تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: أريد ردا مختصرا على كلام هذا العلماني لاسيما تنفيره من حكم الإسلاميين بسبب تقاتلهم ..

  1. #1

    Question أريد ردا مختصرا على كلام هذا العلماني لاسيما تنفيره من حكم الإسلاميين بسبب تقاتلهم ..

    44725‏السنة 133-العدد2009مايو20‏25 من جمادى الاولى 1430 هـالأربعاءالأهرام المصرية



    حين يحكم البشر باسم السماء‏!‏
    بقلم: نبيــل عـمـــر


    بعض الأصدقاء لايكفون عن العتاب كلما كتبت كلاما لا يعجبهم عن الدين والدولة والسياسة ويشتد عتابهم مع عدم قبولي فكرة أن الإسلام دين ودولة‏,‏ وقد قابلني أحدهم اخيرا غاضبا‏:‏ يعني نحتجزه في المسجد والشعائر‏..‏ هل تنكر شرع الله؟‏!‏

    فقلت له‏:‏ لا علي الاطلاق‏,‏ الإسلام دين ومجتمع ويستحيل احتجازه داخل المسجد‏,‏ لكن المجتمع غير الدولة ولايمكن ان تكون الدولة شرطا من شروط الإسلام‏,‏ فإذا لم نؤسس هذه الدولة ينقص ديننا ويختل إيماننا‏,‏ كيف يمكن أن نجمع كل المسلمين في دولة واحدة فيها الصيني المسلم والياباني المسلم والأمريكي المسلم والتركي المسلم والشيلي المسلم والهندي المسلم والبرازيلي المسلم والمصري المسلم معا في كيان سياسي واحد له حدود وأرض وسلطة‏,‏ هذا مستحيل‏,‏ والأصعب أنك تفرض علي المسلمين في أي دولة في العالم ـ كجزء من إيمانهم ـ أن يعملوا سرا أو جهرا علي تأسيس دولة لهم مستقلة عن الدولة الأم وتحرضهم علي ذلك‏,‏ بينما يمكن ان يشكلوا مجتمعا مسلما في أي دولة من هذه الدول‏,‏ مجتمعا له عاداته وتقاليده وقيمه وبعض أحكامه الخاصة‏,‏ وهو مايحدث فعلا في الغرب أو الشرق في الدول التي ليس فيها أغلبية مسلمة‏.‏

    قال‏:‏ لكن الإسلام فيه نظرية سياسية ونظرية اقتصادية تصلحان لتأسيس دولة‏..‏

    قلت‏:‏ فيه بضعة مباديء عامة لم تصل الي مرتبة النظرية‏,‏ وهذه حكمة الله سبحانه وتعالي لأن النظريات في العلوم الإنسانية ومنها السياسية والاقتصادية تتغير من زمان إلي زمان ومن مكان الي مكان‏,‏ وقد يصل هذا التغيير الي النظريات العلمية المادية‏,‏ ولم تعرف البشرية نظرية ثابتة مستقرة‏,‏ فنظرية الحكم في القبيلة غير نظرية الحكم في المملكة أو الإمبراطورية كما عرفها العالم القديم‏,‏ وغير نظرية الحكم في الدولة الحديثة‏,‏ واقتصاد الرعي غير اقتصاد الزراعة غير اقتصاد المجتمع الصناعي‏..‏ لأن عوامل الانتاج وتوزيع الثروة مختلفة الي حد كبير‏,‏ ولهذا تطورت المجتمعات من حال إلي حال ويستحيل ان توجد نظرية شاملة تصلح لكل عصر وزمان وأدوات إنتاج‏..‏

    قال‏:‏ فيه مئات الكتب والدراسات في نظام الحكم والاقتصاد الإسلامي‏.‏

    قلت‏:‏ هذا صحيح لكنها تقوم علي النظريات السياسية والاقتصادية في الغرب مع اضافة قواعد أخلاقية إليها وبعض مبادئ المعاملات التي شرعها الله في القرآن‏..‏ تم تسميتها إسلامية‏.‏

    ورويت له حكاية وقعت قبل سنوات طويلة‏..‏ حين تعرفت علي أستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالسعودية وسألته‏:‏ ماذا تدرس؟‏!‏ فأجاب‏:‏ إدارة إسلامية‏,‏ فتعجبت‏:‏ ماهي الإدارة الإسلامية؟‏!‏ أعرف أن عمر بن الخطاب أخذ نظام الدواوين من الفرس لأن العرب لم يعرفوا مطلقا أي نظم إدارة في البيداء‏..‏ فرد‏:‏ هذا علم حديث‏,‏ فطلبت منه نسخة من الكتاب الذي يدرسه لطلابه‏,‏ فأتاني به وتصفحته فوجدته يماثل كتاب التنظيم والادارة الذي كنت أدرسه في كلية التجارة مع اضافات عن الأخلاق والقيم وحسن معاملة الموظفين للمواطنين والعملاء‏..‏ الخ‏.‏

    فسألني الصديق‏:‏ وماذا تقصد؟‏..‏ وماعلاقة هذا بالسياسة والدولة في الإسلام؟

    قلت‏:‏ نظام الحكم في الدولة الحديثة ليس هو الشوري ولا مجلس الحل والعقد ولا أمير لكل جماعة وإنما هو علاقات شبه متوازنة بين مؤسسات الدولة بعضها ببعض‏,‏ المواطن فيها هو السيد والحكم‏,‏ علاقة مجلس الشعب بالسلطة التنفيذية بالقضاء ودور المحكمة الدستورية وهذه علاقات حديثة مع نشوء الدولة القومية في القرن الثامن عشر ومابعدها‏,‏ ولم تكن موجودة بهذا الشكل في التاريخ القديم لكن كان فيه نظريات في الحكم منذ أفلاطون وجمهوريته‏.‏

    وطبعا في الدولة الإسلامية لابد أن يكون قضاة المحكمة الدستورية من الشيوخ والدعاة حتي يفصلوا في مدي دستورية القوانين الصادرة من البرلمان ومدي انطباقها مع تفسيراتهم البشرية الاجتهادية للشريعة وهذا خطر فادح علي الدولة المدنية ويحولها في النهاية الي دولة دينية‏,‏ أي يحكم فيها البشر باسم الله ومن يعارضهم فهو يعارض الله‏,‏ تخيل مع حكومة مدنية مستبدة لا نستطيع أن نسقطها فمابالك مع حكومة تزعم أنها تحكمنا باسم السماء؟‏!‏

    عموما يكفينا الدماء التي سالت علي مدي تاريخ المسلمين باسم الإسلام السياسي من زمن الخلفاء الراشدين الي زمن جعفر نميري‏..

    قال ممتعضا‏:‏ الخلفاء الراشدون‏..‏ حرام عليك‏!‏

    قلت‏:‏ يارجل العشرة المبشرون بالجنة أغلبهم مات مقتولا بالسيف وكان كل قاتل يرفع كتاب الله‏..‏ وفي معركة الجمل‏..‏ وقفت السيدة عائشة زوج النبي عليه الصلاة والسلام في جانب وحاربت علي بن أبي طالب‏,‏ وكل جيش رفع المصحف علي أسنة الرماح زاعما أنه ينفذ تعاليم الدين الحنيف ورسالته‏,‏ باختصار حين تتسلل السياسة في عباءة الدين الي الناس فهي شر مستطير لم يسلم منه أكثر الناس إيمانا وورعا وتقوي‏.‏

    قال‏:‏ ومارأيك بعد انهيار الاقتصاد العالمي‏,‏ ولو كان العالم يأخذ بالاقتصاد الإسلامي ماحدثت هذه الكارثة وهذا يثبت أن الإسلام دين ودولة‏!‏

    قلت له ضاحكا‏:‏ ياسيدنا الاقتصاد العالمي لم ينهر‏,‏ فمازالت ادوات الانتاج الكبير تعمل‏,‏ الذي انهار هو النظام المالي‏,‏ الطريقة التي كانوا يتصرفون بها في الأموال وسنداتها وأوراقها‏,‏ وبالطبع هي مؤثرة علي النمو الاقتصادي بعدما ضعفت أو تآكلت قدرة المستهلكين علي الشراء لكن إمكانات الاقتصاد الغربي هائلة وهي قادرة علي امتصاص هذه الكارثة في سنوات قليلة ليعود الانتاج بقوة كما حدث في الأزمة العالمية في‏1928‏ ومابعدها‏,‏ ثانيا‏:‏ فليذهب النظام الاقتصادي الحالي الي الجحيم‏..‏ وهذا يثبت أنه لا توجد نظرية ثابتة مستقرة الي الأبد ولست معنيا بالدفاع عن نظرية بعينها‏,‏ فما يصلح هناك قد لا يصلح هنا لو نقلناه نقلا حرفيا ومايصلح عندنا قد لا يصلح عندهم‏,‏ فالاجتهاد متاح ومفتوح لأنه من صنع البشر لكن في النظريات المنسوبة الي الدين الاجتهاد محدود وقد يغلق بدعوي‏(‏ من يجرؤ أن يعدل أو يغير في كلام الله‏),‏ والرسول الكريم حسم المسألة حين قال‏:‏ أنتم أعلم بشئون دنياكم‏,‏ أي أن ثمة أمورا كثيرة في الدنيا متروكا تدبيرها للانسان بشرط أن يلتزم بالعدالة والمصلحة العامة في هذا التدبير‏.‏

  2. #2

    افتراضي رد: أريد ردا مختصرا على كلام هذا العلماني لاسيما تنفيره من حكم الإسلاميين بسبب تقاتله

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    هاك الرد يا أخي الكريم:

    لا شك أن لكل فن أهله، و لكل علم أساتذته.. فمن رام جوابا لسؤال في أي مجال فإنه يرجع إلى أهل التخصص لا غير..

    تخيل رجلا له ابن مريض، ثم هو يستشير صاحبه المثقف على المقهى، فإذا به ينطلق مجيبا عن أسئلته و يرسم العلاج لابنه و يحدد خطوات الطريق للشفاء، بل الأكبر من ذلك أنه يصده عن الذهاب إلى الأطباء، و ينفره عن ذلك، بشتى الدعوات... فما يقول العقلاء في صاحبنا هذا؟

    لا أظن أن الوضع يختلف كثيرا عن حال صاحبنا هنا صاحب المقال.. فقد انبرى مؤصلا لأصول الدين، و محددا لعلاقة الدين بالحياة و بالدولة، و مقعدا لقواعده، و مفرعا لفروعه... إلخ.

    وهو في ذلك نسى أو تناسى أنه ليس مؤهلا للذلك، أعنى لأن يتكلم بلسان من أحاط علما بالشريعة و مقاصدها.

    فهذا الكاتب إما أنه من أعداء الدين و يعترف بذلك، فحينها لا يعتد بأقواله في وصف الإسلام وتعريفه لأنها أتت من عدو..
    و إما أن يقر بأنه مسلم لله، مؤمن بالقرآن، فحينها نطالبه بالبرهان على ذلك، وهو أن يجيب قول الله: {فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.

    هذا أولا في بيان فساد استلام و مناقشة مسائل الدين بهذه الطريقة.


    ثانيا: نقد الأفكار الواردة في المقال:

    -فكرة التفريق بين المجتمع و الدولة، وأن الإسلام يتعلق بالمجتمع ولا يتعلق بالدولة.

    فمما اتفق عليه العقلاء أن الدولة تختلف عن المجتمع، في كونها تمتلك أدوات السيادة و الحكم، والأحكام الإلزامية، بخلاف المجتمع الذي لا يملك هذه الأدوات.

    فنقول إن تكليف المجتمع بأحكام إلزامية واجبة التنفيذ تخص الدماء و الأموال، أمر لا يستقيم ولا يمكن تنفيذه إلا في أحيان استثنائية كحالة العز بن عبد السلام في إقامته للحدود و هو فرد منفصل عن الدولة، و كذلك في حالة شيخ الإسلام ابن تيمية في إقامته للجهاد و نفيره بالناس دون الأمراء لقتال أهل الجبال.

    و إنما تكون الحكمة في توجيه هذه الأوامر إلى الدولة، لأنها الأقدر على تنفيذها و تطبيقها على المجتمع بشكل عام.
    فنجد في الكتاب العزيز: {والسارق و السارقة فاقطعوا أيديهما}، فهل يستطيع المجتمع فعل هذا بدون غطاء من الدولة؟ و مثله الكثير من الأوامر التي ذكرها الله تعالى في كتابه.

    فذكر التوجيهات و الأوامر في الحرب و السلام و في الاقتصاد و الاجتماع إنما يتوجه أساسا إلى الدولة و القائمين عليها و إلى من يقدر على إقامة هذه الأوامر من المسؤولين ورؤساء العشائر و كبار القوم، و يتوجه إلى من يستطيع أن يتعاون مع غيره على إقامة هذه الأوامر و كذلك إلى من يستطيع أن يأمر القادرين على إقامة هذه الأوامر، فكل له حظه على قدر طاقته و ما يقدر عليه.


    -شبهة استحالة قيام دولة متعددة الأعراق.

    هذه شبهة ضعيفة لأن الواقع و التاريخ يكذبانها بكل وضوح، و انظر في التاريخ إلى دولة الخلافة المترامية الأطراف، و انظر في الواقع إلى دولة الهند و إلى دولة الأمريكان، بل انظر إلى دولنا الإسلامية الضعيفة الصغيرة فإن فيها العديد من الأجناس و القوميات.


    -فكرة عدم وضوح التفاصيل في بعض القضايا.

    هذا الإجمال في بعض المواطن لا يدعو أبدا إلى ترك الأوامر المفصلة في مواطن أخرى.. ثم إن المسلم هو من أسلم وجهه إلى الله، فسواء أمر بأمر مجمل أو مفصل وجب عليه الانقياد و الخضوع..

    و كمثال للتفصيل في قضية مثل قضية البطالة (راجع مقال الإسلاميون و البطالة للشيخ عبد المنعم الشحات) التي يؤدي تطبيق الشريعة في المجتمع إلى حل جزء كبير منها مع اختلاف الظروف، ونضرب أمثلة لبعض التشريعات التي تؤدي إلى انخفاض معدل البطالة:
    الأول: من أهمها تحريم الربا، والذي يكون بديله أن أصحاب المدخرات المتوسطة والصغيرة عليهم أن يستثمروها عن طريق العمل وليس عن طريق إعطائها للمستثمرين الكبار بالربا؛ إما مباشرة وإما عن طريق البنوك، وهذا يوفر عددًا لا بأس به من المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ والتي تعاني الدول معاناة كبيرة في محاولة توفيرها لتوفر من خلالها فرص عمل للشباب.

    الثاني: من مصارف الزكاة توفير آلة الحرف للفقير القادر على الكسب والذي لا يجد آلة حرفة، وهي فكرة مطبقة على بعض المستويات في بعض الجمعيات الخيرية.

    الثالث: التربية الإسلامية التي تزهد في متاع الحياة الدنيا -لا سيما المفقود منها- يعين الشباب على القبول بالأعمال الشاقة بدلاً من التسكع انتظارًا للوظيفة المرموقة.

    الرابع: التشريع الإسلامي في شأن المرأة؛ والذي اعتبر مجال عملها الأول هو بيتها -وإن أباح لها العمل كاستثناء وليس قاعدة- يوفر فرص عمل للرجال، ويضمن توزيعًا عادلاً لفرص العمل بين الأسر؛ بخلاف الوضع الحالي الذي يمكن أن تحصل فيه بعض الأسر على فرصتي عمل في مقابل فقدان أسرة أخرى لأية فرصة عمل.
    بالإضافة إلى أن الأسرة التي فيها امرأة عاملة غالبًا ما يرتفع مستوى إنفاقها؛ كنتيجة لارتفاع دخلها ولاحتياج المرأة فيها إلى الكثير من التسهيلات وكثير من الكماليات، ولو أضفنا إلى هذا شيوع التبرج وكم الإنفاق الذي يتم عليه علمنا أن عمل المرأة غالبًا ما يعود إلى تجارات تسحب الثروة إلى خارج البلاد بلا فائدة؛ بل وبفرص عمل محدودة فضلاً عن كونها محرمة في الغالب.

    الخامس: تحريم الإسلام لكثير من صور اللهو، وتحريمه للتكسب من اللهو حتى المباح منه يمنع وجود الصور المثبطة عن العمل؛ كما يحدث الإحباط لدى الشباب عندما يشاهد الدخول الفلكية للفنانين ولاعبي الكرة مما يجعل بعضهم يلهث خلف هذا السراب وبعضهم على الأقل يصيبه الإحباط العام.

    السادس: التشريع الإسلامي في شأن تنظيم إحياء الموات وتمليك الموات لمن أحياه يساعد على سرعة انتشار العمران وتناسبه مع الازدياد في حاجة الناس، وهذا لا يمنع أن الدولة الإسلامية من الممكن أن تسبق إلى إحياء موات ثم تعيد توزيعها بالضوابط التي تراها؛ ولكن هذا لا يمنع من الإقرار لمن أحيا مواتـًا من تلقاء نفسه بحقه الشرعي في تملكه.

    هذه بعض للتشريعات الإسلامية ذات الأثر في علاج قضية البطالة؛ هذا بخلاف مبادئ الشريعة العامة: من العدالة، والإخوة الإيمانية، وحرمة المال العام، وتحريم الرشوة -ولو تحت مسمى الهدية- كل ذلك مما قد تحرمه أيضًا القوانين الوضعية؛ ولكنها لا تستطيع اكتشاف إلا القدر اليسير منه بينما يؤدي التطبيق الشامل للشرع وتربية الناس على هذه المعاني إلى وجود الوازع الإيماني الذي يقلل جدًا من هذه المظاهر.
    هذا كله في حالة التطبيق الشامل للشرع..


    -فكرة أن بعض السنن و التطبيقات الإسلامية مأخوذة من الغير.

    التشريعات هي إما أمر بها الله في وحيه، و إما سكت عنها..
    فما سكت عنها و لم يرد بشأنها ما يمنعها و ثبت بالحس نفعها، فالمؤمن أولى بالنفع أن يأخذه، فما المانع ان يأخذ شيئا نافعا أبيح له مع أن يمتثل أوامر الله الأخرى؟
    وقد سميت إسلامية من باب أنها لا تتعارض مع تعاليم الإسلام.. فما وجه الحكمة في رد أوامر الله بدعوى أن هناك أشياء أباحها لنا الله يشترك معنا فيها الغير؟

    فالعبرة أصلا في النظر إلى أوامر الله، فما كان مباحا جاز لنا أخذه، حتى و إن انتفع به الآخرون أو اخترعه الآخرون، و ما كان حراما وجب علينا تركه.
    ألم تر إلى الجهاد البحري للصحابة في معركة ذات الصواري في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان، مع أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يجاهد أبدا في البحر؟؟ فلماذا أجمع الناس على تسميته جهادا، مع أن هذه الأساليب كانت للروم أصلا؟


    -فكرة أن الحكام الدينيون يظلمون الشعوب باسم السماء.

    هنا جاء الخلط الكبير بسبب استصحاب النفسية الغربية في معالجة الأمور، فنظرية أن الحاكم أو الراهب هو ظل الله في الأرض هي نظرية الكنيسة الغربية. أما في الإسلام، فالحاكم و المحكومون هم جميعا تحت حكم الله.

    انظر إلى نصوص الشريعة في الكتاب و السنة، تجد قوله تعالى: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين} وهذا في حق النبي صلى الله عليه و سلم، وانظر إلى قول النبي صلى الله عليه و سلم: "إنما أهلك الناس قبلكم : أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والذي نفس محمد بيده ، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".

    طبعا عند التطبيق تجد الانحراف لا شك من البشر، وكلما بعدنا عن عصر النبوة كلما زاد الانحراف و قل بالتالي التوفيق، فمن أراد أن يدلل على نقص النظرية من خلال الخلل في التطبيق فقد أبعد النجعة، فكيف لو طبقنا هذا الأسلوب في الحكم على كل النظريات الأرضية التي أثبتت فشلها حتى الآن (تأصيلا و تطبيقا)؟


    -الهمز و اللمز في تاريخ الخلفاء الراشدين.

    فننصح بقراءة الجزء الخاص بالفتن في عصر الصحابة من كتاب العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي بتحقيق محب الدين الخطيب.

    يتضح من أسلوب كاتب المقال التجاهل الشديد للوقائع التاريخية و محاولة التأثير النفسي الخفي على القاريء بالتنفير من عصر الخلافة الراشدة و ذلك من خلال استخدام صيغة الجمع (الخلفاء الراشدين!!) مع أن هذه الفتن لم تقع إلا في عهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب، و لا شك أنه كان مظلوما، و الحمد لله أنه رضي الله عنه كان ابن عم النبي صلى الله عليه و سلم، فما يتهمه بالظلم المتعمد إلا منافق معلوم النفاق.

    ثم إن وقوع الفتن بل وقوع الحروب و إسالة الدماء لا يعني الحكم على مرتكبه بالسوء، إلا إن كان ظالما، ففي عهد النبي صلى الله عليه و سلم سالت دماء المشركين و فرق بين الوالد وولده، فهل نقول أن هذا ظلم؟

    إن الأنبياء لا ينزهون عن الحرب العادلة، فارجعوا إلى التوراة و الإنجيل، لتجدوا النصوص الوافرة في وصف الحروب المقدسة، و كذلك في القرآن العظيم.

    فإن كنا نجادل مؤمنا بالرسالات، فلا شك في إذعانه و تسليمه بأن الأنبياء لا ينزهون عن الحرب العادلة ، و هذا ينسحب على أتباع الأنبياء أيضا!
    وإن كنا نجادل ملحدا، فالأحرى به أن يتوارى خجلا لأن تاريخ الشيوعية و ما فعلته تاريخ أسود حافل بالإبادات الجماعية.

    أما بالنسبة للفتن بين أتباع المرسلين، فللمجتهد منهم المصيب أجران و للمخطئ أجر واحد، أما ما حدث بين الصحابة فأصله يرجع إلى المندسين المتسللين بين كل فريق و الذين أشعلوا القتال و قضوا على محاولات الإصلاح، و قد صلى كل فريق خلف الآخر و لم يكفره، بل ترحموا على بعضهم البعض.
    وقد مر بهم من الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يكفر سيئاتهم إن كانت سيئات، و سوء التقدير و التصرف أو نزول المصائب على الإنسان لا تعني أنه مسيء دائما.
    فالمصائب (ومنها حدوث الفتن) قد تكون لرفع الدرجات و لحكم أخرى قدرية قدرها الله تعالى، فنحن نؤمن أنه لا يقع في ملكه إلا ما شاء، وهذا من كمال قدرته، فهذا قد وقع بأمر الله القدري مع أنه يخالف أمر الله الشرعي (من حقن الدماء و الابتعاد عن الفتن) ولكن قدره الله لمصالح أخرى و حكم يعلمها سبحانه وتعالى، منها رفع الدرجات، و إثبات نبوة رسولنا صلى الله عليه و سلم لأنه أخبر عن هذه الفتن، و قد أمر عليا رضي الله عنه أن يبشر قاتل الزبير بن العوام بالنار، و أخبر عائشة بأنها تمر من موضع معين قريب من موقعة الجمل، و قد خرجت رضي الله عنها للإصلاح و لم تقاتل، و ردها علي رضي الله عنه مكرمة معززة إلى المدينة، وكذلك استفدنا تقرير فقهاء الصحابة والتابعين لأحكام القتال مع الصائل و مع الباغي.

    فما حدث من قتال خلاصته أن الزبير ابن العوام و طلحة و عائشة رضي الله عن الجميع خرجوا ليناصحوا عليا رضي الله عنه، و لكن وقعت مناوشات بالليل بين كل فريق باتفاق من المحرشين و لم يأمر الصحابة بالقتال، فظن كل فريق أن الآخر يهاجمه فوقعت الموقعة.

    وحدوث سوء الفهم أو سوء التقدير لا يعني أن نترك أوامر الله في تشريعاته، بل يعني أن نستفيد من الأخطاء الاجتهادية السابقة و أن يزداد تمسكنا بحبل الله حتى يرزقنا التوفيق.


    -شبهة أن الأمور موكولة إلى تدبير الإنسان

    نعم، ما سكت عنه الشرع فهو موكول إلينا في الجملة، أما ما تكلم فيه الشرع و نزل فيه حكم، أنأخذ به مثل ما اخذنا بقول النبي صلى الله عليه و سلم: "أنتم أعلم بشؤون دنياكم"؟ أم نأخذ شيئا و نترك شيئا فنكون كالذين قال الله عز وجل فيهم: {أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض}؟ و نكون كالذين قالوا: {ويل للمصلين} وسكتوا؟

    اللهم اهدنا فيمن هديت و عافنا فيمن عافيت و تولنا فيمن توليت وز بارك لنا فيما أعطنا و قنا شر ما قضيت، و صل اللهم على محمد و آله و صحبه و سلم.

  3. #3

    افتراضي رد: أريد ردا مختصرا على كلام هذا العلماني لاسيما تنفيره من حكم الإسلاميين بسبب تقاتله

    جــــزاك الله خيرا .........

  4. #4

    افتراضي رد: أريد ردا مختصرا على كلام هذا العلماني لاسيما تنفيره من حكم الإسلاميين بسبب تقاتله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن عباس المصري مشاهدة المشاركة
    جــــزاك الله خيرا .........
    وجزاك ربي خيرا و أحسن إليك.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •