تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 25

الموضوع: لا تحلفوا بآبائكم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي لا تحلفوا بآبائكم

    صحيح البخاري - كتاب الأيمان والنذور
    باب لا تحلفوا بآبائكم - حديث:‏6284‏
    حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، حدثنا عبد الله بن دينار ، قال : سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تحلفوا بآبائكم "

    و رواه مسلم عن يحيى بن يحيى ، ويحيى بن أيوب ، وقتيبة ، وابن حجر عن اسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار

    و اخرجه النسائي في الصغرى عن علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر


    سنن أبي داود - كتاب الأيمان والنذور
    باب في كراهية الحلف بالآباء - حديث:‏2843‏
    حدثنا عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا عوف ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تحلفوا بآبائكم ، ولا بأمهاتكم ، ولا بالأنداد ، ولا تحلفوا إلا بالله ، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون "

    صححه الالباني صحيح سنن ابي داود 2248

    و اخرجه النسائي في الصغرى




    سنن ابن ماجه - كتاب الكفارات
    باب من حلف له بالله فليرض - حديث:‏2098‏
    حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة قال : حدثنا أسباط بن محمد ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يحلف بأبيه ، فقال : " لا تحلفوا بآبائكم ، من حلف بالله فليصدق ، ومن حلف له بالله فليرض ، ومن لم يرض بالله ، فليس من الله "

    صححه الالباني صحيح سنن ابن ماجة 2131


    السنن الصغرى - كتاب الأيمان والنذور
    الحلف بالطواغيت - حديث:‏3734‏
    أخبرنا أحمد بن سليمان ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أنبأنا هشام ، عن الحسن ، عن عبد الرحمن بن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت "

    صححه الالباني صحيح سنن النسائي 3783


    قال بن العثيمين رحمه الله :


    أن الاقتناع بالله من تعظيم الله، لأن الحالف أكد ما حلف عليه بالتعظيم باليمين وهو تعظيم المحلوف به، فيكون من تعظيم المحلوف به أن يصدق ذلك الحالف، وعلى هذا يكون عدم الاقتناع بالحلف بالله فيه شيء من نقص تعظيم الله، وهذا ينافي كمال التوحيد، والاقتناع بالحلف بالله لا يخلو من أمرين‏:‏
    الأول‏:‏ أن يكون ذلك من الناحية الشرعية، فإنه يجب الرضا بالحلف بالله فيما إذا توجهت اليمين على المدعى عليه فحلف،فيجب الرضا بهذا اليمين بمقتضى الحكم الشرعي‏.‏
    الثاني‏:‏ أن يكون ذلك من الناحية الحسية، فإن كان الحالف موضع صدق وثقة، فإنك ترضى بيمينه، وإن كان غير ذلك، فلك أن ترفض الرضا بيمينه، ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لحويصة ومحيصة‏:‏ ‏(‏تبرئكم يهود بخمسين يمينا‏.‏ فقالوا‏:‏ كيف نرضى يا رسول الله بأيمان اليهود‏؟‏‏)‏‏.‏‏[‏البخاري‏:‏ كتاب الأدب / باب إكرام الكبير، ومسلم‏:‏ كتاب القسامة، باب القسامة‏.‏
    ‏]‏ فأقرهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذلك‏.‏
    ****
    عن ابن عمر أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله‏)‏ رواه ابن ماجة بسند حسن ‏[‏ابن ماجة‏:‏ كتاب الكفارات / باب من حلف له بالله فليرض وقال البويصري في مصباح الزجاجة ‏(‏2/143‏)‏ هذا اسناد صحيح رجاله ثقات‏)‏ وقال ابن حجر في الفتح ‏(‏11/535‏)‏ سند صحيح‏.‏‏]‏‏.‏
    قولـه في الحديث‏:‏ ‏(‏لا تحلفوا‏)‏‏.‏‏( ‏لا‏)‏‏:‏ ناهية، ولهذا جزم الفعل بعدها بحذف النون، و ‏(‏آباؤكم‏)‏‏: ‏ جمع أب، ويشمل الأب والجد، وإن علا فلا يجوز الحلف بهم، لأنه شرك، وقد سبق بيانه‏.‏
    قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏من حلف بالله، فليصدق، ومن حلف له بالله، فليرض‏)‏ هنا أمران‏:‏
    الأمر الأول‏:‏ للحالف، فقد أُمر أن يكون صادقا، والصدق‏:‏ هو الإخبار بما يطابق الواقع، وضده الكذب، وهو‏:‏ الإخبار بما يخالف الواقع، فقوله‏:‏ ‏(‏من حلف بالله، فليصدق‏)‏، أي‏:‏ فليكن صادقا في يمينه، وهل يشترط أن يكون مطابقا للواقع أو يكفي الظن‏؟‏
    الجواب‏:‏ يكفي الظن، فله أن يحلف على ما يغلب على ظنه، كقول الرجل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني‏.‏ فأقره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏
    الثاني‏:‏ للمحلوف له،فقد أمر أن يرضى بيمين الحالف له‏.‏
    فإذا قرنت هذين الأمرين بعضهما ببعض، فإن الأمر الثاني ينزل على إذا كان الحالف صادقا، لأن الحديث جمع أمرين‏:‏ أمرا موجها للحالف، وأمرا موجها للمحلوف له، فإن كان الحالف صادقا، وجب على المحلوف له الرضا‏.‏
    فإن قيل‏:‏ إن كان صادقا فإننا نصدقه وإن لم يحلف‏؟‏
    أجيب‏:‏ أن اليمين تزيده توكيدا‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏ومن لم يرض، فليس من الله‏)‏ أي‏:‏ من لم يرض بالحلف بالله إذا حلف له، فليس من الله، وهذا تبرؤ منه يدل على أن عدم الرضا من كبائر الذنوب، ولكن لابد من ملاحظة ما سبق، وقد أشرنا أن في حديث القسامة دليلا على أنه إذا كان الحالف غير ثقة، فلك أن ترفض الرضا به، لأنه غير ثقة، فلو أن أحدا حلف لك، وقال‏:‏ والله، إن هذه الحقيبة من خشب‏.‏ وهي من جلد، فيجوز أن لا ترضى به لأنك قاطع بكذبه، والشرع لا يأمر بشيء يخالف الحس والواقع، بل يأمر إلا بشيء يستحسنه العقل ويشهد له بالصحة والحسن، وإن كان العقل لا يدرك أحيانا مدى حسن هذا الشيء الذي أمر به الشرع، ولكن ليعلم علم اليقين أن الشرع لا يأمر إلا بما هو حسن، لأن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 50‏]‏ فإذا اشتبه عليك حسن شيء من أحكام الشرع، فاتهم نفسك بالقصور أو بالتقصير، أما أن تتهم الشرع، فهذا لا يمكن، وما صح عن الله ورسوله، فهو حق وهو من أحسن الأحكام‏.‏
    ****
    فيه مسائل‏:‏
    الأولى‏:‏ النهي عن الحلف بالآباء‏.‏ الثانية‏:‏ الأمر للمحلوف له بالله أن يرضى‏.‏ الثالثة‏:‏ وعيد من لم يرض‏.‏
    فيه مسائل‏:‏
    الأولى‏:‏ النهي عن الحلف بالآباء‏.‏ لقوله‏:‏ ‏(‏لا تحلفوا بآبائكم‏)‏، والنهي للتحريم‏.‏
    الثانية‏:‏ الأمر للمحلوف له بالله أن يرضى‏.‏ لقوله‏:‏ ‏(‏من حلف له بالله، فليرض‏)‏، وسبق التفصيل في ذلك‏.‏
    الثالثة‏:‏ وعيد من لم يرض‏.‏ لقوله‏:‏ ‏(‏ومن لم يرض، فليس من الله‏)‏‏.‏
    الرابعة‏:‏ ولم يذكرها المؤلف -‏:‏ أمر الحالف أن يصدق لأن الصدق واجب في غير اليمين، فكيف باليمين‏؟‏
    وقد سبق أن من حلف على يمين كاذبة أنه آثم، وقال بعض العلماء‏:‏ أنها اليمين الغموس‏.‏
    وأما بالنسبة للمحلوف له، فهل يلزمه أن يصدق أم لا‏؟‏
    المسألة لا تخلو من أحوال خمس‏:‏
    الأولى‏:‏ أن يعلم كذبه، فلا أحد يقول‏:‏ إنه يلزم تصديقه‏.‏
    الثانية‏:‏ أن يترجح كذبه، فكذلك لا يلزم تصديق‏.‏
    الثالثة‏:‏ أن يتساوى الأمران، فهذا يجب تصديقه‏.‏
    الرابعة‏:‏ أن يترجح صدقه، فجب أن يصدق‏.‏
    الخامسة‏:‏ أن يعلم صدقه، فيجب أن يصدق‏.‏
    وهذا في الأمور الحسية، أما الأمور الشرعية في باب التحاكم، فيجب أن يرضى باليمين ويلتزم بمقتضاها، لأن هذا من باب الرضا بالحكم الشرعي، وهو واجب‏.‏

