الحلقة الاولى:
التعريف الأول
**
في افتتاحية دار البحوث أتى قولهم عن الكتاب (1/5): ((وتتضمن الدراسة في هذا البحث الدفاع عن منهج الأئمة أصحاب السنن الأربعة في تأليفهم كتب السنة)) أهـ.
هل دار البحوث تزكي العمل الذي يلتقي مع منهجها وتصور عمل الآخرين الذين لا يلتقون معهم منهجياً أنّه هجوم وتدمير لمنهج أصحاب السنن الأربعة؟
.
إليك من قول ممدوح نفسه نظرته لمنهج الأئمة أصحاب السنن ومعه دار
البحوث:
1)قال في :(1/53) : (( ولا ريب أن في جمع الآثار المرفوعة والموقوفة في باب واحد مزايا ظاهرة للفقيه والمحدِّث وتثبيتاً للعمل المتوارث)) أهـ.
فإذا جُمِع الحديث المرفوع فقط في الباب؛ ماذا يكون هذا الجمع من قول ممدوح هذا؟
الجواب
: ليس هناك (( مزايا ظاهرة للفقيه والمحدِّث....))
وصرح بهذا ممدوح نفسه:
2)فقال في (1/54): (( وبالاقتصار على اسناد المرفوع فقط دون الموقوف والمقطوع, فقدت أحاديث الأحكام ميزة الشرح لها))أهـ. وهنا زاد (( المقطوع)).
وزاد الأمر وضوحاً
:
3)فقال في (1/54): (( وعريت أحاديث كثيرة عما يعضدها, وأصبح بين المرفوع وما يؤيده من الموقوف والمقطوع مفازة)) أهـ.
فوضح مِنْ هذا أنَّ ممدوحاً يعيب على من أقتصر على الحديث المرفوع فقط ؛ لان ميزة الشرح لها وما يعضدها أُهمل وهو الموقوف والمقطوع .
وعلى هذا يكون من أقتصر على الحديث المرفوع فقط سلك منهجاً ناقصاً قاصراً.
والآن مَنْ مِنْ أصحاب السنن الأربعة اقتصر في سننه على الحديث المرفوع فقط؟.** قال ممدوح في (1/56) : " فإن قال قائل: قد بين أبو داود أهمية الآثار الموقوفة, وأرشد إليها بإلحاح, فلماذا فرد المرفوع فقط؟.
فالجواب
: إنًّ إفراد المرفوع طريقة مشى فيها أبو داود على سنن شيخه أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى"أهـ.
** وأكد ذلك فقال في (1/65): )) وإذا كان أبو داود قد اقتصر في كتابه على المرفوع فقط –تأثراً بشيخه احمد .....)) أهـ.
هذا أبو داود
.ومعلوم أنًّ النسائي وابن ماجه اقتصرا في سننهما على الحديث المرفوع فقط.
ولن أطيل؛ فقد وصف ممدوح منهج أصحاب السنن الأربعة بالنقص
, فقال في (1/54) : (( بيد أن أصحاب السنن الأربعة – لا سيما أبي داود والترمذي – حاولوا سدًّ النقص في كتبهم بتفنن منهم في الشرط والعرض اظهر براعة.)) أهـ.
ما هو النقص الذي حاولوا سدًّه؟ وهل أرتفع؟.
عليك الإجابة التي بها ستعرف قيمة قول دار البحوث وقول ممدوح في (1/36) : (( فحسبي الدفاع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أئمة الفقه والحديث))أهـ.
بل بلغ الأمر بممدوح أن غمز ابن ماجة بسبب عدم استطاعته رد تضعيف الشيخ ناصر الدين ؛ فقال في
(2/235) : (( وكان يكفي ابن ماجه تخريج الأحاديث الثلاثة التي في الباب, وقد دفعه الشرَه وحبُّ الإكثار إلى تخريج هذا الحديث لعزته وغرابته)) أهـ , ونحوه في (5/ 88).
ومن هذا يظهر التهويل وقبله التزوير في وصف عمل الشيخ ناصر الدين الألباني بما جاء في
(1/30) : (( كما أن هذا المشروع فيه أيضا حرمان للأمة من فائدة كبيرة نلمسها فيما يقوله أصحاب الكتب الأصول تعقيباً على الحديث بالكلام على السند أو ما يستنبط من أحكام من الحديث , أو ما يشيرون إليه من أقوال الأئمة السابقين , كما نجده عند الترمذي ))أهـ.
وقول محمد عبدالله آل شاكر هذا
- الذي نقله ممدوح – يدل على أن القائل في وادٍ ومنهج أصحاب السنن الأربعة – عدا الترمذي – في وادٍ آخر.
ثمًَّ على دار البحوث و محمد آل شاكر و ممدوح أن يذكروا قولاً لأصحاب السنن على السند أو غيره
, وكذا ما ينقله الترمذي من أقوال الأئمة عقب حديث الباب ؛ حرم هذا المشروع الأمة منه فلم يُبْقِه في (( صحيح السنن )) أو (( ضعيف السنن)).
ثمًّ أن الشيخ ناصر الدين اقتصر عمله في هذا المشروع على التصحيح والتضعيف فقط, ومحمد آل شاكر و ممدوح يعلمان ذلك جيداً. وقد فصًّل ذلك الشيخ ناصر الدين في ( صحيح سنن أبي داود) (1/6- طبعة المكتب الإسلامي).
فيا ترى هل الغضب والحنق – ولا يبعد الحسد – من عمل الشيخ ناصر الدين الألباني لأنه وضع له القبول في الأرض – ولا يعني أن كل حكم للشيخ ناصر الدين هو صواب -, ولم يقم به آخرون ممًّن يظهر ممدوح تبجيلهم واحترامهم؟.
هل خاف ممدوح و دار البحوث من بضاعتهم القائمة – أغلبها – على الأحاديث المنكرة والشاذة والضعيفة, وأحياناً الموضوعة – عند أئمتنا وليس الشيخ ناصر الدين الألباني فقط – أن تبور؟
ما هو العمل الذي قام به الشيخ ناصر الدين الألباني ورضي عنه ممدوح و دار البحوث ؟
.
** قال ممدوح في ( التعقيب اللطيف) (ص10)- في من تعقبه- )) وأن يظهر إيجابيات كتاب ( التعريف ) – فلا يخلو شخص من صواب - )) أهـ.
ممدوح ينهى عن خلق وقد أتاه ويأتيه
, ما هي الإيجابيات التي أظهرها ممدوح – في كتبه –للشيخ ناصر الدين الألباني؟.
فقاعدة ممدوح : لا يخلو شخص من ايجابيات وصواب إلا الألباني.
** قال ممدوح في ( التعقيب اللطيف) ( ص 39/ حاشية) : (( والحافظ السيوطي – رحمه الله تعالى – كان من أهل المعرفة التامة والإتقان الملفت لكيفية تقوية الأحاديث الضعيفة وضوابط ذلك بحكم استفادته من أعمال الحفاظ الذين تقدموه لاسيما أمالي الحافظ ابن حجر, وبحكم مجموعته الفريدة على الموضوعات, وهي: اللآليء, والتعقبات, والقول الحسن, وذيل اللآليء, علم ذلك من نظر في " اللآليء" على الأقل, واستفاد من أبحاثه السامية, فهو كتاب فتوح, وكل من كتب في الأحاديث الموضوعة – بعد الحافظ السيوطي – متشبع من موائد السيوطي, وليس له إلا الترتيب أو الاختصار , فالله ذر سيدنا الحافظ السيوطي- رحمه الله – وأثابه رضاه))أهـ.
لماذا هذا الثناء والمدح؟
الشيخ أبو الفيض احمد بن محمد بن الصدِيق الغماري
– رحمه الله- له ( المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير ).
هل عمل الشيخ الغماري يدخل في
(( وكل من كتب في الأحاديث الموضوعة – بعد الحافظ السيوطي – فمتشبع من موائد السيوطي, وليس له إلا الترتيب أو الاختصار))؟.
الغماري لا يدخل في ذلك , لماذا؟ ترجم ممدوح للشيخ الغماري في ( حصول التفريج . ومعه ثلاث رسائل حديثية) , فوصفه في (ص5) بـ (( فإن لحافظ العصر العلامة السيد أحمد بن محمد ...)) وفي (ص6): (( الحافظ العلامة العلم ... كان نادرة عصره في الحديث , وقد بلغ فيه مبلغ الحفاظ المجتهدين)).
هل عمل الشيخ ناصر الدين الألباني ( ضعيف الجامع الصغير ) يدخل في: " وكل من كتب..."؟.
الجواب أدعه للقاريء
.
ولبيان قيمة مدح ممدوح للحافظ السيوطي؛ انقل من قول الشيخ أحمد الغماري فقط ما يردّه
, وينقضه , ويبطله, وبه نعرف لماذا ممدوح قال ذلك؟.
1) قال في ( حصول التفريج بأصول التخريج) ( ص61):" وكذلك الحافظ السيوطي غالب ما يقع له من الأوهام في العزْو إنما هو من تقليده لغيره واعتماده عليه من غير مراجعة الأصول.))أهـ.
2) قال في( الاستعاذة والحسبلة )(ص 18) : " وأمًا الحافظ السيوطي :فلا أبريه من صدور مثل هذا التساهل لإكثاره وركونه إلى تقليد من سَبَقه في كثير من أحواله" اهـ.
وفي المغير فقد نوَّع نقده:
1) قال في( ص 47 ): " وهذا كالذي قبله مِمًّا يلام المؤلف اللوم الشديد على ذكره, ويدل دلالة واضحة على أنَّه لم يكن عنده نقد في صناعة الحديث بالمرة"اهـ.
2) قال في
( ص 59 ): " فإن هذا بكلام السفهاء والسوقة أشبه منه بكلام الفضلاء, فضلا عن سيد البشر, فما ادري أين يكون عقل المؤلف حين يكتب مثل هذا السفه وينسبه الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ." اهـ.
3) قال في
( ص 72) : " وأعوذ فاكرر أنَّ المؤلف - رحمه الله – لو كان عنده نقد للحديث لا ستحى من إيراد مثل هذه الأباطيل ."اهـ.
4) قال في (ص 91):" كأنَّ المؤلف ما شم للحديث رائحة, حيث ظن أن هذا الكذب الصراح ثابت."اهـ.
5) قال في (ص 108): " هذا ينادي بلسان فصيح: انه كذب, وان المؤلف فاقد الاحساس في نقد الحديث...." أهـ.
6) قال في (ص 111): " إثبات المؤلف لهذا يدل على انه عديم النظر في الفن, فاقد الشعور فيه,....."اهـ.
وهناك عبارات أشدًُ وقعاً في علم وفهم السيوطي تركتها. وهذا يكفي لممدوح.
ويؤكد أن ( التعريف) يدخل في دائرة التشكيك والتشويه لعمل الشيخ ناصر الدين مايلي:
1) قال ممدوح في
( 1/9) : " فهذه مناقشات , ومباحث , ونكات , وفوائد, وتنبيهات على أحاديث الأحكام التي حكم الأستاذ الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله تعالى- عليها بالضعف في السنن الأربعة," اهـ.
2) من قول ممدوح هذا فمناقشاته في كتابه
(التعريف )محصورة في أحاديث الأحكام التي حكم عليها الشيخ ناصر الدين الألباني بالضعف في السنن الأربعة.
وعليه؛ فهو في كتابه ( التعريف) لم يناقش الأحاديث التي حكم عليها الشيخ ناصر الدين الألباني بالصحة أو الحسن في السنن الأربعة.
ومن هنا ما هو الاسم الذي يناسب الكتاب؟
الاسم الذي يناسب الكتاب أن يكون مطابقا لما فيه من مناقشات خاصة بما ضعّفه الشيخ ناصر الدين فقط
.
** ممدوح عَدَلَ عن هذا, وقال في (1/35): " ولمَّا مَنَّ الله تبارك وتعالى بإكمال الكلام على أحاديث العبادات,ناسب أن نسميه بـ" التعريف بأوهام من قسَّم السُّنَن إلى صحيح وضعيف ". " اهـ.
هل هذا الاسم ناسب ما أكمل من مناقشات خاصة بما ضعَّفه الشيخ ناصر الدين فقط؟
لماذا أقحم ( قسم الصحيح ) في اسم الكتاب؟ ما تفسير هذا الإقحام؟
وأين دار البحوث من ذلك؟
هل هناك غير التشكيك والأماني في نزع الثقة من عمل الشيخ ناصر الدين؟
3) وكما أقحم
( قسم الصحيح)في اسم الكتاب؛ أقحم في كتابه ( التعريف) الأحاديث التي لم يستطع إثبات الوهم في حكم الشيخ ناصر الدين عليها بالضعف – حتى على طريقة ممدوح نفسه -, فوقف أمام حكم الشيخ ناصر الدين مقهوراً, مكرهاً, متوجعاً.
** و ممدوح يُقِرُّ ويعترف بذلك, فقال في (1/19) :" عدد الأحاديث والآثار التي تناولتها في القسم بالبحث والدراسة (990) حديثاً وأثراً.
عدد الأحاديث والآثار الصحيحة والحسنة (845) حديثاً.
عدد الأحاديث والآثار الضعيفة والمتوقف فيها (145) حديثاً." أهـ.
وما أدري ماذا يعني بـ
" والمتوقف فيها"؟. وهل ممدوح يتوقَّف من إلحاقها بالصحيح او الحسن؛ لأنه لم يجد أدنى شيء به يرفع توقفه؟ قطعا لم يجد, ولكن هذا هو ممدوح سيزداد ألمه إذا جعل كل (145) حديثاً وأثراً كلها ضعيفة لا يستطيع رفع ضعفها لا على طريقة الفقهاء, ولا على طريقة السادة الحنفية , ولا على طريقة ممدوح.
والواقع هي أكثر من (145) حديثاً وأثراً, ولكن نقلت عنه ما يثبت وجود ما قلته فقط.
ممدوح يقرُّ ويعترف بأنَّ في بحثه ودراسته (التعريف) (145) حديثاً وأثراً بين ضعيف ومُتَوَقَّفٍ فيه, ومع ذلك وضع لها أرقاماً وسوَّد فيها صحائف وأدخلها فيما يدَّعيه من (التعريف بأوهام..).
فهل هذا عمل أهل الإنصاف أم هو عمل أهل الغرض؟
4) وكما أقحم ( صحيح السنن), وأقحم (145) حديثاً وأثراً؛ كذلك أقحم الآثار الموقوفة والمقطوعة ووضع لها أرقاماً, وسوَّد فيها صحائف وأدخلها ضمن اسم كتابه ( التعريف بأوهام من قسم السنن).
والآثار الموقوفة هي
:
( 99, 145, 150, 187, 197 , 198, 297 , 298, 299, 300, 312 , 325 , 333, 397 , وهذا في (4/45- 54) , 400, 401, 414 , 446 , 505 , 580, 581, 629 , 701, 775, 822, 823 , 824 , 869, 968, 969, 970).
ومن الآثار دون الموقوفة مثل:
( 130 , 131, 132, 133 , 134, 143, 168, 225 , 301, 443, 446, 492, 849, 850)
** قد يقول ممدوح أو غيره: إنَّ الشيخ ناصر الدين الألباني- رحمه الله – ذكر هذه الموقوفات وما دونها في (ضعيف السنن), لهذا ذكر ممدوح لها أرقاماً.
الجواب
: مهما كان عمل الشيخ ناصر الدين وطريقته في (ضعيف السنن) ولو وصلت إلى حدِّ الخطإِ ؛ فممدوح حدّد عمله الذي سلكه في (التعريف), والذي بينه في (1/9):" فهذه مناقشات, ومباحث , ونكات , وفوائد , وتنبيهات على أحاديث الأحكام التي حكم عليه الأستاذ الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله تعالى – عليها بالضعف في السنن الأربعة"أهـ. وأكد ذلك في (2/5).
فحصر عمله في " على أحاديث الأحكام التي حكم الشيخ عليها بالضعف في السنن الأربعة"
** والحديث عند ممدوح هو غير الأثر موقوفاً أو دونه.
** والأحكام خرج به غيرها. فهو مسلك ومنهج محدد واضح يختلف عن عمل الشيخ ناصر الدين.
** فإذا أدخل أحاديث غير أحاديث الأحكام ؛ ألا يُنُتقد على ذلك؟
** وكذا عندما أقحم وأدخل الآثار – موقوفة ودونها – ينتقد على فعله هذا.
ثمًُّ لِمَ ممدوح حدّد وحصر عمله في
( أحاديث الأحكام ) فقط ؟ والمفترض به الدفاع , فهل الدفاع يكون عن شيء دون شيء مع القدرة على الجميع ؟ .
ممدوح حدّد وحصر عمله في ( أحاديث الأحكام ) فقط ؛ لأنه إذا لم يستطع رد حكم الشيخ ناصر الدين بالتضعيف لا بالمتابع , ولا بالشاهد , يلجأ الى أن هذا الحديث عمل به فلان وفلان , وهذا العمل به يتقوَّى الحديث – كما هي طريقته – وبه يُهَوِّن على نفسه بأن نجح في ردّ حكم الشيخ ناصر الدين.
وأحاديث غير الأحكام لن يجد فيها ما يعمل بطريقته هذه, فيزداد حسرة وألماً؛ لأنَّه لم يستطع ردَّ حكم الشيخ ناصر الدين.