السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إخواني الكرام،
قرأت في كتاب "عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق" للعلامة محمد سعيد بن عبد الرحمان الباني رحمه الله، المتوفى سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة وألف من الهجرة كلاماً ذكر فيه العبر المستخرجة من حديث ثقيف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ربطها بقصة وقعت لبعض الفقهاء مع أمة روسية.
قال : " وقد دل حديث ثقيف وغيره من الأحاديث الشريفة على مشروعية مبايعة غير المسلم وقبول إسلامه وإن شرط شروطاً غير صحيحة. وفي هذا من تسامح الدين ويسره وسعته وسياسة نبينا وحسن تصرفه وتيسيره أكبر عبرة لمن يعتبر وأعظم عظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. بخلاف أحد المتفقهة الذي لم يفكر بجهله بسيرة الرسول وكون شريعته منوطة بالمصالح ولم يتدبر بالعاقبة، حينما سأله عظيم أمة عظيمة قبوله وشعبه اعتناق دين الإسلام على شريطة أن لايتركوا بعض المحضورات في الإسلام لاضطرارهم إليها على زعمهم، فرفض المتفقه الغرّ إسلامهم على هذا الشرط، وهو رفض فظيع غريب في بابه، فيما إذا صحت هذه الرواية التاريخية."
قال المحقق حسن السماحي سويدان على الهامش :
" إماطة النقاب على هذه الرواية ماورد في الجزء الرابع من "تاريخ مراد بك الداغستاني الشهير" وخلاصته: أن الروسيين كانوا وثنيين فحاول البرنس فلادمير أحد أمراء كييف الروسية أن ينخلع هو شعبه من الوثنية ويعتنقون ديناً غير عبادة الأوثان، فأنفذ سفراءه في أنحاء العالم ليبحثوا له عن جميع الأديان....وحينما رفع إليه وقع اختياره على الإسلام وقرّر بادئ ذي بدء اعتناقه، فاستدعى أحد متفقهة قازان وأخبره بذلك. لكن بيّن له أن الروسيين لا يمكنهم أن يعيشوا في إقليمهم ذي البرد القارس بدون تعاطي شرب الخمر وأكل الخنزير، فلم يجوّز المتفقه القزاني ذلك، فاعتذر الأمير فلاديمير أن الضرورة تحملهم على ذلك لشدة برودة الإقليم وصرف النظر آسفاً عن اعتناق الإسلامية واعتنق النصرانية الأرثوذكسية هو وشعبه ثم انتشرت في جميع الأنحاء الروسية."
قال السيد المحقق : "إنه كان يسمع هذه القصة مجملة من أفواه الرجال حتى سأل عنها أحد أصدقائه الأتراك من الخبراء بالتاريخ، فأجابه بأن هذه القصة ليست مما تتناقله ألسنة العوام بل هي ثابتة في كتب التاريخ وأطلعه على التاريخ المذكور. فطفقا يتحسران على هذا الخسران وشرع المحقق في لوم هذا المفتي القزاني وأضرابه."
وجزاكم الله عني كل خير.