علاقة ابن القيم بابن تيمية
كان تاريخ اللقاء بين ابن القيم وابن تيمية سنة 712هـ، وكانت سنُّ ابن القيم إذ ذاك 21 عاماً، وقد لازم ابن القيم شيخه ابن تيمية إلى أن مات شيخه سنة 728هـ( ).
وقد أعلن ابن القيم عن توبته من بعض المهالك بعد اتصاله بابن تيمية –رحمه الله تعالى- ، ...
ولمَّا أحس ابن تيمية من تلميذه الرغبة الصادقة في العلم أخذ يتعاهده بألوان من النصائح، ومن ذلك ما حكاه ابن القيم:
"وقال لي شيخ الإسلام –رضي الله عنه- وقد جعلت أورد عليه إيراداً بعد إيراد : لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليك صار مقراً للشبهات أو كما قال، فما أعلم أنني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك".( )
وقد ظل ابن القيم يشارك شيخه في أعماله وأحواله، وقد امتحن وأوذي مرات وأهين وطيف به على جمل مضروباً بالدرة، وحبس مع ابن تيمية منفرداً عنه ولم يفرج عنه إلا بعد موت ابن تيمية –رحمه الله تعالى-.( )
وقد اعتز ابن القيم بشيخه اعتزازا كبيرا ومدحه كثيراً في كتبه ....
وأوردُ هنا كلاماً مؤثراً لابن القيم في كتابه القيم " الوابل الصيِّب من الكلم الطيِّب" وهو يتحدث عن شيخه قائلا : " ...وعلم الله ما رأيت أحدا أطيب عيشا منه قط ، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها ، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق ، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشا ، وأشرحهم صدرا ، وأقواهم قلبا ...تلوح نضرة النعيم على وجهه ، وكنا إذا اشتد بنا الخوف ،وساءت منا الظنون ، وضاقت بنا الأرض أتيناه ، فما هو إلا أن نراه ، ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحا وقوة ويقينا وطمأنينة..." ( )
وابن القيم ليس نسخةً من شيخه –رحمه الله- كما يظن بعض الناس( )، بل له شخصيته العلمية المستقلة وإن وافق في كثير من آرائه شيخه ابن تيمية، ومما يدل على شخصيته المستقلة مخالفته لابن تيمية في بعض الاختيارات، ومن دراستنا هذه فقد خالف شيخه في مسألة علة الربا، وكذلك فإن ابن القيم –رحمه الله- قد بحث مسائل لم توجد عند شيخه ابن تيمية ، وفي هذه الدراسة ـ يعني الرسالة ـ (7) مسائل اختار ابن القيم فيها قولا ً ولم يكن لشيخه فيها اختيار
رحم الله علماءنا وألحقنا بهم متبعين غير مبتدعين