سأشرع في الرد على أخي الفاضل أمجد ثم على الفاضل الحبيب التميمي..
بعد حمد الله تعالى أقول
-مازالت الأسئلة تنتظر جوابا محددا..فليس هذا من الكهانة
أوليس النقاش والمحاورة تتطلب ذلك؟
قول ابن القيم ليس مشكلا ولا متعارضا..بل هو واضح..
وما نقلته عنه:"وهذا صحيح من وجه باطل من وجه "
تكفّل هو نفسه بتفسيره رحمه الله فقال :
فترك الأسباب المأمور بها : قادح في التوكل وقد تولى الحق إيصال العبد بها وأما ترك الأسباب المباحة : فإن تركها لما هو أرجح منها مصلحة فممدوح وإلا فهو مذموم ". وهل بعد هذا البيان من كلام؟
وأسأل:هل الخروج للسفر في الصحراء من بغداد لمكة..بغير زاد مباح أم من قبيل إلقاء النفس بالتهلكة؟
وسيأتي بيان معنى عبارته بتوضيح أكثر
فكلامه هذا وغيره مما سبق نقله..بين في معارضته لظاهر عبارة ابن رجب
وحسبك بإمام المحققين في أعمال القلوب..ومخرّج ابن القيم :ابن تيمية..وكلامه واضح في الشأن أيضا
---------------------
والآن مع الأخ المكرم التميمي..حفظه الله تعالى
فحاصل ما فهمته من كلامك أن هذا الأمر خفي ولا يدرك وأن هذه مرتبة يقينية سامية..إلخ
وأقول لابد من التدليل على صحة ذلك..لأنه أمر شرعي ويلزم من إطلاق القول به أمور فاسدة
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغ أعلى مقامات التوكل ومتابعة هديه وسيرته في كل أحداثها
تبين أن منهجه المطرد اتخاذ الأسباب..مع أنه عليه الصلاة والسلام..يسعه أن يتميز بهذه الأحوال اليقينية عن غيره
كما تميز بالخصائص المعروفة..من زواجه بأكثر من أربعة..وغير ذلك
-------------
ثم أقول مستعينا بالله وحده
وختاما :لابد على المخالف لي ولأخي أبي عبد الرحمن الناصر..أن يحدد لنا الحيز الذي يكون ترك السبب فيه غير خارم للتوكل
فضلا عن أن يكون من تمام التوكل!..وبهذا ينجلي الإشكال..مع التدليل عليه
فهذا وإن صح في أحوال استثنائية فهو خلاف الأصل العريض المتواتر في الكتاب والسنة وسير الصحابة وعامة السلف
وسبب الإشكال عند بعض العلماء في المسألة يتلخص في الآتي:-
-أنهم قصروا معنى التوكل على التفويض لله دون النظر إلى أن الله نفسه جعل من سنته أن تكون الأشياء منوطة بأسبابها
فكأنما طلبوا خرق العادات من جنس المعجزات التي تحصل للنبيين..وهذا مناطه الضرورة والحاجة والمصلحة القوية التي لا تعارض بمفسدة أرجح..وليس هو الأصل كما ساقه ابن رجب..فهذا كما في توكل أبي مسلم الخولاني على الله حين دخل نار العنسي..
أما تقصّد ترك السبب وتعمده بحجة التوكل ثم ادعاء أن هذا من المقامات العالية لأهل التوكل..فهو يقدح في التوكل نفسه
لأن حقيقته :الثقة بالله تعالى وتفويض الأمر إليه وتصديقه والاعتماد عليه..
وإذا كان ذلك كذلك..فإن الله الموثوق به..قد أمر باتخاذ الأسباب..ونهى عن الركون عنها..
ودل على ذلك الهدي النبوي..فمن لازم الثقة به أن يعمل بالسبب حيث كان سببا شرعيا..
وتارة يكون العمل به مستحبا..وتارة يكون واجبا..
ومثل القاعد عن السبب بحجة التوكل على الله..كمثل القاعد عن العمل بحجة الإيمان بالله
والله الموفق