تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 23

الموضوع: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وحده، وبعد:
    فقد نُشر في موقع الألوكة الأم تخريج لحديث عائشة -رضي الله عنها- في الدعاء ليلة القدر، كتبه الأخ (بهاء الدين الزهري).

    وقد رأيت في هذا التخريج من الخلل: منهجيًّا، وعلميًّا.

    أما المنهجي؛ فهو إغلاظه وتهجُّمه على مخالفه في قضايا علمية دقيقة، يسوغ الخلاف فيها أكثر مما يسوغ في غيرها، ومن ذلك قوله: (ولقائل أن يَقول متهوِّرًا...)، وقوله: (قد رُمْت هدْم الشَّريعة، مقيِّدًا نفسَك بأغلال التمسُّك بالقواعد بلا روح ولا حياة)، وقوله: (فيقول متعسِّفًا...).
    وهذا -فيما أرى- ليس من أدب الخلاف العلمي، خاصة أن الباحث نفسَه هو الذي دعا في آخر بحثه قائلاً: (فالرِّفقَ الرفق، والأناة الأناةَ، والإنصافَ الإنصاف).

    أما الخلل العلمي؛ فإنه في مواضع عدة، أسردها مع التعليق عليها فيما يلي؛ مصنَّفةً إلى صنفين -فيما أرى-:

    الصنف الأول: قضايا أساسية:

    1- قال: (تابعه سفيان الثَّوري وروايته عنه قبل الاختلاط، واختلف عليْه فيها.
    رواه إسحاق (1362)، والبيهقي في الأسماء والصفات (92)، عن عمرو بن محمد العنقزي، والنسائي في الكبرى (10712)، من طريق مخلد بن يزيد، والقضاعي (1475)، من طريق علي بن قادم، (ثلاثتهم)، عن سفيان الثوري، عن الجريري به.
    ورواه أحمد (6/ 258)، والنَّسائي في الكبرى (10713)، وأبو يعلى في معجمه (403)، والطَّبراني في الدعاء (916)، والحاكم (1/712)، والقضاعي (1478)، من طريق الأشْجعي، عن سفيان الثَّوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن عائشة به.
    وإسنادُه صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخَين، والأشجعي هو عبيد الله بن عبيد الرحمن ثقة إمام ثبت مأمون، من أثبت النَّاس كتابًا في الثوري، فكلا الطَّريقين محفوظان عن الثوري) انتهى كلامه.

    وفي هذا الموضع من الملاحظات ما يلي:
    أ- فاته إسنادُ ابن منده -في التوحيد (303) ومن طريقه قوام السنة في الترغيب والترهيب (2197)- روايةَ النعمان بن عبدالسلام عن الثوري كرواية الجماعة، وإسنادُ قوام السنة في الترغيب والترهيب (1799) روايةَ محمد بن يوسف الفريابي، وتعليقُ الدارقطني -في العلل (15/88)- روايةَ إسحاق الأزرق عن الثوري كذلك.

    ب- اعتماده تسمية الراوي عن عائشة في رواية الأشجعي عن الثوري: سليمان بن بريدة، وهذا محل نظر، وفيه تفصيل بيانه كما يلي:
    حيث إنه قد رواه عن الأشجعي اثنان:
    أحدهما: فرات بن محبوب -وهو ثقة، ذكره ابن حبان في الثقات (9/13)-، وقال الدارقطني -في العلل (1/184)-: (وكان كوفيًّا لا بأس به)، ولم يسمِّ ابن بريدة في روايته هذه،
    الثاني: أبو النضر هاشم بن القاسم، واختُلف عنه في تسمية ابن بريدة:
    - فرواه عنه العباس بن عبدالعظيم وأبو بكر بن أبي العوام الرياحي وسميا ابن ابريدة: سليمانَ بن بريدة،
    - ورواه عنه أحمد بن حنبل وأبو بكر بن النضر بن أبي النضر وحجاج بن يوسف الشاعر ولم يسموا ابن بريدة.
    وتسمية ابن بريدة في هذا الإسناد لها أهمية، فإنه لو ثبت أن ابن بريدة في الإسناد هو سليمان، ثم ثبتت رواية سفيان عن علقمة بن مرثد= اتصل الحديث وصار صحيحًا.
    والناظر إلى الاختلاف عن أبي النضر يرى أن الأكثر والأوثق والأخصَّ بأبي النضر يروونه عنه بلا تسمية لابن بريدة، فهم ثلاثة أمام اثنين، وفيهم إمام الحفاظ أحمد بن حنبل، وفيهم حفيد أبي النضر: أبو بكر، وهو من الثقات، ومعلوم ما في كون الرواية عن الجد من اختصاص، ثم إن المتابع لأبي النضر (فرات بن محبوب) لم يسمِّ ابن بريدة أيضًا، وهذا يقوِّي وجه عدم تسمية ابن بريدة عن أبي النضر.
    فالرواية في هذا بعدم تسمية ابن بريدة أرجح.
    قال الشيخ الألباني -في السلسلة الصحيحة (7/1011)، بعد أن ذكر تعيين الراوي في رواية الأشجعي عن الثوري بسليمان بن بريدة-: (... على أن الإمام أحمد أخرج الحديث (6/258) من الطريق المذكورة دون تسمية ابن بريدة، وكذلك الطبراني في «الدعاء» (2/1228/916). فيبدو لي أن الحديث حديث عبدالله، وأن ذكر (سليمان) شاذ، والله أعلم.
    وكان الغرض من ذكر الحديث من روايته دفع الإعلال بالانقطاع؛ لأن (سليمان) لم يقل فيه أحد ما قالوا في أخيه، ولكن ما دام أنه لم يصح ذكره؛ فلم يتحقق الغرض...) انتهى كلام الألباني -رحمه الله-.

    ج- رجَّح الباحث أن الطريقين محفوظان عن الثوري، مع أنه ظهر له مخالفة ثلاثة من الرواة للأشجعي، ويُزاد عليهم -كما سبق- ثلاث ثقات مأمونين: النعمان بن عبدالسلام، ومحمد بن يوسف الفريابي، وإسحاق الأزرق. والنعمان له اختصاص بالثوري، والفريابي معدود في أصحاب سفيان الرفعاء، وإن لم يكن في الطبقة الأولى منهم.
    واعتمد الباحث في تصحيح رواية الأشجعي: ما ذكره بقوله عنه: (ثقة إمام ثبت مأمون، من أثبت النَّاس كتابًا في الثوري)، وهذا مسلَّم، والأشجعي مقدَّم في الثوري كذلك، إلا أن له إغرابات وانفرادات، وليس من لازم الثبت ألاّ يخطئ، واجتماع الرواة عن الثوري دليل على خطئه هنا.
    وهذا ما رجحه الحافظ إمام العلل الدارقطني، حيث قال -في العلل (15/88، 89)-: (فأما الجريري فرواه عنه الثوري، واختلف عنه:
    - فقال إسحاق الأزرق عن الثوري، عن الجريري، عن عبدالله بن بريدة، عن عائشة،
    - وخالفه الأشجعي، فرواه عن الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن عائشة،
    وقول الأزرق أصح). ولاحظ أن الدارقطني لم يذكر فيمن خالف الأشجعي إلا الأزرق، ومع ذلك فقد رجح روايته.
    وكان على الباحث -وفقه الله- أن يستقصي كلام الأئمة في الاختلاف الذي ذكره.

    2- قال الباحث: (روى عبد الله بن بريدة عن أبيه (ت: 63)، وعن معاوية (ت: 60)...، وابن عمر (ت: 73)، وروايته عنهم ثابتةٌ في الصَّحيح وغيره، وسماعه منهم غير مُنْكر...)، إلى أن قال: (فإن كان لم يخرج إلى مرو قبل ذلك، وقد صحَّ سماعه من ابن عمر، فقد تيقنَّا أنَّه سمعه من قبل خروجه إلى مرو، وابن عمر مقامه بالمدينة، وكذلك عائشة مقامها بالمدينة، فما يبعد سماعه منها، على أنَّ روايته عن عمران في البخاري، وقد صرَّح بالسماع، هذه واحدة).
    وتصحيح الباحث سماعَ ابن بريدة من ابن عمر ينقضه حكم إمام حافظ ناقد، حيث سأل ابنُ أبي حاتم أباه -كما في العلل (2/184)-، قال: ... فابن بريدة أدرك ابن عمر؟ قال: (أدركه، ولم يَبِنْ سماعُهُ منه).
    ويحتاج مع هذا النص أن يثبت صحة سماع ابن بريدة من ابن عمر، ولا أظنه يمكنه.
    وأما حديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول إذا أخذ مضجعه: «الحمد لله الذي كفاني وآواني...»؛ فإنه معلول، وليس هذا موطن بيان علته، وقد بيَّنها أبو حاتم -كما في الموضع المعزوِّ إليه قبلُ من علل ابنه-.
    وهناك دلائل أخرى تثبت الانقطاع.
    فانتقضت هذه الواحدة.

    3- قال الباحث: (وقد صحَّ شهودُه مقتل عثمان يوم الدَّار، رواه ابنُ عساكر (27/ 129) من طريق أبي زرعة، حدَّثنا أحمد بن شبويه، حدَّثنا الفضْل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة قال: جئتُ إلى أمِّي يوم قتل عثمان، فقلت: يا أمَّه، قُتِل الرجل، فقالت: يا بنيَّ، اذْهَب فالْعب مع الغِلْمان.
    وكان سنُّه يومئذٍ نحو 20 عامًا، فقد كان مولِده في عهْد عُمر سنة 15 هـ، وأمَّا قوْل والدتِه له، فتعْنِي قطعًا أنَّ هذا الأمر ليس إليْك، ولا شأْنَ لك به، وإلاَّ فهذه السِّنُّ - كما لا يخفى - ليست سنَّ الغلمان، وهي سنُّ التحمُّل والأداء باتِّفاق، ومهْما يكن من أمر فما يبعد سماعه منها كذلك، وقد علِمنا أنَّه لم يخرج من المدينة قبل هذه السِّن، وهذه كافية وهي الثَّانية...).

    وفي هذه الثانية نظر من وجهين:
    أ- أما جزمه بتاريخ مولد ابن بريدة؛ فمستفاد من ابن حبان، وابن حبان استفاده من كلمة رويت عن ابن بريدة، قال: (ولدت لثلاث خلون من خلافة عمر)، ويشير إلى استفادة ابن حبان المباشرة من هذه الكلمة: أنه عبَّر بها -في مشاهير علماء الأمصار (ص125)-، قال: (كان مولده لثلاث سنين مضين من خلافة عمر بن الخطاب).
    وقول ابن بريدة هذا جاء من طريق أبي تميلة، عن رميح بن هلال الطائي، عنه، وقد قال أبو حاتم في رميح بن هلال -كما في الجرح والتعديل (3/522)-: (مجهول، لا يعرف، لا أعلم روى عنه غير أبي تميلة)، وقال ابن حبان -كما في الميزان (2/54)-: (ينفرد عن المشاهير بالمناكير)، فهذه الرواية ساقطة، ولعله لذلك مرَّض القول بها أبو نصر الكلاباذي -في رجال البخاري (1/398)-.
    فهذا القول من ابن حبان أو غيره لا يصح اعتماده، ولا يصح أن يُتكَلَّف الجواب عن النصوص التي تخالفه؛ مع كون حاله كما وصف.
    نعم، معتمدٌ عند العلماء أنه ولد في خلافة عمر، لكن التحديد المذكور هو موضع الردّ، خاصة أنه ورد عن أم ابن بريدة ما ينقضه.

    ب- أما الجواب عن قول والدة ابن بريدة له: (يا بنيَّ، اذْهَب فالْعب مع الغِلْمان) بأنه يعني: أن هذا الأمر ليس إليك، ولا شأن لك به، فهذا صحيح جدًّا، إلا أن الجزم بأنه كان يومها في نحو العشرين من عمره ساقط؛ لسقوط مستنده.
    ويبقى كلام أم عبدالله بن بريدة على ظاهره؛ من حيث إنه لا شأن له بمقتل عثمان -رضي الله عنه-؛ لكونه غلامًا صغيرًا، ومن حيث إنه لا يُقال: (يا بني، اذهب فالعب مع الغلمان) إلا للغلمان.
    وهذا هو فهم الحافظ ابن عساكر؛ حيث أورد هذا القول في سياق ذكر تاريخ مولد ابن بريدة -في ترجمته في تاريخ دمشق (27/128، 129)-، وأراد بذلك أن يبيِّن أنه كان غلامًا صغيرًا حين قتل عثمان -رضي الله عنه-.
    وقد ورد أن ابن بريدة قال: (شهدت الدار يوم قتل عثمان فرأيت الحسن بن علي معه)، وفي إسناد هذه الرواية نظر، ولو صحت؛ فإن شهود عبدالله بن بريدة الدار يوم قتل عثمان لا يتنافى مع كونه صغيرًا وقتها، فقد يشهد الوقعة صغيرًا ويعرف بعض شاهديها.
    هذا، وقد خولف ابن حبان في سياقِهِ رحلةَ بريدة وابنيه أصلاً، فقد قال ابن سعد -في طبقاته (7/8)- في الكلام عن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه-: (ثم هاجر إلى المدينة فلم يزل بها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وغزا معه مغازيه بعد ذلك، حتى قبض النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفتحت البصرة ومصرت، فتحول إليها واختط بها وبنى بها دارًا، ثم خرج منها غازيًا إلى خراسان في خلافة عثمان بن عفان، فلم يزل بها حتى مات بمرو في خلافة يزيد بن معاوية)، واعتمد هذا ابنُ حجر، قال -في الإصابة (1/286)-: (وكان غزا خراسان في زمن عثمان، ثم تحول إلى مرو فسكنها، إلى أن مات في خلافة يزيد بن معاوية).
    وهذا بانضمامه إلى قول أم عبدالله بن بريدة له= يدل على أنه قد خرج مع أبيه من المدينة مبكرًا؛ قبل خلافة عثمان بن عفان أو في أثنائها، وكان يوم قتل عثمان غلامًا صغيرًا -كما سبق في دلالة قول أمه له-، ولم يكن في المدينة.
    وقول ابن بريدة: (جئتُ إلى أمِّي يوم قتل عثمان، فقلت: يا أمَّه، قُتِل الرجل...)= لا يتنافى مع ذلك، فإنه يحتمل أنه أراد: يوم بلغهم قتله وهم في البصرة أو في خراسان أو في مرو، وهذا احتمال وارد جدًّا، إذ لا يوجد في الرواية ما يصرح بأنهم كانوا في المدينة البتة.
    فسقطت الثانية.

    4- قال الباحث: (وقضيَّة إنْكار سماعه منها ترجع إلى اعتِبار شرْط ثبوت اللقي ولو مرَّة، وأمَّا على من لا يشترط ذلك، فلا حاجةَ إلى هذا البحْث).
    وعبارته الأخيرة خطأ ظاهر، وقد نبَّه عليه شيخنا د. إبراهيم اللاحم -في الاتصال والانقطاع (ص150-158)-، وكان مما قاله: (كان مسلمٌ -رحمه الله- دقيقًا جدًّا حين حرر محل النزاع، وأنه في رواية راوٍ توافر فيها عدة شروط: كونه ثقة، غير مدلس، عاصر من روى عنه، وأمكن لقاؤه والسماع منه، ولم يثبت ذلك صريحًا، ولم يكن هناك دلالة بينة على أنه لم يلقه، أو لم يسمع منه.
    وهذه شروط محكمة جدًّا، تضيِّق دائرة الخلاف بين مسلم ومخالفه، فإذا لم تتوافر الشروط أو بعضها فإن مسلمًا لا يثبت السماع، ولا يحكم بالاتصال.
    ومن ذلك قوله [يعني: الإمام مسلمًا] في رواية محمد بن علي بن عبدالله بن عباس، عن جده عبدالله بن عباس: "ومحمد بن علي لا يعلم له سماع من ابن عباس، ولا أنه لقيه أو رآه".
    ومحمد بن علي كان له من العمر عشر سنوات حين وفاة جده، فالإمكان الحديثي للسماع غير متوافر، وانضم إلى ذلك أنه يروي عنه بواسطه والده...) إلى آخر كلام شيخنا، وفيه أمثلة كثيرة على هذا الخلل.
    وتطبيقه هنا ظاهر، فالأخ الباحث -وفقه الله- ظنَّ أنه لا حاجة إلى النظر في سماع عبدالله بن بريدة من عائشة لمن لم يأخذ باشتراط ثبوت اللقي، وَفَاتَهُ أنه لا بد أن يحقق الشروط الأخرى من شروط مسلم، وأهمها: الإمكان الحديثي للسماع، وهو موطن العلة في هذا الحديث.
    ومثله قوله في أواخر المبحث: (والحاصل: أنَّ عبد الله بن بريدة قد عاصر عائشةَ بالسِّن زمانًا طويلاً، ولو لم يثبت لقيُّه لها في بلدةٍ واحدةٍ، أو مصرٍ من الأمصار، لصحَّت روايته عنْها على شرْط مسلم...).
    وهذا بالضبط عين الخلل الذي نبَّه عليه شيخنا -حفظه الله ورعاه-.

    5- أطال الباحث في الكلام على رواية عبدالله بن بريدة عن أبي الأسود، وذكر تخريج البخاري هذه الرواية، وإنكار الدارقطني سماعه منه.
    وقال: (وقول الدَّارقطني هنا معارَضٌ بقول البُخاري صاحب هذا الشَّرط، ولا يقول أحدٌ إنَّه خالف شرْطَه، غايته أنَّه قد خفِي عن الدَّارقطني وعنَّا ما قد علِمَه هو).
    ولم يكلف نفسه الرجوع إلى مقدمة فتح الباري، وإلى موضع الحديث من فتح الباري، ليتبين الأمر.
    قال ابن حجر -في المقدمة (ص356)-: (ولم أره إلى الآن من حديث عبدالله بن بريدة إلا بالعنعنة، فعِلَّتُهُ باقية، إلا أن يعتذر للبخاري عن تخريجه بأن اعتماده في الباب إنما هو على حديث عبدالعزيز بن صهيب عن أنس بهذه القصة سواء، وقد وافقه مسلم على تخريجه، وأخرج البخاري حديث أبي الأسود كالمتابعة لحديث عبدالعزيز بن صهيب، فلم يستوفِ نفي العلة عنه كما يستوفيها فيما يخرجه في الأصول)، وقال -في الفتح (3/230)-: (ولم أره من رواية عبدالله بن بريدة عنه إلا معنعنًا، وقد حكى الدارقطني في كتاب التتبع عن علي بن المديني أن ابن بريدة إنما يروي عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود، ولم يقل في هذا الحديث: سمعت أبا الأسود. قلت: وابن بريدة ولد في عهد عمر، فقد أدرك أبا الأسود بلا ريب، لكن البخاري لا يكتفي بالمعاصرة، فلعله أخرجه شاهدًا، واكتفى للأصل بحديث أنس الذي قبله).
    وهذا لا يكاد يشك فيه الناظر في سياق إخراج البخاري لحديث ابن بريدة عن أبي الأسود.
    فليس في هذا حجة، ولا حاجة للإطالة فيه، ومع ذلك فإن الباحث أعاد هذه القضية وكررها حتى آخر مبحثه!

    وبهذا يثبت أن لا حجة قائمة لمن أثبت سماع عبدالله بن بريدة من عائشة، وأن جزم الدارقطني -رحمه الله- بالانقطاع بينهما صادرٌ عن ذي قدم راسخة في هذا العلم، لا ينازِع في رسوخها حديثيٌّ، ومخالفة مثله فيما يجزم به مزلة أقدام، ثم إن البيهقي -رحمه الله- تابع الدارقطنيَّ على ذلك، ولم يبدِ عليه اعتراضًا.

    6- قال: (وهنا غرْزٌ نستمْسِك به، وهو أنَّ رواية ابن بريدة عن عائشة أيضًا إمَّا بلا واسطة بالعنْعنة، أو بيْنهما يَحيى بن يعمر أيضًا، فالَّذي نجزم به: أنَّه إن لم يكن سمِعَه منْها، فقد احتمله من ابن يعمر).
    أما الجزم بتعيين الواسطة بأنها شخص معين، فلا يقبل البتة إلا بدليل ظاهر.
    وكون ابن يعمر مروزيًّا، وقد سمع من الصحابة، "وعنْه روى ابن بريدة عن كلِّ مَن روى عنْه من الصَّحابة، خلا اثنين، ربَّما"= لا يصلح دليلاً للجزم والقطع بتعيين واسطة ابن بريدة إلى عائشة في كل رواياته بيحيى بن يعمر، فإن احتمال كونِ الواسطةِ غيرَهُ قائم، والمنازعة في ذلك مماحكة.
    نعم، لو جاء الباحث بنصٍّ عن بعض الأئمة الجهابذة من أهل الاستقراء الواسع والحفظ والنقد، أو بنصٍّ صحيح من ابن بريدة -مثلاً- يفيد أن ما رواه عن الصحابة أخذه عن يحيى بن يعمر= لقُبل ذلك منه، لكنه لا يجد.
    هذا مع أن ما ذكره الباحث من احتمال كون ابن يعمر هو واسطة ابن بريدة إلى عائشة= له وجهه تسمُّحًا، إلا أن الكلام في الجزم بذلك والقطع به.
    ثم رأيت شيخنا د. إبراهيم اللاحم قد نبَّه على مثل هذا -في نفيسته: الاتصال والانقطاع (ص427)-، قال: (ومما تجدر الإشارة إليه هنا: أن الأئمة قد يذكرون واسطة بين راوٍ وآخر، إما شخصًا واحدًا أو أكثر، ويكون غرضهم بيان أنه لم يسمع منه، وهذا كثير جدًّا...، لكن لا يصح أن تُجعل هذه الواسطة هي التي بينهما في كل رواية ترد عنه وليس بينهما أحد، إذ غرض الأئمة من ذكرها هو إقامة الدليل على أنه لم يسمع لا أكثر، وقد يكون هناك غيرها ممن لم يُسَمَّ، ولكن لا بأس أن يُستأنس بها استئناسًا، كما قال يحيى القطان: "أما مجاهد عن علي، فليس به بأس، قد أسند عن ابن أبي ليلى عن علي".
    ومراد يحيى: أن ما يرسله مجاهد عن علي -رضي الله عنه- ليس به بأس، رغم أنه منقطع؛ لأن مجاهدًا قد روى عن علي بواسطة عبدالرحمن بن أبي ليلى غير ما أرسله، وعبدالرحمن ثقة، فلا يبعد أن يكون قد أسقطه فيما يرسله.
    قال ابن رجب معقبًا على كلمة القطان: "من عُرف له إسناد صحيح إلى من أرسل عنه؛ فإرساله خير ممن لم يعرف له ذلك") ا.هـ.
    على أن عامة عمل النقاد على تضعيف الأحاديث بالانقطاع، ولو كان الراوي روى في مواضع أخرى عن شيخه الذي لم يسمع منه بواسطة ثقة، والإمامان الحافظان الدارقطني والبيهقي ردَّا أحاديث لعبدالله بن بريدة عن عائشة، ولم يجزما -كما جزم الباحث- بأن الواسطة: يحيى بن يعمر، وأن الحديث متصل، بل لم يذكرا ذلك البتة، ولا حتى أشارا إليه.
    لكن ربما حصل التسمُّح من الأئمة فيما يصح أن يُتسمَّح فيه -كما سبق عن علي بن المديني في رواية مجاهد عن علي، وعن ابن رجب-، وحديثنا هذا مما لا يصح التسمُّح فيه؛ لأن في المرفوع -إضافة إلى الانقطاع المذكور- علة أخرى، لم يولها الباحث اهتمامه، وهي ما يلي:

    7- أغفل الباحث علة قوية في الحديث، وهي أن هذا الدعاء معروف عن عائشة موقوفًا.
    فقد أخرجه ابن أبي شيبة (29187)، وجعفر الخلدي في الفوائد والزهد (2)، والبيهقي في شعب الإيمان (3428) من طريق شريح بن هانئ،
    والنسائي في الكبرى (10714) من طريق مسروق،
    والخطيب في تاريخ بغداد (6/162، 13/199) من طريق الحسن،
    ثلاثتهم عن عائشة -رضي الله عنها- به موقوفًا عليها، قالت: «لو عرفت أي ليلة ليلة القدر ما سألت الله فيها إلا العافية»، هذا لفظ شريح بن هانئ، ويقاربه لفظ الحسن، وزاد: «العفو والعافية»، وقال مسروق عنها: «لو علمت أي ليلة ليلة القدر لكان دعائي فيها أن أسأل الله العفو والعافية».
    وإسناد رواية شريح بن هانئ صحيح إن ثبت سماع أبي إسحاق الشيباني من العباس بن ذريح، فإن روايته عنه بالعنعنة. وهو صحيح بلا قيود -فيما يظهر- على منهج الباحث في مسألة العنعنة.
    وفي طريق مسروق: عبدالله بن جبير، شريكُ مسروقٍ على السلسلة، ولم أجد ترجمة لعبدالله هذا، وقد جاءت تسميته -في تاريخ واسط، لبحشل (ص38)-: عبدالله بن حنين، ولم أجد له بهذا الاسم ترجمةً أيضًا، ولعل كونه شريكًا لمسروق يدل على معرفته به، وعلاقةٍ بينهما.
    وفي رواية الحسن عن عائشة: الربيع بن صبيح، متكلم فيه، والراوي عنه معروف الكرخي، اشتهر بالزهد والصلاح، قال ابن حبان -في الثقات (9/206)-: (ليس له حديث يُرجع إليه).
    ثم إن بعض العلماء ذكر أن الحسن لم يسمع من عائشة -كما في تهذيب الكمال (6/97)-.
    ومن ثمَّ فلم يخلُ طريق من الموقوفات عن عائشة من كلام، وأصحها الوجه الأول، وضعف كل طريق مما يحتمل، واجتماع هذه الطرق يدل على أن الوجه الموقوف عن عائشة -رضي الله عنها- هو المعروف، وأن المرفوع فيه نظر، خاصة إذا انضاف إلى ذلك ما سبق فيه من الانقطاع.
    ولا يبعد أن النسائي يُعلُّ المرفوع بالموقوف، فقد أسند في سننه الكبرى طرق الحديث عن ابن بريدة عن عائشة مرفوعًا، ثم أعقب ذلك بطريق مسروق الموقوفة خاتمًا بها الباب.
    والله أعلم.

    الصنف الثاني: قضايا ثانوية:

    1- قال الباحث: (قال ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (27/ 139) في ترجمة عبد الله بن بُريدة، وقد ساق إسْناده إلى ابن حبَّان، قال ابن عساكر: وذكر حديثًا من رواية ابن بريدة عن عمران بن حصين، فقال - يعني ابن حبَّان -: هذا إسنادٌ قد يُوهِم مَن لم يُحْكِم صناعة الأخْبار...) إلخ.
    وهذا الكلام موجود في صحيح ابن حبان (6/259-ترتيبه)، ولا حاجة في نقله إلى الواسطة.

    2- قال الباحث: (وقد صحَّ شهودُه مقتل عثمان يوم الدَّار، رواه ابنُ عساكر (27/ 129) من طريق أبي زرعة، حدَّثنا أحمد بن شبويه...) إلخ.
    وهذا موجود في تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/630)، ولا حاجة في نقله إلى الواسطة.

    3- قال الباحث: (وهيهات! فلا يركب هذا السَّبيل في هذا العصر إلا أقل القليل، فالكلُّ قد ركِب سبيل مسلم في تصحيح الأحاديث دون اعتِبار هذا الشَّرط).
    في قوله: (فالكلُّ) تجنٍّ على من رجَّح هذا القول وعمل به من علماء الحديث هذا العصر، وليسوا هم (أقل القليل)، بل هم جماعة معتبرون، على أن النظر هنا لا يكون للكثرة والقلة، بل للمكانة ومدى قوة التحرير.

    4- ذكر في هامشه عبارة مقتضبة حول زيادة لفظة «كريم» في الحديث، وقد قال الشيخ الألباني -في الصحيحة (7/1011، 1012)-: (وقع في «سنن الترمذي» بعد قوله: «عفو» زيادة: «كريم»، ولا أصل لها في شيء من المصادر المتقدمة، ولا في غيرها ممن نقل عنها، فالظاهر أنها مدرجة من بعض الناسخين أو الطابعين؛ فإنها لم ترد في الطبعة الهندية من «سنن الترمذي» التي عليها شرح «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (4/264)، ولا في غيرها. وإن مما يؤكد ذلك: أن النسائي في بعض رواياته أخرجه من الطريق التي أخرجها الترمذي، كلاهما عن شيخهما (قتيبة بن سعيد) بإسناده دون الزيادة...) ا.هـ.
    وزيادة «كريم» ليست في نسخة الكروخي (ق240أ) كذلك، وهي أوثق نسخ الترمذي.

    والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

  2. #2

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    جزاكم الله خيرا شيخنا
    قال ابن القيم ( كلما كان العبد حسن الظن بالله حسن الرجاء له صادق التوكل عليه : فإن الله لا يخيب أمله فيه ألبتة فإنه سبحانه لا يخيب أمل آمل )

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    تعقيب :

    و رواه بن ابي شيبة في المصنف عن يزيد بن هارون عن كهمس بن الحسن ( كتاب الدعاء الدعاء بالعافية ، حديث:‏28596‏)
    و في الغيلانيات عن الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي ،عن أبي عبد الرحمن الأسود بن عامر ولقبه شاذان ، عن أبي هلال الراسبي ، عن عبد الله بن بريدة ( حديث:‏574‏ )

    اما قول صاحب الموضوع:


    ب- اعتماده تسمية الراوي عن عائشة في رواية الأشجعي عن الثوري: سليمان بن بريدة، وهذا محل نظر، وفيه تفصيل بيانه كما يلي ...
    فنقول : ان سفيان يرويه عن علقمة بن مرثد و هو مشهور بالرواية عن سليمان بن بريدة و التصريح باسمه موجود في صحيح مسلم و قد اكثر سفيان من الرواية عنه عن سليمان و حدده باسمه في كم من موضع و كم من حديث اما عدم التصريح بالاسم و التصريح به احيانا اخرى فهو موجود في الصحيح بكثرة عن سفيان فلا مشكلة في ذلك.


    وعدم التحديد لا يقدح في الرواية ، لأنها زيادة ثقة فمن حدد زاد عن من لم يحدد و اذا اطلق الاسم نرجع للغالب و غالب ما يحدث به علقمة بن مرثد هو عن سليمان فالحكم اذن للغالب بل لم اقف إلا عن حديث واحد لعلقمة عن ابن بريدة صرح فيه باسمه عبد الله في المستخرج في نساء المجاهدين و الحديث فيه نظر لأنه في الصحيح عن سليمان بن بريدة و كذا في كم من رواية عن سفيان عن علقمة عن سليمان (*) , و لم اجد لعلقمة حديث واحد يصرح فيه عن عبد الله بن بريدة غير هذا.

    اذن ترجيح الاخ صحيح ان شاء الله و الله اعلم


    ----------------------------
    (*) صحيح مسلم - كتاب الإمارة
    باب حرمة نساء المجاهدين - حديث:‏3606‏
    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم ، وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم ، إلا وقف له يوم القيامة ، فيأخذ من عمله ما شاء ، فما ظنكم ؟ " ، وحدثني محمد بن رافع ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا مسعر ، عن علقمة بن مرثد ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال : - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - بمعنى حديث الثوري ، وحدثناه سعيد بن منصور


    مستخرج أبي عوانة - مبتدأ كتاب الجهاد
    بيان فضل نساء المجاهدين - حديث:‏5975‏
    حدثنا أحمد بن أبي رجاء ، والأحمسي ، قالا : ثنا وكيع ، قال : ثنا سفيان ، ح وحدثنا علي بن حرب ، قال : ثنا أبو داود عمر بن سعد ، عن سفيان الثوري ، عن علقمة بن مرثد ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم ، وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة ، فقيل : إن هذا فلانا خانك فخذ من حسناته " ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فما ظنكم " ؟ ، قال وكيع : " إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ما شاء فما ظنكم " ؟


    السنن الصغرى - كتاب الجهاد
    حرمة نساء المجاهدين - حديث:‏3155‏
    أخبرنا حسين بن حريث ، ومحمود بن غيلان ، واللفظ لحسين ، قالا : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم ، وما من رجل يخلف في امرأة رجل من المجاهدين فيخونه فيها ، إلا وقف له يوم القيامة ، فأخذ من عمله ما شاء ، فما ظنكم

    مسند أحمد بن حنبل - مسند الأنصار
    حديث بريدة الأسلمي - حديث:‏22394‏
    حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم ، وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله ، فيخونه فيها إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ما شاء ، فما ظنكم ؟ "

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    تعقيب :

    ويحتاج مع هذا النص أن يثبت صحة سماع ابن بريدة من ابن عمر، ولا أظنه يمكنه.
    وردت احاديث ظاهرها يثبت سماع بن بريدة من عبد الله بن عمر رضي الله عنه :

    مصنف ابن أبي شيبة - كتاب الزهد
    ما ذكر في زهد الأنبياء وكلامهم عليهم السلام - كلام ابن عمر
    حديث:‏33968‏
    جرير ، عن داود بن السليك ، عن أبي سهل ، قال : سمعت ابن عمر ، قال في هذه الآية : كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ، قال : " أطفال المسلمين "

    و أبي سهل هو عبد الله بن بريدة

    الإيمان لابن أبي شيبة - ما ذكر في الإيمان
    حديث:‏116‏
    حدثنا ابن فضيل ، عن عطاء بن السائب ، عن محارب ، عن ابن بريدة ، قال : وردنا المدينة فأتينا عبد الله بن عمر فقلنا : يا أبا عبد الرحمن إنا نمعن في الأرض ، فنلقى قوما يزعمون أن لا قدر ، فقال : من المسلمين ممن يصلي للقبلة ؟ فقال : نعم ، ممن يصلي للقبلة . قال : فغضب ، حتى وددت أني لم أكن سألته ، ثم قال : إذا لقيت أولئك فأخبرهم أن عبد الله بن عمر منهم بريء ، وأنهم منه براء ، ثم قال : إن شئت حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أجل قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى رجل جيد الثياب ، طيب الريح ، حسن الوجه فقال : يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ، وتغتسل من الجنابة " قال : صدقت ثم قال : يا رسول الله ما الإيمان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تؤمن بالله ، واليوم الآخر ، والملائكة ، والكتاب ، والنبيين ، وبالقدر خيره وشره ، وحلوه ومره " . قال : صدقت . ثم انصرف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علي بالرجل " قال : فقمنا بأجمعنا فطلبناه ، فلم نقدر عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هذا جبريل عليه السلام ، جاءكم يعلمكم أمر دينكم "

    و الله اعلم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    بارك الله فيكما.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    تعقيب :
    و رواه بن ابي شيبة في المصنف عن يزيد بن هارون عن كهمس بن الحسن ( كتاب الدعاء الدعاء بالعافية ، حديث:‏28596‏)
    و في الغيلانيات عن الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي ،عن أبي عبد الرحمن الأسود بن عامر ولقبه شاذان ، عن أبي هلال الراسبي ، عن عبد الله بن بريدة ( حديث:‏574‏ )
    لم أتعرض لفوات التخريج من المصادر عند الأخ الباحث إذا كان ذلك غير مؤثر.
    والمخرِّج في الغيلانيات هو الحافظ أبو بكر الشافعي.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    اما قول صاحب الموضوع:
    ب- اعتماده تسمية الراوي عن عائشة في رواية الأشجعي عن الثوري: سليمان بن بريدة، وهذا محل نظر، وفيه تفصيل بيانه كما يلي ...
    فنقول : ان سفيان يرويه عن علقمة بن مرثد و هو مشهور بالرواية عن سليمان بن بريدة و التصريح باسمه موجود في صحيح مسلم و قد اكثر سفيان من الرواية عنه عن سليمان و حدده باسمه في كم من موضع و كم من حديث اما عدم التصريح بالاسم و التصريح به احيانا اخرى فهو موجود في الصحيح بكثرة عن سفيان فلا مشكلة في ذلك.
    وعدم التحديد لا يقدح في الرواية ، لأنها زيادة ثقة فمن حدد زاد عن من لم يحدد و اذا اطلق الاسم نرجع للغالب و غالب ما يحدث به علقمة بن مرثد هو عن سليمان فالحكم اذن للغالب بل لم اقف إلا عن حديث واحد لعلقمة عن ابن بريدة صرح فيه باسمه عبد الله في المستخرج في نساء المجاهدين و الحديث فيه نظر لأنه في الصحيح عن سليمان بن بريدة و كذا في كم من رواية عن سفيان عن علقمة عن سليمان (*) , و لم اجد لعلقمة حديث واحد يصرح فيه عن عبد الله بن بريدة غير هذا.
    اذن ترجيح الاخ صحيح ان شاء الله و الله اعلم
    نعم لكلامك وجاهة.
    ولكون قبول الزيادة غير مطرد عند أهل الحديث؛ فإن الشك باقٍ في تعيين ابن بريدة، ولو كان الغالب أن علقمة بن مرثد يروي عن سليمان.
    وأشرتُ لهذه المسألة (تعيين شيخ علقمة بسليمان بن بريدة)؛ لأنه لم يكن يحسن إغفالها وأخذها مسلَّمة.
    مع أنها لم تكن بتلك المؤثرة في النتيجة؛ لأنه قد تبيَّن أن ذكر علقمة بن مرثد خطأ أصلاً.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    تعقيب :
    وردت احاديث ظاهرها يثبت سماع بن بريدة من عبد الله بن عمر رضي الله عنه :
    مصنف ابن أبي شيبة - كتاب الزهد
    ما ذكر في زهد الأنبياء وكلامهم عليهم السلام - كلام ابن عمر
    حديث:‏33968‏
    جرير ، عن داود بن السليك ، عن أبي سهل ، قال : سمعت ابن عمر ، قال في هذه الآية : كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ، قال : " أطفال المسلمين "
    و أبي سهل هو عبد الله بن بريدة
    وفقك الله،
    لا أدري من أين جئت بأن أبا سهل هنا هو عبدالله بن بريدة؟!
    واتفاق الكنية ليس دليلاً على اتفاق الشخص، خاصة أن شيوخ داود بن السليك والرواة عنه بين البصرة والكوفة، فأخذه من أهل مرو بعيد.
    ولم أجد من ذكر أن أبا سهل شيخ داود بن السليك هو عبدالله بن بريدة،
    فقد ذكره البخاري -في تاريخه (3/242)- وابن أبي حاتم -في الجرح والتعديل (3/415)- وابن حبان -في الثقات (6/288)- بكنيته: أبي سهل، ولم يُسَمُّوه،
    وذكره ابن منده في الكنى -فتح الباب (ص393)-، قال: (أبو سهل، حدث عن عبدالله بن عمر، روى عنه داود بن السليك)، وكان ابن منده قد ذكر عبدالله بن بريدة فيمن كنيته أبو سهل قبل ذلك (ص391، 392).
    وفي التقريب (8150) -وهو خلاصة ما في التهذيبين-: (أبو سهل: شيخٌ لداود بن سليك).
    وقد حكم ابن حجر بجهالة أبي سهل هذا.
    وعلى كلٍّ؛ فداود بن السليك مجهول أيضًا.
    تنبيه: قد أسند البخاري -في تاريخه (3/242)- حديث: (كل نفس بما كسبت رهينة): "أطفال المسلمين"= فجاء فيه من رواية أبي سهل عن ابن عباس، لا ابن عمر، وكذلك نقله ابن حبان -في الثقات (6/288)-. فيُنظر فيه.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    الإيمان لابن أبي شيبة - ما ذكر في الإيمان
    حديث:‏116‏
    حدثنا ابن فضيل ، عن عطاء بن السائب ، عن محارب ، عن ابن بريدة ، قال : وردنا المدينة فأتينا عبد الله بن عمر فقلنا : يا أبا عبد الرحمن إنا نمعن في الأرض ، فنلقى قوما يزعمون أن لا قدر ، فقال : من المسلمين ممن يصلي للقبلة ؟ فقال : نعم ، ممن يصلي للقبلة . قال : فغضب ، حتى وددت أني لم أكن سألته ، ثم قال : إذا لقيت أولئك فأخبرهم أن عبد الله بن عمر منهم بريء ، وأنهم منه براء ، ثم قال : إن شئت حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أجل قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى رجل جيد الثياب ، طيب الريح ، حسن الوجه فقال : يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ، وتغتسل من الجنابة " قال : صدقت ثم قال : يا رسول الله ما الإيمان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تؤمن بالله ، واليوم الآخر ، والملائكة ، والكتاب ، والنبيين ، وبالقدر خيره وشره ، وحلوه ومره " . قال : صدقت . ثم انصرف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علي بالرجل " قال : فقمنا بأجمعنا فطلبناه ، فلم نقدر عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هذا جبريل عليه السلام ، جاءكم يعلمكم أمر دينكم "
    و الله اعلم
    هذا الحديث من مشهور حديث عبدالله بن بريدة، لكنه لا يرويه عن ابن عمر مباشرة، بل بينهما يحيى بن يعمر، وقد أخرجه مسلم في أول صحيحه -بعد المقدمة- وغيره كثيرٌ من رواية غير واحد عن عبدالله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر.
    بل روي بالإسناد نفسِه الذي نقلتَه؛ بذكر يحيى بن يعمر، ورجَّح هذا الوجه فيه: أبو القاسم اللالكائي.
    ورواية محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب ضعيفة أصلاً، وفيها غلط واضطراب؛ لأنه سمع من عطاء بعد اختلاطه.
    والله أعلم.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    36

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    شيخنا محمد بن عبدالله نفع الله بكم وشكر لكم على هذه الفوائد

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    جزاكُم اللَّـهُ خَيرًا ،وباركَ فِيكُم.
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    فوائد :

    1- في العلل لابن حاتم 2049 :
    و سألت أبي عن حديث رواه عبد الصمد بن عبد الوارث ، عن ابيه عن حسين المعلم عن ابن بريدة ، قال حدثني ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول اذا دخل مضجعه : "الحمد لله الذي كفاني و آواني ..." و ذكر الحديث .
    و رواه أبو معمر المنقري عن عبد الوارث عن حسين المعلم عن ابن بريدة قال حدثني ابن عمران أن النبي صلى الله عليه و سلام ...
    قلت لأبي ايهما اصح ؟
    قال حديث ابي معمر اشبه
    قلت لابي : ابن عمران من هو ؟
    قال لا ادري .
    قلت فابن بريدة أدرك ابن عمر ؟
    قال ادركه و لم يبين سماعه منه. اهــ

    الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي - باب الكلام في أحكام الأداء وشرائطه
    باب فيمن خالفه أحفظ منه , فحكى خلافه له في روايته - حديث:‏693‏
    أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي البزاز , وأبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار , قالا : أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، ثنا عباس بن محمد ، ثنا أبو معمر ، ثنا عبد الوارث ، حدثني حسين المعلم ، حدثني عبد الله بن بريدة ، حدثني أبو عمران , قال أبو معمر : وعبد الصمد بن عبد الوارث يقول في هذا : حدثني أبو عمر , وأنا أقول في هذا : حدثني أبو عمران , أنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا تبوأ مضجعه الحمد لله الذي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني ، ومن علي وأفضل ، وأعطاني فأجزل ، الحمد لله على كل حال ، اللهم رب كل شيء ومليك كل شيء ولك كل شيء ، أعوذ بك من النار "


    مكارم الأخلاق للخرائطي - باب ما يستحب للمرء أن يقوله إذا أوى إلى فراشه
    حديث:‏912‏
    حدثنا أبو يوسف القلوسي ، حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثني حسين المعلم ، حدثني عبد الله بن بريدة ، حدثني ابن عمران ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبوأ مضجعه قال : الحمد لله الذي كفاني وأواني ، وأطعمني وسقاني ، ومن علي فأفضل ، وأعطاني فأجزل ، والحمد لله على كل حال ، اللهم أنت رب كل شيء " قال أبو بكر الخرائطي : " فقال له أبو علي العنزي : كنت حدثت به مرة ، فقلت ابن عمر ، فقال : ذاك خطأ وأنكر ذلك ، وقال : اجعله ابن عمران

    قال الحافظ بن حجر في نتائج الافكار: " و أبو معمر من شيوخ البخاري ، و هذا الكلام يتوقف معه في وصل الحديث ، فإن ابن عمران لا صحبة له"


    2- قال الإمام أحمد (العلل 2/320/2421) :
    علقمة بن مرثد إنما يحدث عن سليمان بن بريدة ، لم يحدث عن عبد الله بن بريدة شيئاً

    3- قال الشيخ مقبل الوادعي في تتبعه لأوهام الحاكم التي سكت عنها الذهبي (1/720 ح 1994) تعليقا على حديث دعاء ليلة القدر :

    ينظر ، فإنهما ( يقصد الشيخ مقبل البخاري ومسلم ) لم يخرجا لسليمان عن عائشة شيئا ، كما في تحفة الأشراف ، وينظر أسمع من عائشة أم لم يسمع ، فقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب عن الدارقطني أن أخاه عبد الله لم يسمع من عائشة وهما توأمان .ا.هـ

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    بارك الله فيكم.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    2- قال الإمام أحمد (العلل 2/320/2421) :
    علقمة بن مرثد إنما يحدث عن سليمان بن بريدة ، لم يحدث عن عبد الله بن بريدة شيئاً
    أحسنتَ في هذه، جزاك الله خيرًا.
    وتُلغى إذن الملحوظة (ب) ضمن رقم (1) من الصنف الأول.
    وأعيد قولي بشأنها:
    مع أنها لم تكن بتلك المؤثرة في النتيجة؛ لأنه قد تبيَّن أن ذكر علقمة بن مرثد خطأ أصلاً.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    تعقيب :
    اما بالنسبة لاثبات الاشجعي لعلقمة بن المثرد في الحديث فالظاهر انه لا غبار عليه و ذلك لكونه حجة في احاديث سفيان :

    قال أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز ، عن يحيى بن معين : ما كان بالكوفة أحد أعلم بسفيان من الأشجعي ، كان أعلم به من عبد الرحمن بن مهدي ، ومن يحيى بن سعيد ، وأبي أحمد الزبيري ، وقبيصة ، وأبي حذيفة .

    قال عباس الدوري عن يحيى بن معين : ليس أحد في حديث الثوري يشبه هؤلاء : ابن المبارك ، ويحيى بن سعيد القطان ، ووكيع بن الجراح ، وعبدالرحمن بن مهدي ، وأبو نعيم ، فقيل له : والأشجعي ؟ قال : الأشجعي ثقة مأمون ، ولكن هاتوا من يروي عنه

    و الاشجعي يحدث من كتابه اذن فالطريق محفوظة فقد اوردها النسائي و لم يتعقبها الا انه ينظر في سماع سليمان عن عائشة رضي الله عنها

    اما سماع عبد الله من بن عمر رضي الله عنه فالظاهر انه وارد و ما اعل به بن ابي حاتم الحديث فيه نظر فقد اختلف ابو معمر فذكر احيانا ابو عمران و مرة اخرى بن عمران و كلاهما مجهول.

    كذلك نقل الحديث عن بن عمر في كثير من كتب السنة المشهورة و لم ينقل واحد منهم الرواية الاخرى و الله اعلم

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    تعقيب :
    اما بالنسبة لاثبات الاشجعي لعلقمة بن المثرد في الحديث فالظاهر انه لا غبار عليه و ذلك لكونه حجة في احاديث سفيان
    - اسم الراوي: علقمة بن مرثد، لا المثرد، ولا المرثد.
    - كون الأشجعي حجة في أحاديث سفيان لا يخفى على ناظر مبتدئ، ولا حاجة إلى نقل أقوال الأئمة في ذلك، فهي ظاهرة ومعروفة، ويمكن لأي باحث الرجوع إلى ترجمته والاطلاع على ذلك. وقد ذكرتُ ذلك وأقررت الباحث عليه.
    لكن الشأن في أنه ليس من لازم الثبت ألاّ يخطئ، وقد قلت ذلك في أصل الموضوع.
    ثم إن ابن حبان قد قال في الأشجعي -وقد أشرتُ إليه أيضًا-: (يغرب وينفرد -أو: ويتفرد-)، والإغرابات والانفرادات محل الوهم والغلط، وهذا الحديث من تفرُّداته، قال الدارقطني -في الأفراد (6042-أطرافه)-: (تفرد به الأشجعي عن الثوري عن علقمة عن ابن بريدة).
    وقد رواه ستة من أصحاب الثوري، فلم يذكر أحد منهم علقمة بن مرثد، ولا سليمان بن بريدة، بل اتفقوا على أن الثوري يرويه عن سعيد بن إياس الجريري، عن عبدالله بن بريدة.
    وقرائن ترجيح رواية الجماعة متظافرة:
    1- أن الأشجعي انفرد به، والانفراد محل وهم غالبًا.
    2- أن من ذكر الجريري عن ابن بريدة جماعة، بعضهم مقدَّم في الثوري، ومن الثقات فيه، واتفاقهم أرجح من انفراد واحد، ولو كان مقدَّمًا في الثوري كذلك.
    3- أن في رواية الأشجعي سلوكًا للجادة؛ فإن (علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة) جادَّة مسلوكة -كما ذكرتَ في المشاركة (3)-. وسلوك الجادة قرينة أخرى على الوهم.
    4- أن الثوري توبع على الوجه الذي رواه الجماعة عنه، وهذه قرينة معروفة في ترجيح الروايات، حيث يُنظر في متابعات الشيخ الذي اختُلف عليه، فإذا توبع على أحد الأوجه؛ فهي قرينة على رجحانه.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    و الاشجعي يحدث من كتابه
    لم أجد هذا فيما بين يديَّ من كتب التراجم -حسب بحثي-.
    الأشجعي كتب حديث الثوري، وهو أثبت الناس كتابًا في الثوري، وروى كتب الثوري على وجهها، لكن لم أجد أنه يحدث من كتابه دائمًا.
    وإنما ثقة الأشجعي وتقديمه في سفيان إذا حدَّث من كتابه، قال الإمام أحمد: (كان يكتب في المجلس، فمن ذاك صح حديثه)، وقال عثمان بن أبي شيبة: (كان أثبت الناس في الثوري إذا أخرج كتابه).
    ولم أرَ دليلاً على أنه روى حديثه هذا من كتابه، فلتضف هذه القرينة فيما سبق من قرائن تخطئته.
    والإمام الحافظ أبو الحسن الدارقطني لا يخفاه أن الأشجعي ثبت في الثوري، وأنه مقدَّم فيه، ومع ذلك خطَّأه بمقابلة إسحاق الأزرق فقط، مما يدل على أن القرائن كانت متظافرة على خطئه، وأن الثقة وحدها لا تكفي.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    اذن فالطريق محفوظة فقد اوردها النسائي و لم يتعقبها
    وقد أورد الطريق الأخرى ولم يتعقبها.
    هذه ليست بحجة.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    و ما اعل به بن ابي حاتم الحديث فيه نظر فقد اختلف ابو معمر فذكر احيانا ابو عمران و مرة اخرى بن عمران و كلاهما مجهول.
    أبو حاتم هو الذي أعلَّ الحديث لا ابنه.
    ورحم الله أبا حاتم، تُرَدُّ إعلالاته بأخطاء النساخ!
    غاية ما في الكفاية للخطيب: أنه تصحيف من النساخ، تصحَّف عليهم: ابن عمران إلى أبو عمران،
    ويدل عليه:
    أن فيه: (قال أبو معمر: وعبدالصمد بن عبدالوارث يقول في هذا: حدثني أبو عمر)، فوقع التصحيف نفسه في حكاية رواية عبدالصمد أيضًا. وإن كان بعض النسَّاخ صححها إلى: ابن عمر، والظاهر أنه اجتهاد ممن فعل ذلك.
    وكذلك: أن اسمه في علل ابن أبي حاتم ومكارم الأخلاق للخرائطي: (ابن عمران)؛ والمصادر القديمة أصح من غيرها، واتفاق مصدرين أصح من انفراد واحد.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    فذكر احيانا ابو عمران و مرة اخرى بن عمران و كلاهما مجهول.
    كون الراوي مجهولاً لا يؤثر في ترجيح الطريق الذي هو فيها البتة،
    فربما كان الراجح في الخلاف: ما كان فيه المجاهيل والمتروكون.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التقرتي مشاهدة المشاركة
    كذلك نقل الحديث عن بن عمر في كثير من كتب السنة المشهورة و لم ينقل واحد منهم الرواية الاخرى
    وهذه ليست بحجة، فكم من حديث في الكتب المشهورة جاءت علته فيما لم يكن كذلك.
    والخلاف في هذا الحديث واقع من أيام روايته، فقد صح عن أبي معمر أنه ذكر أن عبدالصمد يخالفه، وأنه خطَّأه في ذلك، فلا فائدة في ذكر أن الرواية الأخرى لم تُذكر في كتب السنة المشهورة.
    وإذا ثبت ذلك؛ فأبو معمر أثبت من عبدالصمد، وكان مختصًّا بعبدالوارث، فروايته أصح وأرجح -كما رجحه الإمام أبو حاتم الرازي-.
    والله أعلم.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    بل اقول ان الاشجعي روايته سليمة و ما قلته هو من باب التعارض لكن لا نسلم لك اصلا ان هناك تعارض ، بل هو ثقة و يكتب حديثه و هنا الجمع ممكن بالقول ان هناك طريقين فعلى هذا لا حجة لك في الترجيح

    اما اعلال ابي حاتم فكما قلت لك لم يروي رواية أبي معمر اصحاب الكتب المشهورة رغم كثرة الرواية عنه فكيف تخفى الطريق الصحيحة على امثال النسائي و من هو في كثرة حفظه حتى لا يذكرها في كتابه و لا احد روى الحديث من طريق ابي معمر من كبار حفاظ السنة حتى الامام احمد رغم كثرة حفظه و على هذا لا علة في الحديث بل كل القرائن ترجح سماع عبد الله من بن عمر و يكفي انه ليس مدلسا


    اذن الخلاصة ان هناك قرائن كل و كيف يرجحها لكن الاصل ان عبد الله بن بريدة ثقة ليس بمدلس فتقبل روايته

    و اللقاء وارد لأنه لا احد قال انه لم يلقى عائشة رضي الله عنها غاية مافي الأمرانه لم يبين سماعه و هذا ليس بقادح ، فهو لم يبين سماعه عن ابيه عند البخاري و احتج بروياته عنه فلو ذهبنا نعل كل حديث لم يبين صاحبه السماع لذهب كل الحديث و قد اجاد الامام مسلم في بيان هذه القضية و الله أعلم

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    إذا كان ثَمَّ نقاش وفوائد في غير ما سبق، فأهلاً به، من الأخ التقرتي -وفقه الله- ومن غيره.
    أما فيما سبق؛ فقد بان الأمر بحجته وبرهانه لكل ذي عقل وإنصاف.

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    و كل منصف قد فهم ان المشكلة ليست في مقال الاخ انما هو في خلاف منهجك مع منهجه

    و قد اتينا تقريبا على كل ما قيل ، فمن قال بعدم تدليس عبد الله بن بريدة رجح الرواية كما فعل الالباني رحمه الله و من قال بقولك في التشكيك في الرواية رجح الانقطاع و كل و منهجه في رؤية الامور و بارك الله في الجميع

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    عقَّب الأخ الباحث (بهاء الدين الزهري) -وفقه الله ونفع به- على هذه النظرات بقوله:
    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد، أخي محمد بن عبد الله، جزاك الله خيرا على تعقيبك ونظراتك، فقد سلكت منهجا راقيا في النقد والتعقيب والخلاف، وإن كنت أوافقك على بعض ما ذكرت، وقد نقضت أنت منه شيئا، ولو نظر آخر لنقد شيئا آخر، وتبقى المسألة متجاذبة الأطراف، وهكذا مسائل الخلاف - فلا أوافقك على أشياء أخر فيه، وما أوافقك عليه لا يؤثر فيما ذهبت إليه من القول بصحة الحديث.
    وأهم وأول ما أوافقك عليه ما استفتحت به نظراتك من استخدامي لبعض الكلمات التي فيها من مخالفة منهج الخلاف، فأستغفر الله منها , وأبرا إليه، وأرجو مسامحة من آذته هذه الألفاظ، ولعل اعتذاري، وما هو بعذر، أنك لو لقيت بعض من لقينا، لعذرتنا، ولكن ما كان ينبغي ذلك على كل حال، والله الموفق ومنه العون والسداد، وهو المستعان.
    http://www.alukah.net/articles/1/6076.aspx#Comments
    فجزاه الله خيرًا وبارك فيه على هذا التعقيب الذي ندر أن نقرأ مثله، والله المستعان.

    وألمح هنا إلى أمرين:
    الأول: أن الذي نقضتُه من نظراتي ليس بذي أثر في النتيجة -كما سبق مرارًا-.
    الثاني: أود من الإخوة التأمل في علة وقف الحديث، والنظر في قوة الوجهين المرفوع والموقوف، والمقارنة بينهما، والتأمل في تصرف أبي عبدالرحمن النسائي.
    والله أعلم.

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    بارك الله فيكما فقد اجدتما

    و كما قلت لك اخي محمد ، الاختلاف في وجهات النظر و المنهج

    لا اوافقك في نقد سماع بن بريدة من عائشة رضي الله عنها بمجرد عدم التصريح بالسماع ، الاختلاف الجوهري هنا بينك و بين اخيك

    و زاد الله الجميع علما

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    آمين.
    وأنا لم أنقد سماع ابن بريدة من عائشة بمجرد عدم التصريح بالسماع.
    وجزاك الله خيرًا.

  18. #18

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    جزاكما الله خيرا، وجزى الله الأخ التقرتي خيرا، ولكن أكن قرأت الردود هنا حتى الآن، لذا خصصته بعد عموم، وقد كنت خصصت الأخ محمد من قبل.
    فنعم الخلاف الذي يثمر العلم، ويثريه، ويزيد المحبة والألفة والمودة.

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة
    ولا يبعد أن النسائي يُعلُّ المرفوع بالموقوف، فقد أسند في سننه الكبرى طرق الحديث عن ابن بريدة عن عائشة مرفوعًا، ثم أعقب ذلك بطريق مسروق الموقوفة خاتمًا بها الباب.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة
    أود من الإخوة التأمل في علة وقف الحديث، والنظر في قوة الوجهين المرفوع والموقوف، والمقارنة بينهما، والتأمل في تصرف أبي عبدالرحمن النسائي.
    قال الحافظ ابن رجب -في شرح علل الترمذي (2/625)-: (وقد اعتُرض على الترمذي -رحمه الله- بأنه في غالب الأبواب يبدأ بالأحاديث الغريبة الإسناد غالبًا.
    وليس ذلك بعيب؛ فإنه -رحمه الله- يبين ما فيها من العلل، ثم يبين الصحيحَ في الإسناد، وكان مقصده -رحمه الله-: ذكر العلل.
    ولهذا؛ تجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث؛ بدأ بما هو غلط، ثم يذكر -بعد ذلك- الصوابَ المخالفَ له).

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    6,048

    افتراضي رد: نظرات في تخريج حديث: " اللهم إنك عفو تحب العفو... "، للأخ بهاء الدين الزهري

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة
    قال الحافظ ابن رجب -في شرح علل الترمذي (2/625)-: (وقد اعتُرض على الترمذي -رحمه الله- بأنه في غالب الأبواب يبدأ بالأحاديث الغريبة الإسناد غالبًا.
    وليس ذلك بعيب؛ فإنه -رحمه الله- يبين ما فيها من العلل، ثم يبين الصحيحَ في الإسناد، وكان مقصده -رحمه الله-: ذكر العلل.
    ولهذا؛ تجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث؛ بدأ بما هو غلط، ثم يذكر -بعد ذلك- الصوابَ المخالفَ له).
    فائدة نفيسة؛ بارك الله فيكم.
    وآفة العقلِ الهوى ، فمن علا *** على هواه عقله ، فقد نجا
    ابن دريد

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •