المثال الخامس : الاحتفال بالمولد النبوي :

أيضا بطريقة تبجحية استنكارية استخفافية بالمخالف عرض الأستاذ ما وقف عليه من أقوال وهو لا يقف إلا على ما يخدم قوله .
ولم يكتف بهذا حتى ادعى تلقي الأمة بالقبول للمولد وهذا محض تقول ، وهو والله من أظهر الأدلة على أن الأستاذ يلقي الكلام دون مبالاة ولا مراعاة لصحة الكلام من عدمه

وإليك الأقوال التي أعرض عنها الأستاذ في المولد وادعى خلافها بتلقي الأمة بالقبول .
فممن أنكر الاحتفال بهذه المناسبة ( الذي هو محدث باتفاق ) :
الإمام الشاطبي في " الاعتصام " ، وابن الحاج في " المدخل " ، والشيخ تاج الدين علي بن عمر اللخمي وألّف في إنكاره كتاباً مستقلاً ، والعلامة أبو عبد الله الحفار المالكي شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " ، والشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه " صيانة الإنسان " ، والسيد محمد رشيد رضا ألف فيه رسالة مستقلة ، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ألف فيه رسالة مستقلة .


قال العلامة ابن الحاج في " المدخل " :
( فإن خلا ـ أي المولد ـ منه ـ أي من السماع وتوابعه ـ وعمل طعاما فقط ، ونوى به المولد ودعا إليه الإخوان ، وسلم من كل ما تقدم ذكره فهو بدعة بنفس نيته فقط ، إذ إن ذلك زيادة في الدين ليس من عمل السلف الماضين ، وإتباع السلف أولى ، بل أوجب من أن يزيد نية مخالفة لما كانوا عليه ، لأنهم أشد الناس اتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعظيما له ولسنته صلى الله عليه وسلم ، ولهم قدم السبق في المبادرة إلى ذلك ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ، ونحن لهم تبع ، فيسعنا ما وسعهم ، وقد علم ان إتباعهم في المصادر والموارد ، كما قال الشيخ أبو طالب المكي ـ رحمه الله ـ في كتابه .
وقد جاء في الخبر : ( لا تقوم الساعة حتى يصير المعروف منكراً والمنكر معروفاً ) ، وقد وقع ما قاله عليه الصلاة والسلام بسبب ما تقدم ذكره وما يأتي بعد ؛ لأنهم يعتقدون أنهم في طاعة ، ومن لا يعمل عملهم يرون أنه مقصر ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ) ا.هـ

ويرى ابن الحاج في " المدخل " : أن نية المولد بدعة ، ولو كان الاشتغال في ذلك اليوم بصحيح البخاري ، وعبارته :
" وبعضهم ـ أي المشتغلين بعمل المولد ـ يتورع عن هذا ـ أي سماع الغناء وتوابعه ـ بقراءة البخاري وغيره عوضاً عن ذلك ، هذا وإن كانت قراءة الحديث في نفسها من أكبر القرب والعبادات وفيها البركة العظيمة والخير الكثير ، لكن إذا فعل ذلك بشرطه اللائق به على الوجه الشرعي لا بنية المولد ، ألا ترى أن الصلاة من أعظم القرب إلى الله تعالى ، ومع ذلك فلو فعلها إنسان في غير الوقت المشروع لها لكان مذموماً مخالفاً ، فإذا كانت الصلاة بهذه المثابة فما بالك بغيرها " .

وقال الإمام الشاطبي رحمه الله ممثلا لبعض البدع :
" وجعل الثاني عشر من ربيع الأول ملحقا بأيام الأعياد لأنه عليه السلام ولد فيه وكمن عد السماع والغناء مما يتقرب به إلى الله بناء على أنه يجلب الأحوال السنية أو رغب في الدعاء بهئية الاجتماع في أدبار الصلوات دائما بناء على ما جاء في ذلك حالة الواحدة أو زاد في الشريعة أحاديث مكذوبة لينصر في زعمه سنة محمد صلى الله عليه و سلم "
وقد أنكره في غير موطن من كتابه

وقال العلامة تاج الدين عمر بن علي اللخمي الإسكندراني المشهور بـ : ( الفاكهاني ) في رسالته في المولد المسماة بـ " المورد في عمل المولد " :
( لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة ، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة ، الذين هم القدوة في الدين ، المتمسكون بآثار المتقدمين ، بل هو بِدعة أحدثها البطالون ، وشهوة نفسٍ اغتنى بها الأكالون ، بدليل أنَّا إذا أدرنا عليه الأحكام الخمسة قلنا : إما أن يكون واجباً ، أو مندوباً ، أو مباحاً ، أو مكروهاً ، أو محرماً .
وهو ليس بواجب إجماعاً ، ولا مندوباً ؛ لأن حقيقة الندب : ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه ، وهذا لم يأذن فيه الشرع ، ولا فعله الصحابة ، ولا التابعون ولا العلماء المتدينون ـ فيما علمت ـ وهذا جوابي عنه بين يدي الله إن عنه سئلت . ولا جائز أن يكون مباحاً ؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحاً بإجماع المسلمين .
فلم يبق إلا أن يكون مكروهاً ، أو حراماً ) .
ومن علماء المالكيَّة الإمام العلامة الأستاذ أبو عبد الله الحفَّار المالكي، وله في ذلك جواب حافل نقله الونشريسي في المعيار المعرب، نختصر منه ما يلي، قال رحمه الله:
"ليلة المولد لم يكن السلف الصالح يجتمعون فيها للعبادة، ولا يفعلون فيها زيادةً على سائر ليالي السنة، والخير كلُّه في اتِّباع من سلف، فالاجتماع في تلك الليلة ليس بمطلوب شرعًا، بل يؤمر بتركه ... "
كما في المعيار المعرب و الجامع المغرب لفتاوى علماء إفريقية و الأندلس و المغرب(7 / 99 ).

وقال شيخ الإسلام في الفتاوى :
"وأما إتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الاول التى يقال انها ليلة المولد او بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة او اول جمعة من رجب او ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الابرار فإنها من البدع التى لم يستحبها السلف ولم يفعلوها والله سبحانه وتعالى أعلم " ا.هـ
وقال في الفتاوى أيضا :
" وهكذا القول فى ليلة المولد وغيرها والبدع المكروهة ما لم تكن مستحبة فى الشريعة وهى أن يشرع ما لم يأذن به الله فمن جعل شيئا دينا وقربة بلا شرع من الله فهو مبتدع ضال وهو الذى عناه النبى بقوله كل بدعة ضلالة فالبدعة ضد الشرعة والشرعة ما أمر الله به ورسوله أمر ايجاب أو أمر استحباب "

وقال شيخ الإسلام في الاقتضاء
" إذ الأعياد شريعة من الشرائع ، فيجب فيها الاتباع ، لا الابتداع .
وللنبي صلى الله عليه وسلم خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة : مثل يوم بدر ، وحنين ، والخندق ، وفتح مكة ، ووقت هجرته ، ودخوله المدينة ، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين . ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادًا . وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادًا ، أو اليهود ، وإنما العيد شريعة ، فما شرعه الله اتبع . وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه . وكذلك ما يحدثه بعض الناس ، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام ، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وتعظيمًا . والله قد يثيبهم (1) على هذه المحبة والاجتهاد ، لا على البدع- من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا . مع اختلاف الناس في مولده . فإن هذا لم يفعله السلف ، مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه لو كان خيرًا . ولو كان هذا خيرًا محضا ، أو راجحًا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا ، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا ، وهم على الخير أحرص . وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره ، وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا ، ونشر ما بعث به ، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان . فإن هذه طريقة السابقين الأولين ، من المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان " ا.هـ

وقال العلامة محمد عبد السلام خضر الشقيري في كتابه السنن والمبتدعات :
" في شهر ربيع الأول وبدعة المولد فيه : لا يختص هذا الشهر بصلاة ولا ذكر ولا عبادة ولا نفقة ولا صدقة ، ولا هو موسم من مواسم الإسلام كالجمع والأعياد التي رسمها لنا الشارع - صلوات الله وتسليماته عليه ، وعلى سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين -، ففي هذا الشهر ولِد صلى الله عليه وسلم ، وفيه تُوفي ، فلماذا يفرحون بميلاده ولا يحزنون لوفاته ؟! فاتخاذ مولده موسماً ، والاحتفال به بدعة منكرة ، وضلالة لم يرد بها شرع ولا عقل ، ولو كان في هذا خير فكيف يغفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضوان الله عليهم - ، وسائر الصحابة والتابعين وتابعيهم ، والأئمة وأتباعهم ؟ " ا.هـ

ومن علماء المالكية المتأخِّرين بمصر الشيخ المفتي محمَّد عليش المالكي، من علماء الأزهر ومن فقهاء المالكية في زمانه من نحو قرن، قال في كتابه فتح العلي المالك :
"عمل المولد ليس مندوبًا، خصوصًا إن اشتمل على مكروه، كقراءة بتلحين أو غناء، ولا يسلم في هذه الأزمان من ذلك وما هو أشدّ." ا.هـ
وقال السيد رشيد رضا في كتابه " ذكرى المولد النبوي " :
" إن من طباع البشر أن يبالغوا في مظاهر تعظيم أئمة الدين أو الدنيا في طور ضعفهم ـ أي البشر ـ في أمر الدين أو الدنيا ؛ لأن هذا التعظيم لا مشقة فيه على النفس ، فيجعلونه بدلاً مما يجب عليهم من الأعمال الشاقة التي يقوم بها أمر الدين أو الدنيا ، و إنما التعظيم الحقيقي بطاعة المعظم ، والنصح له ، والقيام بالأعمال التي يقوم بها أمره ويعتز دينه إن كان رسولا ، وملكه إن كان ملكا ، وقد كان السلف الصالح أشد ممن بعدهم تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم ثم للخلفاء ، وناهيك ببذل أموالهم وأنفسهم في هذا السبيل ، ولكنهم دون أهل هذه القرون التي ضاع فيها الدين في مظاهر التعظيم اللساني ، ولاشك أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم أحق الخلق بكل تعظيم ، وليس من التعظيم الحق له أن نبتدع في دينه بزيادة أو نقص أو تبديل أو تغيير لأجل تعظيمه به ، وحسن النية لا يبيح الابتداع في الدين فقد كان جل ما أحدث أهل الملل قبلنا من التغيير في دينهم عن حسن نية.
ومازالوا يبتدعون بقصد التعظيم وحسن النية حتى صارت أديانهم غير ما جاءت به رسلهم ، ولو تساهل سلفنا الصالح كما تساهلوا ، وكما تساهل الخلف الذين اتبعوا سننهم شبراً بشبر وذراعاً بذراع لضاع أصل ديننا أيضا ، ولكن السلف الصالح حفظوا لنا الأصل ، فالواجب علينا أن نرجع إليه ونعض عليه بالنواجذ " اهـ .

وقد أفتت اللجنة الدائمة بالمملكة ببدعية هذا الاحتفال كما في الفتوى رقم ( 2139 ـ 7136 ) وعدة فتاوى تجاوز العشرة فتاوى .

فهل يقال في مسألة محدثة كهذه باعتراف الأستاذ وأنها حدثت بعد قرون ومع إنكار كل من نقلنا عنهم هذه البدعة .
هل يقال إنها قد تلقتها الأمة بالقبول ؟
الجواب يعرفه القارئ
أما عن أول من أحدث المولد وابتدعه إذ لا خلاف أن القرون المفضلة قرون السلف لم يحتفل فيها أحد بالمولد فأول من ابتدعه هم الفاطميون الشيعة الباطنية فقد جاء في فتاوى الأزهر :
" لا يعرف المؤرخون أن أحدا قبل الفاطميين احتفل بذكرى المولد النبوى -كما قال الأستاذ حسن السندوبى - فكانوا يحتفلون بالذكرى فى مصر احتفالا عظيما ويكثرون من عمل الحلوى وتوزيعها كما قال القلقشندى فى كتابه " صبح الأعشى" . ...
ولانتشار البدع فى الموالد أنكرها العلماء ، حتى أنكروا أصل إقامة المولد ، ومنهم الفقيه المالكى تاج الدين عمر بن على اللخمى الإِسكندرى المعروف بالفاكهانى، المتوفى سنة 731 هـ ، فكتب فى ذلك رسالته " المورد فى الكلام على المولد" أوردها السيوطى بنصها فى كتابه " حسن المقصد" .
ثم قال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: وقد أتى القرن التاسع والناس بين مجيز ومانع ...." ا.هـ
مع أن بقية الفتوى أجازت أصل المولد لكن مرادنا من النقل تحديد تاريخ هذه البدعة
والفاطميون كانوا معروفين بالبدع والموالد
فالخلاصة أن أول من احتفل بالمولد النبوي هم بنو عبيد القداح ( الفاطميون ) ، ويدلُّ على ذلك : ما ذكره المقريزي في خططه وما ذكره القلقشندي في صبح الأعشى .
وقد رجح نسبة هذا المولد للفاطميين جماعة من العلماء المتأخرين وصرَّحُوا به .
منهم : محمد بخيت المطيعي في كتابه أحسن الكلام ص(44) ، وعلي محفوظ في كتابه الإبداع ص(251) ، وحسن السندوبي في كتابه تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي ص (62) ، وعلي الجندي في كتابه نفح الأزهار ص(185، 186) ، وإسماعيل الأنصاري في كتابه القول الفصل ص (64) ، وغيرهم من المؤلفين في هذا المجال .
انظر بحث الشيخ حمد الجاسر بتعليق الباحث الناصح سليمان الخراشي
ودولة الفاطميين كانت حريصة على بث البدع بين المسلمين لتشويه الدين وقد حكم العلماء بزندقة أمرائها
قال ابن كثير :
" وقد كان الفاطميون أغنى الخلفاء وأكثرهم مالا ، وكانوا من أغنى الخلفاء وأجبرهم وأظلمهم ، وأنجس الملوك سيرة، وأخبثهم سريرة، ظهرت في دولتهم البدع والمنكرات وكثر أهل الفساد وقل عندهم الصالحون من العلماء والعباد، وكثر بأرض الشام النصرانية والدرزية والحشيشية، وتغلب الفرنج على سواحل الشام بكماله، حتى أخذوا القدس ونابلس وعجلون والغور وبلاد غزة وعسقلان وكرك الشوبك وطبرية وبانياس وصور وعكا وصيدا وبيروت وصفد طرابلس وإنطاكية وجميع ما والى ذلك، إلى بلاد إياس وسيس، واستحوذوا على بلاد آمد والرها ورأس العين وبلاد شتى غير ذلك، وقتلوا من المسلمين خلقا وأمما لا يحصيهم إلا الله، وسبوا ذراري المسلمين من النساء والولدان مما لا يحد ولا يوصف، وكل هذه البلاد كانت الصحابة قد فتحوها وصارت دار إسلام، وأخذوا من أموال المسلمين ما لا يحد ولا يوصف، وكادوا أن يتغلبوا على دمشق ولكن الله سلم، وحين زالت أيامهم وانتقض إبرامهم أعاد الله عزوجل هذه البلاد كلها إلى المسلمين بحوله وقوته وجوده ورحمته " ا.هـ كلام ابن كثير .
وهؤلاء هم سلف مروجي البدع .
فانتبه أخي الكريم للمخطط الذي قد لا تدرك أبعاده ، فالإسلام الصافي دين كاسح ، يجتاح الباطل بقوة لا توصف ، ولذلك هم يريدون بث البدع والمحدثات ليزيلوا صفاء الاسلام وبالتالي لتضعف فيه خاصية الاكتساح .
بأقل كلمات هذه هي الحقيقة
والبدعة ثغرة عظيمة لا يمكن أن يغفل عنها أعداء الاسلام
وبالتالي متى ما أردنا أن نقطع الطريق على هذه الاختراق الخطير من العدو فلا ملجأ ولا عصمة إلا بلزوم ما كان عليه المسلمون أول الإسلام زمن الصحابة والتابعين
فالذي كانوا عليه هو الذي قادهم إلى المجد .
هو الذي لاخلاف بأنه الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
هو الأقرب إلى المنبع والذي من شأنه الصفاء
هو الطريق الوحيد والأقرب لجمع كلمة المسلمين
هو أضمن طريق على الإطلاق إلى الجنة
هو أبعد طريق عن التغيير والتبديل
فلماذا لا يرضى مدعوا الحرص على الإسلام والمنادون بنبذ الخلاف والساعون بالشعارات فقط لتوحيد كلمة المسلمين ، لماذا إن كانوا صادقين لا يرضون بهذا الطريق الواضح وفقط .
لماذا ؟
الجواب واضح ، هم أحرص الناس على الفرقة ، وعلى رسم طرق شتى ، وعلى تكدير المنبع ، وعلى تشتيت الكلمة ، وعلى تغيير معالم الإسلام !!
وإلا فهل يتصور عاقل يملك ذرة من الفهم أن رسول الله النبي الأمين يفتتح حلقات العلم بالتطبيل والتزمير ؟ وبعروض الأزياء النسائية والفواصل الطربية كما يفعل حضرة الداعية !!
بل هل يتصور أن يرضى بهذا ؟
أي عقلية هذه يمكن أن نتصور أنها منصفة وتحمل خيرا للمسلمين
فأقوال السلف من صحابة وتابعين وتابعيهم متوفرة بأسانيدها وقد حوتها كتب مسندة معروفة موثقة من تأليف أئمة متفق عليهم كتبت قبل أكثر من ألف سنة ، وسبل تمييز الصحيح منها بفضل الله هي محل اتفاق بين أهل السنة كافة
فيا ترى نسأل أنفسنا أسئلة واقعية
الذين عاشوا مع النبي وعاشروه وهم أعرف بيوم ميلاده الذي هو محل خلاف عندنا ، ومنهم من كانت تربطه به بنوة كبناته ومنهم العم وابن العم ومنهم الصهر ومنهم الصاحب المقرب و...و...الخ وأصحابه بلغوا في حياته قرابة المائة ألف
وفي نفس الوقت هم أتبع الناس للسنة وأقرب الناس له حالا وأقرب الناس إلى ربهم ولا خلاف أن محبتهم له لا تعدلها محبة بل لا يجرؤ عاقل أن يزعم محبته للنبي أكثر منهم ومن زعم هذا فلا شك في كذبه
إذًا أيتصور ممن هم أبعد الناس عن تحري سنته ممن جاء بعد قرون أن يكونوا أكثر أدبا معه صلى الله عليه وسلم وأكثر حبا وأكثر وفاءا ؟
أيعقل أن يكون نابليون الصليبي أبرّ بمحمد صلى الله عليه وسلم من أبي بكر الصديق ؟!
فقد ذكر الجبرتي أن نابليون أمر الشيخ البكري بإقامة الاحتفال بالمولد وأعطاه ثلاثمائة ريال [ لعله قصد فرنك ] فرنسي ، وأمره بتعليق الزينات ، بل وحضر الحفل بنفسه من أوله إلى أخره ا.هـ
وإن تعجب فاعجب من كافر كنابليون وتمييزه لما هو دخيل على الدين وما يبعد عن روح الإسلام ليدعمه بينما مسلمون يصرون على فعل كل شيء دون تمييز فسبحان الله
ثم بدعة المولد قائمة على التشبه بالنصارى باعتراف مروجيها
قال السخاوي :
" إذا كان أهل الصليب اتخذوا ليلة مولد نبيهم عيدا أكبر فأهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر " ا.هـ (التبر المسبوك /14)
صدق رسول الله لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه
وأثر التبعية في زرع الهزيمة النفسية أمر لا يخفى

المثال السادس مسح الوجه بعد الدعاء :

انظر كيف بدأ هذا الرجل الكلام عن هذه المسألة
قال هداه الله على هيئة حوار متكلما على لسان مخالفه كالتالي :
ـ ( الأستاذ ) : مسح الوجه بعد الدعاء .
ـ ( مخالفه ) : بدعة
ـ ( الأستاذ ) : ليه ؟
ـ ( مخالفه ) : لم يؤثر عن النبي و عن السلف .
ـ ( الأستاذ بلهجة توبيخية شديدة ) : بتكذب ، بتكذب ، جمعت العلم كله علشان قلت لم يؤثر عن السلف ؟ أيش عرفك أنه لم يؤثر عن السلف ؟ قرأت أيه ؟ " ا.هـ
والكلام كله للأستاذ ساغه على هيئة حوار

وهذه هي منزلة المخالف عند الأستاذ ، وهو طول الحلقة يعامل مخالفه معاملة الذليل ، ويصوّر خصمه دائما بصورة التافه الحقير ، وهذا هو الإسلام الذي ينادي به أمثال هؤلاء تحت أكذوبة ما يسمونه بالرأي والرأي الآخر .
وأنت لا تعرف أدب الخلاف إذا اقتديت بالسلف فأنكرت عين ما ينكره السلف .
أما الأدب الرفيع فهو حلية هؤلاء الذين يسلقون أتباع السلف بألسنة حداد والله المستعان

انظر أيها القارئ المنصف ماذا قال الإمام أحمد في رواية عنه أخفاها الأستاذ
وكذا ماذا قال الإمام مالك ؟ وماذا قال عبد الله ابن المبارك عن نفس المسألة ( مسح الوجه بعد الدعاء )
قال الإمام محمد بن نصر المروزي في كتابه الوتر :
" وأما أحمد بن حنبل فحدثني أبو داود قال : سمعت أحمد ، وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ من الوتر . فقال : لم أسمع فيه بشيء ، ورأيت أحمد لا يفعله "
هذه رواية عن أحمد كتمها الأستاذ
وأما مالك فقال الإمام ابن نصر في نفس الكتاب :
" وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء ، فأنكر ذلك ، وقال : ما علمت " ا.هـ (كذا)
أي ما علمت شيئا في المسألة يجوزها ، بدليل إنكاره
أما ابن المبارك فروى البيهقى في السنن الكبرى عن علي الباشانى قال سألت عبد الله - يعنى ابن المبارك - عن الذي إذا دعا مسح وجهه ؟
قال [ ابن المبارك ] : لم أجد له ثبتا ، قال علي ولم أره يفعل ذلك ا.هـ
أي لم أجد فيه شيئا ثابتا .
وكان الإمام سفيان الثوري يكرهه قال ابن نصر المروزي :
" وسئل عبد الله [ بن المبارك ] عن الرجل ، يبسط يديه فيدعو ثم يمسح بهما وجهه ، فقال : كره ذلك سفيان "
فمسألة كهذه يقول فيها أئمة رفعاء كهؤلاء مثل هذا الكلام الذي صرحوا فيه بعدم ورد شيء بلغهم ثم يأتي الأستاذ ويصرّ على تكذيب مخالفه لأنه نفى ورود شيء عن السلف في المسألة وربما يكون هذا الذي كذبه الأستاذ اعتمد في نفيه على كلام هؤلاء الأئمة وفهم منهم نفي وجود أي رواية في الباب
فلماذا كتم الأستاذ هذه الروايات وأحدها في السنن الكبرى ؟
لماذا حرص على أن يصور مخالفه بأنه يكذب في هذه المسائل ليشكك في كل ما ينكرونه من بدع ؟
إذًا لا تلم مخالفك إذا اتهمك بما اتهمته به ! عندما قلت في مقام عام مصورا أن السلف لم يكونوا يهتمون بتصنيف العبادات المحدثة من غيرها فقلت :
" هم زمان ما كانوش يقولوا دي سنة ودي بدعة "
مع أن أقل الناس علما لا يشك في أن السلف كانوا يكثرون من قول هذه سنة وهذه بدعة فضلا عن أن هذا كان يصدر منهم
لا تلم مخالفك إذا اتهمك بما اتهمته به ! عندما ذكرت أن الكلام التالي لا يقوله العلماء
( النبي ما عملهاش ولو كان خيرا لسبقونا إليه )
هذا الذي ذكرتَ أنه لا يقوله العلماء وأنه ليس كلاما علميا وأنه كلام محدث وبدعة
لا تلم مخالفك إذا اتهمك بما اتهمته به ! لأن هذه العبارة عبارة أهل السنة كافة في ضبط البدع ، ولا يخفى هذا على الكثير وستأتي النقول فيه.
وأمور أخرى أنت أقرب فيها إلى التهمة من مخالفك فدع عنك العبارات المنافية للأدب والأساليب المنافية للإحترام
بل أنت قد خرقت الأمانة بإعراضك عن رواية أحمد الأخرى وقول مالك والثوري وابن المبارك

ومع ما حصل فالرواية التي نقلها الأستاذ هي كالآتي
سئل أبي وأنا أسمع عن رفع الأيدي في القنوت يمسح بها وجهه قال الحسن يروى عنه انه كان يمسح بها وجهه في دعائه اذا دعا " ا.هـ
فأين تجويز أحمد لمسح الوجه ؟
غاية ما في جوابه أنه نقل ما يعرفه من فعل الحسن ، أما أن أحمد يجوزه فليس بصريح ، وهذا الجواب قد يصدر عند حصول تردد من الإمام في المسألة أو لغير ذلك كما هو معلوم
وأحمد وإن اعتمدت كتب المذهب نقل الجواز عنه كإحدى الروايات لكن مفهوم هذه الرواية مفيد لمن يريد معرفة أقوال أحمد كلها ، ومعرفة أيها قد يكون سبق ، ومفيد في الترجيح أيضا لأن عزو المسألة لأحمد في كتب مذهبه فيه أقوال
وما نقله أيضا الأستاذ عن إسحاق بن راهويه فقد أوهم السامع أنه مشترك بينه وبين أحمد وأنه قول لكليهما وليس كذلك
وقد نقل ابن نصر عن إسحاق استحسان مسح الوجه فقال
"ورأيت إسحاق يستحسن العمل بهذه الأحاديث "
وقد أوهم الأستاذ مشاهديه أن إسحاق استحب هذا العمل مع علمه بأنه محدث واحتج بهذا المثال على تجويز السلف للمحدثات وأنهم لا يلتفتون لكون الفعل محدثا ما دام أنه لا يخالف أصول الشرع ، وهذا عمل غير لائق بأمانة العلم ، فإسحاق من الظاهر أنه قال بالمسح للأحاديث الواردة وهو صريح ما نقله عنه تلميذه محمد بن نصر :
" يستحسن العمل بهذه الأحاديث " فلماذا ينسب الأستاذ إلى إسحاق خلاف كلامه ؟!
أهكذا تكون الأمانة ؟ أين في كلام إسحاق أنه فعله مع اعترافه بأنه محدث ؟
وكذا عبارة أحمد عند ابن نصر دالة على تعويل أحمد في المسألة على الوارد ، سلبا أم إيجابا
قال محمد بن نصر المروزي في كتاب الوتر له :
" وأما أحمد بن حنبل فحدثني أبو داود قال : سمعت أحمد ، وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ في الوتر . فقال : لم أسمع فيه بشيء ، ورأيت أحمد لا يفعله . قال : وعيسى بن ميمون هذا الذي روى حديث ابن عباس ليس هو ممن يحتج بحديثه ، وكذلك صالح بن حسان ، وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء ، فأنكر ذلك ، وقال : ما علمت ، وسئل عبد الله عن الرجل ، يبسط يديه فيدعو ثم يمسح بهما وجهه ، فقال : كره ذلك سفيان " ا.هـ
فتأمل تعليل أحمد عدم المسح بضعف الرواية يتبين لك المراد
وتأمل أيضا ما نقله ابن قدامة عن أحمد وإن كان في المسح داخل الصلاة
ففي المغني :
" وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْقُنُوتِ فَهَلْ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدِهِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ [ يعني في المذهب ] : إحْدَاهُمَا ، لَا يُفْعَلُ ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ : لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ .
وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ فِي الصَّلَاةِ ، فَلَمْ يُسْتَحَبَّ مَسْحُ وَجْهِهِ فِيهِ ، كَسَائِرِ دُعَائِهَا الثَّانِيَةُ : يُسْتَحَبُّ ؛ لِلْخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ .
وَرَوَى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ، { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا دَعَا رَفَعَ يَدَيْهِ ، وَمَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ } .
وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهِ ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ ، كَمَا لَوْ كَانَ خَارِجًا عَنْ الصَّلَاةِ ، وَفَارَقَ سَائِرَ الدُّعَاءِ ، فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهِ ا.هـ
تأمل قوله :
" لَا يُفْعَلُ ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ : لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ "
وقوله : " الثَّانِيَةُ : يُسْتَحَبُّ ؛ لِلْخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ "
فالمنع لعدم وجود دليل ، والإستحباب عند وجود الدليل
فلا يوجد ما ينادي به الأستاذ من أنه لا يلزم وجود دليل خاص وإنما تكفي الأدلة العامة وإن لم توجد فيكفي أن لا تصادم أصول الشرع
فهذا التأصيل البدعي لا يوجد عند السلف قاطبة ولا عند من جاء بعدهم ممن سار على منهجهم وإنما هو تأصيل بدعي حادث لا يشهد له إلا بعض التطبيقات الخاطئة الشاذة لدي بعض متأخري أهل العلم التي تصادم عامة تطبيقات أهل العلم سلفا وخلفا
فإلصاق هذا الأصل المبتدع الحادث بأحمد بن حنبل وإسحاق خطأ فادح

أما الأقوال الأخرى عن أهل العلم فهو لون آخر من الأمانة العلمية ضرب به الأستاذ المثل ، وأبرز ذلك قول العز بن عبد السلام في المسألة فلقد ملأ الأستاذ حلقته إشادة بالعز ومذهبه في البدعة وعندما وصل إلى هذه المسألة سكت عن العز مع أن تطبيقه هنا مهم جدا
فأين الأمانة ؟ أين أمانة العلم يا أستاذ ؟
حسبنا الله ونعم الوكيل
قال في مغني المحتاج من كتب الشافعية
" وَأَمَّا مَسْحُ الْوَجْهِ عَقِبَ الدُّعَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنْهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا جَاهِلٌ ا هـ .
وهو في فتاوى العز نفسها ص 392
وقال شيخ الإسلام :
" وأما رفع النبي صلى الله عليه و سلم يديه في الدعاء : فقد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة وأما مسحه وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة والله أعلم "
فتاوى ابن تيمية

أما التعريف يوم عرفة في غير عرفة فأقوال السلف في إنكاره وبدعيته كثيرة نقلها أبوشامة وابن تيمية وهي بأسانيدها في مصنف ابن أبي شيبة وغيره وستأتي في التطبيقات وهي تبطل ما صوره الأستاذ للمشاهد


الانتقائية منه في عرض مواقف أهل العلم :

طبعا الأستاذ نقل في الحلقة عدة أقوال عن جماعة من العلماء وسبق بيان ما قام به من انتقاء في الأمثلة التي ساقها بما أظنه كاف في بيان حاله .
أما انتقائية الأستاذ في مواقف الأئمة فالأمر فيه أظهر ، حيث كان بصورة ظاهرة يحتج بأحدهم في مثال ويشنع عليه بطريقة غير مباشرة في مثال آخر ، حتى أن جل مَن ذَكَرهم لا يوافقونه في أكثر الأمثلة التي ساقها ولا يوجد واحد منهم يوافقه في كل ما مثّل به ، ناهيك عن تطبيقاتهم أعني هؤلاء الذين احتج بهم ، فجل تطبيقاتهم تناقض مذهب الأستاذ نقضا واضحا وهذا يكشف لك حقيقة إخلال الأستاذ بأمانة العلم كأقوال أحمد والشافعي والعز بن عبد السلام وأبي شامة وابن تيمية وابن رجب والسيوطي وأبين هذا بما يلي

أما أقوال أحمد وتطبيقاته في البدعة التي تبين حقيقة مذهبه والأمثلة الصريحة التي تَنقُض وتبطل ما نسبه إليه الأستاذ وألصقه به فهي كثيرة جدا ، فإليك أخي الكريم بعض ما انتشلناه من تلك الموؤودات

ـ قال الإمام أحمد :
" أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا : التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ ، وَتَرْكُ الْبِدَعِ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلَالَةٌ " ا.هـ
فأحمد يرى كل بدعة (شرعا) ضلالة خلافا لما قرره الأستاذ وألصقه بأحمد
ـ قَالَ : مُهَنَّا : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَجْلِسُ إلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُو هَذَا وَيَدْعُو هَذَا ، وَيَقُولُونَ لَهُ : اُدْعُ أَنْتَ .
فَقَالَ [ أحمد ] : لَا أَدْرِي مَا هَذَا ؟ " ا.هـ
لماذا لم يجوز ذلك أحمد ؟ أليس الدعاء قد أمرت به النصوص العامة ؟
فإذا كان أحمد كما يصور الأستاذ فلماذا لم يسوغ هذا ؟
ويوضحه بقية ماجاء في المسألة
" قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّه ( أحمد ) :
يُكْرَهُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْقَوْمُ يَدْعُونَ وَيَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ ؟
فَقَالَ : مَا أَكْرَهُهُ لِلْإِخْوَانِ إذَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى عَمْدٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا .
قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ : قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا مَعْنَى إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا إلَّا أَنْ يَتَّخِذُوهَا عَادَةً حَتَّى يَكْثُرُوا ا.هـ

فأجاز أحمد الاجتماع العارض للدعاء أما المداومة الدالة على التخصيص فهو لا يراه ويكرهه بنص كلامه
قال ابن مفلح :
" قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : فَقَيَّدَ أَحْمَدُ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الدُّعَاءِ إذَا لَمْ يُتَّخَذْ عَادَةً " ا.هـ
فتأمل
وفي الشرح الكبير لابن قدامة
" قال أحمد ولا يقول خلف الجنازة سلم رحمك الله فإنه بدعة " ا.هـ
لماذا ؟ أليس دعاء مشروعا في أصله ؟ لماذا بدعه ؟ فتأمل أخي الكريم لتعلم البدعة عند أحمد وأنه لا يرى العمل بالنص العام كافيا في مثل هذه المواطن
ـ وفي مسائل الإمام أحمد بن حنبل وابن راهويه :
قلت التطريب في الأذان ؟
قال : " كل شيء محدث " كأنه لم يعجبه .
قال إسحاق كما قال لأنه بدعة
ـ وفي مسائل أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله
قال سألت ابي عن القراءة بالألحان
فقال محدث إلا أن يكون طباع ذلك يعني الرجل طبعه كما كان ابو موسى الاشعري
قال الخلال :
أخبرني محمد بن جعفر ، أن أبا الحارث ، حدثهم أن أبا عبد الله قيل له : القراءة بالألحان والترنم عليه ؟ قال : « بدعة ، قيل له : إنهم يجتمعون عليه ويسمعونه ، قال : الله المستعان »
وقال الخلال :
وأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق ، حدثهم قال : قال لي أبو عبد الله يوما وكنت سألته عنه : هل تدري ما معنى : « من لم يتغن بالقرآن فليس منا » ؟ قال : يرفع صوته ، فهذا معناه : إذا رفع صوته فقد تغنى به . سألت أحمد بن يحيى النحوي ثعلب عن قوله : ليس منا من لم يتغن بالقرآن ؟ فقال ذهب بعضهم : إلى أنه الغناء ، يترنم به . وبعضهم يذهب إلى الاستغناء ، وهو الذي عليه العمل . . «
وذكر عن أنس ، وعن التابعين ، فيه كراهية ،
قلت : أليس يروى عن معاوية بن قرة ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع عام الفتح ، وقال : « لو شئت أن أحكي لكم اللحن » . فأنكر أبو عبد الله أن يكون هذا على معنى الألحان ، وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : « ما أذن لشيء ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن » . وقال : « ليس منا من لم يتغن بالقرآن » . وقال : كان ابن عيينة يقول : فيستغني بالقرآن ، يعني : الصوت ، وقال وكيع : يستغني به ، قال : وقال الشافعي : يرفع صوته ، وأنكر أبو عبد الله الأحاديث التي يحتج بها في الرخصة في الألحان " ا.هـ

وعند ابن قدامة عن أحمد :
" وفي رواية عبدوس : في دعاء القنوت في الصلاة عند من قال به جاء فيها : إن زاد حرفا على الوارد فاقطع صلاتك "ا.هـ
وانظر ما قاله أحمد في حشر نوع القصائد التي هي من شأن أهل الغفلة والطرب في الذكر والوعظ
قال الخلال في الأمر بالمعروف :
" أخبرني محمد بن موسى ، قال : سمعت عبدان الحذاء ، قال : سمعت عبد الرحمن المتطبب ، قال : سألت أحمد بن حنبل ، قلت : ما تقول في أهل القصائد قال : « بدعة لا يجالسون »
أخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث ، حدثهم قال : سألت أبا عبد الله : ما ترى في التغبير أنه يرقق القلب ؟ فقال : « بدعة »
أنا الحسين بن صالح العطار ، حدثنا هارون بن يعقوب الهاشمي ، قال : سمعت أبي أنه ، سأل أبا عبد الله عن التغبير ، فقال : « هو بدعة ومحدث »
والتغبير هو ذكر الله عن طريق الغناء والتطريب
وهناك آثار كثيرة عن السلف في هذا
فهذا هو أحمد بن حنبل الذي أشاد به الأستاذ إشادة كبيرة وهو لها أهل رحمه الله حتى قال الأستاذ بالحرف الواحد :
( أحمد يقول قل حاضر )
وذلك خلال رده على من يقول إن قول أحمد لا يقبل إلا بدليل
والأستاذ لم يكن واقعيا في هذا الكلام ولو كان واقعيا أولاً لما بتر أقواله في القراءة على القبر ولا ترك أصح الروايات عنه في مسألة القراءة ومسألة المسح على الوجه الذي اتفق كل الحنابلة بأن أحمد لم يفعله بينما اختلف هل رخص فيه أم لا
لماذا لو كنت واقعيا لم تقل حاضر يا أحمد في كل الأمثلة التي نقلناها وأخفيتها على القراء
كإنكاره الاجتماع مداومة على الدعاء والذكر
وإنكار الآذان الملحن بالألحان
وكالإنكار على من يزيد في دعاء القنوت على المأثور لدرجة أمره بقطع الصلاة
وكإنكاره القصائد الرقائقية الملحنة ( بالمقامات ونحوها )
لماذا لم تقل عن كل أقوال أحمد هذه حاضر لو كنت واقعيا في قولك سابقا ( أحمد يقول ، قل حاضر )
أحمد كان ينكر بشدة الموسيقى ويأمر بكسر آلاتها لم تختلف الروايات عنه في هذا فذكر بالصريح العود والطبل والطنبور و كان يأمر بكسرها حتى لو كانت مع الصبيان
بل كان يفتي بضرب من يفعل ذلك انظر الرسائل والمسائل المروية عن أحمد ولم تختلف المذاهب الأربعة في حرمة الموسيقى
فلماذا لم تقل لأحمد حاضر وأنت تصك آذان مشاهديك في مقدمة البرنامج وخاتمته وفي الفواصل المتعددة ؟
وهذه مسائل لم تختلف فيها الروايات عن أحمد
هل يكون واقعيا من يقول حاضر فيما هو مختلف فيه عن أحمد ثم يولي ظهره لما هو متفق عليه عن أحمد وكان أحمد يشدد فيه أكثر ؟
لم تختلف الروايات عن أحمد بأن الله يوصف بأنه يتكلم بصوت وأنه كلم موسى حين كلمه بصوت
فهل يقول الأستاذ حاضر ؟
بينما مذهب شيخه الذي أشاد به أن هذا تشبيه
هل يقول لأحمد حاضر في وصف الله بأنه فوق سماواته مستو على عرشه ؟
هو يعرف متى يقول حاضر

أما أبو شامة فهو من أوضح الأمثلة على إخلال الأستاذ بالأمانة .
وكل ما سيأتي من كلام أبي شامة فهو مما كتمه الأستاذ عن مشاهديه وحجبه عنهم ولم يكتف بهذا حتى نسب لأبي شامة خلاف ما قرره أبو شامة في كتابه .
وسيأتي امتناع الأستاذ من نقل تفصيل أبي شامة للفرق بين البدعة اللغوية والشرعية باعتبار الأستاذ جعل من مَحاوِره الأصلية في الحلقة دمج البدعة لغة في البدعة شرعا تحت مسمى البدعة الشرعية وسيأتي إيضاحه .
وبدأ الأستاذ النقل عنه بحذف كلمات لم أفهم مراد الأستاذ من حذفها وسأحسن الظن به حقيقة وأنه غفل عنها
قال أبو شامة :
" والبدعة الحدث في الدين بعد الإكمال
قلت وهو ما لم يكن في عصر النبي مما فعله أو أقر عليه أو علم مع قواعد شريعته الإذن فيه وعدم النكير عليه نحو ما سنشرحه في الفصل الآتي " ا.هـ
فنقله الأستاذ ولم ينقل قوله : " في الدين بعد الإكمال " وقد أحسنت الظن بالأستاذ
لكن الذي أُنكره عليه هو تجنب الأمثلة التي ساقها أبو شامة يبين بها البدعة والتي أشار إليها أبو شامة في تعريفه مبينا أهميتها في توضيح التعريف بقوله : " نحو ما سنشرحه في الفصل الآتي " فأهملها الأستاذ حتى لا يدرك المشاهد مراد أبي شامة الذي هو ضد ما ألصقه به الأستاذ ، وها أنا أنقلها لأبين حقيقة ما قام به الأستاذ في حق مشاهديه
ـ قال أبو شامة
" فالبدع الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها وهي كل مبتدَع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي وذلك نحو بناء المنابر والربط والمدارس وخانات السبيل وغير ذلك من أنواع البر التي لم تعد في الصدر الأول فإنه موافق لما جاءت به الشريعة من اصطناع المعروف والمعاونة على البر والتقوى " ا.هـ
وهذه أمثلة البدعة اللغوية المتفق عليها كما ذكر أبو شامة ، فلولا هذه الأمثلة لظن القارئ أن البدع الحسنة عنده هي جانب من معنى البدعة الشرعية ولظن الحسنة عنده هي الذكر الجماعي الموحد أوتخصيص رجب بالصيام الذي أنكره بنفسه كما سيأتي ، وهذا التمثيل من أبي شامة يكشف لك مقصد الأستاذ من حذف الأمثلة .
أما أمثلة البدعة شرعا فستأتي ضمن كلامه الآتي :
قال أبو شامة عند كلامه عن القسم الثاني من البدعة بالمعنى الشرعي
وتكلم بكلام طويل إلى أن قال :
" ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ، ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضله الشرع وخصه بنوع من العبادة ، فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها كصوم يوم عرفة وعاشوراء ... ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلا فيه جميع أعمال البر كعشر ذي الحجة وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، فمثل ذلك يكون أي عمل من اعمال البر حصل فيها كان له الفضل على نظيره في زمن آخر
فالحاصل أن الملكف ليس له منصب التخصيص بل ذلك الى الشارع وهذه كانت صفة عبادة رسول الله
قال الحافظ البيهقي في السنن الكبير :
باب من كره ان يتخذ الرجل صوم شهر يكمله من بين الشهور أو صوم يوم من الأيام
وساق فيه من الصحيحين حديث أبي سلمة عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وحديث علقمة قال قلت لعائشة رضى الله عنها هل كان رسول الله صلع يخص من الأيام شيئا قالت لا كان عمله ديمة
قال الأمام الشافعي : وأكره ان يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان وكذلك يوم من بين الأيام قال وإنما كرهته ليتأسى رجل جاهل فيظن ان ذلك واجب أو فعل حسن
وذكر الشيخ أبو الخطاب في كتاب أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب عن المؤتمن بن أحمد الساجي الحافظ قال :
كان الإمام عبد الله الأنصاري شيخ خراسان لا يصوم رجب وينهي عن ذلك ويقول :
ما صح في فضل رجب ولا في صيامة عن رسول الله شيء وقد رويت كراهة صومه عن جماعة من الصحابة منهم أبو بكر وعمر رضى الله عنهما وكان عمر يضرب بالدرة صوامه
قال : وسئل سفيان الثوري رحمه الله تعالى عمن يقرأ قل هو الله أحد لا يقرأ غيرها يكررها فكرهه وقال إنما أنزل القرآن ليقرأ ولا يخص شيء دون شيء وإنما انتم متبعون ولم يبلغنا عنهم مثل هذا
قال محمد بن مسلمة :
ولا يؤتى شيء من المساجد يعتتقد فيه الفضل بعد المساجد الثلاثة إلا مسجد قباء قال وكره أن يعد له يوما بعينه فيؤتى فيه خوفا من البدعة وأن يطول بالناس زمان فيجعل ذلك عيدا يعتمد أو فريضه تؤخذ ولا بأس أن يؤتى كل حين ما لم تجيء فيه بدعة " ا.هـ
وقال أبوشامة ولا زال الكلام من كتابه :
" وقرأت في كتاب شرح الجامع للزعفراني الحنفي فصلا حسنا أعجبني إثباته ههنا قال وكان يكره ان يتخذ شيئا من القرآن حتما يوقت لشيء من الصلاة وكره أن تتخذ السجدة وهل أتى على الإنسان لصلاة الفجر يقرآن كل جمعة "
ثم قال أبو شامة :
" وإنما كره الملازمة في قراءة السورة ، فأما أحيانا فمستحب لأن الحديث قد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأهما في صلاة الفجر ولكن فعل ذلك لا يدل على اللزوم ا.هـ

هذا الكلام الواضح الصريح من أبي شامة أخفاه الأستاذ عن المشاهدين وقرر خلافه ونسبه لأبي شامة
فهل من منكر ؟ هل من مدافع عن العلم وهو ينتهك ؟

والإمام أبو شامة - رحمه الله - أنكر في كتابه هذا "الباعث على إنكار البدع والحوادث" كثيراً من بدع الجنائز مثل قول القائل أثناء حمل الجنازة: استغفروا له غفر الله لكم، كما أنكر أن يكون للجمعة سنة قبلية وأنكر كذلك صلاة الرغائب وأنكر كذلك صلاة ليلة النصف من شعبان .
وهذا هو مذهب أبي شامة من خلال كلامه نفسه .
بالله عليكم ألم يقرر الأستاذ طول حلقته خلاف هذه التطبيقات وخلاف هذه الأحكام على أمثال هذه الأمثلة ؟
ألم ينسب لأبي شامة وغيره أنهم لا يحكمون بالبدعة على ما جاءت به النصوص العامة ولم يخالف أصول الشرع ؟
أين هذا الادعاء من كلام أبي شامة نفسه ؟
أليس هذا مخالفة للحقائق ؟
فلماذا نقل الأستاذ بعض كلام أبي شامة المجمل وترك باقي كلامه الموضح بالأمثلة الصريحة الذي هو ضد كلام الأستاذ تماما والذي نص أبو شامة نفسه أنه ألف كتابه من أجله ؟ لماذا ؟
أنا أريد القارئ الكريم أن يحكم على الأستاذ في صنيعه هذا .
كيف يكون أمينا من يفعل هذا ؟
هل هذه أمانة أن تنقل تعريفا وتبتر الأمثلة المذكورة عقبه ثم تمثل من عندك بأمثلة تناقض أمثلة صاحب التعريف ثم تختم هذه الأفاعيل بأن تنسب ما ذكرته لصاحب التعريف في صورة عزو مجملة على أن هذه الأمثلة والتطبيقات هي مراده من التعريف وهي حقيقة مذهبه في هذه القضية ؟
والأنكى أن تستخف بتطبيقاته هو مستدلا به في ذلك !!
وإضافة إلى شرحه لكلام أبي شامة بما يخالف مذهبه ونسبة هذه المخالفة لأبي شامة ، وإضافة إلى تقرير أحكام تطبيقية خاطئة وإلصاقها بمذهب أبي شامة في البدعة
فإن الأستاذ استنكر كلاما واستدل على إنكاره بتعريف أبي شامة بينما عَيْن هذا الكلام قاله أبو شامة وأقر به !!
فقد استنكر الأستاذ على مخالفه حكمه بالبدعة على تخصيص العبادات بوقت أو كيفية دون دليل وجعله مخالفا لأقوال العلماء
فمثّل لقول مخالفه بـ( الدعاء المعين في وقت معين ) كذا مثّل الأستاذ واستنكر تبديع مخالفه لهذا وذلك قبل شروعه في التعريفات
ثم استدل بتعريف أبي شامة ضمن بقية التعريفات على بطلان تبديع مخالفه الدعاء المعين في وقت معين وأشباهه من الأمثلة ، ثم عاد ونقل نفس الصورة مستنكرا تبديعها وقال في بيانها :
( واحد يشوف واحد يخصص دعاء معين في وقت معين أو رقما معينا في ذكر معين يقولك ما تخصصش في وقت معين أو ما تعملهاش بكيفية لم ترد )
ثم كر عليها بالرد في كلام طويل ولم يخل من استخفاف به
وبالله عليك انظر ماذا قال أبو شامة :
" ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضله الشرع وخصه بنوع من العبادة فان كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها كصوم يوم عرفة وعاشوراء ..
فالحاصل أن الملكف ليس له منصب التخصيص بل ذلك الى الشارع وهذه كانت صفة عبادة رسول الله قال الحافظ البيهقي في السنن الكبير باب من كره ان يتخذ الرجل صوم شهر يكمله من بين الشهور أو صوم يوم من الأيام ..." ا.هـ
ثم مثّل أبو شامة للتخصيص البدعي بصوم رجب وتخصيص يوم معين بالصيام واستدل بالشافعي وسبق قبل قليل ومثّل بتخصيص قراءة سورة الإخلاص وتكرارها وبتخصيص مسجد معين وتفضيله للعبادة وسبق كلامه كاملا قبل قليل
ماذا نسمي هذا الصنيع منك يا أستاذ ؟
لماذا تصر على إبطال كلام يقول به أبو شامة وتنسب له أنه ممن يبطله بينما هو يقول به ؟!!
هذا والله هو العجب
إنه والله استخفاف صارخ بالعلم .

أما العز بن عبد السلام فأيضا حذف الأستاذ من تعريفه كل الأمثلة المصاحبة والتي توضح مراده من التعريف بما يدل على أن العز أدمج البدعة لغة في تعريفه وهذا مناف لما قرره عنه الأستاذ عندما ذكر تعريف العز على أنه للبدعة الشرعية وهو خطأ على العز
فقد ذكر العز في البدعة الواجبة علم النحو وحفظ معاني القرآن الغريبة لغة
وذكر في البدعة المندوبة بناء المدارس وصلاة التراويح
وذكر في البدع المباحة التوسع في المآكل والمشارب والملابس والمساكن
وكل هذه الأمثلة دالة على شمول تعريفه للبدعة اللغوية خلافا لصنيع الأستاذ الذي جعله خاصا بالبدعة الشرعية
ولم يخطئ العز في التمثيل إلا عندما جعل المصافحة بعد الصبح والعصر من البدع المباحة مع أنه قرر بأنها من البدع المذمومة في فتاواه كما نقلت آنفا عندما جعلها بدعة مخالفة للسنة وحث على تركها


وإليك أقواله وتطبيقاته التي ولى لها الأستاذ ظهره مع إشادته العظيمة بشخص العز ، ومن بينها مسألة مسح الوجه بعد الدعاء والمصافحة بعد الصلوات والدعاء بعدها من الإمام والتي كاد الأستاذ أن يكفر مخالفيه بها فكذب وشتم كعادته في الحلقة

يقول العز في كتاب "الفتاوى" له (ص392):
" ولا يستحب رفع اليد في القنوت كما لا ترفع في دعاء الفاتحة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولم يصح في ذلك حديث، وكذلك لا ترفع اليدان في دعاء التشهد ؛ ولا يستحب رفع اليدين في الدعاء إلا في المواطن التي رفع فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يديه، ولا يمسح وجهه بيديه عقيب الدعاء إلا جاهل ، ولم تصح الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في القنوت، ولا ينبغي أن يزاد على صلاة رسول الله في القنوت بشيء ولا ينقص " اهـ.

وسبق نقل كلامه عن المصافحة والدعاء أدبار الصلوات

قارن هذه التطبيقات بما يلصقه الأستاذ للعز من تسويغ للعمل بالنصوص العامة مطلقا ما لم تخالف أصول الشرع .
فالعز وإن كان قد أخطأ في هذا الباب كما نبه العلماء على هذا لكنه لا يقول بهذا الاطلاق الذي يلصقه الأستاذ به ظلما ، وكلامه هذا وما سيأتي ناطق بنفسه على هذا
وفي "فتاواه" أعني العز بن عبد السلام (ص289) قال :
" ومن فعل طاعة لله تعالى ، ثم أهدى ثوابها إلى حي؛ أو ميت لم ينتقل ثوابها إليه إذ ((وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)) [النجم: 39] فإن شرع في الطاعة ناوياً أن يقع عن ميت لم يقع عنه إلا فيما استثناه الشرع كالصدقة: والصوم، والحج " انتهى
وقال العز ابن عبد السلام في الفتاوى الموصلية :
" ذِكر الصحابة والخلفاء والسلاطين بدعة غير محبوبة "
يعني في الخطب على المنابر مداومة
وفي كتاب أسنى المطالب للشافعية :
" قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ التَّرَضِّي عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ فِي زَمَانِنَا بِدْعَةٌ غَيْرُ مَحْبُوبَةٍ "
وفي أسنى المطالب :
" قَالَ [ العز ] ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَامُ لِلْمُصْحَفِ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ "
وتأمل قوله : " بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ "
فهذا المعنى قد أنكره الأستاذ بشدة وسفه القائل به مرارا في تلك الحلقة والله المستعان
وفيه أيضا :
( وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ بِالْأَنْعَامِ فِي رَكْعَةٍ مِنْهَا ) لِاعْتِقَادِ أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ إنَّهُ بِدْعَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَفَاسِدَ وَصَوَّرَهَا فِي التِّبْيَانِ "
وفي حاشية البجيرمي وهو من كتب الشافعية قال عن تلقين الميت في قبره :
" وَفِي كَلَامِ الْحَافِظِ السُّيُوطِيّ :
لَمْ يَثْبُتْ فِي التَّلْقِينِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَا حَسَنٌ بَلْ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ ، وَلِهَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْأُمَّةِ إلَى أَنَّ التَّلْقِينَ بِدْعَةٌ وَآخِرُ مَنْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ " ا.هـ
أيضا تأمل قوله : " ولهذا ذهب جمهور ..." لأجل عدم ثبوت حديث وهذا المعنى هو ما أنكره الأستاذ مرارا
وقال العز أيضا :
" وَقَدْ يُخْتَلَفُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ ، فَيَجْعَلُهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ ، وَيَجْعَلُهُ آخَرُونَ مِنْ السُّنَنِ الْمَفْعُولَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا بَعْدَهُ ، وَذَلِكَ كَالِاسْتِعَاذَ ةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْبَسْمَلَةِ " ا.هـ
يعني حال الجهر بها
وحكمه على هذا المثال بالخلافي يبين لك البون الشاسع بينه وبين ما ينادي به الأستاذ من إغلاق باب الحكم بالبدعة على ما أصله من العبادات ويصف الاشتغال به بالصخرة التي ينبغي أن تزال

وتأمل المسائل التي ذكرها العز والتي يروج لها الأستاذ وينكر على من يرى ببدعيتها كما صريح قاعدته وصريح ما نادى به من تطبيق مماثل ثم يستدل بالعز في إنكارها
وهذا غاية في انعدام الأمانة

أما الإمام الشافعي فانظر إلى تطبيقاته التي تبين بُعد المفهوم الذي ألصقه الأستاذ به
قال أبوشامة في كتابه الحوادث :
" قال الإمام الشافعي :
وأكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان وكذلك يوم من بين الأيام قال وإنما كرهته ليتأسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب أو فعل حسن " ا.هـ
فانظر إلى منع الشافعي من التخصيص لتعلم أن الأستاذ كان يهرول في ناحية بينما الشافعي في ناحية أخرى
قَالَ الشَّافِعِيُّ في الأم :
" وَأُحِبُّ أَنْ يُخْلِصَ الْإِمَامُ ابْتِدَاءَ الْخُطْبَةِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعِظَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ , ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ مَا الَّذِي أَرَى النَّاسَ يَدْعُونَ بِهِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمئِذٍ أَبَلَغَك عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَمَّنْ بَعْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ؟ قَالَ لَا إنَّمَا أُحْدِثَ إنَّمَا كَانَتْ الْخُطْبَةُ تَذْكِيرًا ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : فَإِنْ دَعَا لِأَحَدٍ بِعَيْنِهِ , أَوْ عَلَى أَحَدٍ كَرِهْته وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ " انتهى من الأم

فتأمل حكمه على تخصيص الخطبة بدعاء معين بأنه محدث وكراهته له كراهة تحريم كما هو أصل الكراهة عند الشافعي وهو معروف ، وبدليل أنه نص على أنها لا تصل حد إبطال الصلاة وهو حجم للكراهة يتنافى مع التنزيه ، ويكفي تعليله كراهتها لأنها محدثة فماذا يريد الأستاذ أيضا

وقال الإمام الشافعي رحمه الله في كلمته المشهورة التي نقلها عنه أئمة مذهبه وعلماؤه كالغزالي في "المنخول" والمحلي في "جمع الجوامع-2/395 بحاشيته": "من استحسن فقد شرع "

ويقول كمال الدين بن حمزة الحسني الشافعي كما في مواهب الجليل
" وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ وَشَيْخِهِ مَالِكٍ وَالْأَكْثَرِين َ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يَصِلُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ قَالَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ : فَإِهْدَاءُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ الْوُصُولَ عَبَثٌ مَكْرُوهٌ "
فهل هذه الأقوال تصدر ممن يرى أن العمل يثبت بمجرد النص العام وأنه متى لم يصادم أصول الشرع فلا بأس به كما ينسب له الأستاذ ؟
إذا لماذا أنكر الشافعي هذه الأعمال في هذه الأمثلة ؟
ولماذا لم ينقل عنه الأستاذ ولو تطبيقا واحدا ؟ لا فيما طرحه من أمثلة ولا في غيرها ؟
فهل هذه هي الأمانة العلمية ؟ أن تنسب للإمام ما لم يقل وتتجنب ما قال ؟

وأما السيوطي- رحمه الله – فهو نموذج مكشوف لإخلال الأستاذ بالأمانة
وأتركك مع هذه الباقة من أقواله التي أقسم بالله الجليل أنها تصادم ما قرره الأستاذ مصادمة واضحة وأن الأستاذ قد ألصق بالسيوطي ما يخالفها والله المستعان

قال السيوطي رحمه الله :
" وكل اجتماع يتكرر بتكرر الأسابيع والشهور والأعوام غير الاجتماعات المشروعة هو المبتدع ، ففرق بين ما يفعل من غير ميعاد وبين ما يتخذ سنة وعادة؛ فإن ذلك يضاهي المشروع وقد كره ابن مسعود وغيره من الصحابة اعتياد الاجتماع في مكان مخصوص، وهو المنصوص عن أحمد أنه، قيل له:
تكره أن يجتمع القوم يدعون الله تعالى ويرفعون أيديهم؟ فقال: ما أكره للإخوان إذا لم يجتمعوا على عهد إلا أن يكثروا.
وأصل هذا أن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات حتى تصير سنناً ومواسم، قد شرع الله منها ما فيه كفاية المتعبد، فإذا أُحدث اجتماع زائد كان مضاهاة لما شرعه الله تعالى وسنة رسوله " ا.هـ
تأمل بالله هذا الكلام لتعلم أي جناية جناها ذلك الأستاذ على السيوطي وغير السيوطي
بماذا سيحكم القارئ عندما يجد الأستاذ ينسب للسيوطي كلاما آخر ومذهبا آخر غير مذهبه لمجرد أنه وافقه في مسألة ؟
وقال السيوطي أيضا :
" ومن البدع ما يفعل في الجنائز من ترك ..الإنصات فيها، وقراءة القرآن معها بالألحان "
وقال السيوطي :
" ومن ذلك[ من البدع ] التلحين في القراءة والآذان. وقد روي أن رجلاً من المؤذنين قال لابن عمر: " إني أحبك في الله، فقال له: لكني أبغضك في الله، قال: لم؟ قال: لأنك تتغنى في الآذان وتأخذ عليه " ا.هـ .
بالله هل هذا كلام من يكتفي بالنصوص العامة ولا يرى بدعة إلا ما خالف أصول الشريعة ؟ اتقوا الله ياقوم

وانظر هنا إلى كلام السيوطي عن أحد المسائل التي شغب فيها الأستاذ على مخالفه وهي التعريف يوم عرفة في غير مكان عرفة
قال السيوطي رحمه الله :
" ومن ذلك التعريف المحدث :
قال ابن وهب: سمعت مالكاً يسأل عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر واجتماعهم للدعاء، فقال: ليس هذا من أمر الناس، وإنما مفاتيح هذه الأشياء من البدع.
وقال مالك في العتبية: وأكره أن يجلس أهل الآفاق يوم عرفة في المساجد للدعاء، ومن اجتمع إليه الناس فلينصرف في مقامه، ومقامه في منزله أحب إليه، فإذا حضرت الصلاة رجع فصلى في المسجد
وروى محمد بن وضاح: أن الناس اجتمعوا بعد العصر من يوم عرفة في مسجد النبي ( يدعون، فخرج نافع مولى ابن عمر فقال: يا أيها الناس، إن الذي أنتم فيه بدعة، وليست بسنة، أدركت الناس ولا يصنعون هذا.
وقال إبراهيم النخعي: الاجتماع يوم عرفة أمر محدث.
... " ا.هـ
وهذه هي نفس المسألة التي شنع فيها الأستاذ على مخالفيه
وقال السيوطي أيضا :
" ومن البدع قراءة سورة الأنعام في ركعة صلاة التراويح، ويروون في ذلك حديثاً لا أصل له عن ابن عباس عن أبي بن كعب رضي الله عنهما عن النبي (، قال: " أنزلت سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك بالتسبيح والتحميد " . وهذا الحديث إسناده ضعيف مظلم، فاغتر بذلك من سمعه من عوام المصلين. ثم لو صح هذا الحديث لم يكن فيه دلالة على استحباب قراءتها في ركعة.
فقراءتها في ركعة واحدة بدعة من وجوه.
أحدها: تخصيص ذلك بسورة الأنعام دون غيرها، فيوهم أن ذلك سنة فيها دون غيرها، والأمر بخلاف ذلك.
والثاني: تخصيص ذلك بصلاة التراويح دون غيرها.
والثالث: ما فيه من التطويل على المؤمنين، لا سيما على من يجهل ذلك من عادتهم، فيقلق ويضجر ويسخط ويكره العبادة.
والرابع: ما فيه من مخالفة السنة من تقليل القراءة في الركعة الثانية عن الأولى. وقد عكس صاحب هذه البدعة قضية ذلك، وخالف الشريعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وابتدع بعضهم بدعة أخرى وهي: جمع آيات سجدات القرآن عقيب ختم القرآن في صلاة التراوح في الركعة الأخيرة فيسجد بالمأمومين جميعاًا.هـ
بالله عليك قارن بين هذا الكلام من السيوطي نفسه وبين ما ألصقه به الأستاذ من كلام منافي للعلم فنحن أمام خروقات علمية جسيمة تحتاج إلى محكمة شرعية
وقال السيوطي :
" ومن البدع في الخطبة أشياء، فمن ذلك دق الخطيب المنبر عند صعوده ثلاث مرات بأسفل سيفه دقاً مزعجاً.
ومنها: تباطؤه في الصعود واشتغاله بالدعاء قبل الإقبال على الناس، والسلام عليهم، ورفع يديه عند الدعاء، فبدعة قديمة.
ومنها الالتفات يميناً وشمالاً عند قوله آمركم وأنهاكم، وعند الصلاة على النبي (، ولا أصل لشيء من ذلك، بل السنة الإقبال على الناس من أول الخطبة إلى آخرها، قال الشافعي رضي الله عنه: ويقبل الخطيب بوجهه على الناس، ولا يلتفت يميناً وشمالاً " ا.هـ
وقال السيوطي :
" ومن البدع ... اجتماع الرجال على القبر اليوم الثاني والثالث. ومن ذلك السجع في الدعاء"
وقال أيضا :
" ومن ذلك زخرفة المساجد، وتحلية المصاحف، وكثرة المساجد في المحلة الواحدة "
وقال السيوطي عن الصلاة على رسول الله عقب العطاس زيادةً على الحمد الذي في الذكر الوارد :
" فالعدول إلى غيره أو الزيادة فيه عدول عن المشروع وزيادة عليه وذلك بدعة ومذموم " ا.هـ
وقد أنكر في كتابه "الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع" الصلاة في المساجد المبنية على القبور!وكذلك إيقاد السرج على القبور والمزارات وأنكر صلاة الرغائب وأنكر الاجتماع للعزاء وأنكر التلفظ بالنية قبل الصلاة
وقال أيضا :
(وأما السؤال الرابع والثلاثون): فجوابه أن أحداث الألحان في الذكر بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر و لا عمر ولا عثمان ولا علي ولا فعلها أحد من الصحابة ولا التابعين ولا السلف الصالحين فإن انضم إلى ذلك تمطيط الأحرف والإشباع في غير موضعه والاختلاس في غير موضعه والترقيص والتطريب وتعويج الحنك والرأس فهذا مغن لا ذاكر وأخشى عليه أن يجاب من قبل الله باللعنة " ا.هـ

فتأمل فإنه بدّع الذكر بهذه الصفة بمجرد إحداث الألحان ، ويخشى اللعنة على صاحبها إذا انضاف إلى ذلك تمطيط وتطريب ...الخ
وكلامه في كتابه كثير أكتفي بما ذكرته هنا

والسيوطي وإن قسم البدعة إلى مستحسنة ومستقبحة وقال بجواز المولد وكلاهما خطأ لكنه موافق للسلف في القاعدة وفي ضابط البدعة في الجملة ، وكل هذه التطبيقات الصحيحة التي نقلناها عنه من كتابه شاهدة بهذا فهو أقرب إلى مذهبنا في البدعة من مذهب الأستاذ بل لا يوجد قرب بين مفهوم البدعة عند الأستاذ وعند السيوطي ، لكن الأستاذ لا يريد أن يخوض الموضوع بأمانة فألصق بالسيوطي ما هو منه براء وإلى الله الالتجاء