عن معمر، عمن سمع محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب، موقوفًا باللفظ المسوق آنفًا،

    - ورواه مهدي بن ميمون عن محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب، كالرواية الأخيرة عن معمر.

    وعمرو بن عثمان الكلابي -راوي الوجه الأول عن معمر- ضعيف، وقال فيه النسائي والأزدي: (متروك الحديث).

    والرواية الثانية عن معمر أصح، خاصة أنها تعتضد بالرواية الثانية عن محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب، وأما ذكر «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» والألفاظ الأخرى فمن تخليط عمرو بن عثمان الكلابي، ولعله دخل عليه حديث في حديث.

    4- حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-:
    أخرجه أحمد (1/296) عن حسن - هو ابن موسى الأشيب -، ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (265) من طريق عمرو بن عاصم، كلاهما - حسن وعمرو - عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنه لم يكن نبي إلا له دعوة يتنجزها في الدنيا، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من ينشق عنه الأرض ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وآدم فمن دونه تحت لوائي، فيطول يوم القيامة على الناس، حتى يقول بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر فيشفع لنا إلى ربه -عز وجل- فليقض بيننا...»، وساق حديث الشفاعة الطويل.

    وأخرجه أحمد (3/247) وابن منده في الإيمان (866) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يطول يوم القيامة على الناس، فيقول بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر فيشفع لنا إلى ربنا - عز وجل - فليقض بيننا...»، وساق حديث الشفاعة، ولم يذكر لفظ: «إنه لم يكن نبي إلا له دعوة...» المذكور في الرواية الأولى، وقد رواه قتادة عن أنس بنحو ذلك - دون تلك الألفاظ -، وروايته مخرجه في البخاري (4476، 6565، 7410، 7440، 7516) ومسلم (193) وغيرهما كثير.

    دراسة الأسانيد:
    الرواية بدون ذكر لفظ: «إنه لم يكن نبي إلا له دعوة...»، وبدون الألفاظ التي فيها: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر»= أقوى؛ ذلك أن عفان من المقدَّمين في حماد بن سلمة، إلا أن ثابتًا توبع على الوجه الذي ذكرت فيه تلك الألفاظ:
    فقد جاء عن أنس -ر ضي الله عنه - بلفظ: «أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر»، أخرجه أحمد (3/144) - ومن طريقه الضياء في المختارة (3/32) -، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (268) عن علي بن سعيد النسوي، وابن منده في الإيمان (877) والبيهقي في الشعب (1409) والدلائل (5/479) من طريق محمد بن إسحاق الصغاني، ثلاثتهم - أحمد وعلي بن سعيد ومحمد بن إسحاق - عن يونس بن محمد، والدارمي (52) والخرائطي في مكارم الأخلاق (589) من طريق عبدالله بن صالح، والنسائي في الكبرى (7643) وابن خزيمة في التوحيد (454) من طريق شعيب بن الليث، وعبدالله بن عبدالحكم، أربعتهم - يونس وعبدالله بن صالح وشعيب وعبدالله بن عبدالحكم - عن الليث بن سعد، عن يزيد بن عبدالله بن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر، وأعطى لواء الحمد ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر...» - لفظ أحمد -، فذكر حديثًا طويلاً في الشفاعة.
    إلا أن لفظ ابن خزيمة: «أنا سيد النبيين يوم القيامة ولا فخر».

    دراسة الإسناد:
    هذا الإسناد جيد.

    5- حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-:
    أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (2970- السفر الثاني) عن منصور بن أبي مزاحم، عن روح بن مسافر، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (931- بغية الباحث) - ومن طريقه الرافعي في التدوين في أخبار قزوين (3/407، 408) - عن عبدالعزيز بن أبان، عن أبي الأحوص سلام بن سليم، كلاهما - روح وأبو الأحوص - عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبدالله بن غالب، عن حذيفة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر»، ولم يذكر قوله: «ولا فخر» في رواية الحارث.

    وأخرجه الطبراني في الأوسط (1058) والحاكم (4/573) وأبو نعيم في الحلية (4/349) وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/313) من طريق موسى بن أعين، عن ليث بن أبي سليم، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا سيد الناس يوم القيامة، يدعوني ربي فأقول: لبيك وسعديك والخير بيدك والشر ليس إليك...».

    وأخرجه مسدد بن مسرهد في مسنده - كما في إتحاف الخيرة المهرة (6359/1) -، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (932- بغية الباحث) عن زكريا بن عدي، كلاهما - مسدد وزكريا - عن أبي الأحوص سلام بن سليم، وابن أبي شيبة (31676) عن يحيى بن آدم، وأحمد (5/388) عن وكيع، وأبي أحمد الزبيري، ثلاثتهم عن إسرائيل، وأحمد (5/388) من طريق شريك، ثلاثتهم - أبو الأحوص وإسرائيل وشريك - عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن غالب، عن حذيفة قال: (سيد ولد آدم يوم القيامة: محمد - صلى الله عليه وسلم -)، ولفظ أبي الأحوص: (سيد الناس...).

    دراسة الأسانيد:
    اختُلف في هذا الحديث عن أبي إسحاق
    :
    - فرواه أبو الأحوص، واختُلف عنه:
    · فرواه عبدالعزيز بن أبان عنه، عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن غالب، عن حذيفة، مرفوعًا،
    · ورواه مسدد وزكريا بن عدي عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن غالب، عن حذيفة، موقوفًا،

    - ورواه روح بن مسافر، عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن غالب، عن حذيفة، مرفوعًا،
    - ورواه شريك وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن غالب، عن حذيفة، موقوفًا،
    - ورواه ليث بن أبي سليم، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، مرفوعًا.

    والراجح عن أبي الأحوص: رواية الوقف، فإنه رواه مسدد وزكريا بن عدي، وهما حافظان ثبتان، وخالفها عبدالعزيز بن أبان، وهو متروك.

    وأما رواية روح بن مسافر المرفوعة، فروح متروك[27].

    وأما رواية ليث بن أبي سليم، فقال فيها أبو نعيم الأصبهاني - بعد أن أخرجها -: «غريب من حديث أبي إسحاق عن صلة، تفرد به موسى عن ليث»، وليث ضعيف، وقد خالف أصحاب أبي إسحاق فيه، فهذا الوجه منكر.

    ورواية أصحاب أبي إسحاق: إسرائيل وشريك وأبو الأحوص على الوقف، وهي الصواب.

    ـــــــــــــــ ـــــــــ
    [1] لم يصرح ابن القيم بأنه من كتاب الثواب، وصرح به ابن حجر في أجوبته على أسئلة بعض تلاميذه (ص71).
    [2] سقط ما بين المعقوفين من اللآلئ، واستدركته من ألفاظ أخرى مقاربة.
    [3] المعجم الأوسط (2/232).
    [4] انظر: لسان الميزان (2/26).
    [5] (8/141).
    [6] المجروحين (1/272).
    [7] انظر: ميزان الاعتدال (1/320).
    [8] انظر: لسان الميزان (3/336).
    [9] (1/371).
    [10] انظر: لسان الميزان (6/106).
    [11] انظر: ذيل ميزان الاعتدال للعراقي (ص334، 335)، لسان الميزان (4/17).
    [12] انظر: لسان الميزان (4/480).
    [13] جلاء الأفهام (ص114).
    [14] المجروحين (2/230).
    [15] تفسير القرآن العظيم (6/477).
    [16] انظر: لسان الميزان (3/97).
    [17] انظر: تعجيل المنفعة (2/305).
    [18] تاريخ بغداد (8/141).
    [19] ميزان الاعتدال (1/548)، ووقع في لسان الميزان (2/314): (ومع اضطرابه فأتى بمثل هذا).
    [20] تاريخ الإسلام (وفيات 261-280، ص338).
    [21] تاريخ دمشق (63/29-31).
    [22] جلاء الأفهام (ص114)، ونقله عنه السخاوي في القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص355).
    [23] انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (2/667)، الإكمال لابن ماكولا (2/516)، لسان الميزان (5/150).
    [24] الترغيب والترهيب (1/62)، جلاء الأفهام (ص114).
    [25] تفسيره (6/477).
    [26] ورد -غير ما سيأتي دراسته- في بعض طرق حديث أبي هريرة، ومن حديث أبي بكر الصديق، وجابر بن عبدالله، وعائشة بنت أبي بكر، وواثلة بن الأسقع، وعبادة بن الصامت، وعبدالله بن عمر، وبعضها بلفظ: «أنا سيد الناس...»، وأغلبها مناكير وأخطاء من بعض الرواة.
    [27] انظر: لسان الميزان (2/467).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    4- (1/43) ("أما بعد"... ويسحتب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات، اقتداءً به - صلى الله عليه وسلم- ، فإنه كان يأتي بها في خطبه وشبهها، حتى رواه الحافظ عبدالقاهر[1] الرهاوي في الأربعين التي له عن أربعين صحابيًّا، ذكره ابن قندس في حواشي المحرر).
    هذا مستفيض عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ، كما أشار المؤلف.

    ومن ذلك في الخطب:
    ما بوب عليه البخاري بقوله: (باب من قال في الخطبة بعد الثناء: "أما بعد")، ثم أسند حديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما- في الكسوف (922)، وفيه: (فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد تجلت الشمس، فخطب الناس، وحمد الله بما هو أهله، ثم قال: «أما بعد»)، وأخرجه مسلم (905). وقد أسند البخاري في ذلك الباب من أحاديث عدة من الصحابة في وقائع مختلفة ما يدل على ذلك.

    وأما في المكاتبات:
    فقد أخرج البخاري (7، 2941، 4553، 6260) ومسلم (1773) حديث أبي سفيان الطويل، وفيه نص كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل، قال: «بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى. أما بعد...».

    والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

    5- (1/44) ("أما بعد"... وقيل: إنها فصل الخطاب المشار إليه في الآية). صحيح عن زياد بن أبي سفيان.

    جاء من كلام أبي موسى الأشعري، وزياد بن أبي سفيان، والشعبي:
    1- أثر أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -:
    أخرجه ابن أبي عاصم في الأوائل (191)، وابن أبي حاتم في تفسيره (18339) عن عمر بن شبة، ومحمد بن خلف وكيع في أخبار القضاة (2/23) عن حمدون بن أحمد بن مسلم وعبدالله بن شبيب، وابن عساكر في تاريخ دمشق (17/101) من طريق الزبير بن بكار، والطبراني في الأوائل (40) - ومن طريقه الديلمي في الفردوس كما في زهر الفردوس لابن حجر (1/ق6)- عن جعفر بن سليمان النوفلي، ستتهم عن إبراهيم بن المنذر، عن عبدالعزيز بن أبي ثابت، عن عبدالرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن بلال بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى قال: (أول من قال: "أما بعد": داود - عليه السلام- ، وهو فصل الخطاب).

    إلا أن جعفر بن سليمان النوفلي رفع الحديث.

    دراسة الإسناد:
    الراجح وقف الحديث كما رواه الجماعة. وعبدالعزيز بن أبي ثابت هو ابن عمران بن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالرحمن عوف، متروك الحديث صاحب أنساب، فالأثر منكر جدًّا.

    2- أثر زياد بن أبي سفيان:
    أخرجه سعيد بن منصور في التفسير من سننه - ومن طريقه التاج السبكي في طبقات الشافعية (1/206)، ونسبه إليه ابن حجر في الفتح (2/404)- عن سفيان، وابن سعد في الطبقات (7/100) عن رجل، وابن أبي شيبة (22968) عن وكيع، و(25849) عن محمد بن بشر، وهشام بن عمار في حديثه (63) عن سعيد بن يحيى، خمستهم - سفيان وشيخ ابن سعد ووكيع ومحمد بن بشر وسعيد بن يحيى- عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن زياد - قال سعيد بن يحيى: ابن أبي سفيان- ، قال: (فصل الخطاب الذي أوتي داود - عليه السلام-: أما بعد)، هذا لفظ سفيان، ونحوه لمحمد بن بشر وسعيد بن يحيى، وبأخصر منه لوكيع وشيخ ابن سعد.

    دراسة الإسناد:
    الإسناد إلى الشعبي صحيح، وقد صرَّح زكريا بسماعه من الشعبي في رواية محمد بن بشر، ومحمد بن بشر ثقة ثبت.

    وزياد بن أبي سفيان مشهور، وهو ابن سمية، وابن عبيد، أبو المغيرة، له ترجمة مطولة في تاريخ دمشق (19/162- 209)، وذُكر أنه كان كاتب أبي موسى الأشعري. وقد جرحه ابن حبان، فقال - في المجروحين (1/305)-: «وكان زياد ظاهر أحواله معصية الله، وقد أجمع أهل العلم على ترك الاحتجاج بمن كان ظاهر أحواله غير طاعة الله، والأخبار المستفيضة في أسبابه تغني عن الانتزاع منها للقدح فيه».

    وقد جاء عن الشعبي قوله، وهو الآتي:
    3- أثر الشعبي:
    أخرجه الطبري في تفسيره (21/173) عن أبي كريب، عن جابر بن نوح، عن إسماعيل، عن الشعبي، في قوله: (وفصل الخطاب)، قال: (قول الرجل: أما بعد).

    دراسة الإسناد:
    فيه جابر بن نوح، وهو ضعيف، وقصَّر في الرواية؛ فلم يذكر زياد بن أبي سفيان، والصواب عن الشعبي ذكره، ولعله لعدم قوة هذه الروايات رجح المؤلف بعدُ أن المراد بفصل الخطاب: أنه الفصل بين الحق والباطل.
    6- (1/45) ("مختصر" أي: موجز، وهو ما قل لفظه وكثر معناه. قال علي - رضي الله عنه-: «خير الكلام ما قل ودل، ولم يطل فيُمَلّ»).لم أجده مسندًا عن علي - رضي الله عنه-.

    7- (1/51) (... لسبق القضاء بأنه «لا يأتي عليكم زمان إلا وما بعده شر منه حتى تلقوا ربكم»).


    أخرجه البخاري (7068) من طريق الزبير بن عدي، قال: أتينا أنس بن مالك، فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج، فقال: («اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم»، سمعته من نبيكم - صلى الله عليه وسلم- ). وانظر: المسند الجامع (1596).

    8- (1/65) (... لأنه - عليه الصلاة والسلام- توضأ بماء آجن). صحيح بلفظ المضمضة وغَسْل الدم.
    لم أجد وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم- بالماء الآجن، ووجدت: مضمضته منه وغسله الدم عن وجهه، وقد جاء من حديث الزبير بن العوام، ومن مرسل الزهري وعروة بن الزبير:
    1- حديث الزبير بن العوام - رضي الله عنه -:
    أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده - كما في المطالب العالية (4260) وإتحاف الخيرة المهرة (4563/3)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (177) وابن حبان (6979)- عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن عبدالله بن الزبير، عن أبيه[2] قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مصعدين في أحد...، قال: ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه- فأتى المهراس، وأتاه بماء في درقته، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يشرب منه، فوجد له ريحًا، فعافه، فغسل به الدم الذي في وجهه، وهو يقول: «اشتد غضب الله على من دمى وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ».

    وأخرجه البيهقي (1/269) من طريق أحمد بن عبدالجبار، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني من لا أتهم، عن عبيدالله بن كعب بن مالك، قال:... فذكر نحوه، وزاد: وصب على رأسه.

    دراسة الإسناد:
    اختُلف فيه على ابن إسحاق:
    - فرواه جرير بن حازم عنه عن يحيى بن عباد، عن جده عبدالله بن الزبير، عن الزبير به،
    - ورواه يونس بن بكير عنه عمن لا يتهم عن عبيدالله بن كعب بن مالك، والرواية الثانية من مغازي ابن إسحاق؛ فإن أحمد بن عبدالجبار أحد رواة المغازي عن يونس بن بكير.

    وجرير من الثقات الكبار، ولعله أخذ الرواية عن ابن إسحاق من غير كتاب المغازي له.

    قال البيهقي: (هكذا رواه يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق، ورواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن وهب بن جرير عن أبيه عن ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن عبدالله بن الزبير عن أبيه، وهو إسناد موصول)[3].

    فإسناد هذه الرواية صحيح، وابن إسحاق له اختصاص بالمغازي والسير، وتُصَحَّح رواياته فيها، وقد صرح هنا بالتحديث. وقد احتج بهذا الحديث الحافظ إسحاق بن راهويه[4]. ويأتي ما يشهد له من مراسيل.

    2- مرسل الزهري:
    أخرجه موسى بن عقبة في مغازيه - ومن طريقه البيهقي في دلائل النبوة (3/215)- عن الزهري، قال: وسعى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- إلى المهراس، وقال لفاطمة: (أمسكي هذا السيف غير ذميمة)، فأتى بماء في مجنة، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يشرب منه، فوجد له ريحًا، فقال: «هذا ماء آجن»، فمضمض منه، وغسلت فاطمة عن أبيها.

    دراسة الإسناد:
    صحيح عن الزهري، والزهري تابعي لم يشهد الحادثة، فحديثه مرسل.

    3- مرسل عروة بن الزبير:
    أخرجه البيهقي في السنن (1/269) ودلائل النبوة (3/282، 283) من طريق محمد بن عمرو بن خالد، عن أبيه، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، قال: وسعى علي بن أبي طالب إلى المهراس، فأتى بماء في مجنة، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يشرب منه، فوجد له ريحًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «هذا ماء آجن»، فتمضمض منه، وغسلت فاطمة عن أبيها الدم. اللفظ لعروة.

    دراسة الإسناد:
    لم أجد ترجمة لمحمد بن عمرو بن خالد، وعبدالله بن لهيعة ضعيف، وعروة بن الزبير تابعي أيضًا، فحديثه هذا مرسل.

    وهذه الأحاديث ليس فيها الوضوء بالماء الآجن، وإنما الغسل والمضمضة، وهذا دليل على طهارة هذا الماء. ويكفي في الوضوء ما حكاه المصنف من إجماع، قال: (وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ قوله من أهل العلم سوى ابن سيرين)، ونص ابن المنذر: (وأجمعوا على أن الوضوء بالماء الآجن من غير نجاسة حلت فيه جائز، وانفرد ابن سيرين فقال: لا يجوز)[5].

    ـــــــــــــــ ـــــ
    [1] قال الشيخ عبدالرحمن بن قاسم -رحمه الله- في حاشيته: (و"عبدالقاهر" بالهاء، وفي بعض النسخ بالدال بدل الهاء، وهو الصواب، كما في كشف الظنون وغيره).
    [2] جاء الإسناد في المطالب العالية وإتحاف الخيرة المهرة: يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عبدالله بن الزبير، عن الزبير بن العوام، ولعل ما اتفق عليه ابن المنذر وابن حبان أصح، وكذلك نقله البيهقي في سننه (1/269).
    [3] السنن (1/269).
    [4] الأوسط، لابن المنذر (1/260).
    [5] الإجماع (ص32، 33)، وانظر: الأوسط، له (1/259).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    9- (1/67، 68) ("أو سخن بالشمس أو بطاهر" مباح ولم يشتد حره "لم يكره"؛ لأن الصحابة دخلوا الحمام، ورخصوا فيه، ذكره في المبدع، ومن كره الحمام؛ فعِلَّةُ الكراهة: خوف مشاهدة العورة، أو قصد التنعم بدخوله، لا كون الماء مسخنًا).صحيح بِشِقَّيْه.



    جاء عن جمع من الصحابة من فعلهم وترخيصهم بأقوالهم -كما قسَّمه المؤلف-، ومن آثارهم في ذلك
    [1]:
    1- أثر أبي الدرداء -رضي الله عنه-:أخرجه مسدد في مسنده -كما في إتحاف الخيرة المهرة (510)- وابن أبي شيبة (1167)، والبغوي في الجعديات (2491) عن علي بن الجعد، وابن المنذر في الأوسط (654) من طريق سعيد بن منصور، أربعتهم عن هشيم، قال: أخبرنا داود بن عمرو، عن عطية بن قيس، والبيهقي (7/309) من طريق ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن حدير بن كريب، عن جبير بن نفير، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (840) من طريق الوليد بن مسلم، عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، ثلاثتهم -عطية وجبير ومكحول- عن أبي الدرداء، أنه كان يدخل الحمام، زاد الأولان: ويقول: (نِعْم البيت الحمام؛ يذهب الصنّة -يعني: الوسخ-، ويذكِّر النار)، زاد جبير: ويقول: (بئس البيت الحمام؛ لأنه يكشف عن أهله الحياء). ولفظ مكحول: (لما قدم أبو الدرداء وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشام؛ دخلوا الحمامات، واطلوا بالنورة).

    دراسة الأسانيد:
    صحت رواية عطية بن قيس عنه، لكن روايته عن أبي الدرداء مرسلة، قاله الذهبي[2]، ونسبه العلائي إلى التهذيب[3]، فتعقبه ابن العراقي بعدم وجود ذلك فيه[4]. وقد أدخل عطية بينه وبين أبي الدرداء واسطة[5]، وهذه قرينة على الانقطاع بينهما.

    لكنها تصح برواية جبير بن نفير، وإسنادها جيد إلى جبير، وجبير قد أدرك أبا الدرداء وسمع منه.

    وأما رواية مكحول، ففيها شيخ الخرائطي: أبو الحارث محمد بن مصعب الدمشقي، ترجمه ابن عساكر، ولم يذكر له راويًا إلا الخرائطي، وقال: (لم أجد للدمشقيين عنه رواية، وأظنه مات في الغربة)[6]، وليس في ترجمته أزيد من ذلك، ثم إن مكحولاً يرسل عن الصحابة، ولم يسمع إلا من آحاد منهم، وليس فيهم أبو الدرداء.

    وهذه الروايات يعضد بعضها بعضًا. وحكاية مكحول فعلَ الصحابة لما قدموا الشام لعله مما استفاض واشتهر عند أهل الشام، فحكاه هكذا مرسلاً، والله أعلم.

    2- أثر أبي هريرة -رضي الله عنه-:
    أ- من فعله:
    أخرجه ابن أبي شيبة (1168) عن إسماعيل بن علية، عن سعيد -هو ابن أبي عروبة-، عن أبي معشر -هو زياد بن كليب-، عن إبراهيم -هو النخعي-، عن أبي هريرة، أنه دخل الحمام.

    وأخرج البيهقي في الدعوات (431) من طريق ابن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، عن حفص، قال: كان أبو هريرة إذا دخل الحمام قال: (لا إله إلا الله).

    دراسة الإسنادين:
    الإسناد الأول صحيح إلى إبراهيم النخعي، إلا أنه لم يسمع فيما يظهر من أبي هريرة، فقد نفى الأئمة سماعه من عائشة، وذكروا أنه رآها وهو صغير[7]، ووفاة أبي هريرة مقاربة لوفاة عائشة، فيبعد جدًّا أن يكون سمع منه. وقد كان أبو هريرة صلى على عائشة لما توفيت في المدينة، ثم توفي بعدها بأشهر، وأما إبراهيم فكوفي، وهذا يُبعِد أيضًا أن يكون رأى أبا هريرة.

    لكن قد قال ابن معين: (مرسلات إبراهيم صحيحة إلا حديث تاجر البحرين وحديث الضحك في الصلاة)[8]، وقال أحمد: (مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها)[9]، وقال ابن عبدالبر: (مراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي عندهم صحاح)[10]، وهذا يقتضي التساهل فيما أرسله إبراهيم من المرفوعات، فكيف بالموقوفات، والله أعلم.

    وأما الإسناد الآخر؛ فلم أعرف حفصًا فيه، وقد قال البيهقي عقبه: (هذا منقطع وموقوف).

    ب- من قوله:
    أخرجه مسدد في مسنده -كما في المطالب العالية (173) وإتحاف الخيرة المهرة (504)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (651)- من طريق سفيان، وابن أبي شيبة (1170) عن جرير، كلاهما عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة قال: (نِعْم البيت الحمام؛ يذهب الدرن، ويذكِّر النار)، لفظ ابن أبي شيبة.

    دراسة الإسناد:
    وهذا إسناد صحيح، قال ابن حجر: (صحيح موقوف)[11].

    3- أثر ابن عباس -رضي الله عنه-:
    أ- من فعله:
    أخرجه الشافعي في الأم (3/529) عن الثقة؛ إما سفيان -وهو ابن عيينة- وإما غيره، والشافعي -ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (2980)- عن ابن أبي يحيى، وابن أبي شيبة (1169، 14791) عن إسماعيل بن علية، ثلاثتهم عن أيوب، ويزيد بن الهيثم بن طهمان في جزء كلام ابن معين في الرجال (404)، وابن المنذر في الأوسط (657) عن محمد بن إسماعيل، كلاهما عن عفان، عن أبي عوانة، عن هلال بن خباب، كلاهما -أيوب وهلال- عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه دخل حمام الجحفة وهو محرم، وقال: (إن الله لا يصنع بأوساخكم شيئًا)، هذا لفظ أيوب، وقال هلال بن خباب: عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه لم يدخل الحمام إلا وحده، ولم يكن يدخله إلا وعليه ثوب صفيق، ويقول: (إني لأستحي من الله أن يراني وأنا متجرد في الحمام).

    دراسة الإسنادين:
    كلا إسنادي الروايتين عن ابن عباس صحيح.

    ب- من قوله:
    أخرجه الدارقطني (2/232) -ومن طريقه البيهقي (5/63)- من طريق أبي معاوية الضرير، عن ابن جريج، والبيهقي (5/62) من طريق يوسف بن عبدالله بن ماهان، عن أبي حذيفة، عن سفيان -هو الثوري-، كلاهما -ابن جريج والثوري- عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: (المحرم يدخل الحمام، وينزع ضرسه، ويشم الريحان، وإذا انكسر ظفره طرحه)، زاد سفيان: ويقول: (أميطوا عنكم الأذى؛ فإن الله -عز وجل- لا يصنع بأذاكم شيئًا).

    دراسة الأسانيد:
    أبو معاوية إذا روى عن غير الأعمش خلَّط، ولم أعرف بعض رواة طريق سفيان، وربما كان الصواب: الرواية السابقة من فعل ابن عباس، وأما الرواية من قوله ففيها ضعف.

    4- أثر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -:
    أ- جاء عنه أنه كتب: ألاَّ يدخل رجل الحمام إلا بمئزر:
    أخرجه ابن أبي شيبة (1175) من طريق منصور -لعله ابن زاذان -، وعبدالرزاق (1120) عن معمر، كلاهما عن قتادة، أن عمر كتب: لا يدخل أحد الحمام إلا بمئزر، لفظ منصور، وقال معمر: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري: ألاّ تدخلن الحمام إلا بمئزر، ولا يغتسل اثنان من حوض.

    وعبدالرزاق (1121) عن ابن جريج أنه بلغه مثله -يعني: رواية معمر عن قتادة السالفة-، وزاد: ولا يذكر فيه اسم الله حتى يخرج منه.

    وابن أبي شيبة (1179) من طريق أسامة بن زيد، عن مكحول، قال: كتب عمر إلى أمراء الأجناد: ألاّ يدخل رجل الحمام إلا بمئزر، ولا امرأة إلا من سقم.

    والبغوي في الجعديات (2374) عن علي بن الجعد، عن شريك، عن عبدالله بن عيسى بن أبي ليلى، عن عمارة بن راشد، عن جبير بن نفير، قال: قرئ علينا كتاب عمر بالشام: لا يدخل الحمام إلا بمئزر ولا تدخله امرأة إلا من سقم...

    دراسة الأسانيد:
    قتادة وابن جريج ومكحول لم يدركوا عمر، وروايتهم عنه مرسلة.

    وأما الرواية الموصولة عن جبير بن نفير؛ ففيها شريك، مشهور الضعف، وعمارة بن راشد؛ في الرواة عمارة بن راشد بن كنانة، يروي عن أبي هريرة، وفرق البخاري بينه وبين الذي يروي عن جبير بن نفير[12]، وجعلهما ابن أبي حاتم[13] وابن عساكر[14] واحدًا، وقد قال فيه أبو حاتم: (مجهول)، وهو من أهل الشام معروف عندهم، ذكره أبو زرعة الدمشقي في الإخوة من أهل الشام، وقال ابن يونس: (قدم مصر، حدث عنه عبدالرحمن بن زياد بن أنعم، وقد حدث عنه أهل الشام)[15].

    وهذه المراسيل والرواية الضعيفة يعضد بعضها بعضًا، وينضم إليها بعض ما يلي.

    ب- وجاء عن عمر أنه نهى عن دخول الحمام إلا بمئزر:
    1 ً- طريق قبيصة بن ذؤيب عنه:
    أخرجه ابن المنذر في الأوسط (652) من طريق إبراهيم بن إسماعيل، عن الزهري، والبيهقي في شعب الإيمان (7387) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب وأبي مرحوم بن ميمون، عن عيسى بن سيلان، كلاهما -الزهري وعيسى- عن قبيصة بن ذؤيب، قال: نهى عمر أن ندخل الحمام إلا وعلينا الأزر، لفظ الزهري، وقال عيسى: عن قبيصة: سمعت عمر يقول: (لا يحل لرجل يدخل الحمام إلا بمئزر...).

    دراسة الأسانيد:
    إبراهيم بن إسماعيل الراوي عن الزهري هو ابن مجمع الأنصاري، وهو ضعيف، ويشتد ضعفه عن الزهري، فروايته منكرة.

    وأما الرواية الأخرى؛ فابن لهيعة ضعيف، وعيسى بن سيلان غير مشهور[16]، وتعتضد هذه الرواية بالروايات الأخرى عن عمر.

    2ً- طريق أبي أمامة عن عمر:
    أخرجه ابن أبي الدنيا في العيال (410) من طريق مطرح بن يزيد، وابن المنذر في الأوسط (655) والخرائطي في مساوئ الأخلاق (844) من طريق يحيى بن أيوب، كلاهما عن عبيدالله بن زحر، عن علي بن يزيد الألهاني، عن القاسم أبي عبدالرحمن، عن أبي أمامة، قال: قال عمر: (لا يحل لمؤمن أن يدخل الحمام إلا بمئزر، ولا لمؤمنة إلا من سقم)، وفيه حديث مرفوع من رواية عمر عن عائشة.

    دراسة الإسناد:
    رواية عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة نسخة كبيرة، قال ابن معين: (علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة هي ضعاف كلها)، وقال أبو حاتم: (ليست بالقوية، هي ضعاف). بل قال ابن حبان في عبيدالله بن زحر: (إذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبرٍ: عبيدُالله بن زحر وعليُّ بن يزيد والقاسم أبو عبدالرحمن= لا يكون متن ذلك الخبر إلا مما عملت أيديهم، فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة...)[17].

    فهذا الإسناد منكر جدًّا.

    نبيه: أخرج مسدد في مسنده -كما في المطالب العالية (175) وإتحاف الخيرة المهرة (506)- عن عبدالرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن عبدالرحمن بن أبي رواد، قال: سألت محمد بن سيرين عن دخول الحمام، فقال: كان عمر بن الخطاب يكرهه.

    ولم أعرف عبدالرحمن هذا، وابن سيرين لم يدرك عمر. ولعل عمر -إن صح هذا عنه- يكرهه لما ذكر المصنف من العري فيه، ولذا نهى عن دخوله إلا بمئزر، والله أعلم.

    وأما قول المصنف: (ومن كره الحمام؛ فعِلَّةُ الكراهة: خوف مشاهدة العورة، أو قصد التنعم بدخوله)، فقد ورد ذلك عن ابن عمر:
    فأما علة خوف مشاهدة العورة؛ فأخرجه عبدالرزاق (1125) - ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (656)- عن معمر، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر دخل الحمام مرة وعليه إزار، فلما دخل إذا هو بهم عراة، فحول وجهه نحو الجدار، ثم قال: (ائتني بثوبي يا نافع)، قال: فأتيته به، فالتف به، وغطى على وجهه، وناولني يده، فقُدتُه حتى خرج منه، ولم يدخله بعد ذلك.

    وأخرجه ابن سعد في الطبقات (4/154) من طريق حماد بن سلمة، والبخاري في التاريخ الكبير (3/246) من طريق جرير بن عبدالحميد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن دينار أبي كثير، أنه رأى ابن عمر دخل الحمام، فرأى عراة، فقال: (أخرجوني)، فأخرجوه، وإن يديه لعلى عينيه، لفظ البخاري.

    وأخرجه يزيد بن الهيثم بن طهمان في جزء كلام ابن معين في الرجال (403) من طريق أبي داود الطيالسي، عن محمد بن مروان القرشي، عن أبي المثنى، عن ابن عمر أنه دخل الحمام وعليه إزار، فأبصر عراة، فغمض عينيه، وقال: (أخرجوني)، فما عاد إلى الحمام بعد.

    وأخرج عبدالرزاق (1126)عن سفيان بن عيينة، عن شيخ من أهل الكوفة، قال: قيل لابن عمر: ما لك لا تدخل الحمام؟ فكره ذلك، فقيل له: إنك تستتر، فقال: (إني أكره أن أرى عورة غيري).

    دراسة الأسانيد:
    الإسناد الأول صحيح عن ابن عمر، والثاني فيه كثير أبو دينار، قال فيه أبو حاتم: (مجهول)[18]، ذكره ابن حبان في الثقات[19]، وروايته تعتضد بالرواية الأولى، ولم أعرف محمد بن مروان القرشي في الإسناد الثالث، والرابع فيه الرجل المبهم.

    ومجموع هذه الأسانيد يحدث لوجود هذه العلة عند ابن عمر أصلاً.

    وأما علة قصد التنعم؛ فأخرجه مسدد في مسنده -كما في المطالب العالية (507) وإتحاف الخيرة المهرة (507)-، وابن أبي شيبة (1165)، كلاهما عن هشيم، أخبرنا منصور بن زاذان، عن ابن سيرين، أن ابن عمر كان لا يدخل الحمام، ويقول: (هو مما أحدثوا من النعيم)، لفظ مسدد، وقال ابن أبي شيبة:... عن ابن عمر قال: (لا تدخل الحمام؛ فإنه مما أحدثوا من النعيم).

    دراسة الإسناد:
    هذا إسناد صحيح إن صح سماع ابن سيرين من ابن عمر، فقد أثبته الإمام أحمد، ونفاه ابن معين إلا في حديث واحد.

    فائدة: قال ابن كثير: (وقد حكى غير واحد الإجماع على جوازه بشرطه)[20]، يعني: دخول الحمام.

    ـــــــــــــــ ــــ
    [1] اختلفت الرواية عن ابن عمر في ذلك، وورد الترخيص عن جرير بن عبدالله البجلي والحسين بن علي.
    [2] تاريخ الإسلام (وفيات ، ص172).
    [3] جامع التحصيل (527).
    [4] تحفة التحصيل (ص231).
    [5] في حديث أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة (1/466)، وابن أبي داود في المصاحف (515) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (68/101)، وكذلك من طريق أخرى (7/337)-. وأدخل عطية واسطة بينه وبين أبي الدرداء في حديث آخر؛ أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص330).
    [6] تاريخ دمشق (55/409).
    [7] انظر: تهذيب التهذيب (1/155).
    [8] تاريخه برواية الدوري (958).
    [9] المعرفة والتاريخ (3/239).
    [10] التمهيد (1/30).
    [11] المطالب العالية (2/460).
    [12] التاريخ الكبير (6/499، 500).
    [13] الجرح والتعديل (6/365).
    [14] تاريخ دمشق (43/311).
    [15] السابق (43/313، 314).
    [16] انظر تحرير ابن حجر لحال ثلاثة ممن سمي آباؤهم: سيلان في تهذيب التهذيب (2/35، 36).
    [17] المجروحين (2/62، 63).
    [18] الجرح والتعديل (3/431).
    [19] (4/219).
    [20] الآداب والأحكام المتعلقة بدخول الحمام، له (ص33).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    10- (1/69-72) ("وإن بلغ" الماء "قلتين"... "فخالطته نجاسة" قليلة أو كثيرة... "فلم تغيره"؛ فطهور، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء»، وفي رواية: «لم يحمل الخبث»، رواه أحمد وغيره. قال الحاكم: على شرط الشيخين، وصححه الطحاوي[1].صحيح.

    جاء الحديث عن ابن عمر - وعنه اشتهر الحديث -، وأبي هريرة:
    1- تخريج حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-:

    وقد جاء عنه من طرق:
    الأولى: طريق ابنه عبدالله، أو عبيدالله -على خلاف في ذلك- عنه:
    أخرجه ابن أبي شيبة (1526، 36094) -ومن طريقه سمويه في فوائده (22) وابن حبان (1249) والدارقطني (1/14) والحاكم (1/132)-، وإسحاق بن راهويه في مسنده -ومن طريقه الدارقطني (1/14) والحاكم (1/132)-، وعبد بن حميد في مسنده (817-منتخبه)، والدارمي (732) والطحاوي في شرح المعاني (1/15) وبيان المشكل (2644) من طريق يحيى بن حسان، وأبو داود (63) -ومن طريقه ابن الأعرابي في معجمه (1409) والدارقطني (1/14)- عن محمد بن العلاء أبي كريب، والنسائي في الصغرى (46، 175) والكبرى (50) -ومن طريقه الطحاوي في بيان المشكل (2645) والدارقطني (1/14) والجورقاني في الأباطيل (321)- عن هناد بن السري والحسين بن حريث، وابن الجارود (45) عن عبدالله بن محمد بن شاكر ومحمد بن سليمان القيراطي، والطبري في تهذيب الآثار (1106-مسند ابن عباس) وابن خزيمة (92) عن موسى بن عبدالرحمن، وابن خزيمة (92) عن محمد بن عبدالله بن المبارك وحوثرة بن محمد، وابن الأعرابي في معجمه (1408) والحاكم (1/132) -وعنه ومن طرق أخرى البيهقي في السنن (1/260) والخلافيات (936)- من طريق الحسن بن علي بن عفان، والدارقطني (1/13، 14) من طريق يعقوب الدورقي وأبي عبيدة بن أبي السفر ومحمد بن عبادة وحاجب بن سليمان وهارون الحمال وأحمد بن جعفر الوكيعي، والدارقطني (1/18) -ومن طريقه البيهقي في السنن (1/260) والخلافيات (943)- والحاكم (1/133) -وعنه البيهقي في السنن (1/261) ومعرفة السنن (1861) والخلافيات (942)- من طريقين عن شعيب بن أيوب، والحاكم (1/132) -وعنه البيهقي (1/261)- من طريق عثمان بن أبي شيبة، والبيهقي في السنن (1/261) ومعرفة السنن (1854) والخلافيات (935) من طريق أحمد بن عبدالحميد الحارثي، وعلقه الدارقطني في العلل (12/434) عن أحمد بن سنان ومحمد بن حسان الأزرق ومحمد بن عثمان بن كرامة،
    كلهم -خمسة وعشرون راويًا- عن أبي أسامة حماد بن أسامة،

    وأخرجه الدارقطني (1/18) -ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (946)- من طريق عباد بن صهيب،

    وعلقه ابن الجارود (عقب 45) وابن منده -كما في الإمام لابن دقيق العيد (1/204)- والبيهقي في معرفة السنن (2/87) عن عيسى بن يونس[2]،
    ثلاثتهم -أبو أسامة وعباد بن صهيب وعيسى- عن الوليد بن كثير،

    وأخرجه ابن أبي شيبة (1525) -وعنه سمويه في فوائده (23)- عن أبي معاوية محمد بن خازم، وابن أبي شيبة (1525) عن عبدالرحيم بن سليمان، وأحمد (2/12، 38) والترمذي (67) والدارقطني (1/19) من طريق عبدة بن سليمان، وأحمد (2/26) والدارمي (731) وابن ماجه (517) والطبري في تهذيب الآثار (1115-مسند ابن عباس) والطحاوي في شرح المعاني (1/15) وبيان المشكل (2646) والحاكم (1/133) -وعنه البيهقي في الخلافيات (945)- والبيهقي في معرفة السنن (1870) من طريق يزيد بن هارون، وسمويه في فوائده (21) وأبو داود (64) والطحاوي (1/16) والبيهقي في السنن (1/261) والخلافيات (947) من طريق حماد بن سلمة، والأثرم في سننه (43) وأبو داود (64) والطبري في تهذيب الآثار (1111-مسند ابن عباس) من طريق يزيد بن زريع، وابن ماجه (عقب 517) والطبري في تهذيب الآثار (1109-مسند ابن عباس) من طريق عبدالله بن المبارك، وأبو يعلى (5590) عن أبي خيثمة زهير بن حرب، والطبري في تهذيب الآثار (1110-مسند ابن عباس) من طريق سلمة بن الفضل، وفيه (1110) والطوسي في مستخرجه على الترمذي (56) والدارقطني (1/19) والبيهقي في السنن (1/261) ومعرفة السنن (1869) والبغوي في شرح السنة (282) من طريق جرير بن عبدالحميد، والطحاوي (1/15) من طريق عباد بن عباد، والدارقطني (1/19، 21) من طريق المحاربي وسعيد بن زيد وسفيان الثوري وزائدة بن قدامة، والحاكم (1/133) -وعنه البيهقي في السنن (1/261) والخلافيات (944)- من طريق أحمد بن خالد الوهبي، وعلقه الدارقطني في السنن (1/20) والعلل (12/435) عن إبراهيم بن سعد وإسماعيل بن عياش، وفي السنن (1/20) عن عبدالله بن نمير، وفي العلل (12/435) عن إسماعيل بن علية ومحمد بن سلمة الحراني،
    كلهم -واحد وعشرون راويًا- عن محمد بن إسحاق،
    كلاهما -الوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق- عن محمد بن جعفر بن الزبير،

    وأخرجه الشافعي (2) -ومن طريقه الدارقطني (1/16) والحاكم (1/133) والبيهقي في معرفة السنن (1850) والخلافيات (940)- عن الثقة عنده،

    وأبو داود (63) -ومن طريقه ابن الأعرابي في معجمه (1409) والدارقطني (1/14)- عن عثمان بن أبي شيبة، وأبو داود (63) -وعنه ابن الأعرابي (1409)- عن الحسن بن علي[3]، وابن الجارود (44) وابن أبي حاتم في العلل (1/44) عن حجاج بن حمزة، وابن الجارود (44) والدارقطني (1/16) والحاكم (1/133) -وعنه البيهقي في الخلافيات (938)- من طريق محمد بن عثمان بن كرامة، وابن الجارود (44) عن محمد بن سعيد القطان، والطبري في تهذيب الآثار (1108-مسند ابن عباس) عن سفيان بن وكيع، وابن حبان (1253) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، والدارقطني (1/15) والحاكم (1/133) -وعنه البيهقي في الخلافيات (938)- والبيهقي في السنن (1/260) من طريق عبدالله بن الزبير الحميدي، والدارقطني (1/17) -ومن طريقه البيهقي في السنن (1/261) ومعرفة السنن (1855)- من طريق أحمد بن عبدالحميد الحارثي، والدارقطني (1/18) -ومن طريقه البيهقي في السنن (1/260) والخلافيات (943)- والحاكم (1/133) -وعنه البيهقي في السنن (1/261) ومعرفة السنن (1861) والخلافيات (942)- من طريقين عن شعيب بن أيوب، والدارقطني (1/15-18) من طريق أحمد بن زكريا ومحمد بن حسان الأزرق ويعيش بن الجهم وأبي مسعود أحمد بن الفرات وعلي بن شعيب والحسين بن علي بن الأسود وعلي بن محمد بن أبي الخصيب ومحمد بن الفضيل البلخي، وعلقه الدارقطني في العلل (12/434) عن علي بن مسلم،
    كلهم -تسعة عشر راويًا- عن أبي أسامة حماد بن أسامة،
    كلاهما -الرجل شيخ الشافعي وأبو أسامة- عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر،

    وأخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص264) -ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (948)-، وأبو عبيد في الطهور (166) وفي غريب الحديث (2/51، 52) عن زيد بن الحباب، وأحمد (2/23) وابن ماجه (518) والطبري في تهذيب الآثار (1112-مسند ابن عباس) من طريق وكيع بن الجراح، وأحمد (2/107)، وابن الجارود (46) عن محمد بن يحيى، وابن المنذر في الأوسط (189) عن محمد بن إسماعيل الصائغ، والدارقطني (1/23) من طريق الحسن بن محمد الزعفراني؛ أربعتهم عن عفان بن مسلم، وعبد بن حميد في مسنده (818-منتخبه)، وأبو الحسن القطان في زياداته على سنن ابن ماجه (عقب 518) عن أبي حاتم الرازي؛ كلاهما عن أبي الوليد الطيالسي، وأبو داود (65) -ومن طريقه البيهقي في السنن (1/262) ومعرفة السنن (1882) والخلافيات (949)- والطحاوي (1/16) والقطان في زياداته على ابن ماجه (عقب 518) والدارقطني (1/23) من طريق موسى بن إسماعيل أبي سلمة التبوذكي، والطبري في تهذيب الآثار (1113-مسند ابن عباس) عن مجاهد بن موسى، والدارقطني (1/22) من طريق الحسن بن محمد بن الصباح وأبي مسعود أحمد بن الفرات؛ ثلاثتهم عن يزيد بن هارون، والطحاوي (1/16) عن الربيع بن سليمان عن يحيى بن حسان[4]، والقطان في زياداته على ابن ماجه (عقب 518) والدارقطني (1/23) من طريق عبيدالله بن محمد بن عائشة القرشي، والدارقطني (1/22) والحاكم (1/134) -وعنه البيهقي في السنن (1/262) ومعرفة السنن (1876)- من طريق إبراهيم بن الحجاج وهدبة بن خالد، والدارقطني (1/22، 23) من طريق كامل بن طلحة ويعقوب بن إسحاق وبشر بن السري والعلاء بن عبدالجبار، وذكر البيهقي في معرفة السنن (2/88) أن الشافعي رواه عن الثقة،
    كلهم -ستة عشر راويًا- عن حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر بن الزبير،
    ثلاثتهم -محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر وعاصم بن المنذر- عن ابن عبدالله بن عمر بن الخطاب[5]، به.

    الطريق الثانية عن ابن عمر: طريق ابنه سالم عنه:
    أخرجه الطبري في تهذيب الآثار (1114-مسند ابن عباس) عن ابن وكيع، عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة، عن رجل،
    وابن حبان في الثقات (8/476، 477) والدارقطني (1/21) من طريق عبدالوهاب بن عطاء، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري،
    كلاهما -الرجل والزهري- عن سالم، به.

    الطريق الثالثة عن ابن عمر: طريق مولاه نافع عنه:
    أخرجه ابن عدي في الكامل (6/359) من طريق المغيرة بن سقلاب، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان الماء قلتين من قلال هجر لم ينجسه شيء».

    الطريق الرابعة عن ابن عمر: طريق مجاهد عنه:
    أخرجه الدارقطني (1/23) من طريق عبدالله بن الحسين بن جابر، عن محمد بن كثير المصيصي، والدارقطني (1/24) من طريق معاوية بن عمرو، كلاهما عن زائدة،
    وابن المنذر في الأوسط (178) من طريق عبدالسلام بن حرب،
    كلاهما عن ليث، عن مجاهد، به،

    إلا أن رواية معاوية بن عمرو عن زائدة، ورواية عبدالسلام بن حرب= موقوفتان.

    الطريق الخامسة عن ابن عمر: من طريق رجلٍ عنه موقوفًا:
    أخرجه ابن أبي شيبة (1529) والطبري في تهذيب الآثار (1104-مسند ابن عباس) عن يعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن إسماعيل بن علية، عن عاصم بن المنذر، عن رجل، به.

    دراسة الأسانيد:
    أ- دراسة الخلاف على أبي أسامة حماد بن أسامة:
    بان في التخريج أنه قد روى الحديث أبو أسامة، واختُلف عنه على أوجه:
    الوجه الأول: رواه جماعة كثر عنه، عن الوليد بن كثير، محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه،

    الوجه الثاني عن أبي أسامة: رواه جماعة آخرون عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه،

    الوجه الثالث: رواه غير واحد عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه.

    وفيما يلي تحرير ذلك:
    - صح الحديث عن إسحاق بن راهويه، وعبد بن حميد، ويحيى بن حسان[6]، وأبي كريب محمد بن العلاء، وهناد بن السري، والحسين بن حريث، وعبدالله بن محمد بن شاكر، ومحمد بن سليمان القيراطي، وموسى بن عبدالرحمن، ومحمد بن عبدالله بن المبارك المخرمي، وحوثرة بن محمد[7]، والحسن بن علي بن عفان، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبي عبيدة بن أبي السفر، ومحمد بن عبادة، وحاجب بن سليمان، وهارون بن عبدالله الحمال، وأحمد بن جعفر الوكيعي، كلهم عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، به،

    وهؤلاء الجماعة بين الثقة والصدوق والمتكلم فيه يسيرًا، وفيهم أناس من الثقات الحفاظ المتقنين، كابن راهويه، وعبد بن حميد، وأبي كريب، ويعقوب الدورقي.

    وقد علقه الدارقطني في علله عن أحمد بن سنان، ولم أجده مسندًا عنه، وإن صحت روايته؛ فهو ثقة حافظ.

    وعلقه الدارقطني كذلك عن محمد بن حسان الأزرق، ومحمد بن عثمان بن كرامة، ولم أجده مسندًا عنهما من هذا الوجه، وإنما أسند الدارقطني في سننه روايتهما الوجه الثاني عن أبي أسامة، ولعله المعتمد عنهما.

    - وصح الحديث عن الحسن بن علي الخلال، وحجاج بن حمزة، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وسفيان بن وكيع، والحميدي، وأحمد بن زكريا بن سفيان، ومحمد بن حسان الأزرق، ويعيش بن الجهم، وأبي مسعود أحمد بن الفرات، وعلي بن شعيب، كلهم عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير ، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه به،

    وغالب هؤلاء ثقات، وأحفظهم الحسن بن علي، والحميدي، وأبو مسعود.

    وسفيان بن وكيع ضعيف، ولأحمد بن زكريا بن سفيان ترجمة في تاريخ واسط[8]، ولم أجد فيه جرحًا ولا تعديلاً، وفي يعيش بن الجهم كلام[9].
    ورواه الدارقطني من طريق محمد بن الفضيل البلخي، عن أبي أسامة به، وهذا قد وثقه ابن حبان، وقال: (كان شيخًا متعبدًا متقنًا)[10]، ولم أجد في الراوي عنه (علي بن أحمد الفارسي) جرحًا ولا تعديلاً[11].

    وذكر الدارقطني أنه رآه في كتابٍ عن أبي جعفر الترمذي، عن الحسين بن علي بن الأسود، عن أبي أسامة كذلك، فإن صح هذا؛ فالحسين ضعيف،

    وذكر الدارقطني كذلك أنه ذكره جعفر بن المغلس، عن علي بن محمد بن أبي الخصيب، عن أبي أسامة مثله، فإن صح؛ فابن أبي الخصيب صدوق له أخطاء،
    وعلقه الدارقطني عن علي بن مسلم، عن أبي أسامة، فإن صح؛ فهو صدوق، ووثقه الدارقطني.

    وقد رواه الشافعي، قال: أنبأنا الثقة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر... به.

    قال الحاكم: (... رواه الشافعي في المبسوط عن الثقة، وهو أبو أسامة بلا شك فيه)[12]، وقال البيهقي: (هذا الثقة هو أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي، فإن الحديث مشهور به)[13].

    وقد قال البيهقي: (وقد رأيت في بعض الكتب ما دل على أن الشافعي أخذه عن بعض أصحابه عن أبي أسامة)[14]،

    وذكر ابن منده أن أبا ثور رواه عن الشافعي، عن عبدالله بن الحارث المخزومي، عن الوليد بن كثير، به،

    وأن موسى بن أبي الجارود رواه عن الشافعي، عن أبي أسامة وغيره، عن الوليد بن كثير[15].

    قال ابن دقيق العيد: (فدل روايته على أن الشافعي سمع هذا الحديث من عبدالله بن الحارث -وهو من الحجازيين-، ومن أبي أسامة -وهو كوفي-، جميعًا عن الوليد بن كثير)[16]، ويدل على كون شيخ الشافعي المبهم هو أبا أسامة: أنه قال في اسم ابن ابن عمر: عبدالله، وهذا هو قول أبي أسامة في اسم الرجل.

    - وروى الحديث:
    * أبو بكر بن أبي شيبة في موضعين من مصنفه[17] عن أبي أسامة، ووقع في المطبوع من الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان روايته في موضع عن الحسن بن سفيان، وعند الدارقطني من طريق موسى بن إسحاق الواسطي، وعند الحاكم من طريق إسماعيل بن قتيبة، كلهم عن ابن أبي شيبة، به، على الوجه الأول،
    ورواه ابن حبان في موضع آخر عن الحسن بن سفيان نفسه، عن ابن أبي شيبة، عن أبي أسامة، على الوجه الثاني،
    وقد نقل ابن حجر الإسنادين من صحيح ابن حبان، فجعلهما كليهما على الوجه الثاني[18]،
    والحسن بن سفيان هو النسوي الحافظ الإمام الثبت، وقد سمع تصانيف ابن أبي شيبة منه[19]،
    فلعل الروايتين صحيحتان عن ابن أبي شيبة، وعلى هذا مشى العلائي في جزئه في هذا الحديث[20].

    * وروى الحديث أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة، عن أبي أسامة، على الوجه الثاني،
    ورواه الحاكم عن عبدالله بن موسى[21]، عن إسماعيل بن قتيبة[22]، عن عثمان، عن أبي أسامة، على الوجه الأول، وهذا الإسناد إلى عثمان صحيح،
    وقد قرن أبو داود رواية عثمان برواية أبي كريب والحسن بن علي، وميّز رواية أبي كريب عن روايتهما،
    وقرن إسماعيل بن قتيبة رواية عثمان برواية أخيه أبي بكر،
    ولإسماعيل اختصاص بأبي بكر بن أبي شيبة -كما في ترجمته-، وقرأ عليه المصنفات كلها.

    فمحتملٌ أنه حمل رواية عثمان على رواية أخيه، ولم يميز بينهما؛ فجعلهما عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر بن الزبير، وميز أبو داود رواية عثمان، فبيّن أنها عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر.

    وقد اعتمد الدارقطني رواية أبي داود عن عثمان، وأسندها من طريقه في السنن، وعلقها عن عثمان في العلل في سياق الاختلاف على أبي أسامة.

    * كما روى الحديث الدارقطني عن أحمد بن محمد بن سعدان الصيدلاني، عن شعيب بن أيوب، عن أبي أسامة، عن الوليد، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه،
    ثم رواه بعقبه عن ابن سعدان نفسه، عن شعيب بن أيوب نفسه، عن أبي أسامة، عن الوليد، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله، عن أبيه،
    ورواه الحاكم عن أبي علي محمد بن علي الإسفراييني، عن علي بن عبدالله بن مبشر، عن شعيب بن أيوب، عن أبي أسامة، عن الوليد، عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر -قرنهما-، عن عبدالله، عن أبيه،
    والرواية عن شعيب بن أيوب على هذا الوجه ثابتة.

    * وروى الحديث الدارقطني عن أحمد بن محمد بن سعيد (وهو ابن عقدة الحافظ)، عن أحمد بن عبدالحميد الحارثي، عن أبي أسامة، عن الوليد، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله، أبيه،
    ورواه البيهقي عن الحاكم وأبي سعيد بن عمرو، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن أحمد بن عبدالحميد نفسه، عن أبي أسامة، عن الوليد، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبدالله، عن أبيه،
    وهاتان الروايتان صحيحتان عن أحمد بن عبدالحميد الحارثي.

    * ما يؤيد كل وجه، ومن رجحه:
    مؤيدات الوجه الأول (رواية محمد بن جعفر بن الزبير):
    1- اجتماع عشرين راويًا على روايته عن أبي أسامة،
    2- رواية أكثر من خمسة من الأثبات الحفاظ المتقنين لهذا الوجه، فيهم ابن راهويه وعبد بن حميد وغيرهما،
    3- متابعة عيسى بن يونس[23] وعباد بن صهيب لأبي أسامة عليه عن الوليد بن كثير،
    4- متابعة محمد بن إسحاق للوليد بن كثير عليه عن محمد بن جعفر بن الزبير،
    وقد رجح هذا الوجه: أبو حاتم الرازي، قال: (والحديث لمحمد بن جعفر بن الزبير أشبه)[24]،
    وابن منده، قال: (واختلف على أبي أسامة، فروي عنه عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر، وقال مرة: عن محمد بن جعفر بن الزبير، وهو الصواب؛ لأن عيسى بن يونس رواه عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل...، فذكره)[25].
    وقد أخرج ابن خزيمة وابن حبان هذا الوجه في صحيحيهما، ولعل ذلك إشارة منهما إلى ترجيحه على الوجه الآخر.

    ما يؤيد الوجه الثاني (رواية محمد بن عباد بن جعفر):
    1- اجتماع نحو عشرة من الرواة عليه، ويعكر عليه: أنه تُكُلم في غير واحد منهم،
    2- كون غير واحد من الحفاظ يروونه عن أبي أسامة، فيهم الحميدي والشافعي،
    3- متابعة عبدالله بن الحارث المخزومي لأبي أسامة عليه عن الوليد بن كثير، والمخزومي ثقة.
    وقد رجح هذا الوجه: أبو داود السجستاني، قال -عقب إخراجه الرواية عن أبي كريب وعثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي الخلال-: (وهذا لفظ ابن العلاء، وقال عثمان والحسن بن علي: عن محمد بن عباد بن جعفر، وهو الصواب).

    ما يؤيد الوجه الثالث (رواية محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر جميعًا):
    1- رواية أربعة من الرواة هذين الوجهين جميعًا عن أبي أسامة، وهم أبو بكر بن أبي شيبة وأخوه عثمان -وهما حافظان معروفان-، وشعيب بن أيوب -وهو ثقة، وله أخطاء-، وأحمد بن عبدالحميد الحارثي -وهو ثقة[26]
    2- رواية حافظين -هما ابنا أبي شيبة- له عن أبي أسامة،
    3- أن أبا أسامة ثقة ثبت حافظ، فلا يبعد أن يضبط الوجهين معًا، ويرويهما عن الوليد عن الرجلين، وأن الوليد بن كثير ثقة أيضًا، فيحتمل منه الرواية عن الشيخين،
    4- أن أبا أسامة توبع على الوجهين جميعًا، فرواه عباد بن صهيب وعيسى بن يونس عن الوليد عن محمد بن جعفر بن الزبير، ورواه عبدالله بن الحارث المخزومي عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر،
    وقد رجح هذا الوجه: الدارقطني، قال: (فلما اختُلف على أبي أسامة في إسناده، أحببنا أن نعلم من أتى بالصواب، فنظرنا فى ذلك، فوجدنا شعيب بن أيوب قد رواه عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير على الوجهين جميعًا عن محمد بن جعفر بن الزبير، ثم أتبعه عن محمد بن عباد بن جعفر، فصحَّ القولان جميعًا عن أبي أسامة، وصح أن الوليد بن كثير رواه عن محمد بن جعفر بن الزبير وعن محمد بن عباد بن جعفر جميعًا عن عبدالله بن عبدالله بن عمر عن أبيه، فكان أبو أسامة مرة يحدث به عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومرة يحدث به عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر)[27]، وقال -لما ذكر رواية شعيب بن أيوب-: (فصح القولان عن أبي أسامة بهذه الرواية)[28]،

    والحاكم، قال: (هذا خلاف لا يوهن هذا الحديث... وإنما قرنه -يعني: محمد بن عباد بن جعفر- أبو أسامة إلى محمد بن جعفر، ثم حدث به مرة عن هذا ومرة عن ذاك)، ثم أسند رواية شعيب بن أيوب، ثم قال: (قد صح وثبت بهذه الرواية صحة الحديث، وظهر أن أبا أسامة ساق الحديث عن الوليد بن كثير عنهما جميعًا، فإن شعيب بن أيوب الصريفيني ثقة مأمون، وكذلك الطريق إليه)[29]،

    والبيهقي، قال -بعد أن ذكر رواية عثمان بن أبي شيبة وأحمد بن عبدالحميد الحارثي-: (وفي كل ذلك دلالة على صحة الروايتين جميعًا)[30]، وقال: (والحديث محفوظ عن الوليد بن كثير عنهما جميعًا)[31].

    وعبدالحق الإشبيلي، قال: (هذا صحيح، لأنه قد صح أن الوليد بن كثير روى هذا الحديث عن محمد بن جعفر بن الزبير وعن محمد بن عباد بن جعفر، كلاهما عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، ذكر ذلك أبو الحسن الدارقطني)[32].

    وقد كان ابن الجارود أخرج -في منتقاه- الوجهين جميعًا عن أبي أسامة، ولعل ذلك إشارة منه إلى صحتهما معًا، فإنه ينتقي الأحاديث في كتابه.

    والحق أن أولى وجهين بالترجيح: الأول والأخير، وأن تصحيح الوجه الثاني دون غيره فيه بعض النظر.

    وقد كان من منهج الأئمة احتمال رواية الوجهين من الراوي إذا كان حافظًا ثبتًا، خاصة إذا صحت رواية تجمع الوجهين عنه[33].

    وبه يتبين أن الصواب في رواية أبي أسامة: أنه يرويه عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، به.

    وأكثر الرواة عن أبي أسامة يروونه عنه بلفظ: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)، ورواه بعضهم عنه بلفظ: (لم ينجسه شيء)، وفي رواية الطبري عن موسى بن عبدالرحمن: قال موسى: (لم ينجسه شيء)، قال الطبري: حدثني به موسى مرة أخرى بإسناده، فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)، ولعل هذا يشير إلى أن الرواة يروون الحديث بالمعنى، فالأكثر يرويه بلفظ: (لم يحمل الخبث)، وهو الأصوب روايةً، ورواه جماعة بلفظ: (لم ينجسه شيء)، وهي رواية بالمعنى.

    * النظر في المدار:
    والحديث دار على أبي أسامة عن الوليد بن كثير، وسبق بيان ثقتهما، والوليد يرويه عن:
    1- محمد بن جعفر بن الزبير:
    وهو ثقة، قال ابن سعد: (كان عالمًا، وله أحاديث)، وقال النسائي: (ثقة)، وقال أبو زرعة: (صدوق)، وقال أبو حاتم: (ثقة)[34]. وهذا يبين النظر في قول ابن عبدالبر: (شيخ ليس بحجة فيما انفرد به)، ونقل نحوه عن إسماعيل بن إسحاق القاضي[35]، وتوثيق من وثقه أقوى.

    2- ومحمد بن جعفر بن عباد:
    وهو ثقة أيضًا، قال ابن سعد: (ثقة قليل الحديث)، وقال ابن معين: (ثقة مشهور)، وقال أبو زرعة: (ثقة)، وقال أبو حاتم: (لا بأس بحديثه)، وقال مرة أخرى: (ثقة)[36].
    يتلوه -إن شاء الله-: دراسة رواية محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير.

    ـــــــــــــــ ــ
    [1] لم أقف على تصحيح الطحاوي بعد بحثٍ في مظانّه في شرح معاني الآثار، وبيان مشكل الآثار.
    [2] روى الحديث عن عيسى: ابن راهويه، وجاء أن روايته عنه مرسلة، قال البيهقي -في معرفة السنن (2/87)-: (واستدل - أي: ابن راهويه - بما رواه عن عيسى بن يونس، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -...، فذكره، إلا أن عيسى بن يونس أرسله)، وهكذا علق الدارقطني -في العلل (12/435)- رواية عيسى مرسلة، لكن قال البيهقي -عقب كلامه السابق-: (ورأيته في كتاب إسماعيل بن سعيد الكسائي، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس موصولاً)، وإسماعيل من الحفاظ -كما في ترجمته في ثقات ابن حبان (8/97، 98) وتاريخ جرجان (ص100-102)- وقال ابن دقيق العيد: (وذكر ابن منده رواية عيسى بن يونس موصولة)، ويتأيد كونها موصولةً بتعليق ابن الجارود لها كذلك.
    [3] هذا هو الخلال الحلواني شيخ أبي داود، وقد جعل محقق الخلافيات (1/150) الحسن هذا: ابن علي بن عفان، الذي سبقت روايته في الوجه الأول، حيث أخرجها ابن الأعرابي والحاكم والبيهقي من طريقه، فصار ابن عفان يرويه عن أبي أسامة على الوجهين جميعًا. وهذا وهم، والحسن بن علي بن عفان متأخر، توفي قبل أبي داود بخمس سنوات، ولم يذكر المزي في ترجمته رواية أبي داود عنه، وإنما ذكر في الرواة عنه: ابن ماجه وحده من أصحاب السنن، وقد نبه المزي ثم ابن حجر على مثل هذا الوهم. انظر: تهذيب الكمال (6/258)، تهذيب التهذيب (2/261).
    [4] نص الطحاوي على أنه "لم يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-, وأوقفه على ابن عمر".
    [5] سماه أبو أسامة في روايته عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر: عبدالله بن عبدالله بن عمر، وخالفه عباد بن صهيب وعيسى بن يونس في روايتيهما عن الوليد عن محمد بن جعفر بن الزبير؛ فسمياه: عبيدالله بن عبدالله، وكذلك سماه محمد بن إسحاق في روايته عن محمد بن جعفر بن الزبير، وسماه عاصم بن المنذر: عبيدالله بن عبدالله أيضًا.
    [6] رواه عنه الدارمي وبحر بن نصر (شيخ الطحاوي)، وقد جاء في المطبوع من سنن الدارمي تسميه ابن ابن عمر: عبيدالله، وهو خطأ، جاء على الصواب في إتحاف المهرة (8/540). وجاء في المطبوع من شرح معاني الآثار للطحاوي، وفي نقل ابن حجر عنه في إتحاف المهرة (8/570)= تسميته: عبيدالله، وهو خطأ -فيما يظهر-، وجاء على الصواب في رواية الطحاوي بالإسناد نفسه في بيان مشكل الآثار.
    [7] جاء عند ابن خزيمة في رواية المخرومي وحوثرة في اسم ابن ابن عمر: عبيدالله بن عبدالله.
    [8] (ص223).
    [9] انظر: لسان الميزان (6/313).
    [10] الثقات (9/123).
    [11] انظر: رجال الدارقطني، للوادعي (ص298).
    [12] المستدرك (1/133).
    [13] معرفة السنن (2/84).
    [14] معرفة السنن (1/85)، وهكذا وقع فيه، ولعل الصواب -والله أعلم-: عن بعض أصحابه وعن أبي أسامة، ويؤيده ما يأتي.
    [15] نقله ابن دقيق العيد -في الإمام (1/201)-.
    [16] الإمام (1/201).
    [17] وهو من رواية بقي بن مخلد عنه.
    [18] إتحاف المهرة (8/541).
    [19] انظر: سير أعلام النبلاء (14/157 وما بعدها).
    [20] (ص33).
    [21] وهو عبدالله بن محمد بن موسى، انظر: رجال الحاكم، للوادعي (1/60)، وقد تكرر في الكتاب نفسه باسم: عبدالله بن موسى الصيدلاني، وتُرجم بترجمة مغايرة، وذلك وهم.
    [22] ترجمته في سير أعلام النبلاء (13/344).
    [23] رواية عيسى بن يونس جاءت في بعض الروايات عن ابن راهويه عنه مرسلة، وقيل: عنه عن عيسى موصولة -وسبق وصف ذلك-، ولو كان أرسلها، فهو تقصير منه، والأولى رواية أبي أسامة الموصولة.
    [24] العلل (1/44).
    [25] نقله ابن دقيق العيد -في الإمام (1/202)-.
    [26] وثقه الدارقطني -كما في سؤالات الحاكم (ص85)-، وذكره ابن حبان في الثقات (8/51)، وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (12/508، 509).
    [27] السنن (1/17).
    [28] العلل (12/435).
    [29] المستدرك (1/133).
    [30] السنن (1/261).
    [31] الخلافيات (3/156)، معرفة السنن (2/86).
    [32] الأحكام الوسطى (1/154، 155).
    [33] انظر: قواعد العلل وقرائن الترجيح، للزرقي (ص91، 92، 105، 106).
    [34] العلل (1/44).
    [35] التمهيد (24/18، 19).
    [36] العلل (1/44).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  7. #7

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    قال الطحاوي في مشكل الآثار ج6 ص 133 :

    2212 - وحدثنا الحسين بن نصر قال : سمعت يزيد بن هارون قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الحياض التي بالبادية تصيب منها السباع فقال : « إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجسا » قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث مثل ما في الحديث الذي بدأنا بروايتنا إياه في هذا الباب ، فقال قائل :
    كيف تقبلون هذا الحديث في أسآر السباع والدواب وأنتم تروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ما يخالف ما قد رويتموه في هذا الباب فيها...... اهــ

    هذا اللفظ تصحيح منه للحديث و الله أعلم


    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    توطئة:
    مضى في الحلقة السابقة بيان الخلاف في رواية أبي أسامة حماد بن أسامة لحديث القلتين، وانتهى الأمر إلى ترجيح روايته عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر معًا، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه -رضي الله عنه-، به.

    وأواصل في هذه الحلقة تحرير أسانيد هذا الحديث، بدءًا برواية محمد بن إسحاق المتابعة لرواية الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير:
    ب- دراسة رواية محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير:
    وقد رواه عنه نحو عشرين راويًا، وجاء ضمنهم:
    سفيان الثوري، ولم تصح روايته، إذ راويها عنه: الواقدي، وهو متروك الحديث، مشهور بذلك.
    وإبراهيم بن سعد وإسماعيل بن عياش وعبدالله بن نمير وإسماعيل بن علية ومحمد بن سلمة، وروايات هؤلاء علقها الدارقطني، ولم يبرز أسانيدها.

    وخالف الجماعة عن ابن إسحاق اثنان:
    1- عبدالوهاب بن عطاء، رواه عن ابن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه، قال ابن حبان: (وهذا خطأ فاحش، إنما هو محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر عن أبيه)[1]، ثم أسند عن عثمان بن خرزاذ الحافظ قوله: (لم يحدث عبد الوهاب هكذا إلا بالرقة)، وقال الدارقطني: (وقيل عن عبد الوهاب بن عطاء عن ابن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه، قاله علي بن سلمة اللبقي عن عبد الوهاب، وهو وهم أيضًا)[2].

    وجاءت متابعة لهذه الرواية، حيث رواه سفيان بن وكيع، عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة، عن رجل، عن سالم، به، وسفيان بن وكيع ضعيف، وخالفه أبو عبيد القاسم بن سلام؛ فرواه عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه. وهذه الرواية هي الصواب، ورواية سفيان بن وكيع منكرة.

    وقد رواه حماد بن سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر عن أبيه، وعنه على هذا الوجه: موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، وعبيدالله بن محمد بن عائشة[3].

    كما رواه جماعة كثيرون - فيهم أبو سلمة وابن عائشة- عن حماد، عن عاصم بن المنذر، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، وهو الوجه الآتي - إن شاء الله -.

    وهذان الوجهان محفوظان عن حماد، بدلالة رواية هذين الراويين لهما عنه، وحماد ثقة حافظ.

    2- المغيرة بن سقلاب، خالف الجماعة؛ فرواه عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، والمغيرة متكلم فيه[4]، وروايته هذه خطأ، وقد سلك فيها الجادة فوهم، قال ابن عدي: (والمغيرة ترك طريق هذا الحديث، وقال: عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، وكان هذا أسهل عليه، ومحمد بن إسحاق يرويه عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر)[5]، يعني ابنُ عدي: أنه في رواية ابن إسحاق من رواية عبيدالله عن أبيه لا من رواية نافع عنه، وقال الدارقطني: (وروي عن مغيرة بن سقلاب عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، وهو وهم، والصواب: عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه)[6]. وقد زاد المغيرة في تخليطه، فزاد لفظة: «من قلال هجر» في الحديث، قال ابن عدي: (وقوله في متن هذا: «من قلال هجر» غيرُ محفوظ، ولم يُذكر إلا في هذا الحديث من رواية مغيرة هذا عن محمد بن إسحاق)[7]، وضعف ورود هذه اللفظة الدارقطني[8].

    وابن إسحاق صدوق مدلس، وهو في غير أحاديث الأحكام أقوى منه فيها. وجاء تصريحه بالسماع من محمد بن جعفر في رواية حميد بن مسعدة عن يزيد بن زريع، ورواية سعيد بن زيد، كلاهما عن ابن إسحاق، وحميد بن مسعدة ثقة، ولم يذكر السماع الراويان الآخران عن يزيد بن زريع (أبو كامل الجحدري ومحمد بن المنهال)، وهما ثقتان حافظان، وسعيد بن زيد هو أخو حماد بن زيد الحافظ، وفيه ضعف.

    وقد كرر الدارقطني تعليق الحديث عن إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق في سننه وعلله، وفعل ذلك البيهقي، ورواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق إنما هي كتاب، وهو معروف بتمييز ما سمعه ابن إسحاق مما لم يسمعه، قال الإمام أحمد: (كان ابن إسحاق يدلس، إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد يبين: إذا كان سماعًا؛ قال: حدثني، وإذا لم يكن؛ قال: قال)[9]، ولابن إسحاق روايات في هذا الكتاب مصرح فيها بالتحديث عن محمد بن جعفر خاصة[10]، وابن إسحاق متابع على هذا الوجه، حيث تابعه الوليد بن كثير -كما سبق-، ولعل في ذلك ما يزيح الشك في سماع ابن إسحاق هذا الحديث من محمد بن جعفر، والله أعلم.

    ولم يقع خلاف على محمد بن إسحاق في تعيين ابن ابن عمر بعبيدالله[11].

    ج- دراسة رواية عاصم بن المنذر بن الزبير عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر:
    وصحت الرواية عن أربعة عشر راويًا، عن حماد بن سلمة، عن عاصم، به مرفوعًا.

    ورواه الشافعي عن الثقة من أصحابه، عن حماد، به، قال البيهقي: (وكذلك رواه وكيع بن الجراح عن حماد، ويشبه أن يكون الشافعي عنه أخذه، أو عن بعض أصحابه عنه)[12].

    وقد رواه يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة، فقصر به، فلم يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورواية الرافعين أولى.

    وقد ذكر فيها عاصم -في رواية غير واحد من الثقات عن حماد عنه- قصة، قال: كنا في بستان لنا أو لعبيدالله بن عبدالله بن عمر، فحضرت الصلاة، فقام عبيدالله إلى مقرى[13] البستان وفيه جلد بعير ميت، فأخذ يتوضأ منه، فقلنا: أتتوضأ منه وفيه هذا الجلد؟ فقال: حدثني أبي، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:... فذكره.

    تحرير إسناد الرواية:
    وقع في هذه الرواية اختلاف في الإسناد، حيث رواه حماد بن سلمة كما وصف.

    ورواه حماد بن زيد:
    فقال أبو داود -عقب رواية حماد بن سلمة-: (حماد بن زيد وقفه عن عاصم).
    وقال الدارقطني -بعد ذكره لرواية حماد بن سلمة في السنن-: (وخالفه حماد بن زيد؛ فرواه عن عاصم بن المنذر، عن أبي بكر بن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، موقوفًا غير مرفوع)، ونحوه لابن عبدالبر[14]، وحكاها -في العلل- هكذا: (عن عاصم بن المنذر، عن أبي بكر بن عبيدالله، مرسلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-).
    وقال ابن عبدالهادي: (ورواه حماد بن زيد، عن عاصم بن المنذر، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، موقوفًا).

    ولم أقف على رواية حماد بن زيد مسندةً، ولا وجدت من وقف عليها، أو نقل إسنادها عمن أسندها[15]، والأقوى مما جاء في وصفها: أنها موقوفة على ابن عمر[16]، وأن شيخ عاصم فيها: أبو بكر بن عبيدالله بن عبدالله، ليس أبوه عبيدالله بن عبدالله.

    ورواه إسماعيل بن علية، عن عاصم بن المنذر، عن رجل، عن ابن عمر موقوفًا، وسبقت هذه الرواية في التخريج، وهذه الرواية مقاربة لرواية حماد، إلا أن إسماعيل أبهم شيخ عاصم، ولعله قصر به؛ للاختلاف فيه، ولكون المشهور: أن شيخ عاصم: عبيدالله بن عبدالله بن عمر، لا ابنه أبو بكر.

    وهاتان الروايتان فيهما نظر، من أوجه:
    الأول: أنهما -فيما يظهر- تقصير من راوييهما، وقد رواه حماد بن سلمة عن عاصم فجوَّده وأسنده.
    الثاني: أن حماد بن سلمة ذكر فيه القصة التي ذكرها عاصم، وذِكرُ القصة قرينةٌ ظاهرة من قرائن ترجيح الروايات عند الأئمة.
    الثالث: أن رواية حماد بن سلمة لا تحتمل أن يكون شيخ عاصم بن المنذر غيرُ عبيدالله بن عبدالله بن عمر، فإن عاصمًا يذكر أنه كان في بستان مع عبيدالله نفسه، وغاية ما جاء عن حماد غيرُ التصريح بكونه عبيدالله بن عبدالله: روايةُ أبي داود الطيالسي التي قال فيها: مع ابنٍ لابن عمر، وقد قصر فيها أبو داود، وبينت ابنَ ابن عمر الرواياتُ الأخرى.

    ولهذا فقد رجح رواية حماد بن سلمة: ابنُ معين، قال: (هذا حديث جيد الإسناد)، قيل له: فإن ابن علية لم يرفعه، فقال: (وإن لم يحفظه ابن علية، فالحديث جيد الإسناد، وهو أحسن من حديث الوليد بن كثير)[17]. وهذا الترجيح مما يعض عليه بالنواجذ من مثل هذا الإمام الجهبذ.

    تحرير متن الرواية:وقع في متن هذه الرواية اختلاف، حيث جاء في بعض الروايات: (قلتين أو ثلاثًا)، وهذا تحرير ذلك:
    روى الحديث أبو داود الطيالسي، ويعقوب بن إسحاق، وبشر بن السري، والعلاء بن عبدالجبار، عن حماد بن سلمة، عن عاصم، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه مرفوعًا: (إذا بلغ الماء قلتين...)، ولم يذكروا الشك.
    ورواه زيد بن الحباب، ووكيع بن الجراح، وأبو الوليد الطيالسي، وإبراهيم بن الحجاج، وهدبة بن خالد، وكامل بن طلحة، عن حماد بن سلمة، به، بذكر الشك: (أو ثلاثًا)، وكذا رواه شيخ الشافعي، وسبق احتمال أنه وكيع نفسه.
    ورواه عفان بن مسلم، واختُلف عنه.
    فرواه أحمد بن حنبل عنه، عن حماد، به، وذكر الشك.
    ورواه محمد بن يحيى، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، والحسن بن محمد الزعفراني، ثلاثتهم عن عفان، عن حماد، به، ولم يذكروا الشك.

    وقد اعتمد الدارقطني والحاكم والبيهقي الوجه الثاني عن عفان، وله وجه؛ من حيث إن محمد بن يحيى أحد رواته هو الذهلي، إمامٌ في الحديث بشهادة الإمام أحمد نفسه، وشهد له بذلك غيره من الحفاظ، ومتابعاه ثقتان، والزعفراني أوثقهما.

    ورواه أبو سلمة التبوذكي، واختُلف عنه أيضًا:
    فرواه أبو الحسن القطان عن أبي حاتم الرازي عن أبي سلمة، وقرنه بأبي الوليد الطيالسي ومحمد بن عبيدالله بن عائشة، وقال: (نحوه)، محيلاً إلى لفظ وكيع الذي أخرجه ابن ماجه، وفيه الشك.
    ورواه أبو داود ويزيد بن سنان وإبراهيم الحربي عن أبي سلمة، ولم يذكر الشك.

    ورواية الجماعة أولى، خاصة في احتمال حمل بعض الروايات على بعض في صنيع القطان، حيث إنه قدَّم في قَرنِهِ الثلاثةَ: أبا الوليد، وأبو الوليد ذكر الشك بلا خلاف عليه.

    ورواه يزيد بن هارون، واختُلف عنه:
    فرواه مجاهد بن موسى، والحسن بن محمد الزعفراني، عن يزيد، عن حماد، به، وذكرا الشك.
    ورواه أبو مسعود أحمد بن الفرات عن يزيد، عن حماد، به، ولم يذكر الشك.

    والاثنان ثقتان، وأبو مسعود ثقة حافظ، والزعفراني روى رواية عفان؛ فلم يذكر الشك، وروى رواية يزيد؛ فذكره، فكأنه ضبطهما، وتابعه عليه مجاهد، ولعل روايتهما أصوب.

    ورواه عبيدالله بن محمد بن عائشة، واختُلف عنه:
    فرواه أبو الحسن القطان عن أبي حاتم عنه -فيما سبق وصفه مما أخرجه مقرونًا-، وأحال إلى لفظ فيه الشك.
    ورواه إبراهيم الحربي عن عبيدالله، فلم يذكر الشك.

    ورواية إبراهيم الحربي مبيّنة لرواية العائشي التي قرنها أبو الحسن القطان بغيرها، وأنه لم يذكر فيها الشك.

    فيضاف أبو سلمة التبوذكي وعبيدالله ابن عائشة إلى من روى الحديث عن حماد ولم يذكر الشك في عدد القلال، ويزيد بن هارون إلى من رواه بالشك، وأما عفان؛ فالرواية عنه مقاربة.

    وقد أشار إلى ترجيح الرواية دون شك: الحاكم[18]، ورجحه البيهقي، قال: (ورواية الجماعة الذين لم يشكوا أولى)[19]، وقال: (والذي لم يشكوا أحفظ وأكثر، فهو أولى)[20].

    والحق أن الروايتين متقاربتان، وأن رواية عفان -وهو من المقدَّمين في حماد- جاءت على وجهين صحيحين بالشك وبدونه، والظاهر أن ذلك من حماد بن سلمة نفسه، فإنه تغير حفظه لما كبر، وتغير الحفظ مدعاة للوهم والشك، ولعل هذا من ذلك.

    وهذا الشك في هذه الرواية مطروحٌ بمتابعة محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر لعاصم بن المنذر على روايته عن ابن ابن عمر، حيث إنهما روياه بدون شك، مما يبين أن ذكر الثلاث قلال مُتوهَّم في هذه الرواية.

    النظر في المدار:
    وهو حماد بن سلمة، وهو ثقة حافظ مشهور، وشيخه عاصم بن المنذر بن الزبير ثقة أيضًا، قال فيه أبو زرعة: (ثقة)، وقال أبو حاتم: (صالح الحديث)، وقال البزار: (ليس به بأس)، وذكر أنه لم يحدث إلا بهذا الحديث، وقد سبق أن ابن معين جوَّد هذا الإسناد، وقد قال فيه ابن عبدالبر: (ليس بحجة)، ونقل عن إسماعيل بن إسحاق قوله فيه وفي محمد بن جعفر بن الزبير: (هذان شيخان لا يحتملان التفرد بمثل هذا الحكم الجليل، ولا يكونان حجة فيه)[21]، وفي كلامهما -رحمهما الله- نظر، فهؤلاء الأئمة يوثقونه ويجودون حديثه، وقولهم أولى.

    تعيينُ ولدِ ابنِ عمر الراوي للحديث عن أبيه:
    لم يختلف على عاصم بن المنذر أنه عيّنه لما روى عنه بعبيدالله بن عبدالله بن عمر، وقصر أبو داود الطيالسي؛ فأبهمه.
    ورواه محمد بن جعفر بن الزبير عن ابن ابن عمر، واختُلف عنه.
    فرواه عنه الوليد بن كثير، واختُلف عنه.
    فرواه أبو أسامة عنه، وجعله: عبدالله بن عبدالله بن عمر، إلا في رواية محمد بن عبدالله المخرمي وحوثرة بن محمد، فقد جعلاه عنه: عبيدالله.
    ورواه عيسى بن يونس وعباد بن صهيب عنه، فجعلاه: عبيدالله بن عبدالله بن عمر،
    ولم يُختلف على محمد بن إسحاق في روايته عن محمد بن جعفر في تعيينه بعبيدالله بن عبدالله بن عمر،
    ورواه أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن ابن عمر، وجعله: عبدالله،
    وقد ساق ابن عبدالبر طرفًا من هذه الطرق، ثم قال: (ومثل هذا الاضطراب في الإسناد يوجب التوقف عن القول بهذا الحديث إلى أن القلتين غير معروفتين، ومحالٌ أن يتعبدالله عباده بما لا يعرفونه)[22]، وفي مقابل ذلك، رجح الحاكم أن الحديث صحيح من طريق عبيدالله بن عبدالله، وأخيه عبدالله جميعًا، قال -بعد أن ذكر طرفًا من الخلاف-: (وهو مما لا يوهنه، فإن الحديث قد حدث عبيدالله وعبدالله جميعًا)[23].

    ولعل في جميع ذلك نظرًا، حيث إن الحديث راجح عن أحدهما، مرجوح عن الآخر، وفيما يلي بيان ذلك:
    فأما رواية محمد بن جعفر بن الزبير؛ فقد قال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير، فقلت: إنه يقول: عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورواه الوليد بن كثير، فقال: عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبدالله بن عبدالله بن عمر عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء». فقال أبو زرعة: (ابن إسحاق ليس يمكن أن يُقضى له)[24].

    فرجح أبو زرعة رواية الوليد، وذلك -فيما يظهر من عبارته- أن ابن إسحاق ليس بالثبت في أحاديث الأحكام، وإنما قوَّته وثبته في المغازي والسير.

    وقد يَرِدُ على هذا ثلاثة أمور:
    الأول: أنه لم يُتفق عن الوليد بن كثير في ذكر عبدالله بن عبدالله بن عمر، فأبو أسامة مخالف في ذلك.
    الثاني: أن الخلاف في تسمية الرواة له مدخل في السير والتراجم، وقد يهتم المختص في المغازي والسير باسم الراوي في الإسناد، فيضبطه ويتقنه.
    الثالث: أن النظر في طرق هذا الحديث كلها يوضح أن تعيين ابن ابن عمر بعبدالله لم يأتِ إلا من طريق أبي أسامة، وسائر الروايات تذكر عبيدالله.

    ولذا؛ فقد نقل البيهقي كلامًا لإسحاق بن راهويه، قال: (وكان إسحاق بن إبراهيم الحنظلي -رحمه الله- يقول: «غلط أبو أسامة في عبدالله بن عبدالله، إنما هو عبيدالله». واستدل بما رواه عن عيسى بن يونس، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر...)[25]، ثم أسند البيهقي رواية محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير، وقال: (وفي رواية محمد بن إسحاق تَوَكُّدُ[26] ما قال إسحاق، وكذلك رواية عاصم بن المنذر...)، ثم أسند رواية عاصم، إلى أن قال: (وكل ذلك يؤكد قول إسحاق الحنظلي، والله أعلم)[27].

    وقول ابن راهويه والبيهقي أولى بالصواب، لأمور:
    الأول: أن بعض الرواة رواه عن أبي أسامة بتعيينه بعبيدالله، رواه عنه كذلك محمد بن عبدالله المخرمي -وهو ثقة حافظ-، وحوثرة بن محمد -وهو ثقة-، وروايتهما -وإن كانت خلاف رواية الكثيرين-؛ فهي محدثةٌ نظرًا في ضبط أبي أسامة لهذا الاسم، فإنه قد يكون الاختلاف في التسمية من أبي أسامة نفسه.
    الثاني: أن عيسى بن يونس وعباد بن صهيب خالفا أبا أسامة، فعيناه بعبيدالله، والاعتداد برواية عيسى، وأما عباد بن صهيب فمتروك.
    الثالث: أن محمد بن إسحاق تابع الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير بتعيين ابن ابن عمر بعبيدالله.
    الرابع: أن عاصم بن المنذر تابع محمد بن جعفر بن الزبير بتعيين ابن ابن عمر بعبيدالله، ولو صح أن الوليد بن كثير يرويه بتعيينه بعبدالله، فقد خالفه محمد بن إسحاق؛ فعينه بعبيدالله، وسبق أن ابن إسحاق متقن للمغازي والسير، وأن لتعيين الرجال وتسميتهم في الأسانيد مدخل في ذلك، فالأرجح رواية ابن إسحاق.

    لذا قال ابن حجر: (وعند التحقيق، الصواب أنه... عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر المصغر، ومن رواه على غير هذا الوجه فقد وهم)[28]،

    وأما رواية محمد بن عباد بن جعفر؛ فقد جاءت من رواية أبي أسامة عن الوليد بن كثير عنه، وعينه بعبدالله.

    وقد قال ابن حجر: (وعند التحقيق، الصواب: أنه عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبدالله بن عبدالله بن عمر المكبر...، ومن رواه على غير هذا الوجه فقد وهم)[29].

    وقول ابن حجر -رحمه الله- مستقيم بالنظر إلى ظاهر إسناد رواية محمد بن عباد، إلا أنه يحتمل أن أبا أسامة لم يضبط الاسم في هذا الحديث جيدًا، فأخطأ فيه في رواية محمد بن جعفر ورواية محمد بن عباد -كما سبق بيانه-.

    ولو صح أن محمد بن عباد يرويه كذلك، فقد خالفه محمد بن جعفر بن الزبير وعاصم بن المنذر، فجعلا الحديث من رواية عبيدالله بن عبدالله بن عمر.

    والحديث من رواية عبيدالله بن عبدالله بن عمر عن أبيه، أشهر وأصح وأولى بالصواب. والله أعلم.

    النظر في المدار:
    قد ثبت أنه روى الحديث محمد بن جعفر بن الزبير، ومحمد بن عباد بن جعفر، وعاصم بن المنذر، ثلاثتهم عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعبيدالله ثقة، وثقه ابن سعد والعجلي وأبو زرعة والنسائي.

    ولو صحت الرواية عن عبدالله بن عبدالله، فعبدالله ثقة، والأمر -كما قال ابن حجر- انتقالٌ من ثقة إلى ثقة[30].

    وحاصل ذلك: أن حديث القلتين صحيح من هذه الطريق، وتكاثر الروايات والأوجه وتعددها واختلافها لا يعني ضعف الحديث واضطرابه، فليس كل اختلاف اضطرابًا.

    وقد صحح الحديث من هذه الطريق: ابن معين، والطبري، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وعبدالحق الإشبيلي، وغيرهم.

    د- دراسة رواية مجاهد عن ابن عمر:اختُلف فيه على زائدة:
    فرواه عبدالله بن الحسين بن جابر عن محمد بن كثير عن زائدة عن ليث عن مجاهد به مرفوعًا.
    ورواه معاوية بن عمرو عن زائدة عن ليث عن مجاهد به موقوفًا.

    وعبدالله بن الحسين ضعيف[31]، وأعل روايته الدارقطني، قال: (رفعه هذا الشيخ عن محمد بن كثير عن زائدة، ورواه معاوية بن عمرو عن زائدة موقوفًا، وهو الصواب)[32]، وقال: (والموقوف أصح)[33]، ومعاوية بن عمرو مقدَّم في زائدة، ويؤيده أن عبدالسلام بن حرب تابع زائدة على الوقف.

    وليث الراوي عن مجاهد هو ليث بن أبي سليم، ضعيف مشهور الضعف.
    فهذا موقوف ضعيف.

    2- تخريج حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:
    أخرجه الدارقطني (1/21) من طريق محمد بن وهب السلمي، عن إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل عن القليب يلقى فيه الجيف ويشرب منه الكلاب والدواب، فقال: «ما بلغ الماء قلتين فما فوق ذلك لم ينجسه شيء».

    دراسة الإسناد:
    محمد بن وهب صدوق، وقد رواه جماعة كثيرون عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، وهو الحديث السابق.

    فإن كان حفظه محمد بن وهب، فإن رواية إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين -خاصة المدنيين والحجازيين- فيها تخليط، وحديثه عنهم منكر ليس بشيء عند بعض الأئمة، ومحمد بن إسحاق مدني، فالظاهر أن الخلل وقع من هذه الجهة، وإلا فالأمر كما قال الدارقطني -عقب تخريج هذه الرواية-: (كذا رواه محمد بن وهب عن إسماعيل بن عياش بهذا الإسناد، والمحفوظ: عن ابن عياش عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر عن أبيه).

    ولم أجد من خرَّج الوجه المحفوظ -عند الدارقطني- عن ابن عياش.

    3- تخريج مرسل عبيدالله بن عبدالله بن عمر:
    أخرجه أخرجه عبدالرزاق (266) - ومن طريقه الدارقطني (1/23) والبيهقي في معرفة السنن (1885)- عن إبراهيم بن محمد، وذكر البيهقي في معرفة السنن (2/90) أن الشافعي رواه عن رجل، كلاهما عن أبي بكر بن عمر بن عبدالرحمن، عن أبي بكر بن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء».

    دراسة الإسناد:
    إبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى الأسلمي، متروك مشهور، وكثيرًا ما يبهمه الشافعي بالثقة والرجل، وقد وقع ذلك هنا، قال البيهقي: (رواه الشافعي في القديم عن رجل, عن أبي بكر بن عمر, إلا أنه شك في إسناده، والرجل هو إبراهيم بن محمد).

    وروايته هذه منكرة، وقد ورد عن أبي بكر بن عبيدالله أصح منها، وهو ما سبق في رواية عاصم بن المنذر بن الزبير عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر.

    4- تخريج مرسل ابن جريج:
    أخرجه عبدالرزاق (258) -ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (190) والخطابي في معالم السنن (1/35)- عن ابن جريج، قال: حُدِّثتأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسًا ولا بأسًا»، قال ابن جريج: زعموا أنها قلال هجر. وفي لفظ رواية الخطابي: «إذا كان الماء قلتين بقلال هجر...».

    دراسة الإسناد:
    صحيح عن ابن جريج، وهو مرسل، قال ابن المنذر: (وحديث ابن جريج مرسل لا يثبت... فالحديث في نفسه مرسل لا تقوم به حجة)[34].

    5- تخريج مرسل يحيى بن يعمر:أخرجه الدارقطني (1/24) -ومن طريقه وطريق أخرى البيهقي في السنن (1/263) ومعرفة السنن (1896) والخلافيات (953)- من طريق أبي حميد المصيصي، عن حجاج - هو ابن محمد المصيصي-، والبيهقي في السنن (1/264) ومعرفة السنن (1897) من طريق أبي قرة موسى بن طارق، كلاهما عن ابن جريج، أخبرني محمد -زاد حجاج: بن يحيى-، أن يحيى بن عقيل أخبره أن يحيى بن يعمر أخبره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسًا ولا بأسًا»، قال: فقلت ليحيى بن عقيل: قلال هجر؟ -وفي رواية أبي قرة: أي قلال؟-، قال: قلال هجر.

    وأخرجه الشافعي في الأم (2/10، 11) -ومن طريقه البيهقي في السنن (1/263) ومعرفة السنن (1888)- قال: أخبرنا مسلم -يعني: ابن خالد-، عن ابن جريج، بإسناد لا يحضرني حفظه, أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسًا»، وقال في الحديث: «بقلال هجر».

    دراسة الإسناد:الإسناد الأول صحيح عن ابن جريج، والثاني فيه أبو العباس أحمد بن محمد بن الأزهر السجستاني، تكلم فيه[35]، لكن روايته تعتضد بالأولى.

    وأما شيخ ابن جريج؛ فقال الحافظ أبو أحمد الحاكم -أحد رواة إسناد البيهقي من طريق أبي قرة[36]-: (محمد هذا الذي حدث عنه ابن جريج هو محمد بن يحيى، يحدث عن يحيى بن أبي كثير ويحيى بن عقيل)، ولم أجد في الكلام عليه أزيد من هذا، قال ابن حجر: (وكيف ما كان فهو مجهول)[37].

    ففي الإسناد نظر لجهالة حال محمد بن يحيى هذا، ثم إنه مرسل؛ لأن يحيى بن يعمر تابعي.

    وأما رواية الشافعي من طريق ابن جريج بإسناد لم يحضره، فقد رجح الرافعي وابن الأثير أن ذلك الإسناد هو إسناد مرسل يحيى بن يعمر نفسه[38].

    6- تخريج مرسل خالد بن كثير الهمداني:أخرجه أبو عبيد في الطهور (167) عن عباد بن عوام، والطبري في تهذيب الآثار (1053-مسند ابن عباس) من طريق هشام بن حسان، كلاهما عن واصل، عن خالد بن كثيرقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجسًا».

    دراسة الإسناد:
    الإسنادان صحيحان إلى واصل، والحديث مرسل أو معضل، قال البخاري: (خالد بن كثير الهمداني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسل)[39]، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن خالد بن كثير يروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: (ليست له صحبة)، قلت: إن أحمد بن سنان أدخله في مسنده، فقال أبي: (خالد بن كثير يروي عن الضحاك وعن أبي إسحاق الهمداني)[40].

    تنبيه:
    قال المؤلف (1/73): (وإنما خُصَّت القلتان بقلال هجر؛ لوروده في بعض ألفاظ الحديث...):
    وهذا جاء في رواية المغيرة بن سقلاب، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، به مرفوعًا، وسبق الكلام عليها وبيان نكارتها، وجاء في مرسل يحيى بن يعمر، وسبق أن فيه رجلاً مجهولاً، وأنه مرسل، وجاء كذلك في مرسل ابن جريج، وقد عقب روايته المرفوعة بقوله: (زعموا أنها قلال هجر)، لكن جاء في رواية الخطابي من طريق عبدالرزاق عنه إدخالُها في الحديث، وهو خطأ. وحتى لو صح إدخالها فالحديث مرسل، قال ابن المنذر: (فالحديث في نفسه مرسل لا تقوم به حجة، وقد فصل ابن جريج بين الحديثين، وبيَّن من قال برأيه، حيث قال: "زعموا"، وقوله: "زعموا" حكاية عمن لم يسمه، ولو سماه بعد أن يكون من أهل عصره لم يكن حجة، ولو كان الذي أخبره ثقة...)[41].

    وقد ذهب إلى ضعف روايات تقديره بقلال هجر جميعًا: الدارقطني، قال -بعد أن ذكر بعض روايات الحديث-: (والتوقيت غير ثابت)[42]، يعني: التقدير.



    ـــــــــــــــ ــــــ
    [1] الثقات (8/477).
    [2] العلل (12/373).
    [3] رواه عنه: أبو القاسم بن الصقر، وهو علي بن الصقر السكري، قال فيه الدارقطني -كما في تاريخ بغداد (11/440)-: (ليس بالقوي)، لكن شيخه ابن عائشة متابع هنا عن حماد بن سلمة.
    [4] انظر: لسان الميزان (6/78).
    [5] الكامل (6/359).
    [6] العلل (12/372، 373).
    [7] الكامل (6/359).
    [8] العلل (12/372، 373).
    [9] انظر: العلل ومعرفة الرجال لأحمد برواية المروذي (ص38، 39).
    [10] انظر: مسند أحمد (3/496، 6/10، 274-277) وغيرها.
    [11] ووقع في مطبوعة المستدرك في رواية أحمد بن خالد الوهبي عن ابن إسحاق: عبدالله، وصوابه: عبيدالله -كما في إتحاف المهرة (8/572)-.
    [12] معرفة السنن (2/88).
    [13] المقرى: الحوض الذي يجتمع فيه الماء.
    [14] التمهيد (1/329).
    [15] وقد سِيْقَ لابن معين رواية حماد بن سلمة، ثم اعتُرض عليها برواية إسماعيل بن علية الآتية، ولم تُذكر رواية حماد، والظن أنها لو كانت معروفة عندهم لذكروها، خاصة أن ابن معين يقوي حماد بن زيد على ابن علية.
    [16] الذي في الإسناد: عن أبي بكر بن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه. ولعل المقصود بأبيه: جده الصحابي ابن عمر، وبهذا صرح ابن عبدالبر في سياقه الإسناد، ويدل له: أن الدارقطني عقب هذا الإسناد بقوله: (موقوفًا غير مرفوع)، والموقوف هو قول الصحابي -كما لا يخفى-.
    [17] تاريخ الدوري عن ابن معين (4152)، وقد سيقت رواية حماد بن سلمة فيه، فذُكر أن شيخ عاصم بن المنذر: أبو بكر بن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، ولم أجد هذا في طريقٍ عن حماد، بل كلها متفقة عنه على أن شيخ عاصم: عبيدالله بن عبدالله بن عمر، سوى رواية أبي داود الطيالسي المشار إليها.
    [18] المستدرك (1/134).
    [19] السنن (1/262).
    [20] الخلافيات (3/179).
    [21] التمهيد (24/18، 19).
    [22] التمهيد (1/329)، وانظره (24/18).
    [23] المستدرك (1/134)، ووقع فيه سقط وتحريف، تصويبه من الخلافيات (3/165)، وانظر: معرفة السنن (2/86).
    [24] العلل (1/44).
    [25] معرفة السنن (2/86، 87).
    [26] في المطبوع: (تَوَكَّدَ)، كذا ضبطه المحقق، والكلمة محتملة.
    [27] معرفة السنن (2/88-90).
    [28] التلخيص الحبير (1/17).
    [29] التلخيص الحبير (1/17).
    [30] التلخيص (1/17).
    [31] سبق الكلام فيه في تخريج الحديث (1).
    [32] السنن (1/23).
    [33] العلل (12/372).
    [34] الأوسط (1/271).
    [35] لسان الميزان (1/253، 254).
    [36] عينه ابن القيم في تهذيب السنن (1/76) بابن عدي، وفي هذا نظر؛ فشيخ البيهقي (أبو حازم العبدوي) مشهور بالرواية عن أبي أحمد الحاكم، وعينه به في غير موضع من كتب البيهقي، وأصاب ابن حجر في تعيينه -في التلخيص الحبير (1/19)-.
    [37] التلخيص الحبير (1/19).
    [38] نقله عنهما ابن الملقن -في البدر المنير (1/414)-.
    [39] التاريخ الكبير (3/169).
    [40] المراسيل (ص54).
    [41] الأوسط (1/271، 272).
    [42] العلل (12/373).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    ورفع الله قدرك على هذا العمل المبارك..

    قلت رحمك الله:
    وتكاثر الروايات والأوجه وتعددها واختلافها لا يعني ضعف الحديث واضطرابه، فليس كل اختلاف اضطرابًا.
    وأقول:
    والله يا شيخ (سليمان) هذا ما عنيته بحديث نزول الله سبحانه وتعالى ليلة النصف من شعبان، فمجرد النقل القح بلا تأصيل علمي للروايات والطرق منقصة عظيمة للمشتغل بعلم تخريج الحديث، بشرط أن لا يكون قد اطلع على مجموع الروايات في ذلك، فالله أعلم.

    هذا ما أحببت التنويه عليه، وواصل بارك الله فيك فعملك قيم.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    11-(1/72) (... وحديث: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء»).


    وهو حديث بئر بضاعة المشهور، وقد جاء عن غير واحد من الصحابة:
    1- تخريج حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-:
    قال الترمذي: (وقد روي هذا الحديث من غير وجهٍ عن أبي سعيد)[1]:
    الوجه الأول: عن ابنٍ لابنِ رافع بن خديج -مختلفٍ في اسمه-، عن أبي سعيد:
    أخرجه أبو داود الطيالسي (ص292)[2] -ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (968)-، وسمويه في فوائده (17) والطبري في تهذيب الآثار (1055-مسند ابن عباس) من طريق أبي سلمة التبوذكي موسى بن إسماعيل[3]، والطحاوي (1/11) من طريق الحجاج بن منهال[4]، ثلاثتهم -أبو داود وأبو سلمة والحجاج- عن حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، وأخرجه الشافعي (797) عن الثقة عنده[5]، وأبو عبيد في الطهور (146) عن أبي معاوية[6]، والطبري في تهذيب الآثار (1049-مسند ابن عباس) من طريق يزيد بن هارون[7]، وفيه (1051-مسند ابن عباس) من طريق عبدالله بن المبارك[8]، والبيهقي في السنن (1/258) ومعرفة السنن (1815) من طريق محمد بن عبدالله بن عبدالحكم[9]، وفي السنن (1/258) من طريق بحر بن نصر[10]، كلاهما عن ابن وهب، وعلقه الدارقطني في العلل (11/288) عن وكيع[11]، ستتهم -الثقة عند الشافعي وأبو معاوية ويزيد وابن المبارك وابن وهب ووكيع- عن ابن أبي ذئب، وأبو عبيد في الطهور (146) عن أبي معاوية[12]، وعلقه الدارقطني في العلل (11/287) عن جرير بن عبدالحميد[13]، كلاهما عن محمد بن إسحاق، كلاهما -ابن أبي ذئب وابن إسحاق- عن رجل، وأخرجه أبو عبيد في الطهور (145) -ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (11/335، 336)- والطحاوي (1/11) والدارقطني (1/31) -ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (971)- من طريق أحمد بن خالد الوهبي[14]، وأحمد (3/86) والطبري في تهذيب الآثار (1061-مسند ابن عباس) والدارقطني (1/31) -ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (972، 973)- من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه[15]، وابن شبة في تاريخ المدينة (1/156، 157) وأبو داود (67) -ومن طريقه البيهقي في السنن (1/257) ومعرفة السنن (1817)- والطبري في تهذيب الآثار (1050-مسند ابن عباس) والدارقطني (1/30) -ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (970)- من طريق محمد بن سلمة الحراني[16]، والطبري في تهذيب الآثار (1048-مسند ابن عباس) من طريق سلمة بن الفضل[17]، وعلقه البخاري في التاريخ (5/389) والبيهقي في السنن (1/257) عن يحيى بن واضح[18] ويونس بن بكير[19]، وعلقه الدارقطني في العلل (11/287) عن شعيب بن إسحاق[20]، كلهم -سبعة رواة- عن محمد بن إسحاق، والشافعي -كما نقل البيهقي في معرفة السنن (2/78)- عن رجل[21]، كلاهما -ابن إسحاق والرجل- عن سليط بن أيوب، وأخرجه ابن أبي شيبة (1505، 36092) - وعنه سمويه في فوائده (19)-[22]، وأحمد (3/31) -ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (19/83)-[23]، والبخاري في التاريخ الكبير (5/389) من طريق عبدالله بن محمد[24]، وأبو داود (66) -وعنه ابن الأعرابي في معجمه (1411)- عن أبي كريب محمد بن العلاء[25]، وأبو داود (66) والترمذي (66) عن الحسن بن علي الخلال[26]، وأبو داود (66) عن محمد بن سليمان الأنباري[27]، والترمذي (66) عن هناد[28]، والنسائي (1/174) وابن المنذر في الأوسط (188) من طريق هارون بن عبدالله[29]، وابن الجارود (47) والطبري في تهذيب الآثار (1054-مسند ابن عباس) عن موسى بن عبدالرحمن[30]، وابن الجارود (47) والدارقطني (1/29) من طريق محمد بن عثمان[31]، وابن الأعرابي في معجمه (1410) والبيهقي في السنن (1/4، 257) من طريق الحسن بن علي بن عفان[32]، وفي الخلافيات (966) من طريق أحمد بن عبدالجبار الحارثي[33]، وابن حبان في الثقات (7/548، 549) من طريق علي بن الجعد[34]، والدارقطني (1/29) من طريق يوسف بن موسى ومحمد بن أحمد بن أبي عون ويعقوب بن إبراهيم الدورقي[35]، والبغوي في شرح السنة (2/60) وتفسيره (6/88) من طريق صدقة بن الفضل[36]، كلهم -سبعة عشر رجلاً- عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب القرظي، وأخرجه أحمد (3/86) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن الوليد بن كثير[37]، وسمويه في فوائده (18) عن محمد بن يحيى، والطبري في تهذيب الآثار (1062-مسند ابن عباس) عن محمد بن سعد العوفي، والدارقطني (1/31، 32) -ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (974)- من طريق عبيدالله بن سعد، ومحمد بن شوكر[38]، أربعتهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق[39]، كلاهما -الوليد وابن إسحاق- عن عبدالله بن أبي سلمة، خمستهم -ابن إسحاق والرجل المبهم وسليط ومحمد بن كعب وعبدالله بن أبي سلمة- عن ابنِ ابنِ رافع، عن أبي سعيد الخدري، به.

    الوجه الثاني عن أبي سعيد الخدري: عن أبي نضرة العبدي، عنه:
    أخرجه أبو داود الطيالسي (ص286) -ومن طريقه البيهقي (1/258)- والبيهقي في الخلافيات (978) من طريق قيس بن الربيع، وأبو عبيد في الطهور (147) عن الهيثم بن جميل، والطبري في تهذيب الآثار (1056-مسند ابن عباس) والبيهقي (1/258) من طريق محمد بن الصباح الدولابي، والطبري (1056) والطحاوي (1/12) والبيهقي في الخلافيات (979) من طريق محمد بن سعيد الأصبهاني، ثلاثتهم عن شريك، كلاهما -قيس وشريك- عن طريف أبي سفيان السعدي، عن أبي نضرة، به.

    وجاءت رواية محمد بن سعيد الأصبهاني عن شريك بالشك في كون الصحابي جابرًا أو أبا سعيد.

    الوجه الثالث عن أبي سعيد الخدري: عن رجل، عنه:
    أخرجه عبدالرزاق (255) عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن الرجل، به.

    الوجه الرابع عن أبي سعيد الخدري:عن ابن أبي سعيد، عن أبيه أبي سعيد:
    أخرجه أحمد (3/15، 16) -ومن طريقه الخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/82) والمزي في تهذيب الكمال (8/186، 187)- عن عبدالصمد بن عبدالوارث، وسمويه في فوائده (16) -ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (11/336)- والبيهقي (1/257) من طريق عبدالله بن مسلمة، والنسائي (1/174) من طريق عبدالملك بن عمرو أبي عامر العقدي، وأبو يعلى (1304) من طريق يونس بن محمد، والطبري في تهذيب الآثار (1052-مسند ابن عباس) من طريق داود بن بلال السعدي، والطحاوي (1/12) من طريق عيسى بن إبراهيم البركي، والبيهقي في الخلافيات (975) من طريق بشر بن السري، والعلاء بن عبدالجبار، ثمانيتهم عن عبدالعزيز بن مسلم، عن مطرف بن طريف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط بن أيوب، عن ابن أبي سعيد، به.

    إلا أنه سقط سليط في المطبوع من مسند أحمد، وفي نسخة الحافظ الخطيب منه، فصار يرويه خالد عن ابن أبي سعيد مباشرة، قال الخطيب: (كذا في كتابي: عن خالد بن أبي نوف عن ابن أبي سعيد، وروى هذا الحديث يونس بن محمد المؤدب عن عبدالعزيز، فقال: عن خالد بن أبي نوف عن سليط عن أبي سعيد)، وكأن الخطيب يستغرب هذه الرواية.

    وقد وقعت على الصواب بذكر سليط في رواية المزي من طريق أحمد[40]، وفي أطراف المسند لابن حجر[41]، وفي إتحاف المهرة[42] -وهو منقول عن الأطراف-.

    كما سقط سليط في رواية الطحاوي من طريق البركي.

    الوجه الخامس عن أبي سعيد الخدري: عن سليط بن أيوب، عنه:
    أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/169) -ومن طريقه الخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/83)- والطبري في تهذيب الآثار (1052-مسند ابن عباس) وابن أبي حاتم في المراسيل (ص195) من طريق أسباط بن محمد، والطبري في تهذيب الآثار (1052-مسند ابن عباس) من طريق محمد بن فضيل، كلاهما -أسباط وابن فضيل- عن مطرف بن طريف، عن خالد السجستاني[43]، عن محمد بن إسحاق، عن سليط، به.

    الوجه السادس عن أبي سعيد الخدري: عن عطاء بن يسار، عنه:
    أخرجه ابن ماجه (519) عن أبي مصعب المدني، والطبري في تهذيب الآثار (1058-مسند ابن عباس) والبيهقي (1/258) من طريق ابن أبي أويس، كلاهما عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء، به.

    الوجه السابع عن أبي سعيد الخدري: عن أبي مسكين، عنه:
    أخرجه الطبري في تهذيب الآثار (1057-مسند ابن عباس) من طريق قرة بن سليمان، عن سليمان بن أبي داود، عن أبي مسكين، به.

    الوجه الثامن عن أبي سعيد الخدري: عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عنه:
    علقه الدارقطني في العلل -كما في تنقيح التحقيق لابن عبدالهادي (1/31)[44]- عن أبي أحمد الزبيري، عن ابن أبي ذئب، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن عبيدالله، به.

    دراسة الأسانيد:
    أ- دراسة أسانيد رواية ابن ابن رافع بن خديج عن أبي سعيد:
    وقع في هذه الرواية خلاف إسنادي، وخلاف في اسم الراوي عن أبي سعيد، وفيما يلي تفصيل ذلك:
    أ- الخلاف الإسنادي:
    وسأقدم الخلاف على الرواة الأدنين، لتحرير الراجح عنهم، واعتماده في الخلاف على الرواة الأعلين:
    الخلاف على مطرف بن طريف:
    اختُلف عنه:
    - فرواه عبدالعزيز بن مسلم -في أكثر الروايات عنه- عن مطرف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط بن أيوب، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه[45].
    - ورواه أسباط بن محمد ومحمد بن فضيل -من رواية الحسن بن سهل الجعفري عنه- عن مطرف، عن خالد السجستاني، عن محمد بن إسحاق، عن سليط بن أيوب، عن أبي سعيد الخدري.

    ورواية أسباط أقوى، خاصة أنه تابعه محمد بن فضيل، والحسن بن سهل الراوي عن ابن فضيل روى عنه أبو زرعة[46]، وذكره ابن حبان في الثقات[47]، وقد روى هذا الحديث عن أسباط أيضًا، فلعل روايته حسنة مقبولة.

    وحتى لو كان الخلاف بين عبدالعزيز بن مسلم وأسباط؛ فلعبدالعزيز بن مسلم أوهام، وقد اختُلف عليه في هذا الحديث، وهذا يشير إلى عدم ضبطه إياه.

    وأما أسباط؛ فله اختصاص بمطرف، قال البرقي: (الكوفيون يضعفونه، وهو عندنا ثبت فيما يروي عن مطرف)، ووثقه غير واحد، ولعل تضعيف من ضعفه متوجه إلى روايته عن سفيان.

    فرواية أسباط وابن فضيل هي الراجحة.

    الخلاف على يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه:
    - روى الحديث أحمد بن حنبل ومحمد بن سعد العوفي ومحمد بن شوكر عن يعقوب، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن سليط بن أيوب، عن عبيدالله، عن أبي سعيد.
    - ورواه محمد بن يحيى ومحمد بن سعد العوفي ومحمد بن شوكر وعبيدالله بن سعد بن إبراهيم بن سعد عن يعقوب، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن عبدالله بن أبي سلمة، عن عبيدالله، عن أبي سعيد.
    - ورواه أحمد عن يعقوب، عن أبيه، عن الوليد بن كثير، عن عبدالله بن أبي سلمة، عن عبيدالله، عن أبي سعي.

    فأما الوجهان الأولان، فقد اشترك بعض رواتهما فيهما -كما يظهر-، وبيَّن محمد بن سعد العوفي أن ابن إسحاق هو الذي قرن بين شيخيه فيهما، وليس الأمر اختلافًا على يعقوب عن أبيه عنه، فقال -بعد أن روى عن يعقوب الوجه الأول-: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: وحدثني عبدالله بن أبي سلمة.

    فهذان الوجهان صحيحان.

    وأما الوجه الأخير، وهو رواية أحمد؛ ففي النفس منه شيء، للأمور التالية:
    1- أن أكثر الرواة عن يعقوب لا يروون طريق عبدالله بن أبي سلمة إلا من رواية يعقوب عن أبيه عن ابن إسحاق، لا عن الوليد بن كثير.
    2- أنه بيَّن بعضُ الرواة أن ابن إسحاق هو الذي يقرن بين سليط بن أيوب وعبدالله بن أبي سلمة، فيرويه عنهما عن عبيدالله عن أبي سعيد، فالذي جاء بعبدالله بن أبي سلمة إنما هو ابن إسحاق نفسه، لا الرواة عنه.
    3- أن هذا الحديث جاء في المسند في سياقة عدة أحاديث ليعقوب عن أبيه عن ابن إسحاق، ومنها الوجه الأول (رواية ابن إسحاق عن سليط)، فربما كان هذا الحديث من هذه السلسلة، لكن حصل خطأ في إبدال محمد بن إسحاق بالوليد بن كثير.
    4- أن الرواية المشهورة عن الوليد بن كثير هي التي يرويها أبو أسامة عنه، عن محمد بن كعب، عن عبيدالله، عن أبي سعيد، ولم يُشر أحدٌ -فيما وقفت عليه- إلى خلافٍ على الوليد بن كثير.
    5- أن الرواة عن يعقوب اتفقوا على تسمية الرواي عن أبي سعيد من طريق عبدالله بن أبي سلمة: عبدالله بن عبدالله بن رافع، وانفردت رواية أحمد هذه بتسميته: عبيدالله بن عبدالرحمن، وهذا يحدث فيها نظرًا، وهذه التسمية صحيحة عن يعقوب في رواية محمد بن إسحاق عن سليط بن أيوب -كما سيأتي-.
    6- أن الدارقطني[48] والبيهقي[49] لم يذكرا رواية عبدالله بن أبي سلمة إلا من طريق محمد بن إسحاق عنه.
    7- أنه لم يذكر عبدالله بن أبي سلمة في شيوخ الوليد بن كثير -فيما وقفت عليه من تراجمه-[50]، ولو كانت روايته عنه صحيحة في المسند لاشتهرت عنه.

    ففي الرواية عن الوليد بن كثير من هذا الوجه نظر، والله أعلم.

    الخلاف على محمد بن إسحاق:
    جاء الحديث عنه من وجوه:
    - فرواه حماد بن سلمة عن ابن إسحاق، عن عبيدالله، عن أبي سعيد.
    - ورواه أبو معاوية وجرير بن عبدالحميد عن ابن إسحاق، عن رجل، عن عبيدالله، عن أبي سعيد.- ورواه خالد السجستاني عنه عن سليط بن أيوب، عن أبي سعيد.
    - ورواه سبعة رواة (هم أحمد بن خالد الوهبي، وإبراهيم بن سعد، ومحمد بن سلمة الحراني، وسلمة بن الفضل، ويحيى بن واضح، ويونس بن بكير، وشعيب بن إسحاق) عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبيدالله، عن أبي سعيد.
    - ورواه إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن عبدالله بن أبي سلمة، عن عبيدالله، عن أبي سعيد.
    - وجاءت رواية عن ابن أبي ذئب عن ابن إسحاق، تأتي في الخلاف على ابن أبي ذئب.

    فأما رواية حماد بن سلمة؛ ففيها إسقاط سليط، وهو الواسطة بين ابن إسحاق وعبيدالله الراوي عن أبي سعيد، قال البيهقي: (فحرَّفه حماد، وإنما رواه محمد بن إسحاق عن سليط بن أيوب)[51]، وربما كان المُسقِط ابن إسحاق، فإنه معروف بالتدليس.

    وأما رواية أبي معاوية وجرير بن عبدالحميد؛ ففيها إبهام الواسطة، قال الدارقطني بعد أن ذكر رواية جرير: (وقد قارب؛ لأن ابن إسحاق رواه عن سليط بن أيوب عن عبيدالله)[52]، فهذا تقصير من ابن إسحاق أو من الروايين عنه في التصريح باسم الواسطة، وهو مذكور في الروايات الأخرى.

    ورواية الجماعة هي المبينة لما سبق، من أن الواسطة بين ابن إسحاق وعبيدالله: سليط بن أيوب.

    وأما رواية خالد السجستاني؛ فخالد هو ابن أبي نوف، وفيه جهالة، وعند البخاري أنه ابن كثير الهمداني، وخالفه أبو حاتم وابن حبان، وأيًّا يكن؛ فروايته هذه مرجوحة برواية الجماعة الذين ذكروا الواسطة بين سليط وأبي سعيد.

    وأما رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن عبدالله بن أبي سلمة؛ فقد سبق بيان أن ابن إسحاق هو الذي قرن ابن أبي سلمة بسليط بن أيوب، وإبراهيم بن سعد من أعرف الناس بحديث ابن إسحاق، وكان له كتاب عنه يبيِّن سماعه من عدمه[53]، فهذه الرواية صحيحة عن ابن إسحاق أيضًا.

    الخلاف على ابن أبي ذئب:
    اختُلف عنه:
    - فرواه الثقة عند الشافعي عن ابن أبي ذئب، عن رجل، عمن حدثه أو عن عبيدالله، عن أبي سعيد.
    - ورواه أبو معاوية الضرير ويزيد بن هارون وعبدالله بن المبارك وعبدالله بن وهب ووكيع عن ابن أبي ذئب، عن رجل، عن عبيدالله، عن أبي سعيد.
    - ورواه معمر، عن ابن أبي ذئب، عن رجل، عن أبي سعيد مباشرة.
    - ورواه أبو أحمد الزبيري، عن ابن أبي ذئب، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن أبي سعيد.
    - ورواه عبدالله بن ميمون القداح، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
    - ورواه عدي بن الفضل، عن ابن أبي ذئب، عن محمد بن إسحاق، عن عياض وعقبة، عن أبي هريرة.

    وراويا الوجهين الأخيرين عن ابن أبي ذئب متروكان[54]، لا يعتد بروايتيهما ولا ينظر إليهما.

    وأما رواية أبي أحمد الزبيري؛ فمعلقة لا يدرى إسنادها، وإن صحت عنه، فهي مرجوحة برواية الجماعة الثقات الكبار الذين اتفقوا على روايته عن ابن أبي ذئب على الوجه الأول.

    وقد قصر معمر؛ فلم يذكر عبيدالله الراوي عن أبي سعيد، ولعله للاختلاف في اسمه.

    وشكُّ شيخ الشافعي غير مؤثر في مقابلة رواية الجماعة، وهي أولى بالصواب عن ابن أبي ذئب.

    ب- الخلاف في اسم الراوي عن أبي سعيد الخدري:
    وسأقتصر في سرده على ما جاء في الروايات الراجحة -إذا كانت مما وقع فيه الخلاف الإسنادي السابق-، لأن الخطأ في الروايات المرجوحة واقع في الأسانيد، فأولى به أن يقع في أسماء الرجال فيها:
    الخلاف في رواية ابن أبي ذئب عن الرجل:
    اختُلف على ابن وهب عن ابن أبي ذئب في اسم الراوي عن أبي سعيد:
    - فسماه محمد بن عبدالله بن عبدالحكم عنه: عبيدالله بن عبدالرحمن العدوي.
    - وسماه بحر بن نصر عنه: عبدالله بن عبدالرحمن العدوي.

    واتفق شيخ الشافعي الثقة عنده[55]، وأبو معاوية محمد بن خازم[56]، ويزيد بن هارون، وعبدالله بن المبارك= على تسميته: عبيدالله بن عبدالرحمن العدوي.

    وقال وكيع: عبيدالله بن عبدالله، ورواية وكيع علقها الدارقطني، ولا يُدرى إسنادها.

    والرواية الموافقة للجماعة عن ابن وهب أقوى، وهي الصحيحة عن ابن أبي ذئب.

    الخلاف في رواية محمد بن إسحاق عن سليط:
    اختُلف على محمد بن سلمة الحراني:

    - فقال هارون بن معروف وأحمد بن أبي شعيب الحراني -في رواية أبي زرعة الرازي عنه- ومحمد بن معاوية بن مالج: عبدالرحمن بن رافع.
    - وقال أحمد بن أبي شعيب -في رواية أبي داود عنه- وعبدالعزيز بن يحيى الحراني: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي.

    والأرجح عن ابن سلمة الأول، واستغرب البيهقي الوجه الثاني، قال -بعد أن أسنده من طريق أبي داود-: (كذا روياه عن محمد بن سلمة عن ابن إسحاق، وقيل عن محمد بن سلمة في هذا الإسناد، عن عبدالرحمن بن رافع الأنصاري)[57].

    - وقد اتفق إبراهيم بن سعد وأحمد بن خالد الوهبي وسلمة بن الفضل وشعيب بن إسحاق عن ابن إسحاق[58] على تسميته: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع.
    - وقال يحيى بن واضح: عبيدالله بن عبدالله بن رافع.
    - وقال يونس بن بكير: عبدالله بن عبدالرحمن بن رافع.

    والأقوى عن ابن إسحاق: ما اتفق عليه الجماعة، وفيهم إبراهيم بن سعد المقدم فيه، وأما روايتا يحيى بن واضح ويونس بن بكير؛ فمعلقتان.

    وقد قال ابن حجر: (وقد نص البخاري على أن قول من قال: عبدالرحمن بن رافع= وهمٌ)[59]، وعقَّب الدارقطني رواية محمد بن سلمة في سننه بقوله: (خالفه إبراهيم بن سعد؛ رواه عن ابن إسحاق عن سليط فقال: عن عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع)، فكأنه يعلها، وصرح بذلك في علله، فقال: (واختلف عن ابن إسحاق، فقال محمد بن سلمة الحراني: عن محمد بن إسحاق عن سليط بن أيوب عن عبدالرحمن بن رافع عن أبي سعيد، ووهم، وقال إبراهيم بن سعد وأحمد بن خالد الوهبي وشعيب بن إسحاق: عن ابن إسحاق عن سليط بن أيوب عن عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع عن أبي سعيد، وهو أشبه بالصواب)[60].

    وقد وافق ابنَ إسحاق عن سليط على تسميته: عبيدالله بن عبدالرحمن: الرجلُ شيخُ الشافعي.

    الخلاف في رواية أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن كعب:
    اختلف الرواة عن أبي أسامة بين تسمية الرجل: عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج، وتسميته: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج[61]، وقد رواه ابن أبي شيبة عن أبي أسامة على الوجهين، وبيَّن الإمام أحمد أنه كان يرويهما معًا، فقال: حدثنا أبو أسامة، حدثنا الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب، عن عبيدالله بن عبدالله -وقال أبو أسامة مرةً: عن عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج-.

    فمنشأ الخلاف في اسمه: تردد أبي أسامة فيه، وروايته إياه على الوجهين.

    رواية محمد بن إسحاق عن عبدالله بن أبي سلمة:سماه: عبدالله بن عبدالله بن رافع.

    ويتلوه -بعون الله- دراسة الأسانيد إلى مدار هذا الوجه عن أبي سعيد، وهو ابن ابن رافع بن خديج، ثم بيان المرجَّح في اسمه، وحاله من الثقة والضعف، ثم دراسة الوجوه الأخرى عن أبي سعيد، والروايات الأخرى عن غيره من الصحابة -رضي الله عنهم-.



    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ
    [1] السنن (1/95).
    [2] سمى الراوي عن أبي سعيد: عبيدالله بن عبدالله.
    [3] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن.
    [4] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن.
    [5] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن العدوي، وقد شك شيخُ الشافعي في شيخِ شيخِ ابن أبي ذئب، فقال عن ابن أبي ذئب: عن الثقة عنده، عمن حدَّثه، أو عن عبيدالله.
    [6] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن، وعلقه الدارقطني -في العلل (11/288)- عن أبي معاوية، فجاء عنده: عبيدالله بن عبدالله.
    [7] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن العدوي.
    [8] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن العدوي.
    [9] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن العدوي.
    [10] سماه: عبدالله بن عبدالرحمن العدوي.
    [11] سماه: عبيدالله بن عبدالله.
    [12] سمى الراوي عن أبي سعيد: عبيدالله بن عبدالرحمن.
    [13] سماه: عبيدالله بن عبدالله بن رافع، وصيغته عن ابن إسحاق: بلغني عن عبيدالله.
    [14] سمى الراوي عن أبي سعيد: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، ووقع في سنن الدارقطني: عبدالله، وصوابه من إتحاف المهرة (5/297، 298).
    [15] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع الأنصاري أحد بني عدي بن النجار، ووقع عند الدارقطني: عبدالله.
    [16] سماه: عبدالرحمن بن رافع الأنصاري، إلا في رواية أبي داود، سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي.
    [17] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع.
    [18] سماه: عبيدالله بن عبدالله بن رافع.
    [19] سماه: عبدالله عبدالرحمن بن رافع.
    [20] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع.
    [21] سمى الراوي عن أبي سعيد: عبيدالله بن عبدالرحمن العدوي.
    [22] سمى الراوي عن أبي سعيد في الموضع الأول: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج، وسماه في الموضع الثاني: عبيدالله بن عبدالله. ووقع في فوائد سمويه: عبدالرحمن بن عبدالرحمن، ولعله تحريف عن: عبيدالله بن عبدالرحمن؛ فإنه يرويه عن ابن أبي شيبة، وهو قد سماه في أحد الموضعين: عبيدالله بن عبدالرحمن، وهو الأقرب إلى ما في فوائد سمويه.
    [23] قال أحمد عن أبي أسامة: عن عبيدالله بن عبدالله، وقال أبو أسامة مرةً: عن عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج.
    [24] سماه: عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج.
    [25] سماه: عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج.
    [26] سماه: عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج.
    [27] سماه: عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج.
    [28] سماه: عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج.
    [29] سماه في رواية النسائي عنه: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج، وفي رواية ابن المنذر: عبيدالله بن عبدالله.
    [30] سماه: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، وأما الطبري فأرسل الحديث، قال عن الوليد بن كثير: قيل: يا رسول الله، أنتوضأ من بئر بضاعة؟
    [31] سماه: عبيدالله بن عبدالله.
    [32] سماه: عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج.
    [33] شك بين: عبدالله وعبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج.
    [34] سماه: عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج.
    [35] سماه يوسف: عبدالله بن عبدالله، وسمياه: عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج.
    [36] سماه: عبدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج.
    [37] سمى الراوي عن أبي سعيد: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، ووقع في إتحاف المهرة (5/299): عبدالله بن عبدالرحمن، والأول من المسند وأطرافه (6/278، 279).
    [38] هكذا وقعت روايتاهما في السنن، ووقع في إتحاف المهرة (5/268) أن شيخ إبراهيم بن سعد فيهما: الوليد بن كثير، كرواية أحمد، وفي ذلك نظر؛ فنسخ السنن جاءت هكذا، ولم يذكر المحققون فيها خلافًا، وكذا رواية البيهقي من طريقه (وهي من طريق ابن شوكر فحسب)، والدارقطني اعتمد -في العلل (11/285، 288)- رواية ابن أبي سلمة هذه، وذكرها من رواية ابن إسحاق عنه، لا من رواية الوليد بن كثير، وكذا؛ فقد توافق اسم الراوي فيهما عن أبي سعيد= مع رواية سمويه والطبري، فدل على أنها رواية ابن إسحاق نفسها.
    [39] سمى الراوي عن أبي سعيد: عبدالله بن عبدالله بن رافع.
    [40] إلا أن ذكر سليط جاء مصدرًا بـ (يعني)، قال: عن خالد بن أبي نوف، يعني: عن سليط بن أيوب، عن ابن أبي سعيد...، ثم أشار المزي إلى رواية النسائي. ومنه؛ فيحتمل أن المزي حمل رواية أحمد على رواية النسائي، فأضاف سليطًا في الإسناد مصدرًا بـ(يعني)؛ لكونه تيقن أو ترجح له أن سقوط سليط من الإسناد خطأ، وانظر: الكفاية، للخطيب (ص252).
    [41] (6/269).
    [42] (5/280).
    [43] أسقط خالدٌ الراوي عن أبي سعيد.
    [44] وقد سقط هذا من موضعه في العلل (11/288).
    [45] وسبقت الإشارة -في التخريج- إلى أنه سقط سليط من بعض نسخ المسند؛ حيث أخرج أحمد رواية عبدالصمد بن عبدالوارث، وسقط سليط أيضًا في رواية عيسى بن إبراهيم البركي.
    [46] الجرح والتعديل (3/17)، وهذا الحديث من رواية أبي زرعة عنه.
    [47] (8/177).
    [48] في العلل (11/285، 286).
    [49] في السنن (1/257).
    [50] ولم أقف على رواية للوليد بن كثير عن عبدالله بن أبي سلمة غير هذه الرواية.
    [51] الخلافيات (3/199)، ووقع فيه: وإنما رواه عن محمد بن إسحاق...، ولعل الصواب ما أثبت.
    [52] العلل (11/287).
    [53] كما سبق في الحديث (10).
    [54] يأتي تخريج روايتيهما والكلام عليهما.
    [55] وقد عرف أن الشافعي إذا أطلق هذا، فالمقصود غالبًا: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، المتروك.
    [56] في روايته التي أسندها أبو عبيد عنه، وقد علقه الدارقطني -في العلل (11/288)- عن أبي معاوية، فجاء عنده: عبيدالله بن عبدالله. والرواية المسند أولى بالتقديم.
    [57] السنن (1/257).
    [58] ورواية شعيب معلقة.
    [59] تهذيب التهذيب (7/26).
    [60] العلل (11/286، 287).
    [61] إلا رواية يوسف بن موسى، فقد جاءت: عبدالله بن عبدالله، وفيها نظر، ولعله تصحف عليه، فإنه لا يروي هذا الوجه عن أبي أسامة -فيما وجدت- إلا هو، وشك الحارثي عن أبي أسامة في كون اسم الراوي عن أبي سعيد: عبدالله= مطرح بتسمية الناس له: عبيدالله دون شك.
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    توطئة:
    مضى في الحلقة السابقة دراسة رواية ابن ابن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري في حديث بئر بضاعة، وبيان خلاف الرواة في أسانيد الحديث، وخلافهم في تسمية ابن ابن رافع.

    وأواصل في هذه الحلقة دراسة هذا الحديث، بدءًا بدراسة الأسانيد إلى الرواة الأربعة عن مدار الحديث.

    دراسة الأسانيد إلى المدار:
    مدار الحديث على الراوي المختلف في اسمه، وعنه أربعة:
    1- الرجل المبهم شيخ ابن أبي ذئب، وقد جاء في رواية ابن وهب وابن المبارك: عن ابن أبي ذئب، عمن لا يتهم.
    وقد قال الإمام أحمد: (مالك أشد تنقية للرجال منه، ابن أبي ذئب كان لا يبالي عمن يحدث)، وقال الخليلي: (إذا روى عن الثقات؛ فشيوخه شيوخ مالك، لكنه قد يروي عن الضعفاء)، إلا أن ابن معين قال: (كل من روى عنه ابن أبي ذئب ثقة، إلا أبا جابر البياضي)، وقال أحمد بن صالح المصري: (شيوخ ابن أبي ذئب كلهم ثقات، إلا أبو جابر البياضي).
    فهذه الرواية ليست بالمطروحة، ولا هي بالصحيحة، ويعتبر بها.
    2- سليط بن أيوب، وهو الأنصاري، ذكره البخاري في التاريخ الكبير[1]، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل[2]، وذكرا روايته عن ابن رافع الأنصاري، ولم ينقلا فيه جرحًا ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في الثقات[3].
    والإسناد إلى سليط حسن، فيه ابن إسحاق، صدوق في أحاديث الأحكام إذا بيَّن سماعه، وعامة الروايات عن ابن إسحاق بالعنعنة بينه وبين سليط، ولعله لأجل ذلك قال أبو حاتم: (محمد بن إسحق بن يسار صاحب المغازي بينه وبين سليط رجل)، ولكن رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق جاءت بتصريح ابن إسحاق بالسماع من سليط، وقد قال أحمد بن حنبل: (كان ابن إسحاق يدلس، إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد يبيِّن، إذا كان سماعًا؛ قال: حدثني، وإذا لم يكن؛ قال: قال:...)[4].
    وتابع ابن إسحاق عن سليط: رجلٌ مبهم روى عنه الشافعي.
    3- محمد بن كعب القرظي، وهو ثقة حجة. والإسناد إليه صحيح.
    4- عبدالله بن أبي سلمة الماجشون، وهو ثقة، والإسناد إليه حسن، فيه محمد بن إسحاق، وقد صرح بالسماع من عبدالله.

    حال المدار:
    وهو الراوي عن أبي سعيد، وقد تلخص من الخلاف في اسمه ثلاثة أقوال:
    أحدها: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، قاله شيخ ابن أبي ذئب وسليط بن أيوب ومحمد بن كعب -في إحدى روايات أبي أسامة عن الوليد بن كثير عنه-،
    والثاني: عبيدالله بن عبدالله بن رافع، قاله محمد بن كعب -في الرواية الأخرى لأبي أسامة-،
    والثالث: عبدالله بن عبدالله بن رافع، قاله عبدالله بن أبي سلمة.

    والأول هو أشهرها -كما هو ظاهر-، ولعله أرجح الأقوال في اسمه[5].

    وقد ذكر الخلاف في اسمه ابن القطان، ثم قال: (وكيفما كان؛ فهو من لا تعرف له حال ولا عين)[6].

    فأما عين الرجل؛ فمعروفة، وقد روى عنه أربعة رجال -كما في حديثنا هذا-، وروى عنه هشام بن عروة أيضًا.

    وأما حاله؛ الأقرب تقويتها، ولهذا قرائن مؤيدات:
    الأولى: قد روى عبيدالله عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من أحيا أرضًا ميتة فله بها أجر، وما أكلت منه العافية فله به أجر»، أخرجه أبو عبيد في الأموال (702) ويحيى بن آدم في الخراج (259) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، وابن أبي شيبة (22381) عن وكيع، وأحمد (3/313) والنسائي في الكبرى (5724) وابن حبان (5203) من طريق يحيى القطان، وأحمد (3/326) من طريق أبي عقيل عبدالله بن عقيل، وأحمد (3/381) والدارمي (2607) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، وابن زنجويه في الأموال (1050) من طريق ابن أبي الزناد، وابن حبان (5202) من طريق حماد بن سلمة، والبيهقي (6/148) من طريق أنس بن عياض، كلهم -تسعة رواة- عن هشام بن عروة، عن عبيدالله، عن جابر، به.

    وقد تابعه على هذا الحديث عن جابر: وهب بن كيسان، أخرجه أحمد (3/304) والنسائي في الكبرى (5726) من طريق عباد بن عباد، وأحمد (3/338) والبيهقي (6/148) وابن عبدالبر في التمهيد (22/281) من طريق حماد بن زيد، والترمذي (1379) والنسائي في الكبرى (5725) وأبو يعلى (2195) وابن حبان (5205) والطبراني في الأوسط (4779) من طريق عبدالوهاب الثقفي عن أيوب السختياني[7]، ثلاثتهم عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، به،والحديثان عن هشام بن عروة محفوظان -وحكم بذلك الدارقطني[8] وابن حبان[9]، وأشار إليه ابن عبدالبر[10]-، وتابع عبيدَالله بن عبدالرحمن بن رافع عن جابر أيضًا: أبو الزبير، أخرجه أحمد (3/356) وابن زنجويه في الأموال (1049) -ومن طريقه البغوي في شرح السنة (6/149)- وأبو يعلى (1805) وابن حبان (5204) والبيهقي (6/148) وغيرهم من طريق أبي الزبير، به[11].

    والمقصود من هذا: أن عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع يتابع في حديثه، والمتابعة دليل الضبط.

    ولهذا بوَّب على هذا الحديث ابنُ حبان بقوله: (ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن عبيدالله[12] بن عبدالرحمن هذا مجهول لا يعرف...).
    القرينة المؤيدة الثانية: أن عبيدالله من التابعين الأوائل، روى عن جابر وأبي سعيد، ووفاتهما بين الستين والثمانين، ومثل هؤلاء لم يتشدد الأئمة في الحكم بجهالتهم، وقبلوا عنهم ما يحدثون به ما لم يأتوا بمنكر ولو كان فيهم نوع جهالة، وفيما يأتي عضد لهذا.

    المؤيد الثالث: أنه مع كون متابعات عبيدالله عن أبي سعيد الخدري لا تصح -كما سيأتي-؛ إلا أنه قد صحح حديثَهُ هذا: الإمام أحمد، قال ابن الجوزي: (ذكر أبو بكر عبدالعزيز في كتاب الشافي عن أحمد أنه قال: "حديث بئر بضاعة صحيح")[13]، وقال المزي: (قال أبو الحسن الميموني عن أحمد بن حنبل: "حديث بئر بضاعة صحيح، وحديث أبي هريرة: «لا يبال في الماء الراكد» أثبت وأصح إسنادًا")[14]، ونقل النووي عن ابن معين تصحيحه أيضًا[15]، وحسنه الترمذي، قال: (هذا حديث حسن)[16]، وانتقاه ابن الجارود فيما انتقاه في المنتقى من السنن المسندة له، ونقل ابن الملقن عن ابن حزم قوله: (هذا حديث صحيح، جميع رواته معروفون عدول)[17]، وذكر ابن عبدالبر حديث أبي سعيد في ثابت الأثر من أدلة القول الصحيح عنده[18]، وقال محيي السنة البغوي: (هذا حديث حسن صحيح)[19].

    وهذا يدل على أن خفاء شيء من حال عبيدالله لم يؤثر في روايته، فهي مقبولة عندهم، وقد قال الذهبي ملخصًا حاله: (صحح أحمد حديثه في بئر بضاعة، وعنده حديث في إحياء الموات)[20]، فكأنه يشير إلى تقوية حاله.

    المؤيد الرابع: أن ابن حبان ذكره في ثقاته[21].
    وقد قال ابن منده: (فإن كان عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع هذا هو الأنصاري الذي روى عن جابر بن عبدالله؛ فقد روى عنه هشام بن عروة، وهو رجل مشهور في أهل المدينة. وعبدالله بن رافع بن خديج مشهور، وعبيدالله ابنه مجهول، فهذا حديث معلول برواية عبيدالله بن عبدالله)[22].

    وما سبق في دراسة الاختلاف في اسم الراوي يثبت أنه راوي هذا الحديث عن أبي سعيد هو عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، لا عبيدالله بن عبدالله المجهول، وقد جاء منسوبًا في بعض روايات حديثه عن جابر: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج، وهكذا نُسب الراوي هنا عن أبي سعيد، وذكر البخاري روايته عن جابر بعقب روايته عن أبي سعيد، فهو واحدٌ يروي عنهما معًا.

    ورجلٌ بهذه المثابة، لا يعرف له إلا حديثان، صحح بعض الأئمة أولهما وحسنه بعضهم، وتوبع على الآخر، ويروي عن صحابيين متقدمين، وهو مشهور في أهل المدينة= لا يتشدد في جهالته، وروايته مقبولة محتج بها.

    ب- دراسة أسانيد رواية أبي نضرة عن أبي سعيد:
    وقد رواه قيس بن الربيع عن طريف أبي سفيان، عن أبي نضرة، به، ورواه شريك عن طريف، واختُلف عنه:
    فرواه الهيثم بن جميل ومحمد بن الصباح عن شريك كرواية قيس بن الربيع.
    ورواه يزيد بن هارون عن شريك، عن طريف، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-، به[23].
    ورواه محمد بن سعيد الأصبهاني عن شريك، فقال في روايته: عن أبي نضرة، عن جابر أو أبي سعيد، وهذا الاختلاف ناشئ من ضعف شريك وتخليطه، وهذا ظاهر في كونه مرة يرويه من مسند أبي سعيد، ومرة من مسند جابر، ومرة يشك بينهما.

    ويترجح جانب جعله من مسند أبي سعيد برواية قيس بن الربيع -وإن كان فيه كلام-، ولذا قال البيهقي: (وقد قيل عن شريك بهذا الإسناد: عن جابر، وقيل عنه: عن جابر أو أبي سعيد بالشك، وأبو سعيد كأنه أصح)[24].

    وأيًّا يكن، فالحديث منكر؛ لتفرد طريف به عن أبي نضرة، وطريف منكر الحديث، تركه بعض الأئمة[25].

    ج- إسناد رواية الرجل المبهم عن أبي سعيد:
    سبق الكلام عليه في الخلاف على ابن أبي ذئب في دراسة أسانيد رواية ابن رافع عن أبي سعيد، وهو من رواية معمر عنه.

    د- إسناد رواية ابن أبي سعيد عن أبيه أبي سعيد:
    سبق الكلام عليه في الخلاف على مطرف بن طريف في دراسة أسانيد الوجه الأول عن أبي سعيد، حيث رواه عنه عبدالعزيز بن مسلم من طريق ابن أبي سعيد، واختُلف عليه في الإسناد، وخولف فيها.

    هـ- إسناد رواية سليط بن أيوب عن أبي سعيد:
    وقد سبق أن راويها (خالدًا السجستاني) مجهول، وقد خولف في روايته هذه عن محمد بن إسحاق.

    و- دراسة إسناد رواية عطاء بن يسار عن أبي سعيد:
    رواها عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، واختُلف عنه:
    فقال أبو مصعب المدني وابن أبي أويس عنه، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد.
    وقال ابن وهب عنه، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي هريرة[26].

    وعبدالرحمن هذا ضعيف، وبعض الأئمة ضعفه جدًّا، ونص الحاكم وأبو نعيم على أنه روى عن أبيه أحاديث موضوعة، قال البيهقي عقب رواية عبدالرحمن عن أبيه عن أبي سعيد: (هكذا رواه إسماعيل بن أبي أويس عن عبدالرحمن، وروي عن ابن وهب عن عبدالرحمن عن أبيه عن عطاء عن أبي هريرة، وعبدالرحمن بن زيد ضعيف لا يحتج بأمثاله)[27].

    فهذه الرواية بوجهيها شديدة النكارة.

    ز- إسناد رواية أبي مسكين عن أبي سعيد:
    وفيها قرة بن سليمان، ضعفه أبو حاتم[28]، وسليمان بن أبي داود الحراني، قال فيه البخاري: (منكر الحديث)[29]، وقال أبو زرعة: (لين الحديث)، وقال أبو حاتم: (منكر الحديث جدًّا)[30].

    فهذه الرواية واهية جدًّا.

    ز- إسناد رواية عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن أبي سعيد:
    وهي وجه عن ابن أبي ذئب، سبق بيان أنه معلق لا يدرى إسناده، وأن فيه مخالفة لجمع من الثقات عن ابن أبي ذئب.

    الخلاصة في حديث أبي سعيد:
    ثبت الحديث من طريق عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج عن أبي سعيد، ولم يثبت من طريق غيره.

    2- تخريج حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-:
    أخرجه ابن ماجه (520) من طريق يزيد بن هارون، والطبري في تهذيب الآثار (1056-مسند ابن عباس) والطحاوي (1/12) والبيهقي في الخلافيات (979) من طريق محمد بن سعيد الأصبهاني، كلاهما عن شريك، عن طريف، عن أبي نضرة، عن جابر -رضي الله عنه-، به.
    وجاءت رواية الأصبهاني عن شريك بالشك في كون الصحابي جابرًا أو أبا سعيد -كما سبق في الوجه الثاني عن أبي سعيد-.

    دراسة الأسانيد:
    قد سبق في رواية أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن شريكًا كان يضطرب في هذا الحديث؛ فيرويه من طريق أبي سعيد مرة، ومن طريق جابر مرة، ويشك بين الاثنين أحيانًا، وأن الأقوى حديث أبي سعيد، وأن الحديث منكر على كل حال؛ لأن طريفًا أبا سفيان راويَهُ منكر الحديث.

    3- تخريج حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:
    الوجه الأول عن أبي هريرة:
    عن عطاء، عنه:
    أخرجه الطبري في تهذيب الآثار (1059-مسند ابن عباس) والدارقطني (1/31) من طريق ابن وهب، عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء، به.

    الوجه الثاني عن أبي هريرة: عن المقبري، عنه:
    علقه الدارقطني في العلل (8/156) عن عبدالله بن ميمون القداح، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، به.

    الوجه الثالث عن أبي هريرة: عن عياض وعقبة، عنه:
    علقه الدارقطني في العلل (8/156) عن عدي بن الفضل، عن ابن أبي ذئب، عن محمد بن إسحاق، عنهما، به.

    دراسة الأسانيد:
    أ- إسناد رواية عطاء عن أبي هريرة:
    وهي من رواية عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء، وسبق في رواية عطاء عن أبي سعيد الخدري أن الرواية من هذا الوجه شديدة النكارة.

    ب- دراسة إسناد رواية المقبري عن أبي هريرة:
    وهي من رواية عبدالله بن ميمون القداح عن ابن أبي ذئب عن المقبري به، والقداح منكر الحديث متروك، وراويته هذه أشبه بالموضوعة.

    ج- دراسة إسناد رواية عياض وعقبة عن أبي هريرة:
    وهي من رواية عدي بن الفضل عن ابن أبي ذئب عن ابن إسحاق عنهما به، وعدي متروك الحديث، وهذه الرواية كسابقتها.
    ولا يصح الحديث عن أبي هريرة.

    4- حديث جماعة من الصحابة فيهم أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد:
    أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/505) عن محمد بن عمر الواقدي، عن أبيّ بن عباس بن سهل، عن أبيه، عنهم، به.

    وقد جاء عن سهل وحده، وعن أبي حميد وحده:
    أ- تخريج حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-:أخرجه قاسم بن أصبغ في مصنفه -ومن طريقه ابن عبدالبر في الاستذكار (1608)[31]-، ومحمد بن عبدالملك بن أيمن في مستخرجه على سنن أبي داود -ومن طريقه ابن حزم في المحلى (1/155)[32]
    كلاهما عن محمد بن وضاح، عن عبدالصمد بن أبي سكينة، عن عبدالعزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل -رضي الله عنه-، به.

    وجاء عن سهل -رضي الله عنه- أنه سقى النبي -صلى الله عليه وسلم- من بئر بضاعة:
    أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/505) عن محمد بن عمر الواقدي، عن إبراهيم بن محمد، عن أبيه، وأحمد (5/337) والدارقطني (1/32) من طريق فضيل بن سليمان، وسمويه في فوائده (20) وأبو يعلى (7519) -ومن طريقه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (1/392) وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/169)- عن إسحاق بن أبي إسرائيل، والأثرم في سننه (37) عن إبراهيم بن حمزة، والأثرم (37)، والروياني (1121) عن محمد بن إسحاق الصغاني، كلاهما -الأثرم والصغاني- عن علي بن بحر، والطحاوي (1/12) من طريق أصبغ بن الفرج، أربعتهم عن حاتم بن إسماعيل، وابن شبة في تاريخ المدينة (1/157) عن محمد بن يحيى، والشافعي -كما ذكر البيهقي في معرفة السنن (2/79)-، كلاهما عن رجل[33]، ثلاثتهم -فضيل وحاتم والرجل- عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن أمه[34]، والطبراني في الكبير (6/207) -وعنه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/169)- من طريق هشام بن عمار، والبيهقي في السنن (1/259) ومعرفة السنن (1823) من طريق محمد بن يعقوب الأصم عن الصغاني عن علي بن بحر، كلاهما -هشام وعلي- عن حاتم بن إسماعيل[35]، عن محمد بن أبي يحيى، عن أبيه[36]، ثلاثتهم -محمد والد إبراهيم وأم محمد بن أبي يحيى وأبوه- عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- به.

    ب- تخريج حديث أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه-:
    أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/505) عن الواقدي، عن عبدالمهيمن بن عباس بن سهل، عن يزيد بن المنذر بن أبي أسيد الساعدي، عن أبيه المنذر، عن أبي حميد -رضي الله عنه-، به.

    دراسة الأسانيد:
    أ- إسناد رواية الجماعة من الصحابة فيهم أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد:وقد رواها الواقدي، عن أبيّ بن عباس بن سهل، عن أبيه، أنه سمعهم يقولون: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بئر بضاعة، فتوضأ في الدلو، ورده في البئر، ومج في الدلو مرة أخرى، وبصق فيها، وشرب من مائها، وكان إذا مرض المريض في عهده يقول: «اغسلوه من ماء بضاعة»، فيغسل، فكأنما حل من عقال.
    والواقدي متروك الحديث، وأبيّ ضعيف، والرواية منكرة.

    ب- دراسة أسانيد رواية سهل بن سعد -رضي الله عنه-:
    وقد جاء بلفظ حديث أبي سعيد، وبلفظ آخر فيه أن سهلاً سقى النبي -صلى الله عليه وسلم- من بئر بضاعة:
    فأما حديث سهل بلفظ حديث أبي سعيد:
    فقد تفرد به -فيما وجدتُ- عبدالصمد بن أبي سكينة الحلبي، عن عبدالعزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل، به، وعبدالصمد لم أجد له ترجمة، وقال ابن حجر: (قال ابن عبدالبر وغير واحد: إنه مجهول، ولم نجد عنه راويًا إلا محمد بن وضاح)[37]، وقال ابن دقيق العيد: (تتبعت تراجم من اسمه عبدالصمد في تاريخ الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن الدمشقي، فلم أجد له في تلك التراجم ذكرًا)[38]، وقد جاء في سياق إسناد محمد بن عبدالملك بن أيمن عن محمد بن وضاح: (حدثنا أبو علي عبدالصمد بن أبي سكينة، وهو ثقة...)، ونقل ابن القطان عن ابن حزم قوله فيه: (ثقة مشهور)[39].

    ولو صح توثيق الرجل، فعبدالعزيز بن أبي حازم مشهور، وحديثه عن أبيه معروف، وقد نص الإمام أحمد على أنه لم يكن يعرف بطلب العلم إلا أنه قيل: إنه سمع كتب أبيه، ومثل هذه الكتب يحرص الأئمة الثقات على روايتها عن ابن أبي حازم؛ ذلك أن أبا حازم ثقة إمام، وهو راوية سهل بن سعد -رضي الله عنه-.

    إلا أنه لم يوجد لهذا الحديث بتمامه راوٍ عن ابن أبي حازم غير ابن أبي سكينة هذا، وهو -وإن كان ثقة- إلا أن تفرده بهذا الحديث محل نظر، ورجلٌ لم يعرف إلا بهذا الحديث، ولا يعرف عنه إلا راوٍ واحد، وهو في مثل هذه الطبقة المتأخرة= لا يمكن قبول تفرده عن مثل هذا الراوي بمثل هذه الطريق.

    ولذا؛ فقد أعل هذه الطريق ابن عبدالبر، قال: (وهذا اللفظ غريب في حديث سهل[40]، ومحفوظ من حديث أبي سعيد الخدري، لم يأتِ به في حديث سهل غير ابن أبي حازم)[41].
    وقد كان قاسم بن أصبغ قال: (هذا من أحسن شيء روي في حديث بضاعة)[42].
    ولو صح الحديث، فهو شاهد لحديث عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، يقويه ويعضده.

    وأما حديث سهل بلفظ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شرب من بئر بضاعة:
    فقد جاء من طريقين عنه:
    الأول: رواه الواقدي، عن إبراهيم بن محمد، عن أبيه، عن سهل، به، ولعل إبراهيم هو ابن محمد بن ثابت بن شرحبيل، وهو صدوق[43]، وأبوه مجهول.
    والواقدي متروك -كما سبق-، وروايته هذه منكرة.
    الطريق الثاني عن سهل: رواه حاتم بن إسماعيل عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، واختُلف عن حاتم:
    فرواه إسحاق بن أبي إسرائيل، وأصبغ بن الفرج، وإبراهيم بن حمزة عن حاتم، عن محمد بن أبي يحيى، عن أمه،
    ورواه هشام بن عمار عن حاتم عن محمد عن أبيه،
    ورواه علي بن بحر، وعنه الأثرم والصغاني -من رواية الروياني عنه- كما رواه الجماعة عن حاتم بن إسماعيل.

    وأسنده البيهقي عن الحاكم عن محمد بن يعقوب الأصم عن الصغاني، فجاء فيه: (عن أبيه)، ولعله تصحف على البيهقي، فالروياني يرويه عن الصغاني؛ فيذكر (عن أمه)، والأثرم يرويه عن علي بن بحر؛ فيذكر (عن أمه) كذلك. وفي صلب الرواية: (دخلنا على سهل بن سعد في نسوة)، والمشهور أن تقول هذه الكلمة النساء، لا الرجال.
    وقد رواه فضيل بن سليمان وإبراهيم بن محمد، عن محمد بن أبي يحيى، عن أمه، عن سهل، كما رواه الجماعة عن حاتم بن إسماعيل.

    والأرجح عن حاتم بن إسماعيل: الوجه الأول؛ لاجتماع الثقات عليه عنه، ولمتابعة فضيل بن سليمان وإبراهيم بن محمد حاتمًا عليه عن محمد بن أبي يحيى.

    ومحمد بن أبي يحيى ثقة، وتُكلِّم فيه، وأما أمه؛ فمجهولة، قال ابن التركماني: (ولم نعرف حال أمه ولا اسمها بعد الكشف التام، ولا ذكر لها في شيء من الكتب الستة)[44]، وقد أخرج ابن ماجه لأم محمد بن أبي يحيى، لكن المقصود أنها مجهولة لا يعرف لها اسم ولا حال.

    ج- إسناد رواية أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه-:
    وقد رواه الواقدي عن عبدالمهيمن بن عباس بن سهل، وفيه من لم أعرفه، والواقدي متروك، وعبدالمهيمن واهٍ منكر الحديث، وبعضهم تركه.
    فهذه الرواية واهية.

    خلاصة الحكم على الحديث:
    صح الحديث مرفوعًا من رواية عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع بن خديج، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وله شاهد من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- من رواية أبي حازم عنه.
    وروت أم محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن سهل أنه سقى النبي -صلى الله عليه وسلم- من بئر بضاعة.



    ـــــــــــــــ ـــــــــ
    [1] (4/191).
    [2] (4/287).
    [3] (6/430).
    [4] العلل ومعرفة الرجال برواية المروذي (ص38، 39).
    [5] وذكر البخاري في ترجمته حديثًا لهشام بن عروة يرويه عنه عن جابر، وسماه هشام: عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع الأنصاري -على خلاف يسير في الرواية عن هشام-، فهذه متابعة لمن سماه كذلك. ويأتي مزيد في ذلك.
    [6] بيان الوهم والإيهام (3/309).
    [7] وقد جاء بطرق صحيحة عن عبدالوهاب عن أيوب عن هشام عن أبيه عن سعيد بن زيد، وعبدالوهاب اختلط بآخرة.
    [8] العلل (13/387).
    [9] الإحسان (11/617).
    [10] التمهيد (22/282).
    [11] وسيأتي تخريج الحديث والحكم عليه في موضعه من «الروض المربع» -بعون الله-.
    [12] وقع في الإحسان (11/614): عبدالله، وهو خطأ، وقد نقل هذا الحديثَ ابنُ حجر عن صحيح ابن حبان في رواية عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع عن جابر -في إتحاف المهرة (3/231)-.
    [13] التحقيق (1/41).
    [14] نقله عن أحمد: أبو الحارث -كما في الإمام (1/115) وشرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (2/547)-، والميموني -كما في تهذيب الكمال (19/84)-.
    وقد زعم مغلطاي -في إكمال تهذيب الكمال (9/43)- أن الإمام أحمد إنما صحح حديث بئر بضاعة مطلقًا، ولم يرد طريق أبي سعيد الخدري بخصوصه، ثم قال: (والذي يشبه أنه يريد حديث سهل بن سعد لا هذا)، والجواب عن ذلك من وجوه:
    الأول: أن هذا احتمالٌ لا يقوم عليه برهان قاطع، ولا قرينة مؤيدة.
    الثاني: أن أشهرَ طريق وأظهرَها للحديث: طريق عبيدالله عن أبي سعيد الخدري، وإذا أطلق حديث بئر بضاعة انصرف الذهن إليها، وقد أخرج منها أحمد في مسنده ثلاث روايات، بينما لم يخرج لحديث سهل طريقًا واحدة، وإذا كان الإمام أحمد يصحح طريقًا؛ فأولى به أن يخرجها في مسنده.
    الثالث: أن حديث سهل بن سعد معلول -كما سيأتي-، وفي إسناده تفرد رجل مجهول في طبقة متأخرة، فيبعد أن يقصده الإمام أحمد بتصحيح حديثه ذاك مستقلاً.
    الرابع: أن مؤيدات تصحيح حديث عبيدالله متوافرة، وقد ذُكر طرف منها آنفًا، وليس بمستنكر أن يصحح الإمام أحمد له حديثًا، وقد صحح له غيرُهُ وحسَّن هذا الحديث.
    [15] شرح سنن أبي داود (ص201، 202).
    [16] السنن (1/95)، وجاء قوله كذلك في نسخة الكروخي (ق8أ) وفي تحفة الأشراف (3/395)، وقال ابن الملقن -في البدر المنير (1/381)-: (قال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وفي بعض نسخه: "صحيح").
    [17] البدر المنير (1/388).
    [18] الاستذكار (2/105، 106).
    [19] شرح السنة (2/61).
    [20] الكاشف (3566).
    [21] في (5/70، 71)، باسم (عبيدالله بن عبدالله) و(عبيدالله بن عبدالرحمن).
    [22] نقله ابن دقيق العيد -في الإمام (1/116، 117)-، وقد اختصره ابن حجر، فلم ينقل -في ترجمة عبيدالله بن عبدالرحمن في تهذيب التهذيب (7/26)- إلا كلام ابن منده في عبيدالله بن عبدالله، وهو قوله: (مجهول)، وكان الأولى أن يُنقل الكلام بتمامه.
    [23] يأتي تخريجها.
    [24] السنن (1/258).
    [25] وقد اقتصر ابن حجر -في التقريب (3013)- على تضعيفه، والأقوى أنه شديد الضعف.
    [26] يأتي تخريجها.
    27] السنن (1/258).
    [28] الجرح والتعديل (7/131).
    [29] التاريخ الكبير (4/11).
    [30] الجرح والتعديل (4/115).
    [31] أفاد كونَه في مصنف قاسم بن أصبغ ابنُ حجر -في التلخيص (1/13)-.
    [32] أفاد كونَه في مستخرج ابن أيمن: ابنُ حجر -في التلخيص (1/13)-.
    [33] قال محمد بن يحيى: حُدِّثنا عن ابن أبي يحيى، وقال الشافعي: عن رجل. قال البيهقي عقبه: (وهذا الرجل هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى)، ولا يبعد أن يكون الذي أسقطه ابن يحيى هو إبراهيم نفسه.
    [34] تصحف في مطبوعة مسند أبي يعلى إلى (عن أبيه)، وقد جاء في رواية أبي الشيخ وأبي نعيم من طريق أبي يعلى على الصواب.
    [35] تصحف اسمه في مطبوعة معجم الطبراني إلى (جابر بن إسماعيل)، وهو على الصواب في رواية أبي نعيم عنه.
    [36] هكذا جاء في مطبوعة سنن البيهقي، وجاء في نقل ابن التركماني عن البيهقي -بحاشية السنن (1/258)-، وفي مطبوعة معرفة السنن= أنه قال: (عن أمه)، ويرده أن البيهقي قال -في معرفة السنن-: (... وقد رواه غيره عن أبيه، وأبوه ثقة، أخبرناه...)، ثم أسند هذه الرواية، وقد عقب عليها في السنن بقوله: (وهذا إسناد حسن موصول).
    [37] التلخيص (1/13).
    [38] الإمام (1/119).
    [39] بيان الوهم والإيهام (5/225)، ونقله عن كتاب (الإيصال) لابن حزم ابن دقيق العيد -في الإمام (1/118، 119)-.
    [40] وقع في الاستذكار: سعد، وهو خطأ.
    [41] الاستذكار (2/111).
    [42] الاستذكار (2/111).
    [43] انظر: التاريخ الكبير (1/320)، الجرح والتعديل (2/125)، ثقات ابن حبان (6/5).
    [44] الجوهر النقي (1/258).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    جزاك الله خيرا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    12-(1/72) (... وحديث: «الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه»).

    1- تخريج حديث أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه-:
    أخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في مشيخته (160-ترقيمي)، والطبري في تهذيب الآثار (1077-مسند ابن عباس) عن محمد بن العلاء أبي كريب، كلاهما -يعقوب وأبو كريب- عن محمد بن يزيد الحزامي.

    وابن ماجه (521) عن محمود بن خالد، وابن ماجه (521) والطبراني في الكبير (8/123) من طريق العباس بن الوليد، والطبري في تهذيب الآثار (1076-مسند ابن عباس) عن عيسى بن خالد أبي شرحبيل الحمصي، والبيهقي في السنن (1/259) ومعرفة السنن (1846) من طريق أبي الأزهر أحمد بن الأزهر، أربعتهم عن مروان بن محمد الطاطري.

    وابن عدي في الكامل (3/156) عن ابن ناجية، والطبراني في الأوسط (744)، والدارقطني (1/28) -ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (1/41)- عن دعلج، كلاهما عن أحمد بن علي الأبار، كلاهما -ابن ناجية وأحمد بن علي- عن محمد بن يوسف الغضيضي.

    ثلاثتهم -محمد بن يزيد الحزامي ومروان بن محمد والغضيضي- عن رشدين بن سعد، عن معاوية بن صالح.

    وابن عدي في الكامل (1/260) والبيهقي (1/260) من طريق أبي أحمد الحاكم، كلاهما عن أحمد بن عمير بن جوصا، عن محمد بن إبراهيم أبي أمية الطرسوسي، عن حفص بن عمر.

    والبيهقي (1/259) من طريق الشاماتي، عن عطية بن بقية بن الوليد، عن أبيه بقية، كلاهما -حفص وبقية- عن ثور بن يزيد.

    كلاهما -معاوية بن صالح وثور بن يزيد- عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه أو طعمه»، زاد ابن ماجه في روايته والبيهقي في رواية عطية بن بقية: (أو لونه).
    2- تخريج حديث ثوبان -رضي الله عنه-:
    أخرجه الدارقطني (1/28) -ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (1/40)- من طريق علي بن سراج، عن أبي شرحبيل عيسى بن خالد، عن مروان بن محمد، عن رشدين بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن ثوبان، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الماء طهور، إلا ما غلب على ريحه أو على طعمه».
    3- تخريج حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه-:
    أخرجه الطبري في تهذيب الآثار (1075-مسند ابن عباس) عن أبي شرحبيل عيسى بن خالد، عن خالد بن خلي، عن بقية، عن ثور، عن خالد، أن معاذ بن جبل قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا وجدنا الماء لم يتغير طعمه ولا ريحه؛ أن نتوضأ منه ونشرب.
    4- تخريج مرسل راشد بن سعد:
    أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (264) عن إبراهيم بن محمد.
    وأبو مسهر في نسخته (6) -ومن طريقه ابن عدي في الكامل (3/156) ومغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (2/152)-، ومسدد في مسنده -كما في إتحاف الخيرة المهرة (417)-، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/16) من طريق علي بن معبد، والدارقطني (1/29) من طريق معلى بن منصور، أربعتهم عن عيسى بن يونس.

    والدارقطني (1/28) من طريق أبي معاوية وأبي إسماعيل المؤدب.

    أربعتهم -إبراهيم وعيسى وأبو معاوية وأبو إسماعيل- عن الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه أو طعمه. زاد علي بن معبد وحده عن عيسى ذكر اللون فيه، فقال: «إلا ما غلب على لونه أو طعمه أو ريحه».

    إلا أنه وقع في مصنف عبدالرزاق: الأحوص بن حكيم عن عامر بن سعد، وذكر عامر خطأ من النساخ أو بعض الرواة، وقد نقله الزيلعي على الصواب[1].
    5- تخريج قول راشد بن سعد:
    أخرجه الدارقطني (1/29) من طريق أبي أسامة، عن الأحوص بن حكيم، عن أبي عون وراشد بن سعد قالا: (الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غير ريحه أو طعمه).

    دراسة الأسانيد:
    أ- دراسة الخلاف على عيسى بن خالد:
    جاء الحديث عن عيسى على ثلاثة أوجه:
    • فرواه الطبري عنه عن مروان بن محمد، عن رشدين، عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة، به.
    • ورواه علي بن سراج عنه عن مروان بن محمد، عن رشدين، عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن ثوبان، به.
    • ورواه الطبري أيضًا عنه عن خالد بن خلي، عن بقية، عن ثور، عن خالد، عن معاذ بن جبل، به.

    وعيسى بن خالد هذا ترجمه بعض أصحاب كتب الكنى، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلاً، وهو من المعروفين من أهل حمص، قال أبو هاشم عبدالغافر بن سلامة: (كنا نسمع من يحيى بن عثمان في داره بحمص... وكنا نسمع من أبي شرحبيل عيسى بن خالد بن نافع -ابن أخي أبي اليمان الحكم بن نافع- في مسجد الجامع، وكان يُقرئ الناسَ القرآن، وكنت أقرأ عليه)[2] ، وهذا يفيد عدالته وكونه من أهل العلم، بل كان يسمى (المعلِّم)[3]، لكنه ربما أخطأ في الحديث[4].

    ويظهر أنه لم يضبط هذا الحديث جيدًا، فرواه على هذه الأوجه الثلاثة، وتفرد بالوجهين الثاني والثالث، وهما غريبان فيهما نكارة.

    لكنه متابَع على الأول، وروايته فيه مقبولة.
    ب- دراسة الخلاف على راشد بن سعد:
    • رواه عنه معاوية بن صالح -من رواية رشدين بن سعد عنه-، عن أبي أمامة موصولاً.
    وتابعه على هذا الوجه عن راشد: ثور بن يزيد، من رواية حفص بن عمر وبقية بن الوليد عنه.
    • ورواه عنه الأحوص بن حكيم -من رواية جماعة عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً،
    • ورواه عنه الأحوص بن حكيم -من رواية أبي أسامة عنه- من قوله.

    وقد حكم بعض الأئمة بتفرد رشدين برفعه عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد:
    قال أبو حاتم: (يوصله رشدين بن سعد)[5]، وقال الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن معاوية بن صالح إلا رشدين)[6]، وقال الدارقطني: (لم يرفعه غير رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح)[7]، واتفاق هؤلاء الأئمة على الحكم بتفرد رشدين يحدث النظر في متابعة ثور بن يزيد له، وبيان ذلك: أن حفص بن عمر الذي روى الحديث عن ثور هو ابن دينار الأيلي، اتهمه الساجي بالكذب، وقال العقيلي: (يحدث عن شعبة ومسعر ومالك بن مغول والأئمة بالبواطيل)، وقال ابن عدي: (أحاديثه كلها إما منكر المتن أو منكر الإسناد، وهو إلى الضعف أقرب)، وقال أبو أحمد الحاكم: (ذاهب الحديث)[8]. وهذا يدل على أن روايته عن ثور مطروحة شديدة النكارة، وقد حكم ابن عدي بتفرده بهذا الحديث عن ثور، قال: (وهذا الحديث ليس يوصله عن ثور إلا حفص بن عمر)[9]، ويشكل على هذا ورود رواية بقية بن الوليد الموصولة عن ثور، إلا أن فيها علتين قويتين:
    الأولى: عطية بن بقية، قال فيه ابن أبي حاتم: (كتبت عنه، ومحله الصدق، وكانت فيه غفلة)[10]، وقال ابن حبان: (يخطئ ويغرب، يعتبر حديثه إذا روى عن أبيه غير الأشياء المدلسة)[11]، قال الذهبي: (مكثر عن والده، وما علمت له شيئًا عن غيره، وكان شيخًا محدثًا ليس بالماهر، بل طال عمره، وتفرد)[12]، فلعطية إغرابات وتفردات، وهذه الرواية من ذلك، إذ لم تجئ إلا بإسناد فرد متأخر، ومثل هذا محل ضعف ونكارة. وبقية لم يصرح في روايته هذه بالتحديث، فكان الواجب اجتنابها، حيث قد أشار ابن حبان إلى اجتناب مثلها في كلامه عن عطية، بل ظاهر كلامه أن ما لم يكن من روايته عن أبيه مدلسًا فإنه يعتبر به فقط، دون أن يصحح، ويفهم منه أن ما كان منها مدلسًا فإنه منكر لا يعتبر به ولا ينظر إليه.
    الثانية: تدليس بقية، قال النسائي فيه: (إذا قال: "حدثنا"، و"أخبرنا"؛ فهو ثقة، وإذا قال: "عن فلان"؛ فلا يؤخذ عنه، لأنه لا يُدرَى عمن أخذه)، وبقية كان يروي عمن كان أصغر منه، ويأخذ الحديث عن المجاهيل والضعفاء والمتروكين عن شيوخهم الثقات، ثم يتركهم ويقول: قال فلان -الثقة-، فجاء تلامذته من بعده، فجعلوا الأسانيد: عن بقية، عن ذاك الثقة. وقد شرح هذا ابنُ حبان بما لا مزيد عليه، قال: (سمعت ابن خزيمة يقول: سمعت أحمد بن الحسن الترمذي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "توهمت أن بقية لا يحدث المناكير إلا عن المجاهيل، فإذا هو يحدث المناكير عن المشاهير، فعلمنا من أين أُتي").

    قال ابن حبان: (لم يسبر أبو عبدالله -رحمه الله- شأن بقية، وإنما نظر إلى أحاديث موضوعة رويت عن أقوام ثقات، فأنكرها، ولعمري إنه موضع الإنكار، وفي دون هذا ما يسقط عدالة الانسان في الحديث. ولقد دخلت حمص وأكثر همي شأن بقية، فتتبعت حديثه، وكتبت النسخ على الوجه، وتتبعت ما لم أجد بعلو من رواية القدماء عنه، فرأيته ثقة مأمونًا، ولكنه كان مدلسًا: سمع من عبيدالله بن عمر وشعبة ومالك أحاديثَ يسيرة مستقيمة، ثم سمع عن أقوام كذابين ضعفاء متروكين عن عبيدالله بن عمر وشعبة ومالك، مثل: المجاشع بن عمرو، والسري بن عبدالحميد، وعمر بن موسى الميتمي وأشباهِهم، وأقوامٍ لا يُعرفون إلا بالكنى، فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم بالتدليس ما سمع من هؤلاء الضعفاء[13]، وكان يقول: قال عبيد الله بن عمر عن نافع، وقال مالك عن نافع كذا، فجعلوه: بقية عن عبيد الله، وبقية عن مالك، وأُسقِط الواهي بينهما، فالتزق الموضوع ببقية، وتخلص الواضع من الوسط. وإنما امتُحن بقيةُ بتلاميذَ له كانوا يُسقِطون الضعفاء من حديثه ويسوونه، فالتزق ذلك كله به)[14].

    والظاهر أن هذا حصل في حديثنا هذا، وإنما أخذ بقيةُ الحديثَ من حفص بن عمر الأيلي، فأُسقِط من إسناده. وقد أشار إلى هذا الشيخُ الألباني، قال: (وإني لأخشى أن يكون بقية تلقاه عنه ثم دلسه)[15].
    ورشدين بن سعد ضعيف جدًّا، بل قال النسائي: (متروك الحديث).

    وقد خولف معاوية بن صالح في روايته -من رواية رشدين عنه- عن راشد بن سعد، فرواه الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد، واختُلف عنه:
    • فرواه عيسى بن يونس وجماعة عنه عن راشد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً.
    • ورواه أبو أسامة عن الأحوص عن راشد من كلامه.

    والأحوص نفسه ضعيف عنده مناكير، وقد شدد بعض الأئمة في أمره، وربما كان الوجهان محفوظين عنه. والأحوص -على ضعفه- أقوى من رشدين بن سعد، ولذا فقد رجح بعض الأئمة روايته على روايته، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه عيسى بن يونس عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينجس الماء إلا ما غلب عليه طعمه ولونه»، فقال أبي: (يوصله رشدين بن سعد، يقول: عن أبي أمامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورشدين ليس بقوي، والصحيح مرسلٌ)[16]، وقال ابن عدي: (ورواه رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي أمامة موصولاً أيضًا، ورواه الأحوص بن حكيم -مع ضعفه- عن راشد بن سعد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً ولا يذكر أبا أمامة)[17] وقال: (وهذا الحديث أسنده رشدين...، ورواه الأحوص بن حكيم -مع ضعفٍ فيه- عن راشد بن سعد عن النبي -صلى الله عليه وسلم مرسلاً، حدثناه عبدالرحمن بن القاسم القرشي، ثنا أبو مسهر، عن عيسى بن يونس، عنه)[18]، فبيان ابن عدي أن الأحوص رواه مرسلاً مع ضعفه أو مع ضعفٍ فيه، ثم إسناده إياه= كأنه إشارة إلى أن الأحوص وافق الصواب مع كونه ضعيفًا، والله أعلم.

    فالحديث ضعيف مطلقًا، مرفوعًا وموقوفًا ومقطوعًا، وقد أعله الأئمة:
    • فقال الشافعي: (وما قلتُ من أنه إذا تغير طعم الماء وريحه ولونه كان نجسًا يُروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجه لا يُثبِتُ أهلُ الحديث مثلَه)[19].

    • وقال الإمام أحمد: (ليس فيه حديث)، قال الخلال: (إنما قال أحمد: "ليس فيه حديث"؛ لأن هذا الحديث يرويه سليمان بن عمر[20] ورشدين بن سعد، وكلاهما ضعيف)[21].

    • وقال الدارقطني -لما سئل عن الحديث-: (يرويه رشدين بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن راشد، عن أبي أمامة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وخالفه الأحوص بن حكيم؛ فرواه عن راشد بن سعد مرسلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال أبو أسامة عن الأحوص، عن راشد قوله، لم يجاوز به راشدًا. ولا يثبت الحديث)[22]، وكأن الدارقطني توقف هنا في الترجيح بين الأوجه مع تضعيفها جميعًا، وإن كان رجح في السنن أنه من قول راشد بن سعد.

    • وقال البيهقي: (والحديث غير قوي)[23].

    • وقال النووي: (اتفقوا على ضعفه)[24].
    ـــــــــــــــ ــــــــــــ

    [1] نصب الراية (1/94، 95)، وكذا جاء في مختصره (الدراية) لابن حجر (1/52).
    [2] تاريخ بغداد (11/136).
    [3] معجم ابن المقرئ (117)، الأنساب، للسمعاني (5/317).
    [4] الكامل، لابن عدي (4/28)، علل الدارقطني (12/119).
    [5] العلل، لابنه (1/44).
    [6] المعجم الأوسط (1/226).
    [7] السنن (1/28).
    [8] انظر: لسان الميزان (2/324، 325).
    [9] الكامل (2/389).
    [10] الجرح والتعديل (6/381).
    [11] الثقات (8/527).
    [12] سير أعلام النبلاء (12/521).
    [13] أي: روى بطريق التدليس أحاديثَ سمعها من هؤلاء الضعفاء؛ رواها عن أولئك الثقات الذين رآهم، فكان يقول...
    [14] المجروحين (1/200، 201)، ونقله السمعاني في الأنساب (5/119) وغيره. وفي كلام ابن حبان هذا إلقاء لتبعة تدليس التسوية على بعض تلامذة بقية، لا عليه هو، وقد اشتهر عند المتأخرين أن بقية يدلس تدليس التسوية، واعتمادهم في ذلك على حديث أو حديثين حكم فيهما أبو حاتم الرازي -في العلل (2/133، 154)- بأن بقية دلس تدليس تسوية، إلا أنَّ ضمَّ ذلك إلى كلام ابن حبان، مع عدم وجود أمثلة صحيحة غير ما ذكر أبو حاتم -وإن وجد فنادر-= يدل على أن تدليس بقية التسوية إن ثبت فنادر، وربما لا يتعدى هذين المثالين، وعليه؛ فإن الأرجح: أن يُنفَى تدليس بقية إذا صرح بالتحديث عن شيخه، إلا أن يتبين أنه سوَّى الإسناد بجمع طرقه، أو بنصٍّ من أحد الأئمة في الحديث بعينه. وقد أطال في نفي صحة تدليس التسوية عن بقية الشيخُ الألباني -رحمه الله- في الضعيفة (12/107-111)، وانظر: مقدمة الشيخ عبدالله السعد على كتاب "منهج المتقدمين في التدليس" (ص28). ويأتي في الحديث (47) -حديث الرجل من الصحابة- ما يؤيد ذلك من كلام الإمام أحمد بن حنبل، وهو فيه ظاهر جدًّا.
    [15] الضعيفة (6/154).
    [16] العلل (1/44).
    [17] الكامل (2/389).
    [18] الكامل (3/156).
    [19] سنن البيهقي (1/260)، معرفة السنن والآثار (2/82).
    [20] كذا، ولعل صوابه: حفص بن عمر.
    [21] المغني (1/38، 39).
    [22] العلل (12/273، 274).
    [23] السنن (1/260).
    [24] المجموع (1/110).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    كتاب الطهارة (1)


    13- (1/75) (ومفهوم كلامه أن ما لا يشق نزحه ينجس ببول الآدمي أو عذرته المائعة أو الجامدة إذا ذابت فيه، ولو بلغ قلتين، وهو قول أكثر المتقدمين والمتوسطين، قال في المبدع: ينجس على المذهب وإن لم يتغير؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- يرفعه: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه» متفق عليه).

    أخرجه البخاري (239) من طريق الأعرج، ومسلم (282) من طريق ابن سيرين وهمام بن منبه، عن أبي هريرة، به، ولفظ رواية البخاري: (ثم يغتسل فيه).

    وانظر: المسند الجامع (12703-12711).




    14- (1/76) (وروى الخلال بإسناده أن عليًّا -رضي الله عنه- سئل عن صبي بال في بئر، فأمرهم بنزحها).
    سنده منقطع، لكن صححه الخلال، ولعله قصد إسنادًا آخر.


    أخرجه ابن أبي شيبة (1720) عن أبي خالد الأحمر، عن خالد بن سلمة، أن عليًّا سئل عن صبي بال في البئر، قال: (ينزح).

    ونقل ابن قدامة عن الخلال قوله: (وحُدِّثنا عن علي -رضي الله عنه- بإسناد صحيح، أنه سئل عن صبي بال في بئر، فأمرهم أن ينزفوها)[1].

    دراسة الإسناد:
    خالد بن سلمة لعله المخزومي الفأفاء، وروايته عن علي مرسلة -فيما يظهر-، فإنه يروي عن جماعة من التابعين، ونفى ابن المديني سماعه من ابن عمر، وقد تأخر ابن عمر عن علي سنين طويلة، وطبقة شيوخ أبي خالد الأحمر يبعد إدراكها عليًّا -رضي الله عنه-.

    وقد تُكُلِّم في خالد بن سلمة هذا للإرجاء والنصب، لكن لم يتكلم في ضبطه للحديث، ووثقه جمع من الأئمة.

    ولعله كان للخلال فيه إسناد آخر فحكم عليه بالصحة. والله أعلم.




    15- (1/77، 78) ("ولا يرفع حدثَ رجلٍ" وخنثى "طهورٌ يسير" دون القلتين "خلت به" كخلوة نكاح "امرأةٌ" مكلفة ولو كافرة "لطهارة كاملة عن حدث"؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة. رواه أبو داود وغيره، وحسَّنه الترمذي، وصححه ابن حبان).



    1- تخريج حديث الحكم بن عمرو الغفاري (الأقرع):
    أخرجه أحمد (5/66) -ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (1/46) والمزي في تهذيب الكمال (7/129)-، والبخاري في التاريخ الكبير (4/184) وأبو داود (82) -ومن طريقه البيهقي (1/191) وابن حزم في المحلى (1/212)- والترمذي (64) وابن ماجه (373) والأثرم في سننه (48) -ومن طريقه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/162، 163)- ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/276) -ومن طريقه البيهقي (1/191)-، ستتهم عن محمد بن بشار بندار، ويونس بن حبيب في مسند أبي داود الطيالسي[2] (ص176) -ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1059) والبيهقي (1/191)-، والترمذي (64) عن محمود بن غيلان، والنسائي (1/179) وابن حبان (1260) من طريق عمرو بن علي، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (2/100) وابن منده في معرفة الصحابة -كما في الإصابة (1/104) وإتحاف الخيرة المهرة (670/4)- من طريق علي بن مسلم، والدارقطني (1/53) من طريق زيد بن أخزم، سبعتهم -أحمد وبندار ويونس بن حبيب وابن غيلان وعمرو بن علي وعلي بن مسلم وزيد بن أخزم- عن سليمان بن داود أبي داود الطيالسي، وأحمد (4/213)، والبيهقي (1/191) من طريق إبراهيم بن مرزوق، كلاهما عن وهب بن جرير، وأحمد (4/213)، وابن أبي خيثمة في تاريخه (478-السفر الثاني) -ومن طريقه ابن عبدالبر في الاستذكار (1697)- والبغوي في معجم الصحابة (2/100) عن أبي خيثمة، كلاهما -أحمد وأبو خيثمة- عن عبدالصمد بن عبدالوارث، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/24) من طريق عبدالوهاب بن عطاء.

    والطبراني في الكبير (3/235) - وعنه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1060، 1900)- من طريق الربيع بن يحيى الأشناني، وابن شاهين -كما في الإصابة (1/104)-من طريق خلف بن عبدالعزيز بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد عن أبيه عن جده عثمان بن جبلة، ستتهم -أبو داود ووهب وعبدالصمد وعبدالوهاب والربيع وعثمان بن جبلة- عن شعبة بن الحجاج، وأخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (475-السفر الثاني) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1901) من طريق يحيى بن عبدالحميد الحماني، والطحاوي في شرح المعاني (1/24) والطبراني في الكبير (3/235) من طريق الفريابي، وأبو بكر محمد بن يحيى المروزي في زياداته على الطهور لأبي عبيد (193) وابن قانع في معجم الصحابة (1/209، 210) والطبراني في الكبير (3/235) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1901) من طريق عاصم بن علي، ثلاثتهم -الحماني والفريابي وعاصم بن علي- عن قيس بن الربيع، كلاهما -شعبة وقيس- عن عاصم بن سليمان الأحول، عن أبي حاجب سوادة بن عاصم، عن الحكم بن عمرو الغفاري -وهو الأقرع-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة، لفظ محمد بن بشار عن أبي داود الطيالسي عن شعبة.

    وقال محمود بن غيلان عن أبي داود: (نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة -أو قال: بسؤرها-).

    وقال زيد بن أخزم عن أبي داود: (نهى أن يتوضأ بفضل وضوء المرأة -أو قال: شرابها-).

    وقال وهب بن جرير عن شعبة: (نهى أن يتوضأ الرجل من سؤر المرأة)، زِيدَ في رواية الحاكم: (وكان لا يدري عاصمٌ: فضلَ وضوئها أو فضلَ شرابها؟).

    وقال عبدالصمد عن شعبة: (نهى أن يتوضأ بفضلها. لا يدري: بفضل وضوئها، أو فضل سؤرها؟).

    وقال عبدالوهاب بن عطاء عن شعبة: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة -أو: بسؤر المرأة، لا يدري أبو حاجب أيهما قال-).

    وقال قيس بن الربيع عن عاصم الأحول: (نهى عن سؤر المرأة).

    وقد قال يونس بن حبيب وحده عن أبي داود الطيالسي: عن شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي حاجب، عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، به، لم يُسمِّ الحكم، وهي رواية سليمان التيمي عن أبي حاجب:
    أخرجها مسدد في مسنده -كما في إتحاف الخيرة المهرة (670/2)، ومن طريقه الأثرم في سننه (49) والطبراني في الكبير (3/235)-، والبيهقي (1/191) من طريق عبيدالله بن عمر، كلاهما عن يزيد بن زريع، وابن أبي شيبة في مصنفه (354) ومسنده (942) عن إسماعيل بن علية، وأحمد (5/66) عن محمد بن جعفر غندر، والبخاري في التاريخ الكبير (4/184) والدارقطني (1/53) من طريق أبي داود الطيالسي، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7174) من طريق سعيد بن عامر، والبيهقي (1/191) من طريق بشر بن عمر، ثلاثتهم عن شعبة، والترمذي في سننه (63) وعلله الكبير (32-ترتيبه) عن محمود بن غيلان، والدولابي في الكنى (786) من طريق قبيصة[3]، والطبراني في الكبير (3/236) من طريق أبي كريب، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2922) من طريق حماد بن سلمة، وأبو يعلى في مسنده -كما في إتحاف الخيرة المهرة (670/3)- من طريق محمد بن عبدالله الأنصاري، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7173) من طريق يوسف بن يعقوب، ثمانيتهم عن سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن رجل من الصحابة -زاد بعضهم: من بني غفار-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى... أن يتطهر -وفي روايات: يتوضأ- الرجل بفضل طهور -وفي روايات: وضوء- المرأة.

    وقال سعيد بن عامر عن شعبة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يتوضأ من إناء، فقيل له: إن امرأة توضأت منه، فكره ذلك.

    وقال محمود بن غيلان عن وكيع عن سفيان الثوري: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن فضل طهور المرأة -أو قال: سؤرها-.

    وقال أبو كريب عن وكيع عن سفيان: أن النبي -صلى الله عليه وسلم نهى- عن سؤر المرأة أن يتوضأ به، وقال قبيصة مثل ذلك.

    وقال حماد بن سلمة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أو كره فضل وضوء المرأة، ونحوه ليوسف بن يعقوب، قال: نهى عن فضل وضوء المرأة.
    وقد أخرجه ابن أبي شيبة (355) عن وكيع، والبخاري في التاريخ الكبير (4/184) -ومن طريقه البيهقي (1/191)- من طريق عبدالله بن المبارك، والدولابي في الكنى (787) من طريق خالد بن الحارث، ثلاثتهم عن عمران بن حدير، وعلقه الدارقطني (1/53) -ونقله عنه البيهقي (1/191)- عن غزوان بن حجير السدوسي، كلاهما -عمران وغزوان- عن أبي حاجب سوادة بن عاصم، قال: انتهيت إلى الحكم الغفاري وهو بالمربد، وهو ينهاهم عن فضل طهور المرأة. لفظ وكيع، وقال ابن المبارك: ... عن سوادة العنزي قال: اجتمع الناس على الحكم، بالمربد فنهاهم عنه. وقال خالد: ... عن سوادة بن عاصم العنزي قال: قال : اجتمع ناس على الحكم الغفاري بالمربد، فسألوه عن فضل طهور المرأة، فنهاهم. وقفوه على الحكم.

    دراسة الأسانيد:
    رواه أبو حاجب سوادة بن عاصم العنزي، واختُلف عنه:
    فرواه عاصم الأحول عنه، عن الحكم بن عمرو الغفاري.
    ورواه سليمان التيمي عنه، عن رجل من الصحابة من بني غفار.
    ورواه عمران بن حدير وغزوان بن حجير عنه، عن الحكم بن عمرو الغفاري موقوفًا.

    كما اختُلف في متن الحديث:
    فقيل: فضل طهور المرأة (وفي روايات: فضل وضوء المرأة، وفي روايات: فضل المرأة)، قاله أحمد ومحمد بن بشار ويونس بن حبيب وعمرو بن علي عن أبي داود الطيالسي، والربيع بن يحيى الأشناني، كلاهما عن شعبة عن عاصم الأحول.
    وقيل: فضل طهور المرأة، أو: سؤرها (وفي رواية: شرابها)؛ بالشك، قاله محمود بن غيلان وزيد بن أخزم عن أبي داود الطيالسي، وعبدالوهاب بن عطاء، كلاهما عن شعبة -ونَسَبَ عبدالوهاب الشكَّ إلى أبي حاجب-، وقاله محمود بن غيلان عن وكيع عن سفيان عن سليمان التيمي.
    وقيل: سؤر المرأة، قاله وهب بن جرير عن شعبة، وقيس بن الربيع، كلاهما عن عاصم الأحول -زِيدَ عن وهب: ولم يدرِ عاصم فضل الوضوء أم الشراب-، وقاله أبو كريب عن وكيع عن سفيان عن سليمان التيمي.
    وقيل: فضلها؛ لا يدري بفضل وضوئها، أو فضل سؤرها، بالشك غير المنسوب إلى راوٍ، قاله عبدالصمد عن شعبة.

    وهذا الخلاف في الحديث يدل على عدم ضبطه، قال الميموني: قلت لأبي عبدالله -يعني: الإمام أحمد-: حديث الحكم بن عمرو، يسنده أحد غير عاصم؟ قال: (لا، ويضطربون فيه عن شعبة، وليس هو في كتاب غندر، وبعضهم يقول: "عن فضل سؤر المرأة"، وبعضهم يقول: "فضل وضوء المرأة"، ولا يتفقون عليه، ورواه التيمي، إلا أنه لم يسمِّه؛ قال: عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-)[4]. وقد تضمن سؤال الميموني وكلام أحمد ما يلي:
    1- أنه تفرد بإسناده عاصم الأحول، أي: عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو، وإلا فقد أسنده سليمان التيمي عن أبي حاجب، لكنه عن رجل من الصحابة.
    2- أن الرواة يضطربون في متنه عن شعبة، فمنهم من ذكر سؤر المرأة، ومنهم من ذكر فضل الوضوء، وهذا ظاهر من العرض السابق للاختلاف في متن الحديث، بل لم ينحصر الاختلاف فيه عن شعبة، بل تعداه إلى عاصم، وسليمان التيمي، وأبي حاجب نفسه. فالظاهر أن هذا التردد والاختلاف ليس من شعبة، والله أعلم.

    وقد حاول مغلطاي التوفيق في هذا الاختلاف، فقال: (ويجاب عن الاضطراب بأن معنى ما رُوي يرجع إلى شيء واحد، وهو البقيَّة، إذ الرواية بالمعنى جائزة، فقول من روى: "فضل طهور المرأة" و"سؤر المرأة" واحد، يريد بذلك البقيّة، وقد جاء مصرَّحًا به في كتاب الطبراني الكبير: "بفضل المرأة"، وإذا كان كذلك فلا خلف)[5]، فجمع مغلطاي بأن المراد: ما يتبقى المرأة مطلقًا، من سؤر أو فضل طهور، وفي هذا الجمع تكلف، ومحله حال اختلاف مخرج الحديث، أما والحديث متفق المخرج، فإنه يُنظر الأصح عن الراوي مخرج الحديث، ورواية الطبراني التي اعتمدها مغلطاي هي رواية الربيع بن يحيى الأشناني عن شعبة، وقد رواها عن الطبراني أبو نعيم في موضعين من معرفة الصحابة، فجاء في لفظه: (بفضل وضوء المرأة)، وحتى لو صح ما نقله مغلطاي؛ فغير الربيع بن يحيى ممن هو أوثق منه يرويه عن شعبة بالاختلاف والشك المفصَّل آنفًا.

    3- أن الحديث ليس في كتاب غندر عن شعبة، وغندر (محمد بن جعفر) هو أوثق الرواة عن شعبة، وكتابه عنه حَكَم بين الناس، وقد كانوا يستفيدون من كتابه في حياة شعبة، فلما لم يكن الحديث في كتابه عن شعبة؛ دل على أن في رواية شعبة له شيئًا، فربما لم يضبطه شعبة، فلم يحدث به غندرًا، أو أن غندرًا رأى الاختلاف فيه فلم يدخله في الكتاب، أو غير ذلك.
    وكأن الإمام أحمد يعل رواية شعبة بهذا، إلا أن رواية الناس له عن شعبة ثابتة، واختلافهم عنه ثابت، فلا بد من النظر في حال الحديث من رواية شعبة ومن رواية غيره.
    4- أن سليمان التيمي رواه عن أبي حاجب، فلم يذكر اسم الحكم بن عمرو فيه، بل قال: عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا اختلاف آخر في الحديث يدل على الاضطراب الحاصل فيه.

    إلا أن ورود بعض الروايات عن سليمان التيمي -ومنها رواية أحمد عن غندر عنه- وفيها: عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من بني غفار= يفيد أن الصحابي في كلا الروايتين غفاري، وأن عاصمًا الأحول حفظ عن أبي حاجب أنه الحكم بن عمرو، ولم يحفظه سليمان التيمي، وعاصم الأحول من الحفاظ للحديث -كما وصفه الإمام أحمد-، بل قد فُضِّل في الحفظ على سليمان التيمي نفسه، فذِكرُهُ اسمَ الراوي في مثل هذا مقبولٌ صحيح. وهذا ما اعتمده المزي، قال: (أبو حاجب، عن رجل من بني غفار؛ في النهي أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة. هو الحكم بن عمرو الغفاري)[6]، ويظهر أنه فهم الدارقطني، فإنه ساق خلافًا عن سليمان التيمي في هذا الحديث، حيث رواه بعضهم عنه عن أبي حاجب عن أبي هريرة، ثم قال الدارقطني: (وذلك وهم، وإنما رواه أبو حاجب عن الحكم بن عمرو الغفاري)[7]، فذِكْرُ الدارقطني اسمَ الحكم بن عمرو الغفاري في الخلاف على سليمان التيمي يشير إلى أن مؤدى رواية سليمان التيمي: أن تكون عن الحكم بن عمرو، والله أعلم.

    ولم يذكر الإمام أحمد في كلامه الرواية الموقوفة، وقد قال الدارقطني -بعد أن أخرج روايتي عاصم الأحول وسليمان التيمي المرفوعتين-: (أبو حاجب اسمه سوادة بن عاصم، واختلف عنه: فرواه عمران بن حدير وغزوان بن حجير السدوسي عنه موقوفًا من قول الحكم غير مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-)[8]. وقال البيهقي -بعد أن نقل إعلال البخاري لحديث ابن سرجس الآتي بالوقف-: (حديث الحكم قد روي أيضًا غير مرفوع)[9]، وكأنه يريد: أن حديث الحكم بن عمرو جاء موقوفًا أيضًا، فليُعَلَّ بذلك. وقد كان البخاري أسند في تاريخه الرواية المرفوعة بوجهيها -رواية عاصم الأحول وسليمان التيمي-، ثم عقبهما مباشرة بهذه الرواية الموقوفة، فكأنه يشير إلى إعلالهما بها.

    والرواية الموقوفة رواها عمران بن حدير وغزوان بن حجير، ولم أعرف غزوان هذا، ولا عرفت إسناد روايته.

    وهذا وجه جديد عن أبي حاجب في هذا الحديث.

    وأبو حاجب هذا قال فيه ابن معين والنسائي: (ثقة)، وقال أبو حاتم: (شيخ)، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: (ربما أخطأ)، ومن هذه حاله من عدم الإتقان، والوقوع في الخطأ، ثم التردد في هذا الحديث بين وجهين في الإسناد، وأوجه في المتن= لا يصح إطلاق تصحيح حديثه لثقته، بل الأظهر أن يُقال: إن اضطرب في حديثه هذا إسنادًا ومتنًا، فلا يصح حديثه.

    ورواية الوقف هي الأقرب من بين رواياته المختلفة، وراويها عنه (عمران بن حدير) جاءت فيه عبارات توثيق شديد من الأئمة، فوُصف بأنه أصدق الناس، وقال ابن المديني: (ثقة، من أوثق شيخٍ بالبصرة)، وقوة جانب روايته -وإن كان قابله فيها حافظان عن أبي حاجب- لأمور:
    1- أن أبا حاجب قد ذكر في الرواية الموقوفة قصة، فذكر أنه انتهى إلى الحكم، وأن الناس اجتمعوا عليه، وأنه سئل عن فضل طهور المرأة، فأجابهم، وكل هذا قرينة على أنه أضبط لهذا الوجه من غيره. وذكر القصة قرينة معروفة عند الأئمة من قرائن ترجيح الروايات.
    2- أنه لم يُختلَف عليه في متن الحديث، ولم يتردد فيه أو يشك.
    3- إشارة البخاري والبيهقي إلى أنها أقوى من المرفوع.

    قال عبدالحق ابن الخراط الإشبيلي: (قال -يعني: الترمذي-: "هذا حديث حسن"، كذا قال أبو عيسى: "حديث حسن"، ولم يقل: "صحيح"؛ لأنه روي موقوفًا، وغير أبي عيسى يصححه؛ لأن إسناده صحيح، والتوقيف عنده لا يضر. والذي يجعل التوقيفَ فيه علةً أكثرُ وأشهر)[10].

    وتحسين الترمذي لهذا الحديث أجراه بعض العلماء على مصطلح المتأخرين، فقابل به كلام البخاري، قال مغلطاي: (ويجاب عن قول البخاري المذكور... في العلل بخلاف الترمذي له حين حسَّنه، ولولا ظهور ترجيح لما جاز الإقدام على خلافه)[11]. وهذا الفهم خلاف نص الترمذي، فإنه قد قال: (وما ذكرنا في هذا الكتاب "حديث حسن"؛ فإنما أردنا حُسْن إسناده عندنا: كلُّ حديث يُروَى؛ لا يكون في إسناده من يُتَّهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذًّا، ويُروَى من غير وجه نحو ذاك؛ فهو عندنا حديث حسن)[12]، وهذا المفهوم ينطبق على هذا الحديث؛ فإنه ليس في إسناده من يتهم بالكذب، وليس شاذًّا، وروي من غير وجه نحوه.

    وبظهور ضعف الحديث يتضح جليًّا دقة حكم الإمام البخاري، حين سأله الترمذي عن هذا الحديث مرفوعًا، فقال: (ليس بصحيح)[13]، ويتضح ضعف من أجاب على هذا بأنه مجمل، أو بأن غيره من الأئمة خالفوه تحسينًا أو احتجاجًا، أو حمله على "أنه لم يصح صحة المجمع عليه من الأحاديث"، أو أنه لا يمنع عدمُ كونه صحيحًا أن يكون حسنًا![14]

    والله أعلم.

    يتلوه -إن شاء الله- تخريج بقية أحاديث الباب، وبيان صحة إسناد أحدها.

    ـــــــــــــــ ــــ
    [1] المغني (1/56).
    [2] في كون المسند لأبي داود أو ليونس خلاف بين الباحثين، والمرجَّح أنه لأبي داود، لكني نسبت الرواية هنا ليونس لنكتة تأتي الإشارة إليها؛ حيث خالف يونس الرواة عن أبي داود.
    [3] وقع في ثلاث مطبوعات من كنى الدولابي: قبيصة عن سليمان التيمي، وقبيصة لم يدرك التيمي روايةً، وهو مشهور بالرواية عن سفيان الثوري، واتفق لفظه مع لفظ رواية الطبراني من طريق وكيع، فالظاهر أن صواب الإسناد: قبيصة عن الثوري عن سليمان التيمي، والله أعلم.
    [4] الإمام (1/159)، شرح مغلطاي لابن ماجه (1/289).
    [5] شرح ابن ماجه (1/290).
    [6] تهذيب الكمال (35/118).
    [7] العلل (8/279، 345).
    [8] السنن (1/53).
    [9] معرفة السنن والآثار (1/497).
    [10] الأحكام الوسطى (1/160، 161).
    [11] شرح ابن ماجه، لمغلطاي (1/289، 290).
    [12] العلل الصغير (5/758-آخر السنن).
    [13] العلل الكبير، للترمذي (ص40-ترتيبه).
    [14] انظر: شرح ابن ماجه، لمغلطاي (1/289، 290).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    توطئة:
    مرَّ في الحلقة السابقة دراسة حديث الحكم بن عمرو الغفاري في النهي عن الوضوء بفضل طهور المرأة، وتبيَّن أنه ضعيف مرفوعًا، والوقف فيه أصح، وأواصل هنا دراسة أحاديث الباب مبيِّنًا صحة أحدها، والله الموفق.

    2- تخريج حديث عبدالله بن سرجس -رضي الله عنه-:
    أخرجه ابن ماجه (374) عن محمد بن يحيى، والبزار -فيما نقله عنه الحافظ محمد بن أبي نصر الحميدي في رسالته إلى ابن حزم حول هذا الحديث، نقله عنه ابن سيد الناس في النفح الشذي (2/55)- عن محمد بن عبدالرحيم[1]، والطحاوي في شرح المعاني (1/24) عن محمد بن خزيمة، وأبو الحسن القطان في زياداته على ابن ماجه (عقب 374) والدارقطني (1/116) -ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (1/47)- من طريق أبي حاتم الرازي، وأبو الحسن في زياداته (عقب 374) عن أبي عثمان المحاربي، والطبراني في الأوسط (3741) وابن حزم في المحلى (1/212) من طريق علي بن عبدالعزيز، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (53) من طريق هارون بن سفيان، سبعتهم عن معلى بن أسد، وأبو يعلى في مسنده (1564) والمفاريد (76)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/72، 73) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4201) والبيهقي (1/192) من طريق محمد بن عبدالله الحضرمي مطين، كلاهما عن إبراهيم بن الحجاج[2]، كلاهما -معلى وإبراهيم- عن عبدالعزيز بن المختار، عن عاصم الأحول، عن عبدالله بن سرجس، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يغتسل الرجل بفضل وضوء المرأة، والمرأة بفضل الرجل، ولكن يشرعان جميعًا. لفظ معلى بن أسد، وقال إبراهيم بن الحجاج: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن فضل وضوء المرأة، إلا أن أبا يعلى رواه عن إبراهيم الحجاج بنحو لفظ معلى بن أسد.

    وقد جاء عن عبدالله بن سرجس موقوفًا:
    أخرجه عبدالرزاق (385)، وأبو عبيد في الطهور (194) من طريق عبيدالله بن عمرو، كلاهما عن معمر، والأثرم في سننه (50) من طريق عبدالواحد -لعله ابن زياد-، والدارقطني (1/117) -ومن طريقه البيهقي (1/192)- من طريق شعبة، ثلاثتهم عن عاصم الأحول، قال: سمعت عبدالله بن سرجس قال: لا بأس أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، فإذا خلت به فلا تقربه. لفظ عبدالرزاق عن معمر، وقال عبيدالله بن عمرو عنه: ... عن عبدالله بن سرجس أنه قال: أترون هذا الشيخ -يعني نفسه-؟ فإنه قد رأى نبيَّكم -صلى الله عليه وسلم-، وأكل معه. قال عاصم: فسمعته يقول: لا بأس بأن يغتسل الرجل والمرأة من الجنابة من الإناء الواحد، فإن خلت به فلا تقربه. ولفظ عبدالواحد: عن عاصم، قال: سمعت عبدالله بن سرجس يقول: اغتسلا جميعًا، هي هكذا، وأنت هكذا -قال عبدالواحد في إشارته: كان الإناء بينهما-، وإذا خلت به فلا تقربنَّه. ولفظ شعبة: عن عبدالله بن سرجس قال: تتوضأ المرأة وتغتسل من فضل غسل الرجل وطهوره، ولا يتوضأ الرجل بفضل غسل المرأة ولا طهورها.

    دراسة الأسانيد:
    تفرد بالرواية المرفوعة: عبدالعزيز بن المختار، قال ابن دقيق العيد: (ذكر الأثرم أنه لم يرفعه الناس إلا ابن المختار وحده...)[3]، وقال البزار: (... ولا يُعلم أحدٌ أسنده عن عاصم عن عبدالله بن سرجس إلا عبدالعزيز بن المختار)[4]، وقال الطبراني: (لم يروِ هذا الحديث عن عاصم الأحول عن عبدالله بن سرجس إلا عبدالعزيز بن المختار...)[5]، وقد زاد الطبراني في إعلاله؛ فقال: (تفرد به معلى بن أسد)، وفي هذا نظر، إذ قد تابع إبراهيمُ بن الحجاج معلى بن أسد عن عبدالعزيز بن المختار، إلا إن كان الطبراني ينظر إلى وجه دقيق في التفرد لم يتبين لي، فالله أعلم.

    وعبدالعزيز بن المختار ثقة، وثقه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: (كان يخطئ). وقد أعلَّ الأئمة روايته على مسلكين لهم في الإعلال:
    المسلك الأول: إعلال روايته بإعادة الحديث إلى حديث عاصم الأحول، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو الغفاري، وهو الحديث السابق، وقد سلك هذا جماعة من أهل العلم:
    فقال ابن ماجه -بعد أن أخرج رواية عاصم الأحول عن أبي حاجب عن الحكم بن عمرو، ثم رواية عبدالعزيز بن المختار عن عاصم عن عبدالله بن سرجس-: (الصحيح هو الأول، والثاني وهمٌ).
    وقال الطبراني -بعد أن أخرج رواية عبدالعزيز بن المختار-: (لم يروِ هذا الحديث عن عاصم الأحول عن عبدالله بن سرجس إلا عبدالعزيز بن المختار...، ورواه غيره عن عاصم الأحول عن سوادة بن عمرو[6] عن الحكم بن عمرو الغفاري).
    وقال الذهبي: (سنده جيد، قد أخرجه ابن ماجه، لكن المحفوظ لعاصم: حديثُهُ عن أبي حاجب)[7]،
    وعلى هذا المسلك، يكون قد خالف عبدَالعزيز بن المختار في روايته عن عاصم: شعبة، وقيس بن الربيع، وقيس فيه كلام، إلا أن شعبة أحفظ من عبدالعزيز بن المختار بمراحل، وروايته أقوى من روايته وأرجح وأصح.

    المسلك الثاني: إعلال رواية عبدالعزيز بن المختار بالرواية الموقوفة، وممن سلكه من الأئمة:
    البخاري، قال: (وحديث عبدالله بن سرجس في هذا الباب هو موقوف، ومن رفعه فهو خطأ)[8].
    والأثرم، قال ابن دقيق العيد: (ذكر الأثرم أنه لم يرفعه الناس إلا ابن المختار وحده، وخالفه الناس فأوقفوه)[9].
    والبزار، قال: (وحديث ابن سرجس قد رواه غير واحد عن عاصم عن عبدالله بن سرجس موقوفًا، ولا يُعلم أحدٌ أسنده عن عاصم عن عبدالله بن سرجس إلا عبدالعزيز بن المختار)[10].
    والدارقطني، قال -بعد أن أخرج رواية عبدالعزيز بن المختار-: (خالفه شعبة)، ثم أسند رواية شعبة الموقوفة، ثم قال: (وهذا موقوف صحيح، وهو أولى بالصواب)[11].
    وأشار البيهقي إلى ذلك، حيث أسند رواية إبراهيم بن الحجاج عن عبدالعزيز بن المختار، ثم قال: (وهكذا رواه معلى بن أسد عن عبدالعزيز بن المختار، وخالفه شعبة عن عاصم)، ثم أسند رواية شعبة من طريق الدارقطني، ونقل كلامه[12]، ثم نقل كلام البخاري[13].

    وعلى هذا المسلك، يكون قد خالف عبدَالعزيز بن المختار في روايته عن عاصم: معمر، وعبدالواحد، وشعبة، واجتماع هؤلاء الثلاثة الحفاظ على الوقف أقوى من انفراد عبدالعزيز بالرفع، وكونه ثقة لا يفيد تصحيح روايته والحال هذه.

    والظاهر أنه كان عند عاصم حديثان:حديث أبي حاجب عن الحكم بن عمرو مرفوعًا، وحديث عبدالله بن سرجس موقوفًا، فخلط عبدالعزيز بن المختار بينهما؛ فجعل متن حديث الحكم بن عمرو لحديث عبدالله بن سرجس[14]، ثم رفعه؛ وقد وردت رواية أبي عبيد للحديث عن عاصم الأحول عن عبدالله بن سرجس أنه قال: أترون هذا الشيخ -يعني نفسه-؟ فإنه قد رأى نبيَّكم -صلى الله عليه وسلم-، وأكل معه. قال عاصم: فسمعته يقول: لا بأس بأن يغتسل الرجل والمرأة...، فعلق عليه ابن القيم بقوله: (فهذا هو الذي رجحه البخاري، ولعل بعض الرواة ظن أن قوله: "فسمعته يقول:..." من كلام عبدالله بن سرجس؛ فوهم فيه، وإنما هو من قول عاصم بن سليمان، يحكيه عن عبدالله)[15]، وهذا تفسير محتمل لسبب خطأ عبدالعزيز بن المختار في رفع الحديث.

    فالصحيح في المتن الذي رواه عبدالعزيز بن المختار: أنه من حديث الحكم بن عمرو، والصحيح في حديث عبدالله بن سرجس: وقفه، وبهذا يلتئم مسلكا الأئمة في إعلال رواية عبدالعزيز بن المختار.

    لكن رواية شعبة عن عاصم عن عبدالله بن سرجس الموقوفة= جاء متنها: (تتوضأ المرأة وتغتسل من فضل غسل الرجل وطهوره، ولا يتوضأ الرجل بفضل غسل المرأة ولا طهورها)، والظاهر أن في هذه السياقة نظرًا؛ فقد خالف شعبةَ: معمر وعبدالواحد بن زياد، روياه عن عاصم عن عبدالله بن سرجس بإفتائه أن لا بأس أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، ونهيه أن يقرب الماءَ إذا خلت به المرأة، وهذه السياقة أصح وأرجح، ولعل الحسن بن يحيى بن الجعد -الراوي عن وهب بن جرير عن شعبة- رواه بالمعنى ولم يضبط لفظَهُ؛ فإنه صدوق.

    3- تخريج حديث حميد بن عبدالرحمن الحميري عن رجل من الصحابة:
    أخرجه أبو نعيم الفضل بن دكين في الصلاة (100)، وأحمد (4/111) عن يونس وعفان و(5/369) عن سريج، وأبو داود (81) والطحاوي (1/24) والبيهقي (1/190) من طريق مسدد، والنسائي في الصغرى (1/130) والكبرى (235) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7201) من طريق قتيبة، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (51) من طريق خلف بن هشام، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7201) من طريق معلى بن مهدي، ثمانيتهم عن أبي عوانة الوضاح بن عبدالله اليشكري، وأحمد (4/110) -ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق (1/47)- عن حميد بن عبدالرحمن الرؤاسي، وأبو داود (81) -ومن طريقه البيهقي (1/190)- عن أحمد بن يونس، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (52) من طريق أبي غسان، ثلاثتهم عن زهير بن معاوية، كلاهما -أبو عوانة وزهير- عن داود بن عبدالله الأودي، وعبدالرزاق (378) عن سفيان بن عيينة، عن عمر بن سعيد بن مسروق، عن رجل، كلاهما -داود والرجل- عن حميد بن عبدالرحمن الحميري، قال: لقيت رجلاً صحب النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أربع سنين -كما صحبه أبو هريرة-، قال: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، وأن يغتسل الرجل بفضل المرأة، وليغترفا جميعًا. وزاد بعض الرواة منهيات أخرى، وقال أبو نعيم عن أبي عوانة: وليأخذا جميعًا، وجاء لفظ زهير من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يذكر الاغتراف، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يغتسل الرجل من فضل امرأته، ولا تغتسل بفضله...».

    وأما الرجل الذي رواه عنه عمر بن سعيد بن مسروق؛ فقال عن حميد بن عبدالرحمن اليحمري: عن رجل صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث سنين أنه قال: نُهِيَ[16] أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة.

    دراسة الأسانيد:
    ظاهر إسناده الصحة، وأعل بعلل إسنادية، وعلة متنية:
    الأولى: الكلام في داود الأودي:
    فنقل ابن القطان عن ابن حزم قوله: (إن كان هذا هو عم ابن إدريس؛ فهو ضعيف، وإن لم يكن إياه؛ فهو مجهول)، قال ابن القطان: (وهو ليس بعمٍّ لابن إدريس؛ فإن عم ابن إدريس هو داود بن يزيد الأودي، وأما هذا؛ فهو داود بن عبدالله الأودي)[17]، وقد جاء ذلك صريحًا في عدد من روايات الحديث، قال ابن دقيق العيد: (وداود هذا يقع غير منسوب في بعض الروايات، فيقع الوهم فيه، ولكنه مبيَّنٌ في رواية زهير وأبي عوانة عنه، فقالا: داود بن عبدالله)[18].

    وقد ذكر ابن القطان أن الحافظ ابن مفوز رد على ابن حزم، ثم قال: (وقد كتب الحميدي إلى ابن حزم من العراق يخبره بصحة هذا الحديث، ويبين له أمر هذا الرجل، فلا أدري أرجع عن قوله أم لا؟)[19].

    وداود بن عبدالله الأودي هذا وثقه أحمد وابن معين[20] وأبو داود والنسائي وابن خلفون، وعقب البيهقي روايته لهذا الحديث بقوله: (وهذا الحديث رواته ثقات)، وقد قال ابن المديني في إسناد حديثٍ: (إسناده مجهول، رواه رجل من أهل الكوفة، يُقال له: داود بن عبدالله الأودي، لا أعلم أحدًا روى عنه شيئًا غير زهير وأبي عوانة...)[21]، لكن الظاهر أنه يقصد في إعلاله بالدرجة الأولى: شيخَ داود، وهو عبدالرحمن المسلي، وأما داود، فقد روى عنه غيرُ زهير وأبي عوانة، وقد وثقه جماعة من الأئمة غير ابن المديني وعرفوه.

    الثانية: عدم تسمية الصحابي:
    ومن هذا الحديث ونحوه اشتُهر عن البيهقي أنه يرى أن ما لم يُسَمَّ صحابيُّه من الأحاديث فإنه مرسل، حيث قال: (وهذا الحديث رواته ثقات، إلا أن حميدًا لم يُسَمِّ الصحابيَّ الذي حدَّثه؛ فهو بمعنى المرسل، إلا أنه مرسل جيد)[22]، وقال في موضع آخر: (وأما حديث داود بن عبدالله الأودي...؛ فإنه منقطع)[23]، ويظهر أنه يعني بالانقطاع: ما ذكره أولاً من عدم تسمية الصحابي، وأن ذلك متضمن للإرسال الذي هو انقطاع في حقيقته، قال مغلطاي: (قوله: "منقطع" إنما يريد به الإرسال الذي أشار إليه في السنن الكبير، لا الانقطاع الصناعي)[24].

    وكلام البيهقي ردَّه جمهور الأئمة ممن جاء بعده، بل ردَّه ابن التركماني بتصرفين للبيهقي نفسه[25]، وفسره السخاوي بتفسير جيد بأن البيهقي أراد مجرد التسمية، دون إجراء حكم الإرسال في نفي الاحتجاج، قال: (وبهذا القيد ونحوه يجاب عما تَوَقَّف عن الاحتجاج به من ذلك لا لكونه لم يُسَمَّ)[26]، وهذا المخرج للبيهقي جيد، لكن ربما أشكل عليه قول البيهقي في الحديث: (منقطع)؛ فإنه تصريح بأن المراد به: الإرسال الذي يحصل به الانقطاع، وينتفي به إذن الاحتجاج.

    الثالثة: تفرد داود بن عبدالله الأودي به:
    وحاله لا تحتمل التفرد، قال البيهقي: (وداود بن عبد الله ينفرد به، ولم يحتج به صاحبا الصحيح)[27]، وقال في موضع آخر: (... وداود بن عبد الله الأودي لم يحتج به الشيخان البخاري ومسلم)[28]، وردَّه ابن دقيق العيد، قال: (وقول البيهقي: "وداود بن عبدالله لم يحتج به الشيخان" غير ضار، ولا مانع من الاحتجاج به، وقد اعترف بأن الحديث رواته ثقات، وقد نقلنا أيضًا توثيق داود عن ابن معين والنسائي، وكم من موثق في الرواية لم يخرجا له في الصحيح، ولا التزما إخراج كل موثق)[29]، وهذا جواب عن احتمال حاله للتفرد، ولا يتوجه إلى تفرده، وأما الجواب عن تفرده به، فإن التفرد هاهنا غير ضار؛ حيث إن داود بن عبدالله مُقلّ في أحاديثه[30]، وإلى هذا تشير بعض كلمات الأئمة فيه، ومن ذلك قول الإمام أحمد: (شيخ ثقة)[31]، فكلمة (شيخ) تشير إلى كونه ذا أحاديث قليلة، وقد نص على هذا الإمام أحمد في بعض من أطلق فيهم هذه الكلمة[32]، ومع قلة حديثه؛ فقد تظافرت كلمات الأئمة في توثيقه، وهذا دال على أنه حافظ ضابط لما يروي، فإن الثقة مع قلة الحديث دليل ضبط، ومع الضبط لا يضر التفرد، ثم حميد بن عبدالرحمن الحميري ليس بذاك المكثر أيضًا، وليس له أصحاب مختصون بحديثه يعل حديث من تفرد عنه من غيرهم. فالظاهر أن تفرد داود الأودي بهذا الحديث لا يعله.

    وقد رواه عمر بن سعيد بن مسروق -أخو سفيان الثوري- عن رجل، عن حميد بن عبدالرحمن الحميري، فإن لم يكن هذا الرجل هو داود الأودي؛ فإنه مشارك له في الرواية عن حميد، لكنه خالفه في قوله: (عن رجل صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث سنين)، وقول داود الأودي: (أربع سنين) أصح.

    الرابعة: الكلام في زهير:
    قال الذهبي: (منكر، وزهير هو ابن محمد، فيه شيء، وقيل: بل زهير هو ابن معاوية الجعفي، أحد الثقات الأثبات)[33].

    وهذا غريب من الذهبي -رحمه الله-، ولعله علَّقه سريعًا دون تأمل وبحث، فإن من المعروف عند أهل التراجم أن زهيرًا الراويَ عن داود هذا هو أبو خيثمة زهير بن معاوية، قال الإمام أحمد: (روى عنه أبو عوانة وزهير أبو خيثمة)[34]، وقال أبو حاتم: (روى عنه أبو خالد الدالاني وزهير بن معاوية...)[35]، وجرى على ذلك الأئمة من بعدهم، ومنهم الخطيب[36] والمزي، وغيرهما، وقد عَيَّن زهيرًا في هذا الحديث بابن معاوية: ابنُ عبدالبر[37].

    ثم نكارة التفرد تزول بالمتابعة، ورواية أبي عوانة -متابعةً لزهير- أشهر من رواية زهير نفسه.

    الخامسة -وهي العلة المتنية-:
    مخالفة أحاديث الجواز، أعله بذلك البيهقي، قال: (وهذا الحديث رواته ثقات، إلا أن حميدًا لم يسمِّ الصحابي الذي حدَّثه، فهو بمعنى المرسل، إلا أنه مرسل جيد؛ لولا مخالفته الأحاديثَ الثابتةَ الموصولة قبله)[38]، وقال ابن عبدالبر: (الآثار في الكراهية في هذا الباب مضطربة لا تقوم بها حجة، والآثار الصحاح هي الواردة بالإباحة، مثل حديث ابن عمر هذا[39] ومثل حديث جابر، وحديث عائشة، وغيرهم، كلهم يقول: إن الرجال كانوا يتطهرون مع النساء جميعًا من إناء واحد، وأن عائشة كانت تفعل ذلك[40]، وميمونة[41]، وغيرهما من أزواجه -صلى الله عليه وسلم-[42])[43].

    ولا شك أن هذه الأحاديث أصح من حديث الباب، لكن كونها أصح لا ينفي أنه صحيح، وما دام اختلف مخرجه، وصح سنده دون ريبٍ في بعض رواته أو إشكال فيه، ووجد ما يخالفه ظاهرًا= فإنه يُتعامل معه بطرق التعامل المعروفة في مختلف الحديث، من النظر في إمكان الجمع، أو النسخ، أو الترجيح.

    والجمع ممكن هنا، قال الخطابي: (فكان وجه الجمع بين الحديثين...: أن النهي إنما وقع عن التطهير بفضل ما تستعمله المرأة من الماء، وهو ما سال وفضل عن أعضائها عند التطهر به، دون الفضل الذي تسئره في الإناء)[44]، وقال ابن حجر: (وهو ممكن؛ بأن تحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء، والجواز على ما بقي من الماء، وبذلك جمع الخطابي، أو يحمل النهي على التنزيه جمعًا بين الأدلة)[45]، وجمع أحمد -في رواية- بأن النهي مخصوص بما إذا خلت المرأة بالماء، وجمع آخرون بأن النهي إذا كانت المرأة جنبًا أو حائضًا، والإباحة في غير ذلك، وهو مروي عن ابن عمر.
    وهذا يضعِّف ردَّ حديث الباب بطريق ترجيح الأحاديث الأخرى. والله أعلم.

    وبهذا ظهر أن إسناد الحديث ليس فيه ما يطعن فيه، وقد نقل مغلطاي أن الأثرم حكى عن أحمد قوله فيه: (إسناده حسن)[46]، وفي هذا النقل نظر، فإن الإمام أحمد ضعف هذه الأحاديث، قال ابن حجر: (ونقل الميموني عن أحمد أن الأحاديث الواردة في منع التطهر بفضل المرأة وفي جواز ذلك مضطربة)[47]، ولعل صواب نقل مغلطاي أنه من كلام الأثرم، ونصُّه -كما نقله ابن دقيق العيد-: (فهو أحسنها إسنادًا، إلا أنه مخالف لحديث الحكم بن عمرو، وحديث الحكم أحسن منه)[48]. وقد صرح مغلطاي أن كلام الأثرم هذا في كتابه (الناسخ والمنسوخ)[49]، وليس في الجزء المطبوع منه، ولم ينقل هو ولا ابن دقيق العيد نص كلام الأثرم؛ ليُفهم مراده من المخالفة بين هذا الحديث وحديث الحكم بن عمرو -الآتي-، وليفهم وجه كون حديث الحكم أحسن منه عنده، فإن ظاهر متنيهما التوافق، وقد عقب ابن دقيق العيد على قول الأثرم المنقول آنفًا بقوله: (فأما مخالفته له؛ فالمخالفة من الجانبين، وليس رد حديثه[50] لحديث الحكم بأولى من العكس، وقوله: "حديث الحكم أحسن منه" فيه نظر).

    وقد صحح هذا الحديث: أبو عبدالله محمد بن أبي نصر الحميدي، حيث أرسل إلى ابن حزم ينبهه فيها إلى صحته -كما مرَّ-، وهو ظاهر صنيع الحافظ ابن عبدالهادي[51]، وغيرهما.

    4- تخريج حديث عائشة -رضي الله عنها-:
    أخرجه ابن عدي في الكامل (5/25) من طريق عمر بن صبح، عن مقاتل بن حيان، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عائشة أنها قالت: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن فضل وضوء المرأة، قال: «لا بأس به، ما لم تخلُ به، فإذا خلت به فلا تتوضأ بفضل وضوئها».

    دراسة الإسناد:
    فيه عمر بن صبح، متروك متهم بالكذب، وروى عن مقاتل وغيره أحاديث موضوعة.

    5- تخريج حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:
    أخرجه الدارقطني في الأفراد (5517-أطرافه) من طريق أبي كدينة، عن سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة.

    دراسة الإسناد:
    لم أجد هذه الرواية مسندةً، وقد قال الدارقطني فيها: (تفرد به أبو كدينة عن سليمان التيمي، وأسنده عن أبي هريرة)[52]، وقد خالفه في ذلك جماعة كثيرون عن سليمان التيمي، كسفيان وشعبة وابن علية ويزيد بن زريع وحماد بن سلمة وغيرهم، وقد سبق تخريج رواياتهم ودراستها في حديث الحكم بن عمرو الغفاري، وأبو كدينة وإن كان ثقة؛ إلا أنه ربما أخطأ -كما قال ابن حبان-، وهذه الرواية من أخطائه، قال الدارقطني: (وذلك وهم، وإنما رواه أبو حاجب عن الحكم بن عمرو الغفاري)[53]، وقد سبق التنبيه على ملحظٍ في ذكر الدارقطني اسمَ الحكم بن عمرو الغفاري في هذا الخلاف على سليمان التيمي.

    هذا، وقد ضعف أحاديث الباب جميعًا:
    الإمام أحمد بن حنبل، قال ابن حجر: (ونقل الميموني عن أحمد أن الأحاديث الواردة في منع التطهر بفضل المرأة وفي جواز ذلك مضطربة)[54].
    والحافظ أبو عبدالله محمد ابن منده، قال: (وأما ما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يغتسل بفضل وضوء المرأة؛ فروي عن أبي هريرة، وأبي ذر، والحكم بن عمرو الغفاري، ورجل صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أربع سنين كما صحبه أبو هريرة، ولا يثبت عن واحد منهم من جهة السند...)[55].
    وابن عبدالبر، قال: (الآثار في الكراهية في هذا الباب مضطربة لا تقوم بها حجة...)[56].

    والظاهر أن تضعيفهم لهذه الأحاديث كان حال نظرهم لحالها مقابل أحاديث الترخيص في الوضوء بفضل المرأة. لكن لعل حديثًا من أحاديث هذا الباب قد صح، وهو حديث حميد بن عبدالرحمن الحميري عن الرجل الذي صحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد سبق بيان ذلك، ويؤيده الموقوفان عن الحكم بن عمرو الغفاري وعبدالله بن سرجس -رضي الله عنهما-، بل قال الإمام أحمد: أكثر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقولون ذلك[57]. والله أعلم.




    ـــــــــــــــ ــــــــــــ
    [1] وقع في المصدر: أحمد بن عبدالرحيم، والبزار مُكثر عن محمد بن عبدالرحيم صاحب السابري في مسنده، ولعله شيخه هنا.
    [2] وأخرجه من طريقه: القاضي أبو بكر محمد بن بدر في كتاب النهي، أفاده ابن دقيق العيد -في الإمام (1/162)-.
    [3] الإمام (1/159).
    [4] النفح الشذي (2/55).
    [5] المعجم الأوسط (4/111).
    [6] كذا في الأوسط، وصوابه: عاصم.
    [7] تنقيح التحقيق، له (1/17).
    [8] علل الترمذي الكبير (ص40-ترتيبه).
    [9] الإمام (1/159).
    [10] النفح الشذي (2/55).
    [11] السنن (1/116، 117).
    [12] السنن (1/192).
    [13] خلاف فهم ابن دقيق العيد في الإمام (1/161، 162)، فإنه ظنَّ أن قول البيهقي (وخالفه شعبة) إشارة إلى رواية شعبة عن عاصم عن أبي حاجب عن الحكم بن عمرو، وإنما أشار البيهقي إلى روايته عن عاصم عن عبدالله بن سرجس موقوفًا؛ فأسندها بعدها.
    [14] سوى لفظة (ولكن يشرعان جميعًا)، فإنها إنما وردت في حديث حميد بن عبدالرحمن الحميري عن رجل من الصحابة، وهو الآتي.
    [15] تهذيب السنن (1/103).
    [16] هذا الظاهر في ضبطها.
    [17] بيان الوهم والإيهام (5/226)، الإمام، لابن دقيق العيد (1/154).
    [18] الإمام (1/154).
    [19] بيان الوهم والإيهام (5/226).
    [20] نقل المزي في تهذيب الكمال أن ابن معين قال فيه: (ليس بشيء)، وتعقبه الحافظ في تهذيب التهذيب، فقال: (يحرر هذا، فإنه عن الدوري عن ابن معين في داود بن يزيد -كما سيأتي-)، وقال الذهبي -في الميزان (2/10)-: (وروى عباس عن يحيى: "ليس بشيء"، فيحرر هذا؛ لأن هذا في ابن يزيد)، وقال ابن عبدالهادي -في تنقيح التحقيق (1/42)-: (كذا ذكر غير واحد من المصنفين رواية عباس عن يحيى في ترجمة داود هذا، والظاهر أن كلام يحيى إنما هو في داود بن يزيد الأودي عم عبد الله بن إدريس؛ فإنه المشهور بالضعف) -وانظر تهميش محققَي التنقيح-، وقال العراقي معقبًا على كلام الذهبي المنقول آنفًا عن الميزان -في ذيله (ص224)-: (قلت: قد حررته، فلم أجد أحدًا أصلاً تكلم في داود بن عبدالله، وإنما الذي نقله عباس عن ابن معين في داود بن يزيد، قال عباس الدوري في تاريخه عن ابن معين: "داود الأودي الذي روى عنه الحسن بن أبي صالح وأبو عوانة: ثقة"، ثم قال: "داود بن يزيد الأودي: ليس حديثه بشيء، وهو عم عبدالله بن إدريس"، هذا لفظه بحروفه، فينبغي أن يُسقط من الميزان ذكر داود بن عبدالله؛ فإنه لم يتكلم فيه أحد بجرح فيما نعلم).
    [21] العلل (ص668)، مسند الفاروق (1/182).
    [22] السنن (1/190).
    [23] معرفة السنن والآثار (1/497، 498).
    [24] شرحه على ابن ماجه (1/294).
    [25] الجوهر النقي (1/190، 191)، وانظر: الإمام، لابن دقيق العيد (1/155)، شرح سنن ابن ماجه، لمغلطاي (1/293)، تنقيح التحقيق، لابن عبدالهادي (1/43)، فتح الباري، لابن حجر (1/300)، النكت، له (2/563، 564).
    [26] فتح المغيث (1/269).
    [27] معرفة السنن والآثار (1/498).
    [28] السنن (1/190).
    [29] الإمام (1/156)، وناقشه مغلطاي أيضًا في شرح ابن ماجه (2/294).
    [30] وجدت.
    [31] الجرح والتعديل (3/416)، تهذيب الكمال (8/411)، وجاءت في العلل ومعرفة الرجال (1/536-رواية عبدالله): (بخٍ ثقة)، والأول أصح.
    [32] قال حرب بن إسماعيل -كما في الجرح والتعديل (8/438، 439)-: قلت لأحمد بن حنبل: مستلم بن سعيد كيف هو؟ قال: (شيخ ثقة من أهل واسط، قليل الحديث). وهذا الإطلاق لكلمة (شيخ) على قليل الحديث منهجٌ للعجلي وغيره، انظر: شفاء العليل، للمأربي (ص317).
    [33] تنقيح التحقيق، له (1/16).
    [34] شالعلل ومعرفة الرجال (1/536-رواية عبدالله).
    [35] الجرح والتعديل (3/416).
    [36] في غنية الملتمس (ص182).
    [37] الاستذكار (3/130).
    [38] السنن (1/190).
    [39] يعني: حديث مالك -في الموطأ (48)- عن نافع أن ابن عمر كان يقول: إنْ كان الرجال والنساء في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليتوضؤون جميعًا. وأخرجه البخاري (193) وغيره.
    [40] أخرجه البخاري (250، 261، 263، 272، 299، 322، 1929، 5956) ومسلم (319، 321، 331) وغيرهما كثير من طرق عن عائشة.
    [41] أخرجه البخاري (253)، ومسلم (322) وغيرهما.
    [42] أخرج البخاري (264) عن أنس بن مالك قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- والمرأة من نسائه يغتسلان من إناء واحد.
    [43] الاستذكار (2/129).
    [44] معالم السنن (1/42).
    [45] فتح الباري (1/300).
    [46] شرح ابن ماجه (1/292).
    [47] فتح الباري (1/300).
    [48] الإمام (1/157).
    [49] شرح ابن ماجه (1/294).
    [50] يعني: حديث داود بن عبدالله الأودي، عن حميد بن عبدالرحمن، عن الرجل من الصحابة.
    [51] تنقيح التحقيق (1/41-43).
    [52] أطراف الغرائب والأفراد (2/338).
    [53] العلل (8/279، 345).
    [54] فتح الباري (1/300).
    [55] الإمام، لابن دقيق العيد (1/164).
    [56] الاستذكار (2/129).
    [57] هكذا نقله المصنف في الروض (1/79).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    كتاب الطهارة (3)


    16-(1/82، 83) ("أو رفع بقليله حدثَ" مكلفٍ أو صغير؛ فطاهر؛ لحديث أبي هريرة: «لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب» رواه مسلم).


    أخرجه مسلم (283) من طريق أبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب»، فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: (يتناولها تناولاً).

    وانظر: المسند الجامع (12702).

    17-(1/85، 86) ("أو غمس فيه" أي: في الماء القليل كل "يد" مسلم مكلف "قائم من نوم ليل ناقض للوضوء" قبل غسلها ثلاثًا؛ فطاهر...؛ لحديث: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثًا؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده» رواه مسلم).


    أخرجه البخاري (162) ومسلم (278) من طريق الأعرج، ومسلم (278) من طريق جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- وعبدالله بن شقيق وأبي رزين وأبي صالح وأبي سلمة وسعيد بن المسيب وعبدالرحمن بن يعقوب -والد العلاء بن عبدالرحمن- وهمام بن منبه وثابت مولى عبدالرحمن بن زيد، كلهم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال مسلم: (في روايتهم جميعًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الحديث، كلهم يقول: "حتى يغسلها"، ولم يقل واحد منهم: "ثلاثًا" إلا ما قدمنا من رواية جابر وابن المسيب وأبي سلمة وعبدالله بن شقيق وأبي صالح وأبي رزين؛ فإن في حديثهم ذكر الثلاث).

    وانظر: المسند الجامع (12723-12734).

    10م-(1/90) ("أو لاقاها" أي: لاقى النجاسة "وهو يسير" أي: دون القلتين، فينجس بمجرد الملاقاة، ولو جاريًا؛ لمفهوم حديث: «إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء»).


    سبق تخريجه وبيانه في الحديث (10).

    18-(1/100-103) ("كل إناء طاهر... يباح اتخاذه واستعماله... إلا آنية ذهب وفضة... فإنه يحرم اتخاذها... واستعمالها" في أكل وشرب وغيرهما "ولو على أنثى"؛ لعموم الأخبار، وعدم المخصص)، قال ابن قاسم (1/103): (لما في الصحيحين: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة»، وللبخاري: «الذي يشرب في آنية الذهب» ولمسلم: «والفضة= إنما يجرجر في بطنه نار جهنم».

    1- تخريج الحديث الأول:
    أخرجه البخاري (5426، 5632، 5633) من طريق مجاهد والحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى أنهم كانوا عند حذيفة، فاستسقى، فسقاه مجوسي، فلما وضع القدح في يده رماه به، وقال: لولا أني نهيته غير مرة ولا مرتين -كأنه يقول: لم أفعل هذا- ولكني سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة»، ونحوه في الموضعين الآخرين.
    وانظر: المسند الجامع (3315، 3316).

    2- تخريج الحديث الثاني:
    أخرجه البخاري (5634) ومسلم (2065) وغيرهما من طريق مالك، ومسلم (2065) وغيره من طريق الليث بن سعد وأيوب وموسى بن عقبة وعبدالرحمن السراج، وأحمد (6/306) ومسلم (2065) والنسائي في الكبرى (6843) وأبو عوانة (6824) والبغوي في الجعديات (3028) وابن حبان (5341) وابن عبدالبر في التمهيد (16/102) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وابن راهويه (1853) ومسلم (2065) من طريق محمد بن بشر، وابن أبي شيبة في المصنف (24135) -ومن طريقه مسلم (2065) والطبراني في الكبير (23/387) والبيهقي (4/145) وابن عبدالبر في الاستذكار (26/267، 268) وابن حزم في المحلى (2/223)-، ومسلم (2065) -ومن طريقه ابن حزم في المحلى (2/223)- والبيهقي (4/145) من طريق محمد بن إسحاق الثقفي السراج، كلاهما -مسلم والسراج- عن الوليد بن شجاع، كلاهما -ابن أبي شيبة والوليد بن شجاع- عن علي بن مسهر، ثلاثتهم -يحيى القطان ومحمد بن بشر وعلي بن مسهر- عن عبيدالله بن عمر، كلهم عن نافع، عن زيد بن عبدالله بن عمر بن الخطاب، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم»، قال مسلم: (كل هؤلاء عن نافع بمثل حديث مالك بن أنس بإسناده عن نافع، وزاد في حديث علي بن مسهر عن عبيدالله: «إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب...»، وليس في حديث أحدٍ منهم ذكر الأكل والذهب إلا في حديث ابن مسهر)، ولم يذكر السراج عن الوليد بن شجاع عن علي بن مسهر الأكل والذهب، ولا ذُكِرا في رواية البيهقي من طريق ابن أبي شيبة، قال البيهقي: (وقد رواه غيرُ مسلمٍ عن أبي بكر بن أبي شيبة والوليد بن شجاع دون ذكرهما)[1].

    وانظر: المسند الجامع (17599).

    وأخرجه مسلم (2065) -ومن طريقه البيهقي (4/146)- عن زيد بن يزيد أبي معن الرقاشي، وأبو عوانة (6829) عن يزيد بن سنان، والطبراني في الكبير (23/413) من طريق محمد بن المثنى، والمزي في تهذيب الكمال (19/491) من طريق سليمان بن عبدالجبار وبشر بن آدم، خمستهم -أبو معن ويزيد بن سنان ومحمد بن المثنى وسليمان بن عبدالجبار وبشر- عن أبي عاصم، عن عثمان بن مرة، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن خالته أم سلمة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه نارًا من جهنم»، لفظ مسلم، قال البيهقي: (وفي هذا ذكر الذهب دون الأكل)، إلا أن سليمان بن عبدالجبار لم يذكر الذهب في روايته.

    دراسة الإسناد:
    زاد علي بن مسهر في بعض الروايات عنه عن عبيدالله بن عمر عن نافع= ذكرَ الأكل والذهب في الحديث، وهذه الروايات صحيحة عن علي؛ فقد رواها ابن أبي شيبة في مصنفه فأثبتها، وكفى بهذا دليلاً على ثبوتها عنه، ورواها عنه الإمام الجبل مسلم بن الحجاج والحافظ محدث الأندلس محمد بن وضاح وراوية كتب ابن أبي شيبة عبيد بن غنام، وكذا رواها مسلم عن الوليد بن شجاع، ولا يضرُّ ذلك تقصيرُ من قصر بذكر اللفظتين عن ابن أبي شيبة والوليد.
    وهذه الزيادة لم تأتِ إلا في هذه الرواية، وقد أعلها مسلم في كلامه المنقول آنفًا، وأعلها كذلك البيهقي، قال: (وذكر الأكل والذهب غير محفوظ في غير رواية علي بن مسهر)[2] ، وقد خالف عليَّ بن مسهر في ذكر اللفظتين: الحافظان الثبتان: محمد بن بشر ويحيى القطان، فلم يذكراهما عن عبيدالله بن عمر، وكذا لم يذكرهما من تابع عبيدَالله عن نافع، فاللفظتان في الحديث شاذتان عن نافع.

    وقد رواه عثمان بن مرة عن عبدالله بن عبدالرحمن عن أم سلمة، فذكر فيه الذهب، إلا ما كان من سليمان بن عبدالجبار؛ فإنه أسقط ذكر الذهب عن أبي عاصم عن عثمان، والصواب رواية الجماعة بإثباته.

    وعثمان بن مرة قال فيه ابن معين: (صالح)، وقال أبو زرعة: (لا بأس به)، وقال أبو حاتم: (يكتب حديثه)، وذكره ابن حبان وابن شاهين وابن خلفون في الثقات. وقد زاد عثمان ذكر الذهب على زيد بن عبدالله بن عمر، وزيد ذكره ابن حبان في الثقات وأخرج له مالك في الموطأ والشيخان في صحيحيهما. ويشبه أن تكون الزيادة ثابتة؛ لثقة عثمان عن زيد. والله أعلم.

    وأما النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة؛ فجاء في غير حديث، وقد أخرجه الشيخان من حديث حذيفة بن اليمان، وسبق تخريجه أول هذا المبحث.

    19-(1/104، 105) ("إلا ضبة يسيرة" عرفًا، لا كبيرة "من فضة" لا ذهب "لحاجة" وهي أن يتعلق بها غرض غير الزينة؛ فلا بأس بها؛ لما روى البخاري عن أنس -رضي الله عنه- أن قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة).


    أخرجه البخاري (3109) من طريق أبي حمزة عن عاصم عن ابن سيرين عن أنس أن قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة، قال عاصم: رأيت القدح وشربت فيه.

    وأخرجه البخاري (5638) من طريق أبي عوانة، عن عاصم الأحول، قال: رأيت قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- عند أنس بن مالك، وكان قد انصدع، فسَلْسَلَهُ بفضة. قال: وهو قدح جيد عريض من نضار. قال: قال أنس: لقد سقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا القدح أكثر من كذا وكذا. قال: وقال ابن سيرين: إنه كان فيه حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة[3]، فقال له أبو طلحة: لا تغيرنَّ شيئًا صنعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتركه.
    وانظر: المسند الجامع (890-893).

    20-(1/106) (... وعلم منه[4] أن المضبب بذهب حرام مطلقًا، وكذا المضبب بفضة لغير حاجة أو بضبة كبيرة عرفًا ولو لحاجة؛ لحديث ابن عمر: «من شرب في إناءِ ذهبٍ أو فضة أو إناءٍ فيه شيءٌ من ذلك؛ فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم» رواه الدارقطني).


    منكر.

    أخرجه أبو محمد الفاكهي في فوائده -حديثه عن ابن أبي مسرة- (100) -ومن طريقه الدارقطني (1/40) وحمزة السهمي في تاريخ جرجان (ص108، 109) وابن بشران في أماليه (42) والحاكم في معرفة علوم الحديث (326)-ومن طريقه ابن حزم في المحلى (7/421)- والبيهقي (1/28)-، والحاكم في المعرفة (326) -ومن طريقه ابن حزم في المحلى (7/421)- والبيهقي في الكبرى (1/28) والصغرى (224) من طريق الحسين بن الحسن الطوسي، ونقل البيهقي (1/28) أن أبا الوليد محمد بن حسان الفقيه أخرجه عن محمد بن عبدالوهاب، ثلاثتهم -الفاكهي والطوسي ومحمد بن عبدالوهاب- عن أبي يحيى عبدالله بن أحمد ابن أبي مسرة، عن يحيى بن محمد الجاري، عن زكريا بن إبراهيم بن عبدالله بن مطيع، عن أبيه، عن عبدالله بن عمر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من شرب في إناء ذهب أو فضة أو إناء فيه شيء من ذلك؛ فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم». إلا أن الحاكم في روايته عن الفاكهي والطوسي قال: زكريا بن إبراهيم بن عبدالله بن مطيع عن أبيه عن جده عن ابن عمر.

    دراسة الإسناد:
    زاد الحاكم ذكر (جده) في الإسناد، وقد رواه الدارقطني والسهمي وابن بشران ومحمد بن أحمد بن إسحاق البزار -عنه البيهقي-، كلهم عن الفاكهي، لم يذكروا (جده)، ورواه أبو علي الروذباري -عنه البيهقي- عن الحسين بن الحسن الطوسي، فلم يذكرها كذلك، وتابعهما على عدم ذكره: محمد بن عبدالوهاب، فلذا قال البيهقي: (أخبرنا أبو عبدالله الحافظ فى فوائده عن الطوسي والفاكهي معًا، فزاد فى الإسناد بعد أبيه: عن جده عن ابن عمر، وأظنه وهمًا)، وقال ابن الصلاح: (قول الحاكم في إسناده: "عن أبيه عن جده" الظنُّ به أنه وهم، فقد رواه العدد بهذا الإسناد، فقالوا فيه: عن أبيه عن ابن عمر، من غير ذكر جده، روينا نحو ذلك عن أبي بكر البيهقي الحافظ كما هو عن الحاكم، وظن بشيخه الوهم في ذلك، والله أعلم)[5].

    وفي هذا الإسناد علل:
    أحدها: حال يحيى بن محمد الجاري، وثقه العجلي، وقال البخاري: (يتكلمون فيه)، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: (يُغرب)، وذكره في المجروحين، وقال: (كان ممن يتفرد بأشياء لا يتابع عليها على قلة روايته، كأنه كان يهم كثيرًا؛ فمن هنا وقع المناكير في روايته، يجب التنكب عما انفرد من الروايات، وإن احتج به محتجٌّ فيما وافق الثقات لم أرَ بذلك بأسًا)[6] ، وذكره العقيلي وأبو العرب وأبو بشر الدولابي وابن السكن في جملة الضعفاء[7].
    ثانيها: تفرد الجاري وغرابة الإسناد، وإلى هذا أشار الدارقطني بقوله: (إسناده حسن)، وهذا مصطلح للمتقدمين يريدون به وصف الإسناد بالغرابة[8]، وقال الحاكم: (هذا حديث روي عن أم سلمة، وهو مخرَّج في الصحيح، وكذلك روي من غير وجه عن ابن عمر، واللفظة: "أو إناء فيه شيء من ذلك" لم نكتبها إلا بهذا الإسناد)[9]. وما انفرد به يحيى الجاري أوجب ابن حبان التنكب عنه.
    ثالثها: زكريا بن إبراهيم بن عبدالله بن مطيع، لم أجد له ترجمة، قال ابن حزم: (زكريا بن إبراهيم لا نعرفه بعدل ولا جراحة)[10]، وقال ابن القطان: (فأما زكريا وأبوه فلا تعرف لهما حال)[11]، وقال ابن عبدالهادي: (غير معروف)[12]، وقال الذهبي: (ليس بالمشهور)[13]، وقال ابن حجر عن الحديث: (معلول بجهالة حال إبراهيم بن عبدالله بن مطيع وولده)[14].
    رابعها: إبراهيم بن عبدالله بن مطيع والد زكريا، لم أجد له ترجمة كذلك، ومرَّ قول ابن القطان وابن حجر فيه.
    خامسها: الوقف، قال البيهقي: (والمشهور عن ابن عمر في المضبب موقوفًا عليه)، ثم أسند ما أخرجه ابن أبي شيبة (24151) عن عبدالله بن نمير، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان لا يشرب من قدح فيه حلقة فضة، ولا ضبة فضة، وأخرج ابن أبي شيبة أيضًا (24152) من طريق ليث، عن مجاهد، قال: كان ابن عمر يكره أن يشرب في قدح فيه حلقة من فضة، وليث بن أبي سليم ضعيف، لكنه متابع.

    ولاجتماع هذه العلل قال ابن القطان عن الحديث: (لا يصح)، وقال الذهبي: (منكر)، وتوقف فيه ابن حزم.



    ـــــــــــــــ ـــــــ
    [1] السنن (1/27).
    [2] السنن (1/27).
    [3] هذه الحلقة غير السلسلة من الفضة.
    [4] يعني حديث أنس السابق.
    [5] حواشيه على معرفة علوم الحديث (ص400).
    [6] المجروحين (3/130)، ولم ينقل في التهذيبين.
    [7] إكمال تهذيب الكمال، لمغلطاي (12/360).
    [8] انظر تفصيل ذلك بأمثلته في الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات، للشيخ طارق بن عوض الله (ص130-150).
    [9] معرفة علوم الحديث (ص401).
    [10] المحلى (7/421).
    [11] بيان الوهم والإيهام (4/608).
    [12] تنقيح التحقيق (1/143).
    [13] ميزان الاعتدال (4/406).
    [14] فتح الباري (10/101).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    كتاب الطهارة (4)



    21-(1/107) ("وتباح آنية الكفار" إن لم تعلم نجاستها "ولو لم تحل ذبائحهم" كالمجوس؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- توضأ من مزادة مشركة. متفق عليه).


    تتابع جمع من الأئمة الحنابلة على ذكر هذا الحديث مختصرًا هكذا، قال ابن عبدالهادي: (وهو مختصر من حديث طويل)[1]، والحديث المقصود في الصحيحين، وليس فيه ما يفيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ من المزادة، بل ظاهره أنه توضأ قبل أن يأمر الصحابييَن بابتغاء الماء ومجيئهما به من المرأة المشركة، لكن جاء في بعض طرقه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مضمض في الماء، وفي بعضها أنه مجَّ فيه.

    والحديث أخرجه عبدالرزاق (20537) عن معمر، وابن أبي شيبة (31726) -ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج (1535)- عن مروان بن معاوية، وأحمد (4/434)، والبخاري (344) عن مسدد، والبزار (3584) عن عمرو بن علي، وابن خزيمة (113) عن بندار، وابن حبان (1301) وأبو نعيم في مستخرجه على صحيح مسلم (1535) من طريق عبيدالله بن عمر القواريري، خمستهم عن يحيى بن سعيد القطان، ومسلم (682) وأبو عوانة في مستخرجه (684، 1666، 4281) وأبو نعيم في مستخرجه (1535) من طريق النضر بن شميل، وابن خزيمة (113) عن بندار عن ابن أبي عدي وسهل بن يوسف وعبدالوهاب بن عبدالمجيد، والطبراني في الكبير (18/132) -وعنه أبو نعيم في المستخرج (1535)- من طريق هوذة بن خليفة، والبيهقي في السنن (1/218) ومعرفة السنن (2/30) من طريق عبدالوهاب بن عطاء، وفي السنن (1/219) ودلائل النبوة (4/279) من طريق عباد بن منصور، كلهم وآخرون عن عوف الأعرابي، وأخرجه البخاري (3571) والطبراني في الكبير (18/137) -ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (11/223، 224)- وأبو عوانة في المستخرج (684، 1665، 4281) وأبو نعيم في المستخرج (1534) والبيهقي (1/219) من طريق أبي الوليد الطيالسي، ومسلم (682) من طريق عبيدالله بن عبدالمجيد، والدارقطني (1/199) من طريق عبدالكريم بن الهيثم، والطبراني في الكبير (1/137) من طريق سعيد بن سليمان النشيطي، ثلاثتهم عن سلم بن زرير، والدارقطني (1/200) من طريق عباد بن راشد، ثلاثتهم -عوف وسلم وعباد- عن أبي رجاء العطاردي، عن عمران بن حصين، بحديث طويل.

    قال فيه عوف: (... فجاءا بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحدثاه الحديث. قال: فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي -صلى الله عليه وسلم- بإناء، ففرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين، وأوكأ أفواههما، وأطلق العزالي، ونودي في الناس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء، واستقى من شاء...)، لفظ يحيى القطان عن عوف، وقال معمر: (فجاءا بها، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فجعل في إناء من مزادتيها شيئًا، ثم قال ما شاء الله أن يقول، ثم أعاد الماء في المزادتين، ثم أمر بعرا المزادتين ففتحت، ثم أمر الناس فملؤوا آنيتهم وأسقيتهم...)، وقال مروان بن معاوية: (فجاءا بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- بإناء فأفرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطحيتين، ثم أوكأ أفواههما، وأطلق العزالي، ونودي في الناس أن اسقوا واستقوا)، وقال النضر بن شميل: (فجاءا بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإناء، فأفرغ فيه، فسقى واستقى)، وقال هوذة بن خليفة: (ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإناء، فجعل فيه أفواه السطيحتين أو المزادتين، ثم تضمض، فأعاده في الإناء، ثم أعاده في أفواه السطيحتين أو المزادتين)، وقال عبدالوهاب بن عطاء: (فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإناء، فأفرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين، فمضمض في الماء وأعاده في أفواه المزادتين أو السطيحتين، ثم أوكأ أفواههما، وأطلق العزالي...)، وقال عباد بن منصور: (فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ائتوني بإناء»، فجاؤوا بإناء، فقال: «افتحوا عزلاء هذه المزادة فخذوا منها ماء يسيرًا، ثم افتحوا عزلاء هذه فخذوا منها ماء يسيرًا أيضًا»، ففعلوا، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا فيه وغمس يده فيه، فقال: «افتحوا لي أفواه المزادتين»، ففتحوا، فحثا في هذه قليلاً، وفي هذه قليلاً، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: «اشربوا»، فشربوا حتى رووا...)، وقد ذُكرت المضمضمة في ألفاظ بعض الرواة عن عوف حملاً على ألفاظ بعضهم؛ حيث قُرنت أسانيد رواياتهم ببعضها، وقد رواه محمد بن بشار بندار عن يحيى القطان وابن أبي عدي وسهل بن يوسف وعبدالوهاب بن عبدالمجيد -قرنهم-، فذكر المضمضة في اللفظ.

    وقال سلم بن زرير: (فأمر براويتها فأنيخت، فمَجَّ في العزلاوين العلياوين، ثم بعث براويتها فشربنا -ونحن أربعون رجلاً عطاش- حتى روينا...).

    وقال عباد بن راشد: (فأمر بالبعير فأنيخ، ثم حل المزادة من أعلاها، ثم دعا بإناء عظيم، فملأه من الماء...).

    دراسة الإسناد:
    الظاهر أن لفظ المضمضة لا يثبت عن عوف الأعرابي، فقد اجتمع على عدم ذكره معمر ويحيى القطان والنضر بن شميل ومروان بن معاوية، وهؤلاء ثقات أثبات حفاظ، أوثق ممن ذكر المضمضة وأحفظ.

    وثبت عن سلم بن زرير المج، إلا أن سلمًا متكلَّم فيه، وعوف الأعرابي أوثق منه، وتابعه عباد بن راشد على عدم ذكره، فالظاهر أن المج لا يثبت أيضًا عن أبي رجاء.

    لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر الرجل الذي كان جنبًا بالوضوء من هذا الماء، قال عمران: (وكان آخر ذاك: أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناءً من ماء، فقال: «اذهب فأفرغه عليك»)، فالاستدلال على إباحة استعمال آنية المشركين من هذا النص قائم.


    22-(1/109) ("ولا يطهر جلد ميتة بدباغ" روي عن عمر، وابنه، وعائشة، وعمران بن حصين -رضي الله عنهم-).


    أخرجه ابن المنذر في الأوسط (850) وعلقه ابن عبدالبر في التمهيد (4/166)، عن محمد بن نصر، عن إسحاق بن راهويه، عن ابن أبي عدي، عن الأشعث، عن محمد بن سيرين، قال: كان ممن يكره الصلاة في الجلد إذا لم يكن ذكيًّا[2]: عمر، وابن عمر، وعائشة، وعمران بن حصين، وابن جابر[3].

    وأخرجه ابن أبي شيبة (24898) عن يزيد بن هارون، عن ابن عون، عن ابن سيرين، قال: كانوا لا يرون بالصوف والشعر والمِرْعِزَّى والوبر بأسًا، إنما كانوا يكرهون الصلاة في الجلد.

    دراسة الإسنادين:
    الإسنادان صحيحان إلى ابن سيرين.

    أثر عن عمر:
    علقه ابن المنذر في الأوسط (848) وابن عبدالبر في التمهيد (4/166) عن بندار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن زيد بن وهب قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب: إنه بلغني أنكم بأرض تلبسون ثيابًا يقال لها الفراء، فانظروا ما من ميتة.

    دراسة الإسناد:
    ابن المنذر لم يسمع من بندار، وإنما يروي عنه بقوله: حدثونا عن بندار، وربما روى عنه بواسطة بعض شيوخه، ولم يبين هنا واسطته.

    أثر عن عائشة:
    أخرجه عبدالرزاق (199) -ومن طريقه ابن المنذر (849)- عن ابن جريج، قال: أخبرنا نافع مولى ابن عمر، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر، أن محمد بن الأشعث كلَّم عائشة في أن يتخذ لها لحافًا من الفراء، فقالت: (إنه ميتة، ولست بلابسةٍ شيئًا من الميتة) قال: فنحن نصنع لك لحافًا مما يدبغ، وكرهت أن تلبس من الميتة.

    وأخرجه ابن عبدالبر في التمهيد (4/176) من طريق أبي يحيى بن أبي مسرة، عن مطرف، عن مالك، عن نافع، عن القاسم بن محمد أنه قال لعائشة: ألا نجعل لك فروًا تلبسينه؟ قالت: (إني لأكره جلود الميتة)، قال: إنا لا نجعله إلا ذكيًّا، فجعلناه، فكانت تلبسه.

    دراسة الإسنادين:
    الإسنادان صحيحان، وزاد مالك على ابن جريج عن نافع أن عائشة كانت تلبسه بعد أن دبغوه، وهذه الزيادة مقبولة؛ فمالك من أثبت الناس في نافع.

    وظاهر الروايتين الخلاف في قائل الكلام لعائشة، ولعل الصواب في رواية مالك عن نافع عن القاسم: أنه قيل لعائشة...، وبهذا تتفق الروايتان.

    هذا، وقد جاء عن عمر وابنه وعائشة -رضي الله عنهم- ما يخالف ما استدل به المصنف، انظر: تهذيب الآثار، للطبري (2/829-831)، الأوسط، لابن المنذر (2/265-267).

    وفي بعض الآثار السابق تخريجها ما يخالف استدلال المصنف بها، حيث جاء فيها حصر الكراهية في الجلد غير المدبوغ، وهذا يفيد أن لا كراهة في الجلد المدبوغ، وهذا ما صرحت به رواية القاسم عن عائشة، ومن هذا؛ فالجلد يطهر بالدباغ عندهم، والله أعلم.

    -(1/117، 118) ("ويستحب عند دخول الخلاء... قول: بسم الله"؛ لحديث علي: «ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف: أن يقول: بسم الله»، رواه ابن ماجه والترمذي، وقال: ليس إسناده بالقوي).
    ضعيف، وورد في التسمية عند دخول الخلاء غير رواية، ولا تصح.



    1- تخريج حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-:
    أخرجه الترمذي (606) -ومن طريقه البغوي في شرح السنة (1/378)-، وابن ماجه (297) -ومن طريقه ابن حجر في نتائج الأفكار (1/197)-، وأحمد بن عبدالجبار في مسنده -كما نقل ابن دقيق العيد في الإمام (2/476)- عن إسماعيل بن الفضل، والبيهقي في الدعوات (53) من طريق محمد بن عبدوس بن كامل، ثلاثتهم عن محمد بن حميد، والبزار (484) عن يوسف بن موسى، عن عبدالرحمن بن الحكم بن بشير[4]، والطبراني في الأوسط (6201) وأبو الشيخ الأصبهاني في العظمة (1109) من طريق محمد بن مهران، ثلاثتهم -محمد بن حميد وعبدالرحمن بن الحكم ومحمد بن مهران- عن الحكم بن بشير، عن خلاد الصفار أبي مسلم، عن الحكم بن عبدالله النصري، وعلقه الطبراني في الأوسط (6/206) عن الحجاج الأعور، عن يونس بن أبي إسحاق، كلاهما -الحكم ويونس- عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي جحيفة، عن علي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء: أن يقول: بسم الله»، وقال ابن ماجه عن محمد بن حميد: «ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف: أن يقول: بسم الله». ولم يذكر عبدالرحمن بن الحكم ولا محمد بن مهران الكنيف ولا الخلاء عن الحكم بن بشير، بل قالا: «ستر ما بينكم وبين الجن -زاد عبدالرحمن: أن تقول-: بسم الله».

    دراسة الإسناد:
    قال الترمذي: (هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه)[5]، وقال البزار: (وهذا الحديث لا نعلمه يُروَى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا من هذا الوجه)[6]، وقال الطبراني: (لم يروِ هذا الحديث عن أبي إسحاق السبيعي إلا الحكم النصري ويونس بن أبي إسحاق، ولم يروه عن الحكم النصري إلا خلاد الصفار، تفرد به الحكم بن بشير بن سليمان. وتفرد به عن يونس بن أبي إسحاق: الحجاجُ الأعور)[7].

    وقد تفرد محمد بن حميد بذكر الخلاء -أو: الكنيف- فيه عن الحكم بن بشير، وخالفه فيه: محمد بن مهران، وهو الجمال؛ ثقة حافظ، وعبدالرحمن بن الحكم بن بشير، وكان ذا فهم ومعرفة[8]، وهو ابن الحكم، والابن أخص بأبيه وأعرف بحديثه، فذكر الخلاء في الحديث فيه نظر.

    ثم لو صح؛ فإنه لم يصلنا إلا من طريق الحكم بن عبدالله النصري عن أبي إسحاق، وقد علق الطبراني متابعة له لا يُدرى إسنادها، وظاهر مقالة الترمذي والبزار أن هذه المتابعة ليست بذات قيمة.

    والحكم ذكره ابن حبان في الثقات، ولم يجئ فيه تجريح ولا تعديل[9]، ففيه جهالة، وتفرده عن أبي إسحاق مظنة نكارة وغلط، مع حفظ أبي إسحاق وسعة روايته وكثرة أصحابه المختصين بحديثه، ولذا قال الترمذي: (وإسناده ليس بذاك القوي)[10]، وقال البيهقي: (هذا إسناد فيه نظر)[11].

    2- تخريج حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-:
    أخرجه ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان -كما نقل ابن كثير في الآداب والأحكام المتعلقة بدخول الحمام (ص46)- عن إسماعيل بن عبدالله، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (469) وتمام في الفوائد (1709) -ومن طريقه ابن حجر في النتائج (1/150، 151)- من طريق بشر بن خالد، والطبراني في الأوسط (7066) من طريق سهل بن عثمان، وفي الدعاء (368) -ومن طريقه ابن حجر في النتائج (1/151)- من طريق إسماعيل بن أبي أمية، وفي الدعاء (368) -ومن طريقه ابن حجر في النتائج (1/151)-، والإسماعيلي في معجم شيوخه (165) -ومن طريقه السهمي في تاريخ جرجان (ص496، 497)- عن محمد بن محمد بن يزداذ، وابن منده في الفوائد (23) من طريق العباس بن محمد بن نصر، ثلاثتهم عن هلال بن العلاء، وابن السني في عمل اليوم والليلة (274) وأبو الشيخ في العظمة (1107) من طريق داود بن رشيد، وابن السني (274) من طريق علي بن ميمون وعبدالله بن حبيب ومحمد بن غالب، وابن عدي في الكامل (3/198) -ومن طريقه البيهقي في الدعوات (54)- من طريق الحكم بن موسى، وابن عدي (3/379) من طريق عبدالرحمن بن إبراهيم دحيم وفتح بن سلومة، وتمام في الفوائد (1710) -ومن طريقه ابن حجر في النتائج (1/150، 151)- من طريق أبي التقي هشام بن عبدالملك، وابن عساكر في تاريخ دمشق (19/383) من طريق أيوب بن محمد الوزان، جميعهم -أربعة عشر راويًا- عن سعيد بن مسلمة، وابن السني (21) من طريق الحسين بن علي بن يزيد الصدائي، عن أصرم بن حوشب، عن يحيى بن العلاء، وابن عدي (3/198) من طريق سعد بن الصلت، ثلاثتهم -سعيد بن مسلمة ويحيى بن العلاء وسعد بن الصلت- عن الأعمش، وابن السني (273) من طريق عبدالرحيم بن زيد العمي، كلاهما -الأعمش وعبدالرحيم-، عن زيد العمي، والطبراني في الأوسط (2504) -ومن طريقه ابن حجر في النتائج (1/154)- من طريق إبراهيم بن نجيح المكي، عن أبي سنان -وليس بضرار-، عن عمران بن وهب، وابن عدي (6/303) عن محمد بن أحمد بن سهيل، عن أبيه، عن يزيد بن هارون، عن حميد، وتمام في الفوائد (1708) من طريق محمد بن خلف الكرماني، وعلق الدارقطني في العلل (12/101) رواية محمد بن مروان السدي، كلاهما عن عاصم الأحول، أربعتهم -زيد العمي وعمران بن وهب وحميد وعاصم الأحول-، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدكم الخلاء: أن يقول: بسم الله»، لفظ إسماعيل بن أبي أمية الثقفي، والطبراني عن هلال بن العلاء[12]،كلاهما عن سعيد بن مسلمة، وقال فتح بن سلومة عن سعيد: «إذا دخل أحدكم مخرجه»، وقال يحيى بن العلاء عن الأعمش: «إذا جلس أحدكم على الخلاء»، وقال محمد بن محمد بن يزداذ والعباس بن محمد بن نصر عن هلال بن العلاء عن سعيد بن مسلمة: «إذا نزع أحدكم ثوبه»، وكذلك قال عامة الرواة عن سعيد عن الأعمش عن زيد العمي، وكذا عبدالرحيم بن زيد عن أبيه، وعمران بن وهب، وحميد، ثلاثتهم عن أنس؛ بعضهم يقول: «إذا نزع أحدهم ثوبه»، وبعضهم: «إذا وضع أحدكم ثوبه»، وبعضهم: «إذا وضعوا ثيابهم»، وبعضهم: «إذا أراد أن يطرح ثيابه»، واجتمعوا على أن الحديث في خلع الثوب.

    وقال عاصم الأحول: «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم: أن يقولوا: بسم الله»، فلم يحدد له موضعًا.

    دراسة الأسانيد:
    أ- رواية زيد العمي عن أنس:
    قال تمام الرازي: (لم يقل عن الأعمش عن زيد العمي إلا سعيد بن مسلمة)[13]، وقد أثبت الطبراني وابن عدي لسعيد متابعًا؛ هو سعد بن الصلت، قال الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا سعيد بن مسلمة وسعد بن الصلت)[14]، وقال ابن عدي: (وهذا الحديث لم يكن يعرف إلا بسعيد بن مسلمة عن الأعمش، ثم وجدناه من حديث سعد بن الصلت عن الأعمش، ولا يرويه عن الأعمش غيرهما)[15]، وقد استُدرك على الطبراني وابن عدي: ما سبق تخريجه من رواية يحيى بن العلاء عن الأعمش، إلا أن هذه الرواية مكذوبة، فلا يصح إثباتها متابعة، ذلك أن أصرم بن حوشب راويها متروك الحديث منكره، بل قال فيه ابن معين: (كذاب خبيث)[16]، وهذا لا يُثبت بروايته متابعة، ولا يستدرك بها على الأئمة، ثم يحيى بن العلاء متروك الحديث اتهمه الإمام أحمد بالوضع، فلا يصح أن يقال: إن هذا تابع الاثنين عن الأعمش، إذ الظاهر -وحاله هذه- أنه سرقه ورواه، والله أعلم.

    فأما سعيد بن مسلمة؛ فواهٍ منكر الحديث، قال فيه ابن معين: (ليس بشيء)، وقال البخاري: (منكر الحديث، في حديثه نظر)، وقال أبو حاتم: (ليس بقوي، هو ضعيف الحديث، منكر الحديث)، وقال ابن حبان: (منكر الحديث جدًّا، فاحش الخطأ في الأخبار)، وقد مشَّاه بعض الأئمة بتضعيفه مع الاعتبار به، إلا أن الظاهر قول جمهورهم بضعفه الشديد، ثم قد اختُلف عليه هنا، فجاء الحديث عنه في دخول الخلاء، وجاء في نزع الثوب، وهذا يزيد روايته ضعفًا.

    وسعد بن الصلت قال فيه ابن حبان: (ربما أغرب)[17]، وقال الذهبي: (صالح الحديث، وما علمت لأحد فيه جرحًا)[18]، وقد أدرجه ابن حجر مع سعيد بن مسلمة ويحيى بن العلاء؛ فقال: ويحيى وسعد وسعيد ضعفاء)[19].

    وإذا ثبت ذلك، فالعمدة إذن على رواية سعد بن الصلت، إذ هو أقوى الثلاثة الرواة عن الأعمش، ولا تفيد رواية الاثنين معه متابعة أو تقوية، لضعفها الشديد ووهائها، بل ربما أخذا الحديث عن سعد بن الصلت فروياه سرقةً وكذبًا.

    وسعد بن الصلت صاحب إغراب -كما ذكر ابن حبان-، وهو رجل في قلة حديثه وعدم شهرته لا يقبل معه بحال أن يتفرد عن الأعمش الإمام الحافظ الذي تكاثر أصحابه وحفاظ حديثه بهذا الإسناد المتأخر الذي لا متابع له من وجه يصح أن يكون متابعة، وتفرد هذا عن مثل هذا الحافظ منكر.

    بل حتى لو اجتمع الثلاثة في الرواية عن الأعمش لم تقبل روايتهم، إذ الأعمش من أهل الحديث الذين يحرص الثقات والأئمة على رواية حديثه وجمعه وضبطه، فمن أين يقع هؤلاء الضعفاء والمستورون على حديث عنه؟ وللعلامة المعلمي -رحمه الله- إشارات في أن كثرة من يروي الحديث من المتروكين والكذابين تمنع من تقويته بمجموع روايات الضعفاء الذين لم يشتد ضعفهم[20].

    وأما رواية عبدالرحيم بن زيد العمي عن أبيه متابعًا للأعمش، فعبدالرحيم كذاب صاحب مناكير، لا يشتغل بروايته.

    ثم زيد العمي نفسه ضعيف، وقد أنكر بعض الأئمة روايته عن أنس خاصة، ونقل ابن حجر أن ابن أبي حاتم ذكر في المراسيل عن أبيه: أن رواية زيد العمي عن أنس مرسلة[21]، ولم أجده في ترجمة زيد فيه.

    وهذا يظهر أن هذا الحديث منكر، لا يعتد به، ثم إنه مختلَف في طرقه في ذكر محل الشاهد منه، والأكثر على عدم ذكره.

    ب- رواية عمران بن وهب عن أنس:
    قال الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم إلا حجاج)[22]، وإبراهيم هو ابن نجيح المكي، لم أجد له ترجمة، وشيخه: أبو سنان، ونصَّ الراوي عنه على أنه ليس ضرار بن مرة، ولم أعرفه أيضًا، ثم عمران بن وهب قال فيه أبو حاتم: (ضعيف الحديث، ما حدث عنه إسحاق بن سليمان فهي أحاديث مستوية، وحدث محمد بن خالد حمويه صاحب الفرائض عن عمران بن وهب عن أنس أحاديث معضلة تشبه أحاديث أبان بن أبي عياش، ولا أحسبه سمع من أنس شيئًا)[23]، وقال أبو زرعة: (رأى أنس رؤيا، وحدث عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديثَ أبان عن أنس، وقد ترك أبانًا من الوسط، ورواها عن أنس؛ أحاديث مناكير)[24]، فأفادا ثلاثَ علل: أن عمران ضعيف، وأن في بعض أحاديثه عن أنس نكارةً وشبهًا بأحاديث أبان بن أبي عياش -وهو متروك-، وأنه لم يسمع من أنس شيئًا. وانضمام هذه العلل إلى الجهالة الواقعة في طبقتين من الإسناد يدل على شدة نكارة هذه الرواية.

    ج- رواية حميد عن أنس:
    قال ابن عدي -بعد أن أخرج هذه الرواية وحديثًا آخر-: (وهذان الحديثان بهذا الإسناد باطلان)[25]، وعلته: شيخ ابن عدي، وهو محمد بن أحمد بن سهيل بن علي بن مهران، روى الحديث عن أبيه، عن يزيد بن هارون، قال ابن عدي في شيخه هذا: (أصله واسطي، وأبوه لا بأس به. ثنا عنه غير شيخ، وكتبنا عنه بالبصرة، وهو ممن يضع الحديث متنًا وإسنادًا، وهو يسرق حديث الضعاف يلزقها على قوم ثقات)[26]. فهذه الرواية موضوعة.

    د- رواية عاصم الأحول عن أنس:
    قال الدارقطني: (يرويه محمد بن خلف الكرماني ومحمد بن مروان السدي عن عاصم الأحول، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ووهما فيه، والصحيح: عن عاصم الأحول، عن أبي العالية قوله، كذلك رواه ابن عيينة وعلي بن مسهر)[27]، ولم أجد لمحمد بن خلف الكرماني ترجمة، وأما السدي فمتروك الحديث.

    ورواية ابن عيينة أخرجها أبو الشيخ في العظمة (1110) عن جعفر بن أحمد بن فارس، عن أحمد بن عبدة، عن سفيان بن عيينة، به، وهذا إسناد صحيح.

    الخلاصة:
    يتضح بهذا أن جميع الطرق إلى أنس بن مالك منكرة، تظافر على روايتها المتروكون والضعفاء، بما لا يُقال معه بتقوية رواياتهم ببعضها، قال الدارقطني: (والحديث غير ثابت)[28].

    يتلوه -بعون الله- تخريج حديث أبي سعيد الخدري وابن عمر -رضي الله عنهم-، والتفصيل في دراستهما، وذكر بعض الروايات الأخرى في التسمية عند دخول الخلاء.



    ـــــــــــــــ ــــــــ
    [1] المحرر (ص40).
    [2] الذَّكي: المذبوح، واستُعيرت الذكاة للجلد المدبوغ.
    [3] في التمهيد: أسير بن جابر.
    [4] وقع فيه: عبدالرحمن بن الحكم بن بشير، قال: سمعته يذكره عن خلاد الصفار، واستشكله المحقق، وقد نقله ابن حجر -في نتائج الأفكار (1/197)- فقال: (أخرجه البزار عن يوسف بن موسى، عن عبدالرحمن بن الحكم بن بشير، عن أبيه به).
    [5] سننه (عقب 606).
    [6] المسند (2/127، 128).
    [7] المعجم الأوسط (6/206).
    [8] الجرح والتعديل (5/227).
    [9] قال مغلطاي -في شرح ابن ماجه (1/132)-: (وأما الحكم فحديثه في صحيح مسلم، ووصف مع ذلك بالثقة)، وهذا حتى لو صح فلا يفيد الرواية شيئًا مع العلل الأخرى؛ من عدم ذكر الخلاء، والتفرد. وقد قال ابن حجر -في نتائج الأفكار (1/197): (وفي كلٍّ من محمد بن حميد وشيخه وشيخ شيخه وكذاالحكم الثاني= مقال).
    [10] سننه (عقب 606).
    [11] الدعوات الكبير (1/37).
    [12] وقد قرن الطبراني رواية إسماعيل وهلال معًا.
    [13] الفوائد (2/268).
    [14] المعجم الأوسط (7/128).
    [15] الكامل (3/199).
    [16] انظر: لسان الميزان (1/461).
    [17] الثقات (6/378).
    [18] سير أعلام النبلاء (9/318).
    [19] نتائج الأفكار (1/153).
    [20] حاشيته على الفوائد المجموعة (ص175)، وغيرها، أفاده الشيخ محمد خلف سلامة الموصلي -رعاه الله-، وقال -في كلام له نشره في بعض الملتقيات العلمية على الشبكة-: (إذا كثرت الطرق الضعيفة، والتالفة، والساقطة، لحديث من الأحاديث؛ ولم يكن بين تلك الطرق طرق صحيحة، أو طرق قوية كثيرة؛ بل كان بينها طرق فيها وضاعون وكذابون ومجاهيل، فإن ذلك يريب في صحة مسلك تقوية الحديث بمجموع طرقه غير الضعيفة جداً، ولو كثرت تلك الطرق؛ بل ذلك -في الحقيقة- لا يقف عند حدود إثارة الريب، وإنما يتعداها إلى المنع من التقوية المذكورة، والدلالة على بطلانها؛ وذلك لأن هؤلاء الوضاعين والكذابين بل والمجاهيل، الذين تفردوا بأسانيد مركبة أو أسانيد كالشمس في صحتها وشهرتها، أقول: هؤلاء جميعاً مظنة اختلاق الأحاديث وطرقها، وتزويرها وتركيبها، ومظنة سرقتها وتغييرها وإدخالها على غيرهم من الضعفاء ممن لا يتعمد الكذب، أو تلقينهم إياها، أو حملهم على تدليسها، أو نحو ذلك من أنواع سعيهم في ترويج الخبر الباطل بين الرواة وتكثير طرقه؛ وكذلك لا بد أن يجدوا من الضعفاء والمدلسين والمغفلين ونحوهم، بل وبعض الأقوياء من الرواة، من يتبرع -بلا طلب منهم- برواية ذلك الحديث؛ وحينئذ سيقع منهم ما يقع من غلط أو تخليط، أو تدليس؛ فإذا جاء القرن الذي بعد هؤلاء، فإن فيهم -بلا شك- من سيسير بسيرة سلفه، ويفعل مثل فعلته؛ وحينئذ يزداد عدد الطرق وعدد الأوهام التي تحيل بعض الطرق الساقطة إلى طرق ظاهرها القوة؛ وهكذا تتكاثر الطرق المتماسكة لبعض الأحاديث التي هي في الأصل مختلقة...).
    [21] تهذيب التهذيب (3/352).
    [22] المعجم الأوسط (3/68).
    [23] الجرح والتعديل (6/306).
    [24] سؤالات البرذعي (2/761، 762).
    [25] الكامل (6/303).
    [26] السابق.
    [27] العلل (12/101).
    [28] السابق.
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    كتاب الطهارة (5)

    توطئة:
    مضى في الحلقة السابقة دراسة روايتي علي بن أبي طالب وأنس بن مالك لحديث: «ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف: أن يقول: بسم الله»، وبيان ضعفهما، وأواصل في هذه الحلقة دراسة أحاديث الباب: حديث أبي سعيد، وابن عمر، وروايات أخرى عن أنس في التسمية عند دخول الخلاء.

    3- تخريج حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-:
    أخرجه أحمد بن منيع في مسنده -كما في المطالب العالية (37) ونتائج الأفكار (1/154)، ومن طريقه أبو الشيخ في العظمة (1108)-، وتمام في الفوائد (1711) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (31/75) وابن حجر في النتائج (1/154)- من طريق عباس بن الحسين، وابن النقور في الفوائد الحسان (12) وابن حجر في النتائج (1/154) وابن دقيق العيد في الإمام (2/476، 477) من طريق موسى بن سهل بن كثير، ثلاثتهم عن يزيد بن هارون، عن محمد بن الفضل بن عطية، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (470) من طريق سلام بن سليم الطويل، كلاهما -محمد بن الفضل بن عطية وسلام الطويل- عن زيد العمي[1]، عن جعفر العبدي، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع الرجل ثوبه: أن يقول: بسم الله».

    دراسة الإسناد:
    محمد بن الفضل بن عطية كذبه الأئمة وتركوه، وسلام الطويل نحوه، وسبق الكلام في زيد العمي، فالحديث منكر جدًّا شبه الموضوع، وحديث أنس أقوى منه -على نكارته-.

    4- تخريج حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-[2]:
    أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (7/255) -ومن طريقه ابن حجر في النتائج (1/155)- من طريق السري بن مزيد، عن إسماعيل بن يحيى، عن مسعر، عن عطية، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ­«إذا نزع أحدكم ثوبه أو تعرى فليقل: بسم الله؛ فإنه ستر له فيما بينه وبين الشيطان».

    دراسة الإسناد:
    قال أبو نعيم: (غريب من حديث مسعر، تفرد به إسماعيل). والسري بن مزيد الراوي عن إسماعيل ترجمه الخطيب، فقال: (السري بن مرثد -أو مزيد-...)، ثم أسند إسنادًا من طريقه عن شيخه أبي المظفر المروذي، فقال: (السري بن مرثد -أو مزيد، لم يكن مضبوطًا في كتاب أبي المظفر؛ فصيَّرته بالشك)[3]، ولم أجد في السري هذا كلامًا أزيد من هذا[4]، وإسماعيل بن يحيى الراوي عن مسعر هو ابن عبيدالله التيمي، كان من أركان الكذب -فيما قال الأزدي-، وروى عن مسعر وغيره الأباطيل والموضوعات، واتهم بوضع الحديث، قال ابن حجر: (مجمع على تركه)[5].

    فهذا الحديث باطل موضوع.

    وقد بين ابن حجر ضعف هذه الأحاديث، ثم قال: (فالحاصل أنه لم يثبت في الباب شيء)[6].

    وفي التسمية عند دخول الخلاء ثلاث روايات عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، هذا تفصيل الكلام فيها:
    الأولى: رواية قتادة والحسن عن أنس:
    أخرجها العقيلي في الضعفاء (3/370) والطبراني في الأوسط (2803) والدعاء (356) وابن السني في عمل اليوم والليلة (20) والدارقطني في الأفراد (1036-أطرافه) من طريق قطن بن نسير الذراع، عن عدي بن أبي عمارة، والطبري في تفسيره (12/112) وابن ماجه (301) من طريق عبدالرحمن بن محمد المحاربي، والبزار (6702) وابن السني في عمل اليوم والليلة (18) من طريق علي بن سعيد، والطبراني في الأوسط (8825) وفي الدعاء (365) -ومن طريقه في الدعاء ابن حجر في النتائج (1/198)- من طريق يوسف بن عدي، كلاهما عن عبدالرحيم بن سليمان[7]، كلاهما -المحاربي وعبدالرحيم- عن إسماعيل بن مسلم، كلاهما -عدي وإسماعيل- عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخلها أحدكم فليقل: بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ومن الشيطان الرجيم»، لفظ عدي عن قتادة، وأما إسماعيل بن مسلم، فقرن الحسن بقتادة، وقال في لفظه: عن أنس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الغائط قال: «اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم»، إلا في لفظ رواية البزار عن علي بن سعيد، فقال: عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا دخل أحدكم الخلاء فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث»، وأما رواية ابن ماجه من طريق المحاربي عن إسماعيل بن مسلم فجاء فيها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الخلاء قال: «الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني».

    دراسة الإسناد:
    قال العقيلي: (تابعه -يعني: عديَّ بن أبي عمارة- إسماعيلُ بن مسلم على هذه الرواية، وإسماعيل دونه)، وقال الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن قتادة عن أنس إلا عدي، تفرد به قطن)([8])، وقال: (لم يقل أحد ممن روى هذا الحديث عن قتادة في متنه: «بسم الله» إلا عدي بن أبي عمارة)[9]، وقال الدارقطني: (غريب من حديث قتادة عنه، تفرد به عدي عنه)[10].

    وهذه الرواية منكرة عن قتادة، وما جاء عن الحسن عن أنس منكرٌ أيضًا، بيَّن ذلك الدارقطني بكلام شافٍ، قال: (رواه عدي بن أبي عمارة عن قتادة عن أنس، وتابعه إسماعيل بن مسلم -من رواية المحاربي وعبدالرحمن[11] بن سليمان-، فإنهما روياه عن إسماعيل عن الحسن وقتادة عن أنس، وخالفهما علي بن مسهر وأبو معاوية الضرير وعبدالله بن نمير، فرووه عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن أنس، ولم يذكروا قتادة فيه، ورواه هشام بن حسان عن الحسن مرسلاً[12]، وهو الصحيح عن الحسن.

    فأما قول عدي بن أبي عمارة وإسماعيل بن مسلم المكي عن قتادة، عن أنس؛ فإن ذلك وهمٌ منهما؛ لأن قتادة لم يسند هذا الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-[13]، وإنما أسنده عن زيد بن أرقم، واختلف عليه فيمن بينه وبين زيد...)[14]، فأصحاب قتادة الكبار (شعبة وسعيد بن أبي عروبة وآخرون) يختلفون في الواسطة بين قتادة وزيد بن أرقم، أو بينه وبين أنس، ولا يختلفون في أنه لا يرويه عن أنس مباشرة، قال ابن حجر: (ومن أغلاطه -يعني: عدي بن أبي عمارة-: أنه روى عن قتادة عن أنس في القول عند دخول الخلاء، وإنما رواه قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم، وقيل: عن النضر بن أنس عن أبيه...)[15]. والروايات الصحيحة عن قتادة ليس فيهما التسمية، ولا ذكر «الرجس النجس الخبيث المخبث...»[16].

    وعدي بن أبي عمارة قال فيه أحمد: (شيخ)، وقال أبو حاتم: (ليس به بأس)[17]، وقال العقيلي: (في حديثه اضطراب)[18]، وإسماعيل بن مسلم الذي تابعه ضعيف، وبعض الأئمة شدد في تضعيفه، واختُلف عليه -مع ذلك- في ذكر قتادة -كما شرح الدارقطني-، وفي ذكر دعاء الخروج من الخلاء وعدم ذكره.

    وقد سلك هذان الجادة في روايتيهما عن قتادة عن أنس، وزاد في إحداهما التسمية، وفي الأخرى «الرجس النجس...»، فالنكارة في هذه الرواية متحققة سندًا ومتنًا.

    وقد جاءت رواية أخرى عن الحسن أنس، أخرجها الحاكم في تاريخ نيسابور -كما نقل مغلطاي في شرح ابن ماجه (1/139، 140)- عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن سعيد، عن أبي بكر محمد بن ياسين، عن أبيه، عن عبدالسلام بن نهشل بن سعيد، عن أبيه، عن قرة، عن الحسن، عن أنس، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء قال: «بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبث الشيطان الرجيم»، وإذا خرج قال: «الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني».

    دراسة الإسناد:
    فيه شيخ الحاكم تُكُلِّم فيه، وأنكرت عليه بعض الأحاديث، وضعفه الدارقطني[19]، ونهشل بن سعيد متروك مكذَّب، ولم أعرف ابنه عبدالسلام، ولا الرواة دونه. فهذا الإسناد منكر جدًّا.

    الرواية الثانية عن أنس: رواية ابن أبي طلحة عنه:
    أخرجها سعيد بن منصور في سننه -كما في تعليقة ابن عبدالهادي على علل ابن أبي حاتم (ص121)- وابن أبي شيبة (5، 29902) -ومن طريقه الطبراني في الدعاء (358)- وابن عدي في الكامل (7/55) من طريق هشيم، وابن أبي حاتم في العلل (1/64) عن أبي زرعة وأبيه، والطبراني في الدعاء (357) من طريق إبراهيم بن محمد بن بكار وعبدالله بن أحمد بن حنبل، أربعتهم عن محمد بن بكار، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/46، 47) من طريق الهيثم بن جميل، وعلق الدارقطني في العلل (12/118) رواية أبي الربيع الزهراني، أربعتهم -هشيم ومحمد بن بكار والهيثم وأبو الربيع- عن أبي معشر نجيح، عن ابن أبي طلحة، عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل الكنيف قال: «بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث»، لفظ هشيم.

    قال هشيم، وأبو زرعة عن محمد بن بكار، كلاهما عن أبي معشر: عن عبدالله بن أبي طلحة، وقال أبو حاتم وإبراهيم بن محمد بن بكار وعبدالله بن أحمد عن محمد بن بكار، والهيثم بن جميل، وأبو الربيع الزهراني، ثلاثتهم عن أبي معشر: عن حفص بن عمر -زاد محمد بن بكار: ابن أبي طلحة، وقال أبو حاتم: حفص بن عمر بن عبدالله بن أبي طلحة-.

    دراسة الإسناد:
    اختُلف على محمد بن بكار عن أبي معشر في تسمية شيخ أبي معشر -كما شُرح آنفًا-، وقد قال أبو زرعة الرازي بعقب روايته: (هكذا أملاه علينا من حفظه، وقيل لي: في كتابه: عن أبي معشر عن حفص بن عمر بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-)، وهذا موافق لرواية الجماعة عن محمد بن بكار، وموافق لرواية الهيثم بن جميل وأبي الربيع الزهراني، ثلاثتهم عن أبي معشر، ولذا قال أبو زرعة: (وهو الصحيح)، ويحتمل في هذا أنه قصد: أنه الصحيح عن محمد بن بكار فقط، ويحتمل أنه أراد: الصحيح عن محمد بن بكار وأبي معشر كليهما.

    وأما أبو معشر، فقد قال عنه هشيم: عن عبدالله بن أبي طلحة، وقال عنه محمد بن بكار والهيثم بن جميل وأبو الربيع الزهراني: حفص بن عمر بن أبي طلحة، قال الدارقطني: (يرويه أبو معشر نجيح، واختلف عنه: فقال هشيم: عن أبي معشر عن عبدالله بن أبي طلحة عن أنس، وقال أبو الربيع الزهراني: عن أبي معشر عن حفص بن عمر عن أنس. والقول قول أبي الربيع)[20]، وقال الخطيب البغدادي: (وروى هشيم عن أبي معشر هذا الحديث، فقال: عن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس، وقول الهيثم أصح)[21].

    وعلى أيٍّ؛ فأبو معشر نجيح ضعيف، وشدَّد بعض الأئمة في أمره. وهذا الاختلاف عليه في اسم شيخه، مع زيادته البسملة عن شيخه عن أنس، بينما لم ترد البسملة في الروايات الصحيحة الثابتة بلا إشكال عن أنس -ويأتي طرف منها-= هذا دليل على ضعفه في هذا الحديث ونكارة روايته فيه.

    الثالثة: رواية عبدالعزيز بن صهيب عن أنس:
    ويأتي الكلام عليها في الحديث الآتي (24).


    24-(1/118-120) (... "أعوذ بالله من الخبث... والخبائث"...؛ لحديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» متفق عليه).

    أخرجه البخاري (142) عن آدم، و(6322) عن محمد بن عرعرة، كلاهما عن شعبة، ومسلم (375) من طريق حماد بن زيد وهشيم وإسماعيل بن علية، أربعتهم عن عبدالعزيز بن صهيب، قال: سمعت أنسًا يقول: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» لفظ شعبة وحماد بن زيد، قال مسلم: (وفي حديث هشيم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل الكنيف...)، وقال ابن علية: «أعوذ بالله من الخبث...». وقال البخاري: وقال غندر عن شعبة: إذا أتى الخلاء، وقال موسى عن حماد -هو ابن سلمة-: إذا دخل، وقال سعيد بن زيد: حدثنا عبد العزيز: إذا أراد أن يدخل.

    وانظر: المسند الجامع (269).

    وقد جاءت رواية للحديث من طريق عبدالعزيز بن صهيب، وذكر فيها التسمية:
    قال ابن حجر: (ووردت التسمية -يعني عند دخول الخلاء- أيضًا من وجه آخر عن أنس من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ أخرجها الطبراني بسند فيه أبو معشر المدني، وفيه ضعف، والمعمري في كتاب "اليوم والليلة" بسند آخر رواته موثقون)[22]، وقال: (وقد روى المعمري هذا الحديث من طريق عبدالعزيز بن المختار، عن عبدالعزيز بن صهيب بلفظ الأمر: قال: «إذا دخلتم الخلاء فقولوا: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث»، وإسناده على شرط مسلم، وفيه زيادة التسمية، ولم أرها في غير هذه الرواية)[23] ، فإن صح الإسناد إلى عبدالعزيز بن المختار؛ فإن هذه اللفظة شاذة، فإن له -كما سبق في الحديث (15)- أخطاء -رغم كونه ثقة في الأصل-، وهو هنا قد خالف جماعة من كبار الحفاظ يروونه عن عبدالعزيز بن صهيب، ولا يذكرون التسمية فيه.


    25-(1/120، 121) (... وزاد في الإقناع والمنتهى -تبعًا للمقنع وغيره-: الرجس النجس الشيطان الرجيم؛ لحديث أبي أمامة: «لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الشيطان الرجيم»). ضعيف جدًّا.


    1- تخريج حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-:
    أخرجه ابن ماجه (299) عن محمد بن يحيى، وأبو الحسن القطان في زوائده على ابن ماجه (عقب 299) عن أبي حاتم الرازي، والطبراني في الكبير (8/249) والدعاء (366) -ومن طريقه في الدعاء ابن حجر في نتائج الأفكار (1/199، 200)- عن يحيى بن أيوب العلاف، وفي الدعاء (366) عن أحمد بن حماد بن زغبة، أربعتهم -محمد بن يحيى وأبو حاتم والعلاف وأحمد بن حماد- عن سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، عن عبيدالله بن زحر، وابن عدي في الكامل (5/179) من طريق عمرو بن واقد، كلاهما عن علي بن يزيد الألهاني، عن القاسم بن عبدالرحمن، عن أبي أمامة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم»، لفظهم إلا أبا حاتم، قال أبو الحسن القطان: ولم يقل في حديثه: «من الرجس النجس»، إنما قال: «من الخبيث المخبث الشيطان الرجيم».

    دراسة الإسناد:
    هذا الإسناد شديد الضعف، وقد سبق بيان كلمات الأئمة في نسخة عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة في الحديث (9)، وأما متابعة عمرو بن واقد لعبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد، فعمرو بن واقد متروك، ولا تفيد روايته شيئًا.

    2- تخريج حديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه-:
    أخرجه الطبراني في الكبير (5/204) عن محمد بن محمد التمار وعثمان بن عمر الضبي، والحاكم (1/187) من طريق إسماعيل القاضي ومحمد بن غالب، أربعتهم عن عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم الغائط فليقل: أعوذ بالله من الرجس النجس الشيطان الرجيم».

    دراسة الإسناد:
    عمرو بن مرزوق ثقة فاضل له أوهام، وروايته هذا الحديث بهذا اللفظ من جملة أوهامه، فقد رواه محمد بن جعفر غندر وعبدالرحمن بن مهدي وحجاج وخالد بن الحارث وابن أبي عدي وأبو داود[24]، كلهم عن شعبة به بلفظ: «إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم الخلاء -وفي لفظ: فإذا دخلها أحدكم، وفي آخر: فإذا دخل أحدكم- فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث»، بل رواه بهذا اللفظ أبو داود في سننه (6) عن عمرو بن مرزوق نفسه، فوافق رواية الجماعة، وهذا هو الصواب، وأما ذكر «الرجس النجس...» في هذا الحديث؛ فوهم من جملة أوهامه.

    3- تخريج حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-:
    أخرجه الطبراني في الدعاء (367، 370) -ومن طريقه ابن حجر في النتائج (1/198)- وابن السني في عمل اليوم والليلة (25) من طريق عبدالحميد بن صالح، والطبراني في الدعاء (367، 370) -ومن طريقه ابن حجر في النتائج (1/198)- من طريق خالد بن مرداس، كلاهما عن حبان بن علي، عن إسماعيل بن رافع، عن دويد بن نافع، عن ابن عمر قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم»، وإذا خرج قال: «الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى فيَّ قوتَه وأذهب عني أذاه».

    دراسة الإسناد:
    قال ابن حجر: (هذا حديث غريب)[25]، وفي هذا الإسناد: حبان بن علي ضعيف، وإسماعيل بن رافع ضعيف جدًّا، ودويد بن نافع متأخر عن إدراك ابن عمر، قال أبو زرعة ابن العراقي: (روى عن ابن عمر في القول عند دخول الخلاء والخروج منه؛ رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة، وهو منقطع، وقد ذكره ابن حبان في طبقة أتباع التابعين)[26]، وقال ابن حجر: (ورأيت له رواية عن ابن عمر، فقيل: مرسلة)[27] ، وقال: (وأما دويد فثقة، لكنه لم يسمع من ابن عمر، ففي السند ضعف وانقطاع)[28].
    فهذا الحديث منكر، تفرد به ضعيفان أحدهما أشد ضعفًا من الآخر، وفيه انقطاع.

    3، 4- تخريج حديثي علي بن أبي طالب وبريدة بن الحصيب -رضي الله عنهما-:
    أخرجه ابن عدي في الكامل (2/386) -ومن طريقه ابن حجر في نتائج الأفكار (1/199)- من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن عبدالله بن زاررة، عن أبيه، عن حفص بن عمر بن ميمون، عن المنذر بن ثعلبة، عن علباء بن أحمر، عن علي، وعن عبدالله بن بريدة، عن أبيه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم»، وكان إذا خرج قال: «غفرانك ربنا وإليك المصير».

    دراسة الإسناد:
    قال ابن عدي: (وهذا الحديث قد جمع فيه صحابيين: عليًّا وبريدة، وجميعًا غريبان في هذا الباب، ما أظن رواهما غير حفص بن عمر هذا)، وإبراهيم بن إسماعيل بن زرارة تُكُلِّم فيه[29]، وحفص بن عمر بن ميمون ضعيف، وبعض الأئمة شدد في تضعيفه، واجتماع ذلك إلى الغرابة والتفرد يفيد نكارة هاتين الروايتين وضعفهما.

    5- حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-:
    أ- رواية الحسن وقتادة عن أنس:
    سبق تخريج طرق هذه الرواية في دراسة الحديث (23) -حيث جاء في بعض طرقها ذكر التسمية عند دخول الخلاء-، وقد تبيَّن هناك أن هذه الرواية منكرة عن أنس.

    ب- رواية أبان بن أبي عياش عن أنس:
    أخرجها الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (1443) من طريق الربيع بن بدر، عن أبان، عن أنس، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى الخلاء قال: «اللهم أذهب عني الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم»، فإذا خرج من الخلاء قال: «الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني».

    دراسة الإسناد:
    فيه الربيع، وأبان، متروكان، والحكيم الترمذي فيه كلام مشهور.



    ـــــــــــــــ ــــــ
    [1] سقط زيد من إسناد الحكيم الترمذي، وقد علقه الدارقطني -في العلل (12/101)- عن سلام الطويل، فذكره فيه.
    [2] أفاده ابن حجر في نتائج الأفكار (1/155).
    [3] تاريخ بغداد (9/193).
    [4] سوى أن ابن ماكولا نقل -في الإكمال (7/231)- اسمه وكنيته وشيخه ومن روى عنه، ولعله نقله من إسنادنا هذا.
    [5] انظر: لسان الميزان (1/441).
    [6] نتائج الأفكار (1/155).
    [7] وقع عند البزار: عبدالرحمن، والظاهر أنه خطأ.
    [8] الأوسط (3/162)، وحكمه بالتفرد متوجه إلى الرواية التي أخرجها وفيها البسملة، ويوضحه كلامه في الدعاء.
    [9] الدعاء (2/960).
    [10] أطراف الغرائب والأفراد (1/215).
    [11] استظهر المحقق أن صوابه: عبدالرحيم، موافقة لترجمته وروايات الحديث من طريقه.
    [12] روايته عند أبي داود في المراسيل (2)، وقد رواه محمد بن فضيل في الدعاء (37) عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن مرسلاً كرواية هشام بن حسان، ولفظ كلا الروايتين: عن الحسن قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم»، اختلفتا في تقديم وتأخير.
    [13] كذا، ولعل الصواب: عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو: عن أنس. أشار لذلك محقق العلل.
    [14] العلل (12/130).
    [15] لسان الميزان (4/160).
    [16] إلا في رواية تأتي دراستها في الحديث (25).
    [17] الجرح والتعديل (7/4).
    [18] الضعفاء (3/370).
    [19] انظر: لسان الميزان (5/39، 51).
    [20] العلل (12/118).
    [21] موضح أوهام الجمع والتفريق (2/47).
    [22] نتائج الأفكار (1/195، 196).
    [23] فتح الباري (1/244).
    [24] انظر: المسند الجامع (3790).
    [25] نتائج الأفكار (1/219).
    [26] تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل (ص100).
    [27] تهذيب التهذيب (3/185).
    [28] نتائج الأفكار (1/219).
    [29] انظر: لسان الميزان (1/34).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    26-(1/121، 122) ("و" يستحب أن يقول "عند الخروج منه" أي: من الخلاء ونحوه: "غفرانك"...؛ لحديث عائشة[1]: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء قال: «غفرانك»، رواه الترمذي وحسنه). حسن.


    أخرجه ابن أبي شيبة (7، 29904) -وعنه ابن ماجه (300)-، والنسائي في الكبرى (9824) -وعنه ابن السني في عمل اليوم والليلة (23)-، وابن خزيمة (90) -ومن طريقه البيهقي (1/97) وابن حجر في نتائج الأفكار (1/214)-، وابن حبان (1444)، والحاكم (1/158) -ومن طريقه البيهقي (1/97)-، كلهم من طريق يحيى بن أبي بكير، وأحمد (6/55)، وأبو داود (30) -ومن طريقه البغوي في شرح السنة (1/379) والأنوار في شمائل النبي المختار (505)-، وابن الجارود (42)، وابن المنذر (325) -وعنه ابن المقرئ في الأربعين (18-ضمن جمهرة الأجزاء الحديثية)-، وابن المقرئ في جزء مأمون بن هارون -ومن طريقه ابن حجر في النتائج (1/214)[2] - والبيهقي (1/97)، كلهم من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، والدارمي (680) -ومن طريقه ابن حجر في النتائج (1/214)-، والبخاري في التاريخ الكبير (8/386) والأدب المفرد (693) -وعنه الترمذي (7)، ومن طريق الترمذي ابن الجوزي في العلل المتناهية (540)-، وابن الأعرابي في معجمه (1684)، وأبو الحسن القطان في زوائده على ابن ماجه (عقب 300)، والطبراني في الدعاء (369) -ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (32/414)-، كلهم من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (1440) من طريق يحيى بن آدم، وابن خزيمة (90) -ومن طريقه البيهقي (1/97)-، والحاكم (1/158) -ومن طريقه البيهقي في الكبرى (1/97) والصغرى (74)-، كلاهما من طريق عبيدالله بن موسى، والطوسي في مستخرجه على الترمذي (7)، والسراج في مسنده (30)، والبيهقي (1/97)، وابن دقيق العيد في الإمام (2/478)، والذهبي في تذكرة الحفاظ (2/565، 566)، كلهم من طريق طلق بن غنام، والطبراني في الدعاء (369)، والبيهقي في الدعوات (56)، كلاهما من طريق أحمد بن خالد الوهبي، والطبراني في الدعاء (369) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، والحكم بن مروان الضرير، تسعتهم -ابن أبي بكير وأبو النضر وأبو غسان ويحيى بن آدم وعبيدالله بن موسى وطلق بن غنام والوهبي والفريابي والحكم بن مريم- عن إسرائيل بن يونس، عن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه أبي بردة، عن عائشة قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء قال: «غفرانك».

    دراسة الإسناد:
    إسرائيل ثقة صدوق، وشيخه يوسف بن أبي بردة قال فيه العجلي: (كوفي ثقة)([3])، وذكره ابن حبان في ثقاته[4]، وقال الحاكم: (الذي عندي أنهما –يعني: الشيخين- لم يهملاه لجرح ولا لضعف، بل لقلة حديثه؛ فإنه عزيز الحديث جدًّا)[5]، وقال: (يوسف بن أبي بردة من ثقات آل أبي موسى، ولم نجد أحدًا يطعن فيه)[6]، وصحح له هذا الحديث وغيره: ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وانتقاه ابن الجارود في منتقاه، وهذا توثيق ضمني ليوسف ممن لم يوثقه صراحة منهم، وقد خلص الذهبي إلى أنه ثقة[7].

    وقد جوَّد يحيى بن أبي بكير إسناد الحديث، فذكره مسلسلاً بالسماع، قال: حدثنا إسرائيل، قال: أخبرنا يوسف بن أبي بردة، قال: سمعت أبي يقول: دخلت على عائشة فسمعتها تقول:...، فذكره، فانتفى بهذا احتمال انقطاعه. وقد تابع ابنَ أبي بكير على ذكر دخول أبي بردة على عائشة: عبيدالله بن موسى، وذكره بصيغة التحديث أو السماع بين أبي بردة وعائشة: أبو النضر هاشم بن القاسم وأبو غسان النهدي وأحمد بن خالد الوهبي. وقد نبه عبدالحق الإشبيلي على مسألة السماع في هذا الحديث، فقال: (سمع إسرائيلُ يوسفَ، ويوسفُ أباه)[8].

    وهذا الإسناد حسن؛ لحال يوسف.

    وربما أعل هذا الحديث بعلتين:
    الأولى: حال يوسف بن أبي بردة؛ فإنه قد ذكره البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وما تكلما في حاله، ولم يوثقه إلا المتساهلون؛ العجلي وابن حبان والحاكم، ففيه جهالة.

    وهذا له حظ من النظر، إلا أن قلة حديث يوسف بن أبي بردة جدًّا -كما ذكر الحاكم فيما سبق نقله عنه-، مع تتابع هؤلاء الأئمة على توثيقه وغيرهم على تصحيح حديثه وانتقائه= دليل على أن الرجل ضابط لما روى، وهذا ينفي جهالة حاله، أو احتمال ضعفه.

    ثم هذا الحديث ليس بذاك الذي يحتاج إلى ضابط حافظ، فإنه قد جاء في كلمات يسيرة، لا يصعب أن يحفظها الراوي ولو لم يكن حافظًا.

    الثانية: تفرد يوسف بن أبي بردة، فإنه مع كونه مستورًا قليل الحديث؛ قد تفرد بهذا الحديث، فلم يُروَ إلا من طريقه، وقد نصَّ الأئمة على تفرده به، قال الترمذي: (هذا حديث غريب حسن، لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة -وأبو بردة بن أبي موسى اسمه: عامر بن عبدالله بن قيس الأشعري-، ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة[9])[10]، وقال البزار: (لا نعلمه يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد)[11]، وقال الدارقطني: (تفرد به يوسف عن أبيه عنها -يعني: عن عائشة-، وتفرد به عنه إسرائيل)[12].

    ويرد هذا: أن التفرد إنما يرد به الحديث إذا احتفت به قرائن تدل على ذلك، وأما هنا، فالقرائن تدل على صحة الحديث، وقبول التفرد، فمن ذلك:
    1- أن الرجل مع ندرة حديثه موثق، وهذا دليل ضبط وحفظ يقبل معه التفرد.
    2- أنه لم يتفرد عن إمام يجمع حديثه كالزهري وأبي إسحاق وقتادة ونحوهم.
    3- أن شيخه الذي تفرد عنه إنما هو أبوه، وللابن مزيد اختصاص بأبيه، ويصح أن يقبل تفرده عنه، بل ربما فُضِّلت روايته عن أبيه على رواية غيره، ولو كان الآخر أوثق في الجملة.
    4- أن جمعًا من الأئمة قبلوا هذا الحديث بعينه، ولم يعدوا التفرد فيه قادحًا.

    وقد عدَّ الإمام أبو حاتم الرازي هذا الحديث أصحَّ أحاديث الباب، قال ابنه: سمعت أبي يقول: (أصح حديث في هذا الباب -يعني: في باب الدعاء عند الخروج من الخلاء-: حديثُ عائشة -يعني: حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة-)[13]، ولا يفهم من هذا أنه يصححه، قال الألباني: (وهذا لا يفيد صحة الحديث -كما هو مقرر في المصطلح-، وإنما يفيد صحة نسبية)[14].

    وفي الباب: حديث علي وبريدة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الخلاء قال: «غفرانك ربنا وإليك المصير».

    وقد سبق تخريجه وبيان نكارته في دراسة الحديث (25).


    27-(1/122) (وسُنَّ له أيضًا أن يقول: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني"؛ لما رواه ابن ماجه عن أنس: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء قال: «الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني»). ضعيف.



    1- تخريج حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-:
    أ- رواية الحسن وقتادة عن أنس:

    أخرجه ابن ماجه (301) -ومن طريقه ابن حجر في نتائج الأفكار (1/217)- من طريق المحاربي، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وقتادة، عن أنس قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء قال: «الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني».

    دراسة الإسناد:
    سبق دراسة هذا الإسناد وبيان نكارته والاضطراب فيه في دراسة أحاديث التسمية عند دخول الخلاء -عقب الحديث (23)-، حيث جاء في بعض الروايات عن قتادة ذكر التسمية.

    ب- رواية أبان بن أبي عياش عن أنس:
    سبق تخريجها والكلام عليها في الحديث (25).

    2- تخريج حديث أبي ذر -رضي الله عنه-:
    أخرجه النسائي في الكبرى (9825) -وعنه ابن السني في عمل اليوم والليلة (22)- عن حسين بن منصور، عن يحيى بن أبي بكير، وعلقه الدارقطني في العلل (6/235) عن عبدالله بن أبي جعفر، كلاهما عن شعبة، عن منصور، عن أبي الفيض، عن أبي ذر -زاد ابن أبي جعفر: وسهل بن أبي حثمة-، قالا: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء قال: «الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني».

    وأخرجه النسائي في الكبرى (9826) عن محمد بن بشار بندار، عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، عن منصور، قال: سمعت رجلاً يرفع الحديث إلى أبي ذر؛ قوله -موقوفًا على أبي ذر-.

    وعلقه ابن أبي حاتم في العلل (1/27) والدارقطني في العلل (6/235، 236) عن شعبة، عن منصور، عن رجل يقال له: الفيض، عن ابن أبي حثمة، عن أبي ذر، أنه كان إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي عافاني وأذهب عني الأذى؛ موقوفًا.

    وأخرجه ابن أبي شيبة (10، 29907) عن وكيع وعبدة بن سليمان، والنسائي في الكبرى (9827) من طريق عبدالرحمن بن مهدي ومحمد بن بشر، والطبراني في الدعاء (372) -ومن طريقه ابن حجر في نتائج الأفكار (1/216)- من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، خمستهم عن سفيان الثوري، عن منصور، عن أبي علي الأزدي، أن أبا ذر كان يقول إذا خرج من الخلاء: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني؛ موقوفًا.

    دراسة الأسانيد:
    اختُلف فيه على منصور:
    فرواه عنه شعبة، واختُلف عنه:
    فرواه يحيى بن أبي بكير وعبدالله بن أبي جعفر الرازي عنه، عن منصور، عن أبي الفيض، عن أبي ذر -زاد ابن أبي جعفر: وسهل بن أبي حثمة-، به مرفوعًا، وروي عنه، عن منصور، عن الفيض، عن ابن أبي حثمة، عن أبي ذر، موقوفًا، ورواه غندر عنه، عن منصور، عن رجل، عن أبي ذر، به موقوفًا، ورواه سفيان الثوري، عن منصور، عن أبي علي الأزدي، عن أبي ذر، به موقوفًا، وما اختُلف على الثوري فيه.

    فأما رواية شعبة؛ فالظاهر أنه لم يضبط إسناده، إذ قال مرةً في شيخ منصور: عن أبي الفيض، ومرةً: الفيض، ومرةً: رجل، وقد رفعه شعبة مرة، ووقفه أخرى.

    وزِيدَ عن شعبة في الإسناد: ابن أبي حثمة، إلا أن هذه الزيادة فيها نظر ما لم يثبت إسنادها، إذ علقها الدارقطني وابن أبي حاتم، أما ما رواه عبدالله بن أبي جعفر عن شعبة وفيه: عن أبي ذر وابن أبي حثمة؛ فابن أبي جعفر تكلم فيه، ولم يتابَع على ذكر ابن أبي حثمة هكذا، قال الدارقطني: (وليس هذا القول بمحفوظ)[15].

    والرواية الأرجح والأصح من كل ذلك: روايةُ الثوري، قال أبو زرعة: (وَهِم شعبة في هذا الحديث، ورواه الثوري فقال: عن منصور، عن أبي علي عبيد بن علي، عن أبي ذر، وهذا الصحيح، وكان أكثر وهم شعبة في أسماء الرجال)، ومال إليه أبو حاتم، قال: (كذا قال سفيان، وكذا قال شعبة، والله أعلم أيهما الصحيح، والثوري أحفظ، وشعبة ربما أخطأ في أسماء الرجال، ولا ندري هذا منه أم لا)[16].

    والتحقيق أن الراجح عن شعبة موافق في الجملة لرواية سفيان، فإن أقوى الروايات عن شعبة: رواية غندر؛ إذ غندر حَكَمٌ في شعبة، وهو أوثق الرواة عنه، وقد أبهم شعبةُ في روايته شيخَ منصور برجل؛ لعله لعدم ضبطه لاسمه، وضبطه الثوري؛ فعيَّنه بأبي علي الأزدي.

    وأبو علي هذا جاء معيَّنًا في رواية الطبراني في الدعاء بأنه الصيقل، ولم أعرف على وجه التحديد صاحب هذا التعيين، وعيَّنه وكيع والبخاري وأبو زرعة الرازي والنسائي وأبو أحمد الحاكم بأنه عبيد بن علي[17]. وأيًّا من كان منهما، فالصيقل أبو علي قال فيه ابن السكن: (مجهول)[18]، وعبيد بن علي أبو علي لم يجئ فيه توثيق سوى ذكر ابن حبان له في الثقات[19]، ولذا قال فيه ابن حجر: (مقبول).

    فالراجح عن أبي ذر وقف هذا الحديث، أما الإسناد المرفوع فخطأ، والحديث عن أبي ذر على الوجهين في إسناده جهالة.

    وفي الباب: حديث ابن عمر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الخلاء قال: «الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى فيَّ قوتَه وأذهب عني أذاه»، وقد سبق تخريجه وبيان نكارته في الحديث (25)، حيث إن هذه قطعة من حديث ابن عمر، والقطعة الأولى فيها قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عند دخول الخلاء: «اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم».

    وقد ذكر ابن حجر لحديث الحمد بعد الخروج من الخلاء ثلاثة شواهد، اثنان منها منكران، والآخر مرسل لم يصح إسناده[20].

    ولا يصح في الباب شيء.


    28-(1/122، 123) ("و" يستحب له تقديم "يمنى" رجليه "خروجًا... و" لبس "نعل" وخف، فاليسرى تقدم للأذى، واليمنى لما سواه، وروى الطبراني في المعجم الصغير عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ باليسرى»).


    أخرجه مسلم (2097) والطبراني في الأوسط (73) والصغير (48) من طريق محمد بن زياد، وأخرجه البخاري (5856) من طريق مالك عن أبي الزناد عن الأعرج، كلاهما عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ بالشمال، ولينعلهما جميعًا أو ليخلعهما جميعًا»، لفظ مسلم من طريق محمد بن زياد، وفي لفظ البخاري: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا نزع فليبدأ بالشمال، ليكن اليمنى أولهما تنعل، وآخرهما تنزع».
    وانظر: المسند الجامع (13903، 13904).

    دراسة الإسناد:
    إسناد الطبراني في الصغير -الذي عزى إليه المصنف- فيه محمد بن كثير الصنعاني، فيه ضعف، وكان أولى بالمصنف أن يعزوه إلى الشيخين في صحيحيهما.




    ـــــــــــــــ ـــــ
    [1] في الأصل -وبعض الطبعات-: (أنس)، وهو خطأ، وجاء على الصواب في الطبعة المحققة (1/214) وطبعات أخرى.
    [2] قارن إسناده بالمعجم المفهرس (ص346، 347).
    [3] معرفة الثقات (2/375).
    [4] (7/638).
    [5] المستدرك (1/32)، ووقع فيه: بجرح ولا بضعف، والتصويب من نسخة الأزهرية (1/ق99أ).
    [6] المستدرك (1/158).
    [7] الكاشف (6427).
    [8] الأحكام الكبرى (1/363).
    [9] أورد بعض الشراح المتأخرين على الترمذي أحاديث في الباب غير هذا الحديث، لكن أبان ابن حجر مراد الترمذي بكلام جيد، قال -في نتائج الأفكار (1/216)-: (... فلعله أراد ما يثبت).
    [10] السنن (1/12)، وراجع نسخة الكروخي (3أ).
    [11] نتائج الأفكار (1/215).
    [12] أطراف الغرائب والأفراد (2/495)، نتائج الأفكار (1/215).
    [13] العلل (1/43).
    [14] صحيح سنن أبي داود (1/60-الأم).
    [15] العلل (6/235).
    [16] علل ابن أبي حاتم (1/27).
    [17] انظر: العلل ومعرفة الرجال لأحمد (2/405)، علل ابن أبي حاتم (1/27)، تهذيب التهذيب (12/192).
    [18] لسان الميزان (7/83).
    [19] (5/136).
    [20] نتائج الأفكار (1/219-221)، وقد خفف ابن حجر العبارة في بعض رواة هذه الشواهد، وحقهم ما وصفهم به الأئمة من أوصاف أشد وأبعد في الضعف.
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: « سِلْسِلَـةُ تَخْرِيْـجِ أَحَادِيْث الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ »

    كتاب الطهارة (7)

    29-(1/124) ("و" يستحب له "اعتماده على رجله اليسرى" حال جلوسه لقضاء الحاجة؛ لما روى الطبراني في المعجم والبيهقي عن سراقة بن مالك: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نتكئ على اليسرى، وأن ننصب اليمنى). منكر.


    أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد بن منيع في مسنديهما -كما في المطالب العالية (47) وإتحاف الخيرة المهرة (447)- عن محمد بن عبدالله الأسدي أبي أحمد الزبيري، والطبراني في الكبير (7/136) من طريق أبي نعيم، والبيهقي (1/96) من طريق أبي عاصم، ثلاثتهم عن زمعة بن صالح، عن محمد بن عبدالرحمن[1]، عن رجل من بني مدلج، عن أبيه قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم، فجعل يقول: علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذا، علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذا، فقال له بعض القوم: علمكم كيف تخرؤون؟ قال: نعم، أمرنا أن نتكئ على اليسرى، وأن ننصب اليمنى. لفظ أحمد بن منيع عن الزبيري، وقال أبو نعيم في لفظه: جاء سراقة بن مالك بن جعشم من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذا وكذا، فقال رجل كالمستهزئ: أما علمكم كيف تخرؤون؟ قال: بلى والذي بعثه بالحق، أمرنا أن نتوكل على اليسرى، وأن ننصب اليمنى. وقال أبو عاصم: قدم علينا سراقة بن جعشم، فقال: علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل أحدنا الخلاء أن يعتمد على اليسرى وينصب اليمنى. وأبدل ابن أبي شيبة عن أبي أحمد الزبيري اليسرى باليمنى والعكس.

    دراسة الإسناد:
    فيه زمعة بن صالح، وهو ضعيف، ولم أعرف شيخه محمد بن عبدالرحمن، وفيه رجلان مبهمان، فالحديث منكر، وقد أشار البيهقي إلى تضعيفه، فقال في تبويبه عليه: (باب تغطية الرأس عند دخول الخلاء، والاعتماد على الرجل اليسرى إذا قعد -إن صح الخبر فيه-)[2]، وقال الحازمي: (لا نعلم في هذا الباب غير هذا الحديث، وهو حديث غريب جدًّا، لا يروى إلا بهذا الإسناد، وزمعة بن صالح المكي لينٌ ضعيف، ومحمد بن عبدالرحمن مجهولٌ لا يعرف، فالحديث منقطع)[3]، وقال ابن دقيق العيد: (وهذا في حكم المنقطع؛ لجهالة الرجل من بني مدلج، وجهالة أبيه)[4].


    30-(1/124) ("و" يستحب "بُعْدُهُ" إذا كان "في فضاء" حتى لا يراه أحد؛ لفعله -عليه السلام-، رواه أبو داود من حديث جابر). ضعيف من حديث جابر، وورد من حديث المغيرة بن شعبة، وهو حسن من حديثه.


    1- تخريج حديث جابر -رضي الله عنه-:
    أخرجه ابن أبي شيبة (1138، 31754) -ومن طريقه ابن ماجه (335) وابن عبدالبر في التمهيد (1/223)-، وابن راهويه في مسنده -كما في المطالب العالية (3800) وإتحاف الخيرة المهرة (6466)-، وعبد بن حميد في مسنده (1053-منتخبه)، والدارمي (17)، أربعتهم عن عبيدالله بن موسى، وأبو داود (2) -ومن طريقه البغوي في شرح السنة (1/374) وفي الأنوار في شمائل النبي المختار (503)- عن مسدد، عن عيسى بن يونس، والسراج في مسنده (16) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (14/20)-، والبيهقي في السنن (1/93)، وفي دلائل النبوة (6/18)، من طريق يونس بن بكير،
    والسراج في مسنده (16) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (14/20)-، وابن عدي في الكامل (1/279)، والحاكم (1/140)، من طريق عبدالحميد الحماني، أربعتهم -عبيدالله بن موسى وعيسى بن يونس ويونس بن بكير والحماني- عن إسماعيل بن عبدالملك، عن أبي الزبير، عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يأتي البراز حتى يتغيب فلا يُرَى، لفظ ابن أبي شيبة ومن معه عن عبيدالله بن موسى، وهو مختصر من حديث طويل جاء بتمامه في رواية يونس بن بكير عن إسماعيل بن عبدالملك. وقال عيسى بن يونس: إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد. وقال يونس بن بكير: إذا أراد حاجة -وفي لفظ البيهقي: البراز- تباعد حتى لا يكاد يُرَى -وفي لفظ البيهقي: حتى لا يراه أحد-. وقال عبدالحميد الحماني: إذا أراد أن يقضي حاجته أبعد حتى لا يراه أحد، لفظ الحاكم، ولفظ السراج: إذا أراد حاجة تباعد حتى لا يكاد يُرَى، ولفظ ابن عدي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبعد للحاجة.

    دراسة الإسناد:
    قال الدارقطني: (غريب من حديثه -يعني: أبا الزبير- عن جابر، تفرد به إسماعيل عنه)[5]، وإسماعيل بن عبدالملك هذا هو ابن أبي الصفيراء الأسدي المكي، وهو ضعيف، وتفرده عن أبي الزبير محل نكارة.

    2- تخريج حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-:
    أخرجه أحمد (4/248) عن محمد بن عبيد، والدارمي (660)، وابن المنذر في الأوسط (250)، والطبراني في الكبير (20/437)، من طريق يعلى بن عبيد، وأبو داود (1)، والطبراني في الكبير (20/436)، من طريق عبدالعزيز بن محمد، والترمذي (20) من طريق عبدالوهاب الثقفي، والنسائي في الصغرى (1/18)، والكبرى (16)، وابن خزيمة (50)، والطبراني في الكبير (20/436)، والحاكم (1/140)، من طريق إسماعيل بن جعفر، وابن ماجه (331)، والطبراني في الكبير (20/437)، من طريق إسماعيل بن علية، وابن الجارود (27)، والبيهقي في الكبرى (1/93)، والصغرى (62)، من طريق يزيد بن هارون، سبعتهم عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، عن المغيرة بن شعبة قال: كنت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، وكان إذا ذهب أبعد في المذهب. لفظ محمد بن عبيد عن أبي سلمة، وغالب الألفاظ عن أبي سلمة بنحو هذا اللفظ.

    دراسة الإسناد:
    ظاهر إسناده الحسن، لحال محمد بن عمرو، وإن كان تُكُلِّم في روايته عن أبي سلمة، إلا أن الأئمة صححوا حديثه هذا، قال الترمذي: (حسن صحيح)، وصححه ابن خزيمة، وقال ابن المنذر: (ثابتٌ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا أراد حاجته أبعد في المذهب)، ثم أسند هذا الحديث.

    وقد جاء الحديث بألفاظ كثيرة عن المغيرة بن شعبة، مطولة ومختصرة، وهو حديثه المشهور في المسح على الخفين، وقد أخرجه البخاري (363) ومسلم (274) من طريق مسروق عن المغيرة بن شعبة، وفيه: فانطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى توارى عني، فقضى حاجته...

    وجاء بنحو لفظ محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن المغيرة، أخرجه عبد بن حميد (395) والدارمي (661) عن أبي نعيم، والطبراني في الأوسط (7716) من طريق علي بن عبدالحميد، كلاهما عن جرير بن حازم، قال: سمعت محمد بن سيرين، حدثني عمرو بن وهب الثقفي، عن المغيرة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا تبرز تباعد. لفظ عبدٍ والدارمي، وفي لفظ الطبراني: إذا أراد الحاجة أبعد.

    وحديث المغيرة هذا يغني عن حديث جابر الذي استدل به المؤلف، وهو ضعيف.


    31-(1/125) ("و" يستحب "استتارُهُ"؛ لحديث أبي هريرة قال: «من أتى الغائط فليستتر»، رواه أبو داود). ضعيف.



    أخرجه أحمد (2/371) عن سريج، وأبو داود (35) -ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (367) وفي السنن الصغرى (65) والبغوي في شرح السنة (1/374، 12/118)- عن إبراهيم بن موسى الرازي، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/121) من طريق يحيى بن حسان، والطبراني في مسند الشاميين (481) من طريق علي بن بحر وعمرو بن خالد، والبيهقي (1/94، 104) من طريق محمد بن أبي بكر، ستتهم عن عيسى بن يونس، والدارمي (662، 2087)، والطحاوي في شرح المعاني (1/121) وبيان مشكل الآثار (138) عن إبراهيم بن مرزوق، والطحاوي في بيان المشكل (138) عن بكار، وابن حبان (1410) من طريق سليمان بن سيف، وابن عساكر في تاريخ دمشق (43/290) من طريق زهير بن محمد بن قمير، خمستهم عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، وابن ماجه (337) عن محمد بن بشار، و(338، 3498) عن عبدالرحمن بن عمر، كلاهما عن عبدالملك بن الصباح، والطبراني في الشاميين (481) من طريق يحيى بن سعيد القطان، والبيهقي (1/94، 104) من طريق عمرو بن الوليد -هو الأغضف-، خمستهم -عيسى وأبو عاصم وعبدالملك بن الصباح والقطان وعمرو بن الوليد- عن ثور بن يزيد، عن الحصين الحبراني، عن أبي سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من اكتحل فليوتر؛ من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن استجمر فليوتر؛ من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن أكل فما تخلل فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبتلع؛ من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبًا من رمل فليستدبره؛ فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم؛ من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج». لفظ أبي داود، وقد خرجوه مختصرًا ومطولاً، واقتُطِعت منه قطع، وهذا التخريج لِمَا جاء فيه ذكر الاستتار.

    وقد اقتصر سريج عن عيسى بن يونس على ذكر الحصين، دون نسبة، وقال أبو عاصم -في أكثر الروايات عنه- وعبدالملك بن الصباح: الحصين الحميري، وقد قال سريج ومحمد بن أبي بكر عن عيسى بن يونس عن ثور في اسم شيخ الحصين: أبو سعد الخير، وقال علي بن بحر وعمرو بن خالد عن عيسى: أبو سعيد الخير، وقال إبراهيم بن موسى ويحيى بن حسان: أبو سعيد، وقال أبو عاصم -في رواية الأكثر عنه-، وعبدالملك بن الصباح عن ثور بن يزيد: أبو سعد الخير، وقال يحيى القطان عن ثور: أبو سعيد الخير.

    دراسة الإسناد:
    فيه حصين الحبراني، وقيل: الحميري، كذا قال البخاري[6] وأبو حاتم[7] بالتفريق بين النسبتين، وقد قال أبو بكر بن أبي داود وغيره: حبران بطن من حمير.

    والحصين هذا ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو زرعة: (شيخ)[8]، وذكره ابن عبدالبر بالجهالة[9]، وقال عبدالحق الإشبيلي: (ليس بالقوي)[10]، وقال ابن حزم: (مجهول)[11]، والجهالة إليه أقرب، وقد نقل ابن الملقن أن يعقوب الفسوي قال فيه: (لا أعلم إلا خيرًا)[12]، وهذه العبارة -إن صحت عن يعقوب وصح أنها في هذا الراوي- لا تفيد التوثيق والضبط.

    وقد وقع خلاف -سبق شرحه- في تسمية شيخ حصين هذا، والذي ذكره أهل التراجم[13]: أن الراوي عن أبي هريرة ويروي ثورٌ عن حصين الحبراني عنه: هو أبو سعيد الحبراني، وكأن هذا ترجيح منهم لرواية من قال: أبو سعيد، وأما من أضاف (الخير)؛ فلعله صحفه عن (الحبراني) وحذف آخره، وخلطه بأبي سعد الخير -أو: أبي سعيد الخير- الصحابي، وإلى هذا أشار أبو داود، فإنه لما أخرج رواية إبراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس، وفيها: عن أبي سعيد، عن أبي هريرة= قال: (... ورواه عبدالملك بن الصباح عن ثور، فقال: "أبو سعد الخير")، قال أبو داود: (أبو سعد الخير هو من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-)[14]، فكأن أبا داود يخطِّئ عبدَالملك بن الصباح في روايته، ويفصل بين أبي سعيد مهملاً -وهو التابعي الحبراني-، وبإضافة (الخير) -وهو الصحابي-، حيث خلط بينهما ابن الصباح، وقد رجح ذلك الدارقطني، حيث سئل "عن حديث روي عن أبي سعد الخير عن أبي هريرة..."، فقال: (يرويه ثور بن يزيد، واختلف عنه، فرواه عبدالملك بن الصباح والحسن بن علي بن عاصم عن ثور، عن حصين الحبراني، عن أبي سعدٍ[15]، عن أبي هريرة. ورواه عيسى بن يونس عن ثور، عن حصين، عن أبي سعيد، عن أبي هريرة. والصحيح: عن أبي سعيد)[16]، وقال ابن حجر: (الصواب: التفريق بينهما، فقد نص على كون أبي سعد الخير صحابيًّا: البخاري وأبو حاتم وابن حبان والبغوي وابن قانع وجماعة، وأما أبو سعيد الحبراني فتابعيٌّ قطعًا، وإنما وهم بعض الرواة، فقال في حديثه: عن أبي سعد الخير، ولعله تصحيفٌ وحذف)[17]، يعني: تصحيف (الحبر) إلى (الخير)، وحذف لباقي الكلمة (اني).

    وإذا ثبت ذلك؛ فقد قال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه -يعني: أبا سعيد الحبراني-، فقال: (لا أعرفه)، فقلت: لقي أبا هريرة؟ قال: (على هذا يوضع)[18]، وقال العجلي: (أبو سعيد الحبراني شامي تابعي ثقة)[19]، وذكره ابن حبان في الثقات باسم: أبو سعد الخير[20]، وذكره ابن عبدالبر بالجهالة[21].

    وعلة الضعف باقية في الحديث من جهة جهالة حال حصين الحبراني، وربما كان الاختلاف في تسمية شيخه منه؛ لضعفٍ فيه. والله أعلم.

    وقد ضعف هذا الحديث البيهقي، قال: (فهذا وإن كان قد أخرجه أبو داود في كتابه؛ فليس بالقوي)[22]، وقال عنه: (ليس هذا بمشهور...، ولم يحتج بهذا الإسناد أحدٌ منهما)[23]، وعلق بناء الحكم عليه بقوله: (إن صح)[24]، وضعَّفه ابن عبدالبر أيضًا، قال: (وهو حديث ليس بالقوي؛ لأن إسناده ليس بالقائم، فيه مجهولون)[25].




    ـــــــــــــــ ــــــــ
    [1] وقع عند الطبراني: محمد بن أبي عبدالرحمن، ولعله خطأ، وهو قديم، أشار إليه ابن دقيق العيد وابن الملقن.
    [2] السنن (1/96).
    [3] نقله ابن الملقن في البدر المنير (2/332)، ووقع فيه: معاوية بن صالح المكي، وهو خطأ.
    [4] الإمام (2/506).
    [5] أطراف الغرائب والأفراد (1/325).
    [6] التاريخ الكبير (3/6).
    [7] الجرح والتعديل (3/199).
    [8] الجرح والتعديل (3/199)، ونقله ابن الملقن -في البدر المنير (2/302)-، فجاء فيه: (شيخ معروف)، والمثبت من الجرح هو الصحيح.
    [9] التمهيد (11/21)، وانظر: البدر المنير (2/301، 302).
    [10] الأحكام الكبرى (1/381).
    [11] المحلى (1/99).
    [12] البدر المنير (2/302).
    [13] ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/378) -وذكره باسم: أبو سعد الحبراني-، والمزي في تهذيب الكمال (33/353).
    [14] وقع في بعض نسخ السنن في الموضعين: أبو سعيد الخير، والظاهر أن صوابه كما أثبت -وهو المثبت في طبعة عوامة-؛ فكذلك نقله ابن حجر من رواية ابن الأعرابي -كما في النكت الظراف (10/455)-، وكذلك نقل المزي -في تهذيب الكمال (33/353)- كلمة أبي داود، ولأنه على ذلك رواية عبدالملك بن الصباح -كما في الموضع الثاني عند ابن ماجه (3498) وتحفة الأشراف (10/455)-، ولأن عامة أهل العلم على اعتبار أبي سعد الخير الصحابيَّ؛ لا أبا سعيد.
    [15] وقع في المطبوع: سعيد، والصواب كما أثبت؛ بمراجعة نسخة عتيقة للعلل لم يعتمد عليها المحقق -صورتها أدناه-، كما أن هذا التصويب لازمٌ من ترجيح الدارقطني.
    [16] العلل (8/283-285).
    [17] تهذيب التهذيب (12/120).
    [18] الجرح والتعديل (9/378)، ولم أجد من شرح كلمة أبي زرعة الأخيرة هذه، ولعله أراد: أن الذي تواضعت عليه الروايات -أي: توافقت-: أنه لقي أبا هريرة، والله أعلم.
    [19] معرفة الثقات (2/404).
    [20] (5/568).
    [21] التمهيد (11/21)، ويأتي كلامه.
    [22] معرفة السنن (1/348).
    [23] الخلافيات (2/87).
    [24] السنن (1/104)، معرفة السنن (1/348).
    [25] التمهيد (11/21)، ونقله ابن الملقن -في البدر المنير (2/301)-، فجاء فيه: (فيه مجهولان).
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •