تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: إثبات المغايرة بين النبي والرسول وإيضاح الفرق بينهما

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    214

    افتراضي إثبات المغايرة بين النبي والرسول وإيضاح الفرق بينهما

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد :

    الأدلة على المغايرة بين النبي والرسول

    قد ذهب جمهور العلماء إلى المغايرة بين النبي والرسول يدل على صحة هذا القول وضعف القول بعدم المغايرة بينهما ما يلي :
    جاء في السلسلة الصحيحة - (ج 6 / ص 167):"
    2668 - " كان آدم نبيا مكلما ، كان بينه وبين نوح عشرة قرون ، وكانت الرسل ثلاثمائة و خمسة عشر " .
    قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 358 :
    أخرجه أبو جعفر الرزاز في " مجلس من الأمالي " ( ق 178 / 1 ) : حدثنا عبد الكريم ابن الهيثم الديرعاقولي : حدثنا أبو توبة - يعني الربيع بن نافع - : حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني أبو أمامة : " أن رجلا قال : يا رسول الله ! أنبيا كان آدم ؟ قال : نعم ، مكلم .
    قال : كم كان بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون . قال : يا رسول الله ! كم كانت الرسل ؟ قال : ثلاثمائة و خمسة عشر " . قلت : وهذا إسناد صحيح ..... والحديث أخرجه ابن حبان أيضا في " صحيحه " ( 2085 - موارد ) و ابن منده في " التوحيد " ( ق 104 / 2 ) و من طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 2 / 325 / 2 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 24 / 2 / 398 - بترقيمي ) و كذا في " الكبير " ( 8 / 139 - 140 ) و الحاكم ( 2 / 262 ) و قال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . وكذا قال ابن عروة الحنبلي في " الكواكب الدراري " ( 6 / 212 / 1 ) و قد عزاه لابن حبان فقط ، و قال ابن منده عقبه : " هذا إسناد صحيح على رسم مسلم والجماعة إلا البخاري . و روي من حديث القاسم أبي عبد الرحمن و غيره عن أبي أمامة و أبي ذر بأسانيد فيها مقال " . قلت: حديث القاسم ، يرويه معان بن رفاعة : حدثني علي بن يزيد عنه عن أبي أمامة مطولا ، وفيه : " قال : قلت : يا نبي الله ! فأي الأنبياء كان أول ؟ قال : آدم عليه السلام . قال : قلت : يا نبي الله ! أو نبي كان آدم ؟ قال : نعم ، نبي مكلم ، خلقه الله بيده ، ثم نفخ فيه من روحه ، ثم قال له : يا آدم قبلا . قال : قلت : يا رسول الله ! كم وفى عدد الأنبياء ؟ قال : مائة ألف و أربعة و عشرون ألفا ، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر ، جما غفيرا " . أخرجه أحمد ....... و جملة القول : إن عدد الرسل المذكورين في حديث الترجمة صحيح لذاته ، وأن عدد الأنبياء المذكورين في أحد طرقه ، وفي حديث أبي ذر من ثلاث طرق ، فهو صحيح لغيره ، و لعله لذلك لما ذكره ابن كثير في " تاريخه " ( 1 / 97 ) من رواية ابن حبان في " صحيحه " سكت عنه ، و لم يتعقبه بشيء ، فدل على ثبوته عنده . و كذلك فعل الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 6 / 257 ) و العيني في "العمدة " ( 7 / 307 ) ، و غيرهم ، و قال المحقق الآلوسي في " تفسيره " ( 5 / 449 ) : " و زعم ابن الجوزي أنه موضوع ، وليس كذلك . نعم ، قيل : في سنده ضعف جبر بالمتابعة " . و سبقه إلى ذلك و الرد على ابن الجوزي الحافظ ابن حجر في " تخريج الكشاف " ( 4 / 114 ) ، و هو الذي لا يسع الباحث المحقق غيره كما تراه ......... اعلم أن الحديث و ما ذكرنا من الأحاديث الأخرى مما يدل على المغايرة بين الرسول و النبي ، و ذلك مما دل عليه القرآن أيضا في قوله عز وجل : ( و ما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) الآية . و على ذلك جرى عامة المفسرين ، من ابن جرير الطبري الإمام ، إلى خاتمة المحققين الآلوسي ، و هو ما جزم به شيخ الإسلام ابن تيمية في غير ما موضع من فتاويه ( المجموع 10 / 290 و 18 / 7 ) أن كل رسول نبي ، و ليس كل نبي رسولا . وقال القرطبي في " تفسيره " ( 12 / 80 ) : " قال المهدوي : و هذا هو الصحيح أن كل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا . و كذا ذكر القاضي عياض في كتاب "الشفا " ، قال : و الصحيح الذي عليه الجم الغفير أن كل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا واحتج بحديث أبي ذر .. " انتهى كلام الألباني .



    إذا تقرر لك ثبوت الفرق بين النبي والرسول فيحسن بك أن تطلع على آراء العلماء في تحديد هذا الفرق فإليك آراءهم في ذلك لتكون منها على علم وبصيرة :


    قول من رأى أن الرسول يوحى إليه بواسطة ملك بخلاف النبي فيوحى إليه بالإلهام أو المنام

    - قال الرازي تفسير الرازي - (ج 11 / ص 133):
    " ذكروا في الفرق بين الرسول والنبي أموراً : ...... والثالث : أن من جاءه الملك ظاهراً وأمره بدعوة الخلق فهو الرسول ، ومن لم يكن كذلك بل رأى في النوم كونه رسولاً ، أو أخبره أحد من الرسل بأنه رسول الله ، فهو النبي الذي لا يكون رسولاً وهذا هو الأولى" .

    - قال بدر الدين العيني الحنفي في عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (ج 1 / ص 35):
    " والتعريف الصحيح أن الرسول من نزل عليه كتاب أو أتى إليه ملك والنبي من يوقفه الله تعالى على الأحكام أو يتبع رسولا آخر فكل رسول نبي من غير عكس".


    إشكال على هذا القول

    قال الآلوسي في روح المعاني : " وقيل من يأتيه الملك عليه السلام بالوحي يقظة والنبي يقال له ولمن يوحى إليه في المنام لا غير : وهذا أغرب الأقوال ويقتضي أن بعض الأنبياء عليه السلام لم يوح إليه إلا مناما وهو بعيد ومثله لا يقال بالرأي".


    قول من رأى التفريق بكون الشريعة جديدة أو سابقة


    - قال الآلوسي في روح المعاني - (ج 17 / ص 172):
    "وعطف نبي على رسول يدل على المغايرة بينهما وهو الشائع ويدل على المغايرة أيضا ما روي أنه صلى الله عليه و سلم سئل عن الأنبياء فقال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قيل : فكم الرسل منهم قال : ثلثمائة وثلاثة عشرة جما غفيرا وقد أخرج ذلك كما قال السيوطي أحمد وابن راهويه في مسنديهما من حديث أبي أمامه وأخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه من حديث أبي ذر وزعم ابن الجوزي أنه موضوع وليس كذلك نعم قيل في سنده ضعف جبر بالمتابعة وجاء في رواية الرسل ثلثمائة وخمسة عشر واختلفوا هنا في تفسير كل منهما فقيل : الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى بشرع جديد يدعو الناس إليه والنبي يعمه ومن بعثه لتقرير شرع سابق كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم السلام وقيل الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى إلى قوم بشرع جديد بالنسبة إليهم وإن لم يكن جديدا في نفسه كإسماعيل عليه السلام إذ بعث لجرهم أولا والنبي يعمه ومن بعث بشرع غير جديد كذلك وقيل : الرسول ذكر حر له تبليغ في الجملة وإن كان بيانا وتفصيلا لشرع سابق والنبي من أوحى إليه ولم يؤمر بتبليغ أصلا أو أعم منه ومن الرسول وقيل : الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة كتابا منزلا عليه والنبي غير الرسول من لا كتاب له وقيل : الرسول من له كتاب أو نسخ في الجملة والنبي من لا كتاب له ولا نسخ وقيل من يأتيه الملك عليه السلام بالوحي يقظة والنبي يقال له ولمن يوحى إليه في المنام لا غير : وهذا أغرب الأقوال ويقتضي أن بعض الأنبياء عليه السلام لم يوح إليه إلا مناما وهو بعيد ومثله لا يقال بالرأي.
    وأنت تعلم أن المشهور أن النبي في عرف الشرع أعم من الرسول فإنه من أوحى إليه سواء أمر بالتبليغ أم لا والرسول من أوحي إليه وأمر بالتبليغ ولا يصح إرادة ذلك لأنه إذا قوبل العام بالخاص يراد بالعام ما عدا الخاص فمتى أريد بالنبي ما عدا الرسول كان المراد به من لم يؤمر بالتبليغ وحيث تعلق به الإرسال صار مأمورا بالتبليغ فيكون رسولا فلم يبق في الآية بعد تعلق الإرسال رسول ونبي مقابل له فلا بد لتحقيق المقابلة أن يراد بالرسول من بعث بشرع جديد وبالنبي من بعث لتقرير شرع من قبله أو يراد بالرسول من بعث بكتاب وبالنبي من بعث بغير كتاب أو يراد نحو ذلك مما يحصل به المقابلة مع تعلق الإرسال بهما".
    قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي في مذكرة التوحيد - (42):
    "والفرق بين النبي والرسول : أن الرسول من بعثه الله إلى قوم وأنزل عليه كتابًا ، أو لم ينزل عليه كتابًا لكن أوحى إليه بحكم لم يكن في شريعة من قبله؛ والنبي من أمره الله أن يدعو إلى شريعة سابقة دون أن ينزل عليه كتابًا ، أو يوحي إليه بحكم جديد ناسخ أو غير ناسخ ، وعلى ذلك ، فكل رسول نبي ، ولا عكس ، وقيل: هما مترادفان ، والأول أصح" .


