9- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ‏:‏ ‏"‏ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ‏.‏ "‏

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الشرح‏:‏
قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ هذا أول حديث وقع ذكره فيه‏.‏
ومجموع ما أخرجه له البخاري من المتون المستقلة أربعمائة حديث وستة وأربعون حديثا على التحرير‏.‏
وقد اختلف في اسمه اختلافا كثيرا قال ابن عبد البر‏:‏ لم يختلف في اسم في الجاهلية والإسلام مثل ما اختلف في اسمه، اختلف فيه على عشرين قولا‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏بضع‏)‏ بكسر أوله، وحكى الفتح لغة، وهو عدد مبهم مقيد بما بين الثلاث إلى التسع كما جزم به القزاز‏.‏
وقال ابن سيده‏:‏ إلى العشر‏.‏
وقيل‏:‏ من واحد إلى تسعة‏.‏
وقيل‏:‏ من اثنين إلى عشرة‏.‏
وقيل‏:‏ من أربعة إلى تسعة‏.‏
وعن الخليل‏:‏ البضع‏:‏ السبع‏.‏
ويرجح ما قاله القزاز ما اتفق عليه المفسرون في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏فلبث في السجن بضع سنين‏.‏ ‏(‏
وما رواه الترمذي بسند صحيح‏:‏ أن قريشا قالوا ذلك لأبي بكر، وكذا رواه الطبري مرفوعا، ونقل الصغاني في العباب أنه خاص بما دون العشرة وبما دون العشرين، فإذا جاوز العشرين امتنع‏.‏
قال‏:‏ وأجازه أبو زيد فقال‏:‏ يقال‏:‏ بضعة وعشرون رجلا وبضع وعشرون امرأة‏.‏
وقال الفراء‏:‏ وهو خاص بالعشرات إلى التسعين، ولا يقال‏:‏ بضع ومائة ولا بضع وألف‏.‏
ووقع في بعض الروايات بضعة بتاء التأنيث ويحتاج إلى تأويل‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏وستون‏)‏ لم تختلف الطرق عن أبي عامر شيخ شيخ المؤلف في ذلك، وتابعه يحيى الحماني - بكسر المهملة وتشديد الميم - عن سليمان بن بلال، وأخرجه أبو عوانة من طريق بشر بن عمرو عن سليمان بن بلال فقال‏:‏ بضع وستون أو بضع وسبعون، وكذا وقع التردد في رواية مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار، ورواه أصحاب السنن الثلاثة من طريقه ‏(‏1/52‏)‏ فقالوا‏:‏ بضع وسبعون من غير شك، ولأبي عوانة في صحيحه من طريق ست وسبعون أو سبع وسبعون، ورجح البيهقي رواية البخاري لأن سليمان لم يشك، وفيه نظر لما ذكرنا من رواية بشر بن عمرو عنه فتردد أيضا لكن يرجح بأنه المتيقن وما عداه مشكوك فيه‏.‏
وأما رواية الترمذي بلفظ أربع وستون فمعلولة، وعلى صحتها لا تخالف رواية البخاري، وترجيح رواية بضع وسبعون لكونها زيادة ثقة - كما ذكره الحليمي ثم عياض - لا يستقيم، إذ الذي زادها لم يستمر على الجزم بها، لا سيما مع اتحاد المخرج‏.‏
وبهذا يتبين شفوف نظر البخاري‏.‏
وقد رجح ابن الصلاح الأقل لكونه المتيقن‏.