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    162

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    وماذا عن قوله صلى الله عليه وسلم " افلح وابيه"؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    162

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    قرات كلام النووي ولكن لم يشفي الغليل

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    سمعت الخضير يقول هذا تصحيف انما الاصل "و الله" صحفت "و أبيه" من النساخ و الله اعلم

    و سئل مقبل :
    هل يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : "أفلح وأبيه إن صدق" وماذا عن قوله ( وأبيه ) هل هو حلف ام لا
    جواب : هذا الحديث رواه مسلم من طريقين إحداهما: "أما وأبيك لتنبأن"، والأخرى : "أفلح وأبيه إن صدق"، وكلتا الطريقين الظاهر أنها معلة، أذكر واحدة منها وهو أن اسماعيل بن جعفر بن أبي كثير تارة يقول : أفلح إن صدق، أي يرويها : أفلح إن صدق، وأخرى يقول أفلح وأبيه إن صدق، خالفه مالك ، فمالك يقول : أفلح إن صدق، فإذا كان إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير تارة يرويها كذا وتارة كذا، والحديث رواه البخاري من طريق إسماعيل بن جعفر: أفلح إن صدق، ورواه مسلم: أفلح وأبيه إن صدق.
    وفي "صحيح البخاري" وغيره من حديث مالك: أفلح إن صدق.
    فمال أرجح من إسماعيل بن جعفر، وإسماعيل بن جعفر نفسه اختلف عليه في هذا، فهذه الطريق تعتبر شاذة، وتلك الطريق الأخرى أيضاً تعتبر شاذة ، على أن الشوكاني أجاب في كتابه "نيل الأوطار" بثمانية أجوبة عن هذا، ولم يرتض أنها ضعيفة، لكن الذي يظهر أنه ما حقق هذا التحقيق، وقد قال بعضهم أنها مصحفة، وأن أصلها: أفلح والله إن صدق.
    ويحتمل أنها قبل النهي، ويحتمل أنها كلمة جارية على ألسنتهم، لا يقصدون بها القسم، فهذا الذي أذكره. والله المستعان .
    (( مقبل بن هادي الوادعي ))

    قال الإمام ابن باز ـ رحمه الله ـ :


    هذه رواية شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة ، لا يجوز أن يتعلق بها ، وهكذا حكم الشاذ عند أهل العلم ، وهو ما خالف فيه الفرد جماعة الثقات ، ويحتمل أن هذا اللفظ تصحيف كما قال ابن عبد البر - رحمه الله - ، وأن الأصل أفلح والله فصحفه بعض الكتاب أو الرواة ، ويحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك قبل النهي عن الحلف بغير الله ، وبكل حال فهي رواية فردة شاذة لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتشبث بها ، ويخالف الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الحلف بغير الله ، وأنه من المحرمات الشركية .

    مجموع فتاوى سماحته .. الجزء 23 / الصفحة 98


    قال الشيخ الألباني رحمه الله فس الضعيفة تحت حيث 4992:
    ولقد أوحى إلي هذا البحث وجوب إعادة النظر في الزيادة المشابهة لهذه ؛ والتي وقعت في حديث طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه قال :

    جاء رجل (وفي رواية : أعرابي) إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم من أهل نجد ، ثائر الرأس ، نسمع دوي صوته ، ولا نفقه ما يقول ، حتى دنا ؛ فإذا هو يسأل عن الإسلام (وفي رواية : فقال : يا رسول الله ! أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة) ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :

    "خمس صلوات في اليوم والليلة" . فقال : هل علي غيرها ؟ قال :

    "لا ؛ إلا أن تطوع" . (قلت : ثم سأل عن الصيام والزكاة ، وفيه) فأخبره رسول الله صلي الله عليه وسلم بشرائع الإسلام ، قال : هل علي غيرها ؟ قال :

    "لا ؛ إلا أن تطوع" . قال : فأدبر الرجل وهو يقول : والله ! لا أزيد على هذا ولا أنقص [مما فرض الله علي شيئاً] ! فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :

    "أفلح إن صدق" .

    أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" - والسياق للبخاري ، مع رواياته وزياداته حسبما جاء في كتابي "مختصر البخاري" رقم (36) - ؛ أخرجاه من طريق مالك عن أبي سهيل عن أبيه عن طلحة ...

    وكذلك أخرجه أبو داود وغيره عن مالك ، وهو مخرج في كتابي "صحيح أبي داود" برقم (414) .

    وقد تابعه إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل به .

    أخرجاه أيضاً من حديث قتيبة بن سعيد : حدثنا إسماعيل بن جعفر به .

    أخرجه البخاري في موضعين (4/ 82 و 12/ 278) عن قتيبة به .

    وأما مسلم فقال : حدثني يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد جميعاً عن إسماعيل بن جعفر ... لم يسق الحديث ؛ وإنما قال :

    بهذا الحديث ، نحو حديث مالك ؛ غير أنه قال : فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "أفلح - وأبيه ! - إن صدق" . أو : "دخل الجنة - وأبيه ! - إن صدق" .

    قلت : فزاد في الحديث : "وأبيه" ، مع تردده في قوله : "أفلح" ، أو : "دخل الجنة" !

    وظاهره أنه من يحيى وقتيبة معاً ؛ وعليه ؛ فقد وقع فيه خلاف حول هذه الزيادة بين ثلاث طوائف :

    الأولى : البخاري ومسلم ؛ في روايتهما عن قتيبة بن سعيد .

    الثانية : بين قتيبة وغيره من جهة ، ويحيى بن أيوب وغيره من جهة أخرى ؛ في الرواية عن إسماعيل بن جعفر .

    الثالثة : بين مالك وإسماعيل بن جعفر .

    وبيان هذا الإجمال على ما يلي :

    أما الأولى ؛ فالبخاري لم يذكر في روايته عن قتيبة تلك الزيادة ؛ خلافاً لمسلم على ظاهر روايته ، ولم أجد - فيما وقفت عليه الآن من الروايات - متابعاً لأي منهما ؛ إلا أنه مما لا شك فيه أن البخاري مقدم في حفظه وإتقانه على مسلم ، لا سيما وأن رواية هذا ليست صريحة في المخالفة ؛ لاحتمال أن تكون الزيادة ليحيى ابن أيوب وحده دون قتيبة الذي قرنه مسلم به ؛ لأته مشارك له في رواية أصل الحديث لا في الزيادة ! هذا محتمل . والله أعلم .

    وأما الثانية ؛ فلكل من قتيبة ويحيى بن أيوب متابع :

    أما قتيبة ؛ فتبعه علي بن حجر : عند النسائي (1/ 297) ، على خلاف عليه يأتي .

    لكن المتابعين ليحيى أكثر ؛ فتابعه يحيى بن حسان : عند الدارمي (1/ 370-371) ، وعلي بن حجر أيضاً : عند ابن خزيمة في "صحيحه" (306) ، وكذا ابن منده - خلافاً لرواية النسائي - ، وداود بن رشيد : عند البيهقي (2/ 446) ؛ لكن ذكر المحقق أن في نسخة : "والله" بدل : "وأبيه" .

    وعلى كل حال ؛فرواية يحيى - حتى الآن - أرجح من رواية قتيبة ؛ لاقترانها بمتابع قوي لم يختلف عليه ، وهو يحيى بن حسان - وهو التنيسي - ؛ وهو ثقة من رجال الشيخين ؛ بخلاف متابع قتيبة - وهو علي بن حجر - ؛ فقد اختلف عليه كما رأيت .

    وأما الثالثة ؛ فقد تبين مما سبق أن مدار الحديث على أبي سهيل ، وأن رواه عنه مالك وإسماعيل ، وأنهما اختلفا عليه في زيادة : "وأبيه" ؛ فأثبتها إسماعيل ، ولم يذكرها مالك . فيرد حينئذ - في سبيل التوفيق بينهما - قاعدتان مشهورتان :

    إحداهما : زيادة الثقة مقبولة .

    والأخرى : مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه مردودة .

    فعلى أيهما ينبغي الاعتماد والعمل هنا ؟!

    الذي تحرر عندي - من علم المصطلح ، ومن تطبيقهم له على مفردات الأحاديث - أنه لا اختلاف بين القاعدتين ؛ فإن الأولى محمولة على ما إذا تساويا في الثقة والضبط . وأما إذا اختلفا في ذلك ؛ فالاعتماد على الأوثق والأحفظ .

    وبذلك تلتقي هذه القاعدة مع القاعدة الأخرى ولا تختلفان أبداً ، ويسمى حديث الأوثق حينذاك : محفوظاً ، ومخالفه : شاذاً .

    وهذا هو المعتمد في تعريف (الشاذ) بحسب الاصطلاح ؛ كما قال الحافظ .

    إذا عرفت هذا ؛ فقد تمهد لدينا إمكانية ترجيح رواية مالك على رواية إسماعيل بمرجحات ثلاثة :

    الأول : أن مالكاً أوثق من إسماعيل ؛ فإن هذا - وإن كان ثقة - ؛ فمالك أقوى منه في ذلك وأحفظ . ويكفي في الدلالة على ذلك أن الإمام البخاري سئل عن أصح الأسانيد ؟ فقال :

    مالك عن نافع عن ابن عمر . وقال عبدالله بن أحمد :

    قلت لأبي : من أثبت أصحاب الزهري ؟ قال : مالك أثبت في كل شيء .

    الثاني : أن مالكاً لم يختلف الرواة عليه في ذلك ؛ خلافاً لإسماعيل ؛ فمنهم من رواه عنه مثل رواية مالك ، كما سبق .

    الثالث : أنني وجدت لروايته شاهداً بل شواهد ؛ خلافاً لرواية إسماعيل .

    فلا بأس من أن أسوق ما عرفت منها :

    الأول : عن أنس ؛ وله طريقان :

    الأولى : عن قتادة عنه قال :

    سأل رجل رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! كم افترض الله عز وجل على عباده من الصلوات ؟ قال :

    "افترض الله على عباده صلوات خمساً" . قال : يا رسول الله ! قبلهن أو بعدهن شيء ؟ قال :

    "افترض الله على عباده صلوات خمساً" . فحلف الرجل لا يزيد عليه شيئاً ، ولا ينقص منه شيئاً . قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :

    "إن صدق الرجل ؛ ليدخلن الجنة" .

    أخرجه النسائي (1/ 80) ، وابن حبان (1444) ، وأبو يعلى في "مسنده" (2/ 270) من طريق نوح بن قيس عن خالد بن قيس عن قتادة عنه .

    قلت : وهذا إسناد صحيح ، ورجاله كلهم ثقات ، وقد مضى في "الصحيحة" برقم (2794) .

    الثانية : عن ثابت عنه به مطولاً ؛ وفيه سؤال الرجل عن الزكاة أيضاً ، وعن صوم رمضان والحج ، وفيه قوله :

    ثم أولى ، قال : والذي بعثك بالحق ! لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن . فقال النبي صلي الله عليه وسلم :

    "لئن صدق ؛ ليدخلن الجنة" .

    أخرجه مسلم (1/ 32) ، وأبو عوانة (1/ 2-3) ، والترمذي (619) - وحسنه - ، والنسائي (1/ 297) ، والدارمي (1/ 164) ، والبغوي في "شرح السنة" رقم (4،5) ، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (رقم 5 - بتحقيقي) ، وأحمد (3/ 143،193) ، ابن منده في "الإيمان" (ق 16/ 2) من طرق عن سليمان بن المغيرة عنه .

    وعلق البخاري في "صحيحه" بعضه (1/ 25/ 19 - مختصر البخاري - بقلمي) .

    وكنت عزوته إليه عزواً مطلقاً في تعليقي على "الإيمان" ، فأوهم أنه عنده مسند أيضاً ؛ فليقيد .

    الثاني : عن أبي هريرة :

    أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة ؟ قال :

    "تعبد الله لا تشرك به شيئاً" (ثم ذكر صلي الله عليه وسلم الصلاة والزكاة ورمضان) . قال : والذي نفسي بيده ! لا أزيد على هذا شيئاً أبداً ، ولا أنقص منه . فلما ولى قال النبي صلي الله عليه وسلم :

    "من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة ؛ فلينظر إلى هذا" .

    أخرجه مسلم (1/ 33) ، وأبو عوانة (1/ 4) ، وابن منده (16/ 2) .

    الثالث : عن ابن عباس ؛ وله عنه طريقان :

    الأولى : عن سالم بن أبي الجعد عنه قال :

    جاء أعرابي إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقال ... الحديث نحو حديث أنس من الطريق الثاني ؛ وفي آخره :

    فضحك النبي صلي الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، ثم قال :

    "والذي نفسي بيده ! لئن صدق ؛ ليدخلن الجنة" .

    أخرجه الدارمي (1/ 165) ، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (رقم 4 - بتحقيقي) عن ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سالم بن أبي الجعد ...

    قلت : ورجال إسناده ثقات رجال البخاري ؛ إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط .

    والأخرى : عن كريب مولى ابن عباس عنه نحوه ؛ وفيه تسمية الرجل بـ : (ضمام ابن ثعلبة) ؛ وفيه قال :

    ثم قال : لا أزيد ولا أنقص ، ثم انصرف إلى بعيره . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم حين ولى :

    "إن يصدق ذو العقيصتين ؛ يدخل الجنة" .

    أخرجه الدارمي ، وأحمد (1/ 250،264) من طريق محمد بن إسحاق : حدثني سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نويفع عنه .

    قلت : وهذا إسناد حسن . وسكت عليه الحافظ (1/ 161) مشيراً بذلك إلى تقويته .

    وقد جاءت تسميته بـ : (ضمام بن ثعلبة) في طريق ثالثة عن أنس بن مالك ؛ نحو الطريق الثاني عنه باختصار بلفظ :

    فقال الرجل : آمنت بما جئت به ، وأنبأنا رسول من ورائي من قومي ، وأنبأنا ضمام ابن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر .

    أخرجه البخاري (50 - المختصر) ، والنسائي (1/ 297) ، وأحمد (3/ 168) ، وابن منده من طريق عن الليث عن سعيد عن شريك بن أبي نمر أنه سمع أنس ابن مالك .

    وإسناده على شرط الشيخين ؛ على ضعف في شريك هذا .

    وبالجملة ؛ فهذه شواهد ثلاثة لحديث مالك ؛ من رواية أنس وابن عباس وأبي هريرة ، لم يرد فيها تلك الزيادة :

    "وأبيه" ، فدل ذلك على أنها زيادة شاذة غير محفوظة .

    ومما لا شك فيه أن الاستشهاد المذكور ، إنما هو باعتبار أن الحادثة واحدة في الأحاديث الأربعة ، وهو الذي صرح به ابن بطال وآخرون في خصوص الحديثين الأولين : حديث طلحة ، وحديث أنس ، فجزموا بأن الرجل المبهم في الحديث الأول : هو ضمام بن ثعلبة المصرح به في بعض طرق الحديث الثاني ، وحديث ابن عباس أيضاً الثالث . قال الحافظ في "الفتح" (1/ 88) :

    "والحامل لهم على ذلك : إيراد مسلم لقصته عقب حديث طلحة ، ولأن في كل منهما أنه بدوي ، وأن كلاً منهما قال في آخر حديثه : لا أزيد على هذا ولا أنقص" .

    قلت : وكذلك في حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة كما تقدم ؛ فهي أحاديث أربعة ، تتحدث عن قصة واحدة ، فإذا تفرد أحد الرواة عنهم بشيء دون الآخرين ؛ قام في النفس مانع من قبولها ، لا سيما إذا اختلف عليه في ذلك ؛ كهذه الزيادة : "وأبيه" ؛ لأنه يلزم من قبولها توهيم الرواة الآخرين ، ونسبتهم إلى قلة الضبط والحفظ . وإذا كان لا بد من ذلك ؛ فنسبة الفرد الواحد إلى ذلك أولى ، كما لا يخفى على أولي النهى .

    وأما ما ذكره الحافظ عن القرطبي ؛ أنه تعقب جزم ابن بطال المتقدم ؛ بأن سياق حديث طلحة وأنس ، مختلف ، وأسئلتهما متباينة ! فالجواب :

    أنه لا اختلاف ولا تباين في الحقيقة ؛ وإنما هو الاختصار من بعض الرواة حسب المناسبات ؛ ألا ترى إلى حديث أنس من الطريق الأولى كم هو مختصر عنه في الطريق الأخرى ؟! فهل يقول قائل : إنهما يتحدثان عن قصتين مختلفتين ؛ لتباين الأسئلة فيهما ؟! وكذلك يقال عن حديث ابن عباس في طريقيه !

    فإذا كان هذا الاختلاف في حديث الرواي الواحد لا يدل على تعدد القصة ؛ فأولى أن لا يدل عليه الاختلاف في حديث راويين مختلفين . وهذه هي طريقة العلماء المحققين .

    ألا ترى إلى العلامة ابن القيم في (فصل صلاة الخوف) من كتابه "زاد المعاد" ؛ كيف أنه لم يجعل كل رواية رويت في صلاة الخوف صفة مستقلة ؟! بل أنكر ذلك فقال :

    "وقد روي عنه صلي الله عليه وسلم في صلاة الخوف صفات أخر ترجع كلها إلى هذا ، وهذه أصولها ، وربما اختلف بعض ألفاظها ، وقد ذكرها بعضهم عشر صفات ، وذكرها ابن حزم نحو خمس عشرة صفة ، والصحيح ما ذكرناه أولاً (يعني : ست صفات) ؛ وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة ؛ جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي صلي الله عليه وسلم ، وإنما هو من اختلاف الرواة" .

    والخلاصة : أن الزيادة المذكورة في حديث طلحة - وكذا في حديث أبي هرية الذي قبله - زيادة شاذة لا تصح عندي . ومن صححها ؛ فإنما نظر إلى كون راويها - إسماعيل بن جعفر - ثقة ، دون النظر إلى المخالفة - مالك - له فيها ، واختلاف الرواة على إسماعيل في إثباتها .

    فلا جرم أن أعرض عن روايتها إمام الأئمة أبو عبدالله البخاري ، وهذا هو غاية الدقة في التخريج ، جزاه الله خيراً .

    ثم إنه قد بدا لي شيء آخر أكد لي نكارة الزيادة في حديث طلحة خاصة ، ألا وهو أنه بينما نرى الأعرابي السائل لرسول الله صلي الله عليه وسلم عن الإسلام ؛ يحلف بالله دون سواه ؛ إذا بالرسول صلي الله عليه وسلم يحلف بأبيه كما تقول الزيادة ! فهذه المقابلة مستنكرة عندي مهما قيل في تأويل الزيادة . والله أعلم .

    ثم رأيت ابن عبدالبر قد جزم في "التمهيد" (14/ 367) بأن الزيادة غير محفوظة - كما سيأتي - ؛ فالحمد لله على توفيقه .

    و الله اعلم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    و قال الحويني :

    أما قول من قال فى حديث النبي صلى الله عليه وسلم " أفلح وأبيه إن صدق " أن لفظة " وأبيه " شاذة فلم يصب فى ذلك .

    وخلاصة الكلام أن حديث طلحة بن عبيد الله هذا رواه أبو سهيل نافع بن مالك عن أبيه ، عن طلحة ابن عبيد الله ، ورواه عن أبى سهيل اثنان :

    الأول : هو الإمام مالك واتفق كل أصحاب مالك فى الرواية عنه هذا الحديث بلفظ : " أفلح إن صدق " فلم يذكر " وأبيه " .

    الثانى : هو إسماعيل ابن جعفر وهو ثقة ثبتٌ حافظٌ ، وهو الذى وقعت فى روايته لفظة " وأبيه " وقد رواها عنه بإثباتها : يحيى بن أيوب ، وقتيبة بن سعيد عند مسلم فى " صحيحه " ويحيى بن حسان . عند الدارمى فى " سننه " ( 1/309 ) وعلى بن حجر عند ابن خزيمة ( 1/158 ) . وسليمان بن داود العتكى عند أبى داود فى " سننه " ( 392،3252 ) ، وداود بن رشيد عند الهيثم بن كليب فى " مسنده " ( ق/ 38/1 ) والبيهقى ( 2/366ء4/201 ) وعاصم ابن علىّ عند البيهقى وأبى نعيم فى معرفة الصحابة ( رقم /390 ) .

    ورواها عن إسماعيل ابن جعفر بدونها : على بن حجر عند النسائى ( 4/120 – 121 ) وقتيبة بن سعيد عند البخارى ( 4/102 – 12/330 فتح ) ، وقد سبق أن ذكرنا أن قتيبة وعلى بن حجر قد روياها فيشبه أن تكون الرواية بدون هذا الحرف مختصرة ، فترد هذه الرواية إلى الرواية التى فيها الزيادة . وإسماعيل بن حعفر من أوثق الناس وأثبتهم ، فلا يتهيأ الحكم على روايته بالشذوذ ، لا سيما وهذا الحرف ليس فيه مخالفة من جهة أنه حلفٌ بغير الله ، لأن العلماء حملوا ذلك على أنها كلمة جرت بها العادة ، ولم يقصد بها النبى صلى الله عليه وسلم الحلف وحاشاه . ومثله ما أخرجه البخارى ( 7/95 ) وأحمد ( 1/8 ) وغيرهما عن عقبة بن الحارث قال . إنى لمع أبى بكر حين مرّ هو وعلى بن أبى طالب على الحسن وهو يلعب مع الصبيان ، فحمله أبو بكر على عاتقه وهو يقول : " بأبى شبيه بالنبى . ليس شبيهاً بعلى " فالباء فى قوله " بأبى " هى باء القسم فهل كان أبو بكر رضى الله عنه يحلف بأبيه حين حمل الحسن ؟ وأخرج أحمد ( 6/283 ) وابن عساكر فى " تاريخه " ( 39ء ترجمة الحسن ) عن ابن أبى ملكية قال : كانت فاطمة تنقر ( أى ترقص ) الحسن بن على وتقول : بأبى شبيه بالنبى ليس شبيهاً بعلى . ولكن فى سنده زمعة بن صالح وعندى أنه وهم فى روايته هكذا ، والصواب ما رواه الثقات عن ابن أبى مليكة ، عن عقبة بن الحارث بالسند السابق الذى أخرجه البخارى وغيره .

    وخلاصة البحث أن الشذوذ منتفٍ ، ولا أعلم أن أحداً من السالفين ادعى هذه الدعوى . والله أعلم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    و لو تكرم الاخ السكران التميمي فينقل الينا كل الروايات لنظرنا فيها لنعرف هل الرواية فيها شذوذ ام لا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    دعوى التصحيف بالطبع باطلة لورود الحديث باللفظ المذكور في اكثر من كتاب من كتب الحديث

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    بعد تتبع الروايات يظهر ان الراجح قول الشيخ مقبل الوادعي و بن الباز و الالباني و بن عبد البر رحمهم الله

    فمالك رحمه الله اثبت من اسماعيل و كذلك يروي عن عمه أبي سهيل و كذلك اختلفت الروايات عن اسماعيل فيحكم لرواية اسماعيل بالشذوذ كما حكم عليها بن عبد البر و غيره من المحدثين و على هذا لم يصب الحويني في كلامه و الله اعلم

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    162

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    اي نعم كذلك قرات لابن عبد البر انه قال في التمهيد(5-558)
    وهذه لفظة غير محفوظة من حديث من يحتج به وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن ابي سهيل لم يقولوا ذلك فيه
    وهي لفظة منكرة تردها الاثار الصحيحة
    و بارك الله فيكم

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    بارك الله فيك
    لم يروى الحديث الا من طريق مالك و اسماعيل لكن اسماعيل رواه بألفاظ مختلفة

    الامام مالك احفظمنه و يرويه عن عمه فهو اثبت فيه من اسماعيل و الله اعلم

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    رفع الله قدرك أخي العزيز (أبا الأمين)

    امهلني وقتا، لعلي أعد لك تقريرا كاملا مفصلا حول الموضوع.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    بارك الله فيك اخي التميمي
    نحن في انتظار مشاركاتك النافعة و جازاك الله كل خير

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    845

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    الحافظ ابن عبدالبر ، والشيخ العلامة ابن باز ، والشيخ العلامة الألباني ، والشيخ العلامة مقبل الوادعي ـ رحمهم الله جميعاً ـ فإن القول ما قالت حذامي .
    واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ
    لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ


  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبه تعالى نستعين

    قبل كل شيء: لتعلم أن الحديث صحيح ثابت، ولا عبرة بقول من قال غير ذلك فيه. فتنبه

    الحديث من رواية أبي سهل نافع بن مالك، عن أبيه مالك بن أبي عامر، عن طلحة بن عبيد الله، ثم هو يروى عن أبي سهل من طريقين:
    الطريق الأول: طريق إسماعيل بن جعفر، أخرجها:
    1) مسلم في (الصحيح ج1/ص41).
    2) البيهقي في (الكبرى ج2/ص466، ج4/ص201).
    3) الطوسي في (الأربعين ص46).
    4) ابن خزيمة في( صحيحه ج1/ص158).
    5) أبو داوود في (السنن ج1/ص107، ج3/ص223).
    6) الدارمي في (السنن ج1/ص447).
    7) ابن منده في (الإيمان ج1/ص280).
    8) ابن عبد البر في (التمهيد ج16/ص158).
    9) ابن عساكر في (تاريخ دمشق ج25/ص54).

    الطريق الثاني: طريق مالك بن أنس، أخرجها:
    1) الطوسي في (الأربعين ص46).
    2) ابن عساكر في (تاريخ دمشق ج25/ص54).

    أقوال العلماء في توجيه الحديث:
    حقيقة تباينت أقوال العلماء حول الكلام عن الحديث تباينا شديدا، وفي بعض أقوالهم حوله قوة، وفي بعضها الآخر ضعف واضح، وإليك ما قاله أهل العلم حول الحديث:
    أول من رأيته تطرق للكلام حول الحديث مما وقفت عليه هو الإمام البيهقي رحمه الله تعالى حيث قال في (السنن الكبرى ج10/ص29):
    وأما الذي روينا في كتاب الصلاة عن طلحة بن عبيد الله في قصة الأعرابي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفلح وأبيه إن صدق" فيحتمل: أن يكون هذا القول منه قبل النهي، ويحتمل: أن يكون جرى ذلك منه على عادة الكلام الجاري على الألسن وهو لا يقصد به القسم، كلغو اليمين المعفو عنه، ويحتمل: أن يكون النهي إنما وقع عنه إذا كان منه على وجه التوقير له والتعظيم لحقه، دون ما كان بخلافه ولم يكن ذلك منه على وجه التعظيم بل كان على وجه التوكيد، ويحتمل: أنه كان صلى الله عليه وسلم أضمر فيه اسم الله تعالى؛ كأنه قال: لا ورب أبيه، وغيره لا يضمر بل يذهب فيه مذهب التعظيم لأبيه.انتهى
    وأيده على هذا ابن الصلاح رحمه الله في (صيانة صحيح مسلم ص140):
    فقال: وقوله في رواية أخرى: "أفلح وأبيه إن صدق" ليس حلفا بأبيه وإنما هذه كلمة جرت عادة العرب بأنهم يبدؤون بها كلامهم من غير قصد لقسم محقق. والله أعلم.انتهى

    لكن هذا الكلام لم يرض لابن عبد البر رحمه الله تعالى، حيث قال في (التمهيد ج14/ص367):
    فإن احتج محتج بحديث يروى عن إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل نافع بن مالك بن ابن أبي عامر، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله في قصة الأعرابي النجدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفلح وأبيه إن صدق" قيل له: هذه لفظة غير محفوظة في هذا الحديث من حديث من يحتج به، وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن أبي سهيل لم يقولوا ذلك فيه، وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث وفيه: "أفلح والله إن صدق أو دخل الجنة والله إن صدق" وهذا أولى من رواية من روى وأبيه لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح. وبالله التوفيق.انتهى

    قلت: ولم يطلع رحمه الله على رواية مالك الأخرى للحديث والتي فيها الحلف، وإلا لما قال هذا الكلام رحمه الله تعالى.

    ثم قال في موضع آخر من (التمهيد ج16/ص158):
    وهذه لفظة إن صحت فهي منسوخة، لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء وبغير الله.انتهى

    قلت: ويفهم من قوله هذا بعض التراجع عما قاله أولا. وكأنه تنبه لشيء رحمه الله تعالى.
    فلذلك قال أيضا في (الاستذكار ج5/ص205) وهو متأخر عن التمهيد:
    وحديث هذا الباب ناسخ لما رواه إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الأعرابي النجدي قال فيه: "أفلح - وأبيه - إن صدق" إن صحت هذه اللفظة؛ لأن مالكا رواه عن عمه أبي سهيل بإسناده فقال فيه: "أفلح إن صدق" ولم يقل: "وأبيه"، ومالك لا يقاس به مثل إسماعيل بن جعفر في حفظه وإتقانه.انتهى

    قلت: وإن كان مالك رواها عن إسماعيل بن جعفر مرة بدون لفظة الحلف؛ فإنه قد رواها عنه الثقة عن إسماعيل بلفظة الحلف. فتأمل
    وهذا القول الأخير من الحافظ ابن عبد البر هو الأليق بمكانة الشيخ رحمه الله تعالى.
    وعليه عرفنا أن الحديث جزما لا شكة فيه أنه روي باللفظين: بالحلف، وبدونه. وأنه روي على فترتين زمنيتين، فالرواية الزمنية الأولى كانت بلفظ الحلف، بخلاف الرواية الزمنية الثانية. والله أعلم

    قال أبو المحاسن في (معتصر المختصر ج1/ص258):
    روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت"، ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه إن صدق" _ لما جاءه أعرابي يسأل عن الإسلام فأخبره بشرائع الإسلام، وقال الأعرابي: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه _ فإنه كان مباحا وانتسخ بالنهي، ويؤيده ما روى أن حبرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد نعم القوم أنتم لو لا أنكم تشركون. فقال: "سبحان الله" قال: إنكم تقولون إذا حلفتم والكعبة، قال: فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "إنه قد قال، فمن حلف فليحلف برب الكعبة".انتهى

    قال الإمام النووي في (شرح صحيح مسلم ج1/ص168):
    قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه إن صدق": هذا مما جرت عادتهم أن يسألوا عن الجواب عنه، مع قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان حالفا فليحلف بالله" وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم".
    وجوابه: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه" ليس هو حلفا؛ إنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها حقيقة الحلف، والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف؛ لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته به الله سبحانه وتعالى، فهذا هو الجواب المرضي.
    وقيل: يحتمل أن يكون هذا قبل النهى عن الحلف بغير الله تعالى. والله أعلم.انتهى
    وبنحوه قال ابن الأثير في (النهاية في غريب الأثر ج1/ص19):
    قال: هذه كلمة جارية على ألسن العرب تستعملها كثيرا في خطابها وتريد بها التأكيد، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلف الرجل بأبيه، فيحتمل أن يكون هذا القول قبل النهي، ويحتمل أن يكون جرى منه على عادى الكلام الجاري على الألسن ولا يقصد به القسم كاليمين المعفو عنها من قبيل اللغو، أو أراد به توكيد الكلام لا اليمين، فإن هذه اللفظة تجرى في كلام العرب على ضربين: للتعظيم وهو المراد بالقسم المنهي عنه، وللتوكيد كقول الشاعر:
    لعمر أبي الواشين لا عمر غيرهم
    لقد كلفتني خطة لا أريدها
    فهذا توكيد لا قسم لأنه لا يقصد أن يحلف بأبي الواشين وهو في كلامهم كثير.انتهى

    فلذلك قال السيوطي في (التطريف في التصحيف ص34):
    حديث "أفلح وأبيه إن صدق" قال القرطبي: الرواية الصحيحة التي لا يعرف غيرها هكذا؛ بصيغة القسم بالأب، وقال بعضهم: إنما هي (والله) وصحفت بأن قصرت اللامان فالتبست بـ (أبيه)، وهذا لا يلتفت إليه لأنه تقدير يجزم الثقة برواية الثقات الأثبات.انتهى

    قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري ج1/ص107):
    فإن قيل: ما الجامع بين هذا وبين النهي عن الحلف بالآباء؟
    أجيب: بأن ذلك كان قبل النهي، أو بأنها كلمة جارية على اللسان لا يقصد بها الحلف، كما جرى على لسانهم: عقري حلقي وما أشبه ذلك، أو فيه إضمار اسم الرب كأنه قال: ورب أبيه، وقيل: هو خاص، ويحتاج إلى دليل.
    وحكى السهيلي عن بعض مشايخه أنه قال: هو تصحيف، وإنما كان (والله) فقصرت اللامان. واستنكر القرطبي هذا وقال: إنه يجزم الثقة بالروايات الصحيحة، وغفل القرافي فادعى أن الرواية بلفظ (وأبيه) لم تصح لأنها ليست في الموطأ وكأنه لم يرتض الجواب، فعدل إلى رد الخبر، وهو صحيح لا مرية فيه، وأقوى الأجوبة الأولان.انتهى

    وقال في أيضا في (فتح الباري ج11/ص533):
    وأما ما وقع مما يخالف ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: "أفلح وأبيه إن صدق" فقد تقدم في أوائل هذا الشرح الجواب عن ذلك؛ وأن فيهم من طعن في صحة هذه اللفظة؛ قال ابن عبد البر: هذه اللفظة غير محفوظة، وقد جاءت عن راويها وهو إسماعيل بن جعفر بلفظ "أفلح والله إن صدق" قال: وهذا أولى من رواية من روى عنه بلفظ "أفلح وأبيه" لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح ولم تقع في رواية مالك أصلا.انتهى
    قلت: وقد تقدم الكلام على هذا.

    ثم قال الحافظ: وزعم بعضهم أن بعض الرواة عنه صحف قوله: (وأبيه) من قوله: (والله) وهو محتمل، ولكن مثل ذلك لا يثبت بالاحتمال، وقد ثبت مثل ذلك من لفظ أبي بكر الصديق في قصة السارق الذي سرق حلي ابنته فقال في حقه: (وأبيك ما ليلك بليل سارق) أخرجه في الموطأ وغيره، قال السهيلي: وقد ورد نحوه في حديث آخر مرفوع قال للذي سأل: أي الصدقة أفضل؟ فقال: "وأبيك لتنبأن" أخرجه مسلم.
    فإذا ثبت ذلك فيجاب بأجوبة:
    الأول: أن هذا اللفظ كان يجري على ألسنتهم من غير أن يقصدوا به القسم، والنهي إنما ورد في حق من قصد حقيقة الحلف. وإلى هذا جنح البيهقي، وقال النووي أنه الجواب المرضي.

    قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في (تيسير العزيز الحميد ج1/ص527) عن هذا الوجه:
    قلت: هذا جواب فاسد، بل أحاديث النهي عامة مطلقة ليس فيها تفريق بين من قصد القسم وبين من لم يقصد، ويؤيد ذلك أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حلف مرة باللات والعزى، ويبعد أن يكون أراد حقيقة الحلف بهما، ولكنه جرى على لسانه من غير قصد على ما كانوا يعتادونه قبل ذلك، ومع هذا نهاه النبي صلى الله عليه وسلم.
    غاية ما يقال: أن من جرى ذلك على لسانه من غير قصد معفو عنه، أما أن يكون ذلك أمرا جائزا للمسلم أن يعتاده فكلا، وأيضا فهذا يحتاج إلى نقل أن ذلك كان يجري على ألسنتهم من غير قصد للقسم، وأن النهي إنما ورد في حق من قصد حقيقة الحلف وأنّى يوجد ذلك.انتهى

    قال الحافظ ابن حجر: الثاني: أنه كان يقع في كلامهم على وجهين: أحدهما للتعظيم، والآخر للتأكيد، والنهي إنما وقع عن الأول، فمن أمثلة ما وقع في كلامهم للتأكيد لا للتعظيم قول الشاعر:
    لعمر أبي الواشين أني أحبها.
    وقول الآخر:
    فان تك ليلى استودعتني أمانة
    فلا وأبي أعدائها لا أذيعها
    فلا يظن أن قائل ذلك قصد تعظيم والد أعدائها، كما لم يقصد الآخر تعظيم والد من وشى به، فدل على أن القصد بذلك تأكيد الكلام لا التعظيم.
    وقال البيضاوي: هذا اللفظ من جملة ما يزاد في الكلام لمجرد التقرير والتأكيد، ولا يراد به القسم، كما تزاد صيغة النداء لمجرد الاختصاص دون القصد إلى النداء.
    وقد تعقب الجواب: بأن ظاهر سياق حديث عمر يدل على أنه كان يحلفه؛ لأن في بعض طرقه أنه كان يقول: لا وأبي لا وأبي، فقيل له: لا تحلفوا، فلولا أنه أتى بصيغة الحلف ما صادف النهي محلا.

    قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في (تيسير العزيز الحميد ج1/ص528) عن هذا الوجه:
    قلت: وهذا أفسد من الذي قبله، وكأن من قال ذلك لم يتصور ما قال، فهل يراد بالحلف إلا تأكيد المحلوف عليه بذكر من يعظمه الحالف والمحلوف له! فتأكيد المحلوف عليه بذكر المحلوف به مستلزم لتعظيمه، وأيضا فالأحاديث مطلقة ليس فيها تفريق، وأيضا فهذا يحتاج إلى نقل أن ذلك جائز للتأكيد دون التعظيم وذلك معدوم.انتهى

    قال الحافظ ابن حجر: ومن ثم قال بعضهم وهو الجواب الثالث: أن هذا كان جائزا ثم نسخ، قاله الماوردي وحكاه البيهقي، وقال السبكي: أكثر الشراح عليه، حتى قال ابن العربي: وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان يحلف بأبيه حتى نهى عن ذلك، قال: وترجمة أبي داود تدل على ذلك. يعني قوله: (باب الحلف بالآباء) ثم أورد الحديث المرفوع الذي فيه "أفلح وأبيه إن صدق" قال السهيلي: ولا يصح؛ لأنه لا يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحلف بغير الله، ولا يقسم بكافر، تالله إن ذلك لبعيد من شيمته.
    وقال المنذري: دعوى النسخ ضعيفة لإمكان الجمع، ولعدم تحقق التاريخ.

    قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في (تيسير العزيز الحميد ج1/ص528) عن هذا الوجه:
    وهذا الجواب هو الحق، يؤيده أن ذلك كان مستعملا شائعا حتى ورد النهي عن ذلك، كما في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب يسير في ركب يحلف بأبيه فقال: "ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" رواه البخاري ومسلم، وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله"، وكانت قريش تحلف بآبائها فقال: "ولا تحلفوا بآبائكم" رواه مسلم، وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: حلفت مرة باللات والعزى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ثم انفث عن يسارك ثلاثا وتعوذ ولا تعد" رواه النسائي وابن ماجه وهذا لفظه، وفي هذا المعنى أحاديث، فما ورد فيه ذكر الحلف بغير الله فهو جار على العادة قبل النهي لأن ذلك هو الأصل حتى ورد النهي عن ذلك.انتهى
    قلت: وهذا الذي أرتضيه، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، وإليه أشار ابن قدامة في (المغني ج9/ص386) إليه، وهو القول الأخير لابن عبد البر رحمه الله.

    قال الحافظ ابن حجر: والجواب الرابع: أن في الجواب حذفا تقديره: أفلح ورب أبيه، قاله البيهقي، وقد تقدم.
    الخامس: أنه للتعجب، قاله السهيلي. قال: ويدل عليه أنه لم يرد بلفظ (أبي) وإنما ورد بلفظ (وأبيه) أو (وأبيك) بالإضافة إلى ضمير المخاطب حاضرا أو غائبا.
    السادس: أن ذلك خاص بالشارع دون غيره من أمته. وتعقب: بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال.انتهى

    قال ابن القيم في (إعلام الموقعين ج3/ص53):
    وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم"، وصح عنه أنه قال: "أفلح وأبيه إن صدق" ولا تعارض بينهما، ولم يعقد النبي صلى الله عليه وسلم اليمين بغير الله قط، وقد قال حمزة للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أنتم إلا عبيد لأبي، وكان نشوانا من الخمر، فلم يكفره بذلك، وكذلك الصحابي الذي قرأ: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون، وكان ذلك قبل تحريم الخمر ولم يعدُّ بذلك كافرا لعدم القصد وجريان اللفظ على اللسان من غير إرادة لمعناه، فإياك أن تهمل قصد المتكلم ونيته وعرفه فتجني عليه وعلى الشريعة، وتنسب إليها ما هي بريئة منه، وتلزم الحالف والمقر والناذر والعاقد ما لم يلزمه الله ورسوله به، ففقيه النفس يقول: ما أردت، ونصف الفقيه يقول: ما قلت، فاللغو في الأقوال نظير الخطأ والنسيان في الأفعال، وقد رفع الله المؤاخذة بهذا وهذا كما قال المؤمنون: [ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا] فقال ربهم تبارك وتعالى: قد فعلت.انتهى

    قال شيخنا الشيخ العلامة محمد الصالح العثيمين:
    أما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه إن صدق" فهذه الكلمة (وأبيه) اختلف الحفاظ فيها: فمنهم من أنكرها وقال: لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبناء على ذلك فلا إشكال في الموضوع لأن المعارض لا بد أن يكون قائما وإذا لم يكن المعارض قائما فهو غير مقاوم ولا يلتفت إليه.
    وعلى القول بأنها ثابتة؛ أي: كلمة (وأبيه) فإن الجواب على ذلك: أن هذا من المشكل؛ والحلف بغير الله من الواضح، أي: من المحكم، فيكون لدينا محكم ومتشابه، وطرق الراسخين في العلم في ذلك أن يدعوا المتشابه ويأخذوا بالمحكم، قال الله تعالى: [هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فتاوى في قلوب هم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا].
    ووجه كونه متشابها: أن فيه احتمالات كثيرة، فقد يكون هذا قبل النهي، وقد يكون هذا خاصا بالرسول عليه الصلاة والسلام لبعد الشرك بحقه، وقد يكون هذا مما يجري على اللسان بغير قصد، ولما كانت هذه الاحتمالات واردة على هذه الكلمة إن صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ صار الواجب علينا أن نأخذ بالحكم؛ وهو النهي عن الحلف بغير الله.انتهى

    قال الشوكاني في (السيل الجرار ج4/ص16):
    أقول: أقل ما تقتضيه الأحاديث الكثيرة في النهي عن الحلف بغير الله والوعيد الشديد عليه أن يكون الفاعل لذلك آثما؛ لأنه أقدم على فعل محرم، والإثم لازم من لوازم الحرام، وأما الاستدلال على عدم الإثم بما ورد في غاية الندرة والقلة كحديث "أفلح وأبيه إن صدق" فمن الغرائب والمغالط، وكيف تهمل المناهي والزواجر التي وردت موردا يقرب من التواتر بمثل هذا الذي تعرض العلماء لتأويله بوجوه من وجوه التأويل التي يجب استعمالها والمصير إليها فيما خالف السنن الظاهرة المشتهرة.انتهى

    والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    تنبيه مهم جدا

    كنت قد ذكرت أن الطوسي في (الأربعين) قد أخرج من طريق مالك رواية (وأبيه) وهذا وهم مني، فالطوسي وإن روى الحديث بالطريقين إلا أنه ساق لفظ طريق مالك؛ وليس فيه (وأبيه) ثم أعقبه بقوله: وقال اسماعيل بن جعفر: "أفلح وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق".
    وأيضا قد ذكرت أن ابن عساكر قد ذكرها في (تاريخ دمشق) وهذا وهم مني أيضا؛ فإنه ساق الحديث بلفظ مالك وليس فيه (وأبيه) وقال بعده: وقال: سمعت ابن جعفر: "أفلح وأبيه إن صدق أو دخل الجنة وأبيه إن صدق".
    فصححوا خطأي بارك الله فيكم.

    وعليه فيكون الإمام مالك رحمه الله لم يرو هذه اللفظة بتاتا.

    وقد وجدت النسائي في (الكبرى ج2/ص61) قد أخرج الحديث من طريق إسماعيل بن جعفر.

    ومما لفت نظري قول من قال _ مستشهدا على شذوذ اللفظة _: أن البخاري لم يخرجها.
    فأقول: هذا الشذوذ يستقيم لو أن البخاري رحمه الله أخرج اللفظة الأخرى وهي (الله) بدلا من (وأبيه) لكنه لم يخرج ولا واحدة منهما بحسب ما تتبعته في الصحيح.
    بل هي لفظة ثابتة، لكن تبقى مسألة هي بالنسبة لي قد تكون فصل الأمر في المسألة؛ هل هي من أصل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم _ وهو صنيع وفهم من أولها من العلماء _ أم هي زيادة ثقة غير مقبولة _ وهو صنيع من ردها من العلماء_.

    والذي يظهر أنها من صلب الحديث، وأنها من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن هذا كان في فترة زمنية متقدمة سابقة، ومن ثم نسخ بالطريق الثاني للحديث كما أشرت إلى هذا أثناء كلامي.

    والله تعالى أعلم
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    بارك الله فيكم
    قول الشيخ الحويني:
    وخلاصة البحث أن الشذوذ منتفٍ ، ولا أعلم أن أحداً من السالفين ادعى هذه الدعوى .
    غلط فقد تقدم النقل عن السالفين

    وقول أخي السكران:
    ولا عبرة بقول من قال غير ذلك فيه
    لا عبرة به لأن أدلة المضعفين لهذه الزيادة أقوى ولأن المسألة من موارد الاجتهاد ولأن المضعفين أكثر

    الحق في زيادة الثقة أنها لا تقبل مطلقا ولا ترد مطلقا ولكن ينظر إلى القرائن وهو منهج المتقدمين ومحققي المتأخرين كما بسطه العلائي وابن رجب وابن حجر وغيرهم

    لا يشترط في الشاذ المخالفة بل مجرد الزيادة مخالفة إذا دلت القرائن على ذلك وفي المجلس بحث طويل حول هذه الجزئية فلينظر

    مالك هو الحكم في حديث المدينة فالقول قوله وهو كبير المتقنين في عصره فيقدم قوله على غيره
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    بارك الله فيك اخي التميمي

    لكن كلام الشيخ الالباني في شذوذ الزيادة اقوى و ذلك لأنه ذكر طرقا اخرى للحديث لم ترد فيها هذه اللفظة

    كذلك الامام مالك يروي الحديث عن عمه فهو من قرابته

    كذلك اختلاف الرواة عن اسماعيل ، كل هذه القرائن لا تدع مجالا للشك في شذوذ اللفظ و الله اعلم

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    أحسنتم جميعا وبارك الله فيكم ونفع آمين

    ولي هنا بعض الوقفات اليسيرة إن شاء الله تعالى:
    1) أنا معكما مئة بالمئة أن اللفظة شاذة، منكرة، لم أختلف معكما ولا مع غيركما.
    2) بالنسبة لما قلته أنا يا أخي (أمجد) بعبارة: (ولا عبرة بمن قال غير ذلك) قصدت به رعاك الله الرد على من أنكر ورود الرواية أصلا، وأنها غير صحيح ورودها في الحديث إطلاقا. فبينت أن هذا غير صحيح بل هي واردة ثابتة.
    3) أن الأئمة قد قبلوها وأخرجوها في كتبهم معتدين بها، لكن لما أنها لم توافق الهدي النبوي في ذلك، وبان لهم ذلك أخذوا يلتمسون لها تأويلات وتوجيهات وأعذارا لمخالفتها النصوص الصريحة الواضحة في النهي عن ذلك.
    وإلا فإني لا أنكر شذوذها، كما أني لا أنكر ورودها، وحقيقة إني لأربأ بأئمة كبار عظام هم منارات في الحديث يروون هذه الزيادة ويمرونها بدون أي مناقشة، إلا لعلمهم بأنها واردة موردا صحيحا رواية، لكنه في مقابلة نصوص أصرح منها في النهي عن ذلك، فلم يجدوا محيصا من التماس توجيها لها بما لا يؤدي إلى القول بعدم صحة ورودها، بل غايتها أنه رواية (شاذة).
    وعلى هذا العمل أكثر من رأيت من أهل العلم تعرض للمسألة سلفا وخلفا.

    وعليه أحبتي الكرام: لا يجوز الإعتماد على هذه الرواية في حكم من الأحكام الشرعية، ولا يجوز مخالفة الأصول الصحيحة الصريحة لمجرد ورود هذه الرواية بسند صحيح، بل الحذر كل الحذر من ذلك، ومن فعل ذلك فقد فعل معصية ومخالفة شرعية، ولا يعذر إلا إن كان جاهلا لا يعلم الحكم.

    والله تعالى أعلم
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    845

    افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    بارك الله فيك أخي السكران التميمي على هذا البحث الطيب ونفع بك فقد أجدت كعادتك . وكذا الأخوة الذين شاركوا ، والتقرتي ، والبدراوي على طرح هذه المسألة الهامة :
    وخلاصة البحث في لفظ ( أفلح وأبيه إن صدق ) :
    1 ـ الشذوذ والنكارة .
    2 ـ أن ذلك كان مستعملا شائعا حتى ورد النهي عن ذلك .
    3 ـ أن الأصل أفلح والله فصحفه بعض الكتاب أو الرواة .
    4ـ أن هذا اللفظ كان يجري على ألسنتهم من غير أن يقصدوا به القسم، والنهي إنما ورد بحق من قصد حقيقة الحلف .
    5 ـ أن الحلف كان يقع في كلامهم على وجهين : أحدهما للتعظيم، والآخر للتأكيد، والنهي إنما وقع عن الأول .
    6 ـ أن في الجواب حذفا تقديره: أفلح ورب أبيه .
    7 ـ أنه للتعجب .
    8 ـ أن ذلك خاص بالشارع دون غيره من أمته .
    9 ـ أن هذا من المشكل؛ والحلف بغير الله من الواضح .
    والصحيح من أقوال أهل العلم ـ كما ذكر الأخوة ـ حفظهم الله ـ :
    1 ـ القول بشذوذ هذه الرواية ( أفلح وأبيه ) .
    2 ـ ثم القول بالنسخ بالأحاديث التي تنهى عن الحلف بغير الله .
    3ـ ثم القول أن هذا من المشكل؛ والحلف بغير الله من الواضح .
    فعلى هذا لا يجوز الاحتجاج بهذه الرواية على جواز الحلف بغير الله تعالى . والله تعالى أعلم .
    واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ
    لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ


  20. افتراضي رد: لا تحلفوا بآبائكم

    جزيتم خيرا
    لـرفـع
    ]قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"

    قلبي مملكه وربي يملكه>>سابقا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •