قال الحافظ المنذري في الترغيب و الترهيب في كتاب التوبة و الزهد باب الترغيب في ذكر الموت
(1949):وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والناس حوله أيها الناس استحيوا من الله حق الحياء فقال رجل يا رسول الله إنا لنستحيي من الله تعالى فقال من كان منكم مستحييا فلا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عينيه وليحفظ البطن وما وعى والرأس وما حوى وليذكر الموت والبلى وليترك زينة الدنيا
رواه الطبراني في الأوسط أ.ه
و هذا منه تضعيف لهذا الحديث لأنه صدره بقوله وروي
وكان حكم الشيخ الألباني-يرحمه الله عليه-كما هو في ضعيف الترغيب و الترهيب ج2/347):موضوع
ثم أعاده الحافظ في كتاب البيوع /باب الترغيب في طلب الحلال بعد أن ذكر متن عبد الله بن مسعود فقال
و رواه الطبراني من حديث عائشة مرفوعا
فقال الشيخ -يرحمه الله- في صحيح الترغيب(ج2/319):حسن لغيره
و لا شك أن حكم الشيخ الأول له وجاهته ففي إسناد الحديث خالد بن يزيد العمري كذبه ابن معين و أبو حاتم
ولكن الواضح من صنيع الشيخ أنه في المتن الواحد يحكم على بعض الألفاظ بالحسن و بعضها بالوضع و هذا هو ملخص بحثه في ضعيفته(11/425)
فقد قال:حديث أيها الناس استحيوا من الله حق الحياء . فقال رجل : يا رسول الله إنا لنستحيي من الله تعالى فقال : من كان منكم مستحييا من الله حق الحياء فلا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عينيه وليحفظ البطن وما وعى والرأس وما حوى وليذكر الموت والبلى وليترك زينة الحياة الدنيا
قال بعد أن بين أن في إسناده كذاب وقد روي الحديث من طرق أخرى عن ابن مسعود و غيره دون الزيادة المذكورة و هو بذلك يرتقي إلى مرتبة الحسن و إنما أخرجته هنا لهذه الزيادة التي تفرد بها هذا الكذاب أ.ه
قلت و هذه الزيادة هي :لا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عينيه
و هذه على منهج الشيخ يشهد لها الكثير و في الصحيح حديث ابن عمر مرفوعا كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل فكان ابن عمر يقول إذا أصبحت فلا تنتظر المساء و إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح
و قد حسن الشيخ لشواهده حديث أبي هريرة يقول : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : يا ابن آدم ! اعمل كأنك ترى ، و عد نفسك مع الموتى ، و إياك
و دعوة المظلوم " . أخرجه أحمد ( 2 / 343 ) .
و هو ضعيف
فأين النكارة التي استهجنها الشيخ -رحمه الله-في قول الراوي لا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عيني
و الخاتمة أن الحكم على حديث عائشة بالوضع أو النكارة هو الأقرب
و لو توسطالشيخ فحكم عليه بالضعف ثم حسنه لأثر ابن مسعود لزال الإشكال عندي
و كل هذا لا يقدح في إمامة هذا الإمام في علم الحديث-يرحمه الله-وقد يكون حكمي خطىء وحكم الشيخ هو المقدم
و الله تعالى أعلم