    إشكال في هذا القول

    قال شيخ الإسلام في كتابه" النبوات" :
    "وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فإن يوسف كان رسولا وكان على ملة إبراهيم وداود وسليمان كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة قال تعالى عن مؤمن آل فرعون ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا وقال تعالى إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما".

    وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب النصية - (ج 10 / ص 8):
    "المشهور عند أهل العلم أن الفرق بينهما: أن النبي أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، والرسول أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، هذا هو الفرق عند جمهور أهل العلم. وقيل: إن الفرق أن النبي لم يأت بشرع جديد، وإنما يكون مبلغاً بشرع من قبله، أي: إنه يحكم بشريعة من قبله بدون وحي جديد يوحى به إليه، كما في قوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيّ ُونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ). يحكم بها النبيون الذين أسلموا، وهم يحكمون بما في التوراة. فأما إذا أتى بشرع فحينئذٍ- ولو كان تكميلاً لشرع من قبله- يكون رسولاً، ولا يرد على هذا التعريف إلا آدم، فإن آدم كان نبياً وليس برسول؛ لأن أول رسول نوح، وآدم نبي أوحي إليه بشرع، فعمل به، فأخذت به ذريته الذين كانوا في عهده".



    قول من رأى الفارق بالأمر بالتبليغ

    - جاء في مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 1 / ص 252):"(124) وسئل فضيلة الشيخ: هل هناك فرق بين الرسول والنبي؟
    فأجاب بقوله: نعم، فأهل العلم يقولون: إن النبي هو من أوحى الله إليه بشرع ولم يأمره بتبليغه بل يعمل به في نفسه دون إلزام بالتبليغ.
    والرسول هو من أوحى الله إليه بشرع وأمره بتبليغه والعمل به. فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً...
    (125) سئل فضيلة الشيخ: قلتم في الفتوى السابقة رقم " 124 : " إن النبي من أوحي إليه بالشرع ولم يؤمر بتبليغه أما الرسول فهو من أوحي إليه بالشرع وأمر بتبليغه ولكن كيف لا يؤمر النبي بتبليغ الشرع وقد أوحي إليه؟
    فأجاب بقوله: أوحى الله إلى النبي بالشرع من أجل إحياء الشرع بمعنى أن من رآه اقتدى به واتبعه دون أن يلزم بإبلاغه، ومن ذلك ما حصل لآدم عليه الصلاة والسلام، فإن آدم كان نبياً مكلماً كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع هذا فليس من الرسل لأنه قد دلت السنة بل دل القرآن، والسنة، وإجماع الأمة على أن أول رسول أرسله الله هو نوح عليه السلام. وآدم لابد أن يكون متعبداً لله بوحي من الله فيكون قد أوحي إليه ولم يؤمر بالتبليغ ولهذا لا يعد من الرسل".



    إشكال في هذا القول

    قال شيخنا الألباني في السلسلة الصحيحة (6/167):
    "نعم إن ما ذهب إليه المومى إليه في الرسالة السابقة من إنكار ما جاء في بعض كتب الكلام في تعريف النبي أنه من أوحي إليه بشرع و لم يؤمر بتبليغه ، فهو مما أصاب فيه كبد الحقيقة ، و لطالما أنكرناه في مجالسنا ودروسنا ، لأن ذلك يستلزم جواز كتمان العلم مما لا يليق بالعلماء ، بله الأنبياء ، قال تعالى : (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون )".
    وجاء في أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن - (ج 5 / ص 293):
    "ما اشتهر على ألسنة أهل العلم ، من أن النَّبي هو من أوحى إليه وحي ولم يؤمر بتبليغه ، وأن الرسول هو النَّبي الذي أوحى إليه ، وأمر بتبليغ ما أوحى إليه غير صحيح ، لأن قوله تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ } الآية . يدل على أن كلاً منهما مرسل ، وأنهما مع ذلك بينهما تغاير واستظهر بعضهم أن النَّبي المرسل الذي هو غير الرسول ، هو من لم ينزل عليه كتاب وإنما أوحى إليه أن يدعو الناس إلى شريعة رسول قبله ، كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يرسلون ويؤمرون بالعمل بما في التوراة ، كما بينه تعالى بقوله { يَحْكُمُ بِهَا النبيون الذين أَسْلَمُواْ } [ المائدة : 44 ] الآية وقوله في هذه الآية { فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } أي تخشع وتخضع وتطمئن" .


    رأي للشيخ الفوزان في هذا التفريق لإزالة إشكاله


    - قال الشيخ صالح الفوزان في إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد - (ج 2 / ص 61):"الرسول هو: من أوحي إليه بشرع وأُمر بتبليغه.
    وأما النبي فهو: من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه.
    هذا التعريف المشهور عند أهل العلم، ويذكره المفسرون عند قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}، من سورة الحج، يذكرون هناك تعريف الرسول وتعريف النبي، والفرق بينهما، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه، وأشهرها كتابه: "النبوات": "الرسول من أوحي إليه بشرع، بخلاف النبي فإن النبي يبعث بشريعة من قبله، كأنبياء بني إسرائيل، يُبعثون بالدعوة إلى التوراة التي نزلت على موسى عليه السلام".
    وقد يوحى إلى النبي وحي خاص في بعض القضايا، لكن الغالب أنه يُبعث بشريعة سابقة، كأنبياء بني إسرائيل، أما الرسول فإنه يُبعث بشريعة مستقلّة.
    والمراد بتبليغه هنا: الجهاد والإلزام، أي: أُمر أن يُلزم النّاس باتباعه، ويجاهدهم على ذلك، خلاف النبي فإنه يؤمر بالتبليغ، بمعنى: تعليم النّاس شرع من قبله وإفتائهم فيه. وهذا مأمور به غير الأنبياء، حتى العلماء.
    فالتبليغ الذي معناه التعليم والإفتاء، وبيان الحلال والحرام والحق من الباطل، هذا مأمور به كل من عنده علم، إنما المراد بالتبليغ هنا: التبليغ الخاص الذي هو الإلزام، والجهاد على ذلك. والنبي أيضاً يجاهد. لكن يجاهد على شرع من قبله".


    قول من رأى التفريق بالكتاب


    قال الزمخشري في الكشاف - (ج 4 / ص 301):
    "{مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىّ } دليل بيّن على تغاير الرسول والنبي . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الأنبياء فقال :
    " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً " قيل : فكم الرسل منهم؟ قال : " ثلثمائة وثلاثة عشر جماً غفيراً " والفرق بينهما أن الرسول من الأنبياء : من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه . والنبي غير الرسول : من لم ينزل عليه كتاب وإنما أمر أن يدعو الناس إلى شريعة من قبله".


    إشكال في هذا القول

    قال بدر الدين العيني الحنفي في عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (ج 1 / ص 35):"والرسول عرفه كثير منهم بمن جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه وهذا تعريف غير صحيح لأنه يلزم على هذا أن يخرج جماعة من الرسل عن كونهم رسلا كآدم ونوح وسليمان عليهم السلام فإنهم رسل بلا خلاف ولم ينزل عليهم كتاب".


    قول من رأى أن التفريق بحسب المرسل إليهم

    - قال شيخ الإسلام في النبوات - (ج 1 / ص184-185):
    "فالنبي هو الذي ينبئه الله وهو ينبئ بما أنبأ الله به فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقي الشيطان في أمنيته} وقوله: {من رسول ولا نبي} فذكر إرسالا يعم النوعين وقد خص أحدهما بأنه رسول فإن هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف الله كنوح وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بعث إلى أهل الأرض. وقد كان قبله أنبياء كشيت وإدريس وقبلهما آدم كان نبيا مكلما قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام. فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم لكونهم مؤمنين بهم كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عن الرسول وكذلك أنبياء بني إسرائيل يأمرون بشريعة التوراة وقد يوحى إلى أحدهم وحي خاص في قصة معينة ولكن كانوا في شرع التوراة كالعالم الذي يفهمه الله في قضية معنى يطابق القرآن كما فهم الله سليمان حكم القضية التي حكم فيها هو وداود فالأنبياء ينبئهم الله فيخبرهم بأمره وبنهيه وخبره وهم ينبئون المؤمنين بهم ما أنبأهم الله به من الخبر والأمر والنهي فإن أرسلوا إلى كفار يدعونهم إلى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ولا بد أن يكذب الرسل قوم قال تعالى:{ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون} وقال: {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} فإن الرسل ترسل إلى مخالفين فيكذبهم بعضهم وقال: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين} وقال: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} فقوله: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} دليل على أن النبي مرسل ولا يسمى رسولا عند الإطلاق لأنه لم يرسل إلى قوم بما لا يعرفونه بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حق كالعلم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "العلماء ورثة الانبياء" وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فإن يوسف كان رسولا وكان على ملة إبراهيم وداود وسليمان كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة قال تعالى عن مؤمن آل فرعون: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا} وقال تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما}"انتهى كلام شيخ الإسلام .
    وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي في شرح العقيدة الطحاوية - (ج 1 / ص 62):
    " والصواب أن الفرق بين النبي والرسول: أن الرسول هو الذي يرسل إلى أمة كافرة فيؤمن به بعضهم ويكفر به بعضهم، نوح -عليه الصلاة والسلام- أرسل إلى الكفار، آمن به بعضهم وكفر به بعضهم، هود رسول، صالح رسول.
    والذين أرسلوا بشرائع يرسلون إلى أمم كافرة، وينزل عليهم شرائع، أوامر ونواهٍ، يؤمن به بعضهم، ويكفر به بعضهم، مثل نوح، وهود، وصالح، وشعيب، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
    أما النبي فهو الذي يرسل إلى قوم مؤمنين -ما يرسل إلى الكفار- يرسل إلى قوم مؤمنين، ويكلف بالعمل بشريعة سابقة، فمثلا آدم -عليه الصلاة والسلام- نبي، لكنه نبي إلى بنيه، ولم يقع الشرك في زمانه، وشيث نبي.
    ولهذا كان نوح أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد وقوع الشرك، فنوح أول رسول بعثه الله بعد وقوع الشرك، ولأنه أرسل إلى بنيه وإلى غير بنيه، أما آدم قبله، وكذلك أيضا شيث قبله، لكن ما وقع الشرك، وقعت المعاصي كما قتل قابيل أخاه هابيل".

    قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ - (ج 1 / ص 79):
    "النبي هو من أَوْحَى الله إليه بشرعٍ لنفسه أو أَمرَه بالتبليغ إلى قوم موافقين؛ يعني موافقين له في التوحيد.
    والرسول: هو من أَوْحى الله إليه بشرع وأُمِرَ بتبليغه إلى قوم مخالفين".
    و في شرح الطحاوية :
    "ولهذا لم تأت كلمة التكذيب إلا في تكذيب الرسل، لأنهم يرسلون إِلَى قوم كافرين فيكذبونهم".

    قال الألباني في السلسلة الصحيحة (6/167):
    " و يبقى تعريف النبي بمن بعث لتقرير شرع سابق ، والرسول من بعثه الله بشريعة يدعو الناس إليها ، سواء كانت جديدة أو متقدمة . والله أعلم"

    الترجيح

    بعد الاطلاع على آراء العلماء السابقة في بيان الفرق بين الرسول والنبي لعلنا نجد التفريق الأخير هو أقرب الأقوال للصواب في هذه المسألة التي تحتمل الاجتهاد فيكون الفرق بين النبي والرسول أن الرسول من أوحي إليه بشرع جديد أو سابق وأمر بتبليغه قوما كفارا لا يؤمنون به والنبي من أوحى الله إليه لتقرير شرع سابق وأمر بتبليغه قوما مؤمنين به بدليل قوله تعالى :
    { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيّ ُونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} [لمائدة:44].ويشكل على هذا القول بأن الراجح أن آدم نبي وليس رسولا ولم يبعث بإقرار شرع قبله لعدم وجود شرع قبله فيمكن أن نستثني آدم من ذلك لعدم وجود شرع قبله ونبقي ما عداه في هذا التعريف ويمكن أن نقتصر في بيان الفرق بين الرسول والنبي بأن الرسول من يرسل إلى قوم كفار مخالفين له والنبي من يرسل إلى قوم مؤمنين موافقين له . والله تعالى أعلم .
    كتبه أبو معاوية غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2016
    المشاركات
    1,147

    افتراضي

    وكذلك ادريس عليه السلام لانه قبل نوح فهو نبي وليس برسول

  3. #3

    افتراضي

    جزاك الله خيرا
    وأقول: لا يخفى عليك أخي الكريم تحقيقات بحر العلوم ابن تيمية -رحمه الله- في مثل هكذا مسائل؛ لذلك فأنا أفيدك بالفروق التي حققها -رحمه الله-، وقد
    جمعها د. الطويان محقق كتاب "النبوات" من كلام شيخ الاسلام -في نفس الكتاب له- (2/718) فقال : " ويمكن تلخيص هذه الفروق فيما يلي:


    النبيّ: هو من يُنبئ بما أنبأ الله به، ولا يُسمّى رسولاً عند الإطلاق؛ لأنه لم يُرسل إلى قوم بما لا يعرفونه، بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حقّ؛ كالعالم. ولهذا قال النبيّ صلى الله عليه وسلم عن العلماء: "العلماء ورثة الأنبياء"؛ إذ النبيّ يعمل بشريعة من قبله.
    فالأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم، لكونهم مؤمنين بهم؛ كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عن الرسول. وكذلك أنبياء بني إسرائيل يأمرون بشريعة التوراة، وقد يوحى إلى أحدهم وحي خاص في قضية معينة، ولكن كانوا في شرع التوراة كالعالم الذي يفهمه الله في قضية ما معنى يُطابق القرآن.
    فالأنبياء يُنبئهم الله؛ فيخبرهم بأمره، ونهيه، وخبره، وهم ينبئون المؤمنين بهم ما أنبأهم الله من الخبر، والأمر، والنهي.


    الرسول: هو من أنبأه الله وأرسله إلى من خالف أمره، ليبلغه رسالة ً من الله إليه؛ فهو رسول. فالرسل: من أُرسلوا إلى كفار يدعونهم إلى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له. ولا بُدّ أن يُكذّب الرسلَ قومٌ؛ قال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} ، وقال تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} ؛ فإنّ الرسل ترسل إلى مخالفين، فيكذبهم بعضهم.
    والرسول يُسمّى رسولاً على الإطلاق؛ لأنّه يُرسل إلى قوم بما لا يعرفونه. وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة؛ فإنّ يوسف عليه السلام كان رسولاً، وكان على ملة إبراهيم عليه السلام، وداود وسليمان عليهما السلام كانا رسولين، وكانا على شريعة التوراة.




    وانظر أقوال العلماء مفصّلة في هذه المسألة، في: تفسير الطبري 17189. وأعلام النبوة للماوردي ص 37-38. والفرق بين الفرق للبغدادي ص 342. والشفا للقاضي عياض 1251. وشرح المقاصد للتفتازاني 2173. وتفسير القرطبي 1254. وزاد المعاد لابن القيم 143. وطريق الهجرتين له ص 349. وشرح الطحاوية ص 167. وأنوار التنزيل وأسرار التأويل 457. ولوامع الأنوار البهية 149. وأضواء البيان للشنقيطي 5735. ورحلة الحج له ص 136-137 .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    القول السلفي في الفرق بين الرسول والنبي

    رابط الموضوع:
    http://www.alukah.net/Sharia/0/47223/#ixzz2GdA2BT2h
